مرآة العقول

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

مرآة العقول

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ٢
الصفحات: ٢٨٨

فتخضب هذه من هذا قال فصاح الهاروني وقطع كستيجه وهو يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وأنك وصيه ينبغي أن

______________________________________________________

ويمكن الجواب بأن المراد بثلاثين سنة السنون القمرية وأن المدة المذكورة وإن كانت ناقصة عنها بحسب الحقيقة لكنها تامة بحسب العرف ، لأن عرف أهل الحساب يسقطون الأقل من النصف ويتممون الزائد عليه فكل حد بين تسعة وعشرين ونصف وبين ثلاثين ونصف من جملة مصداقاته العرفية ، فلا يكون شيء منها زائدا على ثلاثين سنة عرفية ولا ناقصا عنه أصلا ، وإنما يحكم بالزيادة والنقصان إذا كان خارجا عن الحدين وليس فليس ، فضميرا : لا يزيد ولا ينقص على ذلك إما راجعان إلى ثلاثين سنة أو إلى الوصي نظير قوله تعالى : « لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ » (١)

ويمكن أن يقال أن المراد عدم الزيادة والنقصان في قدر ما قدره الله من تلك المصداقات ، لكونه أمرا محتوما لا يجري فيه البداء والمحو والإثبات ، فيمكن أن يكون الضميران راجعين حينئذ إلى الله تعالى.

وبعبارة أخرى الثلاثون مبني على التخمين والتقريب كما عرفت ، وقوله : لا يزيد ، استئناف لبيان أن الموعد الذي وعده عليه‌السلام لذلك لا يتخلف ، ويعلمه بحيث لا يزيد ولا ينقص يوما.

وقرأ بعض الفضلاء الفعلين بصيغة الخطاب من بناء المتعدي ، وقال : المقصود أنك رأيت ثلاثين سنة في كتاب هارون فتتوهم أنه لا كسر فيها وليس كذلك بل هو مبني على إتمام الكسر ، فإن ما بين الوفاتين تسع وعشرون سنة وستة أشهر وأحد عشر يوما ، ثم قال : ويحتمل كون الفعلين من الغائب المجرد وكون الضميرين لكتاب هارون لكن الأنسب حينئذ الماضي ، والأظهر أحد ما ذكرنا من الوجهين.

وفي القاموس الكستيج بالضم خيط غليظ يشده الذمي فوق ثيابه دون الزنار ، معرب كستي ، انتهى.

__________________

(١) سورة الأعراف : ٣٤.

٢٢١

تفوق ولا تفاق وأن تعظم ولا تستضعف قال ثم مضى به علي عليه‌السلام إلى منزله فعلمه معالم الدين.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن الحسين ، عن أبي سعيد العصفوري ، عن عمرو بن ثابت ، عن أبي حمزة قال سمعت علي بن الحسين عليهما‌السلام يقول إن الله خلق محمدا وعليا وأحد عشر من ولده من نور عظمته فأقامهم أشباحا في ضياء نوره يعبدونه قبل خلق الخلق يسبحون الله ويقدسونه وهم الأئمة من ولد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن عبد الله بن محمد الخشاب ، عن ابن سماعة ، عن علي بن

______________________________________________________

وقال صاحب الفرهنك : ـ كستي بالضم بمعنى كشتي ، ونيز زنار باشد ، خاقاني گويد : « ريسمان سبحه بگسستند وكستي بافتند » ـ انتهى.

ويقال : فاقة أي علاه ، ومعالم الدين القواعد الكلية التي يستدل بها على الجزئيات.

الحديث السادس : مجهول.

« من نور عظمته » أي من نور من أنوار المخلوقة له يدل على عظمته وجلاله ويحتمل أن يكون النور كناية عن قدرته الكاملة أي خلق أرواحهم المقدسة من محض قدرته الدالة على أنه أعظم من أن تدركه العقول والأفهام ، أو كناية عن تجرد أرواحهم بناء على تجردها « فأقامهم أشباحا » أي في أجساد هم المثالية أو أرواحا بلا أبدان « في ضياء نوره » أي نور عرشه ، أو كناية عن استفاضتهم العلوم والمعارف والكمالات في هذا العالم أيضا وكونهم مشمولين لعنايته ، منظورين بعين كرامته.

« قبل خلق الخلق » متعلق بخلق أو بأقام أو يعبدون أو بالجميع على التنازع ، والمراد قبل سائر الخلق من ذوي الأرواح أو مطلقا « وهم » أي الأحد عشر.

الحديث السابع : كالسابق.

وفي الإعلام عن الخشاب وكأنه أظهر ، وعنه عن الحسن بن سماعة ، وفي بعض

٢٢٢

الحسن بن رباط ، عن ابن أذينة ، عن زرارة قال سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول الاثنا عشر الإمام من آل محمد عليهم‌السلام كلهم محدث من ولد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومن ولد علي ورسول الله وعلي عليهما‌السلام هما الوالدان فقال علي بن راشد كان أخا علي بن الحسين لأمه وأنكر ذلك فصرر أبو جعفر عليه‌السلام وقال أما إن ابن أمك كان أحدهم.

٨ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن مسعدة بن زياد ، عن أبي عبد الله ومحمد بن الحسين ، عن إبراهيم ، عن أبي يحيى المدائني ، عن أبي هارون العبدي

______________________________________________________

النسخ عن علي بن الحسين ، والظاهر الحسن كما في بعض النسخ.

« الاثنا عشر » مبتدأ « كلهم محدث » خبره « من ولد رسول الله » أي أكثرهم فهو خبر مبتدإ أو خبر بعد خبر على التوسع ، وفي الإعلام إماما وفي البصائر عبد الرحمن بن زيد ، وقد مضى في باب أنهم عليهم‌السلام محدثون في رواية أخرى عبد الله بن زيد.

قوله : فقال ، هذا الكلام كلام زرارة ، أي قال قولا يشعر بالإنكار فحذف وأقيم « وأنكر ذلك » مقامه ، ويمكن أن يقرأ وأنكر على صيغة المتكلم فيكون مفعول القول ويؤيد الأول ما مر في الباب المذكور حيث قال : فقال له رجل يقال له عبد الله بن زيد وكان أخا علي لأمه سبحان الله محدثا ـ كأنه ينكر ذلك ـ! وكذا في البصائر ، وفيه :كالمنكر لذلك.

وفي القاموس : الصرة بالكسر أشد الصياح ، وصر يصر صرا وصريرا صوت وصاح شديدا كصرصر ، وفي البصائر في هذه الرواية فضرب أبو جعفر عليه‌السلام فخذه فقال.

الحديث الثامن : سنده الأول صحيح والثاني مجهول عامي لكن الظاهر أن في السند الأول إرسالا.

إذ مسعدة من أصحاب الصادق عليه‌السلام ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب من أصحاب الجواد والهادي والعسكري عليهم‌السلام لكن يروي هارون بن مسلم عنه كثيرا ، مع أنه قال النجاشي فيه : لقي أبا محمد وأبا الحسن عليهما‌السلام فيحتمل أن يكون مسعدة

٢٢٣

عن أبي سعيد الخدري قال كنت حاضرا لما هلك أبو بكر واستخلف عمر أقبل يهودي من عظماء يهود يثرب وتزعم يهود المدينة أنه أعلم أهل زمانه حتى رفع

______________________________________________________

معمرا روى عنه محمد ، ومحمد بن الحسين عطف على محمد بن الحسين أعاده لاتصال السند الثاني ، وما قيل : أنه عطف على محمد بن يحيى فهو وهم ، وقوله : عن أبي يحيى كأنه كان ابن أبي يحيى إذ إبراهيم بن يحيى له كتاب روى عنه الصدوق ، وأبو يحيى المدني فليح بن سليمان وإن كان موجودا في الرجال معدودا في أصحاب الصادق عليه‌السلام لكن الشيخ والطبرسي وغيرهما لما رووا هذا الخبر عن الكليني رووه عن إبراهيم بن أبي يحيى.

وأبو سعيد اسمه سعد بن مالك اشتهر بكنيته وكان من الصحابة المشهورين وقد مدحه أصحابنا ، وخدرة بضم الخاء وسكون الدال حي من الأنصار.

قوله : قال لما هلك ، ليس « قال » في الأعلام وسائر الكتب ، وكأنه زيد من النساخ ، وفي الإعلام إذ أقبل ، وقيل : ضمير قال في الأول لأبي سعيد وفي الثاني لأبي عبد الله ، والمقصود أنه لا فرق بين الروايتين إلا بزيادة كنت حاضرا في إحدى الروايتين وفي الأخرى لأبي سعيد أيضا والتكرار للإشعار بأن ما بعده مشترك بخلاف ما قبله « واستخلف » على بناء المجهول.

ويثرب من أسماء المدينة ، قال الآبي : روي أن لها في التوراة أحد عشر اسما المدينة ، وطابة ، وطيبة ، والسكينة ، وجابرة ، والمحفة ، والمحبوبة والقاصدة ، والمحبورة والعذراء ، والمرحومة ، وقال السهيلي : إنما سميت يثرب باسم رجل من العمالقة وهو أول من نزلها وهو يثرب بن قائد بن عقيل ، ولما حلها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كره لها هذا الاسم لما فيه من لفظ التثريب وسماها طيبة وطابة والمدينة ، فإن قيل : قد سماها الله تعالى به في القرآن؟ فالجواب إنما سماها حاكيا ذلك عن المنافقين في قوله تعالى : « وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ » (١) الآية فنبه بما حكي عنهم أنهم رغبوا عما سماها الله تعالى ورسوله وأبوا إلا ما كان عليه في الجاهلية ، والله سبحانه سماها

__________________

(١) سورة الأحزاب ، ٣٣.

٢٢٤

إلى عمر فقال له يا عمر إني جئتك أريد الإسلام فإن أخبرتني عما أسألك عنه فأنت أعلم أصحاب محمد بالكتاب والسنة وجميع ما أريد أن أسأل عنه قال فقال له عمر إني لست هناك لكني أرشدك إلى من هو أعلم أمتنا بالكتاب والسنة وجميع ما قد تسأل عنه وهو ذاك فأومأ إلى علي عليه‌السلام فقال له اليهودي يا عمر إن كان هذا كما تقول فما لك ولبيعة الناس وإنما ذاك أعلمكم فزبره عمر ثم إن اليهودي قام إلى علي عليه‌السلام فقال له أنت كما ذكر عمر فقال وما قال عمر فأخبره قال فإن كنت كما قال سألتك عن أشياء أريد أن أعلم هل يعلمه أحد منكم فأعلم أنكم في دعواكم خير الأمم وأعلمها صادقين ومع ذلك أدخل في دينكم الإسلام فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام نعم أنا كما ذكر لك عمر سل عما بدا لك أخبرك به إن شاء الله.

______________________________________________________

المدينة في قوله تعالى : « لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ » (١).

وقال القرطبي : كره صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اسمها يثرب لما فيه من التراب ، وكانت الجاهلية تسميها بذلك باسم موضع منها كان اسمه يثرب ، انتهى.

« حتى رفع إلى عمر » على بناء المفعول أي قرب وأوصل إليه ، قال الجوهري رفع فلان على العامل رفيعة وهو ما يرفعه من قصة ويبلغها ، ورفع البعير في السير بالغ ، ورفعته أنا يتعدى ولا يتعدى ، والرفع تقريبك الشيء ومن ذلك رفعته إلى السلطان ، انتهى.

وقيل : هو على بناء الفاعل أي رفع صوته ولا يخفى بعده « لست هناك » أي لست في تلك المنزلة التي ذكرتها « فما لك » استفهام إنكاري توبيخي وكان قوله : وإنما ذاك جملة حالية وزبر كضرب ونصر زجر « وجميع ما تسأل » في الإعلام : ما قد تسأل (٢) وفي غيبة الشيخ ما قد يسأل على الغائب المجهول.

وقوله : فأعلم منصوب بتقدير أن بعد فاء السببية التي بعد الاستفهام « خير الأمم » خبر مبتدإ محذوف ، أي نحن خير الأمم وصادقون خبر أن « أخبرك »

__________________

(١) سورة التوبة : ١٢٠.

(٢) كما في بعض نسخ الكافي أيضا.

٢٢٥

قال أخبرني عن ثلاث وثلاث وواحدة فقال له علي عليه‌السلام يا يهودي ولم لم تقل أخبرني عن سبع فقال له اليهودي إنك إن أخبرتني بالثلاث سألتك عن البقية وإلا كففت فإن أنت أجبتني في هذه السبع فأنت أعلم أهل الأرض وأفضلهم وأولى الناس بالناس فقال له سل عما بدا لك يا يهودي قال أخبرني عن أول حجر وضع على وجه الأرض وأول شجرة غرست على وجه الأرض وأول عين نبعت على وجه الأرض فأخبره أمير المؤمنين عليه‌السلام ثم قال له اليهودي أخبرني عن هذه الأمة كم لها من إمام هدى وأخبرني عن نبيكم محمد أين منزله في الجنة وأخبرني من معه في الجنة فقال له أمير المؤمنين عليه‌السلام إن لهذه الأمة اثني عشر إماما هدى من ذرية نبيها وهم مني وأما منزل نبينا في الجنة ففي أفضلها

______________________________________________________

بالجزم ويجوز رفعه بالاستيناف والمصنف (ره) ترك الأجوبة الأولى اختصارا.

وفي الإكمال وغيره فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أما سؤالك عن أول شجرة نبتت على وجه الأرض فإن اليهود يزعمون أنها الزيتونة وكذبوا وإنما هي النخلة من العجوة هبط بها آدم عليه‌السلام معه من الجنة فغرسها وأصل النخل كله منها ، وأما قولك عن أول عين نبعت على وجه الأرض فإن اليهود يزعمون أنها العين التي ببيت المقدس وتحت الحجر وكذبوا ، هي عين الحياة التي ما انتهى إليه أحد إلا حيي ، وكان الخضر على مقدمة ذي القرنين فطلب عين الحياة فوجدها الخضر عليه‌السلام وشرب منها ولم يجدها ذو القرنين ، وأما قولك عن أول حجر وضع على وجه الأرض فإن اليهود يزعمون أنه الحجر الذي ببيت المقدس وكذبوا ، وإنما هو الحجر الأسود هبط به آدم عليه‌السلام معه من الجنة فوضعه في الركن والناس يستلمونه وكان أشد بياضا من الثلج فاسود من خطايا بني آدم ، قال : فأخبرني « إلخ ».

قوله عليه‌السلام : من ذرية نبيها ، ظاهره أن جميع الاثني عشر من ذرية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو غير مستقيم ويمكن تصحيحه على ما خطر بالبال بوجوه :

الأول : أن السائل لما علم بوفور علمه عليه‌السلام وما شاهد من آثار الإمامة

٢٢٦

وأشرفها جنة عدن وأما من معه في منزله فيها فهؤلاء الاثنا عشر من ذريته وأمهم وجدتهم وأم أمهم وذراريهم لا يشركهم فيها أحد.

٩ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن ابن محبوب ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال دخلت على فاطمة عليها‌السلام وبين

______________________________________________________

والوصاية فيه ، علم أنه أول الأوصياء عليه‌السلام فكأنه سأل عن التتمة فكان المراد بالاثني عشر تتمة الاثني عشر لا كلهم ، ولا ريب أنهم من ذرية النبي وذريته صلوات الله عليهم.

الثاني : أن يكون قوله : من ذرية نبينا على المجاز والتغليب ، فإنه لما كان أكثرهم من الذرية أطلق على الجميع الذرية تغليبا.

الثالث : أن يكون التجوز في لفظ الذرية فأريد بها العشرة مجازا أو يراد بها ما يعم الولادة الحقيقية والمجازية فإن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان والد جميع الأمة لا سيما بالنسبة إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام فإنه كان مربية ومعلمه كما أن النبي كان يقول لفاطمة بنت أسد : أمي ، وقد مر أن النبي وأمير المؤمنين والدا هذه الأمة لأنهما ولدا هم العلم والحكمة ، وعلاقة المجاز هنا كثيرة.

الرابع : أن يكون من ذرية نبيها خبر مبتدإ محذوف أي بقيتهم من ذرية نبينا أو هم من الذرية بارتكاب استخدام في الضمير ، بأن يرجع الضمير إلى الأغلب تجوزا ، وأكثر تلك الوجوه يجري في قوله من ذريته ، وكذا قوله : أمهم يعني فاطمة وجدتهم يعني خديجة فإنه لا بد من ارتكاب بعض التجوزات المتقدمة فيها.

وقوله : وهم مني على الأول والأخير ظاهر ، وعلى سائر الوجوه يمكن أن يرتكب تجوز في كلمة « من » ليشمل العينية ، ويمكن إرجاع ضمير « هم » إلى الذرية كما قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو أبو ذريتي أو أبو ولدي أو المعنى ابتدءوا مني أي أنا أولهم.

الحديث التاسع : ضعيف.

ونقل أبي جعفر عليه‌السلام عن جابر للاحتجاج على المخالفين كما مر.

٢٢٧

يديها لوح فيه أسماء الأوصياء من ولدها فعددت اثني عشر آخرهم القائم عليه‌السلام ثلاثة منهم محمد وثلاثة منهم علي.

١٠ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال إن الله أرسل محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الجن والإنس وجعل من بعده اثني عشر وصيا منهم من سبق ومنهم من بقي وكل وصي جرت به سنة والأوصياء الذين من بعد محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله على سنة أوصياء عيسى وكانوا اثني عشر وكان أمير المؤمنين عليه‌السلام على سنة المسيح.

______________________________________________________

قوله : من ولدها ، أي الأحد عشر أو على المجاز والتغليب كما مر ، وعلى الأول فقوله : فعددت الفاء فيه للتفريع ، أي فضممت إليهم أباهم وأصلهم فصاروا معه اثنا عشر « ثلاثة منهم » أي من الأولاد لا من الجميع ، فإن المسمى بعلي من الجميع أربعة ، والظاهر أن التصحيف من النساخ فإنه روى الصدوق في الإكمال والعيون والفقيه والشيخ في الغيبة بهذا الإسناد عن جابر وفيها جميعا وفي غيرها من الكتب وأربعة منهم علي.

الحديث العاشر : مجهول.

« وكل وصي » أي من أوصياء محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وقيل : أي من أوصياء الأنبياء أو لهم هبة الله وآخرهم القائم عليهم‌السلام ، والأول أظهر « جرت به سنة » أي أمر بسيرة وطريقة لا يتجاوزها ، واختلاف سيرهم ظاهر ، فإن بعضهم كان مشتغلا بالعبادة وبعضهم بنشر العلوم ، وبعضهم بقلة التقية وبعضهم بكثرتها ، وبعضهم قاتل وبعضهم صالح ، وقد مرت أخبار في أنهم لم يفعلوا شيئا ولا يفعلون إلا بعهد من الله عز وجل وأمر منه لا يتجاوزونه ، وأنه نزل من السماء كتاب مختوم بخواتيم بعددهم ، وأن كلا منهم يعمل بما تحت خاتمه.

« على سنة أوصياء عيسى » أي في العدد فما بعده مفسر ومتمم له ، أو في المظلومية وارتكاب التقية « على سنة المسيح » أي في افتراق الناس فيه ثلاث فرق ، فمنهم من قال بألوهيته ، ومنهم من خطأه وأكفره ، ومنهم من ثبت على الحق وقال

٢٢٨

١١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ومحمد بن أبي عبد الله ومحمد بن الحسن ، عن سهل بن زياد جميعا ، عن الحسن بن العباس بن الحريش ، عن أبي جعفر الثاني عليه‌السلام أن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال لابن عباس إن ليلة القدر في كل سنة وإنه ينزل في تلك الليلة أمر السنة ولذلك الأمر ولاة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال ابن عباس من هم قال أنا وأحد عشر من صلبي أئمة محدثون.

١٢ ـ وبهذا الإسناد قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لأصحابه آمنوا بليلة القدر إنها تكون لعلي بن أبي طالب ولولده الأحد عشر من بعدي.

١٣ ـ وبهذا الإسناد أن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال لأبي بكر يوما « لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ » وأشهد [ أن ] محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله رسول الله مات شهيدا والله ليأتينك فأيقن إذا جاءك فإن الشيطان غير

______________________________________________________

بإمامته ، أو في زهده وعبادته وخشونة الملبس وجشوبة المطعم.

الحديث الحادي عشر : ضعيف على المشهور وقد مر شرحه في حديث طويل في تفسير سورة القدر.

الحديث الثاني عشر : كالسابق ، وضمير قال لأبي جعفر عليه‌السلام « أنها » بفتح الهمزة بدل ليلة القدر ، وفيه رد على من زعم من المخالفين أن ليلة القدر لم تبق بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

الحديث الثالث عشر : كالسابق ، وهذا أيضا مروي عن أبي جعفر عليه‌السلام وكلها مأخوذ من كتاب ابن الجريش في إنا أنزلناه في ليلة القدر وضعفه النجاشي وابن الغضائري لاشتمال كتابه على الأخبار الغالية الغامضة التي لا تبلغ إليها عقول أكثر الخلق ، وفي أكثر كتاب الرجال الحريش بالحاء المهملة ، وفي أكثر كتب الحديث بالجيم.

« مات شهيدا » أي مقتولا بالسم وظهور النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له إما بجسده الأصلي كما ذهب إليه جماعة من الأصحاب أن أرواحهم عليهم‌السلام ترد إلى أجسادهم الأصلية

٢٢٩

متخيل به فأخذ علي بيد أبي بكر فأراه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له يا أبا بكر آمن بعلي وبأحد عشر من ولده إنهم مثلي إلا النبوة وتب إلى الله مما في يدك فإنه لا حق لك فيه قال ثم ذهب فلم ير.

١٤ ـ أبو علي الأشعري ، عن الحسن بن عبيد الله ، عن الحسن بن موسى الخشاب ، عن علي بن سماعة ، عن علي بن الحسن بن رباط ، عن ابن أذينة ، عن زرارة قال سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول الاثنا عشر الإمام من آل محمد كلهم محدث من ولد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وولد علي بن أبي طالب عليه‌السلام فرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي عليه‌السلام هما الوالدان

______________________________________________________

أو بجسده المثالي ، وقد مر تحقيق ذلك كما أظن ، وهذا المضمون وارد في أخبار كثيرة أوردتها في الكتاب الكبير ، وفي أكثرها أنه رآه صلى‌الله‌عليه‌وآله في مسجد قبا.

وقوله : أنهم بفتح الهمزة بدل على وأحد عشر ، ويمكن أن يقرأ بكسر الهمزة ليكون استئنافا بيانيا « ثم ذهب » أي الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله « فلم ير » على المجهول أي لم يره غير المعصومين ، وقيل : ضمير ذهب لأبي بكر وكذا ضمير لم ير على بناء المعلوم أي لم يختر الإيمان والتوبة ولا يخفى بعده.

الحديث الرابع عشر : مجهول وفي سند هذا الحديث اختلاف كثير في الكتب ففيما مر من المصنف في هذا الباب محمد بن يحيى عن عبد الله بن محمد الخشاب وقد ذكرنا أن الظاهر عن الخشاب ، وما في هذا السند أيضا يؤيده ، وعبد الله الظاهر أنه بيان إن لم يكن تصحيفا ، والحسن بن عبيد الله الظاهر أنه الحسين بن عبيد الله بن سهل الذي ذكروا أنه رمي بالغلو لكن الشيخ في الرجال ذكر هذا الرجل بعنوان الحسن أيضا ، وقال النجاشي : روى عنه محمد بن يحيى ، وروى الصدوق في الخصال نقلا عن الكليني عن الحسين بن عبيد الله عن الخشاب ، وعلي بن سماعة غير مذكور في الرجال وكأنه تصحيف ، لكن الصدوق أيضا روى عن الكليني هكذا ، والشيخ روى عن الكليني عن الحسن بن سماعة وهو الظاهر ، وقد مضى شرح الخبر.

٢٣٠

١٥ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن سعيد بن غزوان ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال يكون تسعة أئمة بعد الحسين بن علي تاسعهم قائمهم.

١٦ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن أبان ، عن زرارة قال سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول نحن اثنا عشر إماما منهم حسن وحسين ثم الأئمة

______________________________________________________

الحديث الخامس عشر : حسن كالصحيح.

« قائمهم » يعني يقوم بالسيف ويجاهد حتى يغلب الحق وأهله على الباطل وأهله.

الحديث السادس عشر : ضعيف على المشهور.

« واثنا عشر » خبر ، وأقول : أخبار الاثني عشر إماما وخليفة متواترة من طرق الخاصة والعامة أوردتها في الكتاب الكبير في كراريس ، فمن أراد الإحاطة بها فليرجع إليه ، ونذكر منها هنا خبرا واحدا أورده ابن الأثير في جامع الأصول الذي اتفقوا على صحته رواه من صحيح البخاري ومسلم والترمذي وسنن أبي داود ، وبأسانيدهم المكثرة عن جابر بن سمرة قال : سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : بعدي اثنا عشر أميرا فقال كلمة لم أسمعها فقال أبي : إنه قال : كلهم من قريش.

وفي رواية قال : لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا ثم تكلم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكلمة خفيف علي ، فسألت أبي ما ذا قال رسول الله؟ فقال : قال كلهم من قريش هذه رواية البخاري ومسلم ، وفي أخرى لمسلم قال : انطلقت إلى رسول الله ومعي أبي فسمعته يقول : لا يزال هذا الدين عزيزا منيعا إلى اثني عشر خليفة ، فقال كلمة أصمنيها الناس ، فقلت لأبي : ما قال؟ فقال : كلهم من قريش ، وفي أخرى أنه قال :دخلت مع أبي على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسمعته يقول : إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيه اثنتا عشر خليفة ، قال : ثم تكلم بكلمة خفي علي فقلت لأبي : ما قال؟ قال : كلهم من قريش.

٢٣١

من ولد الحسين عليه‌السلام.

١٧ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن الحسين ، عن أبي سعيد العصفوري ، عن عمرو بن ثابت ، عن أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال :قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إني واثني عشر من ولدي وأنت يا علي زر الأرض يعني أوتادها

______________________________________________________

وفي أخرى : لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثني عشر خليفة ، ثم ذكر مثله.

وفي رواية الترمذي قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يكون من بعدي اثنا عشر أمراء ثم تكلم بشيء لم أفهمه فسألت الذي يليني فقال : كلهم من قريش.

وفي رواية أبي داود قال : لا يزال هذا الدين عزيزا إلى اثني عشر خليفة قال :فكثر الناس وضجوا ثم قال : كلمة خفية وذكر الحديث وزاد في أخرى فلما رجع إلى منزله أتته قريش فقالوا : ثم يكون ما ذا؟ قال : ثم يكون الهرج.

هذا آخر ما أخرجته من أصل جامع الأصول ، وقال أصحابنا : اجتمعت الأمة على أنه لم يقل بهذا العدد من الخلفاء غير الإمامية فتدل على حقية مذهبهم وهذا بين بحمد الله.

الحديث السابع عشر : ضعيف.

قوله « واثني عشر » أي فاطمة عليها‌السلام وأحد عشر من ولدها ويمكن إجراء بعض التأويلات السابقة فيه بأن يكون عطف وأنت عليه من قبيل عطف الخاص على العام كعطف جبرئيل على الملائكة ، وروى الشيخ في كتاب الغيبة بسند آخر عن عمرو بن ثابت عن أبي الجارود مثله ، وفيه : إني وأحد عشر من ولدي وهو أظهر ، وقال الفيروزآبادي : رزت الجرادة ترز وترز غرزت ذنبها في الأرض لتبيض كأرزت والرجل طعنه والباب أصلح عليه الرزة وهي حديدة يدخل فيها القفل ، والشيء في الشيء أثبته ، انتهى.

فقوله : يعني أوتادها كلام أبي جعفر أو بعض الرواة ، والمعنى أنه شبههم عليهم‌السلام بالرز الذي سبب لاستحكام الأرض وشدها وأغلاقها ، كذلك هم في الأرض بمنزلة الجبال التي هي أوتاد الأرض بالنسبة إليها ، فقوله : جبالها عطف بيان للأوتاد كما

٢٣٢

وجبالها بنا أوتد الله الأرض أن تسيخ بأهلها فإذا ذهب الاثنا عشر من ولدي ساخت الأرض بأهلها ولم ينظروا.

١٨ ـ وبهذا الإسناد ، عن أبي سعيد رفعه ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من ولدي اثنا عشر نقيبا نجباء محدثون مفهمون آخرهم

______________________________________________________

قال تعالى : « وَالْجِبالَ أَوْتاداً » (١).

وفي الغيبة : وجبالها ، كما في بعض نسخ الكتاب وهو أظهر ، فيكون عطفا على رز من كلام الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله أو على أوتادها فيكون من كلام الإمام عليه‌السلام والأول على هذا أصوب ، وفي بعض النسخ في غير هذا الكتاب وفيه أيضا بتقديم الزاء على الراء المهملة وله أيضا وجه بل هو أظهر ، قال الفيروزآبادي : الزر بالكسر الذي يوضع في القميص وعظيم تحت القلب ، وهو قوامه ، وزر الدين قوامه ، وفي النهاية في حديث أبي ذر قال يصف عليا عليه‌السلام : أنه لعالم الأرض وزرها الذي تسكن إليه وقوامها وأصله من زر القلب وهو عظيم صغير يكون قوام القلب به ، وأخرج الهروي هذا الحديث عن سلمان ، انتهى.

« أن تسيخ » أي تنخسف مع أهلها إما حقيقة أو كناية عن تزلزلها وعدم انتظامها وتبدل أوضاعها وسائر ما يكون عند قرب الساعة. في القاموس : ساخت الأرض : انخسفت ، وربما يقرأ بالحاء المهملة من السياحة كناية عن زلزلة الأرض كما قال تعالى « إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها » (٢) والأول أضبط.

« ولم ينظروا » على بناء المجهول أي لم يمهلوا من العذاب.

الحديث الثامن عشر : مرفوع.

وقد مر تأويله ويحتمل هنا أيضا كون الاثني عشر باعتبار فاطمة عليها‌السلام وإن كان بعيدا باعتبار النقابة قال في النهاية النقباء جمع نقيب وهو كالعريف على القوم المقدم عليهم الذي يتعرف أخبارهم وينقب عن أحوالهم أي يفتش ، وفي القاموس : النقيب

__________________

(١) سورة النبأ : ٧.

(٢) سورة الزلزال : ١.

٢٣٣

القائم بالحق يملأها عدلا كما ملئت جورا.

١٩ ـ علي بن محمد ومحمد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم ، عن كرام قال حلفت فيما بيني وبين نفسي ألا آكل طعاما بنهار أبدا حتى يقوم قائم آل محمد فدخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام قال فقلت له رجل من شيعتكم جعل لله عليه ألا يأكل طعاما بنهار أبدا حتى يقوم قائم آل محمد قال فصم إذا يا كرام ولا تصم العيدين ولا ثلاثة التشريق ولا إذا كنت مسافرا ولا مريضا فإن الحسين عليه‌السلام لما قتل عجت السماوات والأرض ومن عليهما والملائكة فقالوا يا ربنا ائذن لنا في هلاك الخلق حتى نجدهم عن جديد الأرض بما استحلوا حرمتك وقتلوا صفوتك فأوحى الله إليهم يا ملائكتي

______________________________________________________

شاهد القوم وضمينهم وعريفهم ، وضمير يملأها راجع إلى الأرض.

الحديث التاسع عشر : ضعيف.

وشمون كتنور ، وكرام بالكسر والتخفيف أو بالفتح والتشديد « فيما بيني وبين نفسي » أي من غير أن يعلم به أحد وإن حمل على الكلام النفسي فالأمر بالصوم على الاستحباب كما هو المشهور ، وقيل بالوجوب فيه أيضا « أن لا آكل » كأنه كان غرضه الصوم وكنى به عنه أو كان يمينه بلفظ الصوم وعبر عنه بهذه العبارة وإلا فالظاهر أنه لا ينعقد الحلف على حقيقة هذا الكلام لأنه مرجوح واستثناء ثلاثة التشريق محمول على ما إذا كان بمنى ، ويدل على أن النذر المطلق لا يصام له في السفر.

قوله : فإن الحسين عليه‌السلام كأنه تعليل لاستعداد صوم الدهر ، وأنه لا يصل إلى ذلك فإن الثاني عشر هو القائم ، أو أنه ليس تعليقا على أمر فيه شك بل على أمر حتمي فإن الله قد وعد الملائكة ظهوره ولا يخلف وعده ، وعجيج السماوات والأرض كناية عن ظهور آثار هذه المصيبة فيها « في هلاك الخلق » أي الذين عملوا ذلك أو رضوا به أو الأعم لأن العذاب إذا نزل يعم البر والفاجر ، وإن كان البر مأجورا « حتى نجدهم » بضم الجيم أي نقطعهم ونستأصلهم ، و « جديد الأرض » وجهها والحرمة بالضم ما لا

٢٣٤

ويا سماواتي ويا أرضي اسكنوا ثم كشف حجابا من الحجب فإذا خلفه محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله واثنا عشر وصيا له عليهم‌السلام وأخذ بيد فلان القائم من بينهم فقال يا ملائكتي ويا سماواتي ويا أرضي بهذا أنتصر [ لهذا ] قالها ثلاث مرات.

٢٠ ـ محمد بن يحيى وأحمد بن محمد ، عن محمد بن الحسين ، عن أبي طالب ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة بن مهران قال كنت أنا وأبو بصير ومحمد بن عمران مولى أبي جعفر عليه‌السلام في منزله بمكة فقال محمد بن عمران سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول نحن اثنا عشر محدثا فقال له أبو بصير سمعت من أبي عبد الله عليه‌السلام فحلفه مرة أو مرتين أنه سمعه فقال أبو بصير لكني سمعته من أبي جعفر عليه‌السلام.

______________________________________________________

يحل انتهاكه ، والصفوة بالتثليث الخالص الصافي أو المصطفى المختار ، والأخذ بيده كناية عن تقديمه وإبرازه من بينهم أو أمر جبرئيل أو بعض الملائكة أو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بذلك فالإسناد مجازي ، أو خلق يدا فأخذ بيده فقدمه.

« قالها » أي قال الله هذه الكلمة تأكيدا أو قال الإمام ، والأول أظهر.

وكان ذكر هذا الحديث لكرام لإتمام الحجة عليه لعلمه بأنه سيصير واقفيا.

الحديث العشرون مجهول ، وضمير منزله لمحمد بن عمران.

« أو مرتين » الترديد من الراوي ، وكان الحلف مع العلم للتقرير ، ولعلم الحاضرين بحقيته.

٢٣٥

باب

في أنه إذا قيل في الرجل شيء فلم يكن فيه وكان في ولده

أو ولد ولده فإنه هو الذي قيل فيه

١ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد وعلي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إن الله تعالى أوحى إلى عمران أني واهب لك ذكرا سويا مباركا يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله وجاعله رسولا إلى بني إسرائيل فحدث عمران امرأته

______________________________________________________

باب في أنه إذا قيل في الرجل شيء فلم يكن فيه وكان في ولده أو ولد ولده

فإنه هو الذي قيل فيه

الحديث الأول صحيح « سويا » أي مستوي الخلقة ، وكون اسم أم مريم حنة موافق لما ذكره أكثر المفسرين وأهل الكتاب ، وقد مر في باب مولد أبي الحسن موسى عليه‌السلام أن اسمها مرثا ، وهي وهيبة بالعربية فيمكن أن يكون أحدهما اسما والآخر لقبا أو يكون أحدهما موافقا للواقع والآخر لما اشتهر بين أهل الكتاب أو العامة وهذه القصة إشارة إلى ما ذكره الله تعالى ، في سورة آل عمران حيث قال : « إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً » (١).

قال البيضاوي : هذه حنة بنت فاقوذا جدة عيسى ، روي أنها كانت عاقرا عجوزا فبينا هي في ظل شجرة إذ رأت طائرا يطعم فرخه ، فحنت إلى الولد وتمنته فقالت : اللهم إن لك علي نذرا إن رزقتني ولدا أن أتصدق به على بيت المقدس فيكون من خدمه ، فحملت مريم وهلك عمران ، وكان هذا النذر مشروعا في عهدهم في الغلمان فلعلها بنت الأمر على التقدير أو طلبت ذكرا محررا أي معتقا لخدمته لا أشغله بشيء ، أو مخلصا للعبادة ، ونصبه على الحال« فَتَقَبَّلْ مِنِّي » ما نذرت« إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ »

__________________

(١) الآية : ٣٥.

٢٣٦

حنة بذلك وهي أم مريم فلما حملت كان حملها بها عند نفسها غلام « فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى » أي لا يكون البنت رسولا يقول الله عز وجل : « وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ » فلما وهب الله تعالى لمريم عيسى كان هو

______________________________________________________

لقولي ونيتي « فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى ». الضمير لما في بطنها وتأنيثه لأنه كان أنثى ، وجاز انتصاب أنثى حالا عنه لأن تأنيثها علم منه ، فإن الحال وصاحبها بالذات واحدا ، وعلى تأويل مؤنث كالنفس. والجملة ، وإنما قالته تحسرا وتحزنا إلى ربها لأنها كانت ترجو أن تلد ذكرا ولذلك نذرت تحريرا« وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ » أي بالشيء الذي وضعت ، وهو استئناف من الله تعليما لموضعها وتجهيلا لها بشأنها ، وقرأ ابن عامر وأبو بكر عن عاصم ويعقوب : وضعت ، على أنه من كلامها تسلية لنفسها ، أي ولعل لله فيه سرا أو الأنثى كان خيرا وقرأ وضعت على خطاب الله لها« وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى » بيان لقوله« وَاللهُ أَعْلَمُ » أي وليس الذكر الذي طلبت كالأنثى التي وهبت ، واللام فيهما للعهد ، ويجوز أن يكون من قولها بمعنى وليس الذكر والأنثى سيين فيما نذرت ، فيكون اللام للجنس ، انتهى.

وحاصل الحديث أنه قد يحمل المصالح العظيمة الأنبياء والأوصياء صلوات الله عليهم على أن يتكلموا على وجه التوراة والمجاز ، وبالأمور البدائية على ما سطر في كتاب المحو والإثبات ، ثم يظهر للناس خلاف ما فهموه من الكلام الأول فيجب أن لا يحملوه على الكذب ، ويعلموا أن المراد منه كان غير ما فهموه كمعنى مجازي أو كان وقوعه مشروطا بشرط لم يذكروه.

ومن جملة تلك الأمور زمان قيام القائم وتعيينه من بين الأئمة عليهم‌السلام ، لئلا ييأس الشيعة وينتظروا الفرج ويصبروا ويسلوا أنفسهم فيما يرد عليهم من خلفاء المخالفين وسلاطينهم ، فربما قالوا فلان القائم أي القائم بأمر الإمامة ، وفهمت الشيعة أنه القائم بالسيف ، أو أرادوا أنه إن أذن الله له في ذلك يقوم به ، أو إن عملت الشيعة بما يجب عليهم من الصبر وكتمان السر وطاعة الإمام يقوم به ، أو قال الصادق عليه‌السلام مثلا ولدي

٢٣٧

الذي بشر به عمران ووعده إياه فإذا قلنا في الرجل منا شيئا وكان في ولده أو ولد ولده فلا تنكروا ذلك.

٢ ـ محمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إذا قلنا في رجل قولا فلم يكن فيه وكان في ولده أو ولد ولده فلا تنكروا ذلك فإن الله تعالى « يَفْعَلُ ما يَشاءُ ».

٣ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن أحمد بن عائذ ، عن

______________________________________________________

القائم والمراد به السابع من ولده لا الولد بلا واسطة ، ومثل عليه‌السلام ذلك بأن الله أوحى إلى عمران إني واهب لك ذكرا ، وكان المراد ولد الولد ، وفهمت حنة أنه الولد بلا واسطة.

فالمراد بقوله عليه‌السلام : فإذا قلنا في الرجل منا شيئا ، أي بحسب فهم السائل وظاهر اللفظ ، أو يكون المراد أنه قيل فيه حقيقة وكان مشروطا بأمر لم يقع ، فوقع فيه البداء ، ووقع في ولده ، وعلى هذا ما ذكر في أمر عيسى إنما ذكر على سبيل التنظير وإن لم يكن بينهما مطابقة تامة ، أو كان أمر عيسى أيضا كذلك بأنه كان قدر ذلك في ولدها ثم وقع فيه البداء وصار في ولد ولدها.

ويحتمل المثل ومضربه وجها آخر وهو أن يكون المراد فيهما معنى مجازيا بوجه آخر ، ففي المثل : أطلق الذكر السوي على مريم لأنها سبب وجود عيسى عليه‌السلام إطلاقا لاسم المسبب على السبب ، وكذا في المضرب أطلق القائم على من في صلبه القائم إما على هذا الوجه أو إطلاقا لاسم الجزء على الكل.

الحديث الثاني : مجهول كالصحيح.

وظاهر هذا الخبر البداء فيؤيد أحد الوجوه السابقة وإن أمكن أن يكون المراد بقوله : « فإِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ » أنه قد يأمر بنحو هذا النوع من الأخبار وإيراد الكلام على هذا الوجه للمصلحة.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

٢٣٨

أبي خديجة قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول قد يقوم الرجل بعدل أو بجور وينسب إليه ولم يكن قام به فيكون ذلك ابنه أو ابن ابنه من بعده فهو هو.

باب

أن الأئمة عليهم‌السلام كلهم قائمون بأمر الله تعالى

هادون إليه

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن زيد أبي الحسن ، عن الحكم بن أبي نعيم قال أتيت أبا جعفر عليه‌السلام وهو بالمدينة فقلت له علي نذر بين الركن والمقام إن أنا لقيتك أن لا أخرج من المدينة حتى

______________________________________________________

وقوله : وينسب عطف على « يقوم » أي وقد ينسب مجازا أو بداءا ، وضمير إليه لمصدر يقوم أو لعدل أو لجور ، وجملة لم يكن حالية « قام به » أي حقيقة « فيكون ذلك » أي المنسوب إليه أو القائم بأحدهما وقراءة فيكون على بناء التفعيل بعيد « فهو هو » الضمير الأول للقائم بأحدهما حقيقة والثاني لما هو المراد باللفظ ، أو للمقدر الواقعي والمكتوب في اللوح المحفوظ أو بالعكس ، وقيل : الأول للصادر والثاني للمنسوب أي الرجل.

باب أن الأئمة كلهم قائمون بأمر الله هادون إليه عليهم‌السلام والرضوان

الحديث الأول : مجهول.

قوله : علي نذر ، أي وجب علي نذر أي منذور « بين الركن والمقام » ظرف على وإنما ذكر ذلك تأكيدا للزوم نذره ووجوب الوفاء به لوقوعه في أشرف الأماكن ، وما ذكر طول الحطيم وعرضه من المقام إلى باب البيت ، وقد وردت أخبار كثيرة في أنه أشرف بقاع الأرض ، ويحتمل أن يكون المراد الموضع الذي كان فيه المقام في زمن الرسول وهو قريب من باب البيت ، فالمراد بيان عرض الحطيم وإن كان أوسع من المشهور بقليل والظاهر انعقاد هذا النذر لأن الغاية وإن كانت متعلقة بفعل الغير لكن الكون في المدينة الراجح شرعا هو من فعله واختياره فينعقد إلا أن يعرض له أمر يكون مقامه بالمدينة

٢٣٩

أعلم أنك قائم آل محمد أم لا فلم يجبني بشيء فأقمت ثلاثين يوما ثم استقبلني في طريق فقال يا حكم وإنك لهاهنا بعد فقلت نعم إني أخبرتك بما جعلت لله علي فلم تأمرني ولم تنهني عن شيء ولم تجبني بشيء فقال بكر علي غدوة المنزل فغدوت عليه فقال عليه‌السلام سل عن حاجتك فقلت إني جعلت لله علي نذرا وصياما وصدقة بين الركن والمقام إن أنا لقيتك أن لا أخرج من المدينة حتى أعلم أنك قائم آل محمد أم لا فإن كنت أنت رابطتك وإن لم تكن أنت سرت في الأرض فطلبت

______________________________________________________

بسببه مرجوحا فينحل ، ولذا لم ينههه عليه‌السلام عن هذا النذر.

قوله : أن لا أخرج ، بدل نذر « إنك » بالكسر بتقدير الاستفهام « فلم تأمرني بشيء » أي بالخروج أو الوفاء بالنذر أو الأعم « ولم تنهني عن شيء » أي المقام أو النذر أو الأعم « ولم تجبني بشيء » من كونك القائم عليه‌السلام أو عدمه أو الأعم « غدوة » ظرف زمان « لمنزل » ظرف مكان.

قوله : وصياما ، كان الظاهر صيام بدون الواو ، ومعه عطف تفسير ، أو المراد بالنذر منذور آخر لم يذكره والظاهر أن نذره لله عليه إن لقيه عليه‌السلام وخرج من المدينة قبل أن يعلم هذا الأمر أن يصوم كذا ويتصدق بكذا « رابطتك » أي لازمتك ولم أفارقك في القاموس : الرباط المواظبة على الأمر وملازمة ثغر العدو.

وقوله عليه‌السلام : كلنا قائم بأمر الله ، أي بأمر الإمامة والخلافة مع المكنة أو كلما تيسر ، وقيل : القائم يستعمل في معان منها القائم بأمر الله أي من لا يخل بشيء من أوامره ونواهيه فهو معصوم ، ومنها الحافظ لجميع ما أوحى الله به إلى أنبيائه ، ومنها من يبقى مع إمامته إلى انقراض التكليف ، والأولان جاريان في كل واحد من الأئمة والثالث مختص بالثاني عشر عليه‌السلام « يهدي (١) إلى الله » على بناء المجرد المعلوم ، لأن الهادي يكون مهديا لا محالة فأجاب عنه بلازمه ، أو على بناء المجهول ، أو على بناء الافتعال المعلوم بإدغام التاء في الدال وكسر الدال كما قال تعالى : « أَمَّنْ لا يَهِدِّي

__________________

(١) وفي المتن « نهدي » بالنون.

٢٤٠