شبهة الغلو عند الشيعة

الدكتور عبدالرسول الغفار

شبهة الغلو عند الشيعة

المؤلف:

الدكتور عبدالرسول الغفار


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار المحجّة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٧٢

وسجد مثل سجوده أو اطول ثم رفع وكبر ، وقال : فقيل لمحمد : سلم في السهو؟ فقال : لم أحفظه عن أبي هريرة ، ولكن نبئت أن عمران ابن حصين قال : ثم سلم (١).

ومثله الحديث ١٠٠٩ و ١٠١٠ و ١٠١١ و ١٠١٢ و ١٠١٣ و ١٠١٤ و ١٠١٥ و ١٠١٦ و ١٠١٧ فهذه عشرة أحاديث كلها تنص على سهو النبي في صلاة العشى وأسانيدها غير ما تقدم ولا يخفى أن في بعضها لم يوجد فيما أسند إلى أبي هريرة أو غيره أن النبي سجد سجدتي السهو بل صرح أبو داود في ذيل الحديث ١٠١٣ فقال : رواه الزبيدي عن الزهري عن أبي بكر ابن سليمان بن أبي حثمة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال فيه : ولم يسجد سجدتي السهو.

١١ ـ أبو داود حدثنا مسدد حدثنا يزيد بن زريع وفي سند آخر قال وحدثنا مسدد حدثنا مسلمة بن محمد قال حدثنا خالد أبو قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين قال : سلم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ثلاث ركعات من العصر ، ثم دخل ، قال عن مسلمة الحجر فقام إليه رجل يقال له الخرباق كان طويل اليدين فقال له أقصرت الصلاة يا رسول الله؟ فخرج مغضباً يجر رداءه فقال أصدق؟ قالوا : نعم ، فصلى تلك الركعة ، ثم سلم سجد سجدتيها ثم سلم (٢).

١٢ ـ قال أبو داود ـ في باب إذا صلى خمساً ـ حدثنا حفص بن عمر ومسلم ابن إبراهيم ، المعنى قال حفص حثنا شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن علقمة ، عن عبد الله ، قال : صلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الظهر خمساً فقيل له : أزيد في الصلاة؟ قال : وما ذلك؟ قال : صليت خمساً ، فسجد سجدتين بعدما سلم (٣).

١٣ ـ ومثله الحديث ١٠٢٢ وفي ذيله نفى الرسول أن تكون زيادة في الصلاة ثم قال : إنما أنا بشر أنسى كما تنسون بمعنى آخر أنه صلى خمساً.

__________________

(١) سنن أبي داود ٢٠٢ ـ ٢٧٥ ، الحديث ١٠٠٨ ، ١ | ٢٦٤ دار الفكر بيروت.

(٢) سنن أبي داود ١ | ٣٦٧ الحديث ١٠١٨.

(٣) سنن ابي داود ١ | ٢٨٥ الحديث ١٠١٩.

٢٢١

١٤ ـ وهكذا الحديث ١٠٢٠ ، إلا أن إبراهيم ـ الذي يروي الحديث عن علقمة ـ قال : فلا أدري زاد أم نقص فلما سلم قيل له يا رسول الله أحدث في الصلاة شيء...

١٥ ـ أبو داود حدثنا قتيبة بن سعد حدثنا الليث ـ يعني ابن سعد ـ عن يزيد ابن أبي حبيب أن سويد بن قيس أخبره عن معاوية بن خديج أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلى يوماً فسلم وقد بقيت من الصلاة ركعة فأدركه رجل فقال : نسيت من الصلاة ركعة فرجع فدخل المسجد وأمر بلالاً فأقام الصلاة فصلى للناس ركعة ن فأخبرت بذلك الناس فقالوا لي : أتعرف الرجل قلت لا ، إلا أن أراه فمر بي فقلت : هذا هو ، فقالوا : هذا طلحة بن عبيد الله (١).

١٦ ـ قال ابو داود ـ في باب من قام من اثنين ولم يتشهد ـ حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عبد الرحمن الأعرج عن عبد الله بن بحنية أنه قال : صلى لنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ركعتين ثم قام فلم يجلس ، فقام الناس معه ، فلما قضى صلاته وانتظرنا التسليم كبر فسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم ، ثم سلم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢).

١٧ ـ ومثله الحديث ١٠٣٥ مع زيادة بسيطة.

١٨ ـ أبو داود حدثنا عبيد الله بن عمر الجشمي حدثنا يزيد بن هارون؟ أخبرنا المسعودي عن زيادة بن علاقة ، قال : صلى بنا المغيرة بن شعبة فنهض في الركعتين قلنا : سبحان الله ، ومضى ، فلما أتم صلاته وسلم سجد سجدتي السهو ، فلما انصرف قال : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصنع كما صنعت قال أبو داود : وكذلك رواه ابن أبي ليلى عن الشعبي عن المغيرة بن شعبة ورفعه ، ورواه أبو عيسى عن ثابت بن عبيد قال : صلى بنا المغيرة بن شعبة مثل حديث زياد بن علاقة ، قال أبو داود ، أبو عميس أخو المسعودي ، وفعل بن أبي وقاص مثل ما فعل المغيرة ، وعمران بن حصين والضحاك بن عيس

__________________

(١) سنن أبي داود ١ | ٢٦٩ الحديث ١٠٢٣.

(٢) سنن أبي داود ١ | ٢٦٩ الحديث ١٠٣٤.

٢٢٢

ومعاوية بن أبي سفيان وابن عباس أفتى بذلك وعمران بن عبد العزيز ، قال أبو داود : هذا فيمن قام من اثنتين ، ثم سجدوا بعدما سلموا (١).

١٩ ـ قال أبو داود ـ في باب سجدتي السهو فيهما تشهد وتسليم ـ حدثنا محمد بن عبد الله بن المثنى حدثني أشعث ، عن محمد بن سيرين. عن خالد ـ يعني الحذاء ـ عن أبي قلابة عن أبي المهلب ، عن عمران ابن حصين ، أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلى بهم فيها فسجد سجدتين ثم تشهد ثم سلم (٢).

رابعاً : الروايات من مصادر أهل السنة ـ صحيح مسلم

١ ـ قال مسلم في صحيحه باب السهو في الصلاة والسجود له ، حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن ابن شهاب عن عبد الرحمن الأعرج ، عن عبد الله بن بحينة ، قال صلى لنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ركعتين من بعض الصلوات. ثم قام فلم يجلس فقام الناس معه. فلما قضى صلاته ونظرنا تسليمه كبر فسجد سجدتين قبل التسليم. ثم سلم (٣).

٢ ـ قال مسلم : حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث. وفي إسناد آخر قال وحدثنا ابن رمح أخبرنا الليث عن ابن شهاب عن الأعرج عن عبد الله بن بحينة الأسدي ، حليف بني عبد المطلب أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قام في صلاة الظهر وعليه جلوس فلما أتم صلاته سجد سجدتين يكبر في كل سجدة وهو جالس. قبل أن يسلم وسجدهما الناس معه. مكان ما نسي من الجلوس (٤).

٣ ـ قال مسلم : وحدثنا أبو الربيع الزهراني حدثنا حماد حدثنا حماد حدثنا يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن الأعرج عن عبد الله بن مالك ؛ ابن بحينة الأزدي

__________________

(١) سنن أبي داود ١ | ٢٧٢ ، الحديث ١٠٣٧.

(٢) سنن أبي داود ١ | ٢٧٣ ، الحديث ١٠٣٩.

(٣) (٤) صحيح مسلم ( ٢٠٦ ـ ٢٦١ ) ٣٩٩ ط ٢ ١٩٧٨ دار الفكر بيروت.

٢٢٣

أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قام في الشفع الذي يريد أن يجلس في صلاته فمضى في صلاته. فلما كان في آخر الصلاة سجد قبل أن يسلم. ثم سلم (١).

٤ ـ قال مسلم : وحدثنا عثمان وأبو بكر ابنا أبي شيبة وإسحاق وإبراهيم جميعاً عن جريرة قال : قال عبد الله : صلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( قال إبراهيم : زاد أو نقص ) فلما سلم قيل له : يا رسول الله! أحدث في الصلاة شيء؟ قال : وما ذاك؟ قالوا : صليت كذا وكذا. قال فثنى رجليه واستقبل القبلة فسجد سجدتين ثم سلم ، ثم أقبل علينا بوجه فقال إنه لو حدث في الصلاة شيء أنبأتكم به. ولكن إنما أنا بشر أنسى كما تنسون ، فإذا نسيت فذكروني. وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب. فليتم عليه ثم ليسجد سجدتين (٢).

٥ ـ قال مسلم : حدّثنا عبيد الله بن معاذ العنبري حدّثنا أبي حدّثنا شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن علقمة عن عبدالله ، أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله صلى الظهر خمساً. فلمّا سلّم قيل له : أزيد في الصلاة؟ قال وما ذاك؟ قالوا : صليّت خمساً فسجد سجدتين (٣).

٦ ـ قال مسلم : حدثنا عثمان بن أبي شيبة واللفظ له حدثنا جريرة عن الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم بن سويد قال : صلى بنا علقمة الظهر خمساً. فلما سلم قال القوم : يا أبا شبل قد صليت خمساً. قال كلا ما فعلت. قالوا : بلى قال وكنت في ناحية القوم وأنا غلام فقلت : بلى قد صليت خمساً قال لي وأنت أيضاً يا أعور! تقول ذلك؟ قال قلت : نعم قال فانفتل فسجد سجدتين ثم سلم. ثم قال : قال عبد الله : صلى بنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خمساً فلما انفتل توشوش القوم بينهم فقال ما شأنكم؟ قالوا : يا رسول الله! هل زيد في الصلاة؟ قال : لا ، قالوا :

__________________

(١) صحيح مسلم ( ٢٠٦ ـ ٢٦١ ) ١ ٣٩٩ ط ٢ ، ١٩٧٨ دار الفكر بيروت.

(٢) (٣) صحيح مسلم ١ | ٤٠١.

٢٢٤

فإنك قد صليت خمساً فانفتل ثم سجد سجدتين ثم سلم ، ثم قال إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون وزاد ابن نمير في حديثه فإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين (١).

٧ ـ قال مسلم : وحدثنا عون بن سلام الكوفي أخبرنا أبو بكر النهشلي عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عبد الله ، قال : صلى بنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خمساً فقلنا : يا رسول الله أزيد في الصلاة؟ قال وما ذاك؟ قالوا : صليت خمساً ، قال : إنما أنا بشر مثلكم. أذكر كما تذكرون وأنسى كما تنسون ثم سجد سجدتي السهو (٢).

٨ ـ قال مسلم : وحدثنا منجاب بن الحارث التميمي أخبرنا ابن مسهر عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله ، قال : صلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فزاد أو نقص ( قال إبراهيم : والوهم مني ) فقيل : يا رسول الله أزيد في الصلاة شيء؟ فقال إنما أنا بشر مثلكم. أنسى كما تنسون فإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين ، وهو جالس ثم تحول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسجد سجدتين (٣).

٩ ـ قال مسلم : وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا : حدثنا أبو معاوية ، وبسند آخر قال وحدثنا ابن نمير حدثنا حفص وأبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سجد سجدتي السهو بعد السلام والكلام (٤).

١٠ ـ قال مسلم : وحدثني القاسم بن زكريا. حدثنا حسين بن علي الجعفي عن زائدة عن سليمان عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله ؛ قال : صلينا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإما زاد أو نيقص. ( قال إبراهيم وأيم والله! ما جاء ذلك إلا من قلبي ) قال فقلنا يا رسول الله! أحدث في الصلاة شيء؟ فقال : لا. قال فقلنا له الذي صنع. فقال إذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين قال ثم سجد سجدتين (٥).

١١ ـ قال مسلم حدثني عمرو الناقد وزهير بن حرب جميعاً عن ابن عيينة

__________________

(١) (٢) (٣) (٤) صحيح مسلم ١ | ٤٠٢.

(٥) صحيح مسلم ١ | ٤٠٣.

٢٢٥

قال عمرو ؛ حدثنا سفيان ابن عيينة حدثنا أيوب. قال سمعت محمد ابن سيرين يقول سمعت أبا هريرة يقول : صلى بنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إحدى صلاتي العشي. أما الظهر وأما العصر فسلم في ركعتين ثم أتى جذعاً في قبلة المسجد فاستند إليها مغضباً. وفي القوم أبو بكر وعمر. فهاباً أن يتكلما وخرج سرعان الناس وهم يقولون. قصرة الصلاة. فقام ذو اليدين فقال : يا رسول الله أقصرت الصالة أم نسيت؟ فنظر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يميناً وشمالاً فقال ما يقول ذو اليدين؟ قالوا : صدق. لم تصل إلا ركعتين فصلى ركعتين وسلم. ثم كبر ثم سجد. ثم كبر فرفع ثم كبر وسجد ثم كبر ورفع. قال أخبرت عن عمران بن حصين أنه قال : وسلم (١).

١٢ ـ قال مسلم : حدثنا أبو الربيع الزهراني حدثنا حماد حدثنا أيوب عن محمد عن أبي هريرة .. كما في حديث سفيان (٢).

١٣ ـ قال مسلم : حدثنا قتيبة عن سعيد عن مالك بن أنس عن داود بن الحصين عن أبي سفيان مورى ابن أبي أحمد ، أنه قال : سمعت أبا هريرة يقول صلى بنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلاة العصر. فسلم في ركعتين. فقام ذو اليدين فقال : أقصرت الصلاة يا رسول الله! أم نسيت؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كل ذلك لم يكن فقال : قد كان بعض ذلك يا رسول الله! فأقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الناس فقال أصدق ذو اليدين؟ فقالوا : نعم يا رسول الله! فأتم رسول الله صلى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما بعي من الصلاة ثم سجد سجدتين وهو جالس. بعد التسليم (٣).

١٤ ـ قال مسلم : وحدثني حجاج بن الشاعر حدثنا هارون بن إسماعيل الخزاز حدثنا علي وهو ابن المبارك حدثنا يحيى حدثنا أبو سلمة حدثنا أبو هريرة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلى ركعتين من صلاة الظهر. ثم سلم فأتاه رجل من بني سليم. فقال : يا رسول الله أقصرت الصلاة أم نسيت؟ وساق الحديث (٤).

__________________

(١) (٢) صحيح مسلم ١ | ٤٠٣.

(٣) (٤) صحيح مسلم ١ | ٤٠٤.

٢٢٦

١٥ ـ قال مسلم : وحدثني إسحاق بن منصور أخبرنا عبيد الله بن موسى عن شيبان بن يحيى عن أم سلمة عن أبي هريرة ، بينما أنا أصلي مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلاة الظهر سلم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الركعتين فقام رجل من بني سليم واقتصر الحديث (١).

١٦ ـ قال مسلم : وحدثنا ابو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب جميعاً عن ابن علية قال زهير : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن خالد عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلى العصر فسلم في ثلاث ركعات ثم دخل منزله فقام إليه رجل يقال له الخرباق وكان في يديه طول. فقال : يا رسول الله فذكر له صنيعه. وخرج غضبان يجر رداءه حتى انتهى إلى الناس فقال أصدق هذا؟ قالوا : نعم! فصلى ركعة. ثم سلم. ثم سجد سجدتين. ثم سلم (٢).

١٧ ـ قال مسلم : وحدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبد الوهاب الثقفي حدثنا خالد وهو الحذاء عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن الحصين قال : سلم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ثلاث ركعات من العصر ثم قام فدخل الحجرة. فقام رجل بسيط اليدين. فقال : أقصرت الصلاة؟ يا رسول الله فخرج مغضباً فصلى الركعة التي كان ترك. ثم سلم. ثم سجد سجدتي السهو ثم سلم (٣).

خامساً : الروايات من مصادر السنة ـ سنن ابن ماجة

١ ـ قال ابن ماجة ـ في باب السهو في الصلاة ـ حدثنا عبد الله بن عامر ابن زرارة حدثنا علي بن مسهر عن الأعمش عن إبراهيم ، عن علقمة عن عبد الله ، قال : صلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فزاد أو نقص ( قال إبراهيم : والوهم مني ) فقيل له ، يا رسول الله! أزيد في الصلاة شيء؟ قال! إنما أنا بشر أنسى كما تنسون. فإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين

__________________

(١) صحيح مسلم ١ | ٤٠٤.

(٢) صحيح مسلم ١ | ٤٠٥.

(٣) صحيح مسلم ١ | ٤٠٥.

٢٢٧

وهو جالس ثم تحول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسجد سجدتين (١).

٢ ـ ابن ماجة ـ في باب من صلى الظهر خمساً وهو ساه ـ حدثنا محمد بن يشار وأبو بكر بن خلاد ، قالا : حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة حدثني الحكم عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله ، قال : صلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الظهر خمساً. فقيل له : أزيد في الصلاة؟ قال ما ذاك؟ فقيل له. فثنى رجله ، فسجد سجدتين (٢).

٣ ـ وقال في باب ما جاء فيمن قام من اثنتين ساهياً : حدثنا عثمان وأبو بكر إبنا أبي شيبة وهشام بن عمار ، قالوا حدثنا سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن الأعرج ، عن ابن بحينة ، أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلى صلاة أظن أنها الظهر ( العصر ). فلما كان في الثانية قام قبل أن يجلس فلما كان قبل أن يسلم سجد سجدتين (٣).

٤ ـ وقال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا ابن نمير ، وابن فضيل ويزيد ابن هارون وبسند آخر قال : وحدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا أبو خالد الأحمر ويزيد بن هارون وأبو معاوية كلهم عن يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن الأعرج ، أن ابن بحينة أخبره ، أن النبي قام في اثنتين من الظهر نسي الجلوس حتى إذا فرغ من صلاته إلا أن يسلم ، سجد سجدتي السهو وسلم (٤).

٥ ـ قال ابن ماجة ـ في باب ما جاء فيمن شك في صلاته فتحرى الصواب ـ حدثنا عمر بن بشار حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن منصور قال شعبة : كتب إلى وقرأته عليه. قال أخبرني إبراهيم عن علقمة عن عبد الله ، قال : صلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلاة لا ندري أزاد أو نقص. فسأل فحدثناه فثنى رجله واستقبل القبلة وسجد سجدتين ، ثم سلم. ثم أقبل علينا بوجهه ، فقال : لو حدث في الصلاة شيء

__________________

(١) (٢) سنن بن ماجة ( ٢٠٧ ـ ٢٧٥ هـ ) ، ١ | ٣٨٠ الحديث ١٣٠٣ من باب ١٢٩ و ١٢٠٥ من باب ١٣٠ ، تحقيق محمد فواد عبد الباقي ط دار الفكر بيروت.

(٣) سنن ابن ماجة ١ | ٣٠١ الحديث ١٢٠٦ من باب ١٣١.

(٤) سنن ابن ماجة ١ | ٣٨١ ، الحديث ١٢٠٧ من باب ١٣١.

٢٢٨

لأنبأتكموه وإنما أنا بشر أنسى كما تنسون فإذا نسيت وفذكروني وأيكم ما شك في الصلاة فليتحر أقرب ذلك من الصواب فيتم عليه ويسلم ويسجد سجدتين (١).

٦ ـ قال ابن ماجة ـ في باب فيمن سلم من اثنتين أو ثلاث ساهياً ـ حدثنا علي بن محمد ، وأبو كريب ، وأحمد بن سنان ، قالوا : حدثنا أبو أسامة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمير ، أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سها فسلم في الركعتين فقال له رجل يقال له ذو اليدين : يا رسول الله أقصرت الصلاة أو نسيت؟ قال : ما قصرت وما نسيت قال إذن فصليت ركعتين قال أكما يقول ذو اليدين؟ قالوا : نعم فتقدم فصلى ركعتين ثم سلم. ثم سجد سجدتي السهو (٢).

٧ ـ وقال حدثنا علي بن محمد حدثنا أبو أسامه عن ابن عون عن ابن سيرين عن أبي هريرة ، قال : صلى بنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إحدى صلاتي العشي ركعتين. ثم سلم ثم قام إلى خشبة كانت في المسجد يستند إليها فخرج سرعان الناس يقولون : قصرت الصلاة ، وفي القوم أبو بكر وعمر فهاباه أن يقولا له شيئاً .. وفي القوم رجل طويل اليدين ، يسنى ذا اليدين. فقال : يا رسول الله أقصرت الصلاة أم نسيت فقال ( لم تقصر ولم أنس ) قال : فإنما صليت ركعتين ، فقال أكما يقول ذو اليدين؟ قالوا : نعم. قال : فقام فصلى ركعتين. ثم سلم ، ثم سجد سجدتين ثم سلم (٣).

٨ ـ وقال : حدثنا محمد بن المثنى وأحمد بن ثابت الجحدري. حدثنا عبد الوهاب حدثنا خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي المهلب ، عن عمران بن الحصين ، قال سلم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ثلاث ركعات من العصر ثم قام فدخل الحجرة. فقام الخرباق رجل بسيط اليدين فنادى ، يا رسول الله أقصرت الصلاة؟ فخرج مغضباً يجر إزارة فسأل

__________________

(١) سنن ابن ماجة ١ | ٣٨٢ ، الحديث من باب ١٣٣.

(٢) سنن ابن ماجة ١ | ٣٨٣ ، الحديث ١٢١٣ من باب ١٣٤.

(٣) سنن ابن ماجة ١ | ٣٨٣ ، الحديث ١٢١٣ من باب ١٣٤.

٢٢٩

فأخبر. فصلى تلك الركعة التي كان ترك ثم سلم. ثم سجد سجدتين ثم سلم (١).

٩ ـ قال ابن ماجة ـ في باب ماجاء فيمن سجدهما بعد السلام ـ حدثنا أبو بكر بن خلاد. حدثنا سفيان بن عيينة عن منصور عن إبراهيم عن علقمة ، أن ابن مسعود سجد سجدتي السهو بعد السلام وذكر أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعل ذلك (٢).

١٠ ـ قال ابن ماجة ـ في باب ما جاء في البناء على الصلاة ـ حدثنا يعقوب ابن حميد بن كاسب حدثنا عبد الله بن موسى التميمي عن أسامة بن زيد عن عبد الله بن زيد مولى الأسود بن سفيان عن محمد بن عبد الرحمن ابن ثوبان عن أبي هريرة قال : خرج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الصلاة وكبر. ثم أشار إليهم فمكثوا. ثم انطلق فاغتسل. وكان رأسه يقطر ماء. فصلى بهم ، فلما انصرف قال : إني خرجت إليكم جانباً. وإني نسيت حتى قمت في الصلاة (٣).

قال ابن ماجة في الزوائد : هذا إسناده ضعيف لضعف اليمامة بن زيد رواه الدارقطني في سننه من طريق أسامه بن زيد.

سادساً : الروايات من مصادر أهل السنة ـ سنن الترمذي

١ ـ ذكر الترمذي في باب ما جاء في سجدتي السهو قبل التسليم حديث ابن بحينة والذي أدرجناه فيما تقدم من صحيح البخاري (٤) الحديث الأول.

ثم قال الترمذي : قال أبو عيسى : حديث ابن بحينة حديث حسن صحيح.

__________________

(١) سنن ابن ماجة ١ | ٣٨٣ الحديث ١٢١٤ باب ١٣٤.

(٢) سنن ابن ماجة ١ | ٣٨٥ الحديث ١٢١٨ باب ١٣٦.

(٣) سنن ابن ماجة ١ | ٣٨٥ الحديث ١٢٢٠ باب ١٣٧.

(٤) انظر صحيح البخاري ، باب ما جاء في السهو ٢ | ٨٥ وسنن الترمذي ٢ | ٢٣٥.

٢٣٠

والعمل على هذا عند بعض أهل العلم. وهو قول الشافعي يرى سجدتي السهو كله قبل السلام ويقول هذا الناسخ لغيره من الأحاديث ، ويذكر أن آخر فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان على هذا.

وقال أحمد وإسحاق : إذا أقام الرجل في الركعتين فإنه يسجد سجدتي السهو قبل السلام على حديث ابن بحينة.

قال أبو عيسى : واختلف أهل العلم في سجدتي السهو ، متى يسجدهما الرجل : قبل السلام أو بعده؟

فرأى بعضهم أن يسجدها بعد السلام ، وهو قول سفيان الثوري وأهل الكوفة.

وقال بعضهم يسجدهما قبل السلام. وهو أكثر الفقهاء من أهل المدينة ، مثل يحيى بن سعيد وربيعة وغيرهما ، وبه يقول الشافعي.

وقال بعضهم : إذا كانت زيادة في الصلاة فبعد السلام ، وإذا كان نقصاناً فقبل السلام. وهو قول مالك بن أنس.

قال أحمد : ما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سجدتي السهو فيستعمل كل على جهته يرى إذا قام في الركعتين على حديث ابن بحينة فإنه يسجدهما قبل السلام وإذا صلى الظهر خمساً فإنه يسجدهما بعد السلام ، وإذا سلم في الركعتين من الظهر والعصر فإنه يسجدهما بعد السلام ، وكل يستعمل على جهته ، وكل سهو ليس فيه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذكر فإن سجدتي السهو قبل السلام (١).

٢ ـ ٤ ـ وذكر الترمذي في باب ما جاء في سجدتي السهو بعد السلام والكلام حديث علقمة عن عبد الله بن مسعود في أن النبي صلى الظهر خمساً ، وقد ذكرنا الحديث بنصه من صحيح البخاري تحت الرقم ـ ٣ ـ بترقيمنا المتقدم.

والترمذي نقل في هذا الباب ثلاثة أحاديث.

__________________

(١) انظر سنن الترمذي ( ٢٠٩ ـ ٢٩٧ هـ ) ، ٢ | ٣٣٥ ـ ٣٣٨ الحديث ٣٩١ تحقيق أحمد محمد شاكر دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.

٢٣١

٥ ـ وذكر في باب ما جاء في التشهد في سجدتي السهو حديثاً واحداً وهو الحديث الذي ذكره أبو داود في سننه عن عمران بن حصين وقد أدرجناه تحت الرقم ١٩.

٦ ـ وذكر في باب ما جاء في الرجل يسلم في الركعتين من الظهر والعصر (١) حديث أبي هريرة من أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انصرف من اثنتين وفيه سؤال ذي اليدين وقد ذكرنا الحديث من صحيح البخاري وتحت الرقم ـ ٥ ـ من ترقيمنا كما تقدم.

سابعاً : الروايات من مصادر أهل السنة ـ سنن النسائي

١ و ٢ ـ ذكر النسائي في باب ما يفعل من قام من اثنتين ناسياً ولم يتشهد حديثين كالذي ذكرهما أبو داود في الحديث ١٠٣٤ (٢). بترقيمنا المتقدم الحديث ١٦.

٣ ـ ١١ ـ وذكر في باب ما يفعل من سلم ن ركعتين ناسياً وتكلم. تسعة أحاديث مضمونها كالذي ذكره أبو داود في الحديث ١٠٠٨ بترقيمنا المتقدم الحديث الأول والقصة في سهو النبي منقولة عن ذي اليدين (٣).

١٤ ـ ١٧ ـ وذكر في الباب ذكر الاختلاف على أبي هريرة في السجدتين ستة أحاديث يؤكد راويها ـ أبو هريرة ـ على سجود النبي لسجدتي السهو عندما سها في صلاته ، ففي بعضها كانت صلاة العصر والبعض الآخر غير مصرح بها (٤).

١٨ ـ ٢٠ ـ وفي باب التحري ذكر النسمائي جملة من الأحاديث ثلاثة منها تصرح بسهو النبي وأنه زاد أو نقص في بعض صلواته وفي أحدها

__________________

(١) سنن الترمذي ٢ | ٢٤٧ الحديث ٣٩٩.

(٢) سنن النسائي ٣ | ١٩ و ٢٠ ، ط ١ ، ١٩٣٠ دار الفكر بيروت.

(٣) سنن النسائي ٣ | ٢٠ ـ تحقيق ذي اليدين من سن النسائي هامش ٢١ ح ٣.

(٤) سنن النسائي ٣ | ٢ و ٢٦.

٢٣٢

كانت صلاة الظهر ومضمون هذه الأحاديث ذكرها أبو داود وابن ماجة في سننه الحديث ١٢٠٣ وبترقيمنا المتقدم الحديث الأول (١).

٢١ ـ ٢٦ ـ وفي باب ما يفعل من صلى الظهر أو العصر خمساً والنبي لما ذكر بالزيادة سجد سجدتي السهو ، والأحاديث هذه ذكر بعضها أبو داود ـ مع اختلاف يسير ـ في سننه الحديث ١٠١٩ وبترقيمنا الحديث ١٢ (٢).

٢٧ ـ وفي باب التكبير في سجدتي السهو ، ذكر النسائي حديثاً واحداً عن عبد الرحمن الأعرج عن عبد الله بن بحينة وقد مر في الحديث ١٦ ـ بترقيمنا ـ من سنن أبي داود ، وفي الأصل الحديث ١٠٣٤ (٣).

__________________

(١) سنن النسائي ٣ | ٢٨ ـ ٣١.

(٢) سنن النسائي ٣ | ٣١ ـ ٣٣.

(٣) سنن النسائي ٣ | ٣٣ ـ ٣٤.

٢٣٣

فتاوى أهل السنة

قال الإمام أحمد : يحفظ عن النبي خمسة أشياء سلم من اثنتين فسجد ، سلم من ثلاث فسجد ، وفي الزيادة والنقصان وقام من اثنتين ولم يتشهد :

وقال الخطابي : المعتمد عند أهل العلم هذه الأحاديث الخمسة يعين حديثي ابن مسعود وأبي سعيد وأبي هريرة وابن بحينة (١).

عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال : صلى بنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إحدى صلاتي العشي قال ابن سيرين سماها أبو هريرة ولكن انا نسيت فصلي ركعتين ثم سلم فقام إلى خشبة معروضة في المسجد ثم وضع يده عليها كأنه فضبان فشبك أصابعه ووضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى وخرجت السرعان من المسجد فقالوا : أقصرت الصلاة؟

قال : ( لم أنس ولم تقصر ـ فقال ـ أكما يقول ذو اليدين؟) قالوا : نعم ، قال فتقدم فصلى ما ترك من صلاته ثم سم ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع رأسه فكبر قال فربما سألوه ثم سلم ، قال : ثبت أن عمران بن الحصين

__________________

(١) المغني والشرح الكبير على متن المقنع في فقه الإمام أحمد حنبل ـ لموقف الدين وشمس الدين ابن قدامه م ١ | ٧٠٠ ، ط ١ ، ١٩٨٣ ، دار الفكر بيروت.

٢٣٤

قال ثم سلم (١).

وروى مسلم بإسناده عن أبي المهلب عن عمران بن حصين قال : سلم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ثلاث ركعات من العصر ثم قال فدخل الحجرة فقام رجل بسيط اليدين فقال أقصرت الصلاة يا رسول الله؟

فخرج مغضباً فصلى الركعة التي كان ترك ثم سل ثم سجد سجدتي السهو ثم سلم (٢).

وفي شرح المغني في مسألة : فإن زاد ركعة فلم يعلم حتى فرغ منها سجد لها : قال لما روى عبد الله بن مسعود قال : صلى بنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خمساً فلما انفتل توشوش القوم بينهم فقال : ( ما شأنكم ) قالوا يا رسول الله هل زيد في الصلاة؟ قال : لا. قالوا فإنك صليت خمساً فانفتل ثم سجد سجدتين ثم سلم ثم قال : إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين ثم سجد سجدتي السهو (٣).

قال القاضي عياض : والصحيح من الأحاديث الوارجة في سهوه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الصلاة أحاديث : أولها حديث ذي اليدين في السلام من اثنتين. الثاني حديث ابن بحينة في ا لقيام من اثنين. الثالث حديث ابن مسعود أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلى الظهر خمساً (٤) ...

باب سجود السهو

قال القفال في كتابه حلية العلماء الأحاديث الصحيحة التي عليها مدار باب سجود السهو ، وعنها تشعب مذاهب العلماء ستة أحاديث

الأول : حديث أبي هريرة الذي يروي عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : إذا نودي بالأذان أدبر الشيطان له ضراط حتى لا يسمع الأذان ... الخ وقد ذكره مسلم.

__________________

(١) المغني ١ | ٧٠١.

(٢) المغني ١ | ٧٠١.

(٣) المغني ١ | ٧٠١ هامش.

(٤) المتي من نسيم الرياض في شرح الشفا ـ للقاضي عياض ٤ | ١٥٧ ـ ١٥٨.

٢٣٥

الثاني : عن أبي هريرة قال : صلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إحدى صلاتي العشي ، أما الظهر وأما العصر ، فسلم في ركعتين ثم أتى جذعاً في قبلة المسجد فاستند إليها وخرج سرعان الناس فقام ذو اليدين فقال : يا رسول الله : أقصرت الصلاة أم نسيت فنظر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يميناً وشمالاً فقال : ما يقول ذو اليدين؟ قالوا صدق لم تصل إلا ركعتين ، فصلى ركعتين وسلم ثم كبر ، ثم سجد ثم كبر فرفع ثم كبر ورفع. رواه البخاي ومسلم.

الثالث : عن عبد الله بن بحينة : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قام من صلاة الظهر وعليه جلوس ، فلما أتم صلاته سجد سجدتين يكبر في كل سجدة ، وهو جالس قبل أن يسلم ، وسجدها الناس معه مكان ما نسي من الجلوس.

رواه البخاري ومسلم.

الرابع : عن إبراهيم النخعي عن علقمة عن ابن مسعود قال صلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال إبراهيم زاد أو نقص ـ فلما سلم قيل له : يا رسول الله : أحدث في الصلاة شيء قال : وما ذلك؟ قالوا : صليت كذا وكذا فثنى رجليه واستقبل القبلة ، فسجد سجدتين ثم سلم ، ثم أقبل علينا بوجهه ، فقال : أنه لو حدث في الصلاة شيء أنبأتكم به ولكن إنما أنا بشر أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني وإذا شك أحدكم في صلاته ، فليتحر الصواب ، فليتم عليه ، ثم ليسجد سجدتين رواه البخاري ومسلم.

الخامس : عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدركم صلى .... الخ.

السادس : عن عبد الرحمن بن عوف قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول إذا سها أحدكم في صلاته فلم يدر واحدة صلى أو اثنتين ... الخ (١)

بعد استعرضنا الأحاديث التي وردت في كتب الصحاح الستة ظهر لنا من مجموعها في هذا الباب أن الصحيح منها عند علماء جمهور السنة هي ستة أحاديث ، ثلاثة منها صرحت بسهو النبي.

__________________

(١) حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء ـ محمد بن أحمد القفال ت ٥٠٧ هـ ٢ | ١٣٥ ـ ١٣٦ تحقيق الدكتور ياسين أحمد إبراهيم ط ١ ، ١٩٨٠ مؤسسة الرساله بيروت.

٢٣٦

قال القفال : إذا شك في ركعة من ركعات الصلاة ، افعلها أم لا فإنه يبني الأمر على اليقين وهو الأقل ، فإن شك أنه صلى واحدة ، أو اثنتين فإنه يبني الأمر على أنه صلى ركعة. وبه قال مالك ، وبه قال أحمد في المنفرد (١).

أقول هذا الرأي ينبغي أن لا يخصص بالأقل طالما المعول هو اليقين ، لأن اليقين أينما دار فهو المعول به فإذا كان المصلي يقينه مع الأكثر فيتابع صلاته بناء على الأكثر. وعمل الرسول ـ كما تزعمه الروايات المنقولة في الصحاح الستة ـ سوف يناقض بعض موارده تلك الأخبار ...

قال أبو حنيفة ، إن كان شكه في ذلك أول مرة ، بطلت صلاته وإن كان الشك يعتاده ويتكرر له ، يبني على غالب ظنه بحكم التحري ، فإن لم يقع له ظين يبني على الأقل (٢).

فما روي عن النبي كان أول مرة ، ولم تذكر لنا كتب الحديث أو التاريخ أن السهو كان يعترض الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كثيراً ، ومع ذلك بالنسبة لمعالجة الصلاة أن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يبطل صلاته التي سها بها ـ كما يزعمون ـ سواء كانت الصلاة هي الظهر أم العصر أم أحد صلاتي العتمة ..

وبهذا يسقط الاستدلال بأحاديث سهو النبي التي أثبتوها ، لأن ما أفتى به أبو حنيفة من أن الشك لو كان لأول مرة بطلت الصلاة ، إلا أن صلاة النبي التي دخلها الشك لأول مرة لم يبطلها الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولو قيل أن الشك تكرر منه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قلنا إذا لا بد من فعلين متغايرين للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مورد علاجه للشك وهذا أيضاً لم يحصل منه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بل جميع الروايات المنقولة في هذا الباب تأكد على حالة واحدة وهو بالنسبة للزيادة سجد سجدتي السهو وأما بالنسبة للنقيصة فقد أضاف إليها من الركعات ما أكملها.

__________________

(١) حلية العلماء ٢ | ١٣٥.

(٢) مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر ، داماد افندي ١ | ١٥١ ، دار إحياء التراث العربي.

٢٣٧

قال الحسن البصري : يأخذ بالأكثر ويسجد للسهو.

وقال الأوزاعي : متى شك في صلاته بطلت.

وقال القفال : وإن نسي ركعة من ركعات الصلاة ، وذكرها بعد السلام ، فإن لم يتطاول الفصل ، أتى بها وبنى على صلاته ، وإن تطاول الفصل ، استأنفها ، وفي حد التطاول أوجه :

أحدها : قال أبو إسحاق : إن مضى قدر ركعة فهو فهو تطاول ، وقد نص عليه الشافعي.

الثاني : أنه يرجع فيه إلى العرف والعادة ، فإن مصى ما يعد تطاولاً استأنف وإن مضى ما لا يعد تطاولاً بنى ...

والثالث : قال أبو علي بن أبي هريرة : إن مضى قدر الصلاة التي نسي فيها ، استأنف ، وإن كان دون ذلك بنى (١).

أقول من حديث أبي هريرة جليلاً للقارئ أن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عندما انفتل من صلاته أتى جذعاً في قبلة المسجد والناس قد خرجت مسرعة ثم الغلط الذي جرى بينهم وبعد ذلك سؤالهم الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأمر الزيادة أم النقيصة وتودهه إلى ذي اليدين وما خامر هذه القصو من سؤال وجواب وحوار كل ذلك بحاجة إلى زمن وهذا الزمن عند أهل العرف مما يفسد الصلاة ويذهب بصورتها علماً أن الفاصل الزمني الذي تخلله الكلام كهذا مبطل عند أغلب فقهاء السنة.

قال القاضي عياض : أجمع المسلمون على عصمة الأنبياء من الفواحش والكبائر والمبوقات ومسنتدهم في ذلك الإجماع .. واختاره الأستاذ أبو إسحاق الأسفرايني.

وكذلك لا خلاف في أنهم معصومون عن كتم الرسالة والتقصير في التبليغ ... قال القاضي أبو الفضل عياض قال بعض أئمتنا ـ المالكية ـ ولا يجب على القولين ـ في العصمة عن الصغائر وعدمها ـ أن يختلف أنهم

__________________

(١) حلية العلماء ١ | ١٣٧.

٢٣٨

معصومون عن تكرار الصغائر وكثرتها إذ يلحقها ذلك بالكبائر ولا في صغيرة أدت إلى الحشمة وأسقطت المروءة وأوجبت الإزراء والخساسة وهذا أيضاً مما يعصم فيه الأنبياء إجماعا لأن هذا يحط منصب المتسم به ويزري بصاحبه وينفر القلوب عنه والأنبياء منزهون عن ذلك بل يلحق بهذا ما كان من قبيل المباح (١).

وقال القاضي عياض : وأما ما يكون بغير قصد وتعمد كالسهو والنسيان في الوظائف الشريعة مما تقرر الشرع بعدم تعلق الخطاب وترك المؤاخذة عليه فأحوال الأنبياء في ترك المؤاخذة به وكونه ليس بمعصية لهم مع أممهم سواء ، ثم ذلك على نوعين ما طريقة البلاغ وتقرير الشرع وتعلق الأحكام وتعليم الأمة بالفعل وأخذهم باتباعهم فيه وما هو خارج عن هذا مما يختص بنفسه.

أما النوع الأول فحكمه عند جماعة من العلماء حكم السهو في القول في هذا الباب وقد ذكرنا الإتفاق على امتناع ذلك في حق النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعمته من جواءه عليه قصداً أو سهواً فكذلك قالوا في الأفعال في هذا الباب لا يجوز طرو المخالفة فيها لا عمداً ولا سهواً لأنها بمعنى القول من جهة التبليغ والآراء وطرو هذه العوارض عليها يوجب التشكيك وتسبيب المطاعن .. (٢)

__________________

(١) نسيم الرياض في شرح الشفاء ٤ | ١٣٧ ـ ١٤٠ الإقتصار على متن الشفاء.

(٢) المتن من نسيم الرياض في شرح الشفاء ٤ | ١٥٣ ـ ١٥٤.

٢٣٩

خلاصة البحث

إن الأحاديث المتضمنة لسهو النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند علماء الجمهور هي محل نقاش فيما بينهم ، فمنهم من نفى عنه السهو ، وهو ما ذهب إليه أبو إسحاق الأسفرايني الشافعي (١) ومنهم جوز عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم السهو بشرط التنبيه عليه من قبل الله سبحانه. وقسم ثالث جوز عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم السهو بشرط عدم الإصرار على أنه يعد من الخطأ.

ثم اختلفوا ف أصل الحديث المروي عن ذي اليدين بكونه منسوخاً بحديث ابن مسعود.

وبعد كل ذلك فإن فتاواهم قد اختلفت ، ولهم في ذلك مذاهب متعددة ، بالخصوص عند جمهور السلف.

والذي استعرضناه يكفي لإبطال ، قول السيد الزواوي في تعليقه على مسند الإمام الشافعي ، والذي ذهب إلى تجويز السهو على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

__________________

(١) نسيم الرياض في شرح الشفاء ـ القاضي عياض ت ٥٤٤ هـ ، ج ٤ | ١٣٧ الهامش. القاضي عياض ، أبو الفضل ( ٤٩٦ ـ ٥٤٤ هـ ) له كتاب الشفاء بتعريف حقوق المصطفى.

٢٤٠