مرآة العقول

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

مرآة العقول

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٧٥

ولم يتباعد العهد ولم يخلق منك الذكر وإلى الله يا رسول الله المشتكى وفيك يا رسول الله أحسن العزاء صلى الله عليك وعليها‌السلام والرضوان

______________________________________________________

« رب هب لي « مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ » (١) » وقال : « وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ » (٢) » وقال : « يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ » (٣) وقال : « إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ » (٤) وزعمتم أن لا حظوة لي ولا أرث من أبي ولا رحم بيننا ، أفخصكم الله بآية أخرج منها أبي أم هل تقولون أهل ملتين لا يتوارثان ، ولست أنا وأبي من أهل ملة واحدة أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمي فدونكها (٥) مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك فنعم الحكم الله والزعيم محمد والموعد القيامة وعند الساعة ما تخسرون ولا ينفعكم إذ تندمون ، ولكل نبأ مستقر وسوف تعلمون ، من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم ، إلى آخر الخطبة المذكورة مع شرحها في الكتاب الكبير.

قوله عليه‌السلام : ولم يتباعد العهد ، الجملة حالية أي فعلوا جميع ذلك ولم يبعد ذلك ولم يبعد عهدهم بك وبما سمعوا منك في أهل بيتك مع وجوب رعاية حرمتك ، وفي النهج : ولم يطل العهد ، وفي المجالس : تدفن بنتك سرا ويهتضم حقها قهرا وتمنع إرثها جهرا ولم يطل العهد ، وفي القاموس : العهد الوصية ، والتقدم إلى المرء في الشيء واليمين وقد عاهده ، والذي يكتب للولاة ، من عهد إليه أوصاه ، والحفاظ ورعاية الحرمة والأمان ، والذمة والالتقاء والمعرفة ، منه عهدي به بموضع كذا والمنزل المعهود به الشيء ، والزمان والوفاء ، انتهى.

ولا يخفى على اللبيب ما يناسب المقام من تلك المعاني « ولم يخلق » على المعلوم من باب نصر وعلم وحسن أي لم يصر ذكرك وتذكر أحوالك ورواية أقوالك

__________________

(١) سورة مريم : ٦.

(٢) سورة الأحزاب : ٦.

(٣) سورة النساء : ١١.

(٤) سورة البقرة : ١٨٠.

(٥) الضمير للخلافة.

٣٤١

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن عبد الرحمن بن سالم ، عن المفضل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام من غسل فاطمة قال ذاك أمير المؤمنين وكأني استعظمت ذلك من قوله فقال كأنك ضقت بما أخبرتك به قال فقلت قد كان ذاك جعلت فداك قال فقال لا تضيقن فإنها صديقة ولم يكن يغسلها إلا صديق أما علمت أن مريم لم يغسلها إلا عيسى.

٥ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل ، عن صالح بن عقبة ، عن عبد الله بن محمد الجعفي ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليه‌السلام قالا إن فاطمة عليها‌السلام لما أن كان من أمرهم ما كان أخذت بتلابيب عمر فجذبته إليها ثم قالت

______________________________________________________

بالياء ، بل كان كلها جديدا ، وقيل : الذكر القرآن ، والمشتكى مصدر ميمي أي الشكوى.

« وفيك يا رسول الله أحسن العزاء » أي في أقوالك وصفاتك وما أمرتني به فيما يعرض لي بعدك أو في سبيل رضاك أحسن التعزية ، وما يوجب أحسن الصبر ، وقيل في للسببية وقد مر بعض الوجوه في باب تاريخ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في قوله : إن في الله عزاء.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور.

وفي القاموس : الضيق الشك في القلب ويكسر ، وما ضاق عنه صدرك « فإنها صديقة » أي معصومة كما مر ، ولا يغسل المعصوم رجلا كان أو امرأة إلا المعصوم ، ولا يشكل الاستدلال به على جواز تغسيل الرجل زوجته لظهور الاختصاص هنا فتأمل.

الحديث الخامس : ضعيف.

« لما أن كان » أن زائدة لتأكيد اتصال جواب لما بمدخولها ، ضمير « أمرهم » لأبي بكر وعمر وأصحابهما « ما كان » أي من دخولهم دار فاطمة بأمر الملعونين قهرا

٣٤٢

أما والله يا ابن الخطاب لو لا أني أكره أن يصيب البلاء من لا ذنب له لعلمت أني سأقسم على الله ثم أجده سريع الإجابة.

______________________________________________________

وإخراج علي إلى بيعة أبي بكر وسائر ما مر قليل منها آنفا « أخذت » أي للضرورة لإنقاذ أمير المؤمنين عليه‌السلام من أيديهم ، وكان واجبا على جميع الخلق ، وقيل : أي أمرت بذلك من قبيل : قطع الأمير اللص ، قال الفيروزآبادي : لب به تلبيبا جمع ثيابه عند نحره في الخصومة ثم جره ، والتلبيب ما في موضع اللبب من الثياب اسم كالتمتين « من لا ذنب له » أي من لم يبايع أبي بكر أو بائع جبرا والأطفال ونحوهم ، أو جميع من في المشرق والمغرب ممن لم يعلم بالواقعة أيضا لأن العذاب إذا نزل عم.

وقال في المغرب : القسم على الله أن تقول : بحقك أفعل كذا وإنما عدي بعلى لأنه ضمن معنى التحكم.

وأقول : روى أحمد بن أبي طالب الطبرسي في الاحتجاج عن أبي عبد الله عليه‌السلام وابن شهرآشوب عن الشيخ في اختيار الرجال عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، وعن سلمان الفارسي رضي‌الله‌عنه : أنه لما استخرج أمير المؤمنين عليه‌السلام من منزله خرجت فاطمة عليها‌السلام فما بقيت هاشمية إلا خرجت معها حتى انتهت قريبا من القبر فقالت : خلوا عن ابن عمي فو الذي بعث محمدا بالحق لأن لم تخلوا عنه لأنشرن شعري ولأضعن قميص رسول الله على رأسي ، ولأصرخن إلى الله تبارك وتعالى ، فما ناقة صالح بأكرم على الله مني ، ولا الفصيل بأكرم على الله من ولدي ، قال سلمان رضي‌الله‌عنه : كنت قريبا منها ، فرأيت والله أساس حيطان المسجد ، مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تقلعت من أسفلها حتى لو أراد رجل أن ينفذ من تحتها نفذ ، فدنوت منها فقلت : يا سيدتي ومولاتي إن الله بعث أباك رحمة فلا تكوني نقمة ، فرجعت ورجعت الحيطان حتى سطعت الغبرة من أسفلها ، فدخلت في خياشيمنا (١).

أقول : سيأتي بعض القول في ذلك في شرح الروضة إنشاء الله ، وتفصيل القول في تلك الوقائع موكول إلى كتابنا الكبير.

__________________

(١) خياشيم جمع الخيوشم : أقصى الأنف.

٣٤٣

٦ ـ وبهذا الإسناد ، عن صالح بن عقبة ، عن يزيد بن عبد الملك ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال لما ولدت فاطمة عليها‌السلام أوحى الله إلى ملك فأنطق به لسان محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فسماها فاطمة ثم قال إني فطمتك بالعلم وفطمتك من الطمث ثم قال أبو جعفر عليه‌السلام والله لقد فطمها الله بالعلم وعن الطمث في الميثاق.

______________________________________________________

الحديث السادس : مجهول.

« أوحى الله » لم يذكر الموحى به لدلالة قوله : « فانطلق » عليه ، والحاصل أن تسميتها عليها‌السلام بذلك كانت بالإلهام ، وضمير « به » راجع إلى الملك أو إلى مصدر أوحى ، « ثم قال » الضمير راجع إلى الله أو إلى الرسول ، والفطم كالقطع.

« فطمتك بالعلم » أي قطعتك عن الجهل بسبب العلم ، أو جعلت فطامك من اللبن مقرونة بالعلم كناية عن كونها في بدو الخلقة عالمة بالعلوم الربانية ، أو المعنى أرضعتك بالعلم حتى استغنيت وفطمت ، وعلى التقادير الربانية ، أو المعنى أرضعتك بالعلم حتى استغنيت وفطمت ، وعلى التقادير الفاعل بمعنى المفعول كالدافق بمعنى المدفوق أو يقرأ على بناء التفعيل ، أي جعلتك قاطعة الناس من الجهل ، أو المعنى لما فطمها من الجهل فهي تفطم الناس ، وفطمتك من الطمث أي الحيض ، والوجهان الأخيران يشكل إجراؤهما في هذه الفقرة إلا بتكلف بأن يجعل الطمث كناية عن المعاصي والأخلاق الدنية الرديئة أو يقال على الثالث لما فطمتك عن الأدناس الروحانية والجسمانية فأنت تفطم الناس عن دنس الجهل والفسوق والمعاصي.

قوله : في الميثاق ، أي قدرا وأثبت لها ذلك في ذلك اليوم أو جعلها في ذلك اليوم قابلة لذلك.

ثم اعلم أنه ورد في الأخبار المعتبرة من طرق الخاصة والعامة علل أخرى للتسمية بهذا الاسم ، منها : ما روي عن الصادق عليه‌السلام أنها فطمت من الشر.

وعن الرضا عن آبائه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأن الله فطمها وفطم من أحبها من النار.

وعن الكاظم قال : إن الله تعالى علم ما كان قبل كونه ، فعلم أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

٣٤٤

٧ ـ وبهذا الإسناد ، عن صالح بن عقبة ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لفاطمة عليها‌السلام يا فاطمة قومي فأخرجي تلك الصحفة فقامت فأخرجت صحفة فيها ثريد وعراق يفور فأكل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلي وفاطمة والحسن والحسين ثلاثة عشر يوما ثم إن أم أيمن رأت الحسين معه شيء فقالت له من أين لك هذا قال إنا لنأكله منذ أيام فأتت أم أيمن فاطمة فقالت يا فاطمة إذا كان عند أم أيمن شيء فإنما هو لفاطمة وولدها وإذا كان عند فاطمة شيء فليس لأم أيمن منه شيء فأخرجت لها منه فأكلت منه أم أيمن ونفدت الصحفة فقال لها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أما لو لا أنك أطعمتها لأكلت منها أنت وذريتك إلى أن

______________________________________________________

يتزوج في الأحياء وأنهم يطمعون في وراثة هذا الأمر من قبله ، فلما ولدت فاطمة سماها الله تبارك وتعالى فاطمة لأنها فطمت طمعهم ، ومعنى فطمت قطعت ، وعدم تدنسها بالطمث مما روته العامة أيضا بأسانيد عن عائشة وغيرها ، كما أخرجناه في البحار.

وروى السيد في الطرائف عن أحمد الطبراني عن هشام بن عروة عن عائشة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه وصف فاطمة سلام الله عليها في حديث طويل ، وفي آخره : ليست كنساء الآدميين ، ولا تعتل كما يتعللن به يعني الحيض.

الحديث السابع : ضعيف.

وقال الجوهري : الصحفة كالقصعة والجمع صحاف ، قال الكسائي : أعظم القصاع الجفنة ثم القصعة تليها تشبع العشرة ، ثم الصحفة تشبع الخمسة ، ثم المئكلة تشبع الرجلين والثلاثة ، ثم الصحيفة تشبع الرجل.

وقال : ثردت الخبز ثردا كسرته فهو ثريد ومثرود.

وقال الفيروزآبادي : العرق وكغراب العظم أكل لحمه والجمع ككتاب وغراب نادرا ، والعرق العظم بلحمه فإذا أكل لحمه فعراق أو كلاهما لكليهما ، وقال : فار فورا جاش.

٣٤٥

.................................................................................................

______________________________________________________

وأم أيمن جارية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحاضنته ورثها من أبيه وأعتقها ، وأيمن بن عبيد وأسامة بن زيد ابناها « منه شيء » جملة حالية « يخرج بها قائمنا » أي يظهر الصحفة مع ما فيها من الطعام.

وأقول : قصة نزول المائدة لفاطمة عليها‌السلام مما رواه كثير من المخالفين كالثعلبي في كتابه المعروف بالبلغة ، وموفق بن أحمد الخوارزمي ذكرهما سيد بن طاوس قدس‌سره.

وقال الزمخشري في الكشاف عند ذكر قصة زكريا ومريم عليهما‌السلام ما لفظه : وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه جاء في زمن قحط فأهدت له فاطمة رغيفين وبضعة لحم آثرته بها فرجع بها إليها ، وقال. هلمي يا بنية وكشفت عن الطبق فإذا هو مملوء خبزا ولحما فبهتت وعلمت أنها نزلت من الله ، فقال لها : أنى لك هذا؟ قالت : هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ، فقال عليه‌السلام : الحمد لله الذي جعلك شبيهة سيدة نساء بني إسرائيل ، ثم جمع رسول الله علي بن أبي طالب والحسن والحسين وجميع أهل بيته عليهم‌السلام حتى شبعوا وبقي الطعام كما هو وأوسعت فاطمة على جيرانها.

وروى الراوندي رحمه‌الله في الخرائج : أن عليا أصبح يوما فقال لفاطمة : عندك شيء تغذينيه؟ قالت : لا ، فخرج واستقرض دينارا ليبتاع ما يصلحهم ، فإذا المقداد في جهد وعياله جياع ، فأعطاه الدينار ودخل المسجد وصلى الظهر والعصر مع رسول الله ، ثم أخذ النبي بيد علي وانطلقا إلى فاطمة وهي في مصلاها وخلفها جفنة تفور ، فلما سمعت كلام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خرجت فسلمت عليه وكانت أعز الناس عليه ، فرد السلام ومسح بيده على رأسها ثم قال : عشينا غفر الله لك وقد فعل ، فأخذت الجفنة فوضعتها بين يدي رسول الله ، فقال لها : يا فاطمة أنى لك هذا الطعام الذي لم أنظر إلى مثل لونه قط ولم أشم مثل رائحته قط ولم آكل أطيب منه؟ ووضع كفه

٣٤٦

٨ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن علي ، عن علي بن جعفر قال سمعت أبا الحسن عليه‌السلام يقول بينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جالس إذ دخل عليه ملك له أربعة وعشرون وجها فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حبيبي جبرئيل لم أرك في مثل هذه الصورة قال الملك لست بجبرئيل يا محمد بعثني الله عز وجل أن أزوج النور من النور قال من ممن قال ـ فاطمة من علي قال فلما ولى الملك إذا بين كتفيه محمد رسول الله ـ علي وصيه فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله منذ كم كتب هذا بين كتفيك فقال من قبل أن يخلق الله آدم باثنين وعشرين ألف عام

______________________________________________________

بين كتفي وقال : هذا بدل عن دينارك ، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب.

وروى العياشي مثله في حديث طويل عن أبي جعفر عليه‌السلام وساق الحديث إلى قوله : فأقبل علي فوجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله جالسا وفاطمة تصلي وبينهما شيء مغطى ، فلما فرغت اجترت ذلك الشيء فإذا جفنة من خبز ولحم قال : يا فاطمة أنى لك هذا؟ قالت : هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إلا أحدثك بمثلك ومثلها؟ قال : بلى ، قال : مثل زكريا إذ دخل على مريم المحراب فوجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب فأكلوا منها شهرا وهي الجفنة التي يأكل منها القائم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهي عندنا.

الحديث الثامن : ضعيف على المشهور.

« باثنين وعشرين » قال ابن شهرآشوب : وفي رواية بأربعة وعشرين ألف عام ، ورواه بأسانيد من طرق العامة وفي بعضها ملك له عشرون رأسا في كل رأس ألف لسان وكان اسم الملك صرصائيل ، وقال : كان التزويج في أول يوم من ذي الحجة ، وروي أنه كان يوم السادس منه ، ومثل ذلك قال الشيخ في المصباح ، وروى السيد بن طاوس من كتاب حدائق الرياض للمفيد رحمهما الله قال : ليلة إحدى وعشرين من المحرم وكانت ليلة خميس سنة ثلاث من الهجرة كان زفاف فاطمة عليها‌السلام.

ثم إن الخبر يدل على أن التزويج يتعدى بمن ، كما هو الدائر على ألسنة

٣٤٧

٩ ـ علي بن محمد وغيره ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال سألت الرضا عليه‌السلام عن قبر فاطمة عليها‌السلام فقال دفنت في بيتها فلما زادت بنو أمية

______________________________________________________

أكثر الفقهاء في صيغ النكاح ، والذي يظهر من كتب اللغة تعديته بالنفس ، وكذا ورد في الكتاب العزيز قال تعالى : « زَوَّجْناكَها » (١) وورد التعدية بالباء في قوله تعالى : « وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ » (٢) » وأولوه بأنه بمعنى قرناهم ، قال الفيروزآبادي : زوجته امرأة وتزوجت امرأة وبها أو هذه قليلة « وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ » أي قرناهم ، وقال الراغب : وزوجناهم بحور عين ، قرناهم بهن ولم يجيء في القرآن زوجناهم حورا كما يقال : زوجه امرأة تنبيها على أن ذلك لا يكون على حسب المتعارف من المناكحة فيما بيننا ، انتهى.

وكذا النكاح متعديا بالنفس كما قال تعالى : « أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَ » (٣) والمشهور بين الفقهاء تعديته أيضا بمن ، والأحوط في صيغ النكاح الجمع بين الوجهين.

الحديث التاسع : ضعيف على المشهور.

ويدل على أنها عليها‌السلام دفنت في بيتها ، وهذا أصح الأقوال في موضع قبرها صلوات الله عليها ، قال الشيخ قدس‌سره في التهذيب : ذكر الشيخ في الرسالة أنك تأتي الروضة فتزور فاطمة لأنها مقبورة هناك ، وقد اختلف أصحابنا في موضع قبرها فقال بعضهم : إنها دفنت في البقيع ، وقال بعضهم : إنها دفنت بالروضة ، وقال بعضهم : أنها دفنت في بيتها ، فلما زادت بنو أمية في المسجد صارت من جملة المسجد ، وهاتان الروايتان كالمتقاربتين ، والأفضل عندي أن يزور الإنسان في الموضعين جميعا فإنه لا يضره ذلك ، ويحوز به أجرا عظيما وأما من قال : أنها دفنت في البقيع فبعيد من الصواب ، انتهى.

__________________

(١) سورة الأحزاب : ٣٧.

(٢) سورة الدخان : ٥٤.

(٣) سورة القصص : ٢٧.

٣٤٨

في المسجد صارت في المسجد.

١٠ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الوشاء ، عن الخيبري ، عن يونس بن ظبيان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سمعته يقول لو لا أن الله تبارك وتعالى خلق أمير المؤمنين عليه‌السلام لفاطمة ما كان لها كفو على ظهر الأرض من آدم

______________________________________________________

وأقول : الأظهر أنها صلوات الله عليها مدفونة في بيتها ، والأخبار فيه كثيرة أوردتها في البحار ، لكن روى الصدوق في معاني الأخبار بسند صحيح عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قال رسول الله ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة ، ومنبري على ترعة من ترع الجنة ، لأن قبر فاطمة بين قبره ومنبره وقبرها روضة من رياض الجنة وإليه ترعة من ترع الجنة ، ويمكن الجمع بأن يقال : الروضة متسعة بحيث تشمل بعض بيتها عليها‌السلام الذي دفنت فيه ، ويؤيده قوله عليه‌السلام : فلما زادت بنو أمية إلى آخرها.

وسيأتي ما يدل على اتساع الروضة وعلى أن بيتها عليها‌السلام منها في كتاب الحج إنشاء الله ، وقيل : إن عمر بن عبد العزيز وسع المسجد في زمن خلافة وليد بن عبد الملك بأمره في جانب مشرق المسجد حتى ضيق البيت الذي دفن فيه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأخرج تراب قبري المنافقين لمرور الجدار عليهما كما يفهم مما ذكره السمهودي في خلاصة الوفاء.

الحديث العاشر : ضعيف.

ويدل على فضل أمير المؤمنين عليه‌السلام على أولي العزم سوى نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإن قلت : لا يدل على فضله عليه‌السلام على نوح وإبراهيم لأن القرابة فيهما مانعة من الزواج قلت : الظاهر من سياق الحديث أن المراد به الكفاءة مع قطع النظر عن القرابة كما يدل عليه التصريح بآدم عليه‌السلام مع عدم القائل بالفرق وقد يستدل به على فضل فاطمة عليها‌السلام عليهم أيضا ولا يخلو من نظر إذ يمكن أن تكون الكفاءة مشروطة بزيادة في جانب الزوج ، بل الظاهر ذلك وفضل أمير المؤمنين عليها صلوات الله عليهما لعله مما

٣٤٩

ومن دونه.

باب

مولد الحسن بن علي صلوات الله عليهما

ولد الحسن بن علي عليه‌السلام في شهر رمضان في سنة بدر ـ سنة اثنتين بعد الهجرة وروي أنه ولد في سنة ثلاث ومضى عليه‌السلام في شهر صفر في آخره من سنة تسع وأربعين

______________________________________________________

لا كلام فيه ، وإن كان الجميع من نور واحد ، والله يعلم حقائق أحوالهم وأنوارهم وأسرارهم.

باب مولد الحسن بن علي صلوات الله عليهما

قوله (ره) : وروي أنه ولد في سنة ثلاث ، قيل : الرواية حكاية لما يجيء في الخبر الثاني ، والتحقيق أنه لا منافاة بين تاريخي الولادة لأن كلا منهما مبني على اصطلاح في مبدء التاريخ الهجري غير الاصطلاح الذي عليه بناء الآخر ، وتفصيله أن فيه ثلاث اصطلاحات ، الأول : أن يكون مبدؤه ربيع الأول فإن الهجرة إنما كانت فيه وكان معروفا بين الصحابة إلى ستين ، وبناء كلام المصنف على هذا ، الثاني : أن يكون مبدؤه شهر رمضان السابق على ربيع الأول الذي وقعت الهجرة فيه ، لأنه أول السنة الشرعية كما سيأتي في الأخبار في كتاب الصيام ، والرواية مبنية على هذا ، الثالث : ما اخترعه عمر ، وهو أن مبدؤه المحرم السابق موافقا لما زعمه أهل الجاهلية ، وهذا ساقط وإن اشتهر بين العوام.

قال ابن الجوزي في التلقيح : روى أبو بكر بن أبي خيثمة عن الشعبي والزهري قالا : لما أهبط آدم من الجنة وانتشر ولده أرخ بنوه من هبوط آدم ، فكان ذلك التاريخ حتى بعث الله نوحا فأرخوا مبعث نوح ، حتى كان الفرق فكان التاريخ من الطوفان إلى نار إبراهيم ، فلما كثر ولد إسماعيل افترقوا ، فأرخ بنو إسحاق من نار إبراهيم إلى مبعث يوسف ، ومن مبعث يوسف إلى مبعث موسى ، ومن مبعث موسى إلى ملك سليمان ، ومن ملك سليمان إلى مبعث عيسى ، ومن مبعث عيسى إلى أن بعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ،

٣٥٠

.................................................................................................

______________________________________________________

وأرخ بنو إسماعيل من نار إبراهيم إلى بناء البيت ، ومن بنيان البيت حتى تفرقت معد ، وكانت للعرب أيام وأعلام يعدونها ثم أرخوا من موت كعب بن لؤي إلى الفيل وكان التاريخ من الفيل حتى أرخ عمر بن الخطاب من الهجرة ، وإنما أرخ عمر بعد سبع عشرة سنة من مهاجر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

قال الشعبي : كتب أبو موسى إلى عمر أنه يأتينا من قبلك كتب ليس لها تاريخ فأرخ ، فاستشار عمر في ذلك فقال بعضهم : أرخ لمبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقال بعضهم لوفاته ، فقال عمر : بل نؤرخ لمهاجر رسول الله فإن مهاجرة فرق بين الحق والباطل فأرخ لذلك.

وقال سعيد بن المسيب : كتب التاريخ بمشورة علي ، قال المدائني : واختلفوا بأي شهر يبدءون فقال عثمان : أرخوا المحرم أول السنة ، انتهى ، ثم قال : وكان التاريخ من شهر ربيع الأول إلا أنهم ردوه إلى المحرم لأنه أول السنة ، انتهى.

وأقول : قال المفيد قدس‌سره في الإرشاد كنية الحسن بن علي صلوات الله عليهما أبو محمد ، ولد بالمدينة ليلة النصف من شهر رمضان المبارك سنة ثلاث من الهجرة ، ثم قال : ولما استقر الصلح بينه عليه‌السلام وبين معاوية خرج الحسن عليه‌السلام إلى المدينة فأقام بها كاظما غيظه لازما منزله ، منتظرا لأمر ربه عز وجل إلى أن تم لمعاوية عشر سنين من إمارته ، وعزم على البيعة لابنه يزيد ، فدس إلى جعدة بنت الأشعث ابن قيس وكانت زوجة الحسن عليه‌السلام من حملها على سمه وضمن لها أن يزوجها بابنه يزيد ، فأرسل إليها مائة ألف درهم فسقته جعدة السم فبقي أربعين يوما مريضا ومضى لسبيله في شهر صفر سنة خمسين من الهجرة ، وله يومئذ ثمانية وأربعون سنة ، وكانت خلافته عشر سنين ، وتولى أخوه ووصيه الحسين عليه‌السلام غسله وتكفينه ودفنه عند جدته فاطمة بنت أسد رضي الله عنها بالبقيع ، انتهى.

وقال الشهيد نور الله مرقده في الدروس : ولد بالمدينة يوم الثلاثاء منتصف شهر شعبان سنة اثنتين من الهجرة وقبض بها مسموما يوم الخميس سابع صفر سنة تسع

٣٥١

ومضى وهو ابن سبع وأربعين سنة وأشهر وأمه فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

١ ـ محمد بن يحيى ، عن الحسين بن إسحاق ، عن علي بن مهزيار ، عن الحسين

______________________________________________________

وأربعين أو سنة خمسين من الهجرة ، عن سبع وأربعين أو ثمان.

وقال ابن شهرآشوب في المناقب : ولد عليه‌السلام بالمدينة ليلة النصف من شهر رمضان عام أحد سنة ثلاث من الهجرة ، وقيل : سنة اثنتين ، فعاش مع جده سبع سنين وأشهرا ، وقيل : ثمان سنين ، ومع أبيه ثلاثين سنة ، وبعده تسع سنين وقالوا : عشر سنين ، ومات مسموما ، وقبض بالمدينة بعد مضي عشر سنين من ملك معاوية ، ومضى لليلتين بقيتا من صفر سنة خمسين من الهجرة ، وقيل : سنة تسع وأربعين ، وعمره سبعة وأربعون سنة وأشهر ، وقيل : ثمان وأربعون ، وقيل : في سنة تمام خمسين من الهجرة ، وكان بذل معاوية لجعدة بنت أشعث الكندي وهي ابنة أم فروة أخت أبي بكر عشرة آلاف دينار وأقطاع عشرة ضياع من سقي سور أو سواد الكوفة على أن تسمه عليه‌السلام ، انتهى.

وروي في كشف الغمة عن الدولابي أنه عليه‌السلام ولد لأربع سنين وستة أشهر ونصف من الهجرة ، وعن عبد العزيز بن الأخضر الجنابذي أنه عليه‌السلام توفي وهو ابن خمس وأربعين سنة في سنة تسع وأربعين ، انتهى.

وروى صاحب كفاية الأثر أنه عليه‌السلام توفي يوم الخميس في آخر صفر سنة خمسين من الهجرة وله سبع وأربعون سنة ، وقال أبو الفرج في مقاتل الطالبيين : اختلف في مبلغ سن الحسن عليه‌السلام فحدثني أحمد بن سعيد عن يحيى بن الحسن عن علي بن إبراهيم بن الحسن عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم وجميل بن دراج عن جعفر بن محمد أنه توفي وهو ابن ثماني وأربعين سنة ، وعن أحمد بن سعيد عن يحيى ابن الحسن عن حسن بن الحسين اللؤلؤي ، عن محمد بن سنان عن عبد الله بن مسكان عن أبي بصير عن جعفر بن محمد عليه‌السلام أن الحسن توفي وهو ابن ست وأربعين سنة.

الحديث الأول : مجهول.

٣٥٢

بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عبد الله بن سنان عمن سمع أبا جعفر عليه‌السلام يقول لما حضرت الحسن عليه‌السلام الوفاة بكى فقيل له يا ابن رسول الله تبكي ومكانك من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الذي أنت به وقد قال فيك ما قال وقد حججت عشرين حجة ماشيا وقد قاسمت مالك ثلاث مرات حتى النعل بالنعل فقال إنما أبكي لخصلتين لهول المطلع وفراق الأحبة

______________________________________________________

« تبكي » الاستفهام مقدر « ومكانك » الواو للحال ، ومن للنسبة « ما قال » أي من المناقب والفضائل الكثيرة « قاسمت » أي ناصفت ، النعل منصوب بتقدير أعطيت ونحوه والباء للمقابلة ، والمقاسمة كانت بينه عليه‌السلام وبين الفقراء في سبيل الله ، وروى الصدوق في العيون والمجالس هذا الخبر بإسناده عن الرضا عليه‌السلام ، وفيه قد قاسمت ربك مالك.

وفي النهاية في الحديث : لو أن لي ما في الأرض جميعا لافتديت به من هول المطلع ، يريد به الموقف يوم القيامة أو ما يشرف عليه من أمر الآخرة عقيب الموت فشبهه بالمطلع الذي يشرف عليه من موضع عال ، انتهى.

وربما يقرأ المطلع بكسر اللام ، أي الرب تعالى المطلع على السرائر ، والبكاء لهذا الخوف لا ينافي علو شأنه عليه‌السلام فإن خشية المقربين أكثر من سائر العالمين ، وقد قال تعالى : « إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ » (١) وفي جميع أحوالهم كانوا باكين مع علمهم بكونهم من الفائزين ، وكذا فراق الأحبة والحزن له من لوازم البشرية مع أن حزنه عليه‌السلام لما كان يعلم من مصائبهم والبلايا الواردة عليهم بعده عليه‌السلام ، ويحتمل أن يكون الأول للتعليم ، والثاني للشفقة على الأمة وتسهيل الأمر عليهم.

وما قيل : أن المطلع عبارة عن واقعة كربلاء من مصيبة الحسين عليه‌السلام وإخوته وأهل بيته وأصحابه وهو المراد بالأحبة ، أو المراد بالمطلع جميع مصائب أهل الحق

__________________

(١) سوره فاطر : ٢٨.

٣٥٣

٢ ـ سعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر ، عن إبراهيم بن مهزيار ، عن أخيه علي بن مهزيار ، عن الحسن بن سعيد ، عن محمد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قبض الحسن بن علي عليه‌السلام وهو ابن سبع وأربعين سنة في عام خمسين عاش بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أربعين سنة.

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن النعمان ، عن سيف بن عميرة ، عن أبي بكر الحضرمي قال إن جعدة بنت أشعث بن قيس الكندي سمت الحسن بن علي وسمت مولاة له فأما مولاته فقاءت السم وأما الحسن فاستمسك في

______________________________________________________

إلى ظهور القائم عليه‌السلام فهو تكلف مستغنى عنه.

وروى الشيخ في مجالسه عن ابن عباس قال : دخل الحسين بن علي عليهما‌السلام علي أخيه الحسن في مرضه الذي توفي فيه فقال له : كيف تجدك يا أخي؟ قال : أجدني في أول يوم من أيام الآخرة وآخر يوم من أيام الدنيا ، واعلم أني لا أسبق أجلي وأني وارد على أبي وجدي عليهما‌السلام على كره مني لفراقك وفراق إخوتك وفراق الأحبة ، وأستغفر الله من مقالتي هذه وأتوب إليه ، بل على محبة مني للقاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام وأمي فاطمة عليهما‌السلام وحمزة وجعفر عليهما‌السلام ، الخبر.

الحديث الثاني : مختلف فيه ، صحيح عندي.

ويدل على أن الولادة كانت في سنة ثلاث وأنه عاش بعد أمير المؤمنين عليه‌السلام عشر سنين.

الحديث الثالث : حسن موقوف.

« فاستمسك » أي احتبس السم ، وفي القاموس : النقطة الجدري والبشرة ، وكف نفيطة ومنفوطة ونافطة وقد نفطت كفرح نفطا ونفطا ونفيطا قرحت عملا أو مجلت وقد انفطها العمل ونفط ينفط غضب أو احترق غضبا كتنفط والقدر غلت ، وأنفطت العنز ببولها رمت والقدر تنافط ترمي بالزبد ، انتهى.

والمراد هنا إما التورم أو الغليان أو رمي الكبد وفي بعض النسخ فانتقض به

٣٥٤

بطنه ثم انتفط به فمات.

٤ ـ محمد بن يحيى وأحمد بن محمد ، عن محمد بن الحسن ، عن القاسم النهدي ، عن إسماعيل بن مهران ، عن الكناسي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال خرج الحسن بن علي

______________________________________________________

بالقاف أي كسره ، وفي بعضها بالفاء أي تفرق بعض أحشائه ، في القاموس : نفض الثوب حركه لينتفض.

والأشعث هو زوج أخت أبي بكر بن أبي قحافة وأبناؤه محمد وقيس وعبد الرحمن كانوا من قتلة الحسين عليه‌السلام ، وسيأتي عن الصادق عليه‌السلام أن الأشعث بن قيس شرك في دم أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وابنته جعدة سمت الحسن عليه‌السلام ومحمدا ابنه شرك في دم الحسين عليه‌السلام.

وروى الراوندي قدس‌سره في الخرائج عن الصادق عن آبائه عليهم‌السلام أن الحسن عليه‌السلام قال لأهل بيته : إني أموت بالسم كما مات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قالوا : ومن يفعل ذلك؟ قال : امرأتي جعدة بنت الأشعث بن قيس ، فإن معاوية يدس إليها ويأمرها بذلك قالوا : أخرجها من منزلك وباعدها من نفسك! قال : كيف أخرجها ولم تفعل بعد شيئا ولو أخرجتها ما قتلني غيرها وكان لها عذر عند الناس ، فما ذهبت الأيام حتى بعث إليها معاوية مالا جسيما وجعل يمنيها بأن يعطيها مائة ألف درهم أيضا ويزوجها من يزيد ، وحمل إليها شربة سم لتسقيها الحسن ، فانصرف إلى منزله وهو صائم ، فأخرجت [ وقت ] الإفطار وكان يوما حارا شربة لبن وقد ألقت فيها ذلك السم فشربها وقال : عدوة الله قتلتني قتلك الله ، والله لا تصيبن مني خلفا ولقد غرك وسخر منك والله يخزيك ويخزيه ، فمكث يومان ثم مضى فغدر بها معاوية ولم يف بها بما عاهد عليه.

أقول : وفي رواية أخرى قال : امرأة لم تصلح للحسن بن علي لا تصلح لا بني يزيد.

الحديث الرابع : صحيح.

٣٥٥

عليهما‌السلام في بعض عمره ومعه رجل من ولد الزبير كان يقول بإمامته فنزلوا في منهل من تلك المناهل تحت نخل يابس قد يبس من العطش ففرش للحسن عليه‌السلام تحت نخلة وفرش للزبيري بحذاه تحت نخلة أخرى قال فقال الزبيري ورفع رأسه لو كان في هذا النخل رطب لأكلنا منه فقال له الحسن وإنك لتشتهي الرطب فقال الزبيري نعم قال فرفع يده إلى السماء فدعا بكلام لم أفهمه فاخضرت النخلة ثم صارت إلى حالها فأورقت وحملت رطبا فقال الجمال الذي اكتروا منه سحر والله قال فقال الحسن عليه‌السلام ويلك ليس بسحر ولكن دعوة ابن نبي مستجابة قال فصعدوا إلى النخلة فصرموا ما كان فيه فكفاهم.

______________________________________________________

والعمر بضم العين وفتح الميم جمع عمرة وقال الجوهري : المنهل المورد ، وهو عين ماء ترده الإبل في المرعى وتسمى المنازل التي في المفاوز على طرق السفار مناهل لأن فيها ماء.

قوله : بحذاه كذا في أكثر النسخ مقصورا ، وفي بصائر الدرجات بحذائه وهو أصوب ، وإن كان القصر أيضا جائزا ، قال الجوهري : حذاء الشيء إزاؤه ، يقال : جلس بحذائه ، وفي القاموس : الحذاء الإزاء ويقال : هو حذاك وجملة « ورفع » حالية بتقدير قد ، وفي الخرائج وقد رفع « وإنك لتشتهي »؟ الاستفهام مقدر.

« لم أفهمه » كذا فيما عندنا من النسخ فضمير « قال » راجع إلى الزبيري ، والغرض أن الزبيري أيضا حكى ذلك للناس وفي البصائر : لم يفهمه الزبيري ، وهو أصوب « ثم صارت إلى حالها » أي قبل اليبس ، وقيل : أي لونها الذي كان لها قبل الاخضرار ، ولا يخفى ما فيه « سحر » اسم أو فعل « ويلك » بتقدير حرف النداء ، والويل الهلاك وفي القاموس : صرمه يصرمه صرما ويضم قطعه قطعا بائنا ، وأصرم النخل حان له أن يصرم ، انتهى.

وقيل : الأمر الخارق للعادة من حيث أنه دال على صدق من أتى به وحقيته يسمى آية وعلامة وبينة ومن حيث أنه دال على أن صاحبه مكرم عند الله تعالى

٣٥٦

٥ ـ أحمد بن محمد ومحمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسن ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن رجاله ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إن الحسن عليه‌السلام قال إن لله مدينتين إحداهما بالمشرق والأخرى بالمغرب عليهما سور من حديد وعلى

______________________________________________________

يسمى كرامة ومن حيث أنه دال على تصديقه تعالى إياه يسمى معجزة ومن ثم قيل : شرط المعجزة أن يكون أخبار النبي بأنه نبي للتحدي بها ، والفرق بينها وبين الآية أن المعجزة ما وقع والتحدي بها ، فإن كان المدعي نبيا دلت على صدق نبوته ، وإن كان وليا دلت على صدق ولايته.

الحديث الخامس : صحيح.

والمدينتان جابلقا وجابلسا ، قال في المغرب : قالوا جابلقا وجابلسا قريتان إحداهما بالمغرب والأخرى بالمشرق ، وقال في القاموس : جابلس بفتح الباء واللام أو سكونها بلدة بالمغرب ليس وراءه إنسي ، وجابلق بلد بالمغرب ، وليس وجود القريتين على الصفتين ممتنعا في قدرة الله تعالى ، ولم يحط أحد سوى المعصومين والمؤيدين من عند الله تعالى بجميع الأرض حتى يمكنه نفي ذلك وقد وجد قريب من زماننا بلاد عظيمة يسمى « ينكي دنيا » لم يكن القدماء اطلعوا عليها ، ولا ذكروا منها شيئا في كتبهم.

وقال بعض أهل التأويل : كان المدينتين كنايتان عن عالمي المثال المتقدم أحدهما على الدنيا وهو الشرقي ، والمتأخر أخر عنها وهو الغربي وكون سورهما من حديد كناية عن صلابته وعدم إمكان الدخول فيهما إلا من أبوابهما ، وكثرة اللغات كناية عن اختلاف الخلائق في السلائق والألسن اختلافا لا يحصى ، وحجيته وحجية أخيه في زمانهما ظاهرة فإنها كانت عامة لجميع الخلق ، انتهى.

وقال شارح المقاصد : ذهب بعض المتألهين من الحكماء ونسب إلى القدماء أن بين عالمي المحسوس والمعقول واسطة تسمى عالم المثل ليس في تجرد المجردات ، ولا في مخالطة الماديات وفيه لكل موجود من المجردات والأجسام والأعراض

٣٥٧

كل واحد منهما ألف ألف مصراع وفيها سبعون ألف ألف لغة يتكلم كل لغة بخلاف لغة صاحبها وأنا أعرف جميع اللغات وما فيهما وما بينهما وما عليهما حجة غيري وغير الحسين أخي.

______________________________________________________

والحركات والسكنات والأوضاع والهيئات والطعوم والروائح مثال قائم بذاته معلق لا في مادة ومحل يظهر للحس بمعونة مظهر كالمرآة والخيال والماء والهواء ونحو ذلك ، وقد ينتقل من مظهر إلى مظهر ، وقد يبطل كما فسدت المرآة والخيال ، أو زالت المقابلة أو التخيل ، وبالجملة هو عالم عظيم الفسحة غير متناه ، يحذو حذو العالم الحسي في دوام حركة أفلاكه المثالية وقبول عناصره ومركباته آثار حركات أفلاكه وإشراقات العالم العقلي ، وهذا ما قال الأقدمون أن في الوجود عالما مقداريا غير العالم الحسي لا تتناهى عجائبه ولا تحصى مدته.

ومن جملة تلك المدن جابلقا وجابرسا ، وهما مدينتان عظيمتان لكل منهما ألف باب لا يحصى ما فيها من الخلائق ، ومن هذا عالم يكون فيه الملائكة والجن والشياطين والغيلان ، لكونها من قبيل المثل والنفوس الناطقة المفارقة الظاهرة فيها ، وبه يظهر المجردات في صور مختلفة بالحسن والقبح واللطافة والكثافة وغير ذلك بحسب استعداد القابل والفاعل.

وعليه بنوا أمر المعاد الجسماني فإن البدن المثالي الذي يتصرف فيه النفس حكمه حكم البدن الحسي في أن له جميع الحواس الظاهرة والباطنة فيلتذ ويتألم باللذات والآلام الجسمانية وأيضا تكون من الصور المعلقة نورانية فيها نعيم السعداء وظلمانية فيها عذاب الأشقياء وكذا أمر المنامات وكثير من الإدراكات ، فإن جميع ما يرى في المنام أو التخيل في اليقظة بل نشاهد في الأمراض وعند غلبة الخوف ونحو ذلك من الصور المقدارية التي لا تحقق لها في عالم الحس كلها من عالم المثل.

وكذا كثير من الغرائب وخوارق العادات كما يحكى عن بعض الأولياء أنه مع إقامته ببلدته كان من حاضري المسجد الحرام أيام الحج ، وأنه ظهر من بعض

٣٥٨

٦ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن علي بن النعمان ، عن صندل ، عن أبي أسامة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال خرج الحسن بن علي عليه‌السلام إلى مكة سنة ماشيا فورمت قدماه فقال له بعض مواليه لو ركبت لسكن عنك هذا الورم فقال كلا إذا أتينا هذا المنزل فإنه يستقبلك أسود ومعه دهن فاشتر منه ولا تماكسه فقال له مولاه بأبي أنت وأمي ما قدمنا منزلا فيه أحد يبيع هذا الدواء فقال له بلى إنه أمامك دون المنزل فسارا ميلا فإذا هو بالأسود فقال الحسن عليه‌السلام لمولاه دونك الرجل فخذ منه الدهن وأعطه الثمن فقال الأسود يا غلام لمن أردت هذا الدهن فقال للحسن بن علي فقال انطلق بي إليه فانطلق فأدخله إليه فقال له بأبي أنت وأمي لم أعلم أنك تحتاج إلى هذا أوترى ذلك ولست آخذ له ثمنا إنما أنا مولاك ولكن ادع الله أن يرزقني ذكرا سويا يحبكم

______________________________________________________

جدران البيت ، أو خرج من بيت مسدود الأبواب والكوى ، وأنه أحضر بعض الأشخاص والثمار أو غير ذلك ، من مسافة بعيدة جدا في زمان قريب إلى غير ذلك ، انتهى.

وهذه الكلمات شبيهة بالخرافات ، وتصحيح النصوص والآيات لا يحتاج إلى ارتكاب هذه التكلفات ، والله يعلم حقائق العوالم والموجودات.

الحديث السادس : ضعيف على المشهور.

« فورمت » بكسر الراء « ما قدمنا منزلا » أي هذا المنزل الذي نأتيه ليس مظنة كون هذا الدواء فيه ، وفي الخرائج ليس إمامنا منزل فيه أحد يبيع هذا الدواء فقال : بلى إنه إمامنا وساروا أميالا فإذا الأسود قد استقبلهم إلى قوله : فإن الله قد وهب لك ولدا ذكرا سويا ، فرجع الأسود من فوره فإذا امرأته قد ولدت غلاما سويا ثم رجع الأسود إلى الحسن ودعا له بالخير بولادة الغلام له ، وإن الحسن قد مسح رجليه بذلك الدهن فما قام من موضعه حتى زال الورم.

قوله : أو ترى ذلك؟ أي تعلم وجود هذا الدواء عندي ، وفي القاموس : مخضت

٣٥٩

أهل البيت فإني خلفت أهلي تمخض فقال انطلق إلى منزلك فقد وهب الله لك ذكرا سويا وهو من شيعتنا.

باب

مولد الحسين بن علي عليه‌السلام

ولد الحسين بن علي عليهما‌السلام في سنة ثلاث وقبض عليه‌السلام في شهر المحرم من سنة

______________________________________________________

كسمع ومنع وعني مخاضا ومخاضا ، ومخضت تمخيضا أخذها الطلق أي وجع الولادة.

وأقول : الخبر مشتمل على معجزات ويدل على تأكد استحباب المشي إلى بيت الله.

باب

مولد الحسين بن علي عليهما‌السلام

أقول : قال الشيخ قدس‌سره في التهذيب : ولد عليه‌السلام آخر شهر ربيع الأول سنة ثلاث من الهجرة ، وقال الطبرسي (ره) في إعلام الورى : ولد عليه‌السلام يوم الثلاثاء وقيل : يوم الخميس لثلاث خلون من شعبان ، وقيل : لخمس خلون منه لسنة أربع من الهجرة ، وقيل : ولد عليه‌السلام آخر ربيع الأول سنة ثلاث منها ، وقال ابن شهرآشوب في المناقب : ولد عليه‌السلام عام الخندق بالمدينة يوم الخميس أو يوم الثلاثاء لخمس خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة بعد أخيه بعشرة أشهر وعشرين يوما ، وقال المفيد (ره) في الإرشاد : ولد عليه‌السلام بالمدينة لخمس ليال خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة ، وقال الشيخ في المصباح : خرج إلى القاسم بن العلاء الهمداني وكيل أبي محمد عليه‌السلام إن مولانا الحسين عليه‌السلام ولد يوم الخميس لثلاث خلون من شعبان وروى الحسين بن زيد عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام قال : ولد الحسين بن علي عليهما‌السلام لخمس ليال خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة.

وقال في كشف الغمة : قال كمال الدين بن طلحة : ولد عليه‌السلام بالمدينة لخمس خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة ، علقت البتول عليها‌السلام به بعد أن ولدت أخاه

٣٦٠