مرآة العقول

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

مرآة العقول

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٧٥

.................................................................................................

______________________________________________________

الخنصر والبنصر والوسطى من اليمين لعقود الآحاد ، أي للواحد إلى التسعة ومن اليسرى لعقود الآحاد الألوف التي هي من الألف إلى تسعة آلاف ، وجعلوا السبابة والإبهام من اليمين لعقود العشرات ، أي للعشرة إلى تسعين ، ومن اليسرى العقود المئات أي للمائة إلى التسعمائة.

وتفصيلها أن تثني الخنصر فقط للواحد وتضم إليه البنصر للاثنين وتضم إليهما الوسطى للثلاثة كما هو المعهود بين الناس في عد الواحد إلى الثلاثة لكن نضع رؤوس الأنامل في هذا العقود قريبة من أصولها ، وللأربعة ترفع الخنصر وتقعد البنصر والوسطى ، وللخمسة ترفع البنصر أيضا وتثني الوسطى فقط ، وللستة تثني البنصر فقط ، وللسبعة تثني الخنصر فقط ، وللثمانية تضم إليه البنصر وللتسعة تضم إليهما الوسطى ، ولكن في هذه الثلاثة تبسط الأصابع على الكف مائلة أناملها إلى جهة الرسغ لئلا يلتبس بالثلاثة الأول ، وللعشرة تضع رأس ظفر السبابة على مفصل أنملة الإبهام ليصير الإصبعان معا كحلقة مدورة ، وللعشرين تضع ظفر الإبهام تحت طرف العقدة التحتانية من السبابة التي تلي الوسطى بحيث يظن أن أنملة الإبهام أخذت بين أصل السبابة والوسطى وإن لم يكن الوضع الوسطى مدخل في ذلك ، لكون أوضاعها متغيرة بعقود الآحاد وللثلاثين تضع رأس أنملة السبابة على طرف ظفر الإبهام الذي يليها ليصير وضع السبابة والإبهام كهيأة القوس مع وترها ، ويجوز أن يعرض للإبهام انحناء أيضا وللأربعين تضع باطن الأنملة الإبهام على ظهر العقدة التحتانية من السبابة بحيث لا يبقى بينهما فرجة أصلا ، وللخمسين تجعل السبابة منتصبة وتضع الإبهام على الكف محاذيا للسبابة ، وللستين تأخذ ظفر الإبهام بباطن العقدة الثانية للسبابة كما تفعله الرماة ، وللسبعين تأخذ الإبهام منتصبا وتضع على رأس أنملته باطن أنملة السبابة ، أو عقدتها الثانية بحيث يبقى تمام ظفره مكشوفا ، وللثمانين تأخذ الإبهام منتصبا وتضع على مفصل أنملته طرف أنملة السبابة ، وللتسعين

٢٦١

٣٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن الحسين بن علوان الكلبي ، عن علي بن الحزور الغنوي ، عن أصبغ بن نباتة الحنظلي قال رأيت أمير المؤمنين عليه‌السلام يوم افتتح البصرة وركب بغلة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم قال أيها الناس ألا أخبركم بخير الخلق يوم يجمعهم الله فقام إليه ـ أبو أيوب الأنصاري فقال بلى يا أمير المؤمنين حدثنا فإنك كنت تشهد ونغيب فقال إن خير الخلق يوم يجمعهم الله سبعة من ولد عبد المطلب لا ينكر فضلهم إلا كافر ولا يجحد به إلا جاحد فقام عمار بن ياسر رحمه‌الله فقال يا أمير المؤمنين سمهم لنا لنعرفهم فقال إن خير الخلق

______________________________________________________

تضع رأس ظفر السبابة على مفصل العقدة الثانية من الإبهام.

ثم كل وضع يدل على عقد من الآحاد في اليمنى يدل على ذلك العقد من آحاد الألوف في اليسرى ، وكل وضع يدل على عقد من العشرات في اليمنى يدل على ذلك العقد من المئات في اليسرى ، فبهذه العقود الستة والثلاثين تضبط من الواحد إلى تسعة آلاف وتسعمائة وتسعة وتسعين ، ولعشرة آلاف تضع طرف أنملة الإبهام على طرف السبابة بحيث يصير ظفراهما متحاذيين ، فلخمسة آلاف وسبعمائة وستة وثلاثين مثلا تثني وسط اليسرى وتأخذ إبهام اليسرى منتصبا واضعا على رأس أنملته باطن أنملة السبابة ، وتثني بنصر اليمنى وتضع رأس أنملة السبابة على طرف ظفر الإبهام الذي يليها ليصيرا كالقوس والوتر ، وقس عليه ما عداه.

وقال أستاذنا في الرياضيات قدس الله لطيفه : لو جعل وضع عشرة آلاف مختصا باليسرى لأمكن ضبط العدد من الواحد إلى عشرة آلاف وتسعة وتسعين.

الحديث الرابع والثلاثون : مجهول.

وعلوان ، بضم العين وسكون اللام ، والحزور بالفتحات وتشديد الواو ، والغنوي بفتحتين ونباتة بضم النون ، والحنظلي نسبة إلى حنظلة بن مالك أبي بطن من تميم « ونغيب » بصيغة المتكلم أي كنت تحضر دائما عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكنا نغيب أحيانا في الغزوات وغيرها ، مع أنه صلوات الله عليه كان يدخل مداخل من الخلوات لا يدخل فيها غيره ، وفي بعض النسخ بصيغة الخطاب أي تغيب بعد ذلك عنا والأول أظهر.

٢٦٢

يوم يجمعهم الله الرسل وإن أفضل الرسل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وإن أفضل كل أمة بعد نبيها وصي نبيها حتى يدركه نبي ألا وإن أفضل الأوصياء وصي محمد عليه وآله السلام ألا وإن أفضل الخلق بعد الأوصياء الشهداء ألا وإن أفضل الشهداء ـ حمزة بن عبد المطلب وجعفر بن أبي طالب له جناحان خضيبان يطير بهما في الجنة لم ينحل أحد من هذه الأمة جناحان غيره شيء كرم الله به محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله وشرفه والسبطان الحسن والحسين والمهدي عليهم‌السلام يجعله الله من شاء منا

______________________________________________________

والمراد بالرسل أولو العزم أو الأعم منهم وممن له كتاب من غيرهم ، أو جميع الأنبياء والأوصياء وهم النبيون والصديقون والأوصياء ، والمراد بالشهداء من استشهد من غير الأنبياء والأوصياء بقرينة المقابلة ، فالمراد بقوله : أفضل الشهداء ، أفضلهم من غير المعصومين ، فلا ينافي فضل الشهداء من الأئمة عليهم « خضيبان » أي ملونان بلون دمه « لم ينحل » أي لم يعط « وجناحان » بالرفع على ما في النسخ حكاية للسابق ، وإلا فالظاهر جناحين ، ويمكن حمله على أنه لم ينحل أحد قبله أو من جملة الصحابة ، فلا ينافي إعطاؤهما العباس بن أمير المؤمنين عليهما‌السلام كما ورد في الخبر وإعطاء الجناحين إما في الجسد الأصلي في الآخرة في جنة الخلد ، أو في الجسد المثالي في البرزخ في جنة الدنيا ، أو الجسد الأصلي أيضا في البرزخ ، والسبطان مبتدأ خبره محذوف ، أي منهم السبطان وكذا المهدي منصوب بفعل مضمر يفسره يجعله ، فالسبعة النبي وعلي والحسن والحسين والمهدي وحمزة وجعفر.

وكونهم خير الخلق إما إضافي بالنسبة إلى غير سائر الأئمة عليهم‌السلام ، أو المراد خيرية كل منهم بالنسبة إلى صنفهم ، فالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أفضل الأنبياء وعلي أفضل الأوصياء بلا واسطة ، والحسنان والمهدي أفضل الأئمة عليهم‌السلام وحمزة وجعفر أفضل الشهداء غير المعصومين ، واكتفى من ذكر سائر الأئمة بذكر أولهم وآخرهم ، أو هو محمول

٢٦٣

أهل البيت ثم تلا هذه الآية « وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً. ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ وَكَفى بِاللهِ عَلِيماً » (١).

٣٥ ـ محمد بن الحسين ، عن سهل بن زياد ، عن ابن فضال ، عن علي بن النعمان ، عن أبي مريم الأنصاري ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قلت له كيف كانت الصلاة على

______________________________________________________

على التقية ، أو هو من أخبار المخالفين ذكر إلزاما عليهم كما سيأتي.

وعلى بعض الوجوه المراد بالصالحين سائر الأئمة ، وعلى بعضها لمن لم يرتكب كبيرة أو لم يصر عليها وعلى الصغائر.

« فَأُولئِكَ » إشارة إلى الذين و « رَفِيقاً » تميز عن النسبة ، وذلك إشارة إلى حسن حال رفيقهم ، والفضل خبر أو الفضل صفة ذلك والظرف خبر.

وأقول : قد روي مثل هذا الخبر من طرق المخالفين ، روى السيد في الطرائف من مناقب ابن المغازلي الشافعي يرفعه إلى أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :

يا فاطمة إنا أهل بيت أعطينا سبع خصال لم يعطها أحد من الأولين والآخرين من قبلنا ، أو قال : الأنبياء ولا يدركه أحد من الآخرين غيرنا نبينا أفضل الأنبياء وهو أبوك ، ووصينا أفضل الأوصياء وهو بعلك ، وشهيدنا أفضل الشهداء وهو حمزة عمك ومنا من له جناحان يطير بهما في الجنة حيث شاء ، وهو ابن عمك ، ومنها سبطا هذه الأمة وهما ابناك ، ومنها والذي نفسي بيده مهدي هذه الأمة.

وأقول : أوردت فضائل حمزة وجعفر عليهما‌السلام وأحوالهما في الكتاب الكبير.

الحديث الخامس والثلاثون : ضعيف على المشهور.

وفي القاموس تسجية الميت تغطيته ، وقال : العالية قرى بظاهر المدينة وهي العوالي ، وفي النهاية : العوالي أماكن بأعلى أراضي المدينة والنسبة إليها علوي على غير قياس ، وأدناها من المدينة على أربعة أميال وأبعدها من جهة النجد ثمانية ، وفي

__________________

(١) سورة النساء : ٧٠ ـ ٧١.

٢٦٤

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لما غسله أمير المؤمنين عليه‌السلام وكفنه سجاه ثم أدخل عليه عشرة فداروا حوله ثم وقف أمير المؤمنين عليه‌السلام في وسطهم فقال « إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ

______________________________________________________

المغرب : موضع على نصف فرسخ من المدينة ، وفي كتاب إكمال الإكمال : عوالي المدينة القرى التي عند المدينة ، وضميرا « عليه » و « حوله » للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإرجاعهما أو الأخير إلى علي عليه‌السلام بعيد.

وظاهر الخبر أن الصلاة عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان على هذا الوجه بلا تكبير ودعاء آخر ، وربما يأول بأن هذا كان قبل الصلاة أو أنهم كانوا يقرءون هذه الآية بعد كل تكبير وهما بعيدان جدا.

قال بعض الأفاضل : ثم أدخل عليه عشرة ، أي من بني هاشم الأقربين « تم وقف » أي بعد خروجه وخروج العشرة من البيت الذي فيه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « في وسطهم » أي لم يتقدم عليهم تقدم الإمام على المأموم في صلاة الجماعة ، والمضارع في « فيقول » وفي « كما يقول » مبنيان على أن قراءة هذه الآية كانت قبل الشروع في الصلاة المعروفة على الميت ، وأنه كان منفردا بقراءة هذه الآية ، ولم يوافقوه في قراءتها « كما يقول » أي التكبيرات والدعوات في الصلاة على الجنازة ، وهذا مبني على أنهم صلوا فرادى بدون اقتداء « حتى صلى » أي كان عليه‌السلام قائما في وسط كل عشرة وكرر مع كل عشرة صلاة الجنازة عند باب البيت ، انتهى.

وأقول : الأظهر عندي أن أمير المؤمنين عليه‌السلام صلى عليه أولا مع سائر المعصومين وخواص الملائكة وخواص أصحابه ، وكانت صلاة الناس عليه بهذا الوجه للتقية والمصلحة ، لئلا يريد التقدم في هذه الصلاة غاصب الخلافة فيجعله فضيلة له وحجة على خلافته ، كما احتجوا بالتقدم غصبا في حياته عليه‌السلام عليها ، كما رواه الطبرسي (ره) في كتاب الاحتجاج عن سليم بن قيس الهلالي عن سلمان الفارسي رضي‌الله‌عنه قال : لما غسل أمير المؤمنين عليه‌السلام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكفنه أدخلني وأدخل أبا ذر والمقداد وفاطمة وحسنا وحسينا عليهم‌السلام ، فتقدم وصففنا خلفه وصلى عليه وعائشة

٢٦٥

يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً » فيقول القوم كما يقول حتى صلى عليه ـ أهل المدينة وأهل العوالي.

٣٦ ـ محمد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطاب ، عن علي بن سيف ، عن أبي المغراء ، عن عقبة بن بشير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي عليه‌السلام يا علي ادفني في هذا المكان وارفع قبري من الأرض أربع أصابع ورش عليه من الماء.

٣٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن الحلبي

______________________________________________________

في الحجرة لا تعلم قد أخذ جبرئيل ببصرها ، ثم أدخل عشرة من المهاجرين وعشرة من الأنصار فيصلون ويخرجون حتى لم يبق أحد من المهاجرين والأنصار إلا صلى عليه الخبر.

وقال المفيد قدس‌سره في الإرشاد : فلما فرع أمير المؤمنين عليه‌السلام من غسله وتجهيزه تقدم فصلى عليه وحده ولم يشركه معه أحد في الصلاة عليه ، وكان المسلمون في المسجد يخوضون فيمن يؤمهم في الصلاة عليه وأين يدفن ، فخرج إليهم أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال لهم : إن رسول الله إمامنا حيا وميتا فيدخل إليه فوج بعد فوج منكم فيصلون عليه بغير إمام وينصرفون ، وإن الله تعالى لم يقبض نبيا في مكان إلا وقد ارتضاه لرمسه فيه وإني دافنه في حجرته التي قبض فيها فسلم القوم لذلك ورضوا به ، انتهى.

وأقول : الخبر الأول أوثق وأوفق.

الحديث السادس والثلاثون : ضعيف.

ويدل على استحباب رفع القبر أربع أصابع ، والظاهر أنها المفرجات ، ورش الماء (١) كما سيأتي في كتاب الجنائز إنشاء الله تعالى.

الحديث السابع والثلاثون : حسن كالصحيح.

والبقيع ، بفتح الباء وكسر القاف الموضع فيه أروم الشجر من ضروب شتى ،

__________________

(١) أي واستحباب رشّ الماء.

٢٦٦

عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال أتى العباس أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال يا علي إن الناس قد اجتمعوا أن يدفنوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في بقيع المصلى وأن يؤمهم رجل منهم فخرج أمير المؤمنين عليه‌السلام إلى الناس فقال يا أيها الناس إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إمام حيا وميتا وقال إني أدفن في البقعة التي أقبض فيها ثم قال على الباب فصلى عليه ثم أمر الناس عشرة عشرة يصلون عليه ثم يخرجون.

٣٨ ـ محمد بن يحيى ، عن سلمة بن الخطاب ، عن علي بن سيف ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال لما قبض النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله صلت عليه الملائكة والمهاجرون والأنصار فوجا فوجا قال ـ وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول في صحته وسلامته إنما أنزلت هذه الآية علي في الصلاة علي بعد قبض الله لي « إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ».

______________________________________________________

واسم خمسة مواضع في المدينة وامتيازها بالمضاف إليه ، الأول : بقيع المصلى وهو موضع كان يصلي فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله صلاة العيد يقال له بقيع الخيل ، الثاني : بقيع الغرقد بالفتح لشجر كان ينبت فيه وهو اليوم مقبرة المدينة الثالث : بقيع الزبير لإقطاع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إياه زبير بن العوام ، الرابع : بقيع الجبجبة لشجر كان ينبت فيه ، الخامس : بقيع البطحان بالضم لواد كان بجنبه.

« رجل منهم » أي أبو بكر « فصلى عليه » ظاهره الصلاة وحده لكن لا ينافي ما رويناه عن الاحتجاج من اقتداء الجماعة به ، بل يمكن أن يكون وقوفه على الباب لذلك.

قوله : يصلون ، ظاهره الصلاة حقيقة ، ويمكن حمله على ما مر من قراءة الآية.

الحديث الثامن والثلاثون : ضعيف.

« صلت عليه » أي دعت له وترحمت عليه ، أو ضلت الصلاة المعهودة « إنما أنزلت » أي الأمر بالصلاة في هذه الآية المراد به الصلاة بعد الموت أو يشملها أو أنها نزلت لتقرأ قبل الصلاة أو بعد كل تكبير منها ، أو عوضا عن الصلاة كما مر.

٢٦٧

٣٩ ـ بعض أصحابنا رفعه ، عن محمد بن سنان ، عن داود بن كثير الرقي قال قلت لأبي عبد الله ما معنى السلام على رسول الله فقال إن الله تبارك وتعالى لما خلق نبيه ووصيه وابنته وابنيه وجميع الأئمة وخلق شيعتهم أخذ عليهم الميثاق وأن

______________________________________________________

الحديث التاسع والثلاثون : ضعيف على المشهور.

« ما معنى السلام » السلام مجرور والظرف متعلق به ، أو حال منه ، أو مرفوع مبتدأ والظرف خبره ، ومضمون الجملة مضاف إليه والأول أظهر « لما خلق » أي في عالم الأرواح ، ويحتمل عالم الأجساد « أخذ عليهم » أي على الشيعة أو على الجميع « الميثاق » أي على ربوبيته ونبوة محمد وولاية الأئمة عليه وعليهم‌السلام كما ورد في سائر الأخبار ، فاللام للعهد ، وقوله : وأن يصبروا إما عطف على مقدر متعلق بالميثاق فينسحب عليه الميثاق ، أو على الميثاق ، ولا يبعد كون الواو زائدة من النساخ وهو إشارة إلى قوله سبحانه : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ » (١).

وقد روي في معاني الأخبار بإسناده عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن قول الله عز وجل : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا » فقال : اصبروا على المصائب ، وصابروهم على التقية ، ورابطوا على من تقتدون به « وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ».

وقال البيضاوي : اصبروا على ميثاق الطاعات وما يصيبكم من الشدائد « وَصابِرُوا » غالبوا أعداء الله بالصبر على شدائد الحرب وأعدى عدوكم في الصبر على مخالفة الهوى ، وتخصيصه بعد الأمر بالصبر مطلقا لشدته « وَرابِطُوا » أبدانكم وخيولكم في الثغور مرتصدين للغزو وأنفسكم على الطاعة كما قال عليه‌السلام : من الرباط انتظار الصلاة بعد الصلاة « وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ » فاتقوه بالتبري عما سواه لكي تفلحوا غاية الفلاح ، واتقوا القبيح لعلكم تفلحون بنيل المقامات الثلاث ، المرتبة التي هي الصبر على حضض الطاعات ، ومصابرة النفس في رفض العادات ، ومرابطة السر على جناب الحق لترصد الواردات المعبر عنه بالشريعة والطريقة والحقيقة ، انتهى.

__________________

(١) سورة آل عمران : ٢٠٠.

٢٦٨

يصبروا ويصابروا ويرابطوا وأن يتقوا الله ووعدهم أن يسلم لهم الأرض المباركة والحرم الآمن وأن ينزل لهم البيت المعمور ويظهر لهم السقف المرفوع ويريحهم

______________________________________________________

« أن يسلم لهم الأرض المباركة » أي بيت المقدس كما قال تعالى : و « جَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيها قُرىً ظاهِرَةً » (١) أو المدينة أو الكوفة ، والحرم الأمن مكة أو الأعم منها ومن المدينة ، كما قال تعالى : « أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً » (٢) وقيل : الأرض المباركة جميع الأرض سميت مباركة لكونها منازل الأنبياء والأوصياء والأولياء والصلحاء ، أو تصير في هذا الزمان مباركة كما سيأتي.

« وأن ينزل لهم البيت المعمور » لم أر فيما أظن نزول البيت المعمور في زمن القائم عليه‌السلام إلا في هذا الخبر ، وربما يأول بنزول الملائكة منه إلى القائم عليه‌السلام أو يصير الكعبة كالبيت المعمور لكثرة العبادة فيه ونزول الملائكة إليه ، أو المراد بالبيت المعمور بيوت أذن الله أن ترفع وهي بيوت الأئمة عليهم‌السلام كناية عن صيرورتها معمورة بعد ما كانت مهجورة ، ولعله لا حاجة إلى هذه التكلفات ولا امتناع في حمله على ظاهره.

« ويظهر لهم السقف المرفوع » أي السماء الدنيا أو السماوات كلها أو العرش بنفوذ بصرهم فيها واطلاعهم على غرائبها ، ويمكن تخصيصه به عليه‌السلام وبخواص أصحابه ولا يبعد أن يكون المراد بالسقف المرفوع ما ورد في رواية طويلة عن المفضل بن عمر عن الصادق عليه‌السلام حيث قال : ثم يخرج الصديق الأكبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وتنصب له القبة بالنجف ويقام أركانها ، ركن بالنجف وركن بهجر (٣) وركن بصنعاء وركن بأرض طيبة لكأني أنظر إلى مصابيحها تشرق في السماء والأرض كأضوء من الشمس والقمر ، فعندها تبلى السرائر وتذهل كل مرضعة عما أرضعت ، الخبر.

ويحتمل أن يكون المراد إظهار بركات السماء كما روي في الخصال في حديث طويل عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : ما أنزلت السماء قطرة من ماء منذ حبسه الله عز وجل

__________________

(١) سورة سبأ : ١٨.

(٢) سورة القصص : ٥٧.

(٣) هجر : اسم لجميع أرض البحرين.

٢٦٩

من عدوهم والأرض التي يبدلها الله من السلام ويسلم ما فيها لهم « لا شِيَةَ فِيها » قال

______________________________________________________

ولو قد قام قائمنا لأنزلت السماء قطرها ولأخرجت الأرض نباتها ، ولذهبت الشحناء من قلوب العباد واصطلحت السباع والبهائم حتى تمشي المرأة بين العراق إلى الشام لا تضع قدميها إلا على النبات ، وعلى رأسها زينتها لا يهيجها سبع ولا تخافه.

« والأرض » إما عطف على عدوهم أي تريحهم من آفات الأرض ومن في قوله : من السلام ، تعليلية متعلقة بالتبديل ، أي يريحهم من آفات الأرض الفاسدة فيصلحها لهم لسلامتهم من الشرور ، أو الأرض مبتدأ ومن السلام خبره ومن تبعيضية ، أي من جملة السلام أو تعليلية أي بسببه ، وكأنه إشارة إلى بطن قوله تعالى : « يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ » (١) فإن آيات البعث أكثرها مؤولة بالرجعة وزمان القائم عليه‌السلام في القرآن كما اطلعت على بعضها سالفا ، وكون «من» صلة للإبدال يفيد عكس المرام إلا أن يقال هو على القلب ، قال في القاموس تبدله وبه استبدله ، وأبدل منه وبدله اتخذه منه بدلا ، وقيل : والأرض عطف على أن يسلم ، وقيل : على الأرض المباركة ويؤيد ما ذكرنا ما رواه الراوندي (ره) في الخرائج بإسناده عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال الحسين صلوات الله عليه قبل أن يقتل لأصحابه : أبشروا فو الله لئن قتلونا فإنا نرد على نبينا ، قال : ثم أمكث ما شاء الله فأكون أول من ينشق الأرض عنه فأخرج خرجة يوافق ذلك خرجة أمير المؤمنين ، وقيام قائمنا ثم لينزلن علي وفد من السماء من عند الله ، وساق الحديث إلى أن قال عليه‌السلام : ثم لأقتلن كل دابة حرم الله لحمها حتى لا يكون على وجه الأرض إلا الطيب ، وساق إلى أن قال : ولا يبقى على وجه الأرض أعمى ولا مقعد ولا مبتلى إلا كشف الله عنه بلائه بنا أهل البيت ولينزلن البركة من السماء إلى الأرض حتى إن الشجرة لتنقصف بما يريد الله فيها من الثمرة ، وليأكلن ثمرة الشتاء في الصيف وثمرة الصيف في الشتاء ، وذلك قوله تعالى : « وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ

__________________

(١) سورة إبراهيم : ٤٨.

٢٧٠

لا خصومة فيها لعدوهم وأن يكون لهم فيها ما يحبون وأخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على جميع الأئمة وشيعتهم الميثاق بذلك وإنما السلام عليه تذكرة نفس الميثاق وتجديد له على الله لعله أن يعجله جل وعز ويعجل السلام لكم بجميع ما فيه.

٤٠ ـ ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سمعته

______________________________________________________

وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ » (١) الخبر.

« ويسلم ما فيها لهم لا شية فيها » تضمين من الآية الكريمة في قصة البقرة : « بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها » (٢) قال البيضاوي : « مُسَلَّمَةٌ » سلمه الله من العيوب أو أهلها من العمل ، أو أخلص لونها من سلم له كذا إذا أخلص له « لا شِيَةَ فِيها » لا لون فيها يخالف لون جلدها ، وهي في الأصل مصدر وشاه وشيا وشية إذا خلط بلونه لونا آخر ، وفي القاموس : وشى الثوب كرعا وشيا وشية حسنة ونقشه وحسنه كوشاه ، وكلامه : كذب فيه ، وبه أي السلطان ، وشيا ووشاية ، نم وسعى ، وشية الفرس كعدة : لونه ، انتهى.

وتفسير الشية هنا بالخصومة مبني على حمل الكلام على الاستعارة ، فإنه إذا لم يسلم لهم الأرض كملا بل كان لبعضها فيه خصومة فكانت كحيوان فيه لون غير لون أصله.

« وإنما السلام عليه » الظرف متعلق بالسلام قدم للحصر والسلام مبتدأ وتذكرة خبره ، ومضاف إلى نفس المضاف إلى الميثاق ، أي تذكير أصل الميثاق وما قيل : أن نفسا منون مجرور ، والميثاق منصوب فهو بعيد ، وقوله : على الله مبني على أن السلام على رسول الله جملة دعائية « بجميع ما فيه » أي مع جميع ما في السلام وما يستلزمه من البركات المتقدمة.

الحديث الأربعون : صحيح على الظاهر ، إذ الكليني وإن لم يرو عن ابن محبوب لكن مر مرارا توسط الأسانيد الصحيحة بينه وبينه كما مر في أوائل هذا

__________________

(١) سورة الأعراف : ٩٦.

(٢) سورة البقرة : ٧١.

٢٧١

يقول اللهم صل على محمد صفيك وخليلك ونجيك المدبر لأمرك.

باب

النهي عن الإشراف على قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد البرقي ، عن جعفر بن المثنى الخطيب قال كنت بالمدينة وسقف المسجد الذي يشرف على القبر قد سقط والفعلة يصعدون وينزلون ونحن جماعة فقلت لأصحابنا من منكم له موعد يدخل على أبي عبد الله عليه‌السلام الليلة فقال مهران بن أبي نصر أنا وقال إسماعيل بن عمار الصيرفي أنا فقلنا لهما سلاه لنا عن الصعود لنشرف على قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فلما كان من الغد لقيناهما فاجتمعنا جميعا فقال إسماعيل قد سألناه لكم عما ذكرتم فقال ما أحب لأحد منهم أن يعلو فوقه ولا آمنه أن يرى شيئا يذهب منه بصره أو يراه قائما

______________________________________________________

الباب أيضا ، عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب ، وإنما ذكر الخبر في هذا الباب لاشتماله على فضائل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكأنه ترك تتمة الدعاء فلا يدل على جواز الصلاة على الرسول بدون الصلاة على الآل كما توهم.

والصفي المختار والنجي صاحب السر والخالص المدبر لأمرك ، يدل على أن له صلى‌الله‌عليه‌وآله مدخلا في تدبير أمور العالم ، وأن الملائكة الموكلين بذلك مأمورين بأمره ويمكن أن يراد به أمر الدين كما مر في باب التفويض ، أو المراد إجراء أوامر الله بين الخلق.

باب النهي عن الإشراف على قبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله الحديث الأول : مجهول وكان في السند سقطا أو إرسالا ، فإن جعفر بن المثنى من أصحاب الرضا عليه‌السلام ولم يدرك زمان الصادق عليه‌السلام.

والفعلة بالتحريك جمع فاعل : عملة البناء « من منكم »؟ استفهام « الليلة » منصوب بالظرفية « يذهب منه » أي بسببه « بصره » وهذا مشهور عند أهل المدينة

٢٧٢

يصلي أو يراه مع بعض أزواجه صلى‌الله‌عليه‌وآله.

______________________________________________________

أن رؤية قبره المقدس المنور يورث ذهاب البصر ، فإذا أسقط في الضريح شيء يشدون عصابة على بصر صبي ويدخلونه فيخرج ذلك ، وقوله عليه‌السلام : لا أحب ، ظاهره الكراهة لكن التعليل يومئ إلى الحرمة ، ولم أر لأصحابنا في ذلك نصا « أو يراه قائما » بجسده الأصلي أو المثالي ، والظاهر في بعض الأرواح الأجساد المثالية.

واعلم أن الأخبار مستفيضة في أن النبي والأئمة صلوات الله عليهم بل سائر الأنبياء عليهم‌السلام لهم بعد وفاتهم أحوال غريبة ليس لسائر الخلق معهم فيها شركة لحرمة لحومهم على الأرض ، وصعود أجسادهم إلى السماء ورؤية بعضهم بعضا وأحيائهم أمواتهم ، بل بعض الناس من غيرهم أيضا إياهم ، وقد أوردت أخبارا كثيرة في ذلك في الكتاب الكبير ، وإنما النظر في أن تلك الأحوال هل لأجسادهم الأصلية أو للأجساد المثالية ، فظاهر أكثر أصحابنا أنها في أجسادهم الأصلية ولا دليل عقلا ونقلا على نفي ذلك مع أن كثيرا من الأخبار الصحيحة والمعتبرة تدل عليه.

قال الشيخ المفيد قدس الله روحه في كتاب المقالات : إن رسل الله تعالى من البشر وأنبياءه والأئمة من خلفائه عليهم‌السلام محدثون مصنوعون تلحقهم الآلام وتحدث لهم اللذات وتنمي أجسادهم بالأغذية ، وتنقص على مرور الزمان ، ويحل بهم الموت ويجوز عليهم الفناء ، وعلى هذا القول إجماع أهل التوحيد ، وقد خالفنا فيه المنتمون إلى التفويض وطبقات الغلاة ، فأما أحوالهم بعد الوفاة فإنهم ينقلون من تحت التراب فيسكنون بأجسامهم وأرواحهم جنة الله تعالى ، فيكونون فيها أحياء يتنعمون إلى يوم الممات ، يستبشرون بمن يلحق بهم من صالحي أممهم وشيعتهم ، ويلقونه بالكرامة وينتظرون من يرد عليهم من أمثال السابقين في الديانات ، وإن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة من عترته عليهم‌السلام خاصة لا تخفى عليهم بعد الوفاة أحوال شيعتهم في دار الدنيا بإعلام الله تعالى لهم ذلك ، حالا بعد حال ، ويسمعون كلام المناجي لهم في مشاهدهم المكرمة العظام بلطيفة من ألطاف الله تعالى يبينهم بها من جمهور العباد ،

٢٧٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وتبلغهم المناجاة من بعد كما جاءت به الرواية ، وهذا مذهب فقهاء الإمامية كافة وحملة الآثار منهم ، ولست أعرف فيه لمتكلمهم من قبل مقالا ، وبلغني عن بني نوبخت خلاف فيه ، ولقيت جماعة من المقصرين عن المعرفة ممن ينتمي إلى الإمامة أيضا يأبونه ، وقد قال الله تعالى : « وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ، فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ » (١) وما يتلو هذا من الكلام ، وقال في قصة مؤمن آل فرعون : « قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ » (٢) وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من سلم علي عند قبري سمعته ، ومن سلم من بعيد بلغته ، سلام الله عليه وآله ورحمة الله وبركاته ، ثم الأخبار في تفصيل ما ذكرناه من الجملة عن أئمة آل محمد عليهم‌السلام بما وصفناه نصا ولفظا أكثر ، وليس هذا الكتاب موضع ذكرها ، انتهى كلامه رفع الله مقامه.

وقال الشيخ أبو الفتح الكراجكي (ره) في كتاب كنز الفوائد : إنا لا نشك في موت الأنبياء عليهم‌السلام غير أن الخبر قد ورد بأن الله تعالى يرفعهم بعد مماتهم إلى سمائه ، وأنهم يكونون فيها أحياء متنعمين إلى يوم القيامة ليس ذلك بمستحيل في قدرة الله سبحانه ، وقد ورد عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : أنا أكرم عند الله من أن يدعني في الأرض أكثر من ثلاث وهكذا عندنا حكم الأئمة عليهم‌السلام ، قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لو مات نبي بالمشرق ومات وصيه بالمغرب يجمع الله بينهما ، وليس زيارتنا بمشاهدهم على أنهم بها ولكنها أشرف المواضع ، فكانت غيبت الأجسام فيها ولعبادتنا أيضا ندبنا إليها ، فيصح على هذا أن يكون النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رأي الأنبياء عليهم‌السلام في السماء فسألهم كما أمره الله تعالى ، وبعد فقد قال الله تعالى : « وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً

__________________

(١) سورة آل عمران : ١٦٩.

(٢) سورة يس : ٢٧.

٢٧٤

باب

مولد أمير المؤمنين صلوات الله عليه

ولد أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ بعد عام الفيل بثلاثين سنة وقتل عليه‌السلام في شهر رمضان

______________________________________________________

بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ » فإذا كان المؤمنون الذين قتلوا في سبيل الله على هذا الوصف فكيف ينكر أن الأنبياء بعد موتهم أحياء منعمون في السماء ، وقد اتصلت الأخبار من طريق الخاص والعام بتصحيح هذا ، وأجمع الرواة على أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لما خوطب بفرض الصلاة ليلة المعراج وهو في السماء قال له موسى عليه‌السلام : إن أمتك لا تطيق ، وإنه راجع إلى الله تعالى دفعة بعد أخرى ، وما حصل عليه الاتفاق فلم يبق فيه كذب ، انتهى.

وأقول : نظير هذا موجود في طرق المخالفين أيضا ، روى مسلم بإسناده عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : مررت على موسى بن عمران عليه‌السلام وهو يصلي في قبره وقال الآبي : صلاته في قبره من الجائز عقلا ، وأخبر الشرع به فيجب الإيمان به وليست صلاة تكليف لانقطاع التكليف بالموت ، بل محبة واستحلاء كما يجد كثير من العباد من اللذة في قيام الليل ، ولما دفن ثابت البناني ووضعت اللبن عليه سقطت لبنة فرآه بعضهم ممن الحدة قائما يصلي ، فقال لمن الحدة معه : ألا ترى؟ فلما انصرفا من دفنه أتيا داره وسألا ابنته ما كان حاله في حياته؟ فقالت لا أخبركما حتى تخبراني بما رأيتما ، فأخبراها ، فقالت :

علمت أن الله تعالى لا يضيع دعاءه ، كان كثيرا ما يقول : اللهم إن أعطيت أحدا الصلاة في قبره فأعطنيها ، انتهى.

باب مولد أمير المؤمنين صلوات الله عليه

« بعد عام الفيل » فكان للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يومئذ ثلاثون سنة ، وكان قبل المبعث بعشر سنين ، وقال الشيخ في التهذيب : ولد عليه‌السلام بمكة في البيت الحرام يوم الجمعة لثلاثة عشرة ليلة خلت من رجب بعد عام الفيل بثلاثين سنة ، وقبض عليه‌السلام قتيلا بالكوفة

٢٧٥

لتسع بقين منه ليلة الأحد سنة أربعين من الهجرة وهو ابن ثلاث وستين سنة بقي بعد قبض النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ثلاثين سنة وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف وهو

______________________________________________________

ليلة الجمعة لتسع ليال بقين من شهر رمضان سنة أربعين من الهجرة ، وله يومئذ ثلاث وستون سنة ، وقال (ره) في المصباح : ذكر ابن عياش أن اليوم الثالث عشر من رجب كان مولد أمير المؤمنين عليه‌السلام في الكعبة قبل النبوة باثنتي عشرة سنة ، وروي عن عتاب بن أسيد أنه قال : ولد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بمكة في بيت الله الحرام يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من رجب ، وللنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمان وعشرون سنة قبل النبوة باثنتي عشرة سنة.

قال : وروى صفوان الجمال عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه‌السلام قال : ولد أمير المؤمنين عليه‌السلام في يوم الأحد لسبع خلون من شعبان ، وقال الشهيد (ره) في الدروس : أمير المؤمنين أبو الحسن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم ، وأبو طالب وعبد الله أخوان للأبوين ، وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم وهو وإخوته أول هاشمي ولد بين هاشميين ، ولد يوم الجمعة ثالث عشر رجب ، وروى سابع شعبان بعد مولد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بثلاثين سنة ، انتهى.

وأقول : قد قيل : أنه ولد في الثالث والعشرين من شعبان ، وقال صاحب الفصول المهمة : كان ولد أبي طالب طالبا ولا عقب له ، وعقيلا وجعفرا وعليا ، وكل واحد أسن من الآخر بعشر سنين ، وأم هاني واسمها فاختة ، وأمهم جميعا فاطمة بنت أسد هكذا ذكر موفق بن أحمد الخوارزمي في كتاب المناقب ، ولد عليه‌السلام بمكة المشرفة داخل البيت الحرام في يوم الجمعة الثالث عشر من شهر الله الأصم رجب ، سنة ثلاثين من عام الفيل قبل الهجرة بثلاث وعشرين سنة ، وقيل : بخمس وعشرين وقبل المبعث باثنتي عشرة سنة ، وقيل : بعشر سنين ، ولم يولد في البيت الحرام قبله أحد سواه ، وهي فضيلة خصه الله تعالى بها إجلالا له وإعلاء لمرتبته وإظهارا لكرامته ، وكان هاشميا من هاشميين أولد من ولده هاشم مرتين ، وكان مولده بعد أن دخل رسول الله

٢٧٦

أول هاشمي ولده هاشم مرتين.

١ ـ الحسين بن محمد ، عن محمد بن يحيى الفارسي ، عن أبي حنيفة محمد بن يحيى ، عن الوليد بن أبان ، عن محمد بن عبد الله بن مسكان ، عن أبيه قال قال أبو عبد الله عليه‌السلام إن فاطمة بنت أسد جاءت إلى أبي طالب لتبشره بمولد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال أبو طالب اصبري سبتا أبشرك بمثله إلا النبوة وقال السبت ثلاثون سنة وكان بين رسول الله

______________________________________________________

صلى‌الله‌عليه‌وآله بخديجة بثلاث سنين ، وكان عمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم ولادة علي عليه‌السلام ثماني وعشرين سنة ، انتهى كلام المالكي.

وقال بعض علمائهم : هو أول من أسلم من الذكور في أكثر الأقوال ، وقد اختلف في سنه يومئذ فقيل : كان له خمس عشرة سنة ، وقيل : ست عشرة ، وقيل : أربع عشرة ، وقيل ثلاث عشرة ، وقيل : ثماني سنين وقيل : عشر سنين.

وضربه ابن ملجم لعنه الله بالكوفة صبيحة الجمعة لسبع عشر ليلة خلت من شهر رمضان ، سنة أربعين ومات بعد ثلاث ليال من ضربته ، وقيل : ضرب ليلة إحدى وعشرين ومات ليلة الأحد ، وقيل : يوم الأحد وله من العمر ثلاث وستون سنة ، وقيل : خمس وستون سنة وقيل : سبع ، وقيل : ثمان وخمسون ، وكانت خلافته خمس سنين وتسعة أشهر وأياما ، انتهى.

قوله (ره) : ولده هاشم مرتين ، أي انتسب إلى هاشم من قبل الأب والأم معا ، وكان المراد الأولية الإضافية وإلا فإخوته كانوا أكبر منه ، فكيف يكون أول من ولده هاشم مرتين ، فالأولى ما ذكره المفيد والشهيد وغيرهما قدس الله أسرارهم : هو وإخوته أول هاشمي ولد بين هاشميين ، وقال بعضهم : كانت فاطمة أول هاشمية ولدت لهاشمي ، وهذا أيضا حسن.

الحديث الأول مجهول ، والسبت الدهر كما ذكره الجوهري والفيروزآبادي وغيرهما ، وفي النهاية : مدة من الزمان قليلة كانت أم كثيرة ، فالتفسير بالسبت إما لشيوعه بهذا المعنى في ذلك الزمان ، أو لأن مراده كان هذه المدة وإن لم يوضع

٢٧٧

صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين عليه‌السلام ثلاثون سنة.

٢ ـ علي بن محمد بن عبد الله ، عن السياري ، عن محمد بن جمهور ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال إن فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين كانت أول امرأة هاجرت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من مكة إلى المدينة على قدميها وكانت من أبر الناس ـ برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فسمعت رسول الله وهو يقول إن الناس يحشرون يوم

______________________________________________________

لخصوص هذا المعنى ، ويدل علي تقدم إيمان أبي طالب وأنه كان من الأوصياء ، وأمينا على أسرار الأنبياء.

الحديث الثاني ضعيف ، وقال صاحب الدار النظيم : أسلمت فاطمة بنت أسد رضي الله عنها وهاجرت وبايعت وماتت بالمدينة ، وبإسناد المخالفين عن أنس بن مالك قال : لما ماتت فاطمة بنت أسد دخل إليها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجلس عند رأسها وقال : رحمك الله يا أمي كنت أمي بعد أمي تجوعين وتشبعيني ، وتعرين وتكسيني ، وتمنعين نفسك طيب الطعام وتطعميني ، تريدين بذلك وجه الله والآخرة ، وغمضها ثم أمر أن تغسل بالماء ثلاثا فلما بلغ الماء الذي فيه الكافور سكبه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيده ثم خلع قميصه فألبسه إياها وكفنت ، ودعا لها أسامة بن زيد مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبا أيوب الأنصاري وعمر بن الخطاب وغلاما أسود ، فحفروا لها قبرها ، فلما بلغوا اللحد حفره رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيده وأخرج ترابه ودخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبرها فاضطجع فيه ، ثم قال : الله الذي يحيي ويميت وهو حي لا يموت اللهم اغفر لأمي فاطمة بنت أسد بن هاشم ، ولقنها حجتها ، ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والأنبياء من قبلي ، فإنك أرحم الراحمين ، وأدخلها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اللحد والعباس وأبو بكر.

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله عراة ، كان المراد أنه يحشر بعضهم أو أكثرهم عراة ، أو في أول الأمر ثم يكسون لدلالة كثير من الأخبار على حشر بعضهم مكسوا وللأمر بتجديد الأكفان معللا بأنهم يحشرون يوم القيامة بها ، ويمكن أن يكون الحشر مع الكفن أو ثياب الجنة لكمل المؤمنين أو لهذه الأمة ، وعاريا لغيرهم ويكون تكفينها في

٢٧٨

القيامة عراة كما ولدوا فقالت وا سوأتاه فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فإني أسأل الله أن يبعثك كاسية.

وسمعته يذكر ضغطة القبر فقالت وا ضعفاه فقال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فإني أسأل الله أن يكفيك ذلك وقالت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوما إني أريد أن أعتق جاريتي هذه فقال لها إن فعلت أعتق الله بكل عضو منها عضوا منك من النار فلما مرضت أوصت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأمرت أن يعتق خادمها واعتقل لسانها فجعلت تومي إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إيماء فقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وصيتها.

فبينما هو ذات يوم قاعد إذ أتاه أمير المؤمنين عليه‌السلام وهو يبكي فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما يبكيك فقال ماتت أمي فاطمة فقال رسول الله وأمي والله وقام مسرعا حتى دخل فنظر إليها وبكى ثم أمر النساء أن يغسلنها وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا

______________________________________________________

قميصه لزيادة الاطمئنان ، وقد روت العامة أيضا بعثهم عراة ، روى مسلم عن عائشة قالت : سمعت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة ، قلت : يا رسول الله الرجال والنساء جميعا ينظر بعضهم إلى بعض؟ فقال : الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض ، فيمكن حمل مثله من أخبارنا على التقية.

« واسوأتاه » « وا » حرف تفجع يدخل على المتفجع منه كوا حزناه ، وعلى المتفجع عليه كوا زيداه ، والألف زائدة لمد الصوت في المصيبة ، وزيادة الهاء الساكنة لزيادة مد الصوت والسوأة بالفتح الفضيحة قال في النهاية : السوءة في الأصل الفرج ، ثم يقال على كل ما يستحيي منه إذا ظهر من قول أو فعل.

والضغطة بالفتح : العصر ، وفي المغرب اعتقل لسانه بضم التاء إذا احتبس عن الكلام ، ولم يقدر عليه ، انتهى.

والإيماء لتكليف الوصية أو لبيان الوصايا ، ويدل على جواز الوصية بالإشارة المفهمة كما ذكروه الأصحاب « أمي » أي هي أمي ، أو ماتت أمي على التشبيه والاستعارة لتربيتها له ، وكون شفقتها عليه كشفقة الأم « وبكى » يدل على عدم مرجوحية البكاء

٢٧٩

فرغتن فلا تحدثن شيئا حتى تعلمنني فلما فرغن أعلمنه بذلك فأعطاهن أحد قميصيه الذي يلي جسده وأمرهن أن يكفنها فيه وقال للمسلمين إذا رأيتموني قد فعلت شيئا لم أفعله قبل ذلك فسلوني لم فعلته فلما فرغن من غسلها وكفنها دخل صلى‌الله‌عليه‌وآله فحمل جنازتها على عاتقه فلم يزل تحت جنازتها حتى أوردها قبرها ثم وضعها ودخل القبر فاضطجع فيه ثم قام فأخذها على يديه حتى وضعها في القبر ثم انكب عليها طويلا يناجيها ويقول لها ابنك ابنك [ ابنك ] ثم خرج وسوى عليها ثم انكب على قبرها فسمعوه يقول لا إله إلا الله اللهم إني أستودعها إياك ثم انصرف فقال له المسلمون إنا رأيناك فعلت أشياء لم تفعلها قبل اليوم

______________________________________________________

على الميت إذا لم يكن متضمنا للشكاية.

« إذا فرغتن » أي من الغسل « فلا تحدثن شيئا » من الكفن وغيره « أجدى قميصه » (١) أي أنفعهما وأحسنهما فهو بالجيم ، وفي بعض النسخ بالحاء المهملة وهو خطاء للتوصيف بالمذكر وإن أمكن أن يرتكب فيه نوع من التكلف ، والعاتق موضع الرداء من المنكب ، وفيه حث علي حمل الجنازة لا سيما جنازة الصلحاء والأبرار وعلى عدم كراهته للأقارب البعيدة.

« ثم انكب عليها » أي أدنى رأسه إلى رأسها بعد وضع اللبن أو قبله « ابنك ابنك » أي هو ابنك « وسوى عليها » أي طرح عليها التراب أو أمر بطرحه عليها إلى امتلاء القبر واستوى بالأرض « أستودعها إياك » أي أجعلها وديعة عندك « اليوم فقدت بر أبي طالب » أي كان إحسان أبي طالب ولطفها (٢) به مستمرا إلى اليوم بوجود فاطمة ، لأنها كانت برة بي إلى الآن ، وكان أبو طالب السبب في ذلك أو برأ شبيها ببره ، ثم ذكر صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم برها بقوله : إن كانت ، إن مخففة وضمير الشأن مقدر واللام في ليكون معترضة مفتوحة كقوله تعالى : « وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً » (٣) وقوله : لذلك متعلق بكل من الفعلين ، فالتكفين للضمان الأول والاضطجاع للثاني « ما يسأل عنه » أي ما يسأل الناس

__________________

(١) وفي المتن « أحد قميصيه » وسيأتي في كلام الشارح (ره) ايضا.

(٢) كذا.

(٣) سورة البقرة : ١٤٣.

٢٨٠