بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٤٥
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

وأما ظهور الفرج فانه إلى الله وكذب الوقاتون.

وأما قول من زعم أن الحسين عليه‌السلام لم يقتل ، فكفر وتكذيب وضلال.

وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم وأنا حجة الله عليكم.

وأما محمد بن عثمان العمري رضي‌الله‌عنه وعن أبيه من قبل فانه ثقتي وكتابه كتابي.

وأما محمد بن علي بن مهزيار الاهوازي فسيصلح الله قلبه ، ويزيل عنه شكه.

وأما ما وصلتنا به فلا قبول عندنا إلا لما طاب وطهر ، وثمن المغنية حرام.

وأما محمد بن شاذان بن نعيم فانه رجل من شيعتنا أهل البيت.

وأما أبوالخطاب محمد بن أبي زينب الاجدع فانه ملعون وأصحابه ملعونون فلا تجالس أهل مقالتهم فاني منهم برئ وآبائي عليهم‌السلام منهم براء.

وأما المتلبسون بأموالنا فمن استحل شيئا منها فأكله فانما يأكل النيران.

وأما الخمس فقد ابيح لشيعتنا وجعلوا منه في حل إلى وقت ظهور أمرنا لتطيب ولادتهم ولا تخبث.

وأما ندامة قوم شكوا في دين الله على ما وصلونا به ، فقد أقلنا من استقال ولا حاجة لنا إلى صلة الشاكين.

وأما علة ما وقع من الغيبة فان الله عزوجل يقول : « يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن اشياء إن تبد لكم تسؤكم » (١) إنه لم يكن أحد من آبائي إلا وقد وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه وإني أخرج حين أخرج ولا بيعة لاحد من الطواغيت في عنقي.

وأما وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيبها عن الابصار السحاب ، وإني لامان لاهل الارض كما أن النجوم أمان لاهل السماء ، فاغلقوا ابواب السؤال عمالا يعنيكم ولا تتكلفوا علم ما قد كفيتم وأكثروا الدعاء بتعجيل

____________________

(١) المائدة : ١٠١.

١٨١

الفرج ، فان ذلك فرجكم ، والسلام عليك يا إسحاق بن يعقوب وعلى من اتبع الهدى.

غط : جماعة ، عن ابن قولويه وأبي غالب الزراري وغيرهما عن الكليني عن إسحاق بن يعقوب مثله.

ك : ابن عصام عن الكليني ، عن إسحاق بن يعقوب مثله.

١١ ـ ج : عن أبي الحسين محمد بن جعفر الاسدي قال : كان فيما ورد علي من الشيخ أبي جعفر محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه في جواب مسائلي إلى صاحب الزمان عليه‌السلام :

أما ما سألت عنه من الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها ، فلئن كان كما يقولون إن الشمس تطلع من بين قرني شيطان ، وتغرب بين قرني شيطان ، فما أرغم أنف الشيطان بشئ مثل الصلاة ، فصلها وارغم أنف الشيطان.

وأما ما سألت عنه من أمر الوقف على ناحيتنا وما يجعل لنا ثم يحتاج إليه صاحبه ، فكل ما لم يسلم فصاحبه فيه بالخيار ، وكلما سلم فلا خيار لصاحبه فيه احتاج أو لم يحتج ، افتقر إليه أو استغنى عنه.

وأما ما سألت عنه من أمر من يستحل ما في يده من أموالنا أو يتصرف فيه تصرفه في ماله من غير أمرنا ، فمن فعل ذلك فهو ملعون ونحن خصماؤه يوم القيامة وقد قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : المستحل من عترتي ما حرم الله ملعون على لساني ولسان كل نبي مجاب ، فمن ظلمنا كان في جملة الظالمين لنا وكانت لعنة الله عليه ، لقوله عزوجل « ألا لعنة الله على الظالمين » (١).

وأما ما سألت عنه من أمر المولود الذي نبتت قلفته (٢) بعد ما يختن ، هل يختن مرة أخرى؟ فانه يجب أن تقطع قلفته [ مرة أخرى ] فان الارض تضج إلى الله عزوجل من بول الاغلف أربعين صباحا.

____________________

(١) هود : ١٨.

(٢) القلفة وهكذا الغلفة والغرلة : الجليدة التي يقطعها الخاتن من عضوا لاتناسل.

١٨٢

وأما ما سألت عنه من أمر المصلي ، والنار والصورة والسراج بين يديه هل تجوز صلاته؟ فان الناس اختلفوا في ذلك قبلك؟ فانه جائز لمن لم يكن من أولاد عبدة الاوثان والنيران ، يصلي والصورة والسراج بين يديه ، ولا يجوز ذلك لمن كان من أولاد عبدة الاوثان والنيران.

وأما ما سألت عنه من أمر الضياع التي لناحيتنا هل يجوز القيام بعمارتها وأداء الخراج منها ، وصرف ما يفضل من دخلها إلى الناحية ، احتسابا للاجر ، وتقربا إليكم ، فلا يحل لاحد أن يتصرف في مال غيره بغيبر إذنه ، فكيف يحل ذلك في مالنا ، من فعل شيئا من ذلك بغير أمرنا فقد استحل منا ما حرم عليه ، ومن أكل من أموالنا شيئا فانما يأكل في بطنه نارا وسيصلى سعيرا.

وأما ما سألت عنه من أمر الرجل الذي يجعل لناحيتنا ضيعة ، ويسلمها من قيم يقوم بها ويعمرها ، ويؤدي من دخلها خراجها ومؤنتها ، ويجعل ما يبقى من الدخل لناحيتنا ، فان ذلك جائز لمن جعله صاحب الضيعة قيما عليها إنما لا يجوز ذلك لغيره.

وأما ما سألت عنه من الثمار من أموالنا يمر به المار ، فيتناول منه ويأكل هل يحل له ذلك؟ فانه يحل له أكله ، ويحرم عليه حمله.

ك : محمد بن أحمد الشيباني ، وعلي بن أحمد بن محمد الدقاق ، والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن أحمد بن هشام ، وعلي بن عبدالله الوراق جميعا ، عن محمد بن جعفر الاسدي مثله (١).

١٢ ـ ك : أبوجعفر محمد بن محمد الخزاعي رضي‌الله‌عنه قال : حدثنا أبوعلي ابن أبي الحسين الاسدي ، عن أبيه قال : ورد علي توقيع من الشيخ أبي جعفر محمد ابن عثمان العمري قدس الله روحه ابتداءا لم يتقدمه سؤال :

بسم الله الرحمن الرحيم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين على من استحل من أموالنا درهما.

____________________

(١) راجع كمال الدين ج ٢ ص ١٩٨ ، الاحتجاج ص ٢٦٨.

١٨٣

قال أبوالحسين الاسدي رضي‌الله‌عنه : فوقع في نفسي أن ذلك فيمن استحل من مال الناحية درهما دون من أكل منه غير مستحل له. وقلت في نفسي : إن ذلك في جميع من استحل محرما فأي فضل في ذلك للحجة عليه‌السلام على غيره ، قال : فوالذي بعث محمدا بالحق بشيرا لقد نظرت بعد ذلك في التوقيع فوجدته قد انقلب إلى ما كان في نفسي.

بسم الله الرحمن الرحيم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين على من أكل من مالنا درهما حراما.

قال أبوجعفر محمد بن محمد الخزاعي رحمه‌الله : أخرج إلينا أبوعلي بن أبي الحسين الاسدي هذا التوقيع حتى نظرنا فيه وقرأناه.

ج : عن أبي الحسين الاسدي مثله (١).

١٣ ـ ك : المظفر العلوي ، عن ابن العياشي وحيدر بن محمد ، عن العياشي ، عن آدم بن محمد البلخي ، عن علي بن الحسين الدقاق ، وإبراهيم بن محمد معا ، عن علي بن عاصم الكوفي قال : خرج في توقيعات صاحب الزمان عليه‌السلام : ملعون ملعون من سماني في محفل من الناس (٢).

١٤ ـ ك : محمد بن إبراهيم بن إسحاق قال : سمعت أبا علي محمد بن همام يقول : سمعت محمد بن عثمان العمري قدس الله روحه يقول : خرج توقيع بخطه أعرفه : من سماني في مجمع من الناس باسمي فعليه لعنة الله ، وكتبت أسأله عن ظهور الفرج فخرج في التوقيع : كذب الوقاتون.

١٥ ـ ك : أبي وابن الوليد معا ، عن الحميري ، عن محمد بن صالح الهمداني قال : كتبت إلى صاحب الزمان عليه‌السلام إن أهل بيتي يؤذونني ويقرعونني بالحديث المروي عن آبائك عليهم‌السلام أنهم قالوا : « قوامنا وخدامنا شرار خلق الله » فكتب عليه‌السلام

____________________

(١) راجع كمال الدين ج ٢ ص ٢٠١ ، الاحتجاج ص ٢٨٦.

(٢) المصدر ج ٢ ص ١٥٩ باب التوقيعات الواردة عن القائم عليه‌السلام. تحت الرقم ١ ، وما يأتي بعده تحت الرقم ٣.

١٨٤

ويحكم أما قرأتم قول الله عزوجل « وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة » (١) ونحن والله القرى التي بارك الله فيها وأنتم القرى الظاهرة.

قال عبدالله بن جعفر : وحدثني بهذا الحديث علي بن محمد الكليني ، عن محمد ابن صالح ، عن صاحب الزمان عليه‌السلام.

١٦ ـ ك : ابن الوليد ، عن سعد ، عن علان ، عن محمد بن جبرئيل ، عن إبراهيم ومحمد ابني الفرج ، عن محمد بن إبراهيم بن مهزيار أنه ورد العراق شاكا مرتادا فخرج إليه : قل للمهزيار قد فهمنا ما حكيته عن موالينا بناحيتكم ، فقل لهم أما سمعتم الله عزوجل يقول : « يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول و أولي الامر منكم » (٢) هل أمر إلا بما هو كائن إلى يوم القيامة أولم تروا أن الله عزوجل جعل لهم معاقل يأوون إليها وأعلاما يهتدون بها من لدن آدم إلى أن ظهر الماضي صلوات الله عليه كلما غاب علم بدا علم ، وإذا أفل نجم طلع نجم ، فلما قبضه الله عزوجل إليه ، ظننتم أن الله قد قطع السبب بينه وبين خلقه ، كلا ما كان ذلك ، ولا يكون حتى تقوم الساعة ، ويظهر أمر الله وهم كارهون.

يا محمد بن إبراهيم لا يدخلك الشك فيما قدمت له فان الله لا يخلي الارض من حجة ، أليس قال لك أبوك قبل وفاته أحضر الساعة من يعير هذه الدنانير التي عندي فلما أبطأ ذلك عليه ، وخاف الشيخ على نفسه الوحا (٣) قال لك : عيرها على نفسك وأخرج إليك كيسا كبيرا وعندك بالحضرة ثلاثة أكياس وصرة فيها دنانير مختلفة النقد ، فعيرتها وختم الشيخ عليها بخاتمه ، وقال لك اختم مع خاتمي فان أعش فأنا أحق بها ، وإن أمت فاتق الله في نفسك أولا ثم في فخلصني ، وكن عند ظني بك.

أخرج رحمك الله الدنانير التي استفضلتها من بين النقدين من حسابنا وهي

____________________

(١) السبأ : ١٨. والحديث في المصدر ج ٢ ص ١٥٩.

(٢) النساء : ٥٩.

(٣) الوحا : السرعة والبدار ، يعني أنه خاف على نفسه الموت سريعا.

١٨٥

بضعة عشر دينارا واسترد من قبلك فان الزمان اصعب ما كان ، وحسبنا الله ونعم الوكيل (١).

١٧ ـ ك : قال الحسين بن إسماعيل الكندي : كتب جعفر بن حمدان فخرجت إليه هذه المسائل : استحللت بجارية وشرطت عليها أن لا أطلب ولدها ولم ألزمها منزلي ، فلما أتى لذلك مدة قالت لي : قد حبلت ، فقلت لها : كيف ولا أعلم أني طلبت منك الولد ، ثم غبت وانصرفت ، وقد أتت بولد ذكر ، فلم أنكره ولا قطعت عنها الاجراء والنفقة ، ولي ضيعة قد كنت قبل أن تصير إلي هذه المرأة سبلتها على وصاياي ، وعلى سائر ولدي ، على أن الامر في الزيادة والنقصان منه إلي أيام حياتي ، وقد أتت هذه بهذا الولد ، فلم ألحقه في الوقت المتقدم المؤبد وأوصيت إن حدث بي الموت أن يجري عليه ما دام صغيرا ، فاذا كبر أعطي من هذه الضيعة جملة مائتي دينار غير مؤبد ، ولا يكون له ولا لعقبه بعد إعطائه ذلك في الوقف شئ فرأيك أعزك الله في إرشادي فيما عملته ، وفي هذا الولد بما أمتثله والدعاء لي بالعافية وخير الدنيا والآخرة.

جوابها أما الرجل الذي استحل بالجارية وشرط عليها أن لا يطلب ولدها فسبحان من لا شريك له في قدرته شرط على الجارية (٢) شرط على الله عزوجل؟ هذا ما لا يؤمن أن يكون ، وحيث عرض في هذا الشك ، وليس يعرف الوقت الذي أتاها فيه ، فليس ذلك بموجب لبراءة في ولده ، وأما إعطاء المائتي دينار وإخراجه من الوقف ، فالمال ماله فعل فيه ما أراد.

قال أبو الحسين : حسب الحساب [ قبل المولود ] فجاء الولد مستويا.

وقال : وجدت في نسخة أبي الحسن الهمداني : أتاني أبقاك الله كتابك الذي

____________________

(١) راجع المصدر ج ٢ ص ١٦٤.

(٢) كذا في الاصل المطبوع وهكذا المصدر ج ٢ ص ١٧٦ ، وسيجيئ بيانه من المصنف قدس‌سره لكن الظاهر سقوط الضمير وكون الاصل « شرطه على الجارية شرط على الله » بعنوان الاخبار والاعلام.

١٨٦

أنفذته ، وروى هذا التوقيع الحسن بن علي بن إبراهيم عن الشاري.

بيان : « شرط على الجارية » مبتدأ و « شرط على الله » خبر أو هما فعلان ، والاول استفهام إنكاري وقوله قال أبوالحسين ، إلى آخره كأنه إشاره إلى توقيعات أخر إجمالا (١).

١٨ ـ ك : أبومحمد الحسن بن أحمد المكتب قال : حدثنا أبوعلي بن همام بهذا الدعاء وذكر أن الشيخ قدس الله روحه أملاه عليه ، وأمره أن يدعو به ، وهو الدعاء في غيبة القائم عليه‌السلام :

اللهم عرفني نفسك فانك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف رسولك ، اللهم عرفني رسولك ، فانك إن لم تعرفني رسولك ، لم أعرف حجتك ، اللهم عرفني حجتك فانك إن لم تعرفني حجتك : ضللت عن ديني.

اللهم لا تمتني ميتة جاهلية ، ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني ، اللهم فكما هديتني بولاية من فرضت طاعته علي من ولاة أمرك بعد رسولك ، صلواتك عليه وآله ، حتى واليت ولاة أمرك أمير المؤمنين ، والحسن والحسين ، وعليا ومحمدا وجعفرا وموسى وعليا ومحمدا وعليا والحسن والحجة القائم المهدي صلواتك عليهم أجمعين اللهم فثبتني على دينك ، واستعملني بطاعتك ، ولين قلبي لولي أمرك وعافني مما امتحنت به خلقك ، وثبتني على طاعة ولي أمرك الذي سترته عن خلقك فباذنك غاب عن بريتك ، وأمرك ينتظر ، وأنت العالم غير معلم بالوقت الذي فيه صلاح أمر وليك في الاذن له ، باظهار أمره وكشف سره ، وصبرني على ذلك حتى لا أحب تعجيل ما أخرت ، ولا تأخير ما عجلت ، ولا أكشف عما سترته ولا أبحث عما كتمته ، ولا أنازعك في تدبيرك ، ولا أقول لم وكيف؟ وما بال ولي أمر الله لا يظهر؟ وقد امتلات الارض من الجور ، وأفوض أموري كلها إليك.

اللهم إني أسألك أن تريني ولي أمرك ظاهرا نافذا لامرك ، مع علمي بأن

____________________

(١) بل هو من تتمة أمر ذلك الرجل الذي استحل بالجارية ، ومعناه أنه حسب ذلك الرج حسابه التقديري ، قبل المولود ، فجاء الولد مستويا لتقديره ، فعرف أن الولد ولده.

١٨٧

لك السلطان ، والقدرة والبرهان ، والحجة والمشية ، والارادة والحول والقوة فافعل ذلك بي وبجميع المؤمنين حتى ننظر إلى وليك ظاهر المقالة ، واضح الدلالة هاديا من الضلالة ، شافيا من الجهالة ، أبرز يا رب مشاهده ، وثبت قواعده واجعلنا ممن تقر عيننا برؤيته ، وأقمنا بخدمته ، وتوفنا على ملته ، واحشرنا في زمرته.

اللهم أعذه من شر جميع ما خلقت وبرأت وذرأت وأنشأت وصورت ، واحفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته ، بحفظك الذي لا يضيع من حفظته به ، واحفظ فيه رسولك ووصي رسولك.

اللهم ومد في عمره ، وزد في أجله ، وأعنه على ما أوليته واسترعيته ، وزد في كرامتك له ، فانه الهادي المهدي ، القائم المهتدي ، الطاهر ، التقي ، النقي الزكي ، الرضي ، المرضي ، الصابر ، المجتهد ، الشكور.

اللهم ولا تسلبنا اليقين لطول الامد في غيبته ، وانقطاع خبره عنا ، ولا تنسنا ذكره وانتظاره والايمان به ، وقوة اليقين في ظهوره ، والدعاء له والصلاة عليه حتى لا يقنطنا طول غيبته من ظهوره وقيامه ، ويكون يقيننا في ذلك كيقيننا في قيام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وما جاء به من وحيك وتنزيلك ، قو قلوبنا على الايمان به حتى تسلك بنا على يده منهاج الهدى ، والمحجة العظمى ، والطريقة الوسطى ، وقونا على طاعته ، وثبتنا على مشايعته ، واجعلنا في حزبه وأعوانه وأنصاره ، والراضين بفعله ولا تسلبنا ذلك في حياتنا ، ولا عند وفاتنا ، حتى تتوفانا ، ونحن على ذلك غير شاكين ولا ناكثين ولا مرتابين ولا مكذبين.

اللهم عجل فرجه ، وأيده بالنصر ، وانصر ناصريه ، واخذل خاذليه ، ودمدم على من نصب له وكذب به ، وأظهر به الحق وأمت به الجور ، واستنفذ به عبادك المؤمنين من الذل ، وانعش به البلاد ، واقتل به الجبابرة الكفرة ، واقصم به رؤس الضلالة ، ودلل به الجبارين والكافرين ، وأبر به المنافقين والناكثين ، وجميع المخالفين والملحدين ، في مشارق الارض ومغاربها ، وبحرها وبرها ، وسهلها



١٨٨

وجبلها ، حتى لا تدع منهم ديارا ، ولا تبقي لهم آثارا ، وتطهر منهم بلادك.

واشف منهم صدور عبادك ، وجدد به ما امتحامن دينك ، وأصلح به ما بدل من حكمك ، وغير من سنتك ، حتى يعود دينك به وعلى يده غضا جديدا صحيحا لا عوج فيه ، ولا بدعة معه ، حتى تطفئ بعدله نيران الكافرين ، فانه عبدك الذي استخلصته لنفسك ، وارتضته لنصرة دينك ، واصطفيته بعلمك ، وعصمته من الذنوب وبرأته من العيوب ، وأطلعته على الغيوب ، وأنعمت عليه ، وطهرته من الرجس ، ونقيته من الدنس.

اللهم فصل عليه وعلى آبائه الائمة الطاهرين ، وعلى شيعتهم المنتجبين وبلغهم من آمالهم أفضل ما يأملون ، واجعل ذلك منا خالصا من كل شك وشبهة ورياء وسمعة ، حتى لا نريد به غيرك ، ولا نطلب به إلا وجهك.

اللهم إنا نشكو إليك فقد نبينا ، وغيبة ولينا ، وشدة الزمان علينا ووقوع الفتن [ بنا ] ، وتظاهر الاعداء ، وكثرة عدونا ، وقلة عددنا.

اللهم فافرج ذلك بفتح منك تعجله وبصبر منك تيسره ، وإمام عدل تظهره إله الحق رب العالمين.

اللهم إنا نسألك أن تاذن لوليك في إظهار عدلك في عبادك وقتل أعدائك في بلادك حتى لا تدع للجور دعامة إلا قصمتها ولا بنية (١) إلا أفنيتها ولا قوة إلا أوهنتها ، ولا ركنا إلا هددته ، ولا حدا إلا فللته ، ولا سلاحا إلا كللته ، ولا راية إلا نكستها ، ولا شجاعا إلا قتلته ، ولا حيا (٢) إلا خذلته.

أرمهم يا رب بحجرك الدامغ ، واضربهم بسيفك القاطع ، وببأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين ، وعذب أعداءك وأعداء دينك وأعداء رسولك ، بيد وليك وأيدي عبادك المؤمنين.

اللهم اكف وليك وحجتك في أرضك هول عدوه ، وكد من كاده ، وامكر

____________________

(١) في المصدر ج ٢ ص ١٩٢ : « ولا بقية الا أفنيتها » وهو أنسب.

(٢) في المصدر : « ولا جيشا الا خذلته ».

١٨٩

بمن مكر به ، واجعل دائرة السوء على من أراد به سوءا ، واقطع عنه مادتهم وأرعب به قلوبهم ، وزلزل له أقدامهم ، وخذهم جهرة وبغتة.

شدد عليهم عقابك ، وأخزهم في عبادك ، والعنهم في بلادك ، وأسكنهم أسفل نارك ، وأحط بهم أشد عذابك ، وأصلهم نارا ، واحش قبور موتاهم نارا ، وأصلهم حر نارك ، فانهم أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات ، وأذلوا عبادك.

اللهم وأحي بوليك القرآن ، وأرنا نوره سرمدا لا ظلمة فيه ، وأحي به القلوب الميتة ، واشف به الصدور الوغرة ، واجمع به الاهواء المختلفة على الحق وأقم به الحدود المعطلة ، والاحكام المهملة ، حتى لا يبقى حق إلا ظهر ، ولا عدل إلا زهر ، واجعلنا يا رب من أعوانه ، وممن يقوي سلطانه ، والمؤتمرين لامره والراضبين بفعله ، والمسلمين لاحكامه ، وممن لا حاجة به إلى التقية من خلقك.

أنت يا رب الذي تكشف السوء ، وتجيب المضطر إذا دعاك ، وتنجي من الكرب العظيم ، فاكشف الضر عن وليك ، واجعله خليفتك في أرضك كما ضمنت له.

اللهم ولا تجعلنا من خصماء آل محمد ، ولا تجعلنا من أعداء آل محمد ، ولا تجعلني من أهل الحنق والغيظ على آل محمد ، فاني أعوذ بك من ذلك ، فأعذني وأستجير بك فأجرني.

اللهم صل على محمد وآل محمد ، واجعلني بهم فائزا عندك في الدنيا والآخرة ومن المقربين.

١٩ ـ ك : توقيع منه عليه‌السلام كان خرج إلى العمري وابنه رضي‌الله‌عنهما رواه سعد بن عبدالله قال الشيخ أبوجعفر رضي‌الله‌عنه : وجدته مثبتا بخط سعد بن عبدالله رضي‌الله‌عنه.

وفقكما الله لطاعته ، وثبتكما على دينه ، وأسعدكما بمرضاته ، انتهى إلينا ما ذكرتما أنالميثمي أخبركما عن المختار ، ومناظرته من لقي ، واحتجاجه بأن لا خلف غير جعفر بن علي ، وتصديقه إياه ، وفهمت جميع ما كتبتما به مما قال أصحابكما عنه ، وأنا أعوذ بالله من العمى بعد الجلاء ، ومن الضلالة بعد الهدى



١٩٠

ومن موبقات الاعمال ، ومرديات الفتن ، فانه عزوجل يقول : « الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون » (١).

كيف يتساقطون في الفتنة ، ويترددون في الحيرة ، ويأخذون يمينا وشمالا فارقوا دينهم أم ارتابوا ، أم عاندوا الحق أم جهلوا ما جاءت به الروايات الصادقة والاخبار الصحيحة ، أو علموا ذلك فتناسوا ، أما تعلمون أن الارض لا تخلو من حجة إما ظاهرا ، وإما مغمورا ، أولم يعلموا انتظام أئمتهم بعد نبيهم صلى‌الله‌عليه‌وآله واحدا بعد واحد إلى أن أفضى الامر بأمر الله عزوجل إلى الماضي يعني الحسن ابن علي صلوات الله عليه ، فقام مقام آبائه عليهم‌السلام يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم.

كان نورا ساطعا وقمرا زهرا ، اختار الله عزوجل له ما عنده ، فمضى على منهاج آبائه عليهم‌السلام حذو النعل بالنعل ، على عهد عهده ، ووصية أوصى بها إلى وصي ستره الله عزوجل بأمره إلى غاية ، وأخفى مكانه بمشيته ، للقضاء السابق والقدر النافذ ، وفينا موضعه ، ولنا فضله ، ولو قد أذن الله عزوجل فيما قد منعه وأزال عنه ما قد جرى به من حكمه ، لاراهم الحق ظاهرا بأحسن حلية ، وأبين دلالة ، وأوضح علامة ، ولابان عن نفسه ، وقام بحجته ، ولكن أقدار الله عزوجل لا تغالب ، وإرادته لا ترد ، وتوفيقه لا يسبق.

فليدعوا عنهم اتباع الهوى ، وليقيموا على أصلهم الذي كانوا عليه ، ولا يبحثوا عما ستر عنهم فيأثموا ، ولا يكشفوا ستر الله عزوجل فيندموا ، وليعلموا أن الحق معنا وفينا ، لا يقول ذلك سوانا إلا كذاب مفتر ، ولا يدعيه غيرنا إلا ضال غوي فليقتصروا منا على هذه الجملة دون التفسير ، ويقنعوا من ذلك بالتعريض دون التصريح ، إنشاء الله.

٢٠ ـ ك : محمد بن المظفر المصري ، عن محمد بن أحمد الداودي (٢) ، عن

____________________

(١) العنكبوت : ٢. والحديث في المصدر ج ٢ ص ١٨٩.

(٢) كذا في المصدر ج ٢ ص ١٩٨ وهكذا معاني الاخبار ص ٢٨٦ وقد أخرجه



١٩١

ابيه قال : كنت عند أبي القاسم [ الحسين ] بن روح قدس الله روحه فسأله رجل ما معنى قول العباس للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : إن عمك أبا طالب قد أسلم بحساب الجمل ، وعقد بيده ثلاثة وستين (١) قال عنى بذلك « إله أحد جواد » وتفسير ذلك أن الالف واحد واللام ثلاثون ، والهاء خمسة ، والا الف واحد ، والحاء ثمانية ، والدال أربعة والجيم ثلاثة ، والواو ستة ، والالف واحد ، والدال اربعة ، فذلك ثلاثة وستون.

____________________

المصنف رضوان الله عليه في الباب الثالث من تاريخ أمير المؤمنين تحت الرقم ١٩ عن كمال الدين ومعاني الاخبار معا ، تراه في ج ٣٥ ص ٧٨ من الطبعة الحديثة ، وفي الاصل المطبوع « محمد بن أحمد الروزاني » فتحرر.

(١) قال المصنف رضوان الله عليه في حل الخبر : لعل المعني أن أبا طالب اظهر اسلامه للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أو لغيره بحسبا العقود ، بأن أظهر الالفل أولا بما يدل على الواحد ، ثم اللام بما يدل على الثلاثين وهكذا ، وذلك لانه كان يتتقى من قريش كما عرفت.

ثم قال : وقد قيل في حل أصل الخبر وجوه اخر : منها أنه أشار بأصبعه المسيحة : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله « فان عقد الخنصر والبنصر وعقد الابهام على الوسطى يدل على الثلاث والستين على اصطلاح أهل العقود ، وكان المراد بحساب الجمل هذا ، والدليل على ما ذكرته ما ورد في رواية شعبة ، عن قتادة ، عن الحسن في خبر طويل ننقل منه موضع الحاجة ، وهو انه لما حضرت أبا طالب الوفاة دعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبكى وقال : يا محمد اني أخرج من الدنيا ومالى غم الاغمك إلى أن قال يا عم! انك تخاف على أذى اعادى ، ولا تخاف على نفسك عذاب ربى؟ ، فضحك أبوطالب وقال : يا محمد دعوتني وكنت قدما أمينا ، وعقد بيده على ثلاث وستين : عقد الخنصر والبنصر ، وعقد الابهام على أصبعه الوسطى ، وأشار بأصبعه المسسبحة : يقول : لا اله الا الله محمد رسول الله إلى آخر ما نقله في ج ٣٥ ص ٧٩. فراجع.

اقول : أما حساب العقود فهو على ما نقله صديقنا الفاضل الغفارى في ذيل الحديث ( معانى الاخبار ص ٢٨٦ ) أن صورة الثلاثة والستين على القاعدة الممهدة التي وضعها العلماء المتقدمون : « ان يثنى الخنصر والبنصر والوسطى وهي الثلاثة جاريا على منهج المتعارف



١٩٢

٢١ ـ غط : جماعة ، عن التلعكبري ، عن أحمد بن علي ، عن الاسدي عن سعد ، عن أحمد بن إسحاق رحمة الله عليه أنه جاءه بعض أصحابنا يعلمه أن جعفر بن علي كتب إليه كتابا يعرفه فيه نفسه ويعلمه أنه القيم بعد أبيه ، وأن عنده من علم الحلال والحرام ما يحتاج إليه وغير ذلك من العلوم كلها.

قال أحمد بن إسحاق : فلما قرأت الكتاب كتبت إلى صاحب الزمان عليه‌السلام وصيرت كتاب جعفر في درجه ، فخرج الجواب إلي في ذلك :

بسم الله الرحمن الرحيم أتاني كتابك أبقاك الله ، والكتاب الذي أنفذته درجه ، وأحاطت معرفتي بجميع ما تضمنه على اختلاف ألفاظه ، وتكرر الخطاء فيه ، ولو تدبرته لوقفت على بعض ما وقفت عليه منه ، والحمد لله رب العالمين حمدا لا شريك له على إحسانه إلينا وفضله علينا ، أبى الله عزوجل للحق إلا إتماما وللباطل إلا زهوقا ، وهو شاهد علي بما اذكره ، ولي عليكم بما أقوله ، إذا اجتمعنا ليوم لا ريب فيه ، ويسألنا عما نحن فيه مختلفون ، إنه لم يجعل لصاحب الكتاب على المكتوب إليه ، ولا عليك ولا على احد منالخلق جميعا إمامة مفترضة ، ولا طاعة ولا ذمة ، وسأبين لكم ذمة تكتفون بها إن شاء الله.

____________________

من الناس في عد الواحد إلى الثلاثة ، لكن بوضع الانامل في هذه العقود قريبة من أصولها وأن يوضع لستين بابهام اليمنى على باطن العقدة الثانية من السبابة كما يفعله الرماة.

ومخلص هذه القاعدة التي ذكرها القدماء هو أنالخنصر والبنصر والوسطى لعقد الاحاد فقط ، والمسبحة والابهام للاعشار فقط ، فالواحد أن تضم الخنصر مع نشر الباقي ، والاثنين أن تضمه مع البنصر ، والثلاث أن تضمها مع الوسطى ، والاربعة نشر الخنصر وترك البنصر والوسطى مضمومتين ، والخمسة نشر البنصر مع الخنصر وترك الوسطى مضمومة ، والستة نشر جميع الاصابع وضم البنصر ، والسبعة أن يجعل الخنصر فوق البنصر منشورة مع نشر الباقي أيضا والثمانية ضم الخنصر والبنصر فوقها ، والتسعة ضم الوسطى اليهما ، وهذه تسع صور جمعتها أصابع الخنصر والبنصر والوسطى بالنسبة إلى عد الاحاد.

وأما الاعشار : فالمسبحة والابهام ، فالعشرة أن يجعل ظفر المسبحة في مفصل الابهام



١٩٣

يا هذا يرحمك الله إن الله تعالى لم يخلق الخلق عبثا ولا أهملهم سدى ، بل خلقهم بقدرته ، وجعل لهم أسماعا وأبصارا وقلوبا وألبابا ، ثم بعث إليهم النبيين عليهم‌السلام مبشرين ومنذرين : يأمرونهم بطاعته ، وينهونهم عن معصيته ، ويعرفونهم ماجهلوه من أمر خالقهم ودينهم ، وأنزل عليهم كتابا ، وبعث إليهم ملائكة يأتين بينهم وبين من بعثهم إليهم بالفضل الذي جعله لهم عليهم ، وما آتاهم من الدلائل الظاهرة و البراهين الباهرة ، والآيات الغالبة.

فمنهم من جعل النار عليه بردا وسلاما واتخذه خليلا ، ومنهم من كلمه تكليما وجعل عصاه ثعبانا مبينا ، ومنهم من أحيا الموتى باذن الله وأبرء الاكمه والابرص باذن الله ، ومنهم من علمه منطق الطير وأوتي من كل شئ ، ثم بعث محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله رحمة للعالمين ، وتمم به نعمته ، وختم به أنبياءه ، وأرسله إلى الناس كافة ، وأظهر من صدقه ما اظهر [ وبين ] من آياته وعلاماته ما بين.

ثم قبضه صلى‌الله‌عليه‌وآله حميدا فقيدا سعيدا ، وجعل الامر بعده إلى أخيه وابن عمه ووصيه ووارثه علي بن أبي طالب عليه‌السلام ثم إلى الاوصياء من ولده واحدا واحدا : أحيا بهم دينه ، وأتم بهم نوره ، وجعل بينهم وبين إخوانهم وبني عمهم والادنين فالاذنين من ذوي أرحامهم فرقانا بينا يعرف به الحجة من المحجوج ، والامام من

____________________

من جنبها ، والعشرون وضع راس الابهام بين المسبحة والوسطى ، والثلاثون ضم رأس المسبحة مع رأس الابهام ، والاربعون أن تضع الابهام معكوفة الرأس إلى ظاهر الكف والخمسون أن تضع الابهام على باطن الكف معكوفة الانمله ملصقة بالكف ، والستون أن تنشر الابهام وتضم إلى جانب الكف اصل المسبحة ، والسبعون عكف باطن المسبحة على باطن راس الابهام ، والثمانون ضم الابهام وعكف باطن المسبحة على ظاهر أنملة الابهام المضمومة ، والتسعون ضم المسبحة إلى اصل الابهام ووضع الابهام عليها.

واذا أردت آحادا وأعشارا عقدت من الاحاد ما شئت مع ما شئت من الاعشار المذكورة واما المئات فهي عقد اصابع الاحاد من اليد اليسرى فالمائة كالواحد والمائتان كالاثنين وهكذا إلى التسعمائة.

وأما الالوف وهي عقد اصابع عشرات منها ، فالالف كالعشر والالفان كالعشرين



١٩٤

المأموم ، بأن عصمهم من الذنوب ، وبرأهم من العيوب ، وطهرهم من الدنس ونزههم من اللبس ، وجعلهم خزان علمه ، ومستودع حكمته ، وموضع سره ، وأيدهم بالدلائل ، ولولا ذلك لكان الناس على سواء ، ولادعى أمر الله عزوجل كل أحد ولما عرف الحق من الباطل ، ولا العالم من الجاهل.

وقد ادعى هذا المبطل المفتري على الله الكذب بما ادعاه ، فلا أدري بأية حالة هيى له رجاء أن يتم دعواه ، أبفقه في دين الله؟ فوالله ما يعرف حلالا من حرام ولا يفرق بين خطاء وصواب ، أم بعلم فما يعلم حقا من باطل ، ولا محكمامن متشابه ، ولا يعرف حد الصلاة ووقتها ، أم بورع فالله شهيد على تركه الصلاة الفرض أربعين يوما يزعم ذلك لطلب الشعوذة ، ولعل خبره قد تأدى إليكم ، وهاتيك ظروف مسكره منصوبة ، وآثار عصيانه لله عزوجل مشهورة قائمة ، أم بآية فليأت بها ، أم بحجة فليقمها ، أم بدلالة فليذكرها.

____________________

إلى التسعة آلاف ».

وكيف كان ، المعول في ايمان أبي طالب على ذبه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله طيلة حياته وأشعاره المستفيضة المصرحة بأنه كان مؤمنا في قلبه ولكنه لم يظهره لئلا يسقط عن أنظار قريش ، فيفوته الذب عنه ولذلك قال :

لولا الملامة أو حذاري سبة

لوجدتني سمحا بذاك مبينا

واما ايمانه بحساب الجمل وان كان ورد من طرقنا أيضا ، لكن الاصل في ذلك ما رواه شعبة ، عن قتادة ، عن الحسن كما عرفت ، والحسين بن الروح النوبختي انما فسر الحديث المرسل ، لا غير.

على أنه لو كان يتقى الملامة أو السبة او المعرة كما في رواية أخرى كان ذلك حين يتطاول على قريش بالذب عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله وأما عند الممات ، فلا وجه للتقية أبدا ، فلم أسلم بحساب الحمل ولم يظهر اسلامه صريحا ، ولو صح الحديث مع غرابته لم يفد في المقام شيئا فانه ليس بأصرح من قوله :

ألم تعلموا أنا وجدنا محمدا

نبيا كموسى خط في أول الكتب

١٩٥

قال الله عزوجل في كتابه : بسم الله الرحمن الرحيم حم * تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم * ماخلقنا السموات والارض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى والذين كفروا عما أنذروا معرضون * قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الارض أم لهم شرك في السموات أئتوني بكتاب من قبل هذا أو أمارة من علم إنكنتم صادقين * ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون * وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين » (١).

فالتمس تولى الله توفيقك من هذا الظالم ، ما ذكرت لك ، وامتحنه وسله عن آية من كتاب الله يفسرها أو صلاة فريضة يبين حدودها ، ومايجب فيها ، لتعلم حاله ومقداره ، ويظهر لك عواره ونقصانه ، والله حسيبه.

حفظ الله الحق على أهله ، وأقره في مستقره ، وقد أبى الله عزوجل أن يكون [ الامام ] في أخوين بعد الحسن والحسين عليهما‌السلام وإذا أذن الله لنا في القول ظهر الحق ، واضمحل الباطل ، ، وانحسر عنكم ، وإلى الله أرغب في الكفاية ، وجميل الصنع والولاية ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، وصلى الله على محمد وآل محمد (٢).

بيان : « الشعوذة » خفة في اليد وأخذ كالسحر يري الشئ بغير ما عليه أصله في رأي العين ذكره الفيروز آبادي و « العوار » بالفتح وقد يضم : العيب.

٢٢ ـ غط : جماعة ، عن الصدوق عن عمار بن الحسين بن إسحاق ، عن أحمد ابن الحسن بن ابي صالح الخجندي وكان قد ألح في الفحص والطلب ، وسار في البلاد. وكتب على يد الشيخ أبي القاسم بن روح قدس الله روحه إلى الصاحب عليه‌السلام يشكو تعلق قلبه ، واشتغاله بالفحص والطلب ، ويسأل الجواب بما تسكن إليه نفسه ويكشف له عما يعمل عليه ، قال : فخرج إلي توقيع نسخته :

« من بحث فقد طلب ، ومن طلب فقد دل ، ومن دل فقد أشاط ، ومن أشاط

____________________

(١) الاحقاف : ٦١.

(٢) راجع غيبة الشيخ ص ١٨٥ ١٨٨. والذي يأتي بعده ص ٢١١.

١٩٦

فقد أشرك » (١).

قال : فكففت عن الطلب ، وسكنت نفسي ، وعدت إلى وطني مسرورا والحمد لله.

٢٣ ـ يج : روي عن أحمد بن ابي روح ، قال : خرجت إلى بغداد في مال لابي الحسن الخضر بن محمد لاوصله وأمرني أن أدفعه إلى أبي جعفر محمد بن عثمان العمري فأمرني أن أدفعه إلى غيره ، وأمرني أن أسال الدعاء للعلة التي هو فيها وأسأله عن الوبر يحل لبسه؟

فدخلت بغداد ، وصرت إلى العمري ، فأبى أن يأخذ المال وقال : صر إلى ابي جعفر محمد بن أحمد وادفع إليه فانه أمره بأن يأخذه ، وقد خرج الذي طلبت فجئت إلى أبي جعفر فأوصلته إليه ، فأخرج إلي رقعة فيها : بسم الله الرحمن الرحيم ، سألت الدعاء عن العلة التي تجدها ، وهب الله لك العافية ، ودفع عنك الآفات ، وصرف عنك بعض ما تجده من الحرارة ، وعافاك وصح جسمك ، وسألت ما يحل أن يصلي فيه من الوبر والسمور والسنجاب والفنك والدلق والحواصل ، فأما السمور والثعالب فحرام عليك وعلى غيرك الصلاة فيه ويحل لك جلود المأكول من اللحم إذا لم يكن فيه غيره ، وإن لم يكن لك ما تصلي فيه ، فالحواصل جائز لك أنتصلي فيه ، الفرا متاع الغنم ، ما لم يذبح بأرمنية يذبحه النصارى على الصليب ، فجائز لك أن تلبسه إذا ذبحه أخ لك [ أو مخالف تثق به ] (٢).

إلى هنا انتهى ما أردت إيراده في كتاب الغيبة وأرجو من فضله تعالى أن يجعلني من أنصار حجته ، والقائم بدينه ، ومن أعوانه والشهداء تحت لوائه ، وأن يقرعيني وعيون والدي وإخواني وأصحابي وعشايري وجميع المؤمنين برؤيته ، وأن يكحل

____________________

(١) أشاط دمه ووبدمه : أذهبه ، أو عمل في هلاكه ، أو عرضه للقتل.

(٢) راجع المستدرك باب ٣ من أبواب لباس المصلى تحت الرقم ١.

١٩٧

عيوننا بغبار مواكب أصحابه ، فانه المرجو لكل خير وفضل.

التمس ممن ينظر في كتابي أن يترحم علي ويدعو بالمغفرة لي في حياتي وبعد موتي ، والحمد لله أولا وآخرا وصلى الله على محمد وأهل بيته الطاهرين وكتب بيمناته الجانية ، مؤلفه أحقر عباد الله الغني محمد باقر بن محمد تقي ، عفي عنهما بالنبي وآله الاكرمين ، في شهر رجب الاصب من شهور سنة ثمان وسبعين بعد الالف من الهجرة النبوية.

١٩٨

* « ( جنة المأوى ) » *

في

ذكر من فاز بلقاء الحجة عليه‌السلام

أو معجزته في الغيبة الكبرى

لمؤلفه

العلامة الحاج ميرزا حسين النورى

قدس‌سره النورى

١٩٩

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أنار قلوب أوليائه بضياء معرفة وليه ، المحجوب عن الابصار وشرح صدور أحبائه بنور محبة صفيه ، المستور عن الاغيار ، علا صنعه المتقن عن أن يتطرق إليه توهم العبث والجهالة ، وحاشا قضاؤه المحكم أن يترك العباد في تيه الضلالة. والصلاة على البشير النذير ، والسراج المنير ، صاحب المقام المحمود والحوض المورود ، واللواء المعقود ، أول العدد ، الحميد المحمود الاحمد أبي القاسم محمد. وعلى آله الطيبين الطاهرين الهادين الانجبين.

خصوصا على عنقاء قاف القدم ، القائم فوق مرقاة الهمم ، الاسم الاعظم الالهي ، الحاوي للعلم الغير المتناهي ، قطب رحى الوجود ، ومركز دائرة الشهود كمال النشأة ومنشأ الكمال ، جمال الجمع ومجمع الجمال ، المترشح بالانوار الالهية ، المربى تحت أستار الربوبية ، مطلع الانوار المصطفوية ، ومنبع الاسرار المرتضوية ، ناموس ناموس الله الاكبر ، وغاية نوع البشر ، أبي الوقت ومربي الزمان ، الذي هو للحق أمين ، وللخلق أمان ، ناظم المناظم ، الحجة القائم.

ولعنة الله على أعدائهم ، والمنكرين لشرف مقامهم ، إلى يوم يدعى كل أناس بإمامهم.

وبعد فيقول العبد المذنب المسيئ حسين بن محمد تقى النورى الطبرسى نور الله بصيرته برؤية إمامه ، وجعله نصب عينيه في يقظته ومنامه : اني منذ هاجرت ثانيا من المشهد المقدس الغروي ، وأسكنت ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيت الحجة القائم المهدي عليه آلاف السلام السلام والتحية من الله الملك العلي مشهد



٢٠٠