الإمام المنتظر عليه السلام من ولادته إلى دولته

السيد علي الحسيني الصدر

الإمام المنتظر عليه السلام من ولادته إلى دولته

المؤلف:

السيد علي الحسيني الصدر


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: منشورات دليل ما
المطبعة: نگارش
الطبعة: ١
ISBN: 964-978-002-7
الصفحات: ٤٧٢

كَلَلتَهُ ، وَلا رايَةً اِلّا نَكَّستَها ، وَلا شُجاعاً اِلّا قَتَلتَهُ ، وَلا جَيشاً اِلّا خَذَلتَهُ.

وَارمِهِم يا رَبِّ بِحَجَرِكَ الدّامِغ ، وَاضرِبهُم بِسَيفِكَ القاطِع ، وَبَأسِكَ الَّذي لا تَرُدُّهُ عَنِ القَومِ المُجرِمينَ ، وَعَذِّب اَعداءَكَ وَاَعداءَ دينِكَ ، وَاَعداءَ رَسُولِكَ ، بِيَدِ وَلِيِّكَ وَاَيدي عِبادِكَ المُؤمِنينَ.

اَللّهُمَّ اكفِ وَلِيَّكَ وَحُجَّتَكَ في اَرضِكَ هَولَ عَدُوِّهِ ، وَكِد مَن كادَهُ ، وَامكُر بِمَن مَكَرَ بثه ، وَاجعَل دائِرَةَ السَّوءِ عَلى مَن اَرادَ بِه سُوءً ، وَاقطَع عَنهُ مادَّتَهُم ، وَاَرعِب لَهُ قُلُوبَهُم ، وَزَلزِل اَقدامَهُم ، وَخُذهُم جَهرَةً وَبَغتَةً ، وَشَدِّد عَلَيهِم عذابَكَ ، وَاخزِهِم في عِبادِكَ ، وَالعَنهُم في بِلادِكَ ، وَاَسكِنهُم اَسفَلَ نارِكَ ، وَاَحِط بِهِم اَشَدَّ عَذابِكَ ، وَاَصلِهِم ناراً ، وَاحشُ قُبُورَ مَوتاهُم ناراً ، وَاَصلِهِم حَرَّ نارِكَ ، فَاِنَّهُم اَضاعُوا الصَّلاةَ ، وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ ، وَاَضَلُّوا عِبادَكَ.

اَللّهُمَّ وَاَحيِ بِوَلِيِّكَ القُرآنَ ، وَاَرِنا نُورَهُ سَرمَداً لا ظُلمَةَ فيهِ ، وَاَحيِ بِهِ القُلُوبَ الَمَيِّتَةَ ، وَاشفِ بِهِ الصُّدُورَ الوَغِرَةَ ، وَاجمَع بِهِ الاَهواءَ المُختَلِفَةَ عَلَى الحَقِّ ، وَاَقِم بِهِ الحُدُودَ المُعَطَّلَةَ ، وَالاَحكامَ المُهمَلَةَ ، حَتّى لا يَبقى حَقٌّ اِلّا ظَهَرَ ، وَلا عَدلٌ اِلّا زَهَرَ ، وَاجعَلنا يا رَبِّ مِن اَعوانِهِ ، وَمُقوِّيَةِ سُلطانِهِ ، وَالمُؤتَمِرينَ لِاَمرِه ، وَالرّاضينَ بِفِعلِهِ ، وَالمُسَلِّمين لِاَحكامِه ، وَمِمَّن لا حاجَةَ بِهِ اِلَى التَّقِيَّةِ مِن خَلقِكَ.

اَنتَ يا رَبِّ الَّذي تَكشِفُ السُّوءَ ، وَتُجيبُ المُضطَرَّ اِذا دَعاكَ ، وَتُنجي مِنَ الكَربِ العَظيمِ ، فَاكشِفِ الضُّرَّ عَن وَلِيِّكَ ، وَاجعَلهُ خَليفَةً في اَرضِكَ كَما ضَمِنتَ لَهُ.

اَللّهُمَّ وَلا تَجعَلني مِن خُصَماءِ آلِ مُحَمَّدٍ عليهم‌السلام ، وَلا تَجعَلني مِن اَعداءِ آلِ مُحَمَّدٍ عليهم‌السلام ، وَلا تَجعَلني مِن اَهلِ الحَنَقِ وَالغَيظِ عَلى آلِ مُحَمَّدٍ ، فَاِنّي اَعُوذُ بِكَ مِن ذلِكَ فَاَعِذني ، وَاَستَجيرُ بِكَ فَاَجِرني.

اَللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاجعَلني بِهِم فائِزَاً عِندَكَ فِي الدُّنيا

١٦١

وَالآخِرَةِ وَمِنَ المُقَرَّبينَ ، آمينَ رَبَّ العالَمينَ» (١).

٤ ـ الدعاء المروي في تعقيب الصلوات المكتوبة :

«رَضيتُ بِاللّهِ رَبّاً ، وَبِالاِسلامِ دِيناً ، وَبِالقُرآنِ كِتاباً ، وَبِمُحَمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نَبِيّاً ، وَبِعَليٍّ وَلِيّاً ، وَالحَسَنِ وَالحُسَينِ ، وَعَليِّ بنِ الحُسَينِ ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَليٍّ ، وَجَعفَرِ بنِ مُحَمَّدٍ ، وَمُوسَى بنِ جَعفَرٍ ، وَعَليِّ بنِ مُوسى ، وَمُحَمَّدِ بنِ عَليٍّ ، وَعَليِّ بنِ مُحَمَّدٍ ، وَالحَسَنِ بنِ عَليٍّ ، وَالحُجَّةِ بنِ الحَسَنِ بنِ عَليٍّ اَئِمَّةً.

اَللّهُمَّ وَلِيَّكَ الحُجَّةَ ، فَاحفَظهُ مِن بَينِ يَدَيهِ ، وَمِن خَلفِه ، وَعن يَمينِه ، وَعَن شِمالِه ، وَمِن فَوقِه ، وَمِن تَحتِه ، وَامدُد لَهُ في عُمرِه ، وَاجعَلهُ القائِمَ بِاَمرِكَ ، وَالمُنتَصِرَ لِدينِكَ ، وَاَرِه ما يُحِبُّ ، وَما تُقِرُّ بِه عَينَهُ في نَفسِه وَذُرِّيَّتِه ، وَفي اَهلِه وَمالِه ، وَفي شيعَتِه وَفي عَدُوِّه ، وَاَرِهِم مِنهُ ما يَحذَرُونَ ، وَاَرِهِ فيهِم ما يُحِبُّ ، وَتُقِرُّ بِه عَينَهُ ، وَاشفِ بِه صُدُورَنا ، وَصُدُورَ قَومٍ مُؤمِنينَ» (٢).

٥ ـ الدعاء المروي عن الامام الصادق عليه‌السلام :

«اَي سامِعَ كُلِّ صَوتٍ ، اَي جامِعَ كُلِّ فَوتٍ ، اَي بارِئَ كُلِّ نَفسٍ بَعدَ المَوتِ ، اَي باعِثُ ، اَي وارِثُ ، اَي سَيِّدَ السّاداتِ ، اَي اِلهَ الالِهَةِ ، اَي جَبَّارَ الجَبابِرَةِ ، اَي مَلِكَ الدُّنيا وَالاخِرَةِ ، اَي رَبَّ الاَربابِ ، اَي مَلِكَ المُلُوكِ ، اَي بَطّاشُ ، اَي ذَا البَطشِ الشَّديدِ ، اَي فَعّالاً لِما يُريدُ ، اَي مُحصي عَدَدِ الاَنفاسِ وَنَقلِ الاَقدامِ ، اَي مَنِ السِّرُّ عِندَهُ عَلانِيَةٌ ، اَي مُبدِئُ ، اَي مُعيدُ.

اَساَلُكَ بِحَقِّكَ عَلى خِيَرَتِكَ مِن خَلقِكَ ، وَبِحَقِّهِمُ الَّذي اَوجَبتَهُ عَلى نَفسِكَ ، اَن تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَاَهلِ بَيتِه ، وَاَن تَمُنَّ عَلَيَّ السّاعَةَ بِفَكاكِ رَقَبَتي مِنَ النّارِ ،

__________________

(١) كمال الدين : ص ٥١٢ ب ٤٥ ح ٤٣.

(٢) الفقيه : ج ١ ص ٣٢٧ ح ٩٦٠.

١٦٢

وَاَنجِز لِوَلِيِّكَ وَابنِ نَبِيِّكَ ـ الدّاعي اِلَيكَ بِاِذنِكَ وَاَمينِكَ في خَلقِكَ وَعَينِكَ في عِبادِكَ وَحُجَّتِكَ عَلى خَلقِكَ عَلَيهِ صَلَواتُكَ وَبَرَكاتُكَ ـ وَعدَهُ.

اَللّهُمَّ اَيِّدهُ بِنَصرِكَ ، وَانصُر عَبدَكَ ، وَقَوِّ اَصحابَهُ وَصَبِّرهُم ، وَافتَح لَهُم مِن لَدُنكَ سُلطاناً نَصيراً ، وَعَجِّل فَرَجَهُ ، وَاَمكِنهُ مِن اَعدائِكَ وَاَعداءِ رَسُولِكَ ، يا اَرحَمَ الرّاحِمينَ» (١).

٦ ـ الدعاء المروي عن الامام الكاظم عليه‌السلام في تعقيب صلاة العصر :

«اَنتَ اللّهُ لا اِلهَ اِلّا اَنتَ ، الاَوَّلُ وَالاخِرُ وَالظّاهِرُ وَالباطِنُ ، وَاَنتَ اللّهُ لا اِلهَ إِلَّا اَنتَ ، اِلَيكَ زِيادَةُ الاَشياءِ وَنُقصانُها ، وَاَنتَ اللّهُ لا اِلهَ اِلّا اَنتَ خَلَقتَ الخَلقَ بِغَيرِ مَعُونَةٍ مِن غَيرِكَ ، وَلا حاجةٍ اِلَيهِم ، اَنتَ اللّهُ لا اِلهَ اِلّا اَنتَ؛ مِنكَ المَشِيَّةُ ، وَاِلَيكَ البَدءُ ، اَنتَ اللّهُ لا اِلهَ اِلّا اَنتَ قَبلَ القَبلِ وَخالِقُ القَبلِ. اَنتَ اللّهُ لا اِلهَ اِلّا اَنتَ ، بَعدَ البَعدِ وَخالِقُ البَعدِ. اَنتَ اللّهُ لا اِلهَ اِلّا اَنتَ ، تَمحُو ما تَشاءُ وَتُثبِتُ ، وَعِندَكَ اُمُّ الكِتابِ. اَنتَ اللّهُ لا اِلهَ اِلّا اَنتَ؛ غايَةُ كُلِّ شَيءٍ وَوارِثُهُ. اَنتَ اللّهُ لا اِلهَ اِلّا اَنتَ؛ لا يَعزُبُ عَنكَ الدَّقيقُ وَلَا الجَليلُ ، اَنتَ اللّهُ لا اِلهَ اِلّا اَنتَ؛ لا تَخفى عَلَيكَ اللُغاتُ ، ولا تَتَشابَهُ عَلَيكَ الاَصواتُ ، كُلُّ يَومٍ اَنتَ في شَأنٍ ، لا يَشغَلُكُ شَأنٌ عَن شَأنٍ ، عالِمُ الغَيبِ وَاَخفى ، دَيّانُ يَومِ الدّينِ ، مُدَبِّرُ الاُمُورِ ، باعِثُ مَن فِي القُبُورِ ، مُحيِ العِظامِ وَهِيَ رَميمٌ.

اسألك باسمك المكنونِ المخزونِ الحيّ القيّوم الذي لا يَخيبُ مَن سألكَ به ، أن تصلّيَ على محمّدٍ وآل محمّد ، وأن تُعَجّلَ فرجَ المنتقم لك من أعدائك وأنجز له ما وعدته يا ذا الجلال والاكرام» (٢).

__________________

(١) البحار : ج ٨٦ ص ٦٢ ب ٣٩ ح ١.

(٢) البحار : ج ٨٦ ص ٨٠ ب ٤٠ ح ٨.

١٦٣

٧ ـ الدعاء المذكور بعد الركعتين الاولتين من صلاة الليل :

«اَللّهُمَّ اِنّي اَساَلُكَ وَلَم يُسئَل مِثلُكَ ، اَنتَ مَوضِعُ مَساَلَةِ السّائِلينَ ، وَمُنتَهى رَغبَةِ الرّاغِبينَ ، اَدعُوكَ وَلَم يُدعَ مِثلُكَ ، وَاَرغَبُ اِلَيكَ وَلَم يُرغَب اِلى مِثلِكَ ، اَنتَ مُجيبُ دَعوَةِ المُضطَرّينَ وَاَرحَمُ الرّاحِمينَ.

اَساَلُكَ بِاَفضَلِ المَسائِلِ وَاَنجَحِها وَاَعظَمِها ، يا اَللّهُ يا رَحمانُ يا رَحيمُ ، وَبِاَسمائِكَ الحُسنى ، وَاَمثالِكَ العُليا ، وَنِعَمِكَ الَّتي لا تُحصى ، وَبِاَكرَمِ اَسمائِكَ عَلَيكَ ، وَاَحَبِّها اِلَيكَ ، واَقرَبِها مِنكَ وَسيلَةً ، وَاَشرَفِها عِندَكَ مَنزِلَةً ، وَاَجزَلِها لَدَيكَ ثَواباً ، وَاَسرَعِها فِي الاُمُورِ اِجابَةً.

وَبِإِسمِكَ المَكنُونِ الاَكبَرِ ، اَلاَعَزِّ الاَجَلِّ الاَعظَمِ الاَكرَمِ ، الَّذي تُحِبُّهُ وَتَهواهُ وَتَرضى بِه عَمَّن دَعاكَ بِهِ ، فَاستَجَبتَ لَهُ دُعاءَهُ ، وَحَقٌّ عَلَيكَ اَن لا تَحرِمَ سائِلَكَ وَلا تَرُدَّهُ.

وَبِكُلِّ اِسمٍ هُوَ لَكَ فِي التَّوراةِ وَالاِنجِيلِ وَالزَّبُورِ ، وَالقُرآنِ العَظيمِ ، وَبِكُلِّ اِسمٍ دَعاكَ بِهِ حَمَلَةُ عَرشِكَ ، وَمَلائِكَتُكَ وَاَنبِياؤُكَ وَرُسُلُكَ ، وَاَهلُ طاعَتِكَ مِن خَلقِكَ.

اَن تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاَن تُعَجِّلَ فَرَجَ وَلِيِّكَ وَابنِ وَلِيِّكَ ، وَتُعَجِّلَ خِزيَ اَعدائِهِ» (١).

٨ ـ الدعاء المروي عن الامام الباقر عليه‌السلام في قنوت يوم الجمعة :

«اَللّهُمَّ تَمَّ نُورُكَ فَهَدَيتَ ، فَلَكَ الحَمدُ رَبَّنا ، وَعَظُمَ حِلمُكَ فَعَفَوتَ ، فَلَكَ الحَمدُ ، رَبَّنا ، وَبَسَطتَ يَدَكَ فَاَعطَيتَ ، فَلَكَ الحَمدُ رَبَّنا ، وَجهُكَ اَكرَمُ الوُجُوهِ وَجاهُكَ اَكرَمُ الجاهِ ، وَجِهَتُكَ خَيرُ الجِهاتِ ، وَعَطِيَّتُكَ اَفضَلُ العَطِيَّاتِ وَاَهنَاُها ،

__________________

(١) الجنة الواقية : ص ٧٥.

١٦٤

تُطاعُ رَبَّنا فَتَشكُرُ ، وَتُعصى رَبَّنا فَتَغفِرُ لِمَن شِئتَ ، فَلَكَ الحَمدُ ، تُجيبُ المُضطَرَّ ، وَتَكشِفُ الضُّرَّ ، وَتُنجي مِنَ الكَربِ العَظيم ، وَتَقبَلُ التَّوبَةَ ، وَتَشفِي السَّقيمَ ، وَتَعفُو عَنِ الذَّنبِ ، لا يَجزي بِالائِكَ اَحَدٌ ، وَلا يَبلُغُ نَعماءَكَ قَولُ قائِلٍ.

اَللّهُمَّ اِلَيكَ رُفِعَتِ الاَصواتُ ، وَنُقِلَتِ الاَقدامُ ، وَمُدَّتِ الاَعناقُ ، وَرُفِعَتِ الاَيدي ، وَدُعيتَ بِالاَلسُنِ ، وَتُقُرِّبَ اِلَيكَ بِالاَعمالِ.

رَبَّنا اغفِر لَنا وَارحَمنا ، (وَافتَح بَينَنا وَبَينَ قَومِنا بِالحَقِّ ، وَاَنتَ خَيرُ الفاتِحينَ) (١).

اَللّهُمَّ اِنَّا نَشكُو اِلَيكَ فَقدَ نَبِيَّنا ، وَغَيبَةَ وَلِيِّنا ، وَشِدَّةَ الزَّمانِ عَلَينا ، وَوُقُوعَ الفِتَنِ ، وَتَظاهُرَ الاَعداءِ ، وَكَثرَةَ عَدُوِّنا ، وَقِلَّةَ عَدَدِنا.

فَافرُج ذلِكَ يا رَبِّ عَنّا بِفَتحٍ مِنكَ تُعَجِّلُهُ ، وَنَصرٍ مِنكَ تُعِزُّهُ ، وَاِمامِ عَدلٍ تُظهِرُهُ ، اِلهَ الحَقِّ امينَ» (٢).

٩ ـ الدعاء المروي عن الامام الرضا عليه‌السلام لقنوت صلاة الجمعة :

«اَللّهُمَّ اَصلِح عَبدَكَ وَخَليفَتَكَ ، بِما اَصلَحتَ بِه اَنبِياءَكَ وَرُسُلَكَ ، وَحُفَّهُ بِمَلائِكَتِكَ ، وَاَيِّدهُ بِرُوحِ القُدُسِ مِن عِندِكَ ، وَاسلُكهُ مِن بَينِ يَدَيهِ وَمِن خَلفِهِ رَصَداً ، يَحفَظُونَهُ مِن كُلِّ سُوءٍ ، وَاَبدِلهُ مِن بَعدِ خَوفِه اَمناً ، يَعبُدُكَ لا يُشرِكُ بِكَ شَيئاً ، وَلا تَجعَل لِاَحَدٍ مِن خَلقِكَ عَلى وَلِيِّكَ سُلطاناً ، وَأذَن لَهُ في جِهادِ عَدُوِّكَ وَعَدُوِّه ، وَاجعَلني مِن اَنصارِه ، اِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ» (٣).

١٠ ـ الدعاء المنقول بعد صلاة الصبح يوم الجمعة ، جاء فيه :

__________________

(١) سورة الاعراف : الآية ٨٩

(٢) الفقيه : ج ١ ص ٤٨٧ ح ١٤٠٤.

(٣) الكافي : ج ٢ ص ٥٢٩ ح ٢٣.

١٦٥

«اَللّهُمَّ كُن لِوَلِيَّكَ في خَلقِكَ وَلِيّاً وَحافِظاً وَقائِداً وَناصِراً حَتّى تُسكِنَهُ اَرضَكَ طَوعاً وَتُمَتِّعَهُ فيها طَويلاً ، وَتَجعَلَهُ وَذُرِّيَّتَهُ فيهَا الاَئِمَّةَ الوارِثينَ ، وَاجمَع لَهُ شَملَهُ ، وَاَكمِل لَهُ اَمرَهُ ، وَاَصلِح لَهُ رَعِيَّتَهُ ، وَثَبِّت رُكنَهُ ، وَاَفرِغِ الصَّبرَ مِنكَ عَلَيهِ ، حَتّى يَنتَقِمَ فَيَشتَفي ، وَيَشفي حَزازاتِ قُلُوبٍ نَغِلَةٍ ، وَحَراراتِ صُدُورٍ وَغرَةٍ ، وَحَسَراتِ اَنفُسٍ تَرِحَةٍ مِن دِماءٍ مَسفُوكَةٍ ، وَاَرحامٍ مَقطُوعَةٍ ، وَطاعَةٍ مَجهُولَةٍ ، قَد اَحسَنتَ اِلَيهِ البلاءَ ، وَوَسَّعتَ عَلَيهِ الالاءَ ، وَاَتمَمتَ عَلَيهِ النَّعَماءَ في حُسنِ الحِفظِ مِنكَ لَهُ.

اَللّهُمَّ اكفِهِ هَولَ عَدُوِّهِ ، وَاَنسِهِم ذِكرَهُ ، وَاَرِد مَن اَرادَهُ ، وَكِد مَن كادَهُ ، وَامكُر بِمَن مَكَرَ بِهِ ، وَاجعَل دائِرَةَ السُّوءِ عَلَيهِم.

اَللّهُمَّ فُضِّ جَمعَهم ، وَفُلِّ حَدَّهُم ، وَاَرعِب قُلُوبهُم ، وَزَلزِل اَقدامَهُم ، وَاصدَع شَعبهم ، وشَتِّت اَمرَهُم ، فَاِنَّهُم اَضاعوا الصلاةً ، واتَّبَعُوا الشَّهَواتِ ، وَعَمِلُوا السيِّئَاتِ ، وَاجتَنَبُوا الحَسَنات ، فَخُذهُم بِالمثلات وَاَرِهِم الحَسَرات ، اِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدير» (١).

١١ ـ الدعاء المروي في الحوائج المهمّة بهذا اللفظ :

«اَللّهُمَّ عَظُمَ البَلاءُ ، وَبَرِحَ الخَفاءُ ، وَانقَطَعَ الرَّجاءُ ، وَانكَشَفَ الغِطاءُ ، وَضاقَتِ الاَرضُ وَمُنِعَتِ السَّماءُ ، وَاِلَيكَ يا رَبِّ المُشتَكى ، وَعَلَيكَ المُعَوَّلُ فِي الشِّدَّةِ وَالرَّخاءِ.

اَللّهُمَّ فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَالِ مُحَمَّدٍ ، اُولِي الاَمرِ الَّذينَ فَرَضتَ عَلَينا طاعَتَهُم ، فَعَرَّفتَنا مَنزِلَتَهُم ، فَفَرِّج عَنّا بِحَقِّهِم فَرَجاً عاجِلًا كَلَمحِ البَصَرِ اَو هُوَ اَقرَبُ.

__________________

(١) البحار : ١٠٢ ص ٣٢٢.

١٦٦

يا مُحَمَّدُ يا عَلِيُّ ، اِكفِياني فَاِنَّكُما كافِيايَ ، وَانصُراني فَاِنَّكُما ناصِرايَ.

يا مَولايَ يا صاحِبَ الزَّمانِ ، اَلغوثَ اَلغَوثَ اَلغَوثَ ، اَدرِكني اَدرِكَني اَدرِكني» (١).

١٢ ـ الدعاء المذكور لزمان الغيبة :

«اَللّهُمَّ اَنتَ عَرَّفتَني نَفسَكَ ، وَعَرَّفتَني رَسُولَكَ ، وَعَرَّفتَني مَلائِكَتِكَ ، وَعَرَّفتَني نَبِيَّكَ ، وَعَرَّفتَني وُلاةَ اَمرِكَ.

اَللّهُمَّ لا آخِذَ اِلاَّ ما اَعطَيتَ ، وَلا واقِيَ اِلاّ ما وَقَيتَ ، اَللّهُمَّ لا تُغَيِّبني عَن مَنازِلِ اَولِيائِكَ ، وَلا تُزِغ قَلَبي بَعدَ اِذ هَدَيتَني.

اَللّهُمَّ اهدِني لِوِلايَةِ مَن فَرَضتَ طاعَتَهُ» (٢).

__________________

(١) البحار : ج ٥٣ ص ٢٧٥.

(٢) مهج الدعوات : ص ٣٩٦.

١٦٧
١٦٨

البحث الثالث

عُمْرُ الإمام المهدي عليه‌السلام

١٦٩
١٧٠

من الحقائق الثابتة التي لا مجال لإنكارها أو التشكيك فيها ، طول عمر مولانا الامام المهدي أرواحنا فداه ، وبقاء حياته المباركة رعاه اللّه تعالى.

وقد دلّ عليه الدليل العلمي والبرهان اليقيني.

فقد صرّحت به الروايات المتظافرة خصوصاً وعموماً ، وأفادته الأحاديث المتواترة قطعاً.

كما ثبت على ضوء القرآن الكريم ، وتوصل اليه الوجدان السليم.

أما الأحاديث الشريفة الخاصة في ذلك ، فمنها :

١ ـ حديث ابي سعيد عقيصا المتقدم ، عن الامام الحسن المجتبى عليه‌السلام جاء فيه :

«... التاسع من ولد أخي الحسين ابن سيدة الاماء ، يطيل اللّه عمره في غيبته ، ثم يُظهره في صورة شابٍّ دون أربعين سنة ، ذلك ليُعلم أن اللّه على كل شيء قدير» (١).

٢ ـ حديث محمد بن مسلم الثقفي الطحان المتقدم ، عن الامام الباقر عليه‌السلام ، جاء فيه :

«فأما شبهه من يونس بن متى ، فرجوعه من غيبته وهو شابٌّ بعد كبر

__________________

(١) كمال الدين : ص ٣١٦ ب ٢٩ ح ٢.

١٧١

السن» (١).

٣ ـ حديث سدير الصيرفي المفصّل ، عن الامام الصادق عليه‌السلام ، جاء فيه :

«... وأمّا العبد الصالح أعني الخضر عليه‌السلام ، فإنّ اللّه تبارك وتعالى ما طوَّل عمره لنبوَّة قدَّرها له ، ولا لكتاب يُنزله عليه ، ولا لشريعة يَنسخ بها شريعة من مكان قبله من الأنبياء ، ولا لإمامة يُلزم عباده الاقتداء بها ، ولا لطاعة يُفرضها له.

بلى ، إنَّ اللّه تبارك وتعالى لمّا كان في سابق علمه أن يقدِّر من عمر القائم عليه‌السلام في أيّام غيبته ما يقدّر ، وعَلِمَ ما يكون من إنكار عباده بمقدار ذلك العمر في الطول ، طوَّل عمر العبد الصالح في غير سبب يوجب ذلك إلاّ لعلّة الاستدلال به على عمر القائم عليه‌السلام ، وليقطع بذلك حجّة المعاندين لئلاّ يكون للنّاس على اللّه حجّة» (٢).

٤ ـ حديث الريّان بن الصلت المتقدم ، عن الامام الرضا عليه‌السلام ، جاء فيه :

«وان القائم هو الذي اذا خرج كان في سنّ الشيوخ ومنظر الشبّان» (٣).

٥ ـ حديث أحمد بن اسحاق الأشعري القمي المتقدّم ، عن الامام العسكري عليه‌السلام ، جاء فيه :

«يا أحمد بن اسحاق ، مثله في هذه الأمة مثل الخضر عليه‌السلام» (٤).

٦ ـ حديث الحسن بن محمد بن صالح البزاز ، قال : سمعت الحسن بن علي العسكري عليه‌السلام يقول :

«إنَّ إبني هو القائم من بعدي وهو الذي يجرى فيه سنن الأنبياء عليهم‌السلام

__________________

(١) كمال الدين : ص ٣٢٧ ب ٣٢ ح ٧.

(٢) كمال الدين : ص ٣٥٧ ب ٣٣ ح ٥٠.

(٣) كمال الدين : ص ٣٧٦ ب ٣٥ ح ٧.

(٤) كمال الدين : ص ٣٨٤ ب ٤٦ ح ٤.

١٧٢

بالتعمير والغيبة ...» (١).

٧ ـ حديث سعيد بن جبير ، قال : سمعت سيد العابدين علي بن الحسين عليه‌السلام يقول :

«في القائم سُنّة من نوح عليه‌السلام وهي طول العمر» (٢).

٨ ـ حديث حماد بن عبدالكريم الجلّاب ، قال : ذكر القائم عند أبي عبداللّه عليه‌السلام ، فقال :

«أما انه لو قد قام لقال الناس : أنّى يكون هذا؟ وقد بليت عظامه مذ كذا وكذا» (٣).

هذا الى غير ذلك من الأحاديث الاُخرى المفيدة طول عمره عليه‌السلام ، وقد اشير اليها من طريق الفريقين في منتخب الأثر (٤).

اما على ضوء القرآن الكريم (٥)

فإن طول العمر وبقاء الانسان في الحياة قروناً متطاولة ، قد ثبت على

__________________

(١) كمال الدين : ص ٥٢٤ ب ٤٦ ح ٤.

(٢) كمال الدين : ص ٥٣٤ ب ٤٦ ح ٥.

(٣) الغيبة للنعماني : ص ١٥٥ ح ١٤.

(٤) منتخب الأثر : ص ٢٧٨ ـ ٢٨٥ ، عن كمال الدين والغيبتين والخرائج من الخاصة ، وينابيع المودة من العامة ، وكذلك من الشافعي الكنجي في كتاب البيان ، كما حكاه في : احقاق الحق : ج ١٩ ص ٦٩٨.

(٥) هذا جواب على اشكال بعض المخالفين على طول عمره عليه‌السلام الذي نقله في : كنز الفوائد : ص ٢٤٤ ، وسيأتي ذكره.

ونجيب على ذلك بالكتاب الكريم ، والسنة المتفق عليها بين الفريقين ، والدليل الوجداني الموجود في البين ، مؤيدين ذلك بموافقة الطبيعة البشرية ، ثم تصريحات الاصول العلمية.

وليُعلم بدواً انه يكفي في الجواب عن ذلك الاشكال ، ما يستفاد من بعض الأحاديث المباركة المتقدمة : رقم ١ و ٢. ان السر في طول عمره الشريف رعاه الله ، هو إعجاز الله تعالى بإبقاءه شابّاً وحفظه في هذا السن كاملاً ؛ والله تعالى على كل شيء قدير ، وبيد قدرته الشيب والشباب والموت والحياة.

١٧٣

ضوء القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل قطعاً. فلا مجال لاستبعاده او استحالته او الاشكال فيه أبداً.

فقد جاء في القرآن الكريم بالنسبة الى نبي اللّه نوح قوله تعالى : (ولقد أرسلنا نوحاً الى قومِهِ فلبثَ فيهم ألفَ سنةٍ الا خمسينَ عاماً فأخذهُمُ الطوفانُ وهم ظالمون) (١).

فتلاحظ أن الآية المباركة صريحة في أن النبي نوح عليه‌السلام لبث في قومه بعد إرساله ونبوّته ٩٥٠ سنة ، تسعة قرون ونصف.

وأما مجموع عمره الشريف فهو أكثر من هذا ، اذ روي انه عمّر ٢٥٠٠ عام.

ففي حديث هشام بن سالم عن الامام الصادق عليه‌السلام :

«عاش نوح عليه‌السلام ألفي سنة وخمسمائة سنة ، منها ثمانمائة وخمسون سنة قبل أن يُبعث ، وألف سنة إلّا خمسين عاماً وهو في قومه يدعوهم ، وسبعمائة عام بعد ما نزل من السفينة ونضب الماء ، فمصّر الأمصار وأسكن ولده البلدان.

ثمَّ إنَّ مَلَك الموت عليه‌السلام جاءه وهو في الشمس ، فقال له : السلام عليك. فردَّ الجواب.

فقال له : ما جاء بك يا مَلَك الموت؟

فقال : جئت لأقبض روحك.

فقال له : تَدَعُني أخرج من الشمس إلى الظلِّ؟

فقال له : نعم.

فتحوَّل نوح عليه‌السلام ، ثمَّ قال : يا مَلَك الموت ، كأنَّ ما مرَّ بي من الدُّنيا مثل

__________________

(١) سورة العنكبوت : الآية ١٤.

١٧٤

تحوُّلي من الشمس إلى الظلِّ ، فامض لما اُمرت به. قال : فقبض روحه عليه‌السلام» (١).

وهذا يعطي تحقق طول العمر قروناً طويلة.

بل يمكن التعمير الى يوم القيامة بمشيئة اللّه وارادته وقدرته ، كما أخبر به اللّه تعالى بالنسبة الى نبيّه يونس بن متّى ، فقال عزّ من قائل : (فالتقمَهُ الحوتُ وهو مُليم * فلولا أَنّه كانَ من المسبِّحين * للَبِثَ في بطنِهِ الى يومِ يُبعثون) (٢).

اذ الظاهر ـ واللّه العالم ـ انه بمعنى للبث حيّاً في بطن الحوت الى يوم القيامة كما في تفسير الخاصة (٣) والعامّة (٤).

خصوصاً مع معنى كلمة اللبث لغةً وتفسيرها بـ «الاقامة بالمكان والملازمة له» المناسبة للحياة لا الموت ، كما في المفردات (٥).

وهذا يفيد قدرة اللّه تعالى على حفظ انسان وإبقاء حياته في مكانٍ كهذا ، بلا هواء ولا طعام آلاف السنين او القرون.

فكيف لا يحفظ وليّه الأعظم وحجّته الكبرى ، الذي وعد فيه أن يظهره على الدين كلّه ، ويمكّن له في الأرض ، ويجعله من الوارثين.

أليس اللّه بقادر على حفظه وابقاءه ، وطول عمره وبقاءه؟

بل إن اللّه تعالى أبقى عدوّه إبليس الى يوم الوقت المعلوم ، فكيف لا يبقى وليّه المصلح ونوره المفصح ، ويأبى اللّه إلاّ أن يتمّ نوره.

لذلك أفاد الشيخ الصدوق :

__________________

(١) كمال الدين : ص ٥٢٣ ب ٤٦ ح ١.

(٢) سورة الصافات : الآية ١٤٢ ـ ١٤٤.

(٣) كنز الدقائق : ج ١١ ص ١٨٤.

(٤) الكشّاف : ج ٤ ص ٦٢.

(٥) المفردات : ٤٤٦.

١٧٥

«ان اكثر المخالفين يسلّمون لنا حديث الخضر عليه‌السلام ويعتقدون فيه أنّه حيٌّ غائب عن الأبصار ، وأنّه حيث ذُكر حَضَر ، ولا ينكرون طول حياته ، ولا يحملون حديثه على عقولهم ويدفعون كون القائم عليه‌السلام وطول حياته في غيبته.

وعندهم أنَّ قدرة اللّه عزّ وجلّ تتناول إبقاءه الى يوم النفخ في الصور ، وإبقاء إبليس مع لعنته الى يوم الوقت المعلوم في غيبته ، وأنّها لا تتناول إبقاءه حجّة اللّه على عباده مدَّة طويلة في غيبته ، مع ورود الأخبار الصحيحة بالنصِّ عليه بعينه واسمه ونسبه عن اللّه تبارك وتعالى وعن رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعن الأئمّة عليهم‌السلام» (١).

وقال شيخ الطائفة :

«فان قيل : ادعاؤكم طول عمر صاحبكم امر خارق للعادات مع بقاءه على قولكم كاملَ العقل تامَّ القوة والشباب ، لأنه على قولكم في هذا الوقت ـ الذي هو سنة سبع واربعين واربعمائة ـ واحد وتسعون سنة.

لأن مولده على قولكم سنة ست وخمسون ومائتين ولم تجر العادة بان يبقى احد من البشر هذه المدة ، فكيف انتقضت العادة فيه؟ ولا يجوز انتقاضها الا على يد الأنبياء.

قلنا : الجواب عن ذلك من وجهين :

احدهما : انا لا نسلم ان ذلك خارق لجميع العادات.

بل العادات فيما تقدم قد جرت بمثلها واكثر من ذلك ، وقد ذكرنا بعضها كقصة الخضر عليه‌السلام ، وقصة اصحاب الكهف ، وغير ذلك.

وقد اخبر اللّه تعالى عن نوح عليه‌السلام ، انه لبث في قومه الف سنة الا خمسين عاماً ، واصحاب السِِيَر يقولون إنه عاش اكثر من ذلك ، وانما دعا قومه الى اللّه

__________________

(١) كمال الدين : ص ٣٩٢.

١٧٦

تعالى هذه المدّة المذكورة بعد ان مضت عليه ستون من عمره.

وروى اصحاب الأخبار : ان سلمان الفارسي رضي‌الله‌عنه لقي عيسى ابن مريم عليه‌السلام ، وبقى الى زمان نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخبره مشهور ، واخبار المعمرين من العرب والعجم معروفة مذكورة في الكتب والتواريخ.

وروى اصحاب الحديث : ان الدجال موجود وأنه كان في عصر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وانه باق الى الوقت الذي يخرج فيه وهو عدو اللّه.

فاذا جاز في عدو اللّه لضرب من المصلحة ، فكيف لا يجوز مثله في ولي اللّه ، ان هذا من العناد ...» (١).

وقال المحقق الكراجكي في كتاب البرهان من كنز الفوائد :

«فاما من أقرّ بها (اي الامامة) وأنكر جواز تراخي الأعمار وطولها ، فانّ القرآن يخصمه بما تضمّنه من الخبر عن طول عمر نوح عليه‌السلام.

قال اللّه تعالى : (فلبِثَ فيهم الفَ سنةٍ الا خمسينَ عاماً) ، ولا طريق الى الانصراف عن ظاهر القرآن الاّ ببرهان.

وقد اجمع المسلمون على بقاء الخضر عليه‌السلام من قبل زمان موسى عليه‌السلام الى الآن وانّ حياته متّصلة الى آخر الزمان ، وما اجمع عليه المسلمون فلا سبيل الى دفعه بحال من الأحوال.

فان قال لك الخصم : هذان نبيّان ويجوز ان يكون طول اعمارهما معجزا لهما وكرامة يميّزا بها عن الأنام ، ولا يصحّ ان يكون هذا المعجز والاكرام الاّ للأنبياء عليهم‌السلام.

فقل له : يفسد هذا عليك بما استقرّ عليه الاتفاق من بقاء ابليس اللعين من

__________________

(١) كتاب الغيبة : ص ٧٨.

١٧٧

عهد آدم عليه‌السلام ، وقبل ذاك الى الآن ، وانه سيبقى الى الوقت المعلوم كما نطق به القرآن ، وليس ذلك معجزاً له ولا على سبيل الاكرام.

واذا اشترك الولي والعدو في طول العمر ، عُلم انّ السبب في ذلك غير ما ذكرت ، وانه لمصلحة لا يعلمها الاّ اللّه تعالى دون العباد.

فان انكر الخصم ابليس وبقاءه ، خرج عن ظاهر الشريعة ودفع اجماع الامة ، وان تاوّل ذلك طولب على صحّة تأويله بالحجّة.

ولو سلّم طول العمر معجزاً للمعمّر واكرام ولم ينكر ابليس وطول عمره على ممرّ الأزمان كان لك ان تقول : ان حكم الامام عندنا كحكم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الاحتجاج وجواز ظهور المعجز والاكرام بما يتميّز به عن الأنام ، فليس بمنكر ان يطيل اللّه تعالى عمره على سبيل المعجز والاكرام.

واعلم ـ ايّدك اللّه ـ انّ المخالفين لك في جواز امتداد الأعمار ممّن يقر بالاسلام ، لا يكلّمونك الاّ بكلام مستعار.

فمنهم من ينطق بلسان الفلاسفة فيقول : انّ طول العمر من المستحيل في العقول الذي يثبت على جوازه دليل.

ومنهم من ينطق بلسان المنجّمين فيقول : انّ الكواكب لا تعطى احداً من العمر اكثر من مائة وعشرين سنة ...

ومنهم من ينطق بلسان الأطبّاء واصحاب الطبائع فيقول : انّ العمر الطبيعي هو مائة وعشرون سنة ، فاذا انتهى اليها فقد بلغ غاية ما يمكن فيه صحّة الطباع وسلامتها ، وليس بعد بلوغ غاية السلامة الاّ ضدّها.

وليس على يد احد منهم الاّ الدعوى ، ولا يستند الاّ الى العصبيّة والهوى ، فاذا عضّهم الحجاج رجعوا أجمعين الى الشاهد المعتاد ، فقالوا : انّا لَم نَرَ احدا تجاوز في العمر الى هذا القدر ولا طريق لنا الى اثبات ما لم نَرَ ، وهذا الذي جرت

١٧٨

به العادة والعادة اصحّ دلالة.

وجميعهم خارجون عن حكم الملّة ، مخالفون لما اتّفقت عليه الأمّة ولما سلف ايضاً من الشرائع المتقدّمة.

لان اهل الملل كلّها متّفقون على جواز امتداد الأعمار وطولها.

وقد تضمّنت التوراة (١) من الأخبار بذلك ما ليس بينهم فيه تنازع ....

وقد تضمّنت نظيره شريعة الاسلام.

ولم نجد احداً من علماء المسلمين يخالفه او يعتقد فيه البطلان ، بل اجمعوا من جواز طول الأعمار على ما ذكرناه» (٢).

واما من دليل السنّة المباركة

فانه مضافاً الى الاحاديث المتقدمة الخاصّة بطول عمره المبارك ، قد ورد في الأخبار الكثيرة المتّفق عليها بين الفريقين ، والفائقة على التواتر ، المرويّة عن رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

«أن الأئمّة بعدي اثنا عشر؛ أوّلهم أمير المؤمنين علي عليه‌السلام وآخرهم المهدي عليه‌السلام ، وأنّهم لم يزالوا ما دام هذا الدين باقياً».

كما تلاحظها بمتونها المتّفقة واسانيدها المتعددة في احقاق الحق (٣).

ولا شك في أبديّه الدين الاسلامي الى امتداد الزمان الدنيوي ، بل الى يوم

__________________

(١) التوراة : سفر التكوين ، الاصحاح ٥ ، الآية ٥ ، ٨ ، ١١ ، ١٤ ، ١٧ ، ٢٠ ، ٢٧ ، ٣١ ، الاصحاح ٩ ، الآية ٢٩ ، والاصحاح ١١ ، الآية ١٠ ـ ١٧.

(٢) كنز الفوائد : ص ٢٤٤.

(٣) احقاق الحق : ح ١٢ ص ١ ـ ٤٨ ، وورد من طريق الفريقين في : غاية المرام : ص ٦٩١ ـ ٧١٠.

١٧٩

القيامة (١) فيكون الأئمّة عليهم‌السلام باقين الى يوم القيامة.

ولا خلاف في مضيّ واستشهاد آباء الامام المهدي عليه‌السلام يعني الأئمّة الأحد عشر قبله سلام اللّه عليهم.

ولازم ذلك بقاء الامام المهدي عليه‌السلام حيّاً بعد ان ثبت أنه ثاني عشرهم ، وأنه المستحق للامامة.

والا لزم عدم بقائهم ما بقي الدين ، وهو خلاف ما أخبر به الرسول الأمين بالقطع واليقين.

ولزم أيضاً عدم وجود إمام بين المسلمين ، فتكون ميتتهم ميتة جاهلية.

ولزم أيضاً عدم الحجّة من اللّه على الخلق ، ولولاه لساخت الأرض بأهلها؛ ولا شك في بطلان هذه اللوازم وعدم صحّتها.

فيثبت شرعاً وعقلاً كون الامام المهدي عليه‌السلام باقياً وعمره طويلاً ، رعاه اللّه من كل سوء.

هذا مضافاً الى الأحاديث الخاصّة بطول عمره المبارك الثابتة في طريق الفريقين.

وقد أشرنا الى روايات طريقنا في اول المبحث الثالث.

ونضيف أنه اشار الگنجي الشافعي الى روايات العامّة في كتاب البيان في أخبار صاحب الزمان ، قال :

«ولا امتناع في بقاءه (يعني الامام المهدي عليه‌السلام) بدليل بقاء عيسى والياس والخضر من أولياء اللّه تعالى ، وبقاء الدجال وابليس من اعداء اللّه تعالى ، وهؤلاء قد ثبت بقاؤهم بالكتاب والسنة ، وقد اتفقوا عليه ثم انكروا جواز بقاء المهدي.

__________________

(١) كما في صحيحة زرارة الواردة في : اصول الكافي : ج ١ ص ٥٨ ح ١٩.

١٨٠