مرآة العقول

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

مرآة العقول

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
المطبعة: مروي
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٧٤

بسم الله الرحمن الرحيم

باب

الإشارة والنص إلى صاحب الدار عليه‌السلام

١ ـ علي بن محمد ، عن محمد بن علي بن بلال قال خرج إلي من أبي محمد قبل مضيه بسنتين يخبرني بالخلف من بعده ثم خرج إلي من قبل مضيه بثلاثة أيام يخبرني بالخلف من بعده.

________________________________________________________

باب الإشارة والنص إلى صاحب الدار عليه‌السلام

أقول : المراد بالدار دار أبيه وجده عليهم‌السلام ، وكان يكنى عنه بذلك لأنه عليه‌السلام غاب فيه ، وما قيل : أن المراد به دار الدنيا لأن الإمام مالك الأرض فهو بعيد ، وفي بعض النسخ صاحب الزمان.

الحديث الأول : مختلف فيه ، لأن ابن بلال وثقه الشيخ في الرجال ، وقال في كتاب الغيبة أنه من المذمومين.

وقال الطبرسي في إعلام الورى والسيد بن طاوس في ربيع الشيعة أما غيبة الصغرى منهما فهي التي كانت فيها سفراؤه موجودين وأبوابه معروفين ، لا تختلف الإمامية القائلون بإمامة الحسن بن علي عليهما‌السلام فيهم ، فمنهم أبو هاشم الجعفري ، ومحمد بن علي بن بلال ، إلى آخر ما قالا.

قوله : خرج إلى من أبي محمد ، أي من جهته ، والفاعل محذوف ، أي كتاب أو خبر « قبل مضيه » أي وفاته « يخبرني » حال عن أبي محمد ، وما قيل : من أن « من » اسم بمعنى بعض ، وعبارة « عمن (١) » تختص بأبي محمد كاختصاص البعض بالكل في الثقة والأمانة فهو من الغرائب.

____________________

(١) كذا في النسخ وأنت ترى أن عبارة « عمّن » غير موجود في المتن ، فلعلّه كان في نسخة القائل هكذا « بالخلف عمّن بعده » والله العالم.

١

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن إسحاق ، عن أبي هاشم الجعفري قال قلت لأبي محمد عليه‌السلام جلالتك تمنعني من مسألتك فتأذن لي أن أسألك فقال سل قلت يا سيدي هل لك ولد فقال نعم فقلت فإن حدث بك حدث فأين أسأل عنه قال بالمدينة.

٣ ـ علي بن محمد ، عن جعفر بن محمد الكوفي ، عن جعفر بن محمد المكفوف ، عن عمرو الأهوازي قال أراني أبو محمد ابنه وقال هذا صاحبكم من بعدي.

٤ ـ علي بن محمد ، عن حمدان القلانسي قال قلت للعمري قد مضى أبو محمد فقال لي قد مضى ولكن قد خلف فيكم من رقبته مثل هذه وأشار بيده.

______________________________________________________

الحديث الثاني : صحيح.

« قال بالمدينة » أي الطيبة المعروفة ، ولعله عليه‌السلام علم أنه يدركه أو خبرا منه في المدينة ، وقيل : اللام للعهد ، والمراد بها سر من رأى يعني أن سفراءه من أهل سر من رأى يعرفونه فسلهم عنه.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور ، والمكفوف : الأعمى ، والأهواز : بالفتح : تسع كور بين بصرة وفارس.

الحديث الرابع : ضعيف على المشهور ، مختلف فيه لأن حمدان القلانسي ذمه النجاشي ، وروى الكشي توثيقه عن العياشي ، والقلانسي : بياع القلنسوة ، والعمري بفتح العين وسكون الميم هو أول السفراء الأربعة بين الحجة عليه‌السلام ، وهو أبو عمر وعثمان بن سعيد ، وثانيهم ابنه أبو جعفر محمد بن عثمان ، وثالثهم أبو القاسم الحسين بن روح النوبختي ، ورابعهم أبو الحسن علي بن محمد السمري ، فلما حضرته الوفاة سئل أن يوصي فقال : لله أمر هو بالغه ، ومات رحمه‌الله سنة تسع وعشرين وثلاثمائة فوقعت الغيبة الكبرى التي نحن فيها ، ونسأل الله تعجيل الفرج وكشف الغمة عن هذه الأمة.

« وأشار بيده » أي فرج من كل من يديه إصبعيه الإبهام والسبابة وفرج

٢

٥ ـ الحسين بن محمد الأشعري ، عن معلى بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن عبد الله قال خرج عن أبي محمد عليه‌السلام حين قتل الزبيري لعنه الله هذا جزاء من اجترأ على الله في أوليائه يزعم أنه يقتلني وليس لي عقب فكيف رأى قدرة الله فيه وولد له ولد سماه م ح م د في سنة ست وخمسين ومائتين.

______________________________________________________

بين اليدين كما هو الشائع عند العرب والعجم في الإشارة إلى غلظ الرقبة ، أي شاب قوي رقبته هكذا ، ويؤيده أن في رواية الشيخ : وأومأ بيده ، وفي رواية أخرى رواه : قال : قد رأيته عليه‌السلام وعنقه هكذا ، يريد أنه أغلظ الرقاب حسنا وتماما. الخبر.

وقال أكثر الشارحين لعدم أنسهم بمصطلحات الحديث وعدم سماعه من أهله المراد بالرقبة القد والقامة ، وأشار إلى طول قامته تسمية للكل باسم الجزء ، وقال بعضهم : طول الرقبة يعبر به عن الاستقلال والاستبداد بالأمر.

أقول : ويخطر بالبال معنى آخر وهو أنه أشار إلى رقبة نفسه كما ورد في بعض روايات إكمال الدين وأشار بيده إلى رقبته ، وفي هذا الخبر أيضا هكذا وأشار بيديه جميعا إلى عنقه ، وإن احتمل في هذا أيضا إرجاع الضمير إلى الإمام عليه‌السلام لكنه بعيد.

الحديث الخامس : ضعيف على المشهور ، والزبيري : كان لقب بعض الأشقياء من ولد الزبير كان في زمانه عليه‌السلام فهدده وقتله الله على يد الخليفة أو غيره ، وصحف بعضهم وقرأ بفتح الزاء وكسر الباء من الزبير بمعنى الداهية كناية عن المهتدي العباسي ، حيث قتله الموالي ، وتقطيع الحروف لعدم جواز التسمية.

وتاريخ الولادة الشريفة في هذا الخبر مناف لما سيأتي في أبواب التاريخ في كلام المصنف حيث قال : ولد عليه‌السلام للنصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين ، ولعله لم يعبره بهذه لأنه من كلام الراوي ، ويمكن الجمع بينهما بما شاع بين أهل الحساب من أنهم يسقطون الكسور لا سيما إذا كانت أقل من النصف ، وقد يعدونها تامة لا سيما

٣

٦ ـ علي بن محمد ، عن الحسين ومحمد ابني علي بن إبراهيم ، عن محمد بن علي بن عبد الرحمن العبدي من عبد قيس ، عن ضوء بن علي العجلي ، عن رجل من أهل فارس سماه قال أتيت سامراء ولزمت باب أبي محمد عليه‌السلام فدعاني فدخلت عليه وسلمت

______________________________________________________

إذا كانت أكثر من النصف ، ففي هذا الخبر عد الكسر تاما لكونه أكثر من النصف ، والمصنف أسقط الكسر وهذا أحسن مما قيل إنه يمكن الجمع بينهما بكون الأولى منهما مبنيا على جعل مبدأ التاريخ الهجري غرة ربيع الأول ، لأن مهاجرة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى المدينة كانت فيه واستمر إلى زمان خلافة عمر ، وكون الثاني منهما مبنيا على جعل مبدأ التاريخ غرة المحرم الذي بعد ربيع الأول بعشرة أشهر ، قال ابن الجوزي في التلقيح : وكان التاريخ من شهر ربيع الأول إلا أنهم ردوه إلى المحرم لأنه أول السنة « انتهى » لأن ما ذكره لا يدل على اختلاف في التاريخ مستمرا كما لا يخفى.

الحديث السادس : مجهول « سماه » أي العجلي ونسبة محمد بن علي وعلي بن إبراهيم إن كان هو المشهور ففي رواية الكليني عنه بواسطتين بعيد لكن قد يكون الرواية عن المعاصر بوسائط ، لا سيما في أمثال هذه الأمور النادرة ، ويؤيده أن رواية الكليني مع قرب عهده عن رأي القائم عليه‌السلام في صغره لا يحتاج بحسب المرتبة إلى تلك الوسائط الكثيرة ، وعندي كتاب العلل تأليف محمد بن علي بن إبراهيم القمي المشهور ، لكن الظاهر أن المذكور هنا هو محمد بن علي بن إبراهيم بن محمد الهمداني وكان من وكلاء الناحية المقدسة كما سيأتي.

و « سامراء » بفتح الميم وتشديد الراء ، قال في القاموس : سر من رأى بضم السين والراء أي سرور وبفتحهما ، أو بفتح الأول وضم الثاني ، وسامرا ومده البختري في الشعر أو كلاهما لحن ، وساء من رأى : بلد لما شرع في بنائه المعتصم ثقل ذلك على عسكره ، فلما انتقل بهم إليها سر كل منهم برؤيتها فلزمها هذا الاسم ، والنسبة سرمري وسامري وسري ، ( انتهى ).

٤

فقال ما الذي أقدمك قال قلت رغبة في خدمتك قال فقال لي فالزم الباب.

قال فكنت في الدار مع الخدم ثم صرت أشتري لهم الحوائج من السوق وكنت أدخل عليهم من غير إذن إذا كان في الدار رجال قال فدخلت عليه يوما وهو في دار الرجال فسمعت حركة في البيت فناداني مكانك لا تبرح فلم أجسر أن أدخل ولا أخرج فخرجت علي جارية معها شيء مغطى ثم ناداني ادخل فدخلت ونادى الجارية فرجعت إليه فقال لها اكشفي عما معك فكشفت عن غلام أبيض حسن الوجه وكشف عن بطنه فإذا شعر نابت من لبته إلى سرته أخضر ليس بأسود فقال هذا صاحبكم ثم أمرها فحملته فما رأيته بعد ذلك حتى مضى أبو محمد عليه‌السلام.

باب

في تسمية من رآه عليه‌السلام

١ ـ محمد بن عبد الله ومحمد بن يحيى جميعا ، عن عبد الله بن جعفر الحميري قال اجتمعت أنا والشيخ أبو عمرو رحمه‌الله عند أحمد بن إسحاق فغمزني أحمد بن إسحاق أن أسأله عن الخلف فقلت له يا أبا عمرو إني أريد أن أسألك عن شيء وما أنا بشاك

______________________________________________________

« ما الذي أقدمك » أي صار سبب قدومك من فارس إلى هذا البلد ، قال « رغبة » أي أقدمتني الرغبة « في خدمتك ».

« حركة » قيل : أي حركة غير مأنوسة كحركة الطست والماء لتغسيل مولود « مكانك » منصوب أي الزم مكانك « لا تبرح » تأكيد أي لا تتحرك لا إلى داخل ولا إلى خارج ، « لم أجسر » أي لم أجترئ ، واللبة بفتح اللام وتشديد الباء : الوهدة (١) فوق الصدر.

باب في تسمية من رآه (ع)

الحديث الأول : صحيح وسنده الآتي مرسل.

والغمز : العصر باليد ، والإشارة بالعين أو الحاجب.

__________________

(١) الوحدة : المكان المنخفض.

٥

فيما أريد أن أسألك عنه فإن اعتقادي وديني أن الأرض لا تخلو من حجة إلا إذا كان قبل يوم القيامة بأربعين يوما فإذا كان ذلك رفعت الحجة وأغلق باب التوبة فلم يك ينفع « نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً » فأولئك أشرار من خلق الله عز وجل وهم الذين تقوم عليهم القيامة ولكني أحببت أن أزداد يقينا وإن إبراهيم عليه‌السلام سأل ربه عز وجل أن يريه كيف يحيي الموتى « قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي » وقد أخبرني أبو علي أحمد بن إسحاق عن أبي الحسن عليه‌السلام قال سألته وقلت من أعامل أو عمن آخذ وقول من أقبل؟

______________________________________________________

« رفعت الحجة » أي القرآن والكعبة والإمام ، وفي بعض النسخ ، وقعت الحجة ، أي تمت الحجة على العباد وارتفع تكليفهم ، ولعل الأربعين من مبادئ القيامة وتقع الفتن فيها كخروج الدابة وغيره ، فما مر من أنه لو بقي في الأرض اثنان لكان أحدهما الحجة ، مخصوص بزمان التكليف وكذا قولهم : لو بقيت الأرض بغير حجة لساخت ، على أنه يمكن أن يكون السوخ كناية عن وقوع تلك الفتن ، ويمكن أيضا تخصيص الأخبار بغير الأربعين وإن بقيت التكليف فيها ، والأول أظهر.

و « إِيمانُها » فاعل ينفع و « لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ » صفة و « أَوْ كَسَبَتْ » عطف على آمنت يعني إذا تحققت هذه الآية التي هي من آيات الساعة لا ينفع الإيمان حينئذ نفسا لم يؤمن من قبل هذه الآية أو آمنت ولم تكسب في إيمانها خيرا من قبل ارتفاع التكليف.

« فأولئك أشرار من خلق الله » من اسم موصول أو حرف جر للتبعيض « تقوم عليهم القيامة » أي بعد موتهم بنفخ الصور تقوم القيامة.

وقوله : « وأن إبراهيم » استشهاد لأن سؤاله ليس بسبب الشك ، بل لتحصيل زيادة اليقين ، ويدل على أن اليقين قابل للشدة والضعف كما سيأتي تحقيقه في كتاب الإيمان والكفر « من أعامل » أي في أمور الدين أو عمن آخذ؟ الترديد من الراوي

٦

فقال له : العمري ثقتي فما أدى إليك عني فعني يؤدي وما قال لك عني فعني يقول فاسمع له وأطع فإنه الثقة المأمون وأخبرني أبو علي أنه سأل أبا محمد عليه‌السلام عن مثل ذلك فقال له العمري وابنه ثقتان فما أديا إليك عني فعني يؤديان وما قالا لك فعني يقولان فاسمع لهما وأطعهما فإنهما الثقتان المأمونان فهذا قول إمامين قد مضيا فيك.

قال فخر أبو عمرو ساجدا وبكى ثم قال سل حاجتك فقلت له أنت رأيت الخلف من بعد أبي محمد عليه‌السلام فقال إي والله ورقبته مثل ذا وأومأ بيده فقلت له فبقيت واحدة فقال لي هات قلت فالاسم قال محرم عليكم أن تسألوا عن ذلك ولا أقول هذا من عندي فليس لي أن أحلل ولا أحرم ولكن عنه عليه‌السلام فإن الأمر عند السلطان أن أبا محمد مضى ولم يخلف ولدا وقسم ميراثه وأخذه من لا حق له فيه وهو ذا عياله يجولون ليس أحد يجسر أن يتعرف إليهم أو ينيلهم شيئا وإذا وقع الاسم وقع الطلب فاتقوا الله وأمسكوا عن ذلك.

______________________________________________________

« وابنه » يعني محمد بن عثمان وهو ثاني السفراء الأربعة و « فيك » متعلق بقول ، والسجدة للشكر ، والبكاء للسرور أو للحزن لفوت الإمامين عليهما‌السلام.

« واحدة » أي مسألة واحدة « هات » اسم فعل بمعنى أعطني المسألة « فالاسم » أي فما الاسم « فليس لي » كان الفاء للتعليل وضمير « عنه » للحجة عليه‌السلام أي مأخوذ عنه ، والسلطان المعتمد العباسي محمد بن المتوكل ، صار خليفة يوم الخميس الثاني عشر من رجب سنة ست وخمسين ومائتين ، « وأخذه » أي الميراث « من لا حق له » أي جعفر الكذاب « يجولون » أي يترددون لحاجتهم « يجسر » أي يجترئ « أن يتعرف إليهم » أي يظهر معرفتهم ويألف بهم « أو ينيلهم » أي يعطيهم وهذا التعليل يعطي اختصاص تحريم الاسم بزمان الغيبة الصغرى ، لكن علل الشرع معرفات ، ويمكن أن يكون للتحريم علل كثيرة بعضها غير مختصة بزمان ، مع وقوع التصريح بالحرمة إلى خروجه عليه‌السلام ، ولا ريب أن الأحوط ترك التسمية مطلقا.

٧

قال الكليني رحمه‌الله وحدثني شيخ من أصحابنا ذهب عني اسمه أن أبا عمرو سأل عن أحمد بن إسحاق عن مثل هذا فأجاب بمثل هذا.

٢ ـ علي بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل بن موسى بن جعفر وكان أسن شيخ من ولد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بالعراق فقال رأيته بين المسجدين وهو غلام عليه‌السلام.

٣ ـ محمد بن يحيى ، عن الحسين بن رزق الله أبو عبد الله قال حدثني موسى بن محمد بن القاسم بن حمزة بن موسى بن جعفر قال حدثتني حكيمة ابنة محمد بن علي وهي عمة أبيه أنها رأته ليلة مولده وبعد ذلك.

______________________________________________________

الحديث الثاني مجهول « رأيته » أي القائم عليه‌السلام بين المسجدين أي بين المكة والمدينة ، أو بين مسجديهما ، والمال واحد ، أو بين مسجدي الكوفة والسهلة ، أو بين السهلة والصعصعة كما صرح بهما في بعض الأخبار ، « وهو غلام » أي لم تنبت لحيته بعد.

الحديث الثالث مجهول ، وضمائر « أبيه » و « رأته » و « مولده » للقائم عليه‌السلام.

والكليني رحمه‌الله أجمل القصة وهي طويلة مشهورة مذكورة في كتب الغيبة.

فمنها ما رواه الصدوق في كتاب إكمال الدين بهذا السند ، حيث رواه عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن رزق الله ، عن موسى بن محمد بن القاسم ، قال : حدثتني حكيمة بنت محمد بن علي بن موسى بن جعفر عليهما‌السلام ، قالت : بعث إلى أبو محمد الحسن بن علي عليهما‌السلام فقال : يا عمة اجعلي إفطارك الليلة عندنا ، فإنها ليلة النصف من شعبان ، وإن الله تبارك وتعالى سيظهر في هذه الليلة الحجة ، وهو حجته في أرضه ، قالت : فقلت له : ومن أمه ، قال لي : نرجس ، قلت له : والله جعلني الله فداك ما بها أثر فقال : هو ما أقول لك ، قالت : فجئت فلما سلمت وجلست جاءت تنزع خفي وقالت لي : يا سيدتي كيف أمسيت؟ فقلت : بل أنت سيدتي وسيدة أهلي قالت : فأنكرت قولي وقالت : ما هذا يا عمة؟ قالت : فقلت لها : يا بنية إن الله سيهب لك في ليلتك هذه غلاما سيدا في الدنيا والآخرة ، قالت : فجلست واستحيت فلما أن فرغت من صلاة العشاء الآخرة أفطرت وأخذت مضجعي ، فرقدت فلما أن

٨

______________________________________________________

كان في جوف الليل قمت إلى الصلاة ففرغت من صلاتي وهي نائمة ليس بها حادث ثم جلست معقبة ثم اضطجعت ثم انتبهت فزعة وهي راقدة ، ثم قامت فصلت ونامت.

قالت حكيمة : فدخلتني الشكوك فصاح بي أبو محمد عليه‌السلام من المجلس فقال : لا تعجلي يا عمة فإن الأمر قد قرب ، قالت : فقرأت : الم السجدة ، ويس ، فبينما أنا كذلك إذا انتبهت فزعة فوثبت إليها فقلت : اسم الله عليك ثم قلت لها : تحسين شيئا؟ قالت : نعم يا عمة فقلت لها : اجمعي نفسك واجمعي قلبك فهو ما قلت لك قالت حكيمة ثم أخذتني فترة وأخذتها فترة فانتبهت بحس سيدي ، فكشفت الثوب عنه فإذا أنا به عليه‌السلام ساجدا يتلقى الأرض بمساجده ، فضممته عليه‌السلام فإذا أنا به نظيف منظف ، فصاح بي أبو محمد عليه‌السلام هلمي إلى ابني يا عمة ، فجئت به إليه فوضع يده تحت أليته وظهره ، ووضع قدميه على صدره ، ثم أدلى لسانه في فيه وأمر يده على عينه وسمعه ومفاصله ثم قال : تكلم يا بني ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم صلى على أمير المؤمنين وعلى الأئمة عليهم‌السلام حتى وقف على أبيه ثم أحجم (١).

ثم قال أبو محمد عليه‌السلام : يا عمة اذهبي به إلى أمه ليسلم عليها وائتيني به ، فذهبت به فسلم عليها ورددته ووضعته في المجلس ، ثم قال : يا عمة إذا كان يوم السابع فأتينا ، قالت : فلما أصبحت جئت لأسلم على أبي محمد عليه‌السلام فكشفت الستر لأفتقد سيدي عليه‌السلام فلم أره فقلت له : جعلت فداك ما فعل سيدي؟ قال : يا عمة استودعناه الذي استودعته أم موسى عليه‌السلام.

قالت حكيمة : فلما كان اليوم السابع جئت وسلمت وجلست فقالت : هلمي إلى ابني ، فجئت بسيدي في الخرقة ففعل به كفعلته الأولى ، ثم أدلى لسانه في فيه كأنه يغذيه لبنا أو عسلا ثم قال : تكلم يا بني ، فقال عليه‌السلام : أشهد أن لا إله إلا الله

__________________

(١) أحجم عن الشيء : كفّ.

٩

٤ ـ علي بن محمد ، عن حمدان القلانسي قال قلت للعمري قد مضى أبو محمد عليه‌السلام فقال قد مضى ولكن قد خلف فيكم من رقبته مثل هذا وأشار بيده.

٥ ـ علي بن محمد ، عن فتح مولى الزراري قال سمعت أبا علي بن مطهر يذكر أنه قد رآه ووصف له قده.

٦ ـ علي بن محمد ، عن محمد بن شاذان بن نعيم ، عن خادم لإبراهيم بن عبدة النيسابوري أنها قالت كنت واقفة مع إبراهيم على الصفا فجاء عليه‌السلام حتى وقف على إبراهيم وقبض على كتاب مناسكه وحدثه بأشياء.

٧ ـ علي بن محمد ، عن محمد بن علي بن إبراهيم ، عن أبي عبد الله بن صالح أنه

______________________________________________________

وثنى بالصلاة على محمد وعلى أمير المؤمنين والأئمة صلوات الله عليهم أجمعين حتى وقف على أبيه عليه‌السلام ثم تلا هذه الآية : بسم الله الرحمن الرحيم « وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ ، وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ » (١) قال موسى : فسألت عقبة الخادم عن هذا فقال : صدقت حكيمة.

وفي روايات أخر عن حكيمة أنها رأته عليه‌السلام بعد ذلك مرارا ، وكانت تراه عليه‌السلام في أيام إمامته أيضا ، وكانت من السفراء وتسأل للناس المسائل ، وتأتي إليهم بجوابها ، وقد أوردت سائر الأخبار في ذلك في كتاب بحار الأنوار.

الحديث الرابع : مختلف فيه ، وقد مضى بعينه في الباب السابق.

الحديث الخامس : مجهول ، والقد : قامة الإنسان.

الحديث السادس : مجهول والنيسابور بالفتح معرب نيشابور.

الحديث السابع : صحيح على الظاهر لأن محمد بن علي هو ابن إبراهيم بن محمد الهمداني وأبو عبد الله لعله هارون بن عمران ، لأن النجاشي قال : محمد بن علي بن إبراهيم بن محمد الهمداني وهو وكيل الناحية وأبوه وكيل الناحية وجده وكيل

__________________

(١) سورة القصص : ٥.

١٠

رآه عند الحجر الأسود والناس يتجاذبون عليه وهو يقول ما بهذا أمروا.

٨ ـ علي ، عن أبي علي أحمد بن إبراهيم بن إدريس ، عن أبيه أنه قال رأيته عليه‌السلام بعد مضي أبي محمد حين أيفع وقبلت يديه ورأسه.

٩ ـ علي ، عن أبي عبد الله بن صالح وأحمد بن النضر ، عن القنبري رجل من ولد قنبر الكبير مولى أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال جرى حديث جعفر بن علي فذمه فقلت له فليس غيره فهل رأيته فقال لم أره ولكن رآه غيري قلت :

______________________________________________________

الناحية وابنه القاسم وكيل الناحية قال : وكان في وقت القاسم بهمدان معه أبو علي بسطام بن علي والعزيز بن زهير ثلاثتهم وكلاء في موضع واحد بهمدان وكانوا يرجعون في هذا إلى أبي محمد الحسن بن هارون الهمداني وعن رأيه يصدرون ومن قبله عن رأي أبيه أبي عبد الله هارون وكان أبو عبد الله وابنه أبو محمد وكيلين ، انتهى.

وفي كثير من أخبار الغيبة مكان أبي عبد الله بن صالح ، محمد بن صالح بن محمد ، وفي إعلام الورى أنه كان من وكلاء القائم عليه‌السلام ويحتمل أن يكون هذا هو القنبري الذي سيأتي ولو كان أبو عبد الله غير الأولين فالحديث مجهول.

« يتجاذبون عليه » أي يتنازعون ويجذب بعضهم بعضا للوصول إلى الحجر ، « ما بهذا أمروا » أي بهذا التجاذب والتنازع ، فإن أمكن بدون ذلك الوصول إليه وإلا فليكتف بالإيماء.

الحديث الثامن : مجهول.

يفع الغلام وأيفع ارتفع أو راهق العشرين.

الحديث التاسع مجهول.

مولى أبي الحسن صفة القنبري ، وقنبر الكبير هو مولى أمير المؤمنين عليه‌السلام ولا يبعد بقاء مولى الرضا إلى هذا الزمان ، ويحتمل أن يكون صفة قنبر وفي إكمال الدين محمد بن صالح بن علي بن محمد بن قنبر الكبير.

« فليس غيره » أي ليس من يمكن ظن الإمامة به غير جعفر ، وضمير « رأيته »

١١

ومن رآه قال قد رآه جعفر مرتين وله حديث.

______________________________________________________

راجع إلى غيره « قد رآه جعفر » أي الكذاب « مرتين وله حديث » أي قصة معروفة في رؤيته.

وهي ما رواه الصدوق في إكمال الدين بإسناده عن القنبري قال : خرج صاحب الزمان على جعفر الكذاب من موضع لم يعلم به عند ما نازع في الميراث عند مضي أبي محمد عليه‌السلام فقال له : يا جعفر ما لك تعرض في حقوقي؟ فتحير جعفر وبهت ، ثم غاب عنه فطلب جعفر بعد ذلك في الناس فلم يره ، فلما ماتت الجدة أم الحسن أمرت أن تدفن في الدار فنازعهم وقال : هي داري لا تدفن فيها ، فخرج عليه‌السلام فقال له : يا جعفر دارك هي ، ثم غاب فلم يره بعد ذلك ، فهاتان هما المرتان اللتان وردتا في هذا الخبر.

لكن ورد في بعض الأخبار أنه رآه عليه‌السلام مرة أخرى أيضا وهو ما رواه الصدوق رحمه‌الله أيضا عن أبي الأديان قال : كنت أخدم الحسن بن علي العسكري عليه‌السلام وأحمل كتبه إلى الأمصار ، فدخلت إليه في علته التي توفي فيها صلوات الله عليه فكتب معي كتبا وقال : تمضي بها إلى المدائن فإنك ستغيب خمسة عشر يوما فتدخل إلى سر من رأى يوم الخامس عشر وتسمع الواعية (١) في داري ، وتجدني على المغتسل ، قال أبو الأديان : فقلت : يا سيدي فإذا كان ذلك فمن؟ قال : من طالبك بجوابات كتبي فهو القائم بعدي ، فقلت : زدني فقال : من يصلي علي فهو القائم بعدي ، فقلت : زدني فقال : من أخبر بما في الهميان فهو القائم بعدي ، ثم منعتني هيبته أن أسأله ما في الهميان وخرجت بالكتب إلى المدائن وأخذت جواباتها ، ودخلت سر من رأى يوم الخامس عشر كما قال لي عليه‌السلام ، فإذا أنا بالواعية في داره وإذا أنا بجعفر بن علي أخيه بباب الدار والشيعة حوله يعزونه ويهنئونه ، فقلت في نفسي : إن يكن الإمام فقد بطلت الإمامة لأني كنت أعرفه بشرب النبيذ ويقامر في الجوسق (٢)

__________________

(١) الواعية : الصراخ على الميّت.

(٢) الجوسق : القصر.

١٢

١٠ ـ علي بن محمد ، عن أبي محمد الوجناني أنه أخبرني عمن رآه أنه خرج من الدار قبل الحادث بعشرة أيام وهو يقول اللهم إنك تعلم أنها من أحب البقاع لو لا الطرد : « أو كلام هذا نحوه ».

______________________________________________________

ويلعب بالطنبور فتقدمت فعزيت وهنيت فلم يسألني عن شيء ، ثم خرج عقيد فقال : يا سيدي قد كفن أخوك فقم للصلاة عليه (١) فدخل جعفر بن علي والشيعة من حوله يقدمهم السمان والحسن بن علي قتيل المعتصم المعروف بسلمة.

فلما صرنا بالدار إذا نحن بالحسن بن علي صلوات الله عليه على نعشه مكفنا فتقدم جعفر بن علي ليصلي على أخيه فلما هم بالتكبير خرج صبي بوجهه سمرة ، (٢) بشعره قطط بأسنانه تفليج فجبذ رداء جعفر بن علي وقال : تأخر يا عم فأنا أحق بالصلاة على أبي ، فتأخر جعفر وقد أربد وجهه (٣) فتقدم الصبي فصلى عليه ودفن إلى جانب قبر أبيه ، ثم قال : يا بصري هات جوابات الكتب التي معك فدفعتها إليه ، وقلت في نفسي : هذه اثنتان ، بقي الهميان ، ثم خرجت إلى جعفر بن علي وهو يزفر (٤) فقال له حاجز الوشاء : يا سيدي من الصبي لنقيم عليه الحجة؟ فقال : والله ما رأيته قط ولا عرفته ، إلى آخر الخبر.

الحديث العاشر : مجهول.

« عمن رآه » أي القائم عليه‌السلام « قبل الحادث » أي وفاة أبي محمد عليه‌السلام أو التجسس له من السلطان والتفحص عنه ووقوع الغيبة الصغرى « أنها » أي الدار أو مدينة سر من رأى « لو لا الطرد » أي دفع الظالمين إياي.

__________________

(١) وفي المصدر « فقم فصلّ عليه ».

(٢) السمرة : ما بين السواد والبياض ، وبالفارسية « گندمگون ». وقط الشعر قط الشعر قططا : كان قصيرا جعدا. والفلج ـ بالتحريك ـ تباعد ما بين الثنايا والرباعيات ، وفي وصف النبي (ص) كان مفلج الأسنان. وجبذ بمعنى جذب.

(٣) اربدّ وجهه : تغيّر.

(٤) زفر الرجل : أخرج نفسه مع مدّه يداه.

١٣

١١ ـ علي بن محمد ، عن علي بن قيس ، عن بعض جلاوزة السواد قال شاهدت سيماء آنفا بسر من رأى وقد كسر باب الدار فخرج عليه وبيده طبرزين فقال له ـ ما تصنع في داري فقال سيماء إن جعفرا زعم أن أباك مضى ولا ولد له فإن كانت دارك فقد انصرفت عنك فخرج عن الدار قال : علي بن قيس فخرج علينا خادم من خدم الدار فسألته عن هذا الخبر فقال لي من حدثك بهذا فقلت له حدثني بعض جلاوزة السواد فقال لي لا يكاد يخفى على الناس شيء.

١٢ ـ علي بن محمد ، عن جعفر بن محمد الكوفي ، عن جعفر بن محمد المكفوف ، عن عمرو الأهوازي قال أرانيه أبو محمد عليه‌السلام وقال هذا صاحبكم.

١٣ ـ محمد بن يحيى ، عن الحسن بن علي النيسابوري ، عن إبراهيم بن محمد

______________________________________________________

الحديث الحادي عشر : مجهول أيضا.

« الجلاوزة » بفتح الجيم وكسر الواو جمع الجلواذ بالكسر وهو الشرطي كتركي وجهني ، وهم طائفة من أعوان الولاة ، أو هم أول كتيبة تشهد الحرب ، والظاهر أنهم الذين يقال لهم بالفارسية « يساول » ويقال لأرض العراق « السواد » لخضرتها وكثرة الأشجار فيها ، وفي القاموس : السواد من البلدة قرأها ، واسم رستاق العراق ، « وسيماء » بالكسر والمد اسم بعض خدم الخليفة بعثه لضبط الأموال لجعفر الكذاب ، أو لتفحص أنه هل لأبي محمد عليه‌السلام ولد أو بعض خدم جعفر ، وفي غيبة الشيخ بسيم ، فلما لم يفتحوا الباب كسره ، والطبرزين آلة معروفة للحرب والضرب ، وتعجب الخادم من انتشار الخبر لأن أهل الدار كانوا يخفون ذلك تقية ، وسيماء يخفيه لمصلحة مولاه عن غيره.

الحديث الثاني عشر : ضعيف وقد مر في الباب السابق.

الحديث الثالث عشر : مجهول ، والظاهر أن ظريفا كان خادم أبيه عليهما‌السلام وتفصيل هذه القصة مروي في كشف الغمة قال : رأيته وهو في المهد ، فقال ائتني

١٤

بن عبد الله بن موسى بن جعفر ، عن أبي نصر ظريف الخادم أنه رآه.

١٤ ـ علي بن محمد ، عن محمد والحسن ابني علي بن إبراهيم أنهما حدثاه في سنة تسع وسبعين ومائتين ، عن محمد بن عبد الرحمن العبدي ، عن ضوء بن علي العجلي ، عن رجل من أهل فارس سماه أن أبا محمد أراه إياه.

١٥ ـ علي بن محمد ، عن أبي أحمد بن راشد ، عن بعض أهل المدائن قال كنت حاجا مع رفيق لي فوافينا إلى الموقف فإذا شاب قاعد عليه إزار ورداء وفي رجليه نعل صفراء قومت الإزار والرداء بمائة وخمسين دينارا وليس عليه أثر السفر فدنا منا سائل فرددناه فدنا من الشاب فسأله فحمل شيئا من الأرض وناوله فدعا له السائل واجتهد في الدعاء وأطال فقام الشاب وغاب عنا فدنونا من السائل فقلنا له ويحك ما أعطاك فأرانا حصاة ذهب مضرسة قدرناها عشرين مثقالا فقلت لصاحبي مولانا عندنا ونحن لا ندري ثم ذهبنا في طلبه فدرنا الموقف كله فلم نقدر عليه فسألنا كل من كان حوله من أهل مكة والمدينة فقالوا شاب علوي يحج في كل سنة ماشيا.

______________________________________________________

بصندل (١) أحمر فأتيته به فقال لي : أتعرفني؟ قلت : نعم أنت سيدي وابن سيدي ، فقال : لم أسألك عن هذا ، فقلت : فسر لي فقال : أنا خاتم الأوصياء وبي يرفع الله البلاء عن أهلي وشيعتي.

الحديث الرابع عشر : مجهول وقد مر مفصلا في الباب السابق واقتصر هنا على قدر الحاجة وفي السند السابق كان عن الحسين ومحمد ابني علي بن إبراهيم وهنا عن محمد والحسن ، وأحدهما تصحيف من النساخ فتفطن.

الحديث الخامس عشر : مجهول أيضا « فوافينا » أي انتهينا ، وأصل الموافاة أداء الحق بتمامه « إلى الموقف » أي عرفات « ويحك » نداء للتعجب « مضرسة » أي كانت على هيئة الحصاة التي أخذها ذات أضراس « مولانا » أي القائم عليه‌السلام وإنما عرفوا ذلك لظهور المعجز على يده صلوات الله عليه.

__________________

(١) الصندل : خشبة طيّب الرائحة ومرغوب فيه جدّا وهو من الأدوية ، أحرّه الأحمر ثم الأصفر وأبرده الأبيض.

١٥

باب في النهي عن الاسم

١ ـ علي بن محمد عمن ذكره ، عن محمد بن أحمد العلوي ، عن داود بن القاسم الجعفري قال سمعت أبا الحسن العسكري عليه‌السلام يقول الخلف من بعدي الحسن فكيف لكم بالخلف من بعد الخلف فقلت ولم جعلني الله فداك قال إنكم لا ترون شخصه ولا يحل لكم ذكره باسمه فقلت فكيف نذكره فقال قولوا الحجة من آل محمد صلوات الله عليه وسلامه.

٢ ـ علي بن محمد ، عن أبي عبد الله الصالحي قال سألني أصحابنا بعد مضي أبي محمد عليه‌السلام أن أسأل عن الاسم والمكان فخرج الجواب إن دللتهم على الاسم أذاعوه وإن عرفوا المكان دلوا عليه.

______________________________________________________

باب في النهي عن الاسم

الحديث الأول : مجهول ، وقد مر بعينه في آخر باب النص على أبي محمد عليه‌السلام.

الحديث الثاني : وأبو عبد الله الصالحي هو أبو عبد الله بن الصالح الذي تكلمنا فيه ، ويدل على أنه كان من السفراء ويحتمل أن يكون السؤال بتوسط السفراء « أذاعوه » أي أفشوه بحيث يضر بالعيال والموالي « دلوا » أي الأعداء « عليه » وفي التعليل إيماء باختصاص النهي بالغيبة الصغرى.

وهذا الإيماء لا يصلح لمعارضة الأخبار الصريحة في التعميم ، مثل ما رواه الصدوق بإسناده عن عبد العظيم الحسني عن أبي الحسن الثالث عليه‌السلام أنه قال في القائم عليه‌السلام : لا يحل ذكره باسمه حتى يخرج فيملأ الأرض قسطا وعدلا ، الخبر.

وما رواه بسند حسن عن الكاظم عليه‌السلام أنه قال عند ذكر القائم عليه‌السلام : لا تحل لكم تسميته حتى يظهره الله عز وجل فيملأ به الأرض قسطا وعدلا « الحديث ».

وبإسناده عن جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : فسأل عمر أمير المؤمنين عليه‌السلام عن المهدي؟ فقال : يا بن أبي طالب أخبرني عن المهدي ما اسمه؟ قال : أما اسمه فلا ،

١٦

٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن جعفر بن محمد ، عن ابن فضال ، عن الريان بن الصلت قال سمعت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام يقول وسئل عن القائم فقال لا يرى جسمه ولا يسمى اسمه.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن الحسن بن محبوب ، عن ابن رئاب

______________________________________________________

إن حبيبي وخليلي عهد إلى أن لا أحدث باسمه حتى يبعثه الله عز وجل ، وهو مما استودعه الله عز وجل رسوله في علمه ، والأخبار في ذلك كثيرة.

وما ورد في الأخبار والأدعية من التصريح بالاسم فأكثره معلوم أنه إما من الرواة أو من الفقهاء المجوزين للتسمية في زمان الغيبة الكبرى ، كالشيخ البهائي قدس‌سره في مفتاح الفلاح وغيره ، فإنه لما زعم الجواز صرح بالاسم وفي سائر الروايات والأدعية إما بالألقاب أو بالحروف المقطعة ، مع أن بعض الأخبار المتضمنة للاسم إنما يدل على جواز ذلك لهم لا لنا ، وما ورد في الأخبار من الأمر بتسمية الأئمة عليهما‌السلام فيمكن أن يكون على التغليب أو التجوز بذكره عليه‌السلام بلقبه وسائر الأئمة بأسمائهم ، وهذا مجاز شائع تعدل الحقيقة.

الحديث الثالث : موثق على الظاهر إذ الأظهر أن جعفر بن محمد هو ابن عون الأسدي ، وربما يظن أنه ابن مالك فيكون ضعيفا وإن كان في ضعفه أيضا كلام ، لأن ابن الغضائري إنما قدح فيه لروايته الأعاجيب ، والمعجز كله عجيب ، وهذا لا يصلح للقدح.

« لا يسمى اسمه » نائب الفاعل الضمير في يسمى الراجع إليه عليه‌السلام « واسمه » منصوب مفعول ثان أو مرفوع نائب الفاعل من قبيل أعطي درهم أو منصوب بنزع الخافض ، يقال : سميته كذا وسميته بكذا والظاهر أن الاسم في هذه الأخبار لا يشمل الكنية واللقب.

الحديث الرابع : صحيح.

وفيه مبالغة عظيمة في ترك التسمية ، وربما يحمل الكافر على من كان شبيها

١٧

عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال صاحب هذا الأمر لا يسميه باسمه إلا كافر.

نادر في حال الغيبة

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمد بن خالد عمن حدثه ، عن المفضل بن عمر ومحمد بن يحيى ، عن عبد الله بن محمد بن عيسى ، عن أبيه ، عن بعض أصحابه ، عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال أقرب ما يكون العباد من الله جل ذكره وأرضى ما يكون عنهم إذا افتقدوا حجة الله جل وعز ولم يظهر لهم ولم يعلموا

______________________________________________________

بالكافر في مخالفة أوامر الله ونواهيه اجتراء ومعاندة ، وهذا كما تقول لا يجترئ على هذا الأمر إلا أسد وستعرف إطلاق الكافر في عرف الأخبار على مرتكب الكبائر ، وقد ورد في بعض الأخبار أن ارتكاب المعاصي التي لا لذة فيها تدعو النفس إليها يتضمن الاستخفاف وهو يوجب الكفر ، إذ بعد سماع النهي عن ذلك ليس ارتكابه إلا لعدم الاعتناء بالشريعة وصاحبها ، وهذا عين الكفر ، وقيل : المراد بصاحب هذا الأمر مطلق الإمام ، وتسميته باسمه مخاطبته بالاسم كان يقول : يا جعفر ، يا موسى ، وهذا استخفاف موجب للكفر ، ولا يخفى ما فيه من التكلف.

باب نادر في حال الغيبة

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

« أقرب ما يكون العباد » لعل ما مصدرية وكان تامة ومن صلة لأقرب ، أي أقرب أحوال كونهم ووجودهم من الله وأرضى أحوال رضي الله عنهم « إذا افتقدوا » خبر ونسبة القرب والرضا إلى الأحوال مجاز ، وقيل : أقرب مبتدأ مضاف إلى « ما » ومدخولها ، والعباد اسم يكون وخبره محذوف بتقدير قريبين ومن صلة قريبين ، ونسبة القرب إلى كونهم قريبين للمبالغة ، نظير جد جده « وأرضى ما يكون » بتقدير : أرضي ما يكون راضيا ، والضمير المستتر لله « وإذا » ظرف مضاف إلى الجملة وهو خبر المبتدأ « افتقدوا حجة الله » أي لم يجدوه ولم يظهر لهم ، والعطف للتفسير

١٨

مكانه وهم في ذلك يعلمون أنه لم تبطل حجة الله جل ذكره ولا ميثاقه فعندها فتوقعوا الفرج صباحا ومساء فإن أشد ما يكون غضب الله على أعدائه إذا افتقدوا حجته ولم يظهر لهم وقد علم أن أولياءه لا يرتابون ولو علم أنهم يرتابون ما غيب

______________________________________________________

« وهم » الواو للحال « في ذلك » الزمان « يعلمون أنه لم تبطل حجة الله جل ذكره » بنصب الإمام « ولا ميثاقه » على الخلق بالإقرار بالإمام ، وقيل : إشارة إلى قوله تعالى « أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الْكِتابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَ » (١) وإنما كانوا أقرب وأرضى لكون الإيمان عليهم أشد والشبه عليهم أقوى لعدم رؤيتهم الأئمة عليهما‌السلام ومعجزاتهم ، وإنما يؤمنون بالنظر في البراهين والتفكر في الآثار والأخبار ، لا سيما مع امتداد غيبة الإمام عليه‌السلام وعدم وصول خبره عليهم في الغيبة الكبرى ، وكثرة وساوس شياطين الجن والإنس في ذلك « فعندها » أي عند حصول تلك الحالة « توقعوا » أي انتظروا الفرج وهو التفصي من الهم والغم بظهور الإمام عليه‌السلام ، فإنه لما لم يوقت لكم فكل وقت من الأوقات يحتمل ظهوره فلا تيأسوا من رحمة الله ، وادعوا لتعجيل الفرج وانتظروه في جميع الأزمان ، فإنه قد شاع في التعبير عن جميع الأزمان بهذين الوقتين ، ويحتمل أن يكون المراد بالفرج إحدى الحسنيين ، إما لقاء الله أو ظهور الحجة « فإن أشد ما يكون غضب الله » في أكثر نسخ إكمال الدين وغيره « وإن » بالواو وهو أظهر ، وفي أكثر نسخ الكتاب بالفاء ، فيحتمل أن يكون بمعنى الواو أو يكون للتعقيب الذكري ، ولو كان للتعليل فيحتمل وجوها :

الأول : أن يكون التعليل من جهة أن غيبة الإمام للغضب على أعدائه وإذا كانوا مغضوبين فلا جرم يكونون في معرض الانتقام والانتقام منهم إنما يكون بأن يظهر الإمام ويهيئ أسباب غلبته حتى ينتقم منهم.

الثاني : أن يكون الغرض حصر الغضب على الأعداء كما هو ظاهر السياق ، فيكون قوله : على أعدائه خبرا فالمعنى أن شدة الغضب عند اعتقاد الحجة إنما هو

__________________

(١) سورة الأعراف : ١٦٩.

١٩

حجته عنهم طرفة عين ولا يكون ذلك إلا على رأس شرار الناس.

٢ ـ الحسين بن محمد الأشعري ، عن معلى بن محمد ، عن علي بن مرداس ، عن صفوان بن يحيى والحسن بن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن عمار الساباطي قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام أيما أفضل العبادة في السر مع الإمام منكم المستتر في

______________________________________________________

على الأعداء لا الأولياء ، وأما بالنسبة إلى الأولياء فالغيبة رحمة لهم لأن الله يعلم أنهم لا يرتابون وثوابهم على طاعتهم في الغيبة أكثر فإذا لم يكونوا مغضوبين فينبغي أن يكونوا راجين لرحمة الله ، وأعظم رحمات الله عليهم أن يظهر لهم الإمام ، حيث علم صلاحهم في ذلك.

الثالث : أن يكون المراد بالفرج أعم من لقاء الله وثوابه ، أو ظهور الإمام ، فالتعليل ظاهر بناء على الحصر المستفاد من الكلام.

الرابع : أن يكون المراد بالفرج الخلاص من شر الأعادي ، أعم من أن يكون بظهور الإمام أو بابتلاء المخالفين بما يشغلهم عنهم ، أو بغلبة الشيعة عليهم ، فالتعليل واضح لأنه إذا اشتد غضب الله عليهم فسوف يبتليهم ببلايا وآفات يندفع بها ضررهم عن الشيعة ، أو يظهر إمامهم فينتقم لهم منهم.

ثم اعلم أن شدة الغضب عليهم لأنهم صاروا سببا لغيبة الإمام عليه‌السلام بسوء سيرتهم وقبح سريرتهم « ولا يكون ذلك » أي ظهور الإمام إلا إذا فسد الزمان غاية الفساد كما ورد في أخبار كثيرة أنه يملأ الأرض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا ، ويحتمل أن يكون ذلك إشارة إلى أن الغضب في الغيبة مختص بالشرار تأكيدا لما مر والأول أظهر.

الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.

« أيما أفضل » أيما مركب من أي الاستفهام ، وما معرفة تامة بمعنى الشيء أو نكرة تامة بمعنى الشيء ، وأفضل خبر ، والعبادة أيضا مبتدأ بتقدير الاستفهام ، وخبره محذوف وهو أفضل ، ولعل المراد بالإمام المستتر هنا من كان في التقية ولم يكن

٢٠