الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
المطبعة: مروي
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٩٧
باب
ما عند الأئمة من سلاح رسول الله صلىاللهعليهوآله ومتاعه
١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن معاوية بن وهب ، عن سعيد السمان قال كنت عند أبي عبد الله عليهالسلام إذ دخل عليه رجلان من الزيدية فقالا له أفيكم إمام مفترض الطاعة قال فقال لا قال فقالا له قد أخبرنا عنك الثقات أنك تفتي وتقر وتقول به ونسميهم لك فلان وفلان وهم أصحاب ورع وتشمير وهم ممن لا يكذب فغضب أبو عبد الله عليهالسلام فقال ما أمرتهم بهذا فلما رأيا الغضب في وجهه خرجا.
فقال لي أتعرف هذين قلت نعم هما من أهل سوقنا وهما من الزيدية وهما يزعمان أن سيف رسول الله صلىاللهعليهوآله عند عبد الله بن الحسن فقال كذبا لعنهما الله والله ما رآه عبد الله بن الحسن بعينيه ولا بواحدة من عينيه ولا رآه أبوه اللهم
______________________________________________________
باب ما عند الأئمة عليهمالسلام من سلاح رسول الله (ص) ومتاعه
الحديث الأول : مجهول.
« فقال لا » قال عليهالسلام ذلك تقية ، ولعله أراد تورية : ليس فينا إمام لا بد له من الخروج بالسيف بزعمكم ، وفي المصباح المنير : التشمير في الأمر السرعة فيه والخفة ، ومنه قيل : شمر في العبادة إذا اجتهد وبالغ ، وشمر ثوبه رفعه « وهم ممن لا يكذب » على بناء المجرد المعلوم ، أو بناء التفعيل المجهول « ما أمرتهم بهذا » فيه أيضا تورية لأنه عليهالسلام كان أمرهم بالتقية ولم يأمرهم بالإذاعة عند المخالفين ، لكن ظاهره يوهم إنكار أصل القول « اللهم إلا أن يكون رآه » أي عبد الله أو أبوه ، فالمراد أنهما لم يرياه رؤية كاملة يوجب العلم بعلاماته وصفاته ، فضلا عن أن يكون عندهما ، وفي المصباح : مقبض السيف وزان مسجد وفتح الباء لغة ، وهو حيث يقبض باليد ، وقال : مضرب السيف بفتح الراء وكسرها المكان الذي يضرب به منه ، وفي الصحاح : قدر شبر من طرفه.
إلا أن يكون رآه عند علي بن الحسين فإن كانا صادقين فما علامة في مقبضه وما أثر في موضع مضربه.
وإن عندي لسيف رسول الله صلىاللهعليهوآله وإن عندي لراية رسول الله صلىاللهعليهوآله ودرعه ولامته ومغفره فإن كانا صادقين فما علامة في درع رسول الله صلىاللهعليهوآله وإن عندي لراية رسول الله صلىاللهعليهوآله المغلبة وإن عندي ألواح موسى وعصاه وإن عندي لخاتم سليمان بن داود وإن عندي الطست الذي كان موسى يقرب به القربان وإن عندي الاسم الذي كان رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا وضعه بين المسلمين والمشركين لم يصل من المشركين إلى المسلمين نشابة وإن عندي لمثل الذي جاءت به الملائكة.
______________________________________________________
والغرض أنه إن كانا صادقين في كونه عند عبد الله فليسألاه عن العلامتين فيخبرا ، وفي النهاية اللامة مهموزة : الدرع وقيل : السلاح ، ولامة الحرب أداته وتترك الهمزة تخفيفا ، والمغفر بكسر الميم ، وفي المغرب هو ما يلبس تحت البيضة ، والبيضة أيضا ، وأصل الغفر الستر ، وقال الأصمعي : المغفر زرد ينسج من الدرع على قدر الرأس يلبس تحت القلنسوة ، انتهى.
والمغلبة كمكحلة اسم آلة من الغلبة ، أو اسم فاعل من باب التفعيل ، أو اسم مفعول من باب التفعيل ، أي ما يحكم له بالغلبة قال في القاموس : المغلب المغلوب مرارا أو المحكوم له بالغلبة ، ضد ، انتهى.
« وإن عندي الطست » إلخ. القربان كان عظيما عند بني إسرائيل ، وكان الأنبياء والأوصياء صاحب قربانهم ، وهو مذكور في توراتهم وفي الصحاح : النشاب بالضم مشددة : السهام ، الواحدة نشابة « لمثل الذي جاءت به الملائكة » أي السلاح ويفسره ما بعده ، وهو إشارة إلى قوله سبحانه في قصة الطالوت : « وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ » (١) وقيل : التابوت كان صندوق التوراة وكان من خشب الشمشاد مموها بالذهب نحوا من ثلاثة أذرع في ذراعين ، وكان موسى عليهالسلام إذا قاتل قدمه فتسكن
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٤٨.
ومثل السلاح فينا كمثل التابوت في بني إسرائيل كانت بنو إسرائيل في أي أهل بيت وجد التابوت على أبوابهم أوتوا النبوة ومن صار إليه السلاح منا أوتي الإمامة ولقد لبس أبي درع رسول الله صلىاللهعليهوآله فخطت على الأرض خطيطا ولبستها أنا فكانت وكانت وقائمنا من إذا لبسها ملأها إن شاء الله.
______________________________________________________
نفوس بني إسرائيل فلا يفرون ، وقيل : كانت فيه صور الأنبياء ، وأما وجه حمل الملائكة فقيل : رفعه الله بعد موسى فنزلت به الملائكة وهم ينظرون إليه ، وقيل : كان بعده مع أنبيائهم يستفتحون به حتى أفسدوا فغلبهم الكفار عليه ، وكان في أرض جالوت إلى أن ملك طالوت ، فأصابهم بلاء حتى هلكت خمس مدائن فتشأموا بالتابوت ، فوضعوه على ثورين فساقهما الملائكة إلى طالوت.
وقال علي بن إبراهيم في تفسيره : هو التابوت الذي أنزل الله على موسى فوضعته فيه أمه وألقته في أليم ، فكان في بني إسرائيل يتبركون به ، فلما حضر موسى الوفاة وضع فيه الألواح ودرعه ، وما كان عنده من آيات النبوة وأودعه يوشع وصيه فلم يزل التابوت بينهم حتى استخفوا به وكان الصبيان يلعبون به في الطرقات ، فلم يزل بنو إسرائيل في عز وشرف ما دام التابوت عندهم ، فلما عملوا بالمعاصي واستخفوا بالتابوت رفعه الله منهم ، فلما سألوا النبي وبعث الله إليهم طالوت ملكا يقاتل معهم رد الله عليهم التابوت كما قال الله تعالى : « إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ » إلى قوله « فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ » فإن التابوت كان يوضع بين يدي العدو وبين المسلمين ، فخرج منه ريح طيبة لها وجه كوجه الإنسان ، وتفصيله في كتابنا الكبير.
« فكانت وكانت » أي كانت قريبة من الاستواء وكانت زائدة أو كانت كذلك وكانت أوفق ، وقيل : يعني قد يصل إلى الأرض وقد لا يصل ، يعني لم يختلف على وعلى أبي اختلافا محسوسا ذا قدر ، وقيل : أي فكانت لي وكانت لأبي سواء ، وقيل : أي فكانت وكانت كذلك والتكرير لإفادة تكرير اللبس « ملأها » أي لم يفضل عنه ولم يقصر ، وكان موافقا لبدنه ، ولعل هذا غير الدرع الذي استواؤه على البدن من علامات الإمامة ،
٢ ـ الحسين بن محمد الأشعري ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن بن علي الوشاء ، عن حماد بن عثمان ، عن عبد الأعلى بن أعين قال سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول عندي سلاح رسول الله صلىاللهعليهوآله لا أنازع فيه ثم قال إن السلاح مدفوع عنه لو وضع عند شر خلق الله لكان خيرهم ثم قال إن هذا الأمر يصير إلى من يلوى له الحنك فإذا كانت من الله فيه المشيئة خرج فيقول الناس ما هذا الذي كان ويضع الله له يدا على رأس رعيته.
______________________________________________________
أو هذا الدرع يستوي في أول الإمامة على كل إمام وعلى القائم عليهالسلام دائما ، أو الاستواء في الموضعين بمعنيين مختلفين.
الحديث الثاني : ضعيف على المشهور.
« لا أنازع فيه » أي لا يمكن الله المخالفين على جبرنا على أخذه منا ، أمر لا يمكنهم إنكار كونه عندنا ، أو هو من مواريث الإمامة ليس لسائر الورثة فيه شركة « مدفوع عنه » أي لا يصيبه ضرر كما سيأتي في خبر ابن حكيم ، أو لا يصيب من هو عنده معصية ولا منقصة.
قوله : « لو وضع » تفسير له أو لا يمكن للمخالفين غصبه منا « إلى من يلوي له الحنك » يقال لويت الحبل واليد ليا فتلته ، ولوى رأسه وبرأسه : أماله.
والأظهر عندي أنه إشارة إلى إنكار الناس لوجوده وظهوره ، والاستهزاء بالقائلين له أو حك الأسنان غيظا أو حنقا به بعد ظهوره ، وكلاهما شائع في العرب ، وقيل : كناية عن الإطاعة والانقياد له جبرا ، وقيل : أي يتكلم عنه ، وقيل : أصحابه محنكون ولا يخفى بعده ، وعلى التقادير المراد به القائم عليهالسلام.
« ما هذا الذي كان » تعجب من قضاياه وأحكامه القريبة وسفك دماء المخالفين أو من قهره واستيلائه ، ويحتمل على الأول أن تكون « ما » نافية ، أي ليس هذا المسلك مثل الذي كان في زمن الرسول وسائر الأئمة صلوات الله عليهم ووضع اليد كناية عن اللطف والشفقة أو القهر والغلبة للتربية كما مر في كتاب العقل عن أبي جعفر عليهالسلام قال : إذا قام قائمنا وضع الله يده على رؤوس العباد يجمع بها عقولهم وكملت به أحلامهم.
٣ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال قال ترك رسول الله صلىاللهعليهوآله في المتاع سيفا ودرعا وعنزة ورحلا وبغلته الشهباء فورث ذلك كله علي بن أبي طالب عليهالسلام.
٤ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن أبان بن عثمان ، عن فضيل بن يسار ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال لبس أبي درع رسول الله صلىاللهعليهوآله ذات الفضول فخطت ولبستها أنا ففضلت.
٥ ـ أحمد بن محمد ومحمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسن ، عن محمد بن عيسى ، عن أحمد بن أبي عبد الله ، عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام قال سألته عن ذي الفقار سيف
______________________________________________________
الحديث الثالث : صحيح.
والمتاع ما يتمتع به في البيت كالفروش والأواني والستور ، و « في » بمعنى مع أو للظرفية ، وقال الجوهري : العنزة أطول من العصا وأقصر من الرمح وفيه زج كزج الرمح ، وقال الفيروزآبادي : الرحل مركب للبعير ومسكنك ، وما تستصحبه من الأثاث وفي الصحاح : الشهبة من الألوان : البياض الذي غلب على السواد.
وأقول : الخبر يحتمل وجهين : « الأول » أن يكون المراد بالترك البقاء إلى مرض الموت ، وبالتوريث إعطاءه إياه عند الموت ، والثاني : أن يكون المعنى أنه سلم جميع ميراث الوصي إليه في مرضه الذي مات فيه سوى الأشياء الخمسة ، فإنها كانت معه إلى موته وانتقلت بعده إلى أمير المؤمنين عليهالسلام.
الحديث الرابع : ضعيف.
وقال في النهاية : فيه إن اسم درعه كان ذات الفضول لفضلة كان فيها وسعة.
الحديث الخامس : صحيح ظاهرا لكن في السند غرابة إذ أحمد بن أبي عبد الله ليس في الرجال إلا أحمد بن محمد بن خالد البرقي وهو لا يروي عن الرضا عليهالسلام وقد يروي عن الجواد والهادي عليهماالسلام ومحمد بن عيسى العبيدي أعلى منه مرتبة فكيف يروي عنه ،
رسول الله صلىاللهعليهوآله من أين هو قال هبط به جبرئيل عليهالسلام من السماء وكانت حليته من فضة وهو عندي.
٦ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن محمد بن حكيم ، عن أبي إبراهيم عليهالسلام قال السلاح موضوع عندنا مدفوع عنه لو وضع عند شر خلق الله كان خيرهم لقد حدثني أبي أنه حيث بنى بالثقفية وكان
______________________________________________________
ولعل فيه اشتباها.
وقال في النهاية : فيه أنه كان اسم سيفه ذا الفقار لأنه كان فيه فقر صغار حسان والمفقر من السيوف الذي فيه خروز مطمئنة ، انتهى.
وحلية السيف بالكسر : زينته ، وسيأتي الخبر في الروضة بسند آخر عن الرضا عليهالسلام ، وفيه : مكان حليته حلقته ، وعلى التقديرين يدل على جواز كون حلية السيف أو حلقته من فضة كما ذكره الأصحاب ، وفيه رد على العامة القائلين بأن ذا الفقار كان مما غنمه النبي صلىاللهعليهوآله من الكفار ، قال في القاموس : ذا الفقار بالفتح سيف العاص بن منبه قتل يوم بدر كافرا ، فصار إلى النبي صلىاللهعليهوآله ثم صار إلى علي عليهالسلام.
الحديث السادس : حسن.
« لقد حدثني أبي » نقل هذا الحكاية لتأييد كونه مدفوعا عنه « حيث بنى بالثقفية » أي تزوج الامرأة التي كانت من قبيلة ثقيف ، وأدخلت عليه ، قال الجزري الابتناء والبناء الدخول بالزوجة ، والأصل فيه أن الرجل كان إذا تزوج امرأة بنى عليها قبة ليدخل بها فيها ، فيقال : بنى الرجل أهله ، قال الجوهري : ولا يقال بنى بأهله ، وهذا القول فيه نظر ، فإنه قد جاء في غير موضع من الحديث وغير الحديث وعاد الجوهري استعمله في كتابه ، انتهى.
وأقول : هذا الحديث أيضا يصحح قول الجزري « وقد كان شق له في الجدار » أي كان قبل ذلك شق للسلاح في الجدار شق وأخفي فيه لئلا يصل إليه ضرر ، ولا
قد شق له في الجدار فنجد البيت فلما كانت صبيحة عرسه رمى ببصره فرأى حذوه خمسة عشر مسمارا ففزع لذلك وقال لها تحولي فإني أريد أن أدعو موالي في حاجة فكشطه فما منها مسمار إلا وجده مصرفا طرفه عن السيف وما وصل إليه منها شيء.
٧ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان بن يحيى ، عن ابن مسكان ، عن حجر ، عن حمران ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال سألته عما يتحدث الناس أنه دفعت إلى أم سلمة صحيفة مختومة فقال إن رسول الله صلىاللهعليهوآله لما قبض ورث علي عليهالسلام علمه وسلاحه وما هناك ثم صار إلى الحسن ثم صار إلى الحسين عليهالسلام
______________________________________________________
يطلع عليه أحد « فنجد البيت » أي زين للزفاف ، قال في القاموس : النجد ما ينجد به البيت من فرش وبسط ووسائد ، والتنجيد : التزيين « فرأى حذوه » أي بحذاء السلاح أو الشق « ففزع لذلك » مخافة أن يكون وصل إلى السيف شيء من المسامير فانكسر.
فإن قيل : كيف فزع عليهالسلام مع علمه بأنه مدفوع عنه؟ قلت : يمكن أن يكون الفزع ظاهرا ، والكشط ليعلم الناس ذلك ، أو يكون العلم بكونه مدفوعا عنه حصل بعد ذلك ، أو يكون معلوما أنه لا يتكسر وكان يجوز عليهالسلام أن يحدث فيه نقص ، أو كان الدفع معلوما وكشف ليعلم كيف دفع « وقال لها تحولي » أي أخرجي من البيت ، وكان ذلك لئلا تطلع عليه ، والكشط الكشف والإزالة.
الحديث السابع : حسن.
« وما هناك » أي عند النبي صلىاللهعليهوآله من آثار الأنبياء والأوصياء وكتبهم ، تعميم بعد التخصيص « فلما خشينا أن نغشى » على صيغة المتكلم المجهول بمعنى نهلك أو نقلب أو نؤتى ، والحاصل إنا خشينا أن نستشهد في كربلاء فيقع في أيدي الأعادي أو يأخذوا منا قهرا عند ضعفنا ، قال الفيروزآبادي : غشيه الأمر وتغشاه وأغشيته إياه وغشيه بالسوط كرضيه : ضربه وفلانا : أتاه ، انتهى.
فلما خشينا أن نغشى استودعها أم سلمة ثم قبضها بعد ذلك علي بن الحسين عليهالسلام قال فقلت نعم ثم صار إلى أبيك ثم انتهى إليك وصار بعد ذلك إليك قال نعم.
٨ ـ محمد ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن عمر بن أبان قال سألت أبا عبد الله عليهالسلام عما يتحدث الناس أنه دفع إلى أم سلمة صحيفة مختومة فقال إن رسول الله صلىاللهعليهوآله لما قبض ورث علي عليهالسلام علمه وسلاحه وما هناك ثم صار إلى الحسن ثم صار إلى الحسين عليهالسلام قال قلت ثم صار إلى علي بن الحسين ثم صار إلى ابنه ثم انتهى إليك فقال نعم.
٩ ـ محمد بن الحسين وعلي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الوليد شباب الصيرفي ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال لما حضرت رسول الله صلىاللهعليهوآله الوفاة دعا العباس بن عبد المطلب وأمير المؤمنين عليهالسلام فقال للعباس يا عم محمد تأخذ تراث محمد وتقضي دينه وتنجز عداته فرد عليه فقال يا رسول الله بأبي أنت وأمي إني شيخ كثير العيال قليل المال من يطيقك وأنت تباري الريح قال فأطرق صلىاللهعليهوآلهوسلم
______________________________________________________
« استودعها » أي الحسين عليهالسلام عند ذهابه إلى العراق.
الحديث الثامن : صحيح.
الحديث التاسع : ضعيف وآخره مرسل.
« تأخذ تراث محمد » الاستفهام كان لمصلحة مع علمه بعدم قبوله لئلا يتفطن المنافقون أن هذا من علامات الإمامة فيحتالوا في أخذها منهم وسلبها عنهم ، كما أخذوا فدك ، وإلا فقد كان صلىاللهعليهوآله مأمورا بأن يسلمها إلى أمير المؤمنين عليهالسلام ، والتراث بضم التاء : الميراث ، وأصل التاء فيه الواو ، والعدة : الوعد في الخير ، والهاء عوض عن الواو والعدات جمعها « من يطيقك » أي يطيق فعالك وفي القاموس : الإطاقة القدرة على الشيء وقد طاقة طوقا وأطاقه والمبارأة : المعارضة ، والريح مشهورة بالسخاء لكثرة نفعها من سياق السحاب والأمطار ، وذر وكل ما تلقاه ، وعدم أخذها معها ، وهذا المثل مشهور بين العرب والعجم ، قال الجوهري : فلان يباري فلانا أي يعارضه ويفعل مثل فعله وهما يتباريان
هنيئة ثم قال يا عباس أتأخذ تراث محمد وتنجز عداته وتقضي دينه فقال بأبي أنت وأمي شيخ كثير العيال قليل المال وأنت تباري الريح.
قال أما إني سأعطيها من يأخذها بحقها ثم قال يا علي يا أخا محمد أتنجز عدات محمد وتقضي دينه وتقبض تراثه فقال نعم بأبي أنت وأمي ذاك علي ولي قال فنظرت إليه حتى نزع خاتمه من إصبعه فقال تختم بهذا في حياتي قال فنظرت إلى الخاتم حين وضعته في إصبعي فتمنيت من جميع ما ترك الخاتم.
ثم صاح يا بلال علي بالمغفر والدرع والراية والقميص وذي الفقار والسحاب
______________________________________________________
وفلان يباري الريح سخاء ، ويقال : أطرق أي سكت ولم يتكلم ، و « أرخى عينيه » ينظر إلى الأرض وهنيئة وهنية بضم الهاء وفتح النون وتشديد الياء تصغير هنو بكسر الهاء وسكون النون بمعنى وقت ، اجتمعت الواو والياء مع سكون سابقتهما فانقلبت الواو ياء وأدغمت ، والتأنيث باعتبار ساعة.
وضمير « سأعطيها » ونظيريه للتراث باعتبار الوصية أو باعتبار الأشياء المعهودة و « حقها » القيام بلوازمها كما ينبغي أو استحقاقها و « ذاك » إشارة إلى مجموع الثلاثة أعني إنجاز العدات وقضاء الدين وقبض التراث و « علي » باعتبار الأولين « ولي » باعتبار الثلاث.
« قال فنظرت » الضمير في « قال » راجع إلى علي عليهالسلام أو العباس على اختلاف النسخ فيما سيأتي ، وفي سائر الكتب ما يؤيد الثاني « حين وضعته في إصبعي » في بعض النسخ : حين وضعه في إصبعه ، فعلى الأول الظاهر أن فاعل « قال » في الموضعين علي عليهالسلام وعلى الثاني العباس ، فعلى الثاني التمني ظاهر لأنها عرضت عليه أولا ، وعلى الأول فالمعنى حب الشيء ومراقبته مجازا.
وفيما روى الصدوق في العلل عن أبان أيضا هكذا قال : فنظرت إلى الخاتم حين وضعه علي عليهالسلام في إصبعه اليمنى ، وهو يؤيد الثاني ، وفي النهاية فيه : كان اسم عمامة النبي صلىاللهعليهوآله السحاب ، سميت به تشبيها بسحاب المطر لانسحابه في الهواء
والبرد والأبرقة والقضيب قال فو الله ما رأيتها غير ساعتي تلك يعني الأبرقة فجيء بشقة كادت تخطف الأبصار فإذا هي من أبرق الجنة فقال يا علي إن جبرئيل أتاني بها وقال يا محمد اجعلها في حلقة الدرع واستذفر بها مكان المنطقة ثم دعا بزوجي نعال عربيين جميعا أحدهما مخصوف والآخر غير مخصوف والقميصين القميص الذي
______________________________________________________
والبرد بالضم نوع من الثياب معروف ، والأبرقة سميت بها لبريقها ، أو لكونها ذات لونين ، قال في القاموس : الأبرق : الحبل الذي فيه لونان ، وكل شيء اجتمع فيه سواد وبياض فهو أبرق « انتهى ».
والقضيب هو الغصن ، والمراد به العصا سميت به لكونها مقطوعة من الشجر والقضب : القطع « يعني الأبرقة » تفسير عن الصادق عليهالسلام لضمير « رأيتها » وفي القاموس : الشقة بالكسر من العصا والثوب وغيره : ما شق مستطيلا ، والقطعة المشقوقة ونصف الشيء إذا شق ، وفي النهاية : الشقة جنس من الثياب ، وقيل : هي نصف ثوب « انتهى ».
وخطف الشيء يخطفه استبله وذهب به بسرعة « واستدفر بها » لعله كان واستثفر بها وأريد به الشد على الوسط ، قال في النهاية : فيه أنه أمر المستحاضة أن تستثفر هو أن تشد فرجها بخرقة عريضة بعد أن تحتشي قطنا ، وتوثق طرفيها في شيء تشده على وسطها ، فتمنع بذلك سيل الدم ، وهو مأخوذ من ثفر الدابة الذي يجعل تحت ذنبها ، وفي صفة الجن : مستثفر من ثيابهم ، هو أن يدخل الرجل ثوبه بين رجليه كما يفعل الكلب بذنبه « انتهى » وأما ما في النسخ بالذال ففي القاموس : الذفر محركة شدة ذكاء الريح كالذفرة ومسك أذفر ، ففيه تضمين معنى الشد مع الإشارة إلى طيب رائحتها ، فصار الحاصل تطيب بها جاعلا لها مكان المنطقة ، أو يكون « مكان المنطقة » متعلقا باجعلها ، وقيل : الاستدفار : جعل الشيء صلبا شديدا ، في القاموس : الذفر كطمر الصلب الشديد ، ولا يخفى ما فيه.
وفي النهاية خصف الرجل نعله خصفا وهو فيه كرقع الثوب.
أسري به فيه والقميص الذي خرج فيه يوم أحد والقلانس الثلاث قلنسوة السفر وقلنسوة العيدين والجمع وقلنسوة كان يلبسها ويقعد مع أصحابه.
ثم قال يا بلال علي بالبغلتين الشهباء والدلدل والناقتين العضباء والقصواء والفرسين الجناح كانت توقف بباب المسجد لحوائج رسول الله صلىاللهعليهوآله يبعث الرجل في حاجته فيركبه فيركضه في حاجة رسول الله صلىاللهعليهوآله وحيزوم وهو الذي كان يقول أقدم حيزوم والحمار عفير فقال اقبضها في حياتي.
______________________________________________________
وقال : دلدل في الأرض : ذهب ومر ، يدلدل ويتدلدل في مشية إذا اضطرب ، ومنه الحديث : كان اسم بغلته دلدل ، وقال فيه : كان اسم ناقته العضباء هو علم لها منقول من قولهم ناقة عضباء أي مشقوقة الأذن ، وقال بعضهم : إنها كانت مشقوقة الأذن والأول أكثر ، وقال الزمخشري : هو منقول من قولهم ناقة عضباء وهي قصيرة اليد وقال القصوى لقب ناقة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، والقصوري : الناقة التي قطع طرف أذنها ولم تكن ناقة النبي صلىاللهعليهوآله قصواء ، وإنما كان هذا لقبالها ، وقيل : كانت مقطوعة الأذن.
وقال الجوهري : الركض تحريك الرجل وركضت الفرس إذا استحثثته ليعدو.
« وهو الذي كان يقول » أي النبي عليهالسلام حين يريده « أقدم حيزوم » فيجيب ويقبل ، أو جبرئيل حين أراد نصرة النبي صلىاللهعليهوآله كما سيأتي في الروضة في حديث طويل عن أبي عبد الله عليهالسلام في صفة غزوة بدر ، قال : فأقبل علي عليهالسلام إلى النبي صلىاللهعليهوآله فقال يا رسول الله أسمع دويا شديدا وأسمع : أقدم حيزوم ، وما أهم أضرب أحدا إلا سقط ميتا قبل أن أضربه؟ فقال : هذا جبرئيل وميكائيل وإسرافيل « الخبر ».
ولا ينافي هذا كون حيزوم اسم فرس النبي صلىاللهعليهوآله ، لكن قال الجوهري : حيزوم اسم فرس من خيل الملائكة ونحوه ، قال الفيروزآبادي : وقال الجزري في حديث بدر أقدم حيزوم ، جاء في التفسير أنه اسم فرس جبرئيل عليهالسلام ، أراد أقدم يا حيزوم ، فحذف حرف النداء ، والياء فيه زائدة ، وقال هو أمر بالأقدام وهو التقدم في الحرب والإقدام : الشجاعة وقد تكسر همزة أقدم ، ويكون أمرا بالتقدم لا غير ، والصحيح
فذكر أمير المؤمنين عليهالسلام أن أول شيء من الدواب توفي عفير ساعة قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله قطع خطامه ثم مر يركض حتى أتى بئر بني خطمة بقبا فرمى بنفسه فيها فكانت قبره.
وروي أن أمير المؤمنين عليهالسلام قال إن ذلك الحمار كلم رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال بأبي أنت وأمي إن أبي حدثني عن أبيه عن جده عن أبيه أنه كان مع نوح في السفينة فقام إليه نوح فمسح على كفله ثم قال يخرج من صلب هذا الحمار حمار يركبه سيد النبيين وخاتمهم فالحمد لله الذي جعلني ذلك الحمار.
______________________________________________________
الفتح من أقدم « انتهى ».
وقال الطيبي : قيل : من باب نصر ، وقال النووي : كلمة زجر للفرس « انتهى ».
وأقول : لا عبرة بقولهم بعد ورود الخبر المعتبر ، ولعلهم توهموا ذلك من ظاهر الرواية ، وقد عرفت أنه يحتمل أن يكون الخطاب لفرس النبي صلىاللهعليهوآله حين ركبه هو أو أمير المؤمنين صلوات الله عليهما ، وقيل : يحتمل أن يكون هذا الفرس جاء به جبرئيل عليهالسلام من السماء فأعطاه النبي صلىاللهعليهوآله ، وما ذكرنا أظهر.
وقال الجوهري : « يعفور » بلا لام حمار للنبي صلىاللهعليهوآله أو هو عفير كزبير « انتهى » وتوفي بصيغة الماضي المجهول أو المعلوم ، و « ساعة » منصوب مضاف إلى الجملة ، وعامله « قطع » والخطام بالكسر : ما يقاد به الدابة ، وبنو خطمة بفتح الخاء وسكون الطاء حي من الأنصار ، و « قبا » بضم القاف مقصورا وممدودا قرية بالمدينة ، ولا يستبعد من كلام الحمار من يؤمن بالقرآن (١) وبكلام هدهد والنمل وغيرهما.
__________________
(١) ليس الاستبعاد في هذه المرسلة من جهة تكلّم الحمار مع النبيّ صلىاللهعليهوآله حتّى يجاب عنه بكلام الهدهد والنمل ، بل الاستبعاد من جهة أنّ الحمار كيف يعرف أبوه وجدّه حتّى يحدّث عنهم ، وقال بعض الأفاضل : ولا يتعقّل معنى صحيح لهذا المرسلة تحمل عليه ، ولعلّها ممّا وضعه الزنادقة استهزاء بالمحدّثين السذج كما أنّهم وضعوا كثيرا من الأحاديث لتشويه صورة الدين ، والله أعلم.
باب
أن مثل سلاح رسول الله صلىاللهعليهوآله مثل التابوت في بني إسرائيل
١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن معاوية بن وهب ، عن سعيد السمان قال سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول إنما مثل السلاح فينا مثل التابوت في بني إسرائيل كانت بنو إسرائيل أي أهل بيت وجد التابوت على بابهم أوتوا النبوة فمن صار إليه السلاح منا أوتي الإمامة.
٢ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن السكين ، عن نوح بن دراج ، عن عبد الله بن أبي يعفور قال سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول إنما مثل السلاح فينا مثل التابوت في بني إسرائيل حيثما دار التابوت دار الملك فأينما دار السلاح فينا دار العلم.
٣ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان ، عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام قال كان أبو جعفر عليهالسلام يقول إنما مثل السلاح فينا مثل التابوت في بني إسرائيل حيثما دار التابوت أوتوا النبوة وحيثما دار السلاح فينا فثم الأمر قلت فيكون السلاح مزائلا للعلم قال لا.
______________________________________________________
باب أن مثل سلاح رسول الله (ص) مثل التابوت في بني إسرائيل
الحديث الأول : مجهول وهو جزء من الخبر الأول من الباب المتقدم ، والسند واحد.
الحديث الثاني : موثق.
الحديث الثالث : صحيح.
« حيثما دار التابوت » أي بالاستحقاق من غير قهر لا كما كان عند جالوت و « ما » في حيثما وأينما كافة ، و المزايلة المفارقة ، والسؤال لاستعلام أنه هل يمكن أن يكون السلاح عند من لا يكون عنده علم جميع ما تحتاج إليه الأمة كبني الحسن؟ قال : لا ، فكما أنه دليل للإمامة فهو ملزوم للعلم أيضا.
٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي نصر ، عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام قال قال أبو جعفر عليهالسلام إنما مثل السلاح فينا كمثل التابوت في بني إسرائيل أينما دار التابوت دار الملك وأينما دار السلاح فينا دار العلم.
باب
فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة عليهاالسلام
١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن عبد الله بن الحجال ، عن أحمد بن عمر الحلبي ، عن أبي بصير قال دخلت على أبي عبد الله عليهالسلام فقلت له جعلت فداك إني أسألك عن مسألة هاهنا أحد يسمع كلامي قال فرفع أبو عبد الله عليهالسلام سترا بينه وبين بيت آخر فاطلع فيه ثم قال يا أبا محمد سل عما بدا لك قال قلت جعلت فداك إن شيعتك يتحدثون أن رسول الله صلىاللهعليهوآله علم عليا عليهالسلام بابا يفتح له منه ألف باب قال فقال يا أبا محمد علم رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ عليا عليهالسلام ألف باب يفتح من كل باب ألف باب قال قلت هذا والله العلم قال فنكت ساعة في الأرض ثم قال إنه لعلم وما هو بذاك.
______________________________________________________
الحديث الرابع : صحيح.
باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة عليهاالسلام
الحديث الأول : صحيح.
« قال فرفع » لعل رفع الستر لإيهام أنهم عليهمالسلام لا يعلمون ما في خلف الستر والجدران إلا بالاستعلام لنوع من المصلحة ، أو تكون أحوالهم مختلفة ، وفي بعض الأحوال يحتاجون إلى ذلك لأنه لم يكن جميع العلوم حاضرة عندهم ، بل يحتاجون إلى مراجعة إلى بعض الكتب ، أو إلى روح القدس ، والمراد بالباب أولا النوع ، وثانيا القواعد الكلية التي تستنبط منها الأحكام ، أو بالأول القواعد الكلية وبالثاني الجزئيات المتفرعة عليها كما يومئ إليه بعض الأخبار. « هذا والله العلم » أي غاية العلم ، أو العلم الكامل العظيم من علومهم و « النكت » أن تضرب في الأرض بقضيب فتؤثر فيها فعل المتفكر أو المهموم « ثم قال إنه لعلم » أي علم معتد به عظيم ، « وما هو بذاك » أي ما توهمت
قال ثم قال يا أبا محمد وإن عندنا الجامعة وما يدريهم ما الجامعة قال قلت جعلت فداك وما الجامعة قال صحيفة طولها سبعون ذراعا بذراع رسول الله صلىاللهعليهوآله وإملائه من فلق فيه وخط علي بيمينه فيها كل حلال وحرام وكل شيء يحتاج الناس إليه حتى الأرش في الخدش وضرب بيده إلي فقال تأذن لي يا أبا محمد قال قلت جعلت فداك إنما أنا لك فاصنع ما شئت قال فغمزني بيده وقال حتى أرش هذا كأنه مغضب قال قلت هذا والله العلم قال إنه لعلم وليس بذاك.
ثم سكت ساعة ثم قال وإن عندنا الجفر وما يدريهم ما الجفر قال قلت وما الجفر قال وعاء من أدم فيه علم النبيين والوصيين وعلم العلماء الذين مضوا من بني إسرائيل قال قلت إن هذا هو العلم قال إنه لعلم وليس بذاك.
ثم سكت ساعة ثم قال وإن عندنا لمصحف فاطمة عليهاالسلام وما يدريهم ما مصحف
______________________________________________________
أنه أعظم العلوم ، أو العلم الكامل الممتاز في جنب علومهم « وما يدريهم » أي المخالفين أو أكثر الشيعة « وأملاه » بصيغة الماضي ، وكذا « خط » والإملاء أن تقول كلاما ويكتب غيرك « من فلق فيه » أي مشافهة ، قال الجزري : كلمني من فلق فيه بالكسر ويفتح أي من شقه.
« وضرب بيده إلى » كان « إلى » هنا بمعنى « على ».
« إنما أنا لك » اللام للملكية أي عبد لك « كأنه مغضب » أي أخذ بشدة ويدل على تأثير إبراء ما لم يجب خلافا للأكثر « هذا والله العلم » إشارة إلى مجموع ما سبق أو الأخير ، وقال الجوهري : الأدم جمع الأديم وقد يجمع على أدمة ، وفي القاموس : الأديم الجلد أو أحمرة أو مدبوغة ، جمعه أدمة وأدام ، والأدم اسم للجمع ، وقال : الجفر من أولاد الشاء ما عظم واستكرش ، أو بلغ أربعة أشهر ، والبئر لم تطو أو طوى بعضها ، والجفر : جعبة من جلود لا خشب فيها أو من خشب لا جلود فيها « انتهى ».
« مثل قرآنكم » أي القرآن الذي عند الإمام « ما فيه من قرآنكم » أي فيه
فاطمة عليهاالسلام قال قلت وما مصحف فاطمة عليهاالسلام قال مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات والله ما فيه من قرآنكم حرف واحد قال قلت هذا والله العلم قال إنه لعلم وما هو بذاك.
ثم سكت ساعة ثم قال إن عندنا علم ما كان وعلم ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة قال قلت جعلت فداك هذا والله هو العلم قال إنه لعلم وليس بذاك.
قال قلت جعلت فداك فأي شيء العلم قال ما يحدث بالليل والنهار الأمر من بعد الأمر والشيء بعد الشيء إلى يوم القيامة.
٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن عمر بن عبد العزيز ، عن حماد بن
______________________________________________________
علم بما كان وما يكون.
فإن قلت : في القرآن أيضا بعض الأخبار؟
قلت : لعله لم يذكر فيه ما في القرآن.
فإن قلت : يظهر من بعض الأخبار اشتمال مصحف فاطمة عليهاالسلام أيضا على الأحكام؟
قلت : لعل فيه ما ليس في القرآن.
فإن قلت : قد ورد في كثير من الأخبار اشتمال القرآن على جميع الأحكام والأخبار مما كان أو يكون؟
قلت : لعل المراد به ما نفهم من القرآن لا ما يفهمون عليهمالسلام منه ، ولذا قال عليهالسلام : قرآنكم ، على أنه يحتمل أن يكون المراد لفظ القرآن ، ثم الظاهر من أكثر الأخبار اشتمال مصحفها عليهاالسلام على الأخبار فقط ، فيحتمل أن يكون المراد عدم اشتماله على أحكام القرآن.
« علم ما كان وما هو كائن » أي من غير جهة مصحف فاطمة عليهاالسلام أيضا.
الحديث الثاني : ضعيف
عثمان قال سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول تظهر الزنادقة في سنة ثمان وعشرين ومائة وذلك أني نظرت في مصحف فاطمة عليهاالسلام قال قلت وما مصحف فاطمة قال إن الله تعالى لما قبض نبيه صلىاللهعليهوآله دخل على فاطمة عليهاالسلام من وفاته من الحزن ما لا يعلمه إلا الله عز وجل فأرسل الله إليها ملكا يسلي غمها ويحدثها فشكت ذلك إلى أمير المؤمنين عليهالسلام فقال إذا أحسست بذلك وسمعت الصوت قولي لي فأعلمته بذلك فجعل أمير المؤمنين عليهالسلام يكتب كل ما سمع ـ حتى أثبت من ذلك مصحفا قال ثم قال أما إنه ليس فيه شيء من الحلال والحرام ولكن فيه علم ما يكون.
٣ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن الحسين بن أبي العلاء قال سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول إن عندي الجفر الأبيض قال قلت فأي شيء فيه قال زبور داود وتوراة موسى وإنجيل عيسى وصحف إبراهيم عليهالسلام والحلال والحرام ومصحف فاطمة ما أزعم أن فيه قرآنا وفيه ما يحتاج الناس إلينا ولا نحتاج إلى أحد حتى فيه الجلدة ونصف الجلدة وربع الجلدة
______________________________________________________
« تظهر الزنادقة » يخطر بالبال أن المراد بهم ابن أبي العوجاء وابن المقفع وأضرابهما ممن ناظر الصادق عليهالسلام معهم ، وهذا التاريخ قبل وفاته عليهالسلام بعشرين سنة ، وكان هذا الوقت وقت طغيانهم وكثرتهم كما يظهر من الروايات والتواريخ ، وقيل : المراد بهم خلفاء بني العباس فإنهم روجوا كتب الفلاسفة والزنادقة ، وفي السنة المذكورة كتب أو لهم إبراهيم السفاح كتابا إلى أهل خراسان وجعل أبا مسلم المروزي أميرا عليهم ، وكان ذلك مادة شوكة بني العباس.
والملك : جبرئيل عليهالسلام كما سيأتي أو غيره ، بأن يكونا أتيا معا أو كل منهما في زمان ، والمراد بالشكاية مطلق الإخبار أو كانت الشكاية لعدم حفظها عليهاالسلام جميع كلام الملك ، وقيل : لرعبها عليهاالسلام من الملك حال وحدتها به وانفرادها بصحبته ولا يخفى بعد ذلك عن جلالتها ، ويقال : جعل يفعل كذا ، أي أقبل وشرع.
الحديث الثالث : حسن
« وفيه ما يحتاج الناس إليه » لعل الضمائر كلها أو الأخيرين راجعة إلى الخبر
وأرش الخدش.
وعندي الجفر الأحمر قال قلت وأي شيء في الجفر الأحمر قال السلاح وذلك إنما يفتح للدم يفتحه صاحب السيف للقتل فقال له عبد الله بن أبي يعفور أصلحك الله أيعرف هذا بنو الحسن فقال إي والله كما يعرفون الليل أنه ليل والنهار أنه نهار ولكنهم يحملهم الحسد وطلب الدنيا على الجحود والإنكار ولو طلبوا الحق بالحق لكان خيرا لهم.
٤ ـ علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس عمن ذكره ، عن سليمان بن خالد قال قال أبو عبد الله عليهالسلام إن في الجفر الذي يذكرونه لما يسوؤهم لأنهم لا يقولون الحق والحق فيه فليخرجوا قضايا علي وفرائضه إن كانوا صادقين وسلوهم عن الخالات والعمات وليخرجوا مصحف فاطمة عليهاالسلام فإن فيه وصية فاطمة عليهاالسلام ومعه سلاح رسول الله صلىاللهعليهوآله إن الله عز وجل يقول فأتوا « بِكِتابٍ
______________________________________________________
لا المصحف ، فلا ينافي الأخبار الدالة على أنه ليس في مصحفها الأحكام « ولو طلبوا الحق » أي أنهم يدعون أنا نطلب ثار الحسين عليهالسلام أو رفع المنكرات وإزالة الباطل وأهله ، ويطلبون ذلك بالباطل كادعاء الإمامة بغير الحق وإنكار إمامة الأئمة عليهمالسلام وحقوقهم ، ولو طلبوا الحق بإذن الإمام وفي أوانه لكان خيرا لهم.
الحديث الرابع : مرسل.
« إن في الجفر الذي يذكرونه » أي الأئمة الزيدية من بني الحسن ، ويفتخرون به ويدعون أنه عندهم « لما يسوؤهم » لاشتماله على مصحف فاطمة عليهاالسلام ، وفيه : أنهم لا يملكون ولا يجوز لهم الخروج ، وأيضا فيه الأحكام الحقة الواقعية وهم لا يعرفونها ولا يعلمون بها « فليخرجوا قضايا علي في الأحكام وفرائضه » في المواريث « إن كانوا صادقين » في أن الجفر عندهم « وسلوهم عن » خصوص مواريث « الخالات والعمات » فإنهم لا يعلمونها ويعلمون بأحكام المخالفين فيها « فإن فيه » أي في مصحفها « وصية فاطمة » في أوقاتها وأولادها أو وصية جبرئيل لفاطمة عليهاالسلام في أمر أولادها وما يقع عليهم
مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ » (١)
٥ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن أبي عبيدة قال سأل أبا عبد الله عليهالسلام بعض أصحابنا عن الجفر فقال هو جلد ثور مملوء علما قال له فالجامعة قال تلك صحيفة طولها سبعون ذراعا في عرض الأديم مثل فخذ الفالج فيها كل ما يحتاج الناس إليه وليس من قضية إلا وهي فيها حتى أرش الخدش.
قال فمصحف فاطمة عليهاالسلام قال فسكت طويلا ثم قال إنكم لتبحثون عما تريدون وعما لا تريدون إن فاطمة مكثت بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله خمسة وسبعين يوما وكان دخلها حزن شديد على أبيها وكان جبرئيل عليهالسلام يأتيها فيحسن عزاءها
______________________________________________________
« ومعه » أي مع المصحف « سلاح رسول الله صلىاللهعليهوآله » وهما في مكان واحد « فأتوا بكتاب من قبل هذا » لعله عليهالسلام نقل بالمعنى أو في قراءتهم كذلك ، وفيما عندنا : « ائْتُونِي بِكِتابٍ » والآية في سياق الاحتجاج على المشركين حيث قال : « قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا » أي من قبل القرآن فإنه ناطق بالتوحيد « أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ » أي بقية من علم بقيت عليكم من علوم الأولين هل فيها ما يدل على استحقاقهم للعبادة أو الأمر به « إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ » في دعواكم ، والاستشهاد بالآية لبيان أنه لا بد في إثبات حقية الدعوى إما إظهار الكتاب من الكتب السماوية أو بقية علوم الأنبياء والأوصياء المحفوظة عند الأئمة عليهمالسلام ، وهم عاجزون عن الإتيان بشيء منهما ، أو لبيان أنه يكون أثارة من علم وهي من عندنا.
الحديث الخامس : صحيح.
« عن الجفر » يعني الأبيض « هو جلد ثور » لعل الجلد وعاء الكتب لا أنها مكتوبة فيه ، وفي القاموس : الفالج الجمل الضخم ذو السنامين يحمل من السند للفحلة « إنكم لتبحثون » أي تفتشون « عما تريدون » أي عما ينبغي لكم أن تريدوه ويتعلق
__________________
(١) سورة الأحقاف : ٣.
على أبيها ويطيب نفسها ويخبرها عن أبيها ومكانه ويخبرها بما يكون بعدها في ذريتها وكان علي عليهالسلام يكتب ذلك فهذا مصحف فاطمة عليهاالسلام.
٦ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن صالح بن سعيد ، عن أحمد بن أبي بشر ، عن بكر بن كرب الصيرفي قال سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول إن عندنا ما لا نحتاج معه إلى الناس وإن الناس ليحتاجون إلينا وإن عندنا كتابا إملاء رسول الله صلىاللهعليهوآله وخط علي عليهالسلام صحيفة فيها كل حلال وحرام وإنكم لتأتونا بالأمر فنعرف إذا أخذتم به ونعرف إذا تركتموه.
٧ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن فضيل بن يسار وبريد بن معاوية وزرارة أن عبد الملك بن أعين قال لأبي عبد الله عليهالسلام إن الزيدية والمعتزلة قد أطافوا بمحمد بن عبد الله فهل له سلطان فقال والله إن
______________________________________________________
غرضكم به ، وعما لا ينبغي لكم إرادته ولم يتعلق غرضكم به ، وفيه تنبيه على أنه ينبغي للإنسان أن يتعلم ما ينفعه ولا يتكلف علم ما لم يؤمر به ولا ينفعه في العقائد الضرورية والأعمال المطلوبة.
الحديث السادس : مجهول
« إملاء رسول الله » بالرفع أي هو إملاؤه وكذا « خط » مرفوع « وصحيفة » منصوب بالبدلية من قوله « كتابا » أو مرفوع أيضا بالخبرية « لتأتونا بالأمر » أي من الأمور التي تأخذونها عنا من الشرائع والأحكام فنعلم أيكم يعمل به وأيكم لا يعمل به.
الحديث السابع : حسن.
ومحمد هو ابن عبد الله بن الحسن من أئمة الزيدية الملقب بالنفس الزكية خرج على الدوانيقي وقتل كما سيأتي قصته ، ولعل الكتابين الجفر ومصحف فاطمة عليهاالسلام « في واحد منهما » أي من الكتابين ، أو من الأنبياء والملوك ، وذكر الأنبياء على المبالغة أو على التهكم وقيل : هما جزءان من المصحف أحدهما متعلق بالنبي والآخر بالملك