الشيخ عبدالمنعم الفرطوسي حياته وادبه

حيدر المحلاتي

الشيخ عبدالمنعم الفرطوسي حياته وادبه

المؤلف:

حيدر المحلاتي


الموضوع : التراجم
الناشر: المكتبة الأدبيّة المختصّة
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-185-0
الصفحات: ٣٤٤

عاصفة القضاء فطوت روعتها وأخمدت شعلتها. هذا هو مصرع أخي جبار على مجزرة الطب القاسية وهو في ريعان شبابه ولم يتجاوز العشرين من عمره ، أطبقت عينيه بيدي وطبعت على شفتيه آخر قبلة للأخوة (١) ».

وللشاعر قصيدة في رثاء أخيه جبار عنوانها « يا شقيقي » يقول في جملة من أبياتها:

تشـاطر الحزن وجداً فيك والألما

قلبـي وطرفي ففاضا لوعة ودما

وعبَّـرت أدمعي مذ خانني قلمي

عـن الأسى فأبانت بعض ما كتما

وربمـا فُلَّ من عظـم المصـاب

فعـاد منطقة بالحـزن ملتجمـا

وأفصحت بجليـل الخطب معربة

عن الأسى أدمـع انسانها كُلما (٢)

٤ ـ محمد حسين ، ولد في مدينة النجف سنة ١٣٤٤ هـ من رجال القانون ، وأحد الادباء المبدعين. قال عنه المؤرخ جعفر آل محبوبة : « أديب لوذعي ، وشاعر مبدع يتفجر شعره حماساً وشعوراً ، متقد الذهن ذكي يحسن اللغة الفارسية والأنجليزية والفرنسية اضافة الى لغته العربية (٣) ».

قرأ في المدارس الحكومية ، وانتقل الى بغداد حيث اكمل دراسته في كلية الحقوق. غادر العراق أواخر سنة ١٩٥١ م الى « سويسرا » وحصل على الدكتوراه في القانون سنة ١٩٥٧ م. وقبيل ثورة ١٤ تموز ١٩٥٨ عاد الى العراق وعمل محامياً حتى سنة ١٩٦٦ م حيث غادر العراق نهائياً ولم تسنح له الفرصة بالعودة ثانية. عمل ضمن الوفد الدائم لجامعة الدول العربية في « جنيف » ، وارتبط من سنة ١٩٨١ م بعقود مؤقتة مع مؤسسات الأمم المتحدة.

__________________

١ ـ ديوان الفرطوسي ، ج ٢ ، ص ٢٤٥.

٢ ـ المصدر السابق.

٣ ـ ماضي النجف وحاضرها ، ج ٣ ، ص ٦٨.

٦١

الّف في مجال تخصصه كتباً بالانجليزية ، وله ديوان شعر سبق ان نشر قسماً منه في الصحف والمجلات ، اضافة الى البحوث القانونية والأدبية (١).

٦ ـ أولاده :

خلّف الشيخ عبد المنعم الفرطوسي ستة من البنين :

١ ـ عبد الرزاق ، وهو ولده الأكبر ، توفي سنة ١٣٦٢ هـ وقد رثاه بقصيدة عنوانها « وتر العواطف » يقول في مطلعها:

جريح ليس يصلحـه ضماد

وكيف به وقد رحل الفؤاد (٢)

٢ ـ علي ، مات طفلاً إثر ضربة أصيب بها من أحد الأطفال عندما كان يمرح في ملعب الطفولة ، وقد رثاه الشاعر بقصيدة لامية ، يقول في جملة من أبياتها :

شفتاك فـي عـلٍ وفي نهـل

أشهى الى نفسي من العسل (٣)

يـاقوتتـان على فم عـذب

يفترُّ عن سمطين من خضل (٤)

قـد ذابتا صهـرا على كبدي

وانبتَّ عقدهما مـن الغلل (٥)

وقد صدّر الشاعر قصيدته هذه بكلمة حزينة صوّر فيها عمق لوعته وفادح المصيبة التي حلّت عليه ، يقول : « عينان هما مصباح الأمل ، شفتان هما منبع العسل ،

__________________

١ ـ محمد هادي الأميني : معجم رجال الفكر والأدب في النجف ، ج ٢ ، ص ٩٣٨. كوركيس عواد : معجم المؤلفين العراقيين ، ج ٣ ، ص ١٥٣. مجلة الموسم : العددان ٢٣ ـ ٢٤ ( ١٩٩٥ م ) ، ص ٣٥١.

٢ـ ديوان الفرطوسي ، ج ١ ص ٢٨.

٣ ـ العلّ : الشربة الثانية. ( لسان العرب ، ج ٩ ، ص ٣٦٥ ). النهل : أول الشرب. ( لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ٣١٠ ).

٤ ـ افتر الأنسان : ضحك ضحكاً حسناً. ( لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ٢١٨ ). الخَضْل : اللؤلؤ. ( لسان العرب ، ج ٤ ، ص ١٣٠ ).

٥ ـ ديوان الفرطوسي ، ج ٢ ، ص ٢٣٧.

٦٢

خدّان هما مرآة الجذل ، طفل وديع يمرح ويرفرف كالفراشة في ملعب الطفولة ، شمعة متقدة تشرق كالنجم اللامع في الصبا ، طائر غريد ترقص أهازيجه على مسرح الاحلام ، هذا هو ولدي « علي » وقد صرع بغتة في ملعب الطفولة فأصبح جثة هامدة من جرّاء صدمة قاسيه أصابت قلبه من بعض لداته وها انا أرثي قلبي بهذا النشيد الحزين ، وهذه العواطف المحترقة وهذه القطعة الدامية التي صعدتها زفراتي فذرفتها دمعة حزينة وما هي الاّ رسول من القلب الى القلب (١) ».

٣ ـ الشيخ حسين ، ولد في مدينة النجف بمحلة « العمارة » سنة ١٩٤٩ م ، درس في المدارس الرسمية ثم دخل الحوزة العلمية سنة ١٩٦١ م. كان الساعد الأيمن لوالده ، وكان يرافقه دائماً وخاصة بعدما فقد بصره. كتب عن أبيه « ملحمة أهل البيت عليهم‌السلام » كاملة وعمل على طبعها ونشرها (٢).

أمّا باقي أولاد الشيخ عبدالمنعم فهم : حيدر ، والشيخ حسن ، والمهندس محمد (٣).

٧ ـ خلقه وسيرته :

احتفظ الشيخ الفرطوسي لنفسه من الخصال الحميدة والسجايا القويمة مالانجدها الاّ في سيرة السلف الصالح ـ رضوان الله عليهم. فقد تجسدت في شخصيته المثالية ، وسلوكه الاخلاقي الرفيع تعاليم الاسلام السمحاء وقيمه المثلى المستوحاة من روح التربية القرآنية.

__________________

١ ـ المصدر السابق.

٢ ـ مجلة الموسم : العددان ٢ ـ ٣ ( ١٩٨٩ م ) ، ص ٧٠٠.

٣ ـ محمد هادي الاميني : معجم رجال الفكر والادب في النجف ، ج ٢ ، ص ٩٣٨. عباس محمد الزبيدي الدجيلي : الدرر البهية في أنساب عشائر النجف العربية ، ج ١ ، ص ١٩٩.

٦٣

لقد كان ؛ شديد التواضع مع سمو مكانته العلمية ، وكان « صاحب الخلق الرفيع في ابتسامته المشرقة ، وفي احتضانه الشعوري للناس الذين يلتقيهم ، وفي اقباله على محدثيه .. وفي الدقة الروحية في مراعاة شعورهم وعواطفهم .. وفي تواضعه الذي يخجل كل إخوانه وتلامذته وعارفيه » (١).

وتواضع الشيخ لم يكن عن تكلف وتصنع ، فهو « مترسل إلى أبعد حد في سيره وجلسته وتواضعه وحسن خلقه وميوعته الاجتماعية ، الميوعة التي حدته على أن يساير نفراً تفوَّق عليه بجميع القوى والفضائل ، ولكنه لوداعته وعدم شعوره بشخصيته ، أو بتعبير أصح نكرانه لذاته نكراناً غريباً حداه على هذه المشايعة ، غير انه في الوقت نفسه احتفظ باتزان نفسي وعزة وإباء جعلته محترماً في نفوس الناس وبالأخص في نفس من اطلع على غرائزه » (٢).

والى جانب التواضع الذي عرف به ، كان ـ رضوان الله تعالى عليه ـ شديد الإباء والانفة حتى انه كانت تهدى اليه الهدايا إعجاباً به وبشاعريته الاّ أنه لم يكن يقبلها مع احتياجه الشديد اليها (٣).

اضافة إلى ما سبق فقد كانت تعلوه رحمه الله هالة من الصفاء والهيبة ، وتتجسد في سيماه البساطة المتناهية الى جانب الوقار والاتزان. وكان اذا حدّث تراه كالنسيم الهادئ يدفع شراع المركب دون أن يغرق السفينة. وهو الى ذلك سريع البديهة ، قوي الحافظة ، وافر العقل والنباهة ، حاد الفطنة والذكاء ، صادق في قوله وعمله.

كما وعرف الشيخ بحسن السيرة وطيب النفس ، والترفع عن الدنايا والزهد

__________________

١ ـ محمد حسين فضل الله من كلمة له في تقديم الجزء الثامن من ملحمة أهل البيت عليهم‌السلام ، ص ٣.

٢ ـ علي الخاقاني : شعراء الغري ، ج ٦ ، ص ٤.

٣ ـ غالب الناهي : دراسات أدبية ، ج ١ ، ص ٧٤.

٦٤

عما في أيدي الناس. أما عن ورعه وتقواه فقد كان مثالاً يحتذى به في الزهد والصلاح واُسوة طيبة في الهداية والاقتداء.

٨ ـ أسفاره ورحلاته :

شغل السفر حيّزاً من حياة الشاعر ومنذ سنيه الأولى. فما ان بلغ الخامسة عشرة من عمره حتى أُلقي على كاهله مسؤولية ادارة عائلته وتنظيم حياته وحياة اسرته. فكان يقصد باستمرار منطقة ريفية من ناحية « المجر الكبير » بجنوب العراق لأستحصال نتاج الأرض التي كانت لهم في تلك المنطقة (١). وبعد أن بلغ شأواً في العلم والمعرفة أخذ يتردد على تلك المناطق وخاصة أرياف « العمارة » و « الناصرية » للوعظ والارشاد وتسلم الحقوق الشرعية.

واضافة الى واجبه الديني وعمله التوجيهي الذي كان يحتم عليه السفر الى مناطق مختلفة من العراق ، وكذلك زياراته للعتبات المقدسة في كربلاء والكاظمية وسامراء ، فانّ المناسبات الدينية والمهرجانات الأدبية التي كانت تقام بين الحين والآخر في مدن مختلفة دفعته الى تحمل عبء السفر والمشاركة الفاعلة في إحياء تلك المناسبات.

فمن تلك المناسبات التي ساهم فيها الشاعر بابداع شعري رائع ، الحفل الذي أقامته الهيئة العلمية في كربلاء ليلة مولد الامام المهدي عليه‌السلام سنة ١٣٦٩ هـ ( ١٩٥٠ م ). وقد انشد الفرطوسي في هذه المناسبة قصيدة هي غاية في الروعة والجمال ، يقول في جملة من أبياتها :

__________________

١ ـ ديوان الفرطوسي ، ج ١ ، ص ١٩.

٦٥

عطّـرتُ باسمك هـذه الالحانا

ونشرتُ ذكرك من فمي قرآنا

وبعثت من شفتـي حين لثمتـه

قبساً ينير العقل والـوجدانـا

ورأيته في النفس حيـن طويته

بيـن الجـوانح جنة وأمانـا

كحّلت جفنـي بالمنى في مولد

بالنـور كحل هذه الأجفانا (١)

وتكثر رحلات الشيخ بمشاركته الفاعلة في المناسبات والحفلات. فمن تلك المناسبات ، الحفل الذي أقيم في مدينة « الحلّة » عند افتتاح مستشفى آل مرجان سنة ١٣٧٦ هـ ( ١٩٥٧ م ) (٢). وكذلك الاحتفال البهيج الذي أقيم في « خان الخنيني » بمدينة « البصرة » يوم العاشر من شعبان سنة ١٣٨٣ هـ ( ١٩٦٤ م ) بمناسبة مولد الامام الحسين عليه‌السلام (٣) ، وأيضاً المهرجان الذي أقيم في مدينة « كربلاء » في مولد الامام علي عليه‌السلام ، سنة ١٣٨٣ هـ ( ١٩٦٣ م ) (٤) ، وكذلك الحفلة التأبينية التي اقيمت في مسجد براثا ببغداد بمناسبة مرور أربعين يوماً على وفاة الشيخ محمد رضا الشبيبي سنة ١٣٨٥ هـ ( ١٩٦٦ م ) (٥). وغيرها من الحفلات والمناسبات.

ولم تقتصر رحلات الشيخ على البلدان العراقية فقط بل كانت له عدة رحلات الى خارج البلاد ، الاّ انّ طابع هذه الرحلات تختلف بعض الشيء عن رحلاته الداخلية. فقد كانت رحلاته الخارجية غالباً للعلاج والاستجمام اضافة الى زيارة العتبات المقدسة في تلك البلدان.

ففي سنة ١٣٧١ هـ ( ١٩٥٢ م ) سافر الشيخ الى ايران لزيارة مرقد الامام

__________________

١ ـ المصدر السابق ، ج ١ ، ص ٥٧.

٢ ـ المصدر السابق ، ج ٢ ، ص ١٦٧.

٣ ـ مجلة الايمان : العددان ٣ ـ ٤ ( ١٩٦٣ م ) ، ص ٢٦٤.

٤ ـ ديوان الفرطوسي ، ج ٢ ، ص ١١.

٥ ـ المصدر السابق ، ج ٢ ، ص ٣١٠.

٦٦

الرضا عليه‌السلام ، في مدينة مشهد المقدسة. وقد أثاره منظر القبة الذهبية وما شاهده من مظاهر العظمة والجلال لذلك المرقد المطهر ، فجادت قريحته بقصيدة رائعة ، يقول في أبيات منها:

تفجّـر أيّها الطـرفُ القـريحُ

بما يوحي لك القلـب الجـريحُ

وصغ من دمعك القانـي وقلبي

نشيـداً كـلُّ مـافيـه ينـوح

فما هـذا الجمود وكـل شيءٍ

أراه لـلعـواطـف فيـه روح

فهـذا مشهدٌ قد كنت شجـواً

علـى ذكراه بالنجوى تبـوح

وهذي القبةُ الحمـراءُ تكسـو

بروعتها العـواطفَ اذ تلـوح

وهذا مهبط الأمـلاك فاخشـع

على أعتابه ـ وهـو الضريح

وهـذي تربـةٌ في كـلّ حِينٍ

بطيب أبي الجواد لنا تفوح (١)

وعندما حجّ الشيخ بيت الله الحرام سنة ١٣٧٦ هـ ( ١٩٥٧ م ) عرّج على المدينة المنورة فزار مسجد الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله ومراقد ائمة أهل البيت عليهم‌السلام في البقيع. وقد أثاره منظر البقيع كثيراً حتى قال عنه : « سكون رهيب في مشهد حزين تستعرض منظره الكئيب بطرفك الباكي فيمد سحابة سوداء من الشجون على عينيك ويفرق بموجة الأسى شفتيك وتتغلغل في أعماق نفسك من سورة الالم زفرات تضيق بها الضلوع وتحترق الدموع. هذا هو مشهد البقيع التربة المقدسة التي غربت وراء صعيدها الطاهر من شمس الرسالة بضعته الصديقة فاطمة الزهراء عليها‌السلام وأربعة نجوم من سلالتها الطاهرة هم أئمة البقيع عليهم‌السلام » (٢).

وفي سنة ١٣٨٤ هـ ( ١٩٦٥ م ) سافر الشيخ إلى « سويسرا » لعلاج بصره فمكث مدة في العاصمة « جنيف » ثم انتقل الى مدينة « لوزان » لتلقي العلاج في

__________________

١ ـ المصدر السابق ، ج ١ ، ص ١٠٤.

٢ ـ المصدر السابق ، ج ٢ ، ص ٥٠.

٦٧

جامعتها الطبية. وبعد فترة قضاها في « سويسرا » قرر الذهاب الى لبنان (١) فبقي مدة هناك ثم توجه بعدها الى سوريا حيث كانت محطته الأخيرة في هذه الرحلة توجه بعدها الى العراق.

وفي أواخر السبعينات وإثر الأزمات السياسية التي شهدها العراق في تلك الفترة غادر الشيخ العراق نهائياً وأقام في لبنان. وبعد مدة توجه الى « جنيف » في « سويسرا » لمعالجة بصره حيث نزل عند أخيه الدكتور محمد حسين الفرطوسي وذلك في سنة ١٩٨٠ م. مكث الشيخ ستة أشهر في « جنيف » قضاها بين العلاج الطبي والانصراف الى التعبد وعقد المجالس العلمية. وبعد هذه الفترة انقطع أمله بالتوصل الى أعادة بصيص من بصره فعزم على الرحيل الى بيروت والاقامة هناك. وفي عام ١٩٨٢ م عاد الشيخ الى « جنيف » ثانية وبعدها قرر الانتقال الى الامارات العربية المتحدة فأقام في « أبو ظبي » حتى أيامه الأخيرة (٢).

٩ ـ شخصيته العلمية :

عرف الشيخ الفرطوسي في الأوساط العلمية والمحافل الأدبية عالماً فاضلاً وأديباً مبرزاً له اجتهاده المستدل ورأيه الصائب في المسائل العلمية والأدبية. وبالرغم من شهرته كشاعر مرموق وأديب مبدع فانّ ذلك لم يفقده مكانته العلمية ومنزلته الشامخة بين أساتذة الحوزة العلمية في النجف. فالشخصية العلمية التي تمتع بها الفرطوسي استهوت الكثير من طلبة العلم وروّاد المعرفة. وقد تظافرت

__________________

١ ـ مجلة العرفان : المجلد ٥٣ الجزء ٤ ( ١٩٦٥ م ) ، ص ٣٥٠.

٢ ـ محمد حسين الفرطوسي من مقال له نشره في مجلة الموسم : العددان ٢٣ ـ ٢٤ ( ١٩٩٥ م ) ، ص ٣٥٢.

٦٨

على تكوين هذه الشخصية عدة عوامل ، هي :

أولاً : عامل البيئة

ولعامل البيئة الأثر الأعمق في تكوين شخصية الفرد وبلورة مواهبه الفطرية. وقد شاء الله أنْ ينمي غرس الفرطوسي الموهوب في مدينة النجف التي كانت ولا تزال جامعة علمية كبرى تخرّج منها غير واحد من عمالقة الفكر وأساطين العلم والأدب. والمعروف انّ النجف لم تكن مهداً للعلم والمعرفة فقط بل كانت أيضاً مؤسسة تربوية امتازت بأجوائها الروحية التي اقتبست أنوارها من الإشعاع المعنوي لمرقد الامام علي عليه‌السلام.

وكان تأثر الفرطوسي بهذه الأجواء تأثراً واضحاً وعميقاً. فقد تجلّت في شخصيته الفذة ملامح الايمان ، ومعالم الرسوخ في العقيدة ، والثبات على خطى الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونهج الأئمة من أهل البيت عليهم‌السلام.

ثانياً : عامل الوراثة

ويأتي هذا العامل ضمن العوامل المحفّزة على اقتفاء آثار الآباء ، والسير في خطاهم ، والتأسي بمآثرهم ، والسعي على امتثال نهجهم الذي سلكوه في طلب العلم واقتباس المعرفة. وقد انعكس هذا العامل بكل ما يحمل من مؤثرات ومحفزات على شخصية الفرطوسي ، وهو الذي ينتمي الى عائلة انحدر منها علماء كثيرون عبر قرن من الزمن. فجد الشيخ الفرطوسي وهو الشيخ حسن كان من العلماء الأعلام ومراجع الدين العظام. وامّا ابنه الشيخ حسين ـ والد الشاعر ـ

٦٩

فكان من أهل العلم والفضل تخرّج على كبار اساتذة عصره. وكذلك الشيخ علي ـ عمّ الشاعر ـ كان من فضلاء عصره وأعلام اسرته. وغير هؤلاء مما يضيق المجال بذكرهم هنا (١).

ثالثاً : عامل الفطرة

لقد مَنَّ الله ـ سبحانه وتعالى ـ على الشيخ الفرطوسي بنعمة الذكاء المفرط ، والذاكرة القوية. فقد كان رحمه الله يستظهر الدواوين الشعرية والكتب الأدبية بمدة قصيرة. وفوق هذا انّه كان ينظم القصيدة الطويلة التي تتجاوز المئة بيت في ذهنه وعن ظهر قلب ثم يصلح أبياتها وينشدها على الحضور ، ثم يعيدها مرات دون ان يغفل عن بيت واحد منها (٢).

والى ذلك أيضاً كان يناقش في مسائل تطرح عليه في الفقه والاصول والصرف والنحو والمعاني والبيان دون مطالعة مسبقة ، فكان يبسط الكلام في تلك المسائل ولا يترك شاردة ولا واردة في الموضوع إلاّ ويأتي بها كاملة.

١٠ ـ دراسته وأساتذته :

أخذ الشيخ الفرطوسي مقدمات العلوم عن والده الشيخ حسين ، وكان قد أتقن القراءة والكتابة في سن التاسعة على معلمه « الشيخ عطية » (٣). وبعد وفاة والده شمله عمه الشيخ علي بعنايته ورعايته الأبوية فحرص على تعليمه وتهذيبه.

__________________

١ ـ للتوسع ينظر جعفر آل محبوبة : ماضي النجف وحاضرها ، ج ٣ ، ص ٦٢ ـ ٦٨.

٢ ـ محمد هادي الاميني : معجم رجال الفكر والادب في النجف ، ج ٢ ، ص ٩٣٨.

٣ ـ ديوان الفرطوسي ج ١ ، ص ١٨.

٧٠

وما ان بلغ الخامسة عشرة من عمره حتى انظمّ الى سلك التعليم في الحوزة العلمية بالنجف ، وأخذ يدرس علم النحو ، والصرف ، والعروض ، والمعاني والبيان ، والمنطق ، والأصول ، والفقه ، والكلام ، وقد تقدم في دراسة هذه العلوم حتى أتقنها ودرّس اكثرها ، وتخصص في تدريس علم المعاني والبيان.

وبعد ما أتم الشيخ دروسه في الآداب والعلوم العربية وغيرها من العلوم أخذ يدرس سطوح الفقه واصوله حتى برع فيها وتقدم على أقرانه. وما ان أتمّ هذه المرحلة حتى بدأ بالحضور في بحوث علمية خارجية في الفقه والاصول لكبار علماء عصره.

وقد درس الشيخ طوال هذه المدة على أساتذة أجلاّء كان لهم الدور الفاعل في إنماء مواهبه وتوجيهه توجيهاً صحيحاً نحو التقدم والكمال. ومن هؤلاء الأساتذة الذين أخذ عنهم العلم وتلمذ لهم وأفاد منهم :

١ ـ السيد أبو الحسن الموسوي الأصفهاني ( ١٢٨٤ ـ ١٣٦٥ هـ )

وهو من العلماء الاعلام والفقهاء العظام. استقل بالزعامة الدينية والمرجعية الكبرى وأصبح مفتي الشيعة في كافة الأقطار الاسلامية من غير منازع (١).

تابع الشيخ الفرطوسي الحضور في بحوث استاذه الامام الذي كان يؤثره بمحبة خاصة ويخاطبه في رسائله اليه بـ « ولدنا العلامة الشيخ عبد المنعم .. » (٢).

٢ ـ السيد عبد الهادي الحسيني الشيرازي ( ١٣٠٥ ـ ١٣٨٢ هـ )

من المجتهدين الأعلام. كان في عداد المراجع الذين انتهت اليهم أمور التقليد بعد وفاة السيد أبي الحسن الأصفهاني. وبعد وفاة السيد البروجردي انتقلت

__________________

١ ـ محمد هادي الأميني : معجم رجال الفكر والأدب في النجف ، ج ١ ، ص ١٢٩.

٢ ـ محمد حسين الفرطوسي من مقال نشره في مجلة الموسم : العددان ٢٣ ـ ٢٤ ( ١٩٩٥ م ) ، ص ٣٥٢.

٧١

اليه الزعامة الدينية والمرجعية الشيعية ، فكان من أعظم الفقهاء والمجتهدين في النصف الثاني من القرن الرابع عشر الهجري (١).

٣ ـ السيد محسن الحكيم ( ١٣٠٦ ـ ١٣٩٠ هـ )

زعيم الطائفة الشيعية في عصره ، وأحد أبرز مراجع التقليد والفتيا. « كانت له الزعامة الدينية العامة ، والمرجعية الروحية المطلقة ، والرئاسة العلمية. قام بمشاريع ومآثر خالدة ، وتصدى للتدريس والتأليف والامامة ... ازدهرت الحوزة النجفية ، ونشطت الحركة الفكرية في عهده » (٢).

كان الشيخ الفرطوسي تربطه علاقة خاصة بالسيد محسن الحكيم ، فقد كان من مريديه وخاصة أتباعه. وقد مدحه في أكثر من مناسبة ، من ذلك قصيدته « ذكريات » التي يقول في بعض أبياتها :

أبـا المهدي أنـت لنا إمام

ومجد العلم مجـدك لا يُرام

أتتك طلائع الأحكام تسعى

لقائـدها وفي يـدك الزمام

فقدها حلقة من بعد اخرى

بغيـرك لا يتم لهـا انتظام

اذا ماروضة العرفان جفت

منابعهـا فانت لها غمـام

وان رفعت أكاليل المعالي

فأنت لكلّ اكليل وسام (٣)

٤ ـ السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي ( ١٣١٧ ـ ١٤١٣ هـ ).

من كبار مراجع التقليد ، وأساتذة الحوزة العلمية في النجف. توسّع في تدريس العلوم الاسلامية ، وألقى محاضرات قيمة في الفقه والاصول والتفسير.

__________________

١ ـ محسن الأمين : أعيان الشيعه ، ج ٨ ، ص ١٢٩.

٢ ـ محمد هادي الأميني : معجم رجال الفكر والأدب في النجف ، ج ١ ، ص ٤٢٣ ، ٤٢٤.

٣ ـ ديوان الفرطوسي ، ج ٢ ، ص ١٦٤.

٧٢

ووفّقَ الى تأليف كتب كثيرة (١).

حضر الشيخ الفرطوسي بحوث السيد الخوئي في الأصول ، وكان يتشوق كثيراً الى دروس استاذه ، وكان يذكره بأنه « منبع من العلم لا ينضب معينه ، يتحدر من ذهن متفجر بالحكمة. وهبه الله من المعارف ما شاء ان يهبه لمثله من أوليائه الأبرار » (٢)..

٥ ـ الشيخ مهدي الظالمي ( ١٣١٠ ـ ١٣٥٩ هـ ).

عالم فاضل من أساتذة الفقه والأصول ، وهو أيضاً شاعر جليل وأديب مرموق. « كان مظهراً من مظاهر التقى والورع لم تشبه شائبة من رياء ولا تدجيل كأنما هو على ثقة تامة من آخرته وما تفرضه عليه من طهر وصدق وايمان ، وكان نمطاً عالياً من أنماط العلم والادب. ما عرف العارفون ضعفاً في تفكيره ، ولا قصوراً في تعبيره ، ولا ثقلاً في روحه » (٣).

درس الشيخ الفرطوسي على استاذه الشيخ الظالمي كتاب « كفاية الاصول » للمحقق الخراساني. كما وأنجز أبحاثاً قيمة بإشرافه. وعند وفاته رثاه الشيخ الفرطوسي بقصيدة لم يثبتها في ديوانه ، يقول في أبياتها الاولى :

أصاب ناعيك قلب المجد فانصدعا

وأدرك الغـرض المقصود حين نعى

وأنفـذ السهم في قلبي وحكمه

في أضلعي فاستحالت أضلعي قطعا

فصـرت أجمع هاتي في يد ويد

مسكت فيها فؤادي خوف أن يقعا

وعدت كالطائر المذبوح قد علقت

في حبل نفسي مدى الآلام فانقطعا (٤)

_________________

١ ـ محمد هادي الاميني : معجم رجال الفكر والادب في النجف ، ج ٢ ، ص ٥٣٢ ، ٥٣٣.

٢ ـ ديوان الفرطوسي ، ج ١ ، ص ٢٥.

٣ ـ علي الخاقاني : شعراء الغري ، ج ١٢ ، ص ٢٨١.

٤ ـ جعفر آل محبوبة : ماضي النجف وحاضرها ، ج ٣ ، ص ١٠.

٧٣

٦ ـ السيد محمد باقر الشخص الأحسائي ( ١٣١٦ ـ ١٣٨١ هـ )

من المدرسين البارزين في الحوزة العلمية في النجف. كان على جانب من التواضع والورع والخلق الرفيع والسلوك المتين. حاز على مرتبة الاجتهاد والاستنباط ، وواصل التدريس حتى أصبح من أعلامه المبرزين (١).

درس الشيخ الفرطوسي على أستاذه الأحسائي كتابي « الرسائل » و « المكاسب » للشيخ الأنصاري. وعند وفاة استاذه رثاه بقصيدة قال في جملة من أبياتها :

ايهاً حماة الشـرع لاربع العلى

ربعٌ ولا النجـوى يرتلهـا فم

خمدت مصابيح الدراية منكم

شعـلاً وغارت للهـداية أنجم

خلت الكنـانة من بنيها بعدما

غبتـم وأنتـم للكنانـة أسهم

واريقت الصهباء من قدح العلى

فهوى وهـاهو هيكل متحطم

واُميتت الانغـام فاستولى على

أوتارها خـرس وصمت ملجم

مـا قيمة الشبـح المجرد انّـه

عرض بغيـر الروح لا يتقـوم

فالعود بالنفحـات يعرف طيبه

والعود بالنغمـات اذ يترنم (٢)

١١ ـ آثاره ومؤلفاته :

ساهم الشيخ الفرطوسي بالاضافة الى نشاطه الأدبي في حقول معرفية متنوعة جلّها في العلوم الدينية. فقد ألّف في مجال الفقه والأصول والمنطق والعلوم

__________________

١ ـ محمد هادي الأميني : معجم رجال الفكر والادب في النجف ، ج ٢ ، ص ٧٢٢. علي الخاقاني : شعراء الغري ، ج ٧ ، ص ٣٠٤.

٢ ـ ديوان الفرطوسي ، ج ٢ ، ص ٣٠٨.

٧٤

العربية كتباً قيمة لا تزال مخطوطة. والمطالع لهذه الآثار يتلمس بوضوح السيطرة التامة والمقدرة الفائقة التي امتاز بها الشيخ الفرطوسي في ابداعه العلمي ونتاجه الأدبي. وحسب المعلومات المتوفرة فان النتاج العلمي والأدبي للشيخ الفرطوسي ينحصر في المؤلفات التالية :

١ ـ ديوان الفرطوسي : وهو في جزئين ، طبع للمرة الاولى في مطبعة الغري الحديثة بالنجف سنة ١٩٥٧ م ، وأُعيد طبعه ثانية سنة ١٩٦٦ م (١).

وقد عبّر الشاعر عن ديوانه بأنّه « إضمامة متناثرة من العواطف انسقها في هذه الألواح ، وجمرات ملتهبة من الشعور أنثرها على هذه الصفحات هي جهود نشاطي الأدبي وغرس خمسة وعشرين عاماً من حياة عواطفي. ولقد مرّ على هذه الحياة الأدبية ربيع من الشعر كان الطموح الأدبي فيه بمنتهى الفتوة والنشاط وثورة العاطفة كهجوم العاصفة. أتخيل شبح الزهرة فأصافحه واحلم بأغاريد البلبل فأطارحه. أهب مع النسمة وأذوب في النغمة. أطرب لمنظر الوتر وأهيم في بسمات القمر. يسحرني المنظر الرائع فلا اجتازه حتى اصفه واتحرى بنفسي بواعث النظم لأقول الشعر وفي هذا الفصل الخصيب تجمعت أكثر زهرات هذا الحقل وها انا اعرض قلبي وعقلي عليك حين اعرضها في هذه الألواح » (٢).

ويبلغ عدد أبيات الديوان بجزئيه مع أبيات الإهداء ٧٣٨٥ بيتاً توزعت على أكثر من مئة وثمانين قصيدة ومقطوعة شعرية. والديوان هو ليس جميع منظوم الشاعر فقد اقتطف الشيخ الفرطوسي من نتاجه الشعري الضخم هذه القصائد المثبتة في الديوان بينما تناثرت قصائده الاخرى في الصحف والمجلات

__________________

١ ـ آقا بزرك الطهراني : الذريعة الى تصانيف الشيعة ، ج ٩ ، ص ٧٠٠. كوركيس عواد : معجم المؤلفين العراقيين ، ج ٢ ، ص ٣٥١.

٢ ـ ديوان الفرطوسي ، ج ١ ، ص ٢٩.

٧٥

واخذ بعضها طريقه الى الضياع والتلف (١).

جمع الشاعر ديوانه بنفسه وكتب مقدمة له تناول فيها أدوار نشأته ومراحل دراسته ، واوليات نظمه الى جانب آثاره العلمية. وقد قدّم الديوان في طبعته الاولى محمد علي البلاغي صاحب مجلة « الاعتدال » النجفية. كما وقدمت جمعية الرابطة الأدبية في النجف الديوان في طبعته الثانية.

نسق الشاعر ديوانه في سبعة أبواب :

الباب الأول : « من وحي العقيدة » ويشتمل على قصائده الدينية وأشعاره الولائية لأهل البيت عليهم‌السلام.

الباب الثاني : « صور من المجتمع » (٢) ويضم هذا الباب قصائد الشاعر الوطنية والسياسية والاجتماعية التي أنشدها في مناسبات مختلفة.

الباب الثالث : « دروس » وهي مجموعة قصائد في الاخلاق والتوجيه والآثار والعبر.

الباب الرابع : « في محراب الطبيعة » وهي قصائد وصفية صوّر فيها الشاعر مشاهد الطبيعة وحياة القرية ومافيها من صور رائعة ومناظر خلابة.

الباب الخامس : « طلائع الآمال » وهي قصائد ترحيبية أنشدها الشاعر في استقبال وفود العلم والادب ورجال الاصلاح والدين.

الباب السادس : « الحب والجمال » وهو حقل الشعر الوجداني الذي عبّر فيه

__________________

١ ـ ينظر الملحق رقم ( ٤ ).

٢ ـ ذكر الشيخ الطهراني في كتابه الذريعة الى تصانيف الشيعة ( ج ٩ ، ص ٧٠٠ وج ١٦ ، ص ٢٧٥ ) انّ للشاعر ديواناً في الشعر الاجتماعي عنوانه « معرض العواطف ». وقد تحريت عن هذا الديوان فلم أجد له ذكراً في المظان والمصادر المعنية. والجدير بالذكر ان الشيخ الطهراني لم يذكر هذا الديوان في حرف الميم. ويبدو ان القصائد المذكورة في هذا الباب هي التي قد عناها الشيخ الطهراني ، والله أعلم.

٧٦

الشاعر عن خلجات نفسه وبعض ما أوحته عاطفته من قريض الشعر والغزل.

الباب السابع : « دموع وعواطف » وهي قصائد في رثاء رجال العلم والادب ومن ارتبط بهم روحياً وعاطفياً.

علّق الشاعر على معظم قصائده تعليقات موجزة ذكر فيها الغرض من انشادها ، وتاريخ نظمها ، والمناسبة التي القيت فيها. كما وشرح بعض المفردات اللغوية وترجم للاعلام الواردة فيها.

٢ ـ ملحمة أهل البيت عليهم‌السلام (١) : وهي ملحمة شعرية تقع في ٢٨٢٠٤ بيتاً طبعت للمرة الاولى سنة ١٣٩٧ هـ ( ١٩٧٧ م ) في ثلاثة أجزاء وقد قدّمها السيد محمد باقر الصدر. وفي سنة ١٤٠٧ هـ ( ١٩٨٦ م ) أي بعد وفاة الشاعر بثلاث سنين طبعت الملحمة بكامل أجزائها الثمانية وقد قدم لجزئها الثامن السيد محمد حسين فضل الله.

٣ ـ الوجدانيات (٢) : مجموعة شعرية لا تزال مخطوطة تحتوي على ألوان وصفية وغزلية من شعر الفرطوسي.

٤ ـ الفضيلة (٣) : رواية شعرية من الأدب الحزين نظمها الفرطوسي في ثمانين صفحة وبلغ عدد أبياتها ستمئة بيت. وأصل الرواية للكاتب الفرنسي برناردين دي سان بيار ( ١٧٣٧ ـ ١٨١٤ م ) ونقلها الى العربية الأديب المصري مصطفى لطفي المنفلوطي ( ١٨٧٦ ـ ١٩٢٤ م ). وقد فرغ الفرطوسي من نظمها سنة ١٣٦٦ هـ (٤).

__________________

١ ـ سيأتي الحديث عن الملحمة بالتفصيل.

٢ ـ حسن الأمين : مستدركات اعيان الشيعة ، ج ٤ ، ص ١٢٦. علي الخاقاني : شعراء الغري ، ج ٦ ، ص ٤. جعفر آل محبوبه : ماضي النجف وحاضرها ، ج ٣ ، ص ٦٦.

٣ ـ ديوان الفرطوسي ، ج ١ ، ص ٢٨.

٤ ـ آقا بزرك الطهراني : الذريعة الى تصانيف الشيعة ، ج ١٦ ، ص ٢٧٥.

٧٧

٥ ـ أرجوزة شعرية في المنطق (١) :وهي منظومة في الاشكال والضابطة في علم المنطق من « الحاشية » التي وضعها المولى نجم الدين عبدالله اليزدي المتوفى سنة ٩٨١ هـ على كتاب « تهذيب المنطق والكلام » لسعد الدين التفتازاني المتوفى سنة ٧٩٢ هـ. وتقع الأرجوزة في مئتي بيت تقريباً (٢).

٦ ـ شرح موجز « لحاشية ملا عبد الله » في علم المنطق (٣).

٧ ـ شرح شواهد « مختصر المعاني » للتفتازاني (٤) : وقد توسع الشيخ الفرطوسي في شرحه على طريقة كتاب « معاهد التنصيص » لعبد الرحيم بن احمد العباسي المتوفى سنة ٩٦٣ هـ ويقع الشرح في خمسين صفحة بالقطع الكبير ، ويتضمن شرحاً للآيات الكريمة الواردة في المختصر مع اعرابها وتفسير الشاهد فيها.

٨ ـ شرح « كفاية الأصول » (٥) : وهو الشرح الذي كتبه الشيخ الفرطوسي على الجزء الاول من كتاب « كفاية الاصول » للشيخ محمد كاظم الخراساني المتوفى سنة ١٣٢٩ هـ. ويقع هذا الشرح في ثمانمئة صفحة (٦).

٩ ـ شرح « الرسائل الأصولية » (٧) للشيخ مرتضى الانصاري المتوفى سنة ١٢٨١ هـ. وهذا الشرح هو نتيجة المدة التي قضاها الشيخ الفرطوسي تحت اشراف استاذه السيد محمد باقر الشخص.

__________________

١ ـ ديوان الفرطوسي ، ج ١ ، ص ٢٥.

٢ ـ علي الخاقاني : شعراء الغري ، ج ٦ ، ص ٤.

٣ ـ ديوان الفرطوسي ، ج ١ ، ص ٢٥.

٤ ـ المصدر السابق.

٥ ـ المصدر السابق.

٦ ـ علي الخاقاني : شعراء الغري ، ج ٦ ، ص ٤.

٧ ـ ديوان الفرطوسي ، ج ١ ، ص ٢٥.

٧٨

١٠ ـ شرح « رسالة الاستصحاب » (١) من رسائل الشيخ مرتضى الانصاري يقع في ١٠٠٠ صفحة.

١١ ـ شرح مقدمة البيع من كتاب « المكاسب » للشيخ مرتضى الانصاري وصل به الى كتاب المعاطاة (٢).

١٢ ـ شرح « المطالب » (٣).

١٢ ـ نشاطه الثقافي والأدبي :

اتسع نطاق العمل الأدبي للشاعر وأخذ يتجه الى التنشيط والتفاعل أكثر فأكثر منذ أن انتظم في « جمعية الرابطة الادبية ». وتعتبر الجمعية أول مؤسسة تأسست للأدب في النجف بصفة رسمية. فقد تشكلت سنة ١٣٥١ هـ وضمت اكبر الأسماء الشعرية في العقد الثالث من القرن العشرين. ويُعد الشيخ الفرطوسي أحد أعمدتها وواضعي لبناتها الأولى (٤).

تبلورت فكرة الرابطة في ذهن الشاعر ، وأخذت تلقي بظلالها على معظم نشاطاته وأعماله الأدبية ، حتى ان ديوانه الذي جاوز السبعة آلاف بيت يعد ثمرة

__________________

١ ـ علي الخاقاني : شعراء الغري ، ج ٦ ، ص ٤.

٢ ـ ديوان الفرطوسي ، ج ١ ، ص ٢٦.

٣ ـ نسبه غالب الناهي ( دراسات أدبية ، ج ١ ، ص ٧٧ ) الى الفرطوسي. وقد بحثت عنه في المصادر الرئيسية والمظان المعنية فلم أجد له ذكراً.

٤ ـ ساهمت الجمعية مساهمة فعالة في بعث الحركة الادبية في النجف الاشرف ، فكانت رائدة النهضة الادبية الحديثة فيها. وقل أن يوجد أديب نجفي محدث ـ شاعر أو ناثر ـ الاّ وهو نتاج ندواتها ومجالسها الأدبية. قامت على نشر بعض الكتب الأدبية والسياسية ، مثل ديوان الشبيبي ، والفلسطينيات ، وجهاد المغرب العربي. ويأتي الشيخ محمد علي اليعقوبي ، والشيخ صالح الجعفري والسيد محمود الحبوبي في طليعة المؤسسين لهذه الجمعية ( دليل النجف الاشرف ، ص ١٠١ ).

٧٩

من ثمار ذلك التفاعل الحي والعمل الدؤوب في هذه المؤسسة الأدبية.

وكان الشيخ ممن يعول عليه في جميع المناسبات التي كانت تقيمها الجمعية فكان شاعرها الذي يشدو باسمها ، والناطق بلسان أعضائها وخاصة في الحفلات التكريمية التي كانت تقيمها الجمعية احتفاءً بالهيئات العلمية والأدبية الوافدة على النجف كالحفل الذي أقامته الجمعية تكريماً للوفد العلمي الذي ترأسه الدكتور حامد زكي عميد كلية الحقوق في مصر ، وكذلك حفلة تكريم الدكتور زكي مبارك لدى زيارته للنجف ، وحفلات كثيرة اخرى (١).

ومن النشاطات الثقافية التي اضطلع بها الشاعر وبلغ فيها شأواً بعيداً ، تدريسه العلوم الدينية والعربية ، وخاصة تخصصه في تدريس علم المعاني والبيان (٢). فقد عرف الشيخ الفرطوسي اُستاذاً ماهراً ، ومدرساً بارعاً ضمّت حلقات درسه عدداً غفيراً من طلاب العلوم الدينية الذين أصبحوا فيما بعد من كبار العلماء وأعلام المجتهدين. وغالباً ما كانت تعقد مجالس بحثه ودرسه في المسجد الهندي (٣) ، بالاضافة الى دروسه الخاصة التي كان يشكّلها في داره.

ولمّا كان الشيخ الفرطوسي من الناشطين في حقل الثقافة والمعرفة ، والمهتمين بأمر التدريس ونشر العلوم الدينية ، فإنّنا نجده قد طرق باب التأليف والكتابة حتى برع فيه ، والّف كتباً قيمة انحصرت موضوعاتها في الفقه والاصول والأدب والبلاغة والمنطق.

__________________

١ ـ ينظر ديوان الفرطوسي ، ج ٢ ، ص ١٧٦ ، ١٧٩ ، ١٨٠ ، ١٨٢ ، ١٨٥.

٢ ـ ديوان الفرطوسي ، ج ١ ، ص ٢٥.

٣ ـ محمد رضا آل صادق من مقال له نشر في مجلة التوحيد : العدد ٣٢ ( ١٤٠٨ هـ ) ، ص ١٠٣.

٨٠