الشيخ عبدالمنعم الفرطوسي حياته وادبه

حيدر المحلاتي

الشيخ عبدالمنعم الفرطوسي حياته وادبه

المؤلف:

حيدر المحلاتي


الموضوع : التراجم
الناشر: المكتبة الأدبيّة المختصّة
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-185-0
الصفحات: ٣٤٤

والأمثال ، والتأويل والتفسير ، والاستدلال والقياس ، ومفاهيم قرآنية اُخرى (١).

ثانياً : الموضع الذي خصه الناظم لتفسير الإمام الباقر عليه‌السلام للقرآن الكريم. وقد بدأه بمقدمات ، منها : الترجيع بقراءة القرآن ، وتنزيه القرآن من الباطل ، وذمّ المحرِّفين للقرآن ، والاستعمالات المجازية في القرآن ، ومواضيع اُخرى. وقد تطرق الناظم في جانب آخر من هذا الموضع إلى نماذج من تفسير الإمام عليه‌السلام معتمداً على كتاب « البرهان في تفسير القرآن » للسيد هاشم البحراني. وقد بلغ عدد الآيات المفسرة في هذا الموضع مئة وخمساً وتسعين آية شريفة (٢).

ثالثاً : وهو فصل قائم بذاته ومستقل عن باقي موضوعات الملحمة وضعه الشيخ الفرطوسي خصيصاً لتفسير القرآن الكريم حيث بلغت الآيات المفسرة في هذا الفصل مئة وثلاثاً وستين آية شريفة (٣).

__________________

١ ـ المصدر السابق ، ج ٢ ، ص ٢٣٥ ـ ٣٦٣.

٢ ـ المصدر السابق ، ج ٥ ، ص ٦٣ ـ ٢٣٠ ، ج ٧ ، ص ٣٥١ ، ٣٦٨.

٣ ـ المصدر السابق ، ج ٧ ، ص ١٦٧ ـ ٣٤٣.

٢٦١

٣ ـ الخصائص :

للملحمة خصائص وقيم فنية كثيرة ، أشار إلى جملة منها السيد محمد باقر الصدر حين قدّم الملحمة قائلاً : « وجدت الملحمة فريدة في بابها ملأت فراغاً لم يكن قد ملئ حتى الآن في تراثنا الفكري والأدبي وقد استطاع الاستاذ المبدع الذي وضع هذه الملحمة أن يمزج فيها بين جلال العقيدة وقوة البرهان ونصاعة الاستدلال ونزاهة العرض ودقة التصوير من ناحية وبين قوّة الابداع وزخم الشعور وروعة الشعر وجمال التصوير من ناحية اُخرى ولئن كانت الملحمة تعبيراً عن أمجاد خير أمة اخرجت للناس ومفاهيمها العامة وتاريخها العظيم بكل ما يحمل من سمات الابداع والبطولة والايمان والتضحية والفداء فهي في نفس الوقت تعبير عن مدى القدرات الهائلة في لغة القرآن التي مكّنتها من أن تصور كل تلك الأمجاد وكل ذلك التاريخ الحافل بشعر ملتزم بكل ما يفرضه الشعر من التزامات الوزن والقافية ولم يفقد بسبب ذلك روعة الشعر وجماله وهي بالتالي تجسيد لألمعية هذا الشاعر الجليل الذي فجّر تلك القدرات بما أوتي من نبوغ في الشعر وتضلع في اللغة وعمق في الولاء وتفقه في الدين والتاريخ » (١).

وللتوسع في الموضوع وتفصيل الكلام في خصوصيات وقيم الملحمة لابدّ من الحديث عن الميّزات التي انفردت بها الملحمة ، والجوانب المتعددة التي يمكن من خلالها تقييم الملحمة ونقدها. ومن الخصائص البارزة التي نقف عندها في هذا الفصل :

__________________

١ ـ المصدر السابق ، ج ١ ، ص ٧ ، ٨.

٢٦٢

أولاً : وحدة الوزن والقافية

على الرغم من طول الملحمة التي جاوزت الأربعين ألف بيت ، وتعدد مواضيعها وتنوع مضامينها ، فإننا نرى أنّ الشاعر يلتزم فيها بحراً واحداً وهو الخفيف ، وقافية واحدة وهي الهمزة المكسورة. وقد أجاد الشاعر في اختياره هذا. فكما هو معروف فانّ بحر الخفيف ـ كما يتضح من تسميته ـ خفيف يتصف بالهدوء والرزانة ، الرزانة الباعثة على الحركة والتواصل لا على السكون والانقطاع. « وأكثر ما استعمل الخفيف عند القدامى في أغراض قريبة من مواطن الأداء النفسي كالتأمل والحكمة والرثاء ، كما استعمل لإبراز الحوار الداخلي ما بين الشاعر وأعماقه ... » (١).

وأمّا القافية وهي الهمزة المكسورة فانّها من أفضل القوافي التي يمكن استخدامها في القصائد المطولة ذات النفس الملحمي المديد ، لكثرة مفرداتها وتنوع اشتقاقاتها اللغوية. فلذا كان التنوع اللغوي مشهوداً وملحوظاً في تمام أبيات الملحمة. وكما مرّ سابقاً فانّ الشاعر قد استخدم قافية واحدة فقط لم يحد عنها طوال أجزاء الملحمة الثمانية. ولعل ذلك يعود إلى الإحكام الذي توخاه الشاعر في نسيج قصيدته ، والتناسب الحاصل عادة بين الموسيقى الداخلية والخارجية في مثل هذا النوع من القصائد الموحدة القافية.

وهذا دأب شعراء النجف فانّهم ينظرون « إلى وحدة القافية نظرة اعتزاز ، ويعدونها أصلاً من أُصول الإبداع في القصيدة ، ومظهراً من مظاهر اكتمالها الفني ، ولا يحيدون عن وحدة القافية رغبة في التخلص منها ، بل اتباعاً لنماذج من الشعر العربي وفنونه ، كالموشح والمزدوجات » (٢).

__________________

١ ـ علي عباس علوان : تطور الشعر العربي الحديث في العراق ، ص ٢٣٧.

٢ ـ عبدالصاحب الموسوي : حركة الشعر في النجف ، ص ٣٤١.

٢٦٣

ثانياً : الإسناد والتوثيق

حرص الشاعر منذ بداية ملحمته وحتى نهايتها على أن يدعم كلامه بالمصادر والمراجع المختلفة سواء مصادر أهل السنة أو المصادر الشيعية. وقلّما نجد موضوعاً أو بحثاً في الملحمة دون إسناد أو توثيق. فلذا امتازت الملحمة بقيمة علمية بالاضافة إلى قيمها الدينية والتاريخية والأدبية.

وتتنوع المصادر بتنوع الموضوعات التي طرقها الشيخ الفرطوسي في موسوعته الشعرية. فقد شملت مصادر في القرآن وتفسيره ، والحديث وروايته ، وكذلك مصادر في الفقه والاُصول ، والفلسفة والكلام ، والتاريخ والسيرة ، والعلوم والفنون ، والشعر والأدب ، وموضوعات كثيرة اُخرى.

ومن أبرز كتب أهل السنّة التي اعتمد عليها الشاعر في ملحمته يمكن الاشارة إلى المصادر التالية : في التفسير : تفسير الكشّاف للزمخشري ، وتفسير الفخر الرازي ، وتفسير الطبري ، وتفسير البيضاوي. وفي التاريخ : تاريخ الطبري ، وتاريخ ابن كثير ، وتاريخ الخلفاء للسيوطي. وفي الحديث : صحيح البخاري ، وصحيح مسلم ، وصحيح الترمذي ، ومسند ابن حنبل ، والمستدرك للحاكم ، والمعجم الصغير للطبراني ، وكنز العمال للمتقي الهندي. وفي الرجال : تذكرة الحفاظ للذهبي ، وأُسد الغابة لابن الأثير ، والطبقات الكبرى للشعراني. وفي الكلام : رسالة الاعتقاد لأبي بكر الشيرازي ، وشرح تجريد الاعتقاد للسيوطي.

أما المصادر الشيعية فهي كثيرة ، ففي التفسير : مجمع البيان للطبرسي ، والبرهان في تفسير القرآن للسيد هاشم البحراني ، والبيان للسيد الخوئي. وفي الحديث : الكافي للشيخ الكليني ، والتهذيب للشيخ الطوسي ، ومن لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق ، وبحار الأنوار للعلامة المجلسي. وفي الكلام والاعتقاد :

٢٦٤

الاحتجاج للطبرسي ، وإحقاق الحق للسيد نور الله المرعشي التستري ، وحق اليقين للسيد عبدالله شبّر ، وعقائد الإمامية للسيد إبراهيم الزنجاني ، والمراجعات للسيد شرف الدين.

ثالثاً : الوضوح والشفافية

من جملة ما يلاحظ على معاني الشاعر في ملحمته أنّها معان واضحة ليس فيها تكلّف ولا تصنّع ، ولا إغراق في الخيال ولا مبالغة في التعبير ، ولعلّ ذلك يعود إلى الهدف الذي ارتسمه الشاعر في ملحمته وهو تأريخ حياة وفكر أهل البيت عليهم‌السلام ، والأحداث التي عاصروها لتكون وثيقة تاريخية قبل أن تكون وثيقة شعرية خالصة أو أثراً أدبياً بحتاً.

ومن هذا المنطلق حرص الشاعر على نقل الأحداث والوقائع نقلاً أميناً دون أن يفرض إرادته الفنية وقبل أن يستجيب لأحاسيسه وعواطفه. ومن أجل ذلك كان شعره ـ عدا النزر القليل ـ وثيقة دقيقة لمن أراد أن يعرف التأريخ الإسلامي ويطلّع على حياة أهل البيت عليهم‌السلام وعلى أفكارهم ومعارفهم القيمة.

ويواصل الشاعر تأدية معانيه بهذه الصورة الواضحة ومن غير تمويه وطلاء. فهو يهدف إلى سرد الحقائق سرداً واقعياً وحسيّاً دون إعمال الخيال والعاطفة. وإن شاب بعض أشعاره خيال فإمعاناً في الوضوح وزيادة في الجلاء. ومن هنا نرى الشاعر في كثير من المواضع يظهر ببزّة مؤرخ يروي الأحداث والوقائع كما جاءت في المصادر المعنية لا كما يراها هو. فمثلاً عندما يتناول غزوة من غزوات النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كغزوة بدر مثلاً نراه يتابع أحداثها ، ويلقي الضوء على وقائعها بموضوعية وأمانة تامة :

٢٦٥

إنّمـا المسلمون فـي يوم بدر

أقويـاء فـي عـدّة الضعفـاء

أقويـاء الإيمان والـدين أقوى

شوكـةٍ تستهيـن بـالأقويـاء

وقريـش وقد تمـادت لطـه

في عداها أطغى مـن الكبرياء

حيـن جاءت بعدّة وعـديد

تتـبـارى بالخيـل والخيـلاء

وأرادت عند البــررجـالاً

مـن قريش هـمُ من الأكفـاء

فتصـدى عبيـدة وعلــي

لهـم بعـد سيــد الشهـداء

والوليـد البـاغي وعتبة يتلو

شيبة في الصمـود عند اللقـاء

فتلاقى الأقران مـن كلّ صفٍ

والمنايـا تضرى مـن الغلواء

وإذا بـالطغـاة بين صريـع

وقتيــل مقطـع الأعضـاء

وعلـيّ هو المجلّـي جهـاداً

وهو في الحرب فارس الهيجاء

قتــل الله نـوفلاً بيـديـه

بعد دعوىً من خاتم الأنبياء (١)

وهكذا دواليك في سائر أحداث الملحمة وباقي موضوعاتها المختلفة. فالسمة البارزة في أشعار الملحمة وخاصة الأشعار التاريخية تكمن في وضوح المعاني وشفافية المضامين والموضوعات.

رابعاً : سهولة البيان والألفاظ

اتجه الشاعر في لغته التعبيرية واُسلوبه البياني إلى اختيار ألفاظ سهلة ومفردات متداولة يسهل فهمها وتتبادر إلى الذهن بيسر وسرعة. وقد سار الشاعر في هذا الاتجاه في جميع الموضوعات التي تطرق إليها سواء الموضوعات

__________________

١ ـ ملحمة أهل البيت عليهم‌السلام ، ج ١ ، ص ٢٦٦.

٢٦٦

المعقدة والصعبة أو المسائل المبسطة واليسيرة. فنلحظ مثلاً عندما يتطرق الشاعر إلى موضوعات كلامية عويصة كالجبر والتفويض مثلاً نجده ينهج المنهج السابق ويتناول الموضوع بكل بساطة وسهولة. يقول في هذا الشأن :

هو أمرٌ مـا بين أمرين حـقٌ

عن ضلال التفويض والجبر نائي

قرّرتـه أئمـة الحـق منّـا

وهو يـعزى لخيرة الأوصيـاء

وهو عند التحقيق والحق يبدو

لك بالعيـن عند كشف الغطاء

انّ ربّ العباد أولـى امتنـاناً

كـلّ عبــد بمنّـة وعطـاء

وحـبـاه إرادةً واختيــاراً

فـي جميع الأفعال عنـد الحباء

وله قـدرة بترك المعـاصـي

وبفعـل الطاعات وقـت الأداء

طبق أصل يصـدّه بالنـواهي

عن إباحـات سائـر الأشيـاء

ولـربّ العبـاد أمـرٌ ونهـيٌ

وحدودٌ مـوضوعـةٌ للقضـاء

وأمور طبق المصـالح تجـري

في القضايا مـن عالم بالخفـاء

بعد تبييـن منهج الغي منهـا

للبـرايـا ومنهـج الإهتـداء

قد هداه النجدين إمّـا شكوراً

أو كفـوراً بهــذه النعمـاء

ويجازى المطيع من كل عبـد

عنـد فعل الطاعات خيـر جزاء

ويعاني العاصي بسوء اختيـار

عنـد عصيـانه أشـدّ البـلاء

وهو حكم يقرّه العقل جزمـاً

وقضـاء عدل بغير اعتـداء

وقضاء الإله وهـو مطـاعٌ

نافـذٌ حكمـه بكـلّ مُشـاء

في جميع الطاعـات أمرٌ وأجرٌ

ورضــاه والعـون للأوليـاء

والتخلّي والنهي والسخط منه

في المعاصي والـذم للأشقياء (١)

__________________

١ ـ المصدر السابق ، ج ١ ، ص ٩٩ ، ١٠٠.

٢٦٧

وعلى هذه الشاكلة يسير الشاعر في لغته الشعرية نحو الألفاظ القريبة إلى الذهن والتي يكثر استعمالها في لغة العرب. فهو حريص أشدّ الحرص على أن يكون بيانه أسرع تناولاً وأيسر فهماً للقارىَ والمستمع. وبالرغم من ذلك فإننا نجد بعض الألفاظ الغريبة والمفردات النادرة التي تحتاج إلى الايضاح والتبيين من مثل « شراسيف » (١) في قوله يصف النملة :

وشراسيف بطنها كيف صفت

ومجاري طعامهـا والهواء (٢)

و « تُطامن » (٣) و « الطِّماح » (٤) في هذا البيت :

لتُطامـن منك الطِّماح ويدنُ

لك عقل عن الهدى مُتنائي (٥)

و « الطبين » (٦) في البيت التالي :

ورواسـي الايمان والعدل منّا

والطبين الخبير في كل داء (٧)

و « الصالقات » (٨) في قوله :

ومن الصَّالقات للخلق نهشاً

وهـي حيّاتها بدون وقاء (٩)

واستعمال مثل هذه المفردات في الملحمة نزر قليل ، لا يعمد الناظم إلى ذكرها وإنّما تأتي عرضاً في سياق الكلام. ومع ذلك فان الشاعر لا يتركها من غير توضيح بل يبيّن معانيها ويشرحها في الهامش.

__________________

١ ـ الشراسيف : أطرافُ أضلاع الصدر التي تُشرفُ على البطن. ( لسان العرب ، ج ٧ ، ص ٨٢ ).

٢ ـ ملحمة أهل البيت عليهم‌السلام ، ج ٢ ، ص ٤٥.

٣ ـ تطامن : من طأمن الشيء أي سَكَّنه. ( لسان العرب ، ج ٨ ، ص ٢٠٤ ).

٤ ـ الطِّماح : الكبر والفخر. ( لسان العرب ، ج ٨ ، ص ١٩٨ ).

٥ ـ ملحمة أهل البيت عليهم‌السلام ، ج ٢ ، ص ١٤٧.

٦ ـ الطبين : من الطَّبَن بمعنى الفِطْنَة. ورجل طَبِنٌ أي فَطِنٌ حاذقٌ عالم بكل شيء. ( لسان العرب ، ج ٨ ، ص ١٢٥ ).

٧ ـ ملحمة أهل البيت عليهم‌السلام ، ج ٣ ، ص ٦٢.

٨ ـ الصَّلَق : صوت أنياب البعير إذا صَلَقَها وضرب بعضها ببعض. ( لسان العرب ، ج ٧ ، ص ٣٩١ ).

٩ ـ ملحمة أهل البيت عليهم‌السلام ، ج ٤ ، ص ٢٠٨.

٢٦٨

خامساً : دقة التصوير وتعميق الفكرة

ثمة ميزة هامة تجلّت في شعر الملحمة بوضوح وساعدت على إطالتها وازدياد أبياتها ، وهي تصوير الشاعر الدقيق الحاصل من تعميق الفكرة وتوسيع المحتوى والمضمون للأحداث والوقائع التاريخية. وقد وفّق الشاعر في هذا الشأن أيّما توفيق ، فقد استطاع أن يتغلّب على الإطالة المملة الحاصلة من التلاعب اللفظي الذي يكثر غالباً في مثل هذه المواضع ، باختياره الألفاظ الرشيقة والعبارات الرقيقة التي تنم عن ذوق رفيع وحس مرهف ودقيق امتاز به الشاعر وأجاد استخدامه.

ولتبيين هذه الفكرة نضرب مثلاً قول الشاعر في « دخول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى مدينة يثرب ». فقد استرسل في نقل هذا الحدث مصوراً الفرح الذي غمر الناس ، والبهجة التي عمّت الطيور والمروج والروابي احتفاءً بمقدم النبي الكريم صلى‌الله‌عليه‌وآله :

هـذه يثرب وهذا ثـراهـا

وهو مهـد الشريعـة الغـرّاء

والمروج الخضراء تزهو ابتهاجاً

والروابـي تضوع بالأشـذاء

وعـذارى النخيل تهتـزّ بشراً

مـن رفيف الجدائل الزرقـاء

والصبايا وهـي الأقاحي ثغوراً

تتهـادى بفـرحة وازدهـاء

والأغاريد بالمسّـرات تشـدو

فتعـجّ الأجـواء بالأصـداء

وبطاح الثرى تسيـل احتشاداً

وجمـوع الأنصار كـالأنواء

كلّ هذا بشـراً بمقـدم طـه

وابتهـاجـاً بخـاتـم الأنبيـاء

والنبـيّ الأُميّ خيـر سـراج

مستنيــر لـلأُمـة العميـاء

منبع العلم ، والحضـارة علماً

ورشـاداً مـن منبـع العلمـاء

مشـرق النور والهداية أُفـقٌ

شقّ بالنـور ظلمـة الصحـراء

٢٦٩

مهبط الـوحي والأمين عليه

معـدنٌ للـرسالـة البيضاء

هـو فجر مـن الجهاد منير

وانطلاق من ربقة الأدعيـاء

ورسـول بالحق يحكم عدلاً

وحكيم يسمو على الحكماء

أبصر الأُفق بـالمدينة رحباً

فتجلى من الهدى بضياء (١)

سادساً : استخدام المحسنات البديعية

لم يعمد الشاعر إلى وجوه التحسين اللفظي والمعنوي التي تأتي غالباً لتزيين الكلام وتنميقه. فكما تبيّن سابقاً ومن خلال القراءة الاُولى للملحمة أنَّ الشاعر أخذ على عاتقه رواية التأريخ الإسلامي وتسجيل أحداثه ووقائعه. وفي مثل هذا الموضع لا مجال للمحسنات البديعية ما لم تأت بصورة عفوية وتلقائية.

ومن هنا نجد في الملحمة بعض تلك المحسنات التي لم يتكلّف الشاعر فرضها على نظمه ، بل جاءت مواكبة لنظام القصيدة دون أن تحدث خرقاً في منهجيتها العامة. ومن هذه المحسنات يمكن الاشارة إلى ( الجناس ) (٢) وأنواعه المختلفة كالجناس بين « ناظرات » بمعنى مبصرات و « ناضرات » بمعنى ناعمات في البيت التالي :

ووجـوه لـربّهـا ناظـرات

ناضراتٍ من نعمة وهناء (٣)

والجناس بين « غدير » و « غزير » في هذا البيت :

وغديـر مـن العلـوم غزير

فيه ريّ الظما من العلماء (٤)

__________________

١ ـ المصدر السابق ، ج ١ ، ص ٢٥٩ ، ٢٦٠.

٢ ـ الجناس : هو تشابه لفظين في النطق ، واختلافهما في المعنى. ( جواهر البلاغة ، ص ٣٤٣ ).

٣ ـ ملحمة أهل البيت عليهم‌السلام ، ج ١ ، ص ٣٢.

٤ ـ المصدر السابق ، ج ١ ، ص ١٥٣.

٢٧٠

ومن المحسنات أيضاً ( الطباق ) (١). وقد استعمل كثيراً في الملحمة ، كالطباق ما بين « الليل » و « النهار » و « الموت » و « الحياة » و « النار » و « الجنان » و « عقاباً » و « ثواباً » في الأبيات التالية :

خلـق الليل والنهار احتفاظاً

بنظـام الأشياء دون ازدراء

خلـق الموت والحياة لتُبلى

كـل نفس بمـا لها من بلاء

خلـق النار والجنـان عقاباً

وثواباً أعظم به من جزاء (٢)

ومن المحسنات البديعية ( العكس ) (٣) كما يظهر من هذا البيت :

وخروج الأحياء من كلّ ميتٍ

وخروج الموتى من الأحياء (٤)

وإلى هذه المحسنات البديعية يمكن ضمّ بعض الأساليب الأدبية التي طرقها الشاعر في مواضع عدّة من ملحمته ، كاقتباسه شيئاً من القرآن الكريم أو الحديث النبوي الشريف أو الكلام المأثور عن أهل البيت عليهم‌السلام. ومثال ذلك ما اقتبسه الشاعر من القرآن الكريم في هذين البيتين :

هو يحيي الموتـى ويكتب منهم

فـي كتاب ما قدّمـوا للجزاء

وهـو يحيي العظام وهي رميم

بعد خلق العظام في الابتداء (٥)

وقد أراد في البيت الأول الآية الشريفة : ( إنّا نَحنُ نحيي الموتى ونكتُبُ ما قدّموا وآثارَهُم ) (٦). وفي البيت الثاني الآية الشريفة : ( وضَرَبَ لنا مَثلاً ونسيَ

__________________

١ ـ الطباق : هو الجمع بين لفظين مُقَابلين في المعنى. ( جواهر البلاغة ، ص ٣١٣ ).

٢ ـ ملحمة أهل البيت عليهم‌السلام ، ج ١ ، ص ١٤.

٣ ـ العكس : هو أن تقدم في الكلام جزءاً ثم تعكس ، بأن تقدم ما أخرت ، وتؤخر ما قدمت. ( جواهر البلاغة ، ص ٣٣٨ ).

٤ ـ ملحمة أهل البيت عليهم‌السلام ، ج ١ ، ص ١٣.

٥ ـ المصدر السابق ، ج ١ ، ص ٨٤.

٦ ـ يس : ١٢.

٢٧١

خلقَه قال من يُحيي العظامَ وهي رميم ) (١).

ومن الأساليب الأدبية أيضاً تكرار كلمة أو جملة في صدر أو عجز عدّة أبيات متتالية. وهو اُسلوب يتبعه الشعراء غالباً لجلب الانتباه حول موضوع معيّن يريد الشاعر التأكيد عليه والسبر فيه. كتكرار كلمة « مَن » في الأبيات التالية :

من لـه قال أحمـد أنت منـي

مثـل هارون خيـرة الـوزراء

من بهم بـأهل النبي النصـارى

فـي بنين وأنفــس ونسـاء

من بنص التطهير من كل رجس

قد تزكّى وفي حديـث الكساء

من بهم « هل أتى » من الله جاءت

عند وقـت الإطعـام للفقـراء

من له مِـن مغيبها الشمس ردت

بـدعاء مـن خـاتـم الأنبياء

من به جبرئيل فـي أُحـد نادى

« لا فتـى » غير سيّد الأوصياء

من حباه فـي يـوم خيبـر طه

منكـم خيــر رايـة ولـواء

من بيوم الأحـزاب جندل عمراً

فسقـاه بـالسيف مـرّ الفنـاء

من بحـق للجن أرسـل طـه

حين أضحى له مـن الأمناء (٢)

__________________

١ ـ يس : ٧٨.

٢ ـ ملحمة أهل البيت عليهم‌السلام ، ج ٢ ، ص ٩٢.

٢٧٢

٤ ـ مقارنة وتطبيق :

من جملة الملاحم الشعرية التي حظت بشهرة واسعة في الأوساط الأدبية ـ إضافة إلى ملحمة الشيخ الفرطوسي ـ ملحمة الشاعر اللبناني بولس سلامة الموسومة بـ« عيد الغدير » (١) وتتناول هذه الملحمة أهم نواحي التاريخ الإسلامي من الجاهلية إلى آخر دولة بني أمية. ولهذه الملحمة نقاط اشتراك واختلاف مع ملحمة الشيخ الفرطوسي نذكرها للمناسبة.

من أهم المشتركات التي يمكن الاشارة إليها هنا هو موضوع الملحمتين. فقد تناول كلّ من الشاعرين بولس وعبدالمنعم التاريخ الاسلامي وما يدور في فلكه من شؤون وأحداث ، كلّ بطريقته الشعرية الخاصة واُسلوبه الأدبي المتميز. ويبقى الفارق في أمرين :

الأوّل : التوسع الموضوعي الذي اتبعه الشيخ الفرطوسي في ملحمته حيث تناول موضوعات كثيرة مثل العقائد والسيرة والتاريخ وتفسير القرآن لم يتطرق إليها الشاعر بولس سلامة وذلك لمقتضيات وضرورات منهاجه في ملحمته.

والثاني : هو تعميق الفكرة وتوسيعها من حيث المحتوى والمضمون وهو النهج الذي سار عليه الشيخ الفرطوسي في نظم ملحمته ، بينما ذهب الشاعر بولس إلى نبذ الاسهاب والتطويل متخذاً من الإيجاز والاختصار المفيد منهاجاً لملحمته.

ولتبيين هذه الفكرة نأخذ مثلاً حديث الشاعرين عن أبي طالب عليه‌السلام عمّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله . فالفرطوسي كدأبه في ملحمته يتجه نحو التوسيع فيبدأ كلامه بالحديث عن نصرة أبي طالب للإسلام :

__________________

١ ـ نظمها الشاعر باقتراح وإيعاز من السيد عبدالحسين شرف الدين. وقد صدرت في بيروت للمرة الاُولى سنة ١٩٤٧ م ، ثم تكرر طبعها سنة ١٩٦١ م وسنة ١٩٧٣ م.

٢٧٣

يانصير الدين الحنيـف بصدق

والمحامي عـن خاتـم الأصفياء

قد نصرت الإسلام في خير سيفٍ

ولسانٍ من أبلـغ الفصحـاء

وتحملت صـابراً مـن قريـش

ودعـاة الإلحـاد كـل عنـاء

ولقـد كنت جُنّـةً من عـداها

وأذاها لـه وخير وقـاء ... (١)

ثم يتناول إيمان أبي طالب الذي كثر فيه الجدل والنقاش ، فيرد على المشككين بالحج والبراهين :

كيف ترمى بالكفر بعد جهادٍ

مستميـت عن ملّـة الحنفاء

ومقـال أبـديته بعـد علـمٍ

واعتقاد أظهـرتـه بـجلاء

إنّ ديـن النبي مـن خير دينٍ

للبرايا أوحـاهُ ربّ السمـاء

وأبـو بكر قـد تجلّـى علينا

في أبـي طالب بأبهى سنـاء

قال أدّى الشهادتين بصـدقٍ

قبل يـوم الممات خيـر أداء

وأخوه العبّاس أوحـى بهـذا

فـي صريح الكلام دون خفاء

وابن عبّاس وهـو حبرٌ جليل

من عيـون الأعـلام والعلماء

وأبو ذر من تزكّى عن الكذب

بنصّ من خاتم الأنبياء ... (٢)

ومن ثم ينتقل إلى ذكر قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأقوال الأئمة عليهم‌السلام في أبي طالب. وقد تجاوزت أبيات الفرطوسي في هذا الموضوع المئة. بينما اكتفى الشاعر بولس بنظم سبعة وعشرين بيتاً تناول فيها نشأة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في ظل أبي طالب وسفره مع عمّه إلى الشام :

مَن لهذا اليتيـم مـن للصغير

من لفرخ النسور غير النسور

__________________

١ ـ ملحمة أهل البيت عليهم‌السلام ، ج ١ ، ص ١٤٤.

٢ ـ المصدر السابق ، ج ١ ، ص ١٤٦.

٢٧٤

(شيبـة الحمد) بـالحنان تولّى

بُرعمَ الورد فـي النبات الطرير (١)

فنمــا أحمد بـظلّ كـريـم

كـانبـلاج الضحى وسري العبير

وقضى شيبـة العظيـم فمالت

دولـة الظل عـن يتيـم العطور

ومضت بعـد (شيبة) بنتُ وهبٍ

فغـدا الطفل زهـرة فـي الهجير

يـا أبا طالب فـدتك السجايا

من مجير سمح الجنان نصور ... (٢)

وثمة نقطة اشتراك اُخرى بين الملحمتين من حيث الشكل والوزن. فكلا الشاعرين التزما بحر الخفيف ولم يخرجا عنه ، إلاّ انّهما افترقا من جهة القافية. فالفرطوسي التزم قافية واحدة في تمام ملحمته وهي قافية الهمزة المكسورة ، بينما آثر الشاعر بولس تنوع القافية فبدأ ملحمته بقافية الياء المفتوحة :

يـامليك الحيـاة أنـزل عَلَيَّـا

عزمة منك تبعث الصخر حيّا (٣)

ثم انتقل إلى قافية الميم الساكنة :

كـان فـي ذلك الزمان القاتمْ

في رمال الحجاز شعب عارم (٤)

ومن ثم إلى الهمزة المكسورة :

قلت : يا رب يا اله السماء

استجبني يامنقذ الضعفاء (٥)

وهكذا دواليك حتى آخر الملحمة. ويعد هذا الفارق ـ وحدة القافية عند الفرطوسي وتنوعها عند بولس سلامة ـ من مميزات الشعر النجفي عن الشعر اللبناني. فقد سبقت الاشارة إلى أنّ شعراء النجف يؤثرون وحدة القافية بغية

__________________

١ ـ شيبة الحمد : هو عبدالمطلّب جدّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله .

٢ ـ عيد الغدير ، ص ٣١.

٣ ـ عيد الغدير ، ص ١٣.

٤ ـ عيد الغدير ، ص ١٥.

٥ ـ عيد الغدير ، ص ٢٤.

٢٧٥

استحكام القصيدة وانسجامها. بينما يتجه الشعراء اللبنانيون في الغالب إلى تنوع القافية وتعددها.

وما بين الملحمتين نقطة اشتراك اُخرى تستوقفنا وهي جمالية التعبير عند الفرطوسي وسلامة. وقبل الدخول في خصائص الجماليتين نضرب مثلاً على ذلك لتتبين معالم الجماليتين أكثر فأكثر. نأخذ على سبيل المثال قول الفرطوسي في مولد الإمام علي بن أبي طالب عليه‌السلام :

قبسـات مـن الهدايـة شقّت

ظلمات العمى بصبـح مُضاء

ولواء التـوحيد رفّ فـلفّت

عذبات الإلحـاد والكبريـاء

ويقيـن أهاب بـالشك حتّـى

أذهب الريب من ضمير الرياء

نفحات مـن الامـامة أوحت

بشـذاهـا شمائـل الأنبيـاء

حملتهـا أمانـة ورعتهــا

حين أدّت مـا عندها بوفـاء

خير أُمّ عـذراء قُدْساً وطهراً

هـي أسمى قدراً من العذراء

وضعتهـا يمناً بـأزكى مكان

فتجلّت كـالـدرّة البيضـاء

حين شُقّ البيت الحرام جلالاً

يـوم ميـلاد سيّـد الأوصياء

فـأقامـت بـه ثلاثـاً بأمنٍ

وثمـار الجنـان خيـر غذاء

وقريـش فـي حيـرة تتقرّى

غامض السر في ضمير الخفاء

وإذا بـالفضاء يزهـو بهـاء

بهاء مـن مُحيّاً مباركٍ وضّاء

وعلـي كالبـدر يشرق نوراً

وهي بشـراً تضيء كالجوزاء

حملته كـالذكر بيـن يديهـا

حيـن وافت لسيّـد البطحاء

فتجلّى والحـق فجـرٌ مبينٌ

دامغـاً كـل بـاطل وافتراء

٢٧٦

ويقيناً يمحو الظنون وتمحو

آيـة النور آية الظلماء (١)

ففي هذه الأبيات الجميلة تتجلّى بوضوح جمالية التعبير من خلال نصاعة البيان ، وصدق العاطفة ، وعفوية الشعور والاحساس إلى جانب تناسق النغم الشعري وتناسب موسيقاه. وهذه الخصائص تضفي على الشعر هالة من الحسن والبهاء يجد المتلقي فيها متعة ولذة كبيرة.

امّا عن جمالية التعبير عند الشاعر بولس سلامة فلنسمعه يقول في مولد الإمام عليه‌السلام :

سمـع الليل فـي الظلام المديد

همسـة مثـل أنـة المفـؤود

مـن خفي الآلام والكبـت فيها

ومـن البشـر والرجاء السعيد

حُرَّةٌ ضامهـا المخاض فلاذت

بستـار البيـت العتيق الوطيد

كعبـة الله فـي الشدائد ترجى

فهـي جسـر العبيـد للمعبود

لا نسـاء ولا قوابـلُ حفَّـت

بابنة المجـد والعلى والجـود

صبرت فاطم على الضيم حتى

لهـث الليـل لهثـة المكـدود

وإذا نجمـة مـن الاُفق خفّت

تطعـن الليل بـالشعاع الجديد

وتدانت مـن الحطيم وقـرّت

وتـدلـت تـدلّـيَ العنقـود

سَكب الضوء فـي الأثير دفيقاً

فعلى الأرض وابل مـن سعود

واستفاق الحمـام يسجع سجعاً

فتهـش الأركـان للتغـريـد

بسـم المسجد الحـرام حبوراً

وتنـادت حجــاره للنشيـد

ذرّ فجـر ان ذلك اليـوم فجرٌ

لنهـار وآخـر للوليـد ... (٢)

_________________

١ ـ ملحمة أهل البيت عليهم‌السلام ، ج ٢ ، ص ٧ ، ٨.

٢ ـ عيد الغدير ، ص ٣٦ ، ٣٧.

٢٧٧

فالجمالية هنا تبرز من خلال موضوعية الشاعر وبراعة تصويره ، ووصفه الدقيق المزّين بالتشبيهات الرقيقة والاستعارات الجميلة بالاضافة إلى الايقاع الموسيقي المنسجم للأبيات.

ومهما يكن من أمر الخصائص فانّ جمالية التعبير تضفي على الملحمتين قيمة فنية اضافة إلى قيمها الاُخرى بحيث تجعلهما في عداد الآثار الأدبية الراقية التي تستحق الدراسة والعناية الفائقة من قبل الباحثين والمعنيين بشؤون الأدب العربي.

٢٧٨

الخاتِمَةُ

تبيّن من خلال البحث انّ الشيخ الفرطوسي كان من أبرز شعراء عصره في تناوله لقضايا المجتمع ، ومستجدات الأحداث التي كانت تطرأ على الساحة سواء المحلية أو الاقليمية والعالمية. وقد كان في جميع مواقفه واضح الرؤية ، صريح الموقف ، بعيداً كل البعد عن التعصب والعنصرية ، متميزاً في تعامله الصادق والمحايد مع الوقائع والأحداث.

وقد تنوعت نشاطات الشيخ في عدة محاور وعلى صعد مختلفة ، منها الصعيد السياسي حيث تركزت مساهماته في محورين رئيسيين الأوّل محور النشاط الوطني حيث مواقف الشيخ المشهودة في مساندته للحركات الوطنية الداعية إلى استقلال البلاد من الاحتلال البريطاني ، وكذلك مواقفه المناهضة لأنظمة الحكم الاستبدادية ، ومحاربته للحركات الهدامة والأفكار المضللة. والمحور الثاني نشاطه السياسي العام الذي تناول فيه قضايا سياسية مختلفة من مثل القضية الفلسطينية والثورة الجزائرية ونحوها مـن القضايا السياسية الاُخـرى.

٢٧٩

وعلى الصعيد الاجتماعي فقد تجلّت مواقف الشيخ في مواضيع عدّة ، منها إصلاح النظم الزراعية واستئصال نظام الاقطاع الجائر ، مكافحة الجهل والاُمية وحلّ مشكلة الدراسة والتعليم ، تعليم المرأة وتثقيفها والحثّ على مشاركتها في مجالات الحياة ، توفير الخدمات الصحية والمطالبة بتعميم العلاج في كافّة أنحاء البلاد ، وغير ذلك من شؤون المجتمع وشجونه.

أمّا على الصعيد الثقافي فقد مارس الشيخ نشاطات عدّة ، منها دعوته الاصلاحية إلى تطوير المناهج الدراسية والتجديد في النظم التعليمية ، مشاركته الفاعلة والمستمرة في المحافل الأدبية والمهرجانات الشعرية وخاصة بعد انضمامه إلى « جمعية الرابطة الأدبية » ، تدريسه للعلوم الدينية والعربية في الحوزة العلمية ، ونشاطه الواسع في حقل التأليف والكتابة.

وخلاصة القول ان الشاعر استطاع بنتاجه الشعري الرائع الذي تميّز بقوة البناء ومتانة الاُسلوب وجودة البيان ونصاعة التعبير أن يحقّق أهدافه السامية ومراميه العليا المتمثلة بإحياء التراث الإسلامي والحفاظ على القيم الاجتماعية الرفيعة.

٢٨٠