بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٤٧
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

منه وصدق نيتك في برك وقولك (١) وأنك لم تؤهل نفسك لما قرفت بطلبه.

وقد ولى أمير المؤمنين ما كان يلي من ذلك محمد بن الفضل ، وأمره بإكرامك وتبجيلك ، والانتهاء إلى أمرك ورأيك ، والتقرب إلى الله وإلى أمير المؤمنين بذلك ، وأمير المؤمنين مشتاق إليك ، يحب إحداث العهد بك ، والنظر إلى وجهك.

فان نشطت لزيارته والمقام قبله ، ما أحببت ، شخصت ومن اخترت من أهل بيتك ومواليك وحشمك على مهلة وطمأنينة ، ترحل إذا شئت ، وتنزل إذا شئت وتسير كيف شئت ، فان أحببت أن يكون يحيى بن هرثمة مولى أمير المؤمنين و من معه من الجند يرحلون برحيلك ، يسيرون بمسيرك ، فالامر في ذلك إليك ، و قد تقدمنا إليه بطاعتك.

فاستخر الله حتى توافي أمير المؤمنين فما أحد من إخوته وولده وأهل بيته وخاصته ألطف منه منزلة ولا أحمد له أثرة ولا هو لهم أنظر ، وعليهم أشفق ، وبهم أبر ، وإليهم أسكن منه إليك ، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

وكتب إبراهيم بن العباس (٢) في جمادى الاخرى سنة ثلاث وأربعين ومائتين.

فلما وصل الكتاب إلى أبي الحسن عليه‌السلام تجهز للرحيل (٣) وخرج معه

____________________

(١) في الكافى : « في ترك محاولته ».

(٢) رواه الكلينى في الكافى ج ١ ص ٥٠١ ، وهنا ينتهى لفظه ، والسند فيه هكذا : محمد بن يحيى ، عن بعض أصحابنا ، قال : أخذت نسخة كتاب المتوكل إلى أبى الحسن الثالث « ع » من يحيى بن هرثمة في سنة ثلاث وأربعين ومائتين ، وهذه نسخته! الخ

(٣) قال سبط ابن الجوزى في التذكرة ص ٢٠٢ : قال علماء السير : وانما اشخصه المتوكل من مدينة رسول الله إلى بغداد ، لان المتوكل كان يبغض عليا ودريته ، فبلغه مقام على بالمدينة ، وميل الناس اليه ، فخاف منه ، فدعا يحيى بن هرثمة وقال : اذهب إلى المدينة وانظرفى حاله وأشخصه الينا.

٢٠١

يحيى بن هرثمة حتى وصل سرمن رأى ، فلما وصل إليها تقدم المتوكل بأن يحجب عنه في يومه ، فنزل في خان يقال له خان الصعاليك ، وأفام به يومه ، ثم تقدم المتوكل بافراد دارله ، فانتقل إليها (١).

أخبرني أبوالقاسم جعفر بن محمد ، عن محمد بن يعقوب ، عن الحسين بن محمد عن معلى بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن عبدالله ، عن محمد بن يحيى ، عن صالح بن سعيد قال : دخلت على أبي الحسن عليه‌السلام يوم وروده فقلت له : جعلت فداك في كل الامور أرادوا إطفاء نورك ، والتقصير بك ، حتى أنزلوك هذا المكان الاشنع

____________________

قال يحيى : فذهبت إلى المدينة ، فلما دخلتها ضج أهلها ضجيجا عظيما ماسمع الناس بمثله خوفا على على ـ عليه‌السلام ـ وقامت الدنيا عليه ساق ، لانه كان محسنا اليهم ملازما للمسجد ، لم يكن عنده ميل إلى الدنيا.

قال يحيى : فجعلت أسكنهم وأحلف لهم : أنى لم أؤمر فيه بمكروه ، وأنه لابأس عليه ثم فتشت منزله ، فلم اجد فيه الامصاحف وادعية وكتب العلم ، فعظم في عينى وتوليت.

خدمته بنفسى ، وأحسنت عشرته.

فلما قدمت به بغداد بدأت باسحاق بن ابراهيم الطاهرى ـ وكان واليا على بغداد ـ فقال لى : يا يحيى! ان هذا لرجل قدولده رسول الله ، والمتوكل من تعلم ، فان حرضته عليه قتله. وكان رسول الله خصمك يوم القيامة ، فقلت له : والله ما وقفت منه الاعلى كل أمر جميل ثم صرت به إلى سرمن رأى فبدأت بوصيف التركى فأخبرته بوصوله ، فقال : والله لئن سقط منه شعرة لا يطالب بها الاسواك ، فتعجبت كيف وافق قوله قول اسحاق.

فلما دخلت على المتوكل سألنى عنه فأخبرته بحسن سيرته وسلامة طريقه وورعه و زهادته وانى فنشت داره فلم أجد فيها غير المصاحف وكتب العلم ، وان أهل المدينة خافوا عليه.

فأكرمه المتوكل ، وأحسن جائزته ، وأجزل بره ، وأنزله معه سرمن رأى.

(١) تراه في اعلام الورى ص ٣٤٧ و ٣٤٨ ، فراجع.

٢٠٢

خان الصعاليك.

فقال : ههنا أنت يا ابن سعيد؟ ثم أومأ بيده فاذا أنا بروضات أنيقات ، وأنهار جاريات وجنات فيها خيرات عطرات ، وولدان كأنهن اللؤلؤ المكنون ، فحار بصري ، وكثر عجبي فقال عليه‌السلام لي : حيث كنا فهذا لنايا ابن سعيد ، لسنا في خان الصعاليك.

وأقام أبوالحسن عليه‌السلام مدة مقامه بسر من رأى مكرما في ظاهر حاله يجتهد المتوكل في إيقاع حيلة به ، فلا يتمكن من ذلك ، وله معه أحاديث يطول بذكرها الكتاب ، فيها آيات له وبينات ، إن عمدنا لايراد ذلك خرجنا عن الغرض فيما نحوناه.

وتوفي أبوالحسن عليه‌السلام في رجب سنة أربع وخمسين ومائتين ، ودفن في داره بسر من رأى ، وخلف من الولد أبا محمد الحسن ابنه وهو الامام بعده والحسين ومحمد وجعفر ، وابنته عائشة ، وكان مقامه في سرمن رأى إلى أن قبض عشر سنين وأشهرا وتوفي وسنه يومئذ على ما قدمناه إحدى وأربعين سنة (١)

١٢ ـ قب : أبومحمد الفحام بالاسناد عن سلمة الكاتب قال : قال خطيب يلقب بالهريسة للمتوكل : ما يعمل أحدبك ما تعمله بنفسك في علي بن محمد ، فلا في الدارإلا من يخدمه ، ولا يتعبونه يشيل الستر لنفسه ، فأمر المتوكل بذلك فرفع صاحب الخبر أن علي بن محمد دخل الدار ، فلم يخدم ولم يشل أحد بين يديه الستر فهب هواء فرفع الستر حتى دخل وخرج ، فقال : شيلوا له الستر بعد ذلك فلا نريد أن يشيل له الهواء (٢) وفي تخريج أبي سعيد العامري رواية عن صالح بن الحكم بياع السابري قال : كنت واقفيا فلما أخبرني حاجب المتوكل بذلك أقبلت أستهزئ به إذ

____________________

(١) الارشاد ص ٣١٣ و ٣١٤.

(٢) مناقب آل أبى طالب ج ٤ ص ٤٠٦

٢٠٣

خرج أبوالحسن فتبسم في وجهي من غير معرفة بيني وبينه ، وقال : يا صالح إن الله تعالى قال في سليمان « وسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب » و نبيك وأوصياء نبيك أكرم على الله تعالى من سليمان ، قال : وكأنما انسل من قلبي الضلالة ، فتركت الوقف.

الحسين بن محمد قال : لما حبس المتوكل أبا الحسن عليه‌السلام ودفعه إلى علي ابن كركر قال أبوالحسن : أنا أكرم على الله من ناقة صالح « تمتعوا في داركم ثلثة أيام ذلك وعد غير مكذوب » (١) فلما كان من الغد أطلقه واعتذر إليه فلما كان في اليوم الثالث وثب عليه ياغز وتامش ومعطون ، فقتلوه وأقعدوا المنتصر ولده خليفة.

وفي رواية أبي سالم أن المتوكل أمر الفتح بسبه فذكر الفتح له ذلك فقال : قل « تمتعوا في دار كم ثلاثة أيام » الاية وأنهى ذلك إلى المتوكل ، فقال : أقتله بعد ثلاثة أيام ، فلما كان اليوم الثالث قتل المتوكل والفتح (٣).

١٣ ـ قب : أبوالهلقام وعبدالله بن جعفر الحميري والصقر الجبلي وأبوشعيب الحناط وعلي بن مهزيار قالوا كانت زينب الكذابة تزعم أنها ابنة علي بن أبي طالب عليه‌السلام فأحضرها المتوكل وقال : اذكري نسبك ، فقالت : أنا زينب ابنة علي عليه‌السلام وأنها كانت حملت إلى الشام ، فوقعت إلى بادية من بني كلب فأقامت بين ظهر انيهم.

فقال لها المتوكل : إن زينب بنت علي قديمة ، وأنت شابة؟ فقالت : لحقتني دعوة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بأن يرد شبابي في كل خمسين سنة ، فدعا المتوكل وجوه آل أبي طالب ، فقال : كيف يعلم كذبها؟ فقال الفتح : لا يخبرك بهذا إلا ابن الرضا عليه‌السلام فأمر باحضاره وسأله فقال عليه‌السلام : إن في ولد علي عليه‌السلام علامة ، قال :

____________________

(١) هود : ٦٥.

(٢) مناقب آل أبى طالب ج ٤ ص ٤٠٧.

٢٠٤

وماهي؟ قال : لاتعرض لهم السباع ، فألقها إلى السباع ، فان لم تعرض لها فهى صادقة ، فقالت : يا أمير المؤمنين الله الله في فانما أراد قتلي ، وركبت الحمارو جعلت تنادي : ألا إنني زينب الكذابة.

وفي رواية أنه عرض عليها ذلك فامتنعت فطر حت للسباع فأكلتا.

قال علي بن مهزيار فقال علي بن الجهم : جرب هذا على قائله فاجيعت السباع ثلاثة أيام ثم دعا بالامام عليه‌السلام وأخرجت السباع فلما رأته لاذت و تبصبصت بآذانها ، فلم يلتفت الامام عليه‌السلام إليها ، وصعد السقف وجلس عند المتوكل ثم نزل من عنده ، والسباع تلوذبه ، وتبصبص حتى خرج عليه‌السلام وقال : قال النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله : حرم لحوم أو لادي على السباع (١).

١٤ ـ قب : قال أبوجنيد : أمرني أبوالحسن العسكري بقتل فارس بن حاتم القزويني فناولني دارهم وقال : اشتربها سلاحا واعرضه علي فذهبت فاشتريت سيفا فعرضته عليه ، فقال : رد هذا وخذ غيره ، قال : ورددته وأخذت مكانه ساطورا فعرضته عليه ، فقال : هذانعم ، فجئت إلى فارس ، وقد خرج من المسجد بين الصلاتين المغرب والعشاء الاخرة فضربته على رأسه فسقط ميتا ورميت الساطور ، واجتمع الناس واخذت إذ لم يوجد هناك أحد غيري فلم يروا معي سلاحا ولا سكينا ولا أثر الساطور ، ولم يروا بعد ذلك فخليت (٢)

١٥ ـ كا : مضى عليه‌السلام لاربع بقين من جمادى الاخرة سنة أربع وخمسين و مائتين وله إحدى وأربعون سنة ، وستة أشهر أو أربعون سنة ، على المولد الاخر الذي روي ، وكان المتوكل أشخصه مع يحيى بن هرثمة بن أعين من المدينة إلى سر من رأى فتوفي بها عليه‌السلام ودفن في داره (٣).

١٦ ـ ضه : توفي عليه‌السلام بسر من رأى لثلاث ليال خلون نصف النهار من

____________________

(١) مناقب آل أبى طالب ج ٤ ص ٤١٦.

(٢) مناقب آل أبى طالب ج ٤ ص ٤١٧.

(٣) الكافى ج ١ ص ٤٩٧.

٢٠٥

رجب ، سنة أربع وخمسين ومائتين ، وله يومئذ إحدى وأربعون سنة وسبعة أشهر وكانت مدة إمامته ثلاثا وثلاثين سنة ، وكانت مده مقامه بسرمن رأى إلى أن قبض عليه‌السلام عشرين سنة وأشهرا.

١٧ ـ الدروس : امه سمانة ، ولد بالمدينة منتصف ذي الحجة سنة اثنتي عشرة ومائتين وقبض بسرمن رأى في يوم الاثنين ثالث رجب سنة أربع وخمسين ومائتين ودفن في داره بها

١٨ ـ قب : في آخر ملك المعتمد استشهد مسموما وقال ابن بابويه : وسمه المعتمد (١).

١٩ ـ قل : في أدعية شهر رمضان : وضاعف العذاب على من شرك في دمه و هوالمتوكل.

٢٠ ـ كشف : قال الحافظ عبدالعزيز : قال علي بن يحيى بن أبي منصور : كنت [ يوما ] بين يدي المتوكل ، ودخل علي بن محمد بن علي بن موسى عليهم‌السلام فلما جلس قال له المتوكل : ما يقول ولد أبيك في العباس بن عبدالمطلب؟ قال : مايقول ولد أبي يا أمير المؤمنين في رجل فرض الله تعالى طاعة نبيه على جميع خلقه ، وفرض طاعته على نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢).

٢١ ـ عم : قبض عليه‌السلام بسر من رأى في رجب سنة أربع وخمسين ومائتين و له يومئذ إحدى وأربعون سنة وأشهر ، وكان المتوكل قد أشخصه مع يحيى بن هرثمة بن أعين من المدينة إلى سرمن رأى فأقام بها حتى مضى لسيبله وكانت مدة إمامته ثلاثا وثلاثين سنة ، وكان في أيام إمامته بقية ملك المعتصم ، ثم ملك الواثق خمس سنين وسبعة أشهر ، ثم ملك المتوكل أربع عشرة سنة ، ثم ملك ابنه المنتصر أشهرا ، ثم ملك المستعين وهو أحمد بن محمد بن المعتصم سنتين وتسعة أشهر ثم ملك المعتز وهو الزبير بن المتوكل ثماني سنين وستة أشهر ، وفي آخر ملكه

____________________

(١) مناقب آل أبى طالب ج ٤ ص ٤٠١

(٢) كشف الغمة ج ٣ ص ٢٣٢.

٢٠٦

اشتشهد ولي الله علي بن محمد عليهما‌السلام ، ودفن في داره بسر من رأى ، وكان مقامه عليه‌السلام بسرمن رأى إلى أن توفي عشرين سنة وأشهرا (١).

٢٢ ـ مروج الذهب للمسعودي : كانت وفاة أبي الحسن علي بن محمد عليهما‌السلام في خلافة المعتز بالله ، وذلك يوم الاثنين لاربع بقين من جمادى الاخرة ، سنة أربع وخمسين ومائتين وهو ابن أربعين سنة ، وقيل ابن اثنتين وأربعين سنة ، و قيل أقل من ذلك ، وسمعت في جنازته جارية سوداء وهي تقول : ماذا لقينا من يوم الاثنين ، وصلى عليه أحمد ابن المتوكل على الله في شارع أبي أحمد ، ودفن هناك في داره بسامراء (٢).

وحدثنا ابن أبي الازهر ، عن القاسم بن أبي عباد ، عن يحيى بن هرثمة قال : وجهني المتوكل إلى المدينة لاشخاص علي بن محمد بن علي بن موسى عليه‌السلام لشئ بلغه عنه ، فلما صرت إليها ضج أهلها وعجوا ضجيجا وعجيجا ماسمعت مثله فجعلت اسكنهم وأحلف أني لم اؤمر فيه بمكروه ، وفتشت منزله ، فلم اصب فيه إلا مصاحف ودعاء وما أشبه ذلك ، فأشخصته وتوليت خدمته ، وأحسنت عشرته.

فبينا أنافي يوم من الايام والسماء صاحية والشمس طالعة ، إذا ركب وعليه ممطر قد عقد ذنب دابته فتعجبت من فعله ، فلم يكن من ذلك إلا هنيئة حتى جاءت سحابة فأرخت عزاليها ، ونالنا من المطر أمر عظيم جدا فالتفت إلي فقال : أنا أعلم أنك أنكرت ما رأيت ، وتوهمت أني أعلم من الامر مالم تعلم ، وليس ذلك كما

____________________

(١) اعلام الورى ص ٣٣٩.

(٢) سامرا بلدة شرقى دجلة من ساحلها ، وقد يقال سامرة ، واصلها لغة اعجمية ونظيرها « تامرا » اسم طسوج من سواد بغداد واسم لاعالى نهر ديالى ، نهر واسع كان يحمل السفن في أيام المدود ، وهذا وزن ليس في أوزان العرب له مثال.

لكنه قد لعبت بها يد أدباء العرب ، وصرفوها ، فقالوا : سرمن رأى : إلى سرور لمن رأى : وسرمن رأى ، على انه فعل ماض وسرمن راى ، على انه مصدر مجرد ، وقيل : أصله : ساء من رأى.

٢٠٧

ظننت ولكني نشأت بالبادية ، فأنا أعرف الرياح التي تكون في عقبها المطرفتأ هبت لذلك.

فلما قدمت إلى مدينة السلام بدأت باسحاق بن إبراهيم الطاهري وكان على بغداد ، فقال : يا يحيى إن هذا الرجل قدولده رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والمتوكل من تعلم ، وإن حرضته عليه قتله ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خصمك ، فقلت : والله ما وقفت منه إلا على أمر جميل.

فصرت إلى سامراء فبدأت بوصيف التركي وكنت من أصحابه ، فقال لي : والله لئن سقط من رأس هذا الرجل شعرة لا يكون الطالب بها غيري ، فتعجبت من قولهما وعرفت المتوكل ما وقفت عليه من أمره ، وسمعته من الثناء فأحسن جائزته ، وأظهر بره وتكرمته.

وحدثني محمد بن الفرج عن أبي دعامة ، قال : أتيت علي بن محمد عليه‌السلام عائدا في علته التي كانت وفاته بها ، فلما هممت بالانصراف قال لي : يا أبادعامة قد وجب علي بن حقك ألا احدثك بحديث تسر به؟ قال : فقلت له : ما أحوجني إلى ذلك يا ابن رسول الله

قال : حدثني أبي محمد بن علي قال : حدثني أبي علي بن موسى قال : حدثني أبي موسى بن جعفر ، قال : حدثني أبي جعفر بن محمد ، قال : حدثني أبي محمد بن على قال : حدثني أبي علي بن الحسين قال : حدثني أبي الحسين بن علي قال : حدثني أبي علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ياعلي اكتب فقلت : ما أكتب؟ فقال : كتب بسم الله الرحمن الرحيم الايمان ما وقر في القلوب وصد فنه الاعمال ، والاسلام ماجرى على اللسان ، وحلت به المناكحة.

قال أبودعامة : فقلت : يا ابن رسول الله والله ما أدري أيهما أحسن؟ الحديث أم الاسناد؟ فقال : إنها لصحيفة بخط علي بن أبي طالب عليه‌السلام وإملاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نتوارثهما صاغر عن كابر.

٢٠٨

قال المسعودي : وقد ذكرنا خبر علي بن محمد مع زينب الكذابة بحضرة المتوكل ونزوله إلى بركة السباع ، وتذللها له ، ورجوع زينب عما ادعته من أنها ابنة للحسين ، وأن الله أطال عمرها إلى ذلك الوقت : في كتابا أخبار الزمان وقيل : إنه عليه‌السلام مات مسموما.

٢٣ ـ عيون المعجزات : روي أن بريحة العباسي كتب إلى المتوكل : إن كان لك في الحرمين حاجة فأخرج علي بن محمد منها فانه قد دعا الناس إلى نفسه واتبعه خلق كثير ، ثم كتب إليه بهذا المعنى زوجة (١) المتوكل فنفذ يحيى بن هرثمة وكتب معه إلى أبي الحسن عليه‌السلام كتابا جيدا يعرفه أنه قداشتاق إليه و سأله القدوم عليه وأمر يحيى بالمسير إليه وكتب إلى بريحة يعرفه ذلك.

فقدم يحيى المدينة ، وبدأ ببريحة ، وأصل الكتاب إليه ثم ركبا جميعا إلى أبي الحسن عليه‌السلام وأوصلا إليه كتاب المتوكل فاستأجلها ثلاثة أيام ، فلما كان بعد ثلاثة عادا إلى داره فوجدا الدواب مسرجة والاثقال مشدودة ، قد فرغ منها فخرج صلوات الله عليه متوجها إلى العراق ومعه يحيى بن هرثمة.

وروي أنه لما كان في يوم الفطر في السنة التي قتل فيها المتوكل أمر المتوكل بني هاشم بالنرجل والمشي بين يديه ، وإنما أراد بذلك أن يترجل أبوالحسن عليه‌السلام.

فترجل بنوهاشم وترجل أبوالحسن عليه‌السلام واتكأ على رجل من مواليد فأقبل عليه الها شميون وقالوا : يا سيدنا ما في هذا العالم أحد يستجاب دعاؤه ويكفينا الله ، به تعزز هذا ، قال لهم أبوالحسن عليه‌السلام : في هذا العالم من قلامة ظفره أكرم على الله من ناقة ثمود لماعقرت الناقة صالح الفصيل إلى الله تعالى فقال الله سبحانه : « تمتعوا في دار كم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب » (٢) فقتل المتوكل يوم الثالث.

____________________

(١) فوجه خ ل.

(٢) هود : ٦٥.

٢٠٩

وروي أن المتوكل قتل في الرابع من شوال سنة سبع وأربعين ومائتين (١) في سبع وعشرين سنة من إمامة أبي الحسن عليه‌السلام وبويع لابنه محمد بن جعفر المنتصر وملك سبعة أشهر ومات ، وبويع لاحمد المستعين بن المعتصم وكان ملكه أربع سنين ثم خلع وبويع للمعتز بن المتوكل ، وروي أن اسمه الزبير في سنة اثنتين وخمسين ومائتين وذلك في اثنتين وثلاثين سنة من إمامة أبي الحسن عليه‌السلام في سنة أربع وخمسين ومائتين وأحضر ابنه أبا محمد الحسن عليه‌السلام وأعطاه النور والحكمة ومواريث الانبياء والسلاح ، ونص عليه وأوصى إليه بمشهد ثقات من أصحابه ومضى عليه‌السلام وله أربعون سنة ودفن بسر من رأى.

____________________

(١) قال ابن جوزى في التلقيح : قتل المتوكل ليلة الاربعاء ، لاربع خلون ، من شوال سنة تسع وأربعين ومائتين ، وولى بعده المنتصر ابنه وكان خلافته ستة أشهر ، وولى بعده المستعين وكانت خلافته ثلاث سنين وتسعة أشهر ، وولى بعده المعتز وكانت خلافته ثلاث سنين وستة أشهر وثلاثة وعشرين يوما وكيف كان فقد كان في قتل المتوكل ـ وهو بدعاء الهادى عليه‌السلام ـ فرجا ومخرجا لال أبى طالب كلهم ، حيث عطف المنتصر عليهم ، وأحسن اليهم ووجه بمال فرقه فيهم ، وكان يؤثر ـ كما ذكره في المقاتل ـ مخالفة أبيه في جميع أحواله ومضادة مذهبه طعنا عليه ونصرة لفعله.

وكان يظهر الميل إلى أهل هذا البيت ويخالف أباه في افعاله ، فلم يجرمنه على احد منهم قتل او حبس ولا مكروه فيما بلغنا والله اعلم وقال الطبرى : ان المنتصر لماولى الخلافة كان اول شئ احدث من الامور عزل صالح بن على ، عن المدينة ، وتولية على بن الحسين بن اسماعيل بن العباس بن محمد اياها فذكر عن على بن الحسين انه قال :

دخلت عليه اودعه فقال لى : يا على انى اوجهك إلى لحمى ودمى ، ومد جلد ساعده وقال : إلى هذا وجهتك ، فانظر كيف تكون للقوم. وكيف تعاملهم ـ يعنى آل ابى طالب ـ فقلت : ارجوان امتثل راى اميرالمؤمنين فيهم انشاء الله ، فقال : اذا تسعد بذلك عندى.

٢١٠

٢٤ ـ البرسى في مشارق الانوار : عن محمد بن الحسن الجهني قال : حضر مجلس المتوكل مشعبذ هندي فلعب عنده بالحق فأعجبه فقال له المتوكل : يا هندي الساعة يحضر مجلسنا رجل شريف فاذا حضر فالعب عنده بما يخجله.

قال : فلما حضر أبوالحسن عليه‌السلام المجلس لعب الهندي فلم يلتقت إليه فقال له : يا شريف ما يعجبك لعبي؟ كأنك جائع ، ثم أشار إلى صورة مدورة البساط على شكل الرغيف ، وقال : يا رغيف مر إلى هذا الشريف ، فارتفعت الصورة فوضع أبوالحسن عليه‌السلام يده على صورة سبع في البساط وقال : قم فخذ هذا فصارت الصورة سبع وابتلع الهندي وعاد إلى مكانه في البساط فسقط المتوكل لوجهه وهرب من كان قائما.

اقول : قال المسعودي في مروج الذهب : سعي إلى المتوكل بعلي بن محمد الجواد عليهما‌السلام أن في منزله كتبا وسلاحا من شيعته من أهل قم ، وأنه عازم على الوثوب بالدولة ، فبعث إليه جماعة من الاتراك ، فهجموا داره ليلا فلم يجدوا فيها شيئا ووجدوه في بيت مغلق عليه ، وعليه مدرعة من صوف ، وهو جالس على الرمل والحصا وهو متوجه إلى الله تعالى يتلو آيات من القرآن.

فحمل على حاله تلك إلى المتوكل وقالواله : لم نجد في بيته شيئا ووجدناه يقرء القرآن مستقبل القبلة ، وكان المتوكل جالسا في مجلس الشرب فدخل عليه والكاس في يد المتوكل.

فلما رآه هابه وعظمه وأجلسه إلى جانبه ، وناوله الكاس التي كانت في يده فقال : والله ما يخامر لحمي ودمي قط ، فاعفني فأعفاه ، فقال : أنشدني شعرا فقال عليه‌السلام : إني قليل الرواية للشعر فقال : لابد فأنشده عليه‌السلام وهو جالس عنده :

باتوا على قلل الاجبال تحرسهم

غلب الرجال فلم تنفعهم القلل.

واستنزلوا بعد عز من معاقلهم

وأسكنوا حفرا يابئسما نزلوا

ناداهم صارخ من بعد دفنهم

أين الاساور والتيجان والحلل.

٢١١

أين الوجوه التي كانت منعمة

من دونها تضرب الاستار والكلل

فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم

تلك الوجوه عليها الدود تقتتل

قد طال ما أكلوا دهرا وقد شربوا

وأصبحوا اليوم بعد الاكل قد اكلوا

قال : فبكى المتوكل حتى بلت لحيته دموع عينيه ، وبكى الحاضرون ، و دفع إلى علي عليه‌السلام أربعة آلاف دينار ، ثم رده إلى منزله مكرما (١).

اقول : روى الكراجكي في كنز الفوائد وقال : فضرب المتوكل بالكأس

____________________

(١) روى المسعودى عن المبرد قال : وردت سرمن رأى فادخلت على المتوكل وقد عمل فيه الشراب ، وبين يديه المتوكل البحترى الشاعر فابتدا ينشده قصيدة يمدح بها المتوكل أولها :

عن أى ثغر تبتسم

وبأى طرف تحتكم

حسن يضبئ بحسنه

والحسن أشبه بالكرم

قل للخليفة جعفر

المتوكل ابن المعتصم

المرتضى ابن المجتبى

والمنعم بن المنتقم

إلى أن قال :

نلنا الهدى بعد العمى

بك والغنى بعد العدم

فلما انتهى ، مشى القهقرى للانصراف ، فوثب أبوالعنبس فقال : يا أمير المؤمنين تأمر برده ، فقد والله عارضته في قصيدته هذه ، فأمر برده فأخذ أبوالعنبس ينشد :

من اى سلح تلتقم

وبأى كف تلتطم

أدخلت رأس البحترى

أبى عبادة في الرحم

ووصل ذلك بما اشبهه من الشتم ، فضحك المتوكل حتى استلقى على قفاه ، وفحص برجله اليسرى وقال يدفع إلى ابى العنبس عشرة آلاف درهم ، فقال الفتح : ياسيدى البحترى الذى هجى واسمع المكروه ينصرف خائيا؟ قال : ويدفع إلى البحترى عشرة آلاف درهم.

٢١٢

الارض وتنغص عيشه في ذلك اليوم (١)

٢٥ ـ كتاب الاستدراك : عن ابن قولويه باسناده إلى محمد بن العلا السراج قال : أخبرني البختري قال : كنت بمنبج (٢) بحضرة المتوكل إذ دخل عليه رجل من أولاد محمد ابن الحنفية حلو العينين ، حسن الثياب ، قد قرف عنده بشئ فوقف بين يديه والمتوكل مقبل على الفتح يحدثه.

فلماطال وقوف الفتى بين يديه وهو لا ينظر إليه قال له : يا أميرالمؤمنين إن كنت أحضرتني لتأديبي فقد أسأت الادب ، وإن كنت قد أحضرتني ليعرف من بحضرتك من أو باش الناس استهانتك بأهلي فقد عرفوا.

فقال له المتوكل : والله يا حنفي لولا ما يثنيني عليك من أوصال الرحم ويعطفني عليك من مواقع الحلم لانتزعت لسانك بيدي ، ولفرقت بين رأسك وجسدك ولوكان بمكانك محمد أبوك قال : ثم التفت إلى الفتح فقال : أماترى مانلقاه من آل أبي طالب؟ إما حسني يجذب إلى نفسه تاج عز نقله الله إلينا قبله ، أو حسيني يسعى في نقض ما أنزل الله إلينا قبله أو حنفي يدل بجهله أسيافنا على سفك دمه.

فقال له الفتى : وأي حلم تركته لك الخمور وإدمانها؟ أم العيدان وفتيانها ومتى عطفك الرحم على أهلي وقد ابتززتهم فدكا إرثهم من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فورثها أبوحرملة ، وأما ذكرك محمدا أبي فقد طفقت تضع عن عز رفعه الله ورسوله ، وتطاول شرفا تقصر عنه ولا تطوله ، فأنت كما قال الشاعر :

فغض الطرف إنك من نمير

فلا كعبا بلغت ولا كلابا

ثم ها أنت تشكو لي علجك هذا ما تلقاه من الحسني والحسيني والحنفي فلبئس المولى ولبئس العشير.

ثم مدرجليه ثم قال : هاتان رجلاي لقيدك ، وهذه عنقي لسيفك ، فبوء باثمي

____________________

(١) ورواه سبط ابن الجوزى في التذكره ص ٢٠٣ نقلا عن المسعودى في مروج الذهب.

(٢) منبج ـ كمجلس ـ اسم موضع من أعمال الشام.

٢١٣

وتحمل ظلمي فليس هذا أول مكروه أوقعته أنت وسلفك بهم ، يقول الله تعالى « قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى » (١) فوالله ما أجبت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن مسألته ولقد عطفت بالمودة على غير قرابته ، فعما قليل ترد الحوض ، فيذودك أبي ويمنعك جدي صلوات الله عليهما.

قال : فبكى المتوكل ثم قام فدخل إلى قصر جواريه ، فلما كان من الغد أحضره وأحسن جائزته وخلى سبيله.

٢٦ ـ ومن الكتاب المذكور بإسناده أن المتوكل قيل له : إن أبا الحسن يعني علي بن محمد بن علي الرضا عليه‌السلام يفسر قول الله عزوجل « يوم يعض الظالم على يديه » (٢) الايتين في الاول والثاني ، قال : فكيف الوجه في أمره؟ قالوا : تجمع له الناس وتسأله بحضرتهم فان فسرها بهذا كفاك الحاضرون أمره وإن فسرها بخلاف ذلك افتضح عند أصحابه ، قال : فوجه إلى القضاة وبني هاشم والاولياء وسئل عليه‌السلام فقال : هذان رجلان كنى عنهما ، ومن بالستر عليهما أفيحب أمير المؤمنين أن يكشف ما ستره الله؟ فقال : لا احب.

كتاب المقتضب لابن عياش ـ رحمه‌الله ـ قال : لمحمد بن إسماعيل بن صالح الصيمري رحمه‌الله قصيدة يرثي بها مولانا أبا الحسن الثالث عليه‌السلام ويعزي ابنه أبا محمد عليه‌السلام أو لها :

الارض خوفا زلزلت زلزالها

وأخرجت من جزع أثقالها

إلى أن قال :

عشر نجوم أفلت في فلكها

ويطلع الله لنا أمثالها

بالحسن الهادي أبي محمد

تدرك أشياع الهدى آمالها

وبعده من يرتجى طلوعه

يظل جواب الفلا أجزالها

ذوالغيبتين الطول الحق التي

لا يقبل الله من استطالها

يا حجج الرحمان إحدى عشرة

آلت بثاني عشرها مآلها.

____________________

(١) الشورى : ٢٣.

(٢) الفرقان : ٢٧.

٢١٤

٥

* ( باب ) *

* ( احوال اصحابه واهل زمانه ) *

* ( صلوات الله عليه ) *

١ ـ ما : الفحام ، عن المنصوري ، عن سهل بن يعقوب بن إسحاق الملقب بأبي نواس المؤدب في المسجد المعلق في صفة سبق (١) بسر من رأى قال المنصوري : وكان يلقب بأبي نواس لانه كان يتخالع ويتطيب مع الناس ، ويظهر التشيع على الطيبة فيأ من على نفسه.

فلما سمع الامام عليه‌السلام لقبني بأبي نواس قال : يا أبا السرى أنت أبونواس الحق ومن تقدمك أبونواس الباطل.

قال : فقلت له ذات يوم : يا سيدي قدوقع لي اختيارات الايام ، عن سيدنا الصادق عليه‌السلام مما حدثني به الحسن بن عبدالله بن مطهر ، عن محمد بن سليمان الديلمي ، عن أبيه ، عن سيدنا الصادق عليه‌السلام في كل شهر فأعرضه عليك؟ فقال لي : افعل.

فلما عرضته عليه وصححته قلت له : ياسيدي في أكثر هذه الايام قواطع عن المقاصد لما ذكر فيها من التخذير والمخاوف فتدلني على الاحتراز من المخاوف فيها ، فانما تدعوني الضرورة إلى التوجه في الحوائج فيها ، فقال لي : يا سهل إن لشيعتنا بولايتنا لعصمة ، لوسلكوا بها في لجة البحار الغامرة ، وسباسب البيد

____________________

(١) شبيب خ ل.

٢١٥

الغائرة ، بين سباع وذئاب ، وأعادي الجن والانس ، لامنوا من مخاوفهم بولايتهم لنا ، فثق بالله عزوجل ، واخلص في الولاء لائمتك الطاهرين فتوجه حيث شئت.

بيان : سيأتي الخبر بتمامه مع شرحه في كتاب الدعاء وقال الفيروز آبادي « النواس » ككتان المضطرب المسترخي.

٢ ـ قب : بابه محمد بن عثمان العمري ومن ثقاته أحمد بن حمزة بن اليسع وصالح بن محمد الهمداني ومحمد بن جزك الجمال ، ويعقوب بن يزيد الكانب ، و أبوالحسين بن هلال ، وإبراهيم بن إسحاق ، وخيران الخادم ، والنضر بن محمد الهمداني.

ومن وكلائه جعفر بن سهيل الصيقل.

ومن أصحابه داود بن زيد ، وأبوسليمان زنكان ، والحسين بن محمد المدائني وأحمد بن إسماعيل بن يقطين ، وبشربن بشار النيشابوري الشاذاني ، وسليم بن جعفر المروزي والفتح بن يزيد الجرجاني ومحمد بن سعيد بن كلثوم ، وكان متكلما ومعاوية بن حكيم الكوفي ، وعلي بن معد بن معبد البغدادي وأبوالحسن ابن رجا العبر تائي (١).

٣ ـ الفصول المهمة : شاعره العو في والديلمي ، بو ابه عثمان بن سعيد ٤ ـ كتاب مقتضب الاثر لا حمد بن محمد بن عياش ، عن عبدالمنعم بن النعمان العبادي قال : أنشدني الحسن بن مسلم أن أبا الغوث المنبجي (٢) شاعر آل محمد صلوات الله عليهم أنشده بعسكر سرمن رأى قال الحسن : واسم أبي الغوث أسلم ابن محرز (٣) من أهل منبج ، وكان البحتري (٤) يمدح الملوك وهذا يمدح

____________________

(١) مناقب آل ابى طالب ج ٤ ص ٤٠٢.

(٢) قال الجوهرى : منبج اسم موضع ، فاذا نسبت اليه فتحت الباء وقلت : كساء منبحانى ، اخرجوه مخرج مخبرانى ومنظرانى.

(٣) كذا في نسخة الاصل ، وعنونه صاحب الكنى والالقاب ، وقال : أسلم بن مهوز المنبجى شاعر يمدح آل محمد عليهم‌السلام.

(٤) هو أبوعبادة الوليد بن عبيد بن يحيى الطائى الشاعر المعروف كان من فحول

٢١٦

آل محمد صلى الله عليهم وكان البختري أبوعباد ينشد هذه القصيدة لا بي الغوث :

ولهت إلى رؤيا كم وله الصادي

يذاد عن الورد الروي بذواد

محلى عن الورد اللذيذ مساغه

إذا طاف وراد به بعد وراد

فأعلمت فيكم كل هوجاء جسرة

ذمول السرى يقتاد في كل مقتاد

أجوب بها بيد الفلا وتجوب بي

إليك ومالي غيرذكرك من زاد

فلما تراءت سرمن راى تجشمت

إليك فعوم الماء في مفعم الوادي

فآدت إلى تشتكي ألم السرى

فقلت اقصري فالعزم ليس بمياد

إذاما بلغت الصادقين بني الرضا

فحسبك من هاد يشير إلى هاد

مقاويل إن قالوا بهاليل إن عوا

وفاة بميعاد كفاة بمرتاد

إذا أوعدوا أعفوا وإن وعدوا وفوا

فهم أهل فضل عند وعد وإيعاد

كرام إذا ما أنفقوا المال أنفدوا

وليس لعلم أنفقوه من انفاد

ينابيع علم الله أطواد دينه

فهل من نفاد إن علمت لاطواد

نجوم متى نجم خبا مثله بدا

فصلى على الخابي المهيمن والبادي

عباد لمولاهم موالي عباده

شهود عليهم يوم حشر وإشهاد

هم حجج الله اثنتى عشرة متى

عددت فثاني عشرهم خلف الهادي

بميلاده الانباء جاءت شهيرة

فأعظم بمولود وأكرم بميلاد

____________________

شعراء القرن الثالث معاصرا لابى تمام ، ومن الادباء من يفضله على أبى تمام.

قال ابن خلكان : قيل للبحترى : أيما أشعر؟ أنت أم أبوتمام؟ فقال : جيده خير من جيدى ، ورديئى خير من رديئه ، وكان يقال لشعر البحترى سلاسل الذهب ، وهو في الطبقة العليا ، ويقال انه قيل لابى العلاء المعرى : أى الثلاثة اشعر؟ ابوتمام ، ام البحترى ام المتنبئ؟ فقال : المتنبئ وابوتمام حكيمان وانما الشاعر البحترى.

ولد سنة ٢٠٦ بمنبج من اعمال الشام وتخرج بها ، ثم خرج إلى العراق ، ومدح جماعة من الخلفاء او لهم المتوكل وخلقا كثيرا من الاكابر والرؤساء توفى بالسكتة في منبج ٢٨٤.

٢١٧

بيان : في القاموس « المنبج » كمجلس موضع ، والصادي العطشان ، الذود الدفع ، وحلاه عن الماء بالتشديد مهموزا طرده ومنعه ، و « الهوجاء » الناقة المسرعة و « الجسر » بالفتح العظيم من الابل ، والانثى جسرة.

و « الذميل » كأمير السوق اللين ، ذمل يذميل ويذمل ذملا وذمولا وناقة ذمول ، ويقال قدته واقتدته فاقتاد ، وجوب البلاد قطعها ، « والبيد » جمع البيدا وهي الفلاة وأفعم الاناء ملاه كفعمه وفعوم مفعول مطلق لتجشمت من غير لفظه أوصفة لمصدر محذوف ، بنزع الخافض.

وآداه على فلان أعداه وأعانه وآدني عليه بالمد أي قوني ، ولعله استعمل هنا بمعنى الطلب ، أو من آد يئيد أيدا بمعنى اشتد وقوي.

قوله « ليس بمياد » أي مضطرب ، وقال « البهلول كسر سور الضحاك ، و السيد الجامع لكل خير (١) والاطواد جمع الطود وهو الجبل العظيم ، وخبت النار طفئت ، وهنا استعير للغروب ، و « المهيمن » فاعل صلى والبادي عطف على الخابي.

٥ ـ مروج الذهب : قال المسعودي : كان بغا من الاتراك من غلمان المعتصم يشهد الحروب العظام ، يباشرها بنفسه ، فيخرج منها سالما ولم يكن يلبس على بدنه شيئا من الحديد ، فعذل في ذلك فقال : رأيت في نومي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ومعه جماعة من أصحابه فقال : يا بغا أحسنت إلى رجل من امتي فدعا لك بدعوات استجيبت له فيك.

قال : فقلت : يا رسول الله ومن ذلك الرجل؟ قال : الذي خلصته من السباع فقلت : يا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سل ربك أن يطيل عمري ، فشال يده نحو السمآء ، و قال : اللهم أطل عمره وأنسئ في أجله فقلت : يا رسول الله خمس وتسعون سنة فقال خمس وتسعون سنة.

فقال رجل كان بين يديه : « ويوقى من الافات » فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ويوقى من الافات ، فقلت للرجل : من أنت؟ فقال : أنا علي بن أبي طالب فاستيقظت من

____________________

(١) القاموس ج ٣ ص ٣٣٩.

٢١٨

نومي وأنا أقول علي بن أبي طالب.

وكان بغا كثير التعطف والبر على الطالبيين ، فقيل له : ماكان ذلك الرجل الذي خلصته من السباع؟ قال : اتي المعتصم بالله برجل قدرمي ببدعة فجرت بينهم في الليل مخاطبة في خلوة ، فقال لي المعتصم : خذه فألقه إلى السباع ، فأتيت بالرجل إلى السباع لالقيه إليها ، وأنا مغتاظ عليه ، فسمعته يقول : اللهم إنك تعلم أني ما كلمت إلافيك ، ولا نصرت إلا دينك ، ولا اتيت إلا من تو حيدك ، ولم ارد غيرك تقربا إليك بطاعتك ، وإقامة الحق على من خالفك أفتسلمني؟ قال : فار تعدت وداخلني له رقة ، وعلى قلبي منه وجع ، فجذبته عن طريق بركة السباع ، وقد كدت أن أزخ به فيها ، واتيت به إلى حجرتي فأخفيته وأتيت المعتصم فقال : هيه؟ فقلت : ألقيته ، قال : فما سمعته يقول؟ قلت : أنا أعجمي وكان يتكلم بكلام عربي ما كنت أعلم ما يقول؟ وقد كان الرجل أغلظ للمعتصم في خطابه.

فلما كان في السحر قلت للرجل : قدفتحت الابواب وأنا مخرجك مع رجال الحرس ، وقد آثرتك على نفسي ووقيتك بروحي فاجهد أن لا تظهر في أيام المعتصم قال : نعم ، قلت : فما خبرك؟ قال : هجم رجل من عما لنا في بلدنا على ارتكاب المحارم والفجور ، إماتة الحق ونصر الباطل ، فسرى ذلك في فساد الشريعة وهدم التوحيد فلم أجد ناصرا عليه فهجمت في ليلة عليه فقتلته لان جرمه كان مستحقا في الشريعة أن يفعل به ذلك فاخذت فكان ما رأيت.

٦ ـ ما : الفحام قال : كان أبوالطيب أحمد بن محمد بن بوطير رجلا من أصحابنا ، وكان جده بوطير غلام الامام أبي الحسن علي بن محمد وهو سماه بهذا الاسم وكان ممن لايدخل المشهد ، ويزور من وراء الشباك ، ويقول : للدار صاحب حتى اذن له ، وكان متأدبا يحضر الديوان وكان إذا طلب من الانسان حاجة فان أنجزها شكر وسر ، وإن وعده عاد إليه ثانية ، فان أنجزها وألا عاد الثالثة ، فان أنجزهاوإلا قام في مجلسه إن كان ممن له مجلس أوجمع الناس فأنشد :

٢١٩

أعلى الصراط تريد رعية ذمتي

أم في المعاد تجود بالانعام

إني لدنيائي اريدك فانتبه

يا سيدي من رقدة النوام

٧ ـ غط : من المحمودين أيوب بن نوح بن دراج ذكر عمرو بن سعيد المدائني وكان فطحيا قال : كنت عند أبي الحسن العسكري عليه‌السلام بصريا إذ دخل أيوب ابن نوح ووقف قدامه فأمره بشئ ، ثم انصرف والتفت إلي أبوالحسن عليه‌السلام وقال يا عمرو إن أحببت أن تنظر إلى رجل من أهل الجنة فانظر إلى هذا ومنهم علي بن جعفر الهماني وكان فاضلا مرضيا من وكلاء أبي الحسن و أبي محمد عليهما‌السلام روى أحمد بن علي الرازي عن علي بن مخلد الايادي قال : حدثني أبوجعفر العمري قال : حج أبوطاهر بن بلال فنظر إلى علي بن جعفر وهو ينفق النفقات العظيمه ، فلما انصرف كتب بذلك إلى أبي محمد عليه‌السلام فوقع في رقعته قد كنا أمرنا له بمائة ألف دينار ثم أمرنا له بمثلها فأبى قبوله إبقاء علينا ، ماللناس والدخول من أمرنا فيما لم ندخلهم فيه قال ودخل على أبي الحسن العسكري فأمر له بثلاثين ألف دينار (١).

ومنهم أبوعلي بن راشد أخبرني ابن أبي جيد عن محمد بن الحسن بن الوليد عن الصفار ، عن محمد بن عيسى قال : كتب أبوالحسن العسكري إلى الموالي ببغداد والمدائن والسواد وما يليها : قد أقمت أبا علي بن راشد مقام علي بن الحسين بن عبدربه ، ومن قبله من وكلائي ، وقد أو جبت في طاعته طاعتي ، وفي عصيانه الخروج إلى عصياني ، وكتبت بخطي (٢).

وروى محمد بن يعقوب رقعة إلى محمد بن فرج قال : كتبت إليه أسأله عن أبي علي بن راشد ، وعن عيسى بن جعفر ، وعن ابن بند ، وكتب إلى : ذكرت ابن راشد رحمه‌الله إنه عاش سعيدا ومات شهيدا. ودعا لابن بند ، والعاصمي وابن بند ضرب

____________________

(١) غيبة الشيخ ص ٢٢٦.

(٢) المصدر ص ٢٢٧.

٢٢٠