بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٤٧
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

آخر لتيأ كد هذا القول (١) فقلت لهم : قد أتاكم الله بما تحبون هذا أبوجعفر الاشعري يشهدلي بسماع هذه الرسالة فسألوه القوم ، فتوقف عن الشهادة فدعوته إلى المباهلة فخاف منها وقال : قد سمعت ذلك ، وهي مكرمة كنت احب أن يكون لرجل من العرب (٢) فأما مع المباهلة فلا طريق إلى كتمان الشهادة ، فلم يبرح القوم حتى سلموا لابي الحسن عليه‌السلام (٣)

والاخبار في هذا الباب كثيرة جدا إن عملنا على إثباتها طال الكتاب ، وفي إجماع العصابة على إمامة أبي الحسن وعدم من يدعيها سواه في وقته ممن يلتمس الامر فيه غنى عن إيراد الاخبار بالنصوص على التفصيل (٤)

٤ ـ كا : (٥) محمدبن جعفر الكوفي ، عن محمد بن عيسى بن عبيد ، عن محمد بن الحسين الواسطي سمع أحمد بن أبي خالد مولى أبي جعفر عليه‌السلام [ يحكي أنه أشهده على هذه الوصية المنسوخة : (٦) شهد أحمد بن أبي خالد مولى أبي جعفر عليه‌السلام ]

____________________

(١) ظاهر حالهم أنهم لم يثقوا بقوله ، بل كان عندهم متهما حيث لم يقبلوا قوله حتى بعد ما ظهر ما في الرقاع ، والرجل نفسه كان يعلم ذلك من شأنهم حيث توسل بالرقاع قبلا إلى صدق كلامه.

(٢) ليس لهذا الكلام موقع ، حيث انه بظاهره يدل على أن الاشعرى وهورجل من العرب كان يحسد لابى الخيرانى وهو من الاعاجم ، أن يظهر النص « على أبى الحسن الهادى عليه‌السلام » على يديه ، مع أنه كان شريكه في استماع النص على أن النص لم يكن منحصرا في هذا الذى سمعه الرجل بل هناك نصوص.

(٣) من أعجب العجائب أن القوم لم يثقوا بقول الرجل وحده حتى بعد ما ظهرمن الرقاع ما ظهر ، ولما أن شهد الاشعرى وهو الذى أنكر النص أولا وكذب الرجل في دعواه قبلوا قوله وسلموا لابى الحسن « ع » أليس في كذب الاشعرى وانكاره النص أولا مايسقط شهادته؟

(٤) ارشاد المفيد ص ٣٠٨

(٥) هذا الحديث من مختصات نسخة الصفوانى.

(٦) الضمير المنصوب في « أنه » والمرفوع المستكن في « أشهده » راجع إلى أبى جعفر

١٢١

أن أبا جعفر محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب عليهم‌السلام أشهده أنه أوصى إلى علي ابنه بنفسه وأخواته (١) وجعل أمر موسى إذا بلغ إليه ، وجعل عبدالله بن المساور قائما على تركته من الضياع والاموال والنفقات والرقيق وغيرذلك ، إلى أن يبلغ علي بن محمد ، صير عبدالله بن المساور ذلك اليوم [ إليه ] يقوم بأمر نفسه وأخواته (٢) ويصير أمر موسى إليه يقوم لنفسه بعدهما على شرط أبيهما في صدقاته التي تصدق بها ، وذلك يوم الاحد لثلاث ليال خلون من ذي الحجة سنة عشرين ومائتين ، وكتب أحمد بن أبي خالد شهادته بخطه وشهد الحسن بن محمد بن عبدالله بن (٣) الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، وهو الجواني على مثل شهادة أحمد بن أحمد بن أبي خالد في صدر هذا الكتاب وكتب شهادته بيده وشهد نصر الخادم وكتب شهادته بيده (٤).

____________________

عليه‌السلام والضمير البارز ، راجع إلى أحمد بن ابى خالد والمراد بالوصية المنسوخة هى الوصية على النحو الذى يذكره احمد بن ابى خالد » صالح » (١) حاصله أنه أوصى إلى ابنه بامور نفسه وأخواته وتربيتهن وجعل أمر موسى ابنه إلى موسى عند بلوغه وجعل عبدالله بن المساور قائماعلى التركة ، إلى ان يبلغ على ابنه فاذا بلغ صير ابن المساور القيام على التركة اليه فيقوم على التركة « وأمر نفسه وأخواته الا أمر موسى فانه يقوم بأمره لنفسه بعدعلى وابن المساور على ما شرط عليه‌السلام في صدقاته وموقوفاته « صالح »

(٢) في بعض النسخ « واخوانه » وهكذا فيما سبق ، وهو سهو والصحيح مافى الصلب طبقا للمصدر ، وذلك لان أبا جعفر الجواد لم يخلف من الذكور الاعليا الهادى وموسى المبرقع وقد خلف ابنتين : فاطمة وأمامة ومات أبوجعفر الجواد ولابى الحسن الهادى « ع » ثمان سنين لم يبلغ بعد على مذهب الجمهور ولذلك جعل عبدالله بن المساور قيما على أمواله وضياعه

(٣) الصحيح « عبيدالله بن الحسين ـ وهو الحسين الاصفر ـ بن على بن الحسين كما في عمدة الطالب ، وفيه أن الجوانى نسبة محمدبن عبيدالله ، لا ابنه الحسن.

(٤) الكافى ج ١ ص ٣٢٥.

١٢٢

بيان : لعله عليه‌السلام للتقية من المخالفين الجاهلين بقدر الامام عليه‌السلام ومنزلته وكماله في صغره وكبره اعتبر بلوغه في كونه وصيا وفوض الامر ظاهرا قبل بلوغه إلى عبدالله ، لئلا يكون لقضاتهم مدخلا في ذلك فقوله عليه‌السلام « إذا بلغ » يعنى أبا الحسن عليه‌السلام ، وقوله عليه‌السلام « صير » أي بعد بلوغ الامام عليه‌السلام صيره عبدالله مستقلا في امور نفسه ووكل امور أخواته إليه قوله و « يصير » بتشديد اليا أي عبدالله أو الامام عليه‌السلام « أمر موسى إليه » أي إلى موسى « بعدهما » أي بعد فوت عبدالله والامام عليه‌السلام ويحتمل التخفيف أيضا وقوله « على شرط أبيهما » متعلق بيقوم في الموضعين

٥ ـ عيون المعجزات : روى الحميري ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أبيه أن أبا جعفر عليه‌السلام لما أراد الخروج من المدينة إلى العراق ومعاودتها أجلس أبا الحسن في حجره بعد النص عليه وقال له : ما الذي تحب أن اهدي إليك من طرائف العراق؟ فقال عليه‌السلام : سيفا كأنه شعلة نار ، ثم التفت إلى موسى ابنه وقال له : ما تحب أنت؟ فقال : فرسا ، فقال عليه‌السلام : أشبهني أبوالحسن ، أشبه هذا امه.

١٢٣

٣

* ( باب ) *

* ( معجزاته ، وبعض مكارم أخلاقه ، ومعالى ) *

* ( اموره صلوات الله عليه ) *

١ ـ عم : السيد أبوطالب محمد بن الحسين الحسيني الجرجاني ، عن والده الحسين بن الحسن ، عن أبي الحسين طاهر بن محمد الجعفري ، عن أحمد بن محمد ابن عياش ، عن عبدالله بن أحمد بن يعقوب ، عن الحسين بن أحمد المالكي ، عن أبي هاشم الجعفري قال : كنت بالمدينة حتى مربها بغا (١) أيام الواثق في طلب الاعراب فقال أبوالحسن : اخرجوا بنا حتى ننظر إلى تعبية هذا التركي.

فخرجنا فوقفنا فمرت بنا تعبيته فمر بناتركي فكلمه أبوالحسن عليه‌السلام بالتركية فنزل عن فرسه فقبل حافردابته قال : فحلفت التركي وقلت له : ماقال لك الرجل؟ قال : هذانبي؟ قلت : ليس هذا بنبي قال : دعاني باسم سميت به في صغري في بلاد الترك ما علمه أحد إلا الساعة (٢)

قب : أبوهاشم مثله (٣)

٢ ـ ما : الفحام ، عن المنصوري ، عن عم أبيه قال : دخلت يوما على المتوكل وهو يشرب فدعاني إلى الشرب فقلت : يا سيدي ما شربته قط قال : أنت تشرب مع علي بن محمد قال : فقلت له : ليس تعرف من في يدك إنما يضرك ولا يضره ولم أعد ذلك عليه (٤)

____________________

(١) بغا من الاسماء التركية ، كان اسم رجل من قواد المتوكل.

(٢) اعلام الورى ص ٣٤٣.

(٣) مناقب آل أبى طالب ج ٤ ص ٤٠٨.

(٤) وتراه في مناقب آل أبى طالب ج ٤ ص ٤١٧.

١٢٤

قال : فلما كان يومامن الايام قال لي الفتح بن خاقان : قد ذكر الرجل يعني المتوكل ـ خبر مال يجئ من قم ، وقد أمرني أن أرصده لاخبره له فقل لي من أي طريق يجئ حتى أجتنبه فجئت إلى الامام علي بن محمد فصادفت عنده من أحتشمه فتبسم وقال لي : لا يكون إلا خيرا يا أبا موسى لم لم تعد الرسالة الاولة؟ فقلت : أجللتك يا سيدي فقال لي : المال يجئ الليلة وليس يصلون إليه فبت عندي.

فلما كان من الليل وقام إلى ورده قطع الركوع بالسلام وقال لي : قدجاء الرجل ومعه المال وقد منعه الخادم الوصول إلي فاخرج خذ مامعه فخرجت فاذا معه زنفيلجة (١) فيها المال فأخذته دخلت به إليه فقال : قال له : هات الجبة التي قالت لك القمية إنها ذخيرة جدتها ، فخرجت إليه فأعطانيها فدخلت بها إليه فقال لي : قل له : الجبة التي أبدلتها منها ردها إلينا فخرجت إليه فقلت له ذلك فقال : نعم كانت ابنتي استحسنتها فأبدلتها بهذه الجبة وأنا أمضي فأجيئ بها فقال : اخرج فقل له : إن الله تعالى يحفظ لنا وعلينا هاتها من كتفك فخرجت إلى الرجل فأخرجتها من كتفه فغشي عليه فخرج إليه فقال له : قد كنت شاكا فتيقنت.

قب : الفتح مثله (٢).

بيان : « ولم اعد ذلك عليه » أي على أبي الحسن عليه‌السلام وهو المراد بالرسالة الاولة لان الملعون لما ذكر ذلك ليبلغه عليه‌السلام سماه رسالة.

٢ ـ ما : الفحام قال : حدثني المنصوري ، عن عم أبيه وحدثني عمي ، عن كافور الخادم بهذا الحديث قال : كان في الموضع مجاور الامام من أهل الصنايع صنوف من الناس ، وكان الموضع كالقرية وكان يونس النقاش يغشى سيدنا الامام عليه‌السلام ويخدمه.

____________________

(١) الزنفيلجة ـ بكسر الزاى وفتح اللام ـ وهكذا الزنفليجة ـ كقسطبيلة ـ وعاء أدوات الراعى فارسى معرب زنبيله.

(٢) مناقب آل أبى طالب ج ٤ ص ٤١٣

١٢٥

فجاءه يوما يرعد فقال : ياسيدي اوصيك بأهلي خيرا ، قال : وما الخبر؟ قال : عزمت على الرحيل قال : ولم يا يونس؟ وهو عليه‌السلام متبسم قال : قال : موسى ابن بغاوجه إلي بفص ليس له قيمة أقبلت أن انقشه فكسرته باثنين وموعده غدا وهو موسى بن بغا إما ألف سوط أو القتل ، قال : امض إلى منزلك إلى غد فما يكون إلا خيرا.

فلما كان من الغد وافى بكرة يرعد فقال : قد جاء الرسول يلتمس الفص قال : امض إليه فما ترى إلا خيرا قال : وما أقول يا سيدي؟ قال : فتبسم وقال : امض إليه واسمع ما يخبرك به ، فلن يكون إلا خيرا.

قال : فمضى وعاد يضحك قال قال لي يا سيدي : الجواري اختصمن فيمكنك أن تجعله فصين حتى نغنيك؟ فقال سيدنا الامام عليه‌السلام : اللهم لك الحمد إذ جعلتنا ممن يحمدك حقا فأيش (١) قلت له؟ قال : قلت له : أمهلني حتى أتأمل أمره كيف أعمله؟ فقال : أصبت.

٤ ـ ما : الفحام ، عن عمه عمر بن يحيى ، عن كافور الخادم قال : قال لي الامام علي بن محمد عليهما‌السلام : اترك لي السطل الفلاني في الموضع الفلاني لاتطهر منه للصلاة ، أنفذني في حاجة وقال : إذا عدت فافعل ذلك ليكون معدا إذا تأهبت للصلاة واستلقى عليه‌السلام لينام وانسيت ما قال لي وكانت ليلة باردة فحسست به وقد قام إلى الصلاة وذكرت أنني لم أترك السطل ، فبعدت عن الموضع خوفا من لومه وتألمت له حيث يشقى بطلب الاناء فناداني نداء مغضب فقلت : إنا لله أيش عذري أن أقول نسيت مثل هذا ولم أجد بدا من إجابته.

فجئت مرعوبا فقال : يا ويلك أما عرفت رسمي أنني لا أتطهر إلا بماء بارد فسخنت لي ماء فتر كته في السطل؟ فقلت : والله يا سيدي ما تركت السطل ولا الماء ، قال : الحمد لله والله لا تركنا رخصة ولارددنا منحة الحمد الله الذي جعلنا من أهل طاعته ، ووفقناه للعون على عبادته إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إن الله يغضب على

____________________

(١) لغة عامية وكأنه مخفف « أى شئ »

١٢٦

من لا يقبل رخصه (١)

٥ ـ ما : الفحام عن المنصوري ، عن عم أبيه قال : قصدت الامام عليه‌السلام يوما فقلت : ياسيدي إن هذا الرجل قد أطرحني وقطع رزقي ومللني وما أتهم في ذلك إلا علمه بملا زمتي لك ، وإذا سألته شيئا منه يلزمه القبول منك فينبغي أن تتفضل علي بمسألته ، فقال : تكفى إنشاءالله.

فلما كان في الليل طرقني رسل المتوكل رسول يتلو رسولا فجئت والفتح على الباب قائم فقال : يا رجل ما تأوي في منزلك بالليل كدني هذا الرجل مما يطلبك ، فدخلت وإذا المتوكل جالس على فراشه فقال : يا أبا موسى نشغل عنك و تنسينا نفسك أي شئ لك عندي؟ فقلت : الصلة الفلانية والرزق الفلاني وذكرت أشياء فأمر لي بها وبضعفها.

فقلت للفتح : وافى علي بن محمد إلى ههنا؟ فقال : لا ، فقلت : كتب رقعة؟ فقال : لا فوليت منصرفا فتبعني فقال لي : لست أشك أنك سألته دعاء لك فالتمس لي منه دعاء.

فلما دخلت إليه عليه‌السلام فقال لي : يا أبا موسى! هذا وجه الرضا ، فقلت : ببركتك يا سيدي ، ولكن قالوا لي : إنك ما مضيت إليه ولا سألته ، فقال : إن الله تعالى علم منا أنا لا نلجأ في المهمات إلا إليه ولا نتوكل في الملمات إلا عليه و عودنا إذا سألناه الاجابة ، ونخاف أن نعدل فيعدل بنا.

قلت : إن الفتح قال لي كيت وكيت ، قال : إنه يوالينا بظاهره ، ويجانبنا بباطنه ، الدعاء لمن يدعوبه : إذا أخلصت في طاعة الله ، واعترفت برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وبحقنا أهل البيت وسألت الله تبارك وتعالى شيئا لم يحرمك قلت : ياسيدي فتعلمني دعاء أختص به من الادعية قال : هذا الدعاء كثيرا أدعو الله به وقد سألت الله أن لا يخيب من دعا به في مشهدي بعدي وهو :

« يا عدتي عند العدد ويا رجائي والمعتمد ويا كهفي والسند ، ويا واحد يا

____________________

(١) ورواه ابن شهر آشوب في المناقب ج ٤ ص ٤١٤ مرسلا.

١٢٧

أحد ، يا قل هوالله أحد ، وأسألك اللهم بحق من خلقته من خلقك ، ولم تجعل في خلقك مثلهم أحدا ، أن تصلي عليهم وتفعل بي كيت وكيت (١).

بيان : « الدعاء لمن يدعو به » أي كل من يدعو به يستجاب له أو الدعاء تابع لحال الداعي فاذا لم يكن في الدعاء شرائط الدعاء لم يستجب له فيكون قوله « إذا أخلصت » مفسرا لذلك وهو أظهر.

٦ ـ ما : الفحام ، عن أحمد بن محمد بن بطة عن خير الكاتب قال : حدثني سميلة الكاتب وكان قد عمل أخبار سرمن رأى قال : كان المتوكل يركب إلى الجامع ومعه عدد ممن يصلح للخطابة ، وكان فيهم رجل من ولد العباس بن محمد يلقب بهريسة وكان المتوكل يحقره فتقدم إليه أن يخطب يوما فخطب فأحسن فتقدم المتوكل يصلي فسابقه من قبل أن ينزل من المنبر فجآء فجذب منطقته من ورائه و قال : يا أمير المؤمنين من خطب يصلي فقال المتوكل : أردنا أن نخجله فأخجلنا وكان أحد الاشرار فقال يوما للمتوكل : ما يعمل أحد بك أكثر مما تعمله بنفسك في علي بن محمد فلا يبقى في الدار إلا من يخدمه ولا يتعبونه بشيل ستر ، ولا فتح باب ، ولاشئ ، وهذا إذا علمه الناس قالوا : لولم يعلم استحقاقه للامر ما فعل به هذا ، دعه إذا دخل يشيل الستر لنفسه ويمشي كما يمشي غيره ، فتمسه بعض الجفوة فتقدم أن لا يخدم ولايشال بين يديه ستر ، وكان المتوكل مارئي أحد ممن يهتم بالخبر مثله.

قال : فكتب صاحب الخبر إليه : أن علي بن محمد دخل الدار فلم يخدم ولم يشل أحد بين يديه سترا فهب هواء رفع السترله ، فدخل فقال : اعرفوا خبر خروجه ، فذكر صاحب الخبر هواء خالف ذلك الهواء شال الستر له حتى خرج فقال : ليس نريد هواء يشيل الستر ، شيلوا الستر بين يديه (٢) قال : ودخل يوما على المتوكل فقال : يا أبا الحسن من أشعر الناس؟ و

____________________

(١) اخرجه ابن شهر آشوب في المناقب ج ٤ ص ٤١١ إلى قوله فيعدل بنا.

(٢) أخرجه ابن شهرآشوب ملخصا في المناقب ج ٤ ص ٤٠٦.

١٢٨

كان قد سأل قبله لابن الجهم فذكر شعراء الجاهلية وشعراء الاسلام فلما سأل الامام عليه‌السلام قال : فلان بن فلان العلوي ـ قال ابن الفحام : وأخوه الحماني قال : حيث يقول :

لقد فاخرتنا من قريش عصابة

بمط خدود وامتداد أصابع

فلما تنازعنا القضاء قضى لنا

عليهم بما فاهوا نداء الصوامع (١)

قال : ومانداء الصوامع يا أبا الحسن؟ قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، و أشهد أن محمدا .. جدي أم جدكم؟ فضحك المتوكل كثيرا ثم قال : هو جدك لا ندفعك عنه.

بيان : « ما رئي أحد » على بناء المجهول أي كان المتوكل كثيرا ما يهتم باستعلام الاخبار ، وكان قد وكل لذلك رجلا يعلمه ، يكتب إليه ، ولعل مط الخدود وامتداد الاصابع كناية عن التكبر والاستيلاء وبسط اليد.

٧ ـ لى : ابن إدريس ، عن أبيه ، عن محمد بن أحمد العلوي ، عن أحمد بن القاسم ، عن أبي هاشم الجعفري قال : أصابتني ضيقة شديدة فصرت إلى أبي الحسن علي بن محمد عليه‌السلام فأذن لي فلما جلست قال : يا أبا هاشم أي نعم الله عزوجل عليك تريد أن تؤدي شكرها؟ قال أبوهاشم : فوجمت فلم أدرما أقول له.

فابتدا عليه‌السلام فقال : رزقك الايمان فحرم بدنك على النار ، ورزقك العافية فأعانتك على الطاعة ، ورزقك القنوع فصانك عن التبذل ، يا أباهاشم إنما ابتدأتك بهذا لاني ظننت أنك تريد أن تشكو لي من فعل بك هذا ، وقد أمرت لك بمائة دينار فخذها (٢)

٨ ـ ما : الفحام عن المنصوري ، عن عم أبيه قال : قال يوما الامام علي ابن محمد عليهما‌السلام يا أبا موسى اخرجت إلى سرمن رأى كرها ولو اخرجت عنها.

____________________

(١) عليهم بمايهوى نداء الصوامع خ ل.

(٢) امالى الصدوق ص ٤١٢

١٢٩

اخرجت كرها قال : قلت : ولم يا سيدي؟ قال : لطيب هوائها ، وعذوبة مائها ، وقلة دائها (١).

ثم قال : تخرب سر من رأى حتى يكون فيها خان وبقال للمارة و علامة تدارك خرابها تدارك العمارة في مشهدي من بعدي.

٩ ـ ير : محمد بن عيسى ، عن أبي علي بن راشد قال : قدمت علي أحمال فأتاني رسوله قبل أن أنظر في الكتب أن اوجهه بها إليه : « سرح إلي بدفتر كذا » ولم يكن عندي في منزلي دفتر أصلا قال : فقمت أطلب ما لا أعرف بالتصديق له فلم أقع على شئ فلما ولى الرسول قلت : مكانك فحللت بعض الاحمال فتلقاني دفتر لم أكن علمت به إلا أني علمت أنه لم يطلب إلا حقا فوجهت به إليه (٢).

١٠ ـ ير : محمدبن الحسين ، عن علي بن مهزيار ، عن الطيب الهادي عليه‌السلام قال : دخلت عليه فابتدأني فكلمني بالفارسية (٣)

١١ ـ ير : محمد بن عيسى عن علي بن مهزيار قال : أرسلت إلى أبي الحسن عليه‌السلام غلامي وكان سقلابيا فرجع الغلام إلي متعجبا فقلت : ما لك يا بني؟ قال : كيف لا أتعجب؟ ما زال يكلمني بالسقلابية كأنه واحد منا! فظننت أنه إنما دار بينهم (٤).

١٢ ـ قب : علي بن مهزيار إلى قوله كأنه واحد منا وإنما أراد بهذا الكتمان عن القوم (٥).

كشف : من كتاب الدلائل عن علي بن مهزيارمثله (٦).

____________________

(١) وأخرجه في المناقب ج ٤ ص ٤١٧ وزاد بعده شعرا في ذلك.

دخلنا كارهين لها فلما

الفناها خرجنا مكرهينا

(٢) بصائر الدرجات ص ٢٤٩.

(٣) المصدر ص ٣٣٣.

(٤) نفس المصدرص ٣٣٣.

(٥) مناقب آل أبى طالب ج ٤ ص ٤٠٨.

(٦) كشف الغمة ج ٣ ص ٢٥٢

١٣٠

١٣ ـ ير : الحسن بن علي السرسوني ، عن إبراهيم بن مهزيار قال : كان أبوالحسن عليه‌السلام كتب إلى علي بن مهزيار ، يأمره أن يعمل له مقدار الساعات فحملناه إليه في سنة ثمان وعشرين فلما صرنا بسيالة كتب يعلمه قدومه ويستأذنه في المصير إليه وعن الوقت الذي نسير إليه فيه ، واستأذن لا براهيم فورد الجواب بالاذن أنا نصير إليه بعد الظهر ، فخرجنا جميعا إلى أن صرنا في يوم صائف شديد الحر ومعنا مسرور غلام علي بن مهزيار.

فلما أن دنوا قصره إذا بلال قائم ينتظرنا وكان بلال غلام أبي الحسن عليه‌السلام قال : ادخلوا فدخلنا حجرة وقد نالنا من العطش أمرعظيم فما قعدنا حينا حتى خرج إلينا بعض الخدم ومعه قلال من ماء أبرد ما يكون فشربنا ثم دعا بعلي بن مهزيار فلبث عنده إلى بعد العصر ثم دعاني فسملت عليه واستأذنته أن يناولني يده فاقبلها ، فمديده فقبلتها ودعاني وقعدت ثم قمت فودعته.

فلما خرجت من باب البيت ناداني عليه‌السلام فقال : يا إبراهيم فقلت : لبيك يا سيدي فقال : لاتبرح فلم نزل جالسا ومسرور علامنا معنا ، فأمرأن ينصب المقدار ثم خرج عليه‌السلام فالقي له كرسي فجلس عليه والقي لعلي بن مهزيار كرسي عن يساره فجلس ، وقمت أنا بجنب المقدار فسقطت حصاة (١) فقال مسرور : « هشت » فقال عليه‌السلام : « هشت » ثمانية ، فقلنا : نعم يا سيدنا.

فلبثنا عنده إلى المساء ثم خرجنا فقال لعلي : رد إلي مسرورا بالغداة فوجهه إليه فلما أن دخل قال له بالفارسية « بار خدا جون؟ » فقلت له « ينك » يا سيدي فمر نصر فقال : « درببند درببند » فأغلق الباب ثم ألقى رداءه علي يخفيني من نصر حتى سألني عما أراد فلقيه علي بن مهزيار فقال له : كل هذا خوفا من نصر؟ فقال : يا أبا الحسن يكاد خوفي منه خوفي من عمرو بن قرح (٢).

____________________

(١) اى حصاة من حصيات المقدار فقد كان تلقى تلك الالة في كل ساعة حصاة فيعلم مقدار مضى الساعات باعتداد الحصيات.

(٢) بصائر الدرجات ص ٣٣٧.

١٣١

١٤ ـ كا (١) ير : الحسين محمد ، عن المعلى ، عن أحمد بن محمد بن عبدالله ، عن علي بن محمد ، عن إسحاق الجلاب (٢) قال : اشتريت لابي الحسن عليه‌السلام غنما كثيرة فدعاني فأدخلني من إصطبل داره (٣) إلى موضع واسع لا أعرفه ، فجعلت افرق تلك الغنم فيمن أمرني به.

فبعثت إلى أبي جعفر (٤) وإلى والدته ، وغيرهما ممن أمرني ثم استأذنته في الانصراف إلى بغداد إلى والدي ، وكان ذلك يوم التروية ، فكتب إلى : تقيم غدا عندنا ثم تنصرف قال : فأقمت فلما كان يوم عرفة أقمت عنده وبت ليلة الاضحى في رواق له ، فلماكان في السحر أتاني فقال لي : يا إسحاق قم ، فقمت ففتحت عيني فاذا أنا على بابي ببغداد فدخلت على والدي وأتاني أصحابي فقلت.

لهم : عرفت بالعسكر ، وخرجت إلى العيد ببغداد (٥)

١٥ ـ ير : الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن أحمد بن محمد بن عبدالله ، عن محمد ابن بحر (٦) عن صالح بن سعيد قال : دخلت على أبي الحسن عليه‌السلام فقلت : جعلت فداك في كل الامور أرادوا إطفاء نورك والتقصيربك ، حتى أنزلوك هذا الخان

____________________

(١) الكافى ج ١ ص ٤٨٩.

(٢) الجلاب ـ بالفتح والتشديد ـ من يشترى الغنم ونحوهافى موضع ، يسوقها إلى موضع آخر ليبيعها ، وفى القاموس : الغنم ـ محركة ـ الشاء لاواحد لها من لفظها الواحدة شاة وهواسم مؤنث للجنس يقع على الذكور والاناث وعليهما جميعا ، والجمع أغنام وغنوم واغانم منه رحمه‌الله في المرآت.

(٣) الاصطبل كجرد حل : موقف الدواب ، شامية قاله الفيروز آبادى.

(٤) أبوجعفر ابنه الكبير ، واسمه محمد ، مات قبل أبيه عليهما‌السلام ، وقيل ان المراد به محمد بن على بن ابراهيم بن موسى بن جعفر.

(٥) بصائر الدرجات ص ٤٠٦. وأخرجه ابن شهرآشوب في مناقب آل أبى طالب ج ٤ ص ٤١١ مرسلا.

(٦) في المصدر : محمد بن يحيى.

١٣٢

الاشنع خان الصعاليك ، فقال : ههنا أنت يا ابن سعيد؟ ثم أومأ بيده فقال : انظر فنظرت فاذا بروضات آنقات ، وروضات ناضرات ، فيهن خيرات عطرات ، وولدان كأنهن اللؤلؤ المكنون ، وأطيار ، وظباء ، وأنهار تفور ، فحار بصري والتمع وحسرت عيني ، فقال : حيث كنا فهذا لنا عتيد ، ولسنا في خان الصعاليك (١).

عم : (٢) الكليني ، عن الحسين ، مثله (٣).

ير : الحسين بن محمد ، عن علي بن النعمان بن محمد ، عن أحمد بن محمد ابن عبدالله ، عن محمد بن يحيى ، عن صالح بن سعيد مثله (٤).

بيان : « الصعلوك » الفقير أو اللص قوله « ههنا أنت » أي أنت في هذا المقام من معرفتنا « خيرات » مخفف خيرات لان خير الذي بمعنى أخير لا يجمع « كأنهن اللؤلؤ المكنون » أي المصون عما يضر به في الصفاء والنقاء « عتيد » : أي حاضر مهيأ.

اقول : لما قصر علم السائل وفهمه عن إدراك اللذات الروحانية ودرجاتهم المعنوية ، وتوهم أن هذه الامور مما يحط من منزلتهم ، ولم يعلم أن تلك الاحوال مما يضاعف منازلهم ودرجاتهم الحقيقية ، ولذاتهم الروحانية ، وأنهم اجتووا لذات الدنيا ونعيمها (٥) وكان نظره مقصورا على اللذات الدنية الفانية فلذا أراه عليه‌السلام ذلك لانه كان مبلغه من العلم وأما كيفية رؤيته لها فهي محجوبة عنا والخوض فيها لا يهمنا لكن خطر لنا بقدر فهمنا وجوه :

الاول أنه تعالى أو جد في هذا الوقت لاظهار إعجازه عليه‌السلام هذه الاشياء

____________________

(١) بصائر الدرجات ص ٤٠٦.

(٢) اعلام الورى ص ٣٤٨.

(٣) الكافى ج ١ ص ٤٩٨.

(٤) بصائر الدرجات ص ٤٠٧.

(٥) يقال : اجتوى البلد اجتواء : كره المقام به وان كان في نعمة.

١٣٣

في الهواء ليراه أن فيعلم أن عروض تلك الاحوال لهم لتسلبمهم ورضاهم بقضاء الله تعالى وإلا فهم قادرون على إحداث هذه الغرائب ، وأن إمامتهم الواقعية وقدرتهم العلية ، ونفاذ حكمهم في العالم الادنى والاعلى وخلافتهم الكبرى ، لم تنقص بما يرى فيهم من الذلة والمغلوبية والمقهورية.

الثاني أن تلك الاشكال أو جدها الله سبحانه في حسه المشترك إيذانا بأن اللذات الدنيوية عندهم بمثل تلك الخيالات الوهميه كما يرى النائم في طيفه ما يلتذ به كالتذاذه في اليقظة ، ولذا قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : الناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا.

الثالث أنه عليه‌السلام أراه صور اللذات الروحانية التي معهم دائما بما يوافق فهمه ، فانه كان في منام طويل وغفلة عظيمة عن درجات العارفين ولذاتهم ، كما يرى النائم العلم بصورة الماء الصافي أو اللبن اليقق والمال بصورة الحية وأمثالها وهذا قريب من السابق وهذا على مذاق الحكماء والمتألهين الرابع ما حققته في بعض المواضع وملخصه أن النشآت مختلفة والحواس في إدراكها متفاوتة ، كما أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يرى جبرئيل عليه‌السلام وسائر الملائكة والصحابة لم يكونوا يرونهم ، وأميرالمؤمنين كان يرى الارواح في وادي السلام وحبة (١) وغيره لا يرونهم فيمكن أن يكون جميع هذه الامور في جميع الاوقات

____________________

(١) حبة بن جوين العرنى ـ منسوب إلى عرينة بن عرين بن بدر بن قسر من خواص أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام وحديثه في وادى السلام مروى في الكافى ج ٤ ص ٢٤٣ وهذا نصه : قال : خرجت مع أميرالمؤمنين عليه‌السلام إلى الظهر ـ يعنى ظهر الكوفة ـ فوقف بوادى السلام كانه مخاطب لاقوام ، فقمت بقيامه حتى أعييت ثم جلست حتى مللت ، ثم قمت حتى نالنى مثل ما نالنى أولا ، ثم جلست حتى مللت.

ثم قمت وجمعت ردائى فقلت : يا أميرالمؤمنين! انى قد أشفقت عليك من طول القيام فراحة ساعة ، ثم طرحت الرداء ليجلس عليه ، فقال لى يا حبة! ان هو الا محادثة مؤمن أو مؤانسته.

١٣٤

حاضرة عندهم عليهم‌السلام ، يرونها ويلتذون بها لكن لما كانت أجساما لطيفة روحانية ملكوتية لم يكن سائر الخلق يرونها فقوى الله بصر السائل با عجازه عليه‌السلام حتى رآها.

فعلى هذا لا يبعد أن يكون في وادي السلام جنات ، وأنهار ، ورياض ، وحياض تتمتع بها أرواح المؤمنين بأجسادهم المثالية اللطيفة ، ونحن لانراها.

وبهذا الوجه تنحل كثير من الشبه عن المعجزات ، وأخبار البرزخ والمعاد وهذا قريب من عالم المثال الذي أثبته الاشراقيون من الحكماء والصوفية لكن بينهما فرق بين.

هذه هي التي خطرت ببالي وأرجو من الله أن يسددني في مقالي وفعالي.

١٦ ـ ير : محمد بن أحمد ، عن بعض أصحابنا ، عن معاوية بن حكيم ، عن أبي المفضل الشيباني (١) عن هارون بن الفضل قال : رأيت أبا الحسن عليه‌السلام في اليوم

____________________

قال : قلت : يا أمير المؤمنين وانهم لكذلك؟ قال : نعم ولو كشف لك لرأيتهم حلقا حلقا محتبين يتحادثون ، فقلت : أجسام أم أرواح؟ فقال : أرواح ، وما من مؤمن يموت في بقعة من بقاع الارض الاقيل لروحه : الحقى بوادى السلام ، وانها لبقعة من جنة عدن.

(١) الشيبانى نسبة إلى شيبان بن ثعلبة ، بطن من بكربن وائل ، من العدنانية ، وهم بنوشيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن على بن بكر بن وائل.

والرجل أبوالمفضل محمد بن عبدالله بن محمد بن عبيدالله بن البهلول بن همام بن المطلب بن همام بن بحر بن مطر بن مرة ـ الصغرى ـ بن همام بن مرة ـ وكان سيدهم في الجاهلية ـ بن ذهل بن شيبان.

قال النجاشى : سافر في طلب الحديث عمره ، أصله كوفى ، وكان في أول أمره ثبتا ثم خلط ورأيت جل أصحابنا يغمزونه ويضعفونه ، رأيت هذا النسخ وسمعت منه كثيراثم توقفت عن الرواية عنه الا بواسطة بينى وبينه.

وقال صاحب الذريعة : ولما كانت ولادة النجاشى سنة ٣٧٢ ، وكان عمره يوم وفاة أبى المفضل خمس عشرة سنة ، احتاط أن يروى عنه بلا واسطة بل كان يروى عنه بالواسطة كما صرح به فلا وجه حينئذ لد عوى أن توقف النجاشى كان لغمز فيه.

١٣٥

الذي توفي فيه أبوجعفر عليه‌السلام فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون مضى أبوجعفر فقيل له : وكيف عرفت ذلك؟ قال تداخلني ذلة لله لم أكن أعرفها (١)

ير : محمد بن عيسى ، عن أبي الفضل ، عن هارون بن الفضل مثله (٢).

١٧ ـ قب (٣) يج : جعفر الفزاري ، عن أبي هاشم الجعفري قال : دخلت على أبي الحسن عليه‌السلام فكلمني بالهندية فلم احسن أن أرد عليه ، وكان بين يديه ركوة ملاحصا فتناول حصاة واحدة وضعها في فيه ومصها مليا ثم رمى بها الي فوضعتها في فمي فوالله ما برحت من عنده حتى تكلمت بثلاثة وسبعين لسانا أو لها الهندية (٤) عم : قال أبوعبدالله بن عياش : حدثني علي بن حبشي بن قوني ، عن جعفر مثله (٥).

١٨ ـ يج : روي عن أبي هاشم قال كنت عند أبي الحسن عليه‌السلام وهومجدر فقلت للمتطبب : « آب كرفت » ثم التفت إلي وتبسم وقال : تظن أن لا يحسن

____________________

وقال ابن الغضائرى : وضاع كثير المناكير ، رأيت كتبه وفيه الاسانيد من دون المتون والمتون من دون الاسانيد ، وأرى ترك ما ينفرد به.

وقال الخطيب البغدادى : نزل بغداد وحدث بها عن محمد بن جرير الطبرى ومحمد ابن العباس اليزيدى وامثالهم وعن خلق كثير من المصريين والشاميين .. وكان يضع الحديث للرافضة ويملى في مسجد الشرقية حدثنى القاضى أبوالعلاء الواسطى قال : كان أبوالمفضل حسن الهيئة جميل الظاهر ، نظيف اللبسة ، كان مولده سنة ٢٩٧ ووفاته سنة ٣٨٧.

(١) بصائر الدرجات ص ٤٦٧.

(٢) المصدر ص ٤٦٧ نفسها.

(٣) مناقب آل أبى طالب ج ٤ ص ٤٠٨.

(٤) مختار الخرائج والجرائح ص ٢٣٧.

(٥) اعلام الورى ص ٣٤٣.

١٣٦

الفارسية غيرك؟ فقال له المتطبب : جعلت فداك تحسنها؟ فقال : أما فارسية هذا فنعم ، قال لك : احتمل الجدري ماء.

١٩ ـ يج : روي عن أبي هاشم قال : قال لي أبوالحسن عليه‌السلام وعلى رأسه غلام : كلم الغلام بالفارسية وأعرب له فيها ، فقلت للغلام ، « نام توجيست » فسكت الغلام فقال له أبوالحسن عليه‌السلام : يسألك ما اسمك (١)

٢٠ ـ يج : روي عن محمد بن الحسن بن الاشتر العلوي قال : كنت مع أبي بباب المتوكل ، وأنا صبي في جمع الناس ما بين طالبي إلى عباسي إلى جندي إلى غير ذلك ، وكان إذا جآء أبوالحسن عليه‌السلام ترجل الناس كلهم حتى يدخل.

فقال بعضهم لبعض : لم نترجل لهذا الغلام؟ وما بأشر فنا ولا بأكبرنا ولا بأسننا ولا بأعلمنا؟ فقالوا : والله لا ترجلنا له فقال لهم أبوهاشم : والله لترجلن له صغارا وذلة إذا رأيتموه ، فما هو إلا أن أقبل وبصروا به فترجل له الناس كلهم فقال لهم أبوهاشم : أليس زعمتم أنكم لا تترجلون له؟ فقالوا : والله ماملكنا أنفسنا حتى ترجلنا (٢)

عم : محمد بن الحسين الحسيني ، عن أبيه عن طاهر بن محمد الجعفري ، عن أحمد بن محمد بن عياش في كتابه عن الحسن بن عبد القاهر الطاهري ، عن محمد بن الحسن مثله (٣)

٢١ ـ يج : روي أن أبا هاشم الجعفري (٤) كان منقطعا إلى أبي الحسن بعد أبيه

____________________

(١) لم نجده في مختار الخرائج ، وقد أخرج الاخير في البصائرص ٣٣٨ فراجع.

(٢) لم نجده في مختار الخرائج ، وأخرجه ابن شهر آشوب في المناقب ج ٤ ص ٤٠٧ ملخصا.

(٣) اعلام الورى ص ٣٤٣.

(٤) هو داود بن القاسم بن اسحاق بن عبدالله بن جعفر بن أبى طالب أبوهاشم الجعفرى ـ كان عظيم المنزلة عند الائمة عليهم‌السلام شريف القدر ثقة ، من أصحاب الرضا والجواد والهادى والعسكرى وصاحب الامر عليهم‌السلام وله اخبار ومسائل ، وله شعر جيد فيهم سكن بغداد وكان مقدما عند السلطان ، وله كتاب روى عنه أحمد بن أبى عبدالله.

١٣٧

أبي جعفر وجده الرضا عليهم‌السلام فشكى إلى أبي الحسن عليه‌السلام ما يلقى من الشوق إليه إذا انحدر من عنده إلى بغداد ثم قال : يا سيدي ادع الله لي فربما لم أستطع ركوب الماء فسرت إليك على الظهرو مالي مركوب سوى برذوني هذا على ضعفه فادع الله أن يقويني على زيارتك ، فقال : قواك الله يا أبا هاشم وقوى برذونك.

قال الراوي : وكان أبوهاشم يصلي الفجر ببغداد ويسير على ذلك البرذون فيدرك الزوال من يومه ذلك في عسكر سرمن رأى ، يعود من يومه إلى بغداد إذا شاء على ذلك البرذون ، فكان هذا من أعجب الدلائل التي شوهدت (١)

عم : بالاسناد عن ابن عياش ، عن عبدالله بن عبدالرحمان الصالحي ، عن أبي هاشم مثله (٢)

قب : عن عبدالله الصالحي مثله (٣)

٢٢ ـ يج : روي عن يحيى بن زكريا الخزاعي ، عن أبي هاشم الجعفري قال : خرجت مع أبي الحسن عليه‌السلام إلى ظاهر سرمن رأى يتلقى بعض القادمين فأبطأوا فطرح لابي الحسن عليه‌السلام غاشية السرج فجلس عليها ، ونزلت عن دابتي وجلست بين يديه وهو يحدثني ، فشكوت إليه قصريدي وضيق حالي فأهوى بيده إلى رمل كان عليه جالسا فناولني منه كفا وقال : اتسع بهذايا أبا هاشم واكتم ما رأيت فخبأته معي ورجعنا فأبصرته فاذا هو يتقد كالنيران ذهبا أحمر (٤) فدعوت صائغا إلى منزلي وقلت له : اسبك لي هذه السبيكة فسبكها وقال لي : ما رأيت ذهبا أجود من هذا ، وهو كهيئة الرمل فمن أين لك هذا؟ فما رأيت أعجب منه؟ قلت : كان عندي قديما (٥).

____________________

(١) مختار الخرائج والجرائح ص ٢٣٧.

(٢) اعلام الورى ص ٣٤٤.

(٣) مناقب آل أبى طالب ج ٤ ص ٤٠٩.

(٤) وأخرجه في المناقب ملخصا إلى هنا في ج ٤ ص ٤٠٩.

(٥) مختار الخرائج ص ٢٣٨.

١٣٨

عم : قال ابن عياش : وحدثني علي بن محمد المقعد ، عن يحيى بن زكريا مثله وزاد في آخره : تدخره لنا عجا ئزنا على طول الايام (١).

٢٣ ـ يج : روي عن أبي يعقوب ، قال : رأيت أبا الحسن مع أحمد بن الخصيب يتسايران ، وقد قصرعنها أبوالحسن عليه‌السلام فقال له ابن الخصيب : سر! فقال أبوالحسن أنت المقدم ، فما لبثنا إلا أربعة أيام حتى وضع الوهق على ساق ابن الخصيب وقتل (٢).

وقد ألح قبل هذا ابن الخصيب على أبي الحسن في الدار التي نزلها وطالبه بالا نتقال منها ، وتسليمها إليه. فقال أبوالحسن : لاقعدن لك من الله مقعدا لا تبقى لك معه باقية ، فأخذه الله في تلك الايام وقتل (٣).

عم (٤) شا : أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أبي يعقوب مثله (٥)

____________________

(١) اعلام الورى ص ٣٤٣.

(٢) أحمد بن الخصيب كان من قواد المتوكل ، ولما قتل المتوكل وقعد المنتصر مكانه استوزره ونفى عبدالله بن يحيى بن خاقان ، وكانت مدة خلافة المنتصر ستة أشهر ويومين ، وقيل ستة أشهر سواء فلما توفى دبر أحمد بن الخصيب حتى اتفق الاتراك والموالى على أن لا يتولى الخلافة أحد من ولد المتوكل لئلا يطلب منهم دم أبيه فاجتمعوا على أحمد ابن محمد بن المعتصم وهو المستعين فبايعوه في أواخر ربيع الاول من سنة ثمان وأربعين ومائتين.

وقال صاحب الكامل : في هذه السنة غضب الموالى على أحمد بن الخصيب في جمادى الاخرة واستصفى ماله ومال ولده ونفى إلى قريطش.

فالظاهر على ما ذكرنا أن هذا كان في زمان المستعين قاله المؤلف قدس‌سره في مرآت العقول : ج ١ ص ٤١٨ والرواية في الكافى ج ١ ص ٥٠١.

(٣) مختار الخرائج ص ٢٣٨.

(٤) اعلام الورى ص ٣٤٢.

(٥) الارشاد ص ٣١١.

١٣٩

بيان : « الوهق » بالتحريك وقد يسكن حبل (١) وفي بعض النسخ الدهق بالدال وهو خشبتان يغمزبهما الساق فارسيته اشكنجه (٢).

٢٤ ـ قب : أبويعقوب قال : رأيت محمد بن الفرج ينظر إليه أبوالحسن عليه‌السلام نظرا شافيا فاعتل من الغد ، فدخلت عليه فقال : أن أبا الحسن عليه‌السلام قد أنفذ إليه بثوب فأرانيه مدرجا تحت ثيابه ، قال : فكفن فيه والله (٣).

عم : أحمد بن محمد ، عن أبي يعقوب مثله (٤).

٢٥ ـ يج : روي عن محمد بن الفرج أنه قال : إن قال : إن أبا الحسن كتب إلي : أجمع أمرك ، وخذ حذرك ، قال : فأنا في جمع أمري لست ما الذي أراد فيما كتب به إلي حتى ورد علي رسول حملنى من مصر مقيدا مصفدا بالحديد ، وضرب على كل ما أملك.

فمكثت في السجن ثماني سنين ثم ورد علي كتاب من أبي الحسن عليه‌السلام وأنا في الحبس « لا تنزل في ناحية الجانب الغربي » فقرأت الكتاب فقلت في نفسي : يكتب إلي أبوالحسن عليه‌السلام بهذا وأنا في الحبس إن هذا العجيب! فما مكثت إلا أياما يسيرة حتى افرج عني ، وحلت قيودي ، وخلي سبيلي.

ولما رجع إلى العراق لم يقف ببغداد لما أمره أبوالحسن عليه‌السلام وخرج إلى سر من رأى.

قال : فكتبت إليه بعد خروجي أسأله أن يسأل الله ليرد علي ضياعي فكتب إلي سوف يرد عليك ، وما يضرك أن لا ترد عليك.

قال علي بن محمد النوفلي : فلما شخص محمد بن الفرج إلى العسكر كتب له

____________________

(١) حبل في طرفيه انشوطة يطرح في عنق الدابة والانسان حتى تؤخذ قيل هومعرب وهك بالفارسية.

(٢) هذا نص القاموس ج ٣ ص ٢٣٣.

(٣) مناقب آل أبى طالب ج ٤ ص ٤١٤.

(٤) اعلام الورى ص ٣٤٢.

١٤٠