مرآة العقول

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

مرآة العقول

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الكتب الإسلاميّة
المطبعة: مروي
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٥٤

٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي نصر ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال سألته عن قول الله عز وجل « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ » قال الصادقون هم الأئمة والصديقون بطاعتهم.

٣ ـ أحمد بن محمد ومحمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن عبد الحميد ، عن منصور بن يونس ، عن سعد بن طريف ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من أحب أن يحيا حياة تشبه حياة الأنبياء ويموت ميتة تشبه ميتة الشهداء

______________________________________________________

لكنا عالمين بنبوته ، ولكنا نعلم ضرورة أنا غير عالمين به ، وكذا سائر فرق الكفر والضلالة ، وليس ذلك إلا لتعصبهم ومعاندتهم ، وتقصيرهم في طلب الحق ، ولو رفعوا أغشية العصبية عن أبصارهم ، ونظروا في دلائل إمامتهم ومعجزاتهم ، ومحاسن أخلاقهم وأطوارهم لأبصروا ما هو الحق في كل باب ، ولم يبق لهم شك ولا ارتياب ، وكفى بهذه الآية على ما قرر الكلام فيها دليلا على لزوم الإمام في كل عصر وزمان.

الحديث الثاني : صحيح.

« والصديقون » عطف على الصادقين أي الصديقون في قوله تعالى : « مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ » هم الأئمة ، وإنما سموا بذلك لطاعتهم للأنبياء في جميع ما أتوا به قبل كل أحد ، وعصمتهم من الخطإ فهم صادقون من جهة القول ، صديقون من جهة الفعل ، فضمير طاعتهم راجع إلى الصديقين ، أو عطف على الأئمة ، أي الصادقون هم الأئمة وهم الصديقون ، فالعطف للتفسير إشارة إلى أن المراد بالصديقين أيضا هم عليه‌السلام ، والضمير كما مر ويؤيده أن في بصائر الدرجات بدون العاطف ، ويحتمل الأخير وجها آخر ، وهو أن يكون المراد بالصديقين الشيعة ، فيحتمل إرجاع الضمير إلى الأئمة أو الصادقين إضافة إلى المفعول.

الحديث الثالث : مختلف فيه كالموثق.

٤٢١

ويسكن الجنان التي غرسها الرحمن فليتول عليا وليوال وليه وليقتد بالأئمة من بعده فإنهم عترتي خلقوا من طينتي اللهم ارزقهم فهمي وعلمي وويل للمخالفين لهم من أمتي اللهم لا تنلهم شفاعتي.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن النضر بن شعيب ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة الثمالي قال سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إن الله تبارك وتعالى يقول استكمال حجتي على الأشقياء من أمتك من ترك ولاية علي ووالى أعداءه وأنكر فضله وفضل الأوصياء من بعده فإن فضلك فضلهم وطاعتك طاعتهم وحقك حقهم ومعصيتك معصيتهم وهم الأئمة الهداة من بعدك جرى فيهم روحك وروحك ما جرى فيك من ربك وهم عترتك من طينتك ولحمك ودمك

______________________________________________________

« غرسها الرحمن » أي بقدرته ورحمانيته بلا توسط غارس ، وفيه إيماء إلى أن دخول الناس الجنة بمحض الرحمة لا باستحقاقهم ، ويقال : تولاه إذا اتخذه وليا أي إماما ، والموالاة ضد المعاداة ، والولي المحب والناصر ، وضمير « فإنهم » لعلي والأئمة ، والدعاء بعدم إنالة الشفاعة مع أنها من فعله إما لأن المراد به الأمر بالشفاعة ، أو عدم إدخالهم في الشفاعة الإجمالية منه صلى‌الله‌عليه‌وآله للأمة ، أو المقصود به الأخبار عن عدم الإنالة لا الدعاء.

الحديث الرابع : مجهول.

والاستكمال : الإتمام ، وهو مبتدأ « وعلى الأشقياء » خبره « من ترك » بفتح الميم بدل الأشقياء ، والولاية بالكسر : المحبة والطاعة ، وبالفتح : الإمارة والسلطنة ، « فإن فضلك فضلهم » أي كل ما ثبت لك من العلم والعصمة وسائر الفضائل فهو فضلهم ، وثابت لهم « وطاعتك طاعتهم » أي لو لم يطيعوهم لم يطيعوك ، أو أن فرض الطاعة كما ثبت لك ثبت لهم « وحقك » على الناس « حقهم » أي تجب رعاية حقهم لرعاية حقك ، فإن مودتهم أجر الرسالة ، أو لهم على الناس حق كمالك عليهم ، وفي الفقرات نوع قلب للمبالغة « جرى فيهم روحك » بالضم أي روح القدس ، أو من سنخ روحك و

٤٢٢

وقد أجرى الله عز وجل فيهم سنتك وسنة الأنبياء قبلك وهم خزاني على علمي من بعدك حق علي لقد اصطفيتهم وانتجبتهم وأخلصتهم وارتضيتهم ونجا من أحبهم ووالاهم وسلم لفضلهم ولقد أتاني جبرئيل عليه‌السلام بأسمائهم وأسماء آبائهم وأحبائهم والمسلمين لفضلهم.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيوب ، عن أبي المغراء ، عن محمد بن سالم ، عن أبان بن تغلب قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من أراد أن يحيا حياتي ويموت ميتتي ويدخل جنة عدن التي غرسها الله ربي بيده فليتول علي بن أبي طالب وليتول وليه وليعاد عدوه وليسلم للأوصياء من بعده فإنهم عترتي من لحمي ودمي

______________________________________________________

مثله ، والحمل على المبالغة « وروحك » بالفتح وهو الراحة والرحمة ونسيم الريح ، كناية عن الألطاف الربانية « ما جرى » أي نحو ما جري أو قدره « ولحمك ودمك » كناية عن غاية القرابة الجسمانية والروحانية والعقلانية « سنتك » أي طريقتك من الهداية والرئاسة ، والتكميل والإرشاد « لقد اصطفيتهم » اللام جواب القسم لأن قوله « حق علي » بمنزلة القسم ، أو حق خبر مبتدإ محذوف وقوله : « لقد اصطفيتهم » استيناف بياني والانتجاب : الاختيار « ولقد أتاني » من كلام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

الحديث الخامس : مجهول.

والعدن : الإقامة ، وقيل : جنة العدن اسم لمدينة الجنة ، وهي مسكن الأنبياء والعلماء والشهداء وأئمة العدل ، والناس سواهم في جنات حواليها ، وقيل : هي قصر لا يدخله إلا نبي أو صديق أو شهيد أو إمام عدل ، وقيل : للعدن نهر على حافتيه جنات عدن والأول أصوب « فليتول » أي يعتقد ولايته وإمامته « وليتول » أي يحب ، ويحتمل أن يكون الأول أيضا بمعنى المحبة ، والتسليم للأوصياء إطاعتهم في الأوامر والنواهي ، وقبول كل ما يصدر منهم قولا وفعلا « فإنهم » أي الأوصياء أو هم مع

٤٢٣

أعطاهم الله فهمي وعلمي إلى الله أشكو أمر أمتي المنكرين لفضلهم القاطعين فيهم صلتي وايم الله ليقتلن ابني لا أنالهم الله شفاعتي.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن موسى بن سعدان ، عن عبد الله بن القاسم ، عن عبد القهار ، عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من سره أن يحيا حياتي ويموت ميتتي ويدخل الجنة التي وعدنيها ربي ويتمسك بقضيب غرسه ربي بيده فليتول علي بن أبي طالب عليه‌السلام وأوصياءه من بعده فإنهم لا يدخلونكم في باب ضلال ولا يخرجونكم من باب هدى فلا تعلموهم فإنهم أعلم منكم وإني سألت ربي ألا يفرق بينهم وبين الكتاب حتى يردا علي الحوض هكذا وضم بين إصبعيه وعرضه ما بين صنعاء إلى أيلة فيه

______________________________________________________

على « القاطعين فيهم » أي بسببهم أو في حقهم « صلتي » أي بري وإحساني ، إذ مودتهم عليهم‌السلام أجر الرسالة والإقرار بإمامتهم ومتابعتهم قضاء لحق الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله « وأيم » بفتح الهمزة وسكون الياء مبتدأ مضاف ، وأصله أيمن جمع يمين ، وخبره محذوف وهو يميني ، والمقصود الحلف بكل « ما » حلف بالله ، والمراد بالابن الحسين عليه‌السلام ، وربما يقرأ بصيغة التثنية إشارة إلى الحسن والحسين عليهما‌السلام.

الحديث السادس : ضعيف.

« والقضيب » : الغصن ، واليد : القدرة « فإنهم أعلم منكم » أي في كل ما تريدون تعليمهم فيه ، فلا يرد أن العالم قد يعلم الأعلم « أن لا يفرق بينهم وبين الكتاب » أي يجعلهم الحافظين للكتاب ، المفسرين له ، العاملين به ، الداعين إليه وإلى العمل به ، والمراد بالإصبعين السبابتان في اليدين « وصنعاء » ممدودة قصبة في اليمن.

« وأيلة » في أكثر النسخ هنا بفتح الهمزة وسكون الياء المثناة التحتانية ، قال في القاموس : إيلة جبل بين مكة والمدينة قرب ينبع ، وبلد بين ينبع ومصر ، وحصن معروف ، وإيلة بالكسر : قرية بباخرز وموضعان آخران « انتهى » وفي أكثر روايات

٤٢٤

قدحان فضة وذهب عدد النجوم.

٧ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن محمد بن جمهور ، عن فضالة بن أيوب ، عن الحسن بن زياد ، عن الفضيل بن يسار قال قال أبو جعفر عليه‌السلام وإن الروح والراحة والفلج والعون والنجاح والبركة والكرامة والمغفرة والمعافاة واليسر والبشرى والرضوان والقرب والنصر والتمكن والرجاء والمحبة من الله عز وجل

______________________________________________________

الحوض في سائر الكتب : بضم الألف والباء الموحدة واللام المشددة ، وهي بلد قرب بصرة في الجانب البحري ولعله موضع البصرة اليوم.

« والقدحان » بضم القاف وسكون الدال جمع قدح بالتحريك ، وهو إناء يروي الرجلين ، أو اسم يجمع الصغار والكبار ، و « عدد » منصوب بنزع الخافض ، أي بعدد ، ويعبر بعدد النجوم عن الكثرة بحيث لا يحصى ، لأن ما يحصل به المجرة من النجوم لا يمكن إحصاؤه.

الحديث السابع : ضعيف.

وكأنه سقط منه « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله » كما يظهر من آخر الخبر.

والروح بالفتح نسيم الريح ، والمراد هنا روح الجنة أو النفخات القدسية ، والفلج بالجيم بمعنى الغلبة ، وفي بعض النسخ بالحاء المهملة وهو محركة الفوز والنجاة والبقاء في الخير كما في القاموس ، والعون : الإعانة على الخيرات ، والنجاح : الفوز بالمطلوب ، والبركة : الثبات في الخير أو النماء والزيادة في الخيرات الدنيوية والسعادات الأخروية ، والكرامة : الشرف والقرب عند الله ، والمعافاة : دفع الله عنه مكاره الدنيا والعقبى ، واليسر : رفع العسر فيهما ، والبشرى : الإخبار بما يسر أي عند الموت أو الأعم ، والرضوان بالكسر والضم ، أي الرضا من الله والقرب منه تعالى ، والنصر على الأعداء الظاهرة والباطنة ، والتمكن : أي الاقتدار على جلب المنافع ودفع المكاره ، أو المنزلة عند الله.

وقوله : « من الله » متعلق بالجميع أو بالأخير فقط ، « حقا علي » أي حق

٤٢٥

لمن تولى عليا وائتم به وبرئ من عدوه وسلم لفضله وللأوصياء من بعده حقا علي أن أدخلهم في شفاعتي وحق على ربي تبارك وتعالى أن يستجيب لي فيهم فإنهم أتباعي ومن تبعني فإنه مني.

باب

أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الأئمة عليهم‌السلام

١ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن عبد الله بن عجلان ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عز وجل : « فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ » (١)

______________________________________________________

حقا علي وثبت ولزم ، ويحتمل أن يكون حقا تأكيدا للجملة السابقة نحو : لا إله إلا الله حقا احترازا عمن انتحل التولي ولم يتصف به ، فيكون « على » ابتداء الكلام أي واجب ولازم على إدخالهم في شفاعتي ، وحق على ربي أي واجب عليه أن يستجيب دعائي فيهم ، ويمكن أن يقرأ حق بصيغة الماضي المجهول « فإنهم اتباعي » في جميع الأمور « ومن تبعني » كذلك « فإنه مني » وكعضوي بل كنفسي كما قال تعالى : « فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي » (٢) وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : علي مني وأنا من علي.

باب أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الأئمة عليهم‌السلام

الحديث الأول : ضعيف على المشهور.

« فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ » قال الطبرسي (ره) : فيه أقوال : « أحدهما » أن المعنى بذلك أهل العلم بإخبار من مضي من الأمم ، سواء كانوا مؤمنين أو كفارا وسمي العلم ذكرا لأن الذكر منعقد بالعلم « وثانيها » أن المراد بأهل الذكر أهل الكتاب عن ابن عباس ومجاهد ، أي فاسألوا أهل التوراة والإنجيل إن كنتم لا تعلمون ، يخاطب مشركي مكة ، وذلك أنهم كانوا يصدقون اليهود والنصارى فيما كانوا يخبرون به من كتبهم ،

__________________

(١) سورة النحل : ٤٥.

(٢) سورة إبراهيم : ٣٦.

٤٢٦

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الذكر أنا والأئمة أهل الذكر وقوله عز وجل : « وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ » (١) قال أبو جعفر عليه‌السلام نحن قومه ونحن المسئولون.

______________________________________________________

لأنهم كانوا يكذبون النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لشدة عداوتهم « وثالثها » أن المراد به أهل القرآن ، لأن الذكر هو القرآن عن ابن زيد ، ويقرب منه ما رواه جابر ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : نحن أهل الذكر ، وقد سمى الله رسوله ذكرا في قوله : « ذِكْراً رَسُولاً » على أحد الوجهين ، انتهى.

وأقول : يظهر من الأخبار لكونهم عليهم‌السلام أهل الذكر وجه آخر ، وهو أن الذكر القرآن وهم أهل القرآن كما يومي إليه آخر الخبر ، وروى الصفار في البصائر بأسانيد جمة عن الباقر عليه‌السلام في تفسير هذه الآية أنه قال : الذكر القرآن ونحن أهله ، ونحن المسؤولون ، وهذا التفسير مما روته العامة أيضا.

روى الشهرستاني في تفسيره المسمى بمفاتيح الأسرار عن جعفر بن محمد عليه‌السلام أن رجلا سأله فقال : من عندنا يقولون في قوله تعالى : « فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ » أن الذكر هو التوراة وأهل الذكر هم علماء اليهود؟ فقال عليه‌السلام : والله إذن يدعوننا إلى دينهم ، بل نحن والله أهل الذكر الذين أمر الله تعالى برد المسألة إلينا ، قال : وكذلك نقل عن علي عليه‌السلام أنه قال : نحن أهل الذكر.

وروى السيد في الطرائف ، والعلامة في كشف الحق نقلا عن تفسير محمد بن مؤمن الشيرازي من علماء الجمهور ، واستخرجه من التفاسير الاثني عشر عن ابن عباس في قوله تعالى : « فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ » قال : هو محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام ، هم أهل الذكر والعلم والعقل والبيان ، وهم أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة ، والله ما سمي المؤمن مؤمنا إلا كرامة لأمير المؤمنين عليه‌السلام ، قالا : ورواه سفيان الثوري عن السدي عن الحارث.

« وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ » قال الطبرسي (ره) : أي وأن القرآن الذي أوحي

__________________

(١) سورة الزخرف : ٤٣.

٤٢٧

٢ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن محمد بن أورمة ، عن علي بن حسان ، عن عمه عبد الرحمن بن كثير قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام « فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ » قال الذكر محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن أهله المسئولون قال قلت قوله : « وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ » قال إيانا عنى ونحن أهل الذكر ونحن المسئولون.

٣ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء قال سألت الرضا عليه‌السلام فقلت له جعلت فداك « فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ » فقال نحن أهل الذكر ونحن المسئولون قلت فأنتم المسئولون ونحن السائلون قال نعم قلت حقا علينا أن نسألكم قال نعم قلت حقا عليكم أن تجيبونا قال لا ذاك إلينا

______________________________________________________

إليك لشرف لك ولقومك من قريش عن ابن عباس والسدي ، وقيل : ولقومك ، أي للعرب لأن القرآن نزل بلغتهم ، ثم يختص ذلك الشرف الأخص فالأخص من العرب ، حتى يكون الشرف لقريش أكثر من غيرهم ، ثم لبني هاشم أكثر من غيرهم مما يكون لقريش « وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ » عن شكر ما جعله الله لكم من الشرف ، وقيل : تسألون عن القرآن وعما يلزمكم من القيام بحقه ، انتهى.

وأقول : على تفسيره عليه‌السلام يحتمل أن يكون الذكر في الآية بمعنى المذكر « وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ » أي أنت وقومك عن معاني القرآن إلى آخر الزمان ، وهذا أنسب بظاهر الخطاب كما لا يخفى على ذوي الألباب.

الحديث الثاني : ضعيف.

« إيانا عنى » تفسير لقوله تعالى : « لِقَوْمِكَ ».

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

« ذاك إلينا » أي لم يفرض علينا جواب كل سائل وكل سؤال ، بل إنما يجب عند عدم التقية وتجويز التأثير ، وكون السائل قابلا لفهم الجواب ، فلا ينافي ما مر من وجوب تعليم الجهال على العلماء ، ولعل الاستشهاد بالآية على وجه التنظير أي

٤٢٨

إن شئنا فعلنا وإن شئنا لم نفعل أما تسمع قول الله تبارك وتعالى : « هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ » (١).

٤ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عاصم بن حميد ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عز وجل : « وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ » فرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذكر وأهل بيته عليهم‌السلام المسئولون وهم أهل الذكر.

______________________________________________________

كما أن الله تعالى خير سليمان بين المن وهو العطاء والإمساك في الأمور الدنيوية ، كذلك فوض إلينا في بذل العلم ، ويحتمل أن يكون في سليمان عليه‌السلام أيضا بهذا المعنى أو الأعم.

قال البيضاوي : « هذا عَطاؤُنا » أي هذا الذي أعطيناك من الملك والبسط والتسلط على ما لم يسلط به غيرك عطاؤنا « فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ » فأعط من شئت وامنع من شئت « بِغَيْرِ حِسابٍ » حال من المستكن في الأمر ، أي غير محاسب علي منه ، وإمساكه لتفويض التصرف فيه إليك ، أو من العطاء أو صلة وما بينهما اعتراض ، والمعنى أنه عطاء جم لا يكاد يمكن حصره.

الحديث الرابع : صحيح ، ولعل فيه إسقاطا أو تبديلا لإحدى الآيتين بالأخرى من الرواة أو النساخ.

وربما يأول بتقدير مضاف أي فرسول الله ذو الذكر أو المذكر ، لأن اللام في قوله : « لَكَ وَلِقَوْمِكَ » للتعليل لا للانتفاع ، لأنه لا يختص به وبقومه ، بل هو شامل للعالمين « وأهل بيته » عطف على رسول الله « والمسؤولون » نعت لأهل بيته ، أو مبتدأ وخبر ، والفرض أن العمدة والمقصود الأصلي في هذا الخطاب كون أهل بيته المسؤولون وقوله : « وهم أهل الذكر » إشارة إلى تفسير الآية الأخرى يعني أنهم جامعون لكونهم ذكرا ولكونهم أهل الذكر.

__________________

(١) سورة ص : ٣٨.

٤٢٩

٥ ـ أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن حماد ، عن ربعي ، عن الفضيل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى : « وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ » قال الذكر القرآن ونحن قومه ونحن المسئولون.

٦ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل ، عن منصور بن يونس ، عن أبي بكر الحضرمي قال كنت عند أبي جعفر عليه‌السلام ودخل عليه الورد أخو الكميت فقال جعلني الله فداك اخترت لك سبعين مسألة ما تحضرني منها مسألة واحدة قال ولا واحدة يا ورد قال بلى قد حضرني منها واحدة قال وما هي قال قول الله تبارك وتعالى : « فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ » من هم قال نحن قال قلت علينا أن نسألكم قال نعم قلت عليكم أن تجيبونا قال ذاك إلينا.

٧ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن صفوان بن يحيى ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال إن من عندنا يزعمون أن قول الله عز وجل « فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ » أنهم اليهود والنصارى

______________________________________________________

الحديث الخامس : صحيح.

« الذكر القرآن » بيان لمرجع الضمير ، وضمير « قومه » للمخاطب في ذلك « ونحن المسؤولون » أي المقصود بالسؤال أو منهم.

الحديث السادس : حسن موثق.

والكميت بن زيد من الشعراء المشهورين وكان مداحا لأهل البيت عليهم‌السلام « ولا واحدة » بتقدير الاستفهام « قال بلى » إما مبني على حضور الواحدة بعد نسيان الكل أو حمل أول الكلام على المبالغة.

الحديث السابع : صحيح.

« إن من عندنا » أي من المخالفين « أنهم » بالفتح بدل « أن قول الله » والضمير

٤٣٠

قال إذا يدعونكم إلى دينهم قال قال بيده إلى صدره نحن أهل الذكر ونحن المسئولون.

٨ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الوشاء ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال سمعته يقول قال علي بن الحسين عليه‌السلام على الأئمة من الفرض ما ليس على شيعتهم وعلى شيعتنا ما ليس علينا أمرهم الله عز وجل أن يسألونا قال « فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ » فأمرهم أن يسألونا وليس علينا الجواب إن شئنا أجبنا وإن شئنا أمسكنا.

٩ ـ أحمد بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال كتبت إلى الرضا عليه‌السلام كتابا فكان في بعض ما كتبت قال الله عز وجل : « فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ » وقال الله عز وجل : « وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِ

______________________________________________________

لأهل الذكر « إلى صدره » متعلق بقال بتضمين معنى الإشارة ، أو القول بمعنى الفعل كما هو الشائع.

الحديث الثامن : صحيح.

« على الأئمة عليهم‌السلام من الفرض » مثل خشونة الملبس وجشوبة المأكل كما سيأتي « وعلى شيعتنا » التفات أو ابتداء كلام من الرضا عليه‌السلام.

الحديث التاسع : صحيح.

« ما كان المؤمنون » أي ما استقام لهم « أن ينفروا » كلهم إلى أهل العلم لطلبه لأن ذلك يوجب اختلال نظام معاشهم « فَلَوْ لا » أي فهلا « نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ » كثيرة « طائِفَةٌ » قليلة « لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ » من مخالفة الرب « إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ ».

واستدل به على أن طلب العلم واجب كفائي ، وعلي حجية خبر الواحد ، وفي الآية وجه آخر ، وهو أنها نزلت في شأن المجاهدين أي ما كان لهم أن ينفروا كافة إلى الجهاد ، بل يجب أن ينفر من كل فرقة طائفة ليتفقه الباقون ولينذروا

٤٣١

فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ » (١) فقد فرضت عليهم المسألة ولم يفرض عليكم الجواب قال قال الله تبارك وتعالى : « فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ » (٢)

باب

أن من وصفه الله تعالى في كتابه بالعلم هم الأئمة عليهم‌السلام

١ ـ علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبد الله بن المغيرة ، عن عبد المؤمن بن القاسم الأنصاري ، عن سعد ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عز وجل : « هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ » (٣) قال أبو جعفر عليه‌السلام إنما نحن « الَّذِينَ يَعْلَمُونَ » و « الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ » عدونا وشيعتنا « أُولُوا الْأَلْبابِ ».

٢ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله عز وجل « هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ

______________________________________________________

قومهم إذا رجع النافرون إليهم ، فتدل على أن الجهاد واجب كفائي.

« قال » أي كتب « قال الله تبارك وتعالى » لعله عليه‌السلام فسر الآية بعدم وجوب التبليغ عند اليأس من التأثير كما هو الظاهر من سياقها ، والحاصل أن عدم الجواب للتقية والمصلحة ، وقيل : لعل المراد أنه لو كنا نجيبكم عن كل ما سألتم فربما يكون في بعض ذلك ما لا تستجيبونا فيه ، فتكونون من أهل هذه الآية ، فالأولى بحالكم ألا نجيبكم إلا فيما نعلم أنكم تستجيبونا فيه.

باب أن من وصفه الله تعالى في كتابه بالعلم هم الأئمة صلوات الله عليهم

الحديث الأول : مجهول.

الحديث الثاني : صحيح.

« هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ » الاستفهام للإنكار والمراد يعلمون كل ما تحتاج إليه

__________________

(١) سورة التوبة : ١٢٣.

(٢) سورة القصص : ٥٠.

(٣) سورة الزمر : ٩.

٤٣٢

لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ » قال نحن الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وعدونا الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ وشيعتنا أُولُوا الْأَلْبابِ.

باب

أن الراسخين في العلم هم الأئمة عليهم‌السلام

١ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن أيوب بن الحر وعمران بن علي ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال نحن الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ونحن نعلم تأويله.

______________________________________________________

الأمة « وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ » جميع ذلك « إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ » أي أصحاب العقول السليمة ، فإنهم يعلمون فضل أهل العلم على غيرهم ، ومصداقهم الشيعة ، لأنهم اختاروا إمامة الأعلم وفضلوه على غيره ، وبالجملة هذه الآية تدل على إمامة أئمتنا عليهم‌السلام ، إذ تدل على أن مناط الفضل ومعياره العلم ، ولا ريب في أن أئمتنا عليهم‌السلام في كل عصر كانوا أعلم من المدعين للخلافة من غيرهم.

باب أن الراسخين في العلم هم الأئمة عليهم‌السلام

الحديث الأول : (١)

نحن « الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ » إشارة إلى قوله سبحانه : « هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ » أي أصله « وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ » واختلف في تفسير المحكم والمتشابه ، فقيل : المحكم ما علم المراد بظاهره من غير قرينة ، والمتشابه ما لا يعلم المراد بظاهره حتى يقرن به ما يدل على المراد منه لالتباسه ، وقيل : المحكم ما لا يحتمل من التأويل إلا وجها واحدا ، والمتشابه ما يحتمل وجهين فصاعدا ، وقيل : المحكم ما يعلم تعيين تأويله ، والمتشابه ما لم يعلم تعيين تأويله كقيام الساعة.

قال تعالى : « فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ » أي ميل عن الحق « فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ

__________________

(١) كذا في النسخ.

٤٣٣

٢ ـ علي بن محمد ، عن عبد الله بن علي ، عن إبراهيم بن إسحاق ، عن عبد الله بن حماد ، عن بريد بن معاوية ، عن أحدهما عليهما‌السلام في قول الله عز وجل : « وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ » (١) فرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أفضل الراسخين في العلم قد علمه الله عز وجل جميع ما أنزل عليه من التنزيل والتأويل وما كان الله لينزل

______________________________________________________

مِنْهُ » أي يحتجون به على باطلهم « ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ » أي لطلب الضلال والإضلال وإفساد الدين على الناس ، وروي عن الصادق عليه‌السلام أن الفتنة هي الكفر « وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ » أي ولطلب تأويله على خلاف الحق.

« وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ » قال الطبرسي رحمه‌الله : أي الثابتون في العلم ، الضابطون له المتقنون فيه ، واختلف في نظمه وحكمه على قولين : « أحدهما » أن الراسخون معطوف على الله بالواو على معنى أن تأويل المتشابه لا يعلمه إلا الله وإلا الراسخون في العلم ، فإنهم يعلمونه « ويقولون » على هذا في موضع النصب على الحال ، وتقديره قائلين « آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا » وهذا قول ابن عباس ومجاهد والربيع ومحمد بن جعفر بن الزبير ، واختيار أبي مسلم ، وهو المروي عن أبي جعفر عليه‌السلام ، والقول الآخر : أن الواو في قوله « وَالرَّاسِخُونَ » واو الاستئناف فعلى هذا القول يكون تأويل المتشابه لا يعلمه إلا الله تعالى ، والوقف عند قوله : « إِلاَّ اللهُ » ويبتدأ بـ « وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ » فيكون مبتدأ وخبرا ، وهؤلاء يقولون أن الراسخين لا يعلمون تأويله ، ولكنهم يؤمنون به « كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا » معناه المحكم والمتشابه جميعا من عند ربنا ، « وَما يَذَّكَّرُ » أي وما يتفكر في آيات الله ولا يرد المتشابه إلى المحكم « إِلاَّ أُولُوا الْأَلْبابِ » أي ذوو العقول.

الحديث الثاني : ضعيف.

« من التنزيل » أي المدلول المطابقي أو التضمني ، والتأويل أي المعنى الالتزامي ، ما يوافق ظاهر اللفظ ، والتأويل ما يصرف إليه اللفظ لقرينة أو دليل عقلي أو نقلي ،

__________________

(١) سورة آل عمران : ٦.

٤٣٤

عليه شيئا لم يعلمه تأويله وأوصياؤه من بعده يعلمونه كله والذين لا يعلمون تأويله إذا قال العالم فيهم بعلم فأجابهم الله بقوله : « يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا » والقرآن خاص وعام ومحكم ومتشابه وناسخ ومنسوخ فالراسخون في العلم يعلمونه.

______________________________________________________

« وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ » مبتدأ وجملة الشرط والجزاء خبره ، وقيل : قوله : فأجابهم خبر ، وفيه بعد لخلو الشرط عن الجزاء إلا بتقدير ، والمراد بالذين لا يعلمون الشيعة ، أي الشيعة والمؤمنون.

« إذا قال العالم » أي الإمام عليه‌السلام « فيه » (١) أي في القرآن وفي تأويل المتشابه ، وفي بعض النسخ « فيهم » أي الإمام الذي بين أظهركم ، فالظرف حال عن العالم « بعلم » أي بالعلم الذي أعطاه الله وخصه به « يَقُولُونَ » أي الشيعة في جواب الإمام بعد ما سمعوا التأويل منه « آمَنَّا بِهِ » فالضمير في قوله : فأجابهم راجع إلى الراسخين ، أي أجابهم من قبل الشيعة ، ويحتمل إرجاعه إلى الشيعة على طريقة الحذف والإيصال أي أجاب لهم ، وقيل : معنى فأجابهم : قبل قولهم ومدحهم ، فالضمير راجع إلى الشيعة.

وفي بعض النسخ « والذين يعلمون » بدون حرف النفي ، أي الذين يعلمون من الشيعة بتعليم الإمام والأول أصوب ، وقيل على الأول : الذين عطف على « أوصيائه من بعده » بتقدير والذين لا يعلمون تأويله يعلمونه كله « فيهم » حال للعالم ، والمراد أن الشيعة الإمامية يعلمون تأويل ما تشابه كله بشرطين : « الأول » أن يكون الإمام العالم حاضرا فيهم لا غائبا عنهم ، فإن الغائب لا يفيد قوله العلم إلا إذا تواتر ، وقلما يكون « والثاني » أن يعلمهم الإمام العالم بأن لا يكون كلامه في تأويل ما تشابه عن تقية ، وقوله : فأجابهم الله لإفادة أن جملة يقولون استئناف بياني لجواب سؤال مقدر ، ولا يخفى ما فيه.

__________________

(١) هذا التفسير على ما في بعض النسخ وفي المتن « فيهم ».

٤٣٥

٣ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن محمد بن أورمة ، عن علي بن حسان ، عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال « الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ » أمير المؤمنين والأئمة من بعده عليهم‌السلام.

باب

أن الأئمة قد أوتوا العلم وأثبت في صدورهم

١ ـ أحمد بن مهران ، عن محمد بن علي ، عن حماد بن عيسى ، عن الحسين بن المختار ، عن أبي بصير قال سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول في هذه الآية « بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ » (١) فأومأ بيده إلى صدره.

______________________________________________________

الحديث الثالث : ضعيف.

« أمير المؤمنين » أي بعد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله.

باب أن الأئمة ( ع ) قد أوتوا العلم وأثبت في صدورهم

الحديث الأول : ضعيف.

« بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ » قال الطبرسي قدس‌سره : يعني أن القرآن دلالات واضحات في صدور العلماء وهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والمؤمنون به ، لأنهم حفظوه ووعوه ورسخ معناه في قلوبهم ، وقيل : هم الأئمة من آل محمد عليهم‌السلام عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام ، وقيل : إن « هو » كناية عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أي إنه في كونه أميا لا يقرأ ولا يكتب « آياتٌ بَيِّناتٌ » في صدور العلماء من أهل الكتاب لأنه منعوت في كتبهم بهذه الصفة ، انتهى.

« فأومأ بيده إلى صدره » الإيماء للإشارة إلى أن المراد بالذين أوتوا العلم الأئمة الذين أنا منهم عليهم‌السلام ، فالمراد بالعلم علم جميع القرآن ظهره وبطنه ومحكمه ومتشابهه ، بحيث لا يذهب عنهم بسهو ولا نسيان.

__________________

(١) سورة العنكبوت : ٤٨.

٤٣٦

الحديث الثاني : ضعيف.

٢ ـ عنه ، عن محمد بن علي ، عن ابن محبوب ، عن عبد العزيز العبدي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عز وجل « بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ » قال هم الأئمة عليهم‌السلام.

٣ ـ وعنه ، عن محمد بن علي ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي بصير قال قال أبو جعفر عليه‌السلام في هذه الآية « بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ » ثم قال أما والله يا أبا محمد ما قال بين دفتي المصحف قلت من هم جعلت فداك قال من عسى أن يكونوا غيرنا؟

______________________________________________________

الحديث الثالث : ضعيف.

« قال أبو جعفر عليه‌السلام هذه الآية » أي قرأها ، وفي بعض النسخ « في هذه » أي قرئها وفسرها.

قوله عليه‌السلام : « أما والله » أما بالتخفيف حرف استفتاح ، وأبو محمد كنية أخرى لأبي بصير ، وكلمة « ما » في قوله : « ما قال » نافية أي لم يقل أن الآيات بين دفتي المصحف أي جلديه الذين يحفظان أوراقه ، بل قال في صدور الذين أوتوا العلم ، ليعلم أن للقرآن حملة يحفظونه عن التحريف في كل زمان ، وهم الأئمة عليهم‌السلام ، ويحتمل على هذا أن يكون الظرف في قوله : « في صدور » متعلقا بقوله « بينات » فاستدل عليه‌السلام به على أن القرآن لا يفهمه غير الأئمة عليهم‌السلام ، لأنه تعالى قال : الآيات بينات في صدور قوم ، فلو كانت بينة في نفسها لما قيد كونها بينة بصدور جماعة مخصوصة.

ويحتمل أن تكون كلمة ( ما ) موصولة فيكون بيانا لمرجع ضمير ( هو ) في الآية ، أي الذي قال تعالى إنه آيات بينات هو ما بين دفتي المصحف لكنه بعيد جدا.

« من عسى أن يكونوا » الاستفهام للإنكار.

٤٣٧

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن يزيد شغر ، عن هارون بن حمزة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سمعته يقول : « بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ » قال هم الأئمة عليهم‌السلام خاصة.

٥ ـ عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن محمد بن الفضيل قال سألته عن قول الله عز وجل : « بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ » قال هم الأئمة عليهم‌السلام خاصة.

باب

في أن من اصطفاه الله من عباده وأورثهم كتابه هم الأئمة عليهم‌السلام

١ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن محمد بن جمهور ، عن حماد بن عيسى ، عن عبد المؤمن ، عن سالم قال سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عز وجل : « ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ

______________________________________________________

الحديث الرابع : صحيح على الظاهر.

الحديث الخامس : مجهول.

باب في أن من اصطفاه الله من عباده وأورثهم كتابه هم الأئمة عليهم‌السلام

الحديث الأول (١).

« ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ » قال الطبرسي (ره) أي القرآن أو التوراة أو مطلق الكتب الذي اصطفيناه من عبادنا ، قيل : هم الأنبياء وقيل : هم علماء أمة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والمروي عن الباقر والصادق عليهما‌السلام أنهما قالا : هي لنا خاصة وإيانا عنا ، وهذا أقرب الأقوال.

« فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ » اختلف في مرجع الضمير على قولين : « أحدهما » أنه يعود إلى العباد واختاره المرتضى رضي‌الله‌عنه « والثاني » أنه يعود إلى المصطفين ، ويؤيده ما ورد في الحديث عن أبي الدرداء قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول في الآية : أما

__________________

(١) كذا في النسخ.

٤٣٨

بِإِذْنِ اللهِ » قال السابق بالخيرات الإمام والمقتصد العارف للإمام والظالم لنفسه الذي لا يعرف الإمام.

٢ ـ الحسين ، عن معلى ، عن الوشاء ، عن عبد الكريم ، عن سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال سألته عن قوله تعالى : « ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا » فقال أي شيء تقولون أنتم قلت نقول إنها في الفاطميين قال ليس

______________________________________________________

السابق فيدخل الجنة بغير حساب ، وأما المقتصد فيحاسب حسابا يسيرا ، وأما الظالم لنفسه فيحبس في المقام ثم يدخل الجنة ، فهم الذين قالوا « الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ » (١).

وروى أصحابنا عن زياد بن المنذر عن أبي جعفر عليه‌السلام أما الظالم لنفسه منا فهو عمل عملا صالحا وآخر سيئا ، وأما المقتصد فهو المتعبد المجتهد ، وأما السابق بالخيرات فعلي والحسن والحسين عليهم‌السلام ، ومن قتل من آل محمد شهيدا بإذن الله ، انتهى.

والظاهر من أخبار هذا الباب وغيرها مما ذكرناه في كتابنا الكبير أن الضمائر راجعة إلى أهل البيت عليهم‌السلام وسائر الذرية الطيبة ، والظالم الفاسق منهم ، والمقتصد الصالح منهم ، والسابق بالخيرات الإمام ، ولا يدخل في تلك القسمة من لم تصح عقيدته منهم أو ادعى الإمامة بغير حق ، أو الظالم من لم تصح عقيدته ، والمقتصد من صحت عقيدته ولم يأت بما يخرجه عن الإيمان ، فعلى هذا الضمير في قوله تعالى : « جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها » راجع إلى المقتصد والسابق ، لا الظالم ، وعلى التقديرين المراد بالاصطفاء إن الله تعالى اصطفى تلك الذرية الطيبة بأن جعل منهم أوصياء وأئمة ، لأنه اصطفى كلا منهم ، وكذا المراد بإيراث الكتاب أنه أورثه بعضهم ، وهذا شرف للكل إن لم يضيعوه.

الحديث الثاني : ضعيف.

« أي شيء تقولون » أي معشر الزيدية القائلين بأن كل من خرج بالسيف

__________________

(١) سورة الفاطر : ٢٩.

٤٣٩

حيث تذهب ليس يدخل في هذا من أشار بسيفه ودعا الناس إلى خلاف فقلت فأي شيء الظالم لنفسه قال الجالس في بيته لا يعرف حق الإمام والمقتصد العارف بحق الإمام والسابق بالخيرات الإمام.

٣ ـ الحسين بن محمد ، عن معلى بن محمد ، عن الحسن ، عن أحمد بن عمر قال سألت أبا الحسن الرضا عليه‌السلام عن قول الله عز وجل « ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا » الآية قال فقال ولد فاطمة عليها‌السلام والسابق بالخيرات الإمام والمقتصد العارف بالإمام والظالم لنفسه الذي لا يعرف الإمام.

٤ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي ولاد قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عز وجل : « الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ

______________________________________________________

من أولاد فاطمة عليها‌السلام فهو إمام مفترض الطاعة ، وكان سليمان ممن خرج مع زيد فقطعت إصبعه ، ولم يخرج معه من أصحاب أبي جعفر عليه‌السلام غيره ، لكن قالوا : أنه تاب من ذلك ورجع إلى الحق قبل موته ، ورضي أبو عبد الله عليه‌السلام منه بعد سخطه ، وتوجع بموته.

« ليس حيث تذهب » أي من شموله لكل الفاطميين « من أشار بسيفه » أي دل الناس على إمامته جبرا بسيفه أو رفع سيفه للدعوة إلى إمامته ، قال الفيروزآبادي أشار إليه : أو ما ، وأشار عليه بكذا أمره به ، وأشار النار وبها : رفعها.

الحديث الثالث : ضعيف على المشهور.

قوله عليه‌السلام : « ولد فاطمة » أي هم معظمهم وأكثرهم ، وإلا فالظاهر دخول أمير ـ المؤمنين صلوات الله عليه فيهم.

الحديث الرابع : صحيح.

« الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ » قال الطبرسي (ره) قيل : نزلت في أهل السفينة الذين قدموا مع جعفر بن أبي طالب من الحبشة ، وقيل : هم من آمن من اليهود ، وقيل : هم أصحاب محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٤٤٠