غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام

السيد ثامر هاشم العميدي

غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام

المؤلف:

السيد ثامر هاشم العميدي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الرسالة
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-447-7
الصفحات: ٣٢٧

مهما طال بها الزمان.

وهناك أحاديث اُخرى صرّحت بطول الغيبة الثانية كقوله عليه‌السلام : « إنّ لصاحب هذا الأمر غيبتين : إحداهما تطول حتى يقول بعضهم : مات ، وبعضهم يقول : قُتل ، وبعضهم يقول : ذهب .. » (١). وغيرها من الأحاديث التي سبقت في تأكيده عليه‌السلام على أنّ للمهدي عليه‌السلام غيبتين.

كما أن الأحاديث المتقدمة في طول العمر كلها تصبّ في الجواب على هذه الشبهة أيضاً.

رابعاًً ـ شبهة حول هوية الإمام الغائب عليه‌السلام :

ومفاد هذه الشبهة ـ كما عند بعضهم ـ أنه ادُّعِيَتْ الغيبة عند أكثر فرق الشعية التي زعمت إمامة أئمّتهم والقول بمهدويتهم وغيبتهم كالكيسانية والناووسة والواقفية وغيرها.

الأمر الذي أدّي ـ بزعمهم ـ إلى عدم معرفة الحقيقة في خضم هذه المدعيات!!

وقدمرّ الجواب مفصلاً في هذا الباب على سائر تلك الفرق.

ويزيد الأمر وضوحاً ما قاله الإمام الصادق عليه‌السلام في تحديد هوية الإمام الغائب في أحاديث شتى ، نكتفي بالتذكير بواحد منها وهو ما قاله عليه‌السلام للسيد الحميري : « إن الغيبة ستقع بالسادس من ولدي ، وهو الثاني عشر من الأئمة الهداة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .. الحديث » وقد بيّن عليه‌السلام فيه وفي غيره

__________________

١ ـ كتاب الغيبة / الشيخ النعماني : ١٧١ ـ ١٧٢ / ٥ باب ١٠ ، وعقد الدرر / المقدسي الشافعي : ١٧٨ ـ ١٧٩ باب ٥.

٣٠١

من هم الأئمة الاثني عشر عليهم‌السلام ، فراجع.

خامساً ـ شبهة جواز تأخير الاعتقاد بالمهدي عليه‌السلام إلى زمان ظهوره!

وتهدف هذه الشبهة إلى عذ العامّة في البقاء على الاعتقاد بمهدي مجهول يخلقه الله في آخر الزمان ، وإنهم لا مانع لديهم ـ فيما يدّعون من ترك هذا الاعتقاد ، والالتحاق بصفوف الشيعة فيما لو ظهر الإمام الحجة ابن الحسن عليه‌السلام في المستقبل!! (١).

وقبل بيان موقف الإمام الصادق عليه‌السلام من هذا الشبهة أود التنبيه على خمس ملاحظات وهي :

١ ـ إنّ معنى الإعتقاد بمهدي مجهول في آخر الزمان ، مع احتمال رفضه في المستقبل ، يعني فساد الدليل المثبت لهذا الاعتقاد وعدم صحّته.

٢ ـ إن شرط الاعتقاد بضروري من الضروريات في المنظور الإسلامي ، أن يكون متواتراً ، والمتواتر لا ينقلب إلى غير متواتر ، وقد سبق وأن بيّنا دليل القول بمهدي مجهول يخلقه الله في آخر الزمان ، وأنه ـ بزعمهم ـ حسني واسمه محمد بن عبد الله ، وهو روايتان فقط ، إحداهما مجهولة ، والأُخرى مرسلة وأما الحديث الذي أشار لهذا بلفظ ( اسمه اسمي واسم أبيه اسم

__________________

١ ـ لم أجد هذه الشبهة في كتاب ، ولكن قالها أحد رجال العامّة في كلمة له ألقاها في مهرجان الغدير المنعقد في مؤسسة السيد الخوئي في لندن ، أخبرني بهذا سماحة العلامة المحقّق آية الله السيّد علي الحسيني الميلاني ( حفظه الله ) الذي حضر المهرجان وغادره بعد تسويف طلبه في التعقيب على هذه الكلمة!

٣٠٢

أبي ) فهو حديث موضوع كما بيّناه ، فأين هذا التواتر إذن؟!

٣ ـ إن الاعتقاد بمهديٍّ لم يُخْلَق بعد! إما أن يكون هو امام الزمان ، أو لا يكون ، والأول لا يعقل لخلو زماننا منه ؛ إذ لم يُخْلَق ، والثاني لا يفيد طاعته ولا نصرته ولا انتظاره.

٤ ـ إن قاعدة عدم خلو الزمان من إمام ، تعني خرافة الاعتقاد بمهدي معدوم لم يخلق ، إذ اللازم وجوده.

٥ ـ إن شرط الإيمان بالمهدي عليه‌السلام أن يكون في حياته لا بعد ظهوره كما سياتي.

ومع فرض كون المهدي هو المجهول جدلاً ، فسيكون الإيمان به فاقداً للشرط المذكور ، وهو الحياة ؛ لأنه معدوم لم يخلق بعد.

ومع القول بأنه الحجة ابن الحسن العسكري عليه‌السلام وهو الحق ، فسوف لن يقبل من جاحديه اعتقادهم بخرافة لا أصل لها ولا واقع ، كما لن يقبل منهم توبتهم عند ظهوره لو أدركوه عليه‌السلام.

وبهذا يتبيّن أن القول المذكور في مهرجان الغدير المنعقد في لندن ، لقلقة لسان ليس له معنى :

ويدلُّ على ما ذكرناه :

١ ـ قول الصادق عليه‌السلام : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتي وهو معتقدٍ به في حياته ، يتولّى وليه ، ويتبرأ من عدوّه ، ويتولّ

٣٠٣

الائمّة الهادية من قبله ، أولئك رفقائي ، وذوو ودّي وأكرم أُمّتي عليّ ـ وفي رواية اُخرى ـ وأكرم خلق الله عليَّ » (١).

٢ ـ وفي حديث آخر عنه عليه‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « من انكر القائم من ولدي في زمان غيبته ، مات ميته جاهلية » (٢).

٣ ـ وعن هشام بن سالم ، عن الإمام الصادق عليه‌السلام ، وعن آبائه عليهم‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث في شمائل وأوصاف وسيرة المهدي عليه‌السلام جاء فيه : « ومن انكره في غيبته فقد أنكرني » (٣).

٤ ـ وفي الصحيح عن علي بن رئاب ، عن الإمام الصادق عليه‌السلام في قول الله عزّوجلّ : ( يوم يأتي بعضُ آيات ربّكَ لا ينفعُ نفساً إيمانُها لم تكنْ آمنت من قبلُ ) (٤) ، قال عليه‌السلام : « والآيات : هم الأئمة ، والآية المنتظرة : القائم عليه‌السلام ، فيومئذٍ لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل قيامه بالسيف وإن آمنت بمن تقدم من آبائه عليهم‌السلام » (٥).

وإذا ما اُضيف إلى هذا أحاديث الانتظار الواردة عن الإمام الصادق عليه‌السلام من قبيل قوله : « .. المنتظرين لظهوره في غيبته والمطيعين له في ظهوره أولئك أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون »

__________________

١ ـ إكمال الدين ١ : ٢٨٦ / ٣ ب ٢٥ ؛ وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ٤٥٦ / ٤٦٦.

٢ ـ إكمال الدين ٢ : ٤١٢ ـ ٤١٣ / ١٢ باب ٣٩.

٣ ـ إكمال الدين ٢ : ٤١١ / ٦ باب ٣٩.

٤ ـ سورة الأنعام : ٦ / ١٥٨.

٥ ـ إكمال الدين : ١٨ ، و ٣٠ من المقدّمة أخرجه من طريقين صحيحين.

٣٠٤

وغيره من الاحاديث المتقدّمة ، علمنا من أصحاب هذه المقولة ـ وهم لم يضمنوا بقاءهم على قيد الحياة إلى زمان الظهور ـ لم يحصدوا سوى الخسران المبين.

سادساً ـ شبهة جعفر الكذّاب عمِّ الإمام المهدي عليه‌السلام :

وخلاصتها : ما ذكره علماء الشيعة الإمامية من أن أقرب الناس إلى الإمام المهدي عليه‌السلام وهو جعفر بن الإمام الهادي عليه‌السلام المعروف بجعفر الكذّاب ، قد شهد أمام القضاء العباسي بأن أخاه العسكري مات بلا عقب ؛ طمعاً في أمواله.

جدير بالذكر ، أنه لم يروِ أحد من أهل الإسلام ما قاله جعفر ، إلاّ الإمامية وحدهم فقط وجميع من تمسّك بهذه الشبهة قاطبة كان مصدرهم الوحيد إليها كتب الشيعة فقط ، لأن من ذكرها من العامّة كافّة إنّما نقلها بالاعتماد على مثل النوبختي ، أو سعد بن عبد الله القمي ، أو الشيخ المفيد ، أو الشيخ الطوسي ، وغيرهم من متقدمي علماء الإمامية الذين لولاهم لما عرف أحد ما فعله جعفر.

وفي هذا وحده ما يكفي لدخص مقولته ، والازدراء بم تمسّك بها ، لأنّها حجّة داحضة سخيفة.

وقد اشارت أحاديث الإمام الصادق عليه‌السلام المساقة في شبهة إنكار ولادة الإمام المهدي عليه‌السلام آنفاً ، إلى قول جعفر الكذّاب هذا كما في جملة : « ومنهم من يقول مات أبوه بلا خلف ».

٣٠٥

وهناك أحاديث أُخر أكثر صراحة من هذا ، وهي المتقدمة في بيان ما في المهدي من شبه بالأنبياء عليهم‌السلام ، إذ مرّ فيها حديثه عليه‌السلام بأن فيه شبهاً من يوسف عليهما‌السلام.

ومن مقارنة ما حصل في حياتي المُشَبَّه ( المهدي عليه‌السلام ) والمشبّه به ( يوسف عليه‌السلام ) يعلم وجه الشبه بين ما فعله أولاد النبي يعقوب عليه‌السلام ، وهم أسباط النبيين وأقرب الخلق نسباً بنبي الله وخليله إبراهيم ، بأخيهم يوسف الصدّيق ، حين كذبوا على أبيهم في أمره ( وجاءوا أباهم عشاءً يبكونَ * قالوا يا أبانا إنّا ذهبنا نستبق وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذّئب وما أنتَ بمؤمن لنا ولو كنّا صادقينَ * وجاءوا على قميصه بدم كذب ) (١)!

وبين ما فعله جعفر الكذّاب ، وهو أقل شأناً وديناً من أولاًًد يعقوب عليه‌السلام ، لتقرّبه لطواغيت بني العباس ، مع فسقه ولعبه بالطنبور ، وجشعه ، وحبّه للجاه والمال ، وشربه الخمور بشهادة ابن وزير الدولة أحمد بن عبيد الله بن خاقان (٢) كل هذا دفعه إلى ذلك الموقف الخسيس الذي هو أشبه ما يكون بموقف أولاًًد يعقوب عليهم‌السلام ، وفيه شبه عظيم أيضاً

__________________

١ ـ سورة يوسف : ١٢ / ١٦ ـ ١٨.

٢ ـ اصول الكافي ١ : ٥٠٣ / ١ باب مولد أبي محمد الحسن بن على العسكري عليه‌السلام ، وإكمال الدين ١ : ٤٠ من المقدّمة ، و ٢ : ٤٧٥ / ٢٥ باب ٤٣ ، والارشاد ٢ : ٣٢١ ، والفصول العشرة في الغيبة / الشيخ المفيد ٣ : ٦١ ـ ٦٢ الفصل الثاني ، ( مطبوع ضمن سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد ، المجلد الخامس ) وأعلام الورى : ٣٥٧.

٣٠٦

بموقف أبي لهب عمَّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، حيث جحد نبوة ابن أخيه نبيّنا محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكذب رسالته ، وألّب عليه ، وكان ـ لعنه الله أولى من غيره بالإيمان بنبي الرحمة صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والتصديق برسالته ، وبذل الغالى والرخيص لأجل نصرته.

سابعاً ـ شبهتم حول لفظ ( القائم ) ولفظ ( المهدي ) :

ومفاد هذه الشبهة أن أكثر الأحاديث المستدلّ بها في تشخيص هوية المهدي عليه‌السلام عند الشيعة ، ورد ذكره فيها بلفظ ( القائم ) ولا اختصاص للإمام الثاني عشر عند الشيعة بهذا اللفظ ، كما ان لفظ ( المهدي ) لا يدلّ على كون المقصود به هو الإمام الثاني عشر لوجود روايات تشير إلى وصف أئمة الشيعة بمنهم مهديون كلّهم ، وإذا كان كلا اللفظين أعمّ من اختصاصهما به فلا مجال للاستدلّال بتلك الأحاديث على مهدويته وغيبته!

والجواب ، إنه حتى لو كان لفظ ( القائم ) و ( المهدي ) لا ينصرفان عند الاطلاق إلى الإمام الثاني عشر الحجة ابن الحسن العسكري عليهما‌السلام ، فهناك الكثير من القرائن التي دلّت على هذا المعنى واقترن بها اللفظان ، كذكر الغيبتين مثلاً ، هذا فضلاً عن الأحاديث التي لا تحتاج إلى قرينة ، وهي التي شخّصت من هو القائم باسمه ونسبه الشريف كما مرّ مفصلاً في بيان الإمام الصادق عليه‌السلام لهوية الإمام المهدي عليه‌السلام ولا حاجة إلى إعادتها.

والصحيح في المقام هو أن لفظ ( القائم ) قد وصف به الأئمة عليهم‌السلام جميعاً ، ولكنه لا ينصرف إلى أحد من أهل البيت عليهم‌السلام إلاّ بقرينة حالية أو مقالية ،

٣٠٧

وأما عند الإطلاق فينصرف إلى الإمام الحجة ابن الحسن العسكري عليهما‌السلام وكذلك الحال مع لفظ ( المهدي ).

وبعبارة اُخرى : عندما نستقصي الأخبار نرى أن سائر الأئمة عليهم‌السلام قد وصفوُا بهذا الوصف مع إضافة مثل « القائم بدين الله » و نحوه ، وأما « القائم » على الإطلاق فلم يُطلق إلاّ على الإمام الثاني عشر منهم عليهم‌السلام.

ثامناً ـ الشبهة الواردة حول سيرته عليه‌السلام :

وردت في أحاديث المهدي عليه‌السلام عند الإمامية ما هو صريح بسيرته عليه‌السلام عند ظهوره ، وأنه يأتي بعمل جديد. وقد زعم بعضهم أن معنى هذا من مهدي الشيعة سينسخ بسيرته الدين المحمدي!

وهذه ليست شبهة في الواقع وإنما كلام فارغ هدفه التشنيع لا أكثر ولم يتخرصه سوى الوهابية فيما أعلم ، ومهما يكن الهدف فقد أجاب الإمام الصادق على هذا الافتراء قبل ولادة مؤسس الفرقة الوهّابية بعدة قرون.

١ ـ فعن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، عن آبائه عليهم‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « القائم من ولدي اسمه اسمي ، وكنيته كنيتي ، وشمائله شمائلي ، وسنّته سنّتي ، يقيم الناس على ملّتي وشريعتي ويدعوهم إلى كتاب ربي عزّوجلّ .. » (١).

٢ ـ وعن أبي بصير ، عن ابي عبد الله عليه‌السلام قال : « إن في صاحب هذا الأمر سنناً من الأنبياء : سنّة من موسى ، وسنّة من عيسى ، وسنّة من

__________________

١ ـ إكمال الدين ٢ : ٤١١ / ٦ باب ٣٩.

٣٠٨

يوسف ، وسنّة من محمد صلوات الله عليهم ـ إلى أن قال ـ وأما سنة من محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فيهتدي بهداه ويسير بسيرته » (١).

والإطالة في هذا إطالة في الواضحات ، ويكفي ما ذكرناه في بيان الإمام الصادق عليه‌السلام لسيادة الإسلام على كل الأديان في زمان ظهور المهدي عليه‌السلام وعلى يده.

تاسعاً ـ شبهات حول الغيبة :

وخلاصة هذه الشبهات تدور حول ثلاثة أسئلة ، وهي :

١ ـ لماذا الغيبة؟

٢ ـ وما هو وجه الحكمة فيها؟

٣ ـ وكيف يتحقّق انتفاع الأمة من الإمام المهدي الغائب وهي لا يمكنها أن تصل إليه؟

وتدور هذه الأسئلة الثلاثة على محور واحد ، وهو منافاة الغيبة ـ كما يُزعم ـ للغاية من نصب الإمام ، وعلى هذا يكون وجود الإمام وعدمه سواء!

وأصل كل هذا مبني على أن الغاية من نصب الإمام لا تتحقّق إلاّ بمشاهدته لأخذ معالم الدين عنه!

وقد خفي على هؤلاء بأن الثمرة من وجود الإمام لا حصر لها بأخذ المسائل عنه ، وإنّما هناك ثمرات أُخر تترتّب على وجوده الشريف.

__________________

١ ـ إكمال الدين ٢ : ٣٥٠ ـ ٣٥١ / ٤٦ باب ٣٣.

٣٠٩

ويمكن إدراكها من خلال علمنا بأن هناك جملة من الأمور المطلوبة منا شرعاً لذاتها إزاء الإمام المهدي عليه‌السلام ، بغض النظر عن إمكانية الوصول إليه أو عدمه ، ومنها على سبيل المثال :

السعي الدؤوب وراء معرفة هويته الشخصية ، وإلاّ فلن يتحقّق ركن الإيمان بالاعتقاد بأنه إمام الزمان الذي من لا يعرفه سوف لن يغادر الدنيا إلاّ بميتة جاهلية ، كما نطقت بذلك احاديث الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله عند الفريقين ، واكدها الإمام الصادق عليه‌السلام باحاديث شتّى كما مرّ.

وعلى هذا يكون نفس التصديق بوجود الإمام المهدي عليه‌السلام أمراً مطلوباً لذاته بغض النظر عن مشاهدته أو لا. لا فرق بين هذا وبين وجوب التصديق بوجود النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بالنسبة للمسلمين الذين عاشوا في عصره صلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يلتقوا به ولم يشاهدوه.

ونحن ملزمون بالتعبدّ بما جاء عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل البيت عليهم‌السلام. والأحاديث السابقة وكثير مثلها ؛ كلها صريحة بوجوب هذا الاعتقاد.

ومن ثَمَّ ورد عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل البيت عليهم‌السلام ما يشير إلى عدم انحصار الفائدة من وجود الإمام بالتصرّف في الأمور ، وفيما يأتي جملة من الأحاديث الشريفة الدالّة على ذلك :

١ ـ عن أبي ذر الغفاري رضي‌الله‌عنه ، قال : « سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : إنّما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ، ومن تخلّف عنها غرق ، ومثل باب حطّة يحطّ الله بها الخطايا » (١).

__________________

١ ـ أمالي الشيخ الطوسي : ٧٣٣ / ١٥٣٢ ( ٢ ) مجلس رقم / ٤٥.

٣١٠

وهذا صريح بأن الدخول بولاية أهل البيت عليهم‌السلام ، والتمسّك بحبلهم قد جعله الله طريقاً لرضوانه ومغفرته ، وهذا أمر عظيم أعمّ من نفع مشاهدتهم والسؤال مباشرة منهم عليهم‌السلام.

٢ ـ وعن جابربن عبد الله ، وأبي موسى الأشعري ، وابن عباس ، قالوا : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : النجوم أمان لأهل السماء ، وأهل بيتي أمان لأُمتي ، فإذا ذهبت النجوم ذهبت أهل السماء ، وإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض » (١).

٣ ـ وعن أياس بن سلمة ، عن أبيه ، قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : النجوم أمان لأهل السماء ، وأهل بيتي أمان لأُمتي » (٢).

٤ ـ وعن سليمان بن مهران الأعمش ، عن الإمام الصادق ، عن أبيه محمد بن على ، عن أبيه على بن الحسين عليهم‌السلام ، قال : « نحن أئمة المسلمين وحجج الله على العالمين ، وسادة المؤمنين ، وقادة الغرّ المحجّلين ، وموالي المؤمنين ، ونحن أمان أهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء ، ونحن الذين بنا يمسك الله السماء أن تقع على الأرض إلاّ بإذنه ، وبنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها ، وبنا يُنزِل الغيث ، وبنا ينشُر الرحمة ، ويخرج بركات الأرض ، ولولا ما في الأرض منا لساخت بأهلها ، ولم تخلُ الأرض منذ خَلَق الله أدمَ من حُجّة لله فيها ، ظاهر مشهور أو غائب مستور ، ولا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجة الله

__________________

١ ـ أمالي الشيخ الطوسي : ٣٧٩ / ٨١٢ ( ٦٣ ) مجلس رقم / ١٣.

٢ ـ أمالي الشيخ الطوسي : ٢٥٩ / ٤٧٠ ( ٨ ) مجلس رقم / ١٠ ، والمعجم الكبير / الطبراني ٧ : ٢٢ / ٦٢٢٠.

٣١١

فيها ، ولولا ذلك لم يُعْبَد الله.

قال سليمان : فقلت للصادق عليه‌السلام : فكيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور؟

قال عليه‌السلام : كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السَّحَاب » (١).

٥ ـ وعن الإمام الباقر عليه‌السلام قال : « ... ونحن الذين بنا تُنَزَّل الرحمة ، وبنا تُسْقَون الغيث ، ونحن الذين بنا يصرف الله عزّوجلّ عنكم العذاب ، فمن أبصرنا ، وعرف حقّنا ، وأخذ بأمرنا فهو منّا وإلينا » (٢).

٦ ـ وقال الإمام الصادق عليه‌السلام : « ... كان أمير المؤمنين عليه‌السلام صلوات الله عليه باب الله الذي لا يؤتى إلاّ منه ، وسبيله الذي من سلك بغيره هلك ، وبذلك جرت الأئمة عليهم‌السلام واحداً بعد واحد ، جعلهم الله أركان الأرض أن تميد بهم ، والحجة البالغة على من فوق الأرض ومن تحت الثرى » (٣).

وكل هذا يدلُّ بما لا يقبل الشكّ على أن نفس وجودهم عليهم‌السلام تترتّب عليه فوائد أعظم من فائدة مشاهدتهم والوصول إليهم ؛ لمن في هذا

__________________

١ ـ أمالي الشيخ الصدوق : ٢٥٢ ـ ٢٥٣ / ٢٧٧ ( ١٥ ) مجلس رقم / ٣٤ ، وإكمال الدين ١ : ٢٠٧ / ٢٢ باب ٢١ ، وراجع ما تقدم في بيان الإمام الصادق عليه‌السلام لكيفية الانتفاع بالحجة الغائب : ص ١٠٢ من هذا البحث.

٢ ـ أمالي الشيخ الطوسي : ٦٥٤ / ١٣٥٤ ( ٤ ) مجلس رقم / ٣٤.

٣ ـ أُصول الكافي ١ : ١٩٧ / ٢ باب إن الأئمّة هم أركان الأرض ، من كتاب الحجة ، وأمالي الشيخ الطوسي : ٢٠٥ ـ ٢٠٦ / ٣٥٢ ( ٢ ) مجلس رقم ٨. وإكمال الدين ١ : ٢٠٥ ـ ٢٠٦ / ٢٠ باب ٢١ ، وبصائر الدرجات : ٨٢ ـ ٨٣ / ١٠ باب ٣ ، وفرائد السمطين/الجويني الشافعي ٢ : ٢٥٣ ـ ٢٥٤ / ٥٢٣ باب ٤٨.

٣١٢

الوجود ضمان لبقاء العالم « فإذا ذهب أهل بيتي ، ذهب أهل الأرض ».

ويؤكّد هذا المعنى قول الإمام الصادق عليه‌السلام : « لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت » (١) ، وغيره من الأحاديث الأخرى التي تقدمت في القاعدة الرابعة من قواعد الفصل الأول من الباب الأول.

ولهذا قرّب الإمام الصادق عليه‌السلام صورة الانتفاع بالإمام الغائب عليه‌السلام بمثال الشمس وهو مثال محسوس لا ينكر صحّته أحد ، وقد مرّ في حديث الأعمش ، عنه عليه‌السلام.

هذا زيادة على وجود منافع أُخر مترتبة على وجود الإمام عليه‌السلام لها ارتباط مباشر بحياة الناس جميعاً ، كعدم المؤاخذة بالعقاب العاجل ، وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة مبيناً أهمية الحجة وهي في زمان نزول القرآن منحصرة برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وبعده بأهل بيته عليهم‌السلام ، قال تعالى : ( وما كان الله ليعذّبهم وأنت فيهم وما كان الله معذّبهم وهم يستغفرون ) (٢) ، فجعل سبحانه وجود النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله سبباً في تأجيل عقاب المستحقّين للعقوبة ، فكذلك الحال في وجود الإمام المهدي عليه‌السلام.

وثمة شيء آخر وهو ما يُثار بين فترة وأخرى وخلاصته : إنّ الإمامية تقول بعدم الفرق بين الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله إلاّ من جهة الوحي ؛ لأن الغرض من وجود النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله هو نفسه في وجود الإمام ، وإن النبي قد تعرّض لأجل تبليغ الأحكام إلى ما تعرّض بخلاف الإمام المهدي عند

__________________

١ ـ كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : ٢٢٠ / ١٨٢.

٢ ـ سورة الأنفال : ٨ / ٣٣.

٣١٣

الشيعة الذي لم يتصدَّ لكل ذلك ، وإنّما غاب منذ نعومة أظفاره ولم يزل!

والجواب نقضاً وحلاًّ :

أما النفض : فأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قد أخفى دعوته عن عامة الناس إلاّ الأقرب فالأقرب ، ولم يجاهر بها لمدّة ثلاث سنين (١) ، وهذا لا ينكره إلاّ مكابر ، وهو في كلتا الحالتين نبي مرسل.

وأما الحل : فأن هذا قياس مع الفارق ؛ لمن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله مؤسس للدين فيجب عليه التبليغ والدعوة إلى نفسه ابتدأً بخلاف الإمام ، إذ لا يجب عليه تبليغ الأحكام ولا الدعوة لنفسه ، لمن الحجة تمّت على الناس بدعوة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله إليه ، فالواجب على الناس إذن أن يذهبوا إلى الإمام ويتفحّصوا عن معرفته وأخذ الأحكام منه.

ففي الصحيح ، عن هشام بن سالم قال : « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله تعالى : ( فاسألوا أهل الذكّر إن كنتم لا

____________

١ ـ راجع : السيرة النبوية / ابن هشام ١ : ٢٨٠ ، والسيرة النبوية / ابن كثير ١ : ٤٢٧ ، والسيرة الحلبية/ ابن برهان الحلبي ١ : ٢٨٣ ، والسيرة النبوية / دحلان ١ : ٢٨٢ ( مطبوع بهامش السيرة الحلبية ) ، وتاريخ الطبري ١ : ٥٤١ ، والكامل في التاريخ / ابن الأثير ٢ : ٦٠ ، والبداية والنهاية / ابن كثير ٣ : ٣٧ ، وتاريخ الخميس م الدياربّكري ١ : ٢٨٧ تحت عنوان : ( ذكر ما وقع في السنة الثانية والثالثة من إخفاء الدعوة ).

وراجع أيضاً : سائر كتب التفسير في تفسيرها لسورة الحِجْر الآية ٩٤ من قوله تعالى : ( فاصدع بما تؤمر وأعرض عنِ المشركين ) ، وكذلك الآية ٢١٤ من سورة الشعراء ، من قوله تعالى : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ).

٣١٤

تعلمونَ ) (١) ، منهم؟ قال عليه‌السلام : نحن ، قال ، قلت : علينا أن نسألكم؟ قال : نعم ، قال ، قلت : عليكم أن تجيبونا؟ قال : ذلك إلينا » (٢).

وفي الصحيح ، عن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، مثله (٣).

وأما لو تخلّت الناس عن هذا الواجب ، وبقي الإمام وحده ، يخاف عدوه ، ويخشى فتكه ، فما المانع من تدخّل الله عزّوجلّ في غيبة ، باعتبارها السبب الأصلح الذي يحفظ الهدف الأسمى من وجوده؟

وبهذا نكون قد فرغنا من الإجابة ـ على آخر الشبهات المثارة حول العقيدة المهدوية الحقّة ، وبها تمّ البحث ، وقد وافق الفراغ منه يوم السبت الخامس والعشرين من شهر شوال ١٤٢٤ هـ ، ذكرى شهادة الإمام الصادق عليه‌السلام.

والحمدلله أولاًً وآخراً

وصلّى الله على نبينا محمد أشرف الأنبياء والمرسلين

وعلى آله الغرّ الهداة الأطهار الميامين

__________________

١ ـ سورة النحل : ١٦ / ٤٣ ، وسورة الأنبياء : ٢١ / ٧.

٢ ـ بصائر الدرجات : ٥٩ / ٤ باب ١٩.

٣ ـ بصائر الدرجات : ٥٩ / ٧ باب ١٩.

٣١٥

الخلاصة

اكتسبت غيبة الإمام المهدي عليه‌السلام أهمية خاصة باعتبارها واحدة من أُمّهات المسائل الكبرى في تاريخ الفكر الشيعي ؛ لارتباطها العضوي بعقيدة النصّ والتعيين من جهة ، واتّصالها الوثيق بحياتنا المعاصرة من جهة أُخرى ، فضلاً عمّا تركته من مسائل تعبّدية محضة تقوم على أساس فكرة الانتظار ، مما انعكس هذا بطبيعته على سلوك المنتظر وتصرّفه ، واطّراد هذا على مجمل علاقاته بالفرد والمجتمع والدولة.

ولثراء مفهوم الغيبة بحيث طفح على لسان الشريعة بشكل واضح ، حتى كُتبت مصنّفات كثيرة في الغيبة قبل أوانها. صار استجلاء عمقها ، وبيان أصالتها ومفروضاً في بحث كهذا ، الأمر الذي أدّى إلى رصد المنهج الذي استخدمه الإمام الصادق عليه‌السلام في موضوع الغيبة قبل حدوثها على أرض الواقع ، وما سبق ذلك من محاولة إعادة تشكيل وعي الأمة من جديد ، وتعبئة أكبر ما يمكن من طاقات أفرادها للنهوض بمهمّة التغيير الكبرى ، على أثر ما حصل في ظل الدولتين ( الأمويّة ، والعباسيّة ) من انحراف خطير ، كان من جملته بروز دعاوى المهدوية الباطلة التي أدركها الإمام الصادق عليه‌السلام وعاصر بعضها.

ومن هنا قام الإمام الصادق عليه‌السلام بمسؤليته ـ كإمام مفترض الطاعة ـ

٣١٦

خير قيام ، فبين أولاًً زيف تلك الدعاوى ، وقام بتمهيد المفهوم الصحيح للغيبة والغائب ؛ إذ وجد عليه‌السلام من معنى غياب الإمام المهدي عليه‌السلام عن السّاحة فجاة ـ ما لم يتم التّمهيد له وبشكل مكثّف ـ يعني تشتّت القاعدة أو تشر ذمها. فكان لابد من ترويض القاعدة على قبول الغيبة عند حدوثها. وهو ما قام به الإمام الصادق عليه‌السلام وأوضحه بجلاء. وقد تبيّن هذا في البحث بنوع من التفصيل.

ومن ثَمَّ ، فإن الإخبار عن الشيء قبل حدوثه كان ظاهرةً معروفة في عهود أهل البيت عليهم‌السلام كافة ، ولم تكن ظاهرة جديدة في إخبارات الإمام الصادق عليه‌السلام ، الأمر الذي تطلَّب منّا التعرض على إبطال ما قد يُدّعى من أن نسبة إخبار أولياء الله عزّوجلّ بالشيء قبل حدوثه إلى علم الغيب المنفي عن غير الله تعالى ، بمخالفة تلك النسبة لما هو عند جميع المسلمين ، زيادة على ما فيها من إنكار لشيء مادي ملموس ، وهو الكتب المؤلّفة في الغيبة قبل حصولها بزمان كثير. فضلاً عن كثرة شهادات المتقدمين من أعلام الإمامية ـ في الغيبة الصغرى أو بعدها ـ على وجود تلك الأخبار في الكتب المؤلّفة قبل زمان الغيبة بعشرات السنين ، زيادةً على نقل بعضهم من هذه الكتب ، وتسميتها ، وتسمية مؤلفيها صراحة ، وهو ما سجله البحث موثّقاً.

كما برهن البحث على أن الإمام الصادق عليه‌السلام لم يقتصر في التّمهيد لمفهوم الغيبة بما لا يمكن معه معرفة من هو الغائب بالتحديد ؛ كما قد يُدّعى من أحاديث الغيبة عند الإمام الصادق عليه‌السلام قد اتّصفت بالإجمال ولم تشخص غائباً معيّناً!! وإنّما تناول عليه‌السلام في عرض مكوّنات الوحدة

٣١٧

الموضوعية للغيبة مسائل شتى ، حتى صار معها الإجمال الوارد في بعض احاديثه عليه‌السلام مختزناً للتفصيل ، وعاد في غنىً عما يوضّحه أنّ الخارج ؛ لوضوح عدم انطباق أيٍّ من تلك المكونات التي وُصِفت بالإجمال ـ كحديث الغيبتين وغيره ـ على شخص آخر غير الإمام الثاني عشر عليه‌السلام.

هذا فضلاً عمّا قام به الإمام الصادق عليه‌السلام من دفع مضنّة الاختلاف في الإجمال في دلالته على شخص ، معين ، فثّبت أولاًً أصل القضية المهدية ، ثم بيّن حكم من انكر هذا الأصل ، واكد وقوع الغيبة بالامام الثاني عشر من اهل البيت عليهم‌السلام ، وأمر بعدم إنكارها ، ونهى عن الانحراف في زمانها ، ولزوم التصديق بها ، ووجوب الثبات على الولاية في زمن الغيبة ، مع التصريح بوجود غيبتين للإمام المهدي عليه‌السلام : قصيرة وطويلة ، والكشف عن حال الناس فيهما ووجوب الانتظار ، وتبيين من هو الغائب جملة وتفصيلا ، بالانطلاق من كونه من ذريّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، من ولد على وفاطمة عليهما‌السلام ، ومنه التاسع من ولد الإمام الحسين عليهم‌السلام ، وهو ثاني عشر الأئمّة عليهم‌السلام ، ومن وُلْدِه ، من ذريّة ابنه موسى بن جعفر عليهما‌السلام ، مع تأكيد كونه الخامس من ولد السابع ، والتصريح بخفاء ولادته ، وشك الناس فيها ، وألإشارة إلى ماسيجرى عليه من أقرب المقربين إليه ، وتشبيه ذلك بما جرى ليوسف الصدّيق عليه‌السلام على يد أخوته ، ثم بيان هويّته الكاملة بكل دقة وتفصيل بذِكر اسمه الصريح ، وكنيته ، واسم أبيه ، وبين حسبه الزكي ، ونسبه الشريف.

ولم تَفْتُ الإمام الصادق عليه‌السلام الإجابة المحكمة على ما سيُثار ـ في

٣١٨

مستقبل الأيام ـ حول العقيدة المهدوية من شبهات وأوها ؛ ليعبِّر عليه‌السلام بهذا عن حرصه البالغ على وصول هذه الحقيقة المهدوية إلى أجيال الأمة صافية ناصعة ، لتطلّ عليهم كالشمس في إشراقتها ، منذ أن وقف التاريخ على أعتاب قدسها ليشهد سنا نورها ، وإلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.

وهكذا استوعبت غيبة الإمام المهدي عند جَدّه الإمام الصادق عليهما‌السلام الإجابة الشافية على جميع ما يحيط بها من تساؤلات ؛ إذ لم يدع عليه‌السلام ملحظاً كليّاً أو جزئيّاً في قضيّة الغيبة والغائب إلاّ وقد تعرّض لبيانه بكل دقة وتفصيل ، ولم يذر عليه‌السلام نقطة استفهام واحدة حول هذا الموضوع بلا جواب محكم. الأمر الذي قام عليه البحث وبرهن عليه في فصوله السابقة.

٣١٩

المحتويات

مقدّمة المركز................................................................. ٥

مُقَدَّمةُ المؤلف................................................................. ٧

الباب الأول / في معرفة الإمام الغائب عليه‌السلام قبل ولادته............................. ١٥

الفصل الأول / دعم الإمام الصادق عليه‌السلام للعقيدة المهدوية

وبيان حكم من أنكرها......................................................... ١٧

الأمرالأول ـ ثبوت أصل العقيدة المهدوية ، ودعمها.......................... ١٧

الأمر الثاني ـ بيان حكم من أنكر أصل العقيدة المهدوية...................... ٢٣

فتوى الفقيه الشافعي................................................... ٢٥

فتوى الفقيه الحنفي..................................................... ٢٦

فتوى الفقيه المالكي.................................................... ٢٦

فتوى الفقيه الحنبلي.................................................... ٢٦

ومما يؤيد تلك الفتاوى من أحاديث الإمام الصادق عليه‌السلام...................... ٢٧

الفصل الثاني / ترسيخ الإمام الصادق عليه‌السلام للقواعد الكاشفة

عن هوية الإمام الغائب......................................................... ٣٣

القاعدة الاولى :.......................................................... ٣٤

العصمة والمرجعية العلميّة والسياسية لأهل البيت عليهم‌السلام....................... ٣٤

حديث الثقلين وأثره في بلورة القاعدة....................................... ٣٥

أولاًًً ـ صحة الحديث وبيان تواتره...................................... ٣٥

ثانياًً ـ من صحح الحديث من العلماء.................................... ٤٠

٣٢٠