غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام

السيد ثامر هاشم العميدي

غيبة الامام المهدي عند الامام الصادق عليهما السلام

المؤلف:

السيد ثامر هاشم العميدي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الرسالة
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-447-7
الصفحات: ٣٢٧

المهدي عليه‌السلام.

جدير بالذكر أنه لا يوجد في عالم الرواية سوى حديثين فقد في خصوص كون نسب المهدي الموعود به في آخر الزمان حسنياً.

أحدهما : حديث أبي داود في سننه ، وقد سبق أن ناقشنا هذا الحديث وبينا ضعفه وزيفه من عدّة جهات.

والآخر : أرسله الطبري المفسّر العامّي في تهذيب الآثار (١) ، ولا عبرة به لإرساله ، ولأنه ليس من طرقنا.

في حين وردت عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته الأطهار عليهم‌السلام وخصوصاً الإمام الصادق عليه‌السلام روايات كثيرة تزيد على مائة رواية ، وكلها صريحة بما ذكرناه.

نكتفي بواحدة منها ، وهي ما رواه أبان بن عثمان ، عن الإمام الصادق عليه‌السلام ، قال : « بينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم بالبقيع حتى أقبل على عليه‌السلام فسأل عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقيل منه بالبقيع ، فأتاه على عليه‌السلام ، فسلم عليه ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اجلس ، فاجلسه عن يمينه ـ إلى أن قال ـ ثم إلتفت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى عليّ عليه‌السلام فقال : « ألا أبشرك؟ ألا أخبرك يا علىّ؟ فقال : بلى يا رسول الله ، فقال : كان جبرئيل عليه‌السلام عندي آنفاً وأخبرني أن القائم الذي يخرج في أخر الزمان فيملأ الأرض عدلاً ، من ذريتك ، من ولد الحسين .. » (٢).

__________________

١ ـ نقله عنه السيوطي في الحاوي للفتاوى ٢ : ٦٦.

٢ ـ كتاب الغيبة / النعماني ٢٤٧ ـ ٢٤٨ / ١ باب ١٤.

٢٤١

ومثله حديث معاوية بن عمار ، عن الإمام الصادق عليه‌السلام (١).

لماذا حصر الإمامة والمهدي في ذريّة الحسين دون الحسن عليهما‌السلام؟

إذا ما تجاوزنا هذا ، وعدنا إلى مسألة الإمامة بلحاظ كون المهدي الموعود هو قائم الأئمة ومن ذريتهم ، نجد أنها قد انحصرت بذرية الإمام الحسين السبط عليه‌السلام لا في الروايات الصحيحة الكثيرة التي تفوق حد الحصر فحسب ، بل في واقعها الخارجي أيضاً ، حيث عرفت الأمة بكل أجيالها من تصدّى من آل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله لمسألة الإمامة ، متحدياً بذلك السلطات الحاكمة في زمانه ، ويكفي فيما نحن فيه استماتة الحسنيين في كسب تأييد الإمام الصادق عليه‌السلام لدعوتهم ، حتى كان عبد الله بن الحسن يقول لما أخذ في أمر إبنه محمد وأجمع على لقاء أصحابه : « لا أجد هذا الأمر يستقيم إلاّ أن ألقى أبا عبد الله جعفر بن محمد » (٢) ، وأنه حين صارحهم في اجتماعهم بحقيقة الأمر ونهض عليه‌السلام ، تفرقوا ولم يجتمعوا بعدها كما مرّ.

وأما السؤال عن سبب حصر الإمامة بذرية الإمام الحسين عليه‌السلام دون ذرية الحسن عليه‌السلام؟

فجوابه المحكم عند الإمام الصادق عليه‌السلام نفسه ؛ إذ قال عليه‌السلام : « إن موسى وهارون عليهما‌السلام كانا نبيين مرسلين وأخوين ، فجعل الله عزّوجلّ النبوّة في صلب هارون دون صلب موسى عليهما‌السلام ، ولم يكن لأحد أن يقول لم فعل الله

__________________

١ ـ روضة الكافي ٨ : ٤٢ / ١٠.

٢ ـ أصول الكافي ١ : ٣٥٨ / ١٧ باب ما يفصل بن دعوى المحق والمبطل في أمر الإمامة ، من كتاب الحجة.

٢٤٢

ذلك؟ وإن الإمامة خلافة الله عزّوجلّ في أرضه ، وليس لأحد أن يقول لم جعلها الله في صلب الحسين دون صلب الحسن عليهما‌السلام ؛ لمن الله تبارك وتعالى هو الحكيم في أفعاله ( لا يُسألُ عَمَّا يفعلُ وَهمْ يُسألونَ ) (١) » (٢).

ومن هنا ندرك أن السرّ في مسألة حصر الإمامة بذرية الإمام الحسين عليه‌السلام أعمق بكثير مما قد نتصوّره سبباً لاختيار الله عزّوجلّ لتلك الصفوة الطاهرة من عباده ، كسمو أرواحهم ، وعظمة اخلاقهم ، وانقطاعهم لله عزّوجلّ ، ونحو ذلك من الأسباب الظاهرة التي تندرج في قائمة المثل العليا في الإسلام ؛ وإلاّ لتساووا عليهم‌السلام مع المتقين الأبرار الذين سلكوا طريقتهم المثلى ، ومضوا على محجّتهم الواضحة.

٣ ـ الاختلاف من جهة الأم اسماً ونسباً :

أما عن الاختلاف في اسم الأم ، فهو أوضح من نار على علم ، وأين اسم ( هند ) من اسم ( نرجس )؟ ويقال لها عليها‌السلام ( صقيل ) كما مرّ عن الإمام الصادق في بيان هوية الإمام المهدي عليهما‌السلام ؛ من باب تسمية الشيء ببعض صفاته ، ولهذا تعددت اسمائها لجمال خَلْقها وخُلقها سلام الله عليها.

وأما الاختلاف في نسب الأم ؛ فإن أم محمد بن عبد الله بن الحسن ،

____________

١ ـ سورة الانبياء : ٢١ / ٢٢.

٢ ـ إكمال الدين ٢ : ٣٥٨ ـ ٣٥٩ / ٥٧ باب ٣٣.

٢٤٣

هي : هند بنت أبي عبيدة.

وأمها : قريبة بنت يزيد بن عبد الله بن وهب.

وأمها : خديجة بنت محمد بن طليب بن أزهر بن عبد عوف.

وأمها : أم مسلم بنت عبدالرحمن بن أزهر بن عبد عوف.

وأمها : قدة بنت عرفجة بن عثمان بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم.

وأمها : الدنيبة بنت عبد عوف بن عبد الحرث بن زهرة.

وأمها : بنت العداء بن هرم بن رواحة.

وأمها : رزا بنت وهب بن ثعلبة بن وائلة من بني فهر.

وأمها : من بني الاحمر بن الحرث بن عبد مناف بن كنانة (١).

فهو إذن من جهة الأمّهات لم تلده إلاّ عربية قرشية في جميع أمهاته وجداته ، ولهذا يقال له : صريح قريش.

بينما يعدّ الإمام المهدي عليه‌السلام من جهة الأم ابن خيرة الإماء كما مرّ في أحاديث الهونية عن الإمام الصادق عليه‌السلام ، وفي روايات أخرى عنه عليه‌السلام انه ابن سيدة الإماء.

ومن طريف ما يروى في الردّ على مهدوية الحسني من هذه الجهة ، ما عن ابن أبي حازم في قصة من احتج عليه من أنصار محمد بن عبد الله بن

__________________

١ ـ مقاتل الطالبيين : ٢٠٦.

٢٤٤

الحسن المثنى ـ وكانوا من المغيرية أصحاب المغيرة بن سعيد الكذاب ـ بأن محمداًً هذا ابن مُهَيْرَة ـ أي : عربية حرّة محضة ، فجاء إلى الإمام الصادق عليه‌السلام وأخبره باحتجاجهم ، فأجابه عليه‌السلام بقوله : « أو لم تعلموا منه ـ يعني : الإمام المهدي عليه‌السلام ـ ابن سبية » (١).

ثالثاًً ـ من نتائج توعية الإمام الصادق عليه‌السلام :

لعل من أبرز نتائج الثقافة المهدوية التي بثّها الإمام الصادق عليه‌السلام في ذلك الحين ، تنصل قادة المعأرضة الحسنية للسلطة العباسية من دعوى المهدوية جملة وتفصيلاً ، بما في ذلك عبد الله بن الحسن الذي رجاها في ابنه محمد ، وكذلك محمد نفسه الذي إدعاها كما مرّ.

فقد روى يحيى بن مساور ، عن يحيى بن عبد الله بن الحسن قال : « لما حُبِسَ أبي ـ عبد الله بن الحسن ـ وأهل بيته ، جاء محمد بن عبد الله الى أمي ، فقال : يا أم يحيى ، أدخلي على أبي السجن ، وقولي له : يقول لك محمد : بأنه يُقْتَل رجل من آل محمد ـ يعني بذلك نفسه ـ خير من أن يُقْتل بضعة عشر رجلاً. قالت : فاتبعته ، فدخلت عليه السجن ، فاذا هو متكىء على برذعة ، في رجله سلسلة ، قالت : فجزعت من ذلك ، فقال : مهلاً يا أم يحيى فلاتجزعي فما بتُّ ليلة مثلها!قالت : فابلغته قول محمد ، قالت : فاستوى جالساً ثم قال : حفظ الله محمداً ، لا ولكن قولي له فليأخذ في الأرض مذهباً ، فو الله ما يحتج عندالله غداً ، إلاّ أنّا خلقنا وفينا من

__________________

١ ـ كتاب الغيبة / النعماني ٢٢٩ ـ ٢٣٠ / ١٢ باب ١٣.

٢٤٥

يطلب هذا الأمر » (١).

وروى ابن الأثير ما خلاصته : إنّ المنصور العباسي لما حبس بني الحسن في المدينة وصيّرهم بعد رجوعه من الحج الى الربذة كانا محمد وإبراهيم يأتيانه كهيئة الأعراب فيتشاوران مع أبيهما ، وإنه قال لهما : « إن منعكما أبو جعفر ـ يعني المنصور ـ من تعيشا كريمين ، فلا يمنعكما أن تموتا كريمين » (٢).

وهذه الكلمات تكاد تنطق بتحول عقيدة الأب في ابنه ، وتنازل الابن نفسه عن دعوى المهدوية وتنصله منها.

أما قول محمد لأبيه في رواية أخيه يحيى ، فيكشف دوران أمره بين تسليم نفسه للقتل مقابل الافراج عن أبيه وباقي الحسنيين ، او التضحية بها وبأهل بيته المسجونين ، وكلاها يعبر عن تبخر ذلك الوهم الكبير في من يملأ الأرض عدلاً وقسطاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً.

وأما أبوه عبد الله فقد آثر لهما ـ برواية ابن الأثير ـ مصارع الكرام على العيش بذلّ الاستسلام ، ولو كان يعتقد مهدوية ابنه محمد كما كان قبل دخوله السجن ، لأخذ بروع محمد ابنه ، وطمأنه على حياته ومستقبل مهدويته ، بأنها أعظم من أن تزول على يد الدوانيقي المخذول ، ولقال له : يا بني عجّل بالظهور ، فإن روح الله عيسى بن مريم عليه‌السلام سينزل لنصرتك ،

__________________

١ ـ مقاتل الطالبيين : ١٩٣.

٢ ـ الكامل في التاريخ ٥ : ١٤٤ ، في حوادث سنة / ١٤٤ هـ.

٢٤٦

وسيصلي خلفك ، حتى تكون مشارق الأرض ومغاربها أن ملكك.

بفضل هذه التوعية أيضاً أنكر آخرون أن يكون محمد بن عبد الله هو المهدي.

منهم : جد محمد بن عبد الله لأمه مروان بن محمد ، الذي أثّر فيه حديث الإمام الصادق عليه‌السلام في بيان هوية الإمام عليه‌السلام ، والذي لابدّ ومن يكون قد وصل الى أسماعه.

ويدل عليه ما قاله أبو العباس الفلسطي ، قال : « قلت لمروان جد محمد بن عبد الله ؛ فإنه ـ يعني : ابن عبد الله ـ يدّعي هذا الأمر ويتسمى بالمهدي! فقال : ما لي وله ، ما هو به ، ولا من أبيه ، وإنه لابن أم ولد » (١) يعني ابن سبّية.

ومنهم : خديجة بنت عمر بن على بن الحسين عليهما‌السلام ، حيث كانت تسخر من القول بمهدوية محمد بن عبد الله بن الحسن (٢).

ومنهم : الكلبي النسابة ، حيث أخذ معرفة هذا الأمر وحقيقته من الإمام الصادق عليه‌السلام مباشرة ، ولم يطع عبد الله بن الحسن في شيءٍ مما قاله (٣).

__________________

١ ـ مقاتل الطالبيين ٢١٩ و ٢٢٨.

٢ ـ أصول الكافي ١ : ٣٥٨ / ١٧ باب ما يفصل به بين دعوى المحق والمبطل في أمر الإمامة ، من كتاب الحجة.

٣ ـ اصول الكافي ١ : ٣٤٨ ـ ٣٥١ / ٦ من الباب السابق.

٢٤٧

ومنهم : موسى بن عبد الله بن الحسن أخي محمد بن عبد الله بن الحسن ، الذي اعترف بصحة وقوع كل ما أخبر به الإمام الصادق عليه‌السلام ، وقد مر حديثه.

ومنهم : إسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب وهو شيخ كبير ، قتله الحسنيون بعدما أبي عن بيعة محمد هذا ، لحديث رواه عن الإمام الباقر عليه‌السلام في مصرعه وقد أيّده الإمام الصادق عليه‌السلام ، وقد قتله أنصار محمد في مساء ذلك اليوم الذي امتنع فيه عن البيعة لهم (١).

ومنهم : علماء آل أبي طالب كما مرّ في كلام أبي الفرج ، ويأتي الإمام الصادق عليه‌السلام في طليعتهم ، وقد يكون عليه‌السلام هوالمعني أولاًً وآخراً بكلامه.

ومنهم : بعض الحسنيين كما مرّ في قول ابن أخى الزهري لعبد الله ابن الحسن لمّا أصرّ على أن المهدي هو ابنه محمد ، فقال له : « يأتي ذلك أهل بيتك » وفيه إشارة إلى وجود جملة من بني الحسن لا يرون صحّة القول بمهدويته ؛ نظراً لما وصل اليهم من أخبار المهدي الموعود عليه‌السلام ، فضلاً عمّا كان يقوله إمامنا الصادق عليه‌السلام للحسنيين ويخلص لهم النصيحة في ذلك.

ومنهم : عمرو بن عبيد ، الذي « كان ينكر أن يكون محمد بن عبد

__________________

١ ـ اصول الكافي ١ : ٣٦٣ ـ ٣٦٤ / ١٧ من الباب السابق؟

٢٤٨

الله هو المهدي ، ويقول : كيف وهو يقتل؟ » (١).

ومنهم : أبو جعفر المنصور العباسي كما سيأتي في دعوى مهدوية أبنه محمد الملقّب زوراً بـ : ( المهدي العباسي ).

__________________

١ ـ مقاتل الطالبييين : ٢١٨.

٢٤٩

الفصل الرابع

دعوى مهدوية المهدي العباسي

محمد بن عبد الله المنصور ( ١٥٨ ـ ١٦٩ / هـ )

أولاًً ـ من كان وراء القول بمهدويته :

١ ـ أبو جعفر المنصور :

يُعَدُّ المنصور الدوانيقي ( الخليفة ) العباسي ( ١٣٦ ـ ١٥٨ / هـ ) الرجل الأول وراء القول بمهدوية ابنه ( محمد ) ، بعدما كان في طليعة من أشاع القول بمهدوية محمد النفس الزكيّة ، مع أنه لم يكن معتقداً بها ولا بمهدوية أبنه قط ، وإنّما رامها لأسباب سياسية بحتة كما سيوافيك.

وقد كان المنصور ـ قبل وصول أخيه السفّاح إلى السلطة ( سنة / ١٣٢ هـ ) متملقاً للحَسنيين ، مداهناً معهم ، يحسب لمستقبله السياسي ألف حساب ؛ إذ سبق له ومن أمسك بركاب محمد النفس الزكيّة ، طالباً منه أن يذكر له هذا الموقف فيما لو أثمرت مهدويته ، وصار خليفة للمسلمين!! ولكنه سرعان ما نكث بيعته ، وغدر به بعد تولي السلطة بموت السفّاح ( سنة / ١٣٦ هـ ) ، فكفر بمهدويته ، وأطاح بحركته ، وأقدم على قتله وأخيه إبراهيم ( سنة / ١٤٥ هـ ). وبعد مرور سنتين ـ أي : في

٢٥٠

( سنة / ١٤٧ هـ ) ـ احتال على عمّه عيسى بن موسى الذي كان السفّاح قد عهد إليه بالخلافة بعد المنصور ؛ فخلعه منها ، وعهد بها إلى ولده ( محمد ) ولقّبه المهدي! (١).

وترجع محأولاًًت المنصور في استغلال العقيدة المهدوية لصالحة إلى أواخر السلطة الأموية ، يوم كان ابنه ( محمد ) طفلاً صغيراً لا يتجاوز الخامسة من عمره ؛ إذ وُلِدَ ( سنة / ١٢٧ وقيل : ١٢٦ هـ ) ، أي : قبل تسلَّم العباسيين السلطة بخمس أو ست سنين. ومنذ ذلك التاريخ ظلّ حلم المهدية يراود مخيلة المنصور إلى أن تمكن من إعلانه رسمياً على الملأ ( سنة / ١٤٧ هـ ) ، قبل شهادة الإمام الصادق عليه‌السلام ( سنة / ١٤٨ هـ ) بسنة واحدة

ويدلّ على ما ذكرناه ما قاله أبو سلمة المصبحي ، قال : حدثني مولى لابي جعفر ، قال : أرسلني أبو جعفر ـ يعني المنصور ـ فقال : اجلس عند المنبر فاسمع ما يقول محمد بن عبد الله ، قال : فذهبت وجلست عند المنبر فسمعت محمد بن عبد الله بن الحسن يخاطب الناس و يقول : « إنكم لا تشكّون إنّي أنا المهدي ، وأنا هو. قال : فأخبرت أبا جعفر بذلك ، فقال : كذب عدو الله بل هو ابني » (٢).

أقول : ليت أحداً قال له في ذلك الحين : وأنت يا عدو الله ألم تكذب وتقول في محمد بن عبد الله بن الحسن نفسه : هذا مهدينا أهل البيت؟

__________________

١ ـ راجع : تاريخ الخلفاء / السيوطي : ٢١٠.

٢ ـ مقاتل الطالبيين : ٢١٢.

٢٥١

ومن الواضح إنَّ هذا التراجع من المنصور لم يكن في زمان سلطته ولا في زمان أخيه السفاح ؛ إذ كان المهدي الحسني في تلك الفترة متواريا عن انظار ولاة المدينة لبني العباس ، وبقي هكذا إلى أن فاجأ المنصور بالثورة عليه سنة / ١٤٥ هـ ، وعليه فلا بدّ وأن يكون هذا التحول بُعيد مبايعته لمحمد بن عبد الله الحسني ووصفه بالمهدي ، إذ علم من الإمام الصادق عليه‌السلام مصير تلك المهدوية والسلطة معاً ، فما يمنعه إذن من استخدام سلاح الحسنيين أنفسهم في الدعوة إلى ابنه ، لا سيما وأن اسمه ( محمد ) ، واسم أبيه المنصور ( عبد الله ) يمنعه ، والحديث الموضوع : ( واسم ابيه اسم أبي ) لم يزل ساري المفعول في زمانه.

وقد مرّ عنه قوله ـ بعدما سمع من الإمام الصادق عليه‌السلام ما سمع ـ بأنه ما خرج من المجلس إلاّ ودبّر أمره!! فانظر كيف نظر وفكّر فدبر؟!

وروى أبو الحجّاج الجمّال ما هو صريح بتراجع المنصور عن القول بمهدوية محمد النفس الزكيّة قبل قتله ، قال أبو الحجّاج : « إنّي لقائم على رأس أبي جعفر المنصور ، وهو يسألني عن مخرج محمد بن عبد الله بن الحسن ، فبلغه أن عيسى بن موسى هُزِم ، وكان أرسله إلى قتال محمد. قال : وكان المنصور متكئاً ، فجلس ، فضرب بقضيب معه مصلاه ، وقال : كلا فأين لعب صبياننا بها على المنابر ، ومشاورة النساء » (١).

والسؤال هنا : أنه لو كان معتقدا بمهدوية الحسني ، فلماذا هذا التحوّل

__________________

١ ـ مقاتل الطالبيين ٢٤١ ، وتاريخ الطبري ٧ : ٥٩٨ ، والبداية والنهاية ١٠ : ٩٠ في حوادث سنة / ١٤٥ هـ.

٢٥٢

السريع؟ ثم من أين لأبي جعفر الدوانيقي أن يعلم بكل هذا لو لم يأخذه من عين صافية؟

نعم ، أخذه من الإمام الباقر عليه‌السلام في زمان الدولة الاموية (١) كما أخذه من الإمام الصادق عليه‌السلام يوم خاطب عبد الله بن الحسن بمحضر منه ومن أخيه السفاح قائلاً : « إن هذا الأمر والله ليس إليك ولا إلى إبنيك ، وإنّما هو لهذا ـ يعني السفاح ـ ثم لهذا ـ يعني المنصور ـ ثم لِوُلْدِهِ من بعده ، لا يزال فيهم حتى يأمّروا الصبيان ، ويشاوروا النساء » (٢).

وهكذا كان للمنصور العباسي الدور الأول في خداع الأمة والتحايل على عقيدتها في الإمام المهدي الموعود عليه‌السلام تارة بادّعائها للحسني ، وأخرى لولده ، هذا في الوقت الذي كان يعتقد فيه اعتقاداً راسخاً بأن المهدي الموعود غيرهما. والدليل عليه ما قاله يوسف بن فتيبة بن مسلم ، قال : « أخبرني أخي مسلم بن قتيبة ، قال : أرسل إلى أبو جعفر ـ المنصور ـ ، فدخلت عليه ، فقال : قد خرج محمد بن عبد الله وتسمّى بالمهدي ، ووالله ما هو به. واُخرى أقولها لك لم أقلها لأحد قبلك ، ولا أقولها لأحد بعدك : وابني هذا والله ما هو بالمهدي الذي جاءت به الرواية ، ولكنني تيمّنت به ، وتفاءلت به » (٣).

ويدلّ عليه أيضاً ما أخرجه الشيخ المفيد عن سيف بن عميرة ، قال :

__________________

١ ـ كما في روضة الكافي ٨ : ١٧٨ / ٢٥٦.

٢ ـ مقاتل الطالبيين : ٢٢٦.

٣ ـ مقاتل الطالبيين / أبو الفرج الأصبهاني : ٣٠٧.

٢٥٣

« كنت عند أبي جعفر المنصور ، فقال ابتداءً ، ياسيف بن عميرة ، لا بدّ من منادٍ ينادي من السماء باسم رجل من ولد أبي طالب.

فقلت : جعلت فداك! أتروي هذا؟ قال : أي والذي نفسي بيده ، لسماع أذني له ، ثم قال : يا سيف إنه لحقّ ، وإذا كان فنحن أول من يجيبه ، أما أن النداء إلى رجل من بني عمّنا.

فقلت : رجل من ولد فاطمة؟

فقال : نعم يا سيف ، لولا إني سمعته من أبي جعفر محمد بن على يحدّثني به ، وحدّثني به أهلُ الأرض كلّهم ما قبلته منهم! ولكنه محمد بن علي » (١).

أقول : ومع كل هذا فلم يرتدع حتى أعلن مهدوية ابنه رسمياً على الملأ ، ولم يفصح لأحد بما أفصح به من قبل لمسلم بن قتيبة كما مرّ ، وبقي معانداً للحقّ فأشاع تلك البدعة الشنعاء ، وقد وقف إلى جانبه الوضّاعون والشعراء المتملّقون كما سنرى.

٢ ـ الوضّاعون :

كان للوضّاعين الكذّابين دور كبير في إشاعة مهدوية المهدي العباسي على الناس أمثال :

مقاتل بن سليمان المشهور بالكذب ووضع الحديث ، ولما كان هذا الرجل الكذوب على علم بأن خروج الدجال من علامات ظهور المهدي الموعود من عقيدة الأمة بلا خلاف ، ومن هنا أراد اقناع الناس بأن

__________________

١ ـ الإرشاد / الشيخ المفيد ٢ : ٣٧٠ ـ ٣٧١.

٢٥٤

ظهور الدجال سيكون في زمان محمد بن عبد الله المنصور الملقب كذباً على الله ورسوله بالمهدي ، ولهذا كان يقول : « إن لم يخرج الدجال الأكبر سنة خمسين ومائة فاعلموا أني كذّاب!! ، وكان يحدث بهذا الحديث عن الكلبي ويقول : حدثنا أبو النظر! فلقيه الكلّبي ، وقال له : أنا أبو النظر وما حدثتك بهذا قط! فقال مقاتل : اسكت يا أبا النظر ، فإن تزيين الحديث لنا إنما يكون بالرجال »!

ومن جرأته في الكذب على الله ورسوله ، أنه قال للمهدي العباسي ذات يوم : « إن شئت وضعت لك أحاديث في العباس! فقال : لا حاجة لي فيها » ويظهر مما سيأتي أن كثرة تلك الأحاديث الموضوعة في العباس وولده جعلت ابن المنصور في غنى عن أحاديث مقاتل ، في حين كان المفروض عليه أن يُلَقِّن هذا الدجال درساً بليغاً ليكون عبرة لأن اعتبر ، ولكن ( الخليفة ) و ( أمير المؤمنين ) و ( المهدي ) لم يفعل!!

وقد سبق لمقاتل هذا ، وأن قال للمنصور : « انظر ما تحب أن أُحَدِّث فيك »! وكل هذا وغيره مما نقله مترجموه ، واتفقوا على كذبه ودجله (١).

إلى غير ذلك من أصناف الوضّاعين والكذّابين ، والمجاهيل والمهملين ، والضعفاء والمتروكين الذين أسهموا في إشاعة وترويج مهدوية المهدي

__________________

١ ـ تجد هذه الأقوال وغيرها في كتاب الجرح والتعديل / ابن ابي حاتم ٤ : ١ / ٣٥٤ ، والمجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين / ابن حبان ٣ : ١٤ ، والضعفاء والمتروكين / الدارقطني : ٣٧٦ / ٥٢٧ ، والكامل في ضعفاء الرجال / ابن عدي ٦ : ٢٤ ـ ٢٧ ، والضعفاء والمتروكين / ابن الجوزي ٣ : ١٣٦ ، وميزان الاعتدال / الذهبي ٤ : ١٧٣.

٢٥٥

العباسي ، من أمثال :

إبراهيم بن المهاجر ، وأحمد بن راشد الهلالي وإسماعيل بن إبراهيم بن المهاجر ، والحسن بن أحمد اًلعطاردي ، وزيد بن عوف أبي ربيعة القطعي ، وسالم الأعشى ، ومحمد بن جابر بن سيّار الحنفي ، ومحمد بن زياد أبي بكر ، ومحمد بن مخلد ، ومحمد بن الوليد المقريء مولى بني العباس ، وإليك جملة من رواياتهم :

الأحاديث الموضوعة في ترويج مهدوية المهدي العباسي :

لا بأس هنا بالإشارة السريعة إلى تلك الأحاديث الموضوعة والملفقة المقلوبة في مهدوية محمد بن المنصور الذي عرف بشرب الخمور :

منها : حديث رجل مجهول رفعه إلى كعب الأحبار وفيه : « المهدي من ولد العباس » ، رواه ابن حماد ، عن الوليد ، عن شيخ ، عن يزيد بن الوليد الخزاعي ، عن كعب (١).

ولم يعرف أحد اسم هذا الشيخ ، والإسناد منقطع لاشتماله على أحد الرواة بلفظ مبهم ، ويسمى مجهولاً أيضاً ، زيادة على إرساله ؛ إذ لم يرفعه كعب ، هذا فضلاً عمّا في كعب الأحبار من كلام.

ومنها : ما أسنده بعضهم إلى ابن عباس مرفوعاً : « هذا عمي أبو الخلفاء الأربعين أجود قريش كفاً وأجملها ، من وُلْدِه : السفاح ، والمنصور ، والمهدي ، بي يا عم فتح الله هذا الأمر ويختمه برجل من ولدك ».

__________________

١ ـ الفتن / ابن حمّاد : ١٠٣ ؛ وعنه الخطيب في تاريخ بغداد ١ : ٨٥ باب من أخبار أبي جعفر المنصور.

٢٥٦

أورده ابن الجوزي في الموضوعات (١) وابن عراق في تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الموضوعة (٢) ، والسيوطي في اللآلىء المصنوعة في الآحاديث الموضوعة ، وقال : « موضوع ، المتهم به الغلابي » (٣).

وهذا خطأ فظيع ؛ لمن الغلابي ثقة جليل مشهور ، وهو محمد بن زكريا البصري ( ت / ٢٩٨ هـ ) (٤) ، والمتهم به غيره ، ويؤيّده أن الإسناد المذكور لهذا الحديث ضعيف ومنقطع (٥). ولله درّ من قال في السيوطي بأنه كحاطب ليل.

ومن أمارات وضعه ، منه مخالف لعدد سلاطين بني العباس ، لأنك لو أعددتهم ابتداءً من السفاح وانتهاءً بالمستعصم قتيل التتار لوجدتهم في العراق سبعة وثلاثين رجلاً ، وفي مصر ابتداءً من المستنصر بالله وإلى نشوء الدولة الفاطمية ستة عشر رجلاً (٦) ، وبهذا يكون مجموع خلفاء بني العباس ثلاثة وستين ، وبه يستبيّن كذب واضعه ودجله ، هذا فضلاً عن وضوح كذبه بمعأرضة حديثه للصحيح من كون الخلفاء إثني عشر لا غير.

هذا ، وقد أخرج الحاكم نحوه من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن

____________

١ ـ الموضوعات / ابن الجوزي ١ : ٣٤٥.

٢ ـ تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الموضوعة / ابن عراق ٢ : ١١ / ٢٢.

٣ ـ اللآليء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة ١ : ٤٣٤ ـ ٤٣٥.

٤ ـ رجال النجاشي : ٣٤٦ ـ ٣٤٧ / ٩٣٦.

٥ ـ كما في البداية والنهاية / ابن كثير ٦ : ٢٤٦.

٦ ـ كما في تاريخ الخلفاء للسيوطي.

٢٥٧

المهاجر ، عن أبيه (١).

وحديث إسماعيل هذا واهٍ جداً ، قال الذهبي : « وإسماعيل مجمع على ضعفه ، وأبوه ليس بذاك » (٢).

وأخرج الحديث المذكور الخطيب البغدادي في تاريخه من رواية محمد ابن مخلد بن حفص (٣).

وحديثه ليس بشيء ، فقد ذكره الذهبي في ترجمة أحمد بن الحجاج بن الصلت ، قائلاً : « رواه عنه محمد بن مخلد ، فهو آفته ، والعجب أن الخطيب ذكره في تاريخه ولم يضعفه ، وكأنه سكت عنه لإنتهاك حاله » (٤).

ومنها : حديث محمد بن الوليد المقريء مولى العباسيين ، رفعه إلى عثمان بن عفان ، قال : « سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : المهدي من ولد العباس عمي ».

وهذا الحديث أورده ابن الجوزي في العلل المتناهية (٥) والألباني الوهابي في سلسلة الأحاديث الضعيفة (٦) ، والسيوطي في الجامع الصغير ، وقال : « حديث ضعيف » (٧) ، وهذا اشتباه منه ؛ إذ الصحيح أنه مكذوب

__________________

١ ـ مستدرك الحاكم ٤ : ٥٩٩ / ٨٥٦٨ ، والطبعة القديمة ٤ : ٥١٤.

٢ ـ تلخيص المستدرك / الذهبي ( مطبوع بهامش مستدرك الحاكمـ الطبعة القديمة ) ٤ : ٥١٤.

٣ ـ تاريخ بغداد ٤ : ٩٣ / ١٧٤٢ في ترجمة محمد بن نوح بن سعيد المؤذن.

٤ ـ ميزان الاعتدال ١ : ٨٩ / ٣٢٨.

٥ ـ العلل المتناهية ٢ : ٨٥٨ / ١٤٣٨.

٦ ـ سلسلة الأحاديث الضعيفة ١ : ١٨٠ ـ ١٨١ / ٨٠.

٧ ـ الجامع الصغير / السيوطي ٢ : ٦٧٢ / ٩٢٤٢.

٢٥٨

لا اصل له كما صرح بهذا غير واحد.

قال المناوي في شرح الجامع الصغير بخصوص هذا الحديث : « قال ابن الجوزي : فيه محمد بن الوليد المقريء ، قال ابن عدي : يضع الحديث ، ويصله ، ويسرق ، ويقلب الأسانيد والمتون. وقال ابن أبي معشر : كذاب » (١).

وأورده صاحب الصواعق ، ثم نقل عن الذهبي قوله : « تفرّد به محمد ابن الوليد مولى بني هاشم ـ يعني : العباسيين ـ وكان يضع الحديث » (٢).

وقد ترجم الذهبي لهذا الكذاب قائلاً : « قال ابن عدي : كان يضع الحديث ، وقال أبو عروبة : كذاب ، فمن أباطيله .. » ثم ساق له ثلاثة أخبار كلها كذب على الله تعالى ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأشدها خرافة ثالثها. ثم قال : « قال ابو حاتم : ليس بصدوق ، وقال الدار قطني : ضعيف » (٣).

ومنها : حديث أحمد بن راشد الهلالي ، عن سعيد بن خثيم ، رفعه إلى أم الفضل ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا عباس إذا كانت سنة خمس وثلاثين ومائة ، فهي لك ولولدك منهم : السفاح ، ومنهم المنصور ، ومنهم المهدي » (٤).

ويبدو من هذا الهلالي كان غبًيا جاهلاً بالتاريخ ، ولهذا فقد خالف

__________________

١ ـ فيض القدير في شرح الجامع الصغير / عبد الرؤوف المناوي الشافعي ٦ : ٢٧٨ / ٩٢٤٢.

٢ ـ الصواعق المحرقة / ابن حجر الهيثمي : ١٦٦.

٣ ـ ميزان الاعتدال ٤ : ٥٩ ـ ٦٠ /٨٢٩٣.

٤ ـ تاريخ بغداد ١ : ٨٤ ـ ٨٥ ، باب من أخبار أبي جعفر المنصور.

٢٥٩

بخبره هذا واضحات التاريخ ، حيث لم يبدا حكم بني العباس بما قاله هذا الكذّاب ، وإنّما ابتدا حكمهم في ( سنة / ١٣٢ هـ ) بلا خلاف ، ولهذا قال الذهبي في ترجمته : « أحمد بن راشد الهلالي ، عن سعيد بن خثيم بخبر باطل في ذكر بني العباس ـ ثم أورد خبره وقال ـ فهو الذي إختلقه بجهل » (١).

ونكتفي بهذا القدر من التوضيح مع الإشارة السريعة إلى بقية ما وقفنا عليه من أحاديث المهملين والكذّابين الذين وضعوا الأحاديث في مهدوية المهدي العباسي :

كمحمد بن زياد أبو بكر ، وسالم الأعشى ، وهما مهملان ، وحديثهما عن ابن عباس موضوع (٢).

ومحمد بن جابر بن سيار الحنفي ( ضعيف ) ، والحسن بن أحمد العطاردي ( مجهول ) ، وقد وقعا في سند حديث واحد مكذوب على أبي سعيد الخدري (٣).

وأبي ربيعة زيد بن عوف القطعي وحديثه موضوع (٤).

والضحّاك ، عن ابن عباس ، وحديثه موضوع ، لانه لم يسمع من ابن

__________________

١ ـ ميزان الاعتدال ١ : ٩٧ / ٣٧٥.

٢ ـ الموضوعات / ابن الجوزي ٢ : ٤٤٧ ، ترتيب الموضوعات / الذهبي : ٣٢٢ / ١١٧٢ ، والهلاليء ، المصنوعة ١ : ٣٩٨.

٣ ـ تاريخ بغداد ٩ : ٣٩٩ / ٥٠٠٧.

٤ ـ العلل المتناهية ١ : ٢٩٠ / ٤٦٩.

٢٦٠