رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز - ج ١

عزّ الدين عبدالرزاق بن رزق الله الرسعني الحنبلي

رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز - ج ١

المؤلف:

عزّ الدين عبدالرزاق بن رزق الله الرسعني الحنبلي


المحقق: عبد الملك بن عبد الله بن دهيش
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة الأسدي للنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٨٥

١
٢

تقديم

الحمد لله الذي أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا ، وردّ أباطيل الملحدين بقوله : (وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً) والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي بعثه الله في الأميين رسولا ، ونزّل القرآن عليه تنزيلا ، (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) ، وختمهم بالنبي الأمي العربي المكي الهادي لأوضح السبل ، أرسله إلى جميع خلقه من الإنس والجن من لدن بعثته إلى قيام الساعة. اللهم اجزه عنا أفضل ما جازيت نبيّا عن أمته ، وأحينا اللهم على سنته ، وتوفنا على ملته ، غير مبدلين ولا مفرطين ولا مفتونين ، بفضلك وكرمك يا أرحم الراحمين.

وبالله تعالى نستعين على بلوغ الأمل ، وإياه نسأل التوفيق للصواب في القول والعمل ، وهو حسبنا وإليه ننيب ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

أما بعد :

فهذا كتاب «رموز الكنوز في تفسير الكتاب العزيز» للإمام المحدث المفسر الحافظ عز الدين عبد الرّازق بن رزق الله الرّسعني الحنبلي ، نضعه بين أيدي القراء.

وقد ظهرت عناية كبيرة للعلماء بكتاب الإمام الرسعني ، وقد تجلى هذا من خلال الحلقات العلمية التي كان أهل العلم يعقدونها لإلقائه في مجالس ، وبعضهم كان يلقيه من حفظه (١).

__________________

(١) للتوسع في ذلك ينظر ص ٦٣ من هذه المقدمة.

٣

وقد اعتمد الرسعني في بيان معاني الآيات أحسن طرق التفسير ، فهو يفسر الآية بالقرآن وقراءاته ، ثم بالأحاديث الواردة ، ثم بأقوال الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين ، وإيراد أسباب النزول المروية عنهم ، ثم باللغة العربية.

ثم يسوق الأحاديث النبوية بأسانيده المتصلة إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أما ما يذكره عن الصحابة أو التابعين من الروايات فغالبا ما يذكرها دون إسناد.

وقد سقط من أول الكتاب المقدمة والفاتحة والبقرة وصدر آل عمران ، وسقط منه أيضا سورة المائدة كلها ، ومائة وسبع وعشرين آية من الأنعام.

نسأل الله أن يوفقنا للعثور على القسم المفقود من الكتاب ليتم إضافته إلى الموجود منه ، إنه على كل شيء قدير.

هذا وقد قدمنا بين يدي الكتاب دراسة وافية عنه ، وقسمنا هذه الدراسة إلى مقدمة وستة مباحث :

ففي المقدمة تكلمنا عن مقاصد البحث في كتاب «رموز الكنوز».

وفي المبحث الأول : ذكرنا ترجمة المؤلف ، وقد تناولت حياة المؤلف الشخصية والعلمية.

المبحث الثاني : ذكرنا فيه التعريف بكتاب رموز الكنوز : (نسبة الكتاب للمؤلف ـ قيمة الكتاب العلمية ـ عناية العلماء بكتاب «رموز الكنوز» ـ منهج المؤلف في كتابه «رموز الكنوز»).

المبحث الثالث : موارد الرسعني في كتابه : «رموز الكنوز».

المبحث الرابع : منهج العمل في التحقيق.

المبحث الخامس : منهج العمل في التعليق.

٤

المبحث السادس : التعريف بالنسخ الخطية لكتاب «رموز الكنوز».

وأخيرا ذيلنا الكتاب بفهارس عامة تعين المراجع على الوصول إلى بغيته بسهولة وتتضمن :

فهرس الأحاديث والآثار.

فهرس الرواة.

فهرس الأعلام.

فهرس المسائل الفقهية.

فهرس المسائل اللغوية.

فهرس الكتب.

فهرس الأشعار.

فهرس المقطعات.

فهرس الأمثال.

فهرس المصادر والمراجع.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

كتبه :

أ. د. عبد الملك بن عبد الله بن دهيش

١ / ٩ / ١٤٢٩ ه

٥
٦

المبحث الأول

ترجمة المؤلف

أ ـ مصادر ترجمة المؤلف

ب ـ حياة المؤلف الشخصية

١ ـ اسمه ونسبه

٢ ـ كنيته ولقبه ونسبته

٣ ـ ولادته

٤ ـ أسرته

ج ـ حياته العلمية

١ ـ نشأته وطلبه للعلم

٢ ـ رحلاته

٣ ـ شيوخه

٤ ـ تلامذته

٥ ـ مؤلفاته

٦ ـ ثناء العلماء على المؤلف

٧ ـ شعره

٨ ـ وفاته

٧

ترجمة المؤلف

مصادر ترجمته :

١. عقود الجمان في شعراء هذا الزمان لابن الشعار (ت ٦٥٤ ه‍) (٤ / ٣١ ب ـ ٣٨ / أ).

٢. ذيل تكملة الإكمال لابن العمادية (ت ٦٧٣ ه‍) : (١ / ٢٩٤)

٣. تكملة إكمال الإكمال لابن الصابوني (ت ٦٨٠ ه‍) : (ص ١٥٣)

٤. كشف الغمة في معرفة الأئمة للإربلي (ت ٦٩٥ ه‍) : (ص ٢٥)

٥. معجم الدمياطي (ت ٧٠٥ ه‍) (ق ١٣ / أ ـ ١٤ / ب).

٦. تلخيص مجمع الآداب لابن الفوطي (ت ٧٢٣ ه‍) : (٤ / ١٩٢)

٧. ذيل مرآة الزمان لليونيني (ت ٧٢٦ ه‍) : (١ / ٥٤٥) و (٢ / ٢١٩)

٨. مختصر طبقات المحدثين لابن عبد الهادي (ت ٧٤٤ ه‍) : (٤ / ٢٣٩)

٩. تاريخ الإسلام للذهبي (ت ٧٤٨ ه‍) : (٥ / ١٤٣)

١٠. تذكرة الحفاظ له : (٣ / ١٤٥٢)

١١. طبقات المحدثين له : (١ / ٢١٠)

١٢. العبر له : (٣ / ٣٠٢)

١٣. الوافي بالوفيات للصفدي (ت ٧٦٤ ه‍) : (١٨ / ٤٠٩)

١٤. البداية والنهاية لابن كثير (ت ٧٧٤ ه‍) : (١٣ / ٢٤١)

١٥. الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية للقرشي (ت ٧٧٥ ه‍) : (١ / ٣١٣)

٨

١٦. ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب (ت ٧٩٥ ه‍) : (٢ / ٢٧٤)

١٧. طبقات القراء لابن الجزري (٨٣٣ ه‍) : (١ / ٣٨٤)

١٨. التبيان في بديعة البيان لابن ناصر الدين (ت ٨٤٢ ه‍) (ق ١٤٨ / أ).

١٩. السلوك للمقريزي (ت ٨٤٥ ه‍) : (١ / ٥٠٢)

٢٠. تبصير المنتبه بتحرير المشتبه لابن حجر العسقلاني (٨٥٢ ه‍) : (٢ / ٦١٤)

٢١. النجوم الزاهرة لابن تغرى بردى (ت ٨٧٤ ه‍) : (٧ / ٢١١)

٢٢. المقصد الأرشد لابن مفلح (ت ٨٨٤ ه‍) : (٢ / ١٣٢)

٢٣. طبقات المفسرين للسيوطي (ت ٩١١ ه‍) : (ص ٥٥)

٢٤. طبقات الحفاظ له : (ص ٥٠٨)

٢٥. المنهج الأحمد للعليمي (ت ٩٢٨ ه‍) : (٢ / ٢٦١)

٢٦. طبقات المفسرين للداودي (ت ٩٤٥ ه‍) : (١ / ٣٠٠)

٢٧. طبقات المفسرين للأدنروي (القرن الحادي عشر) : (ص : ٢٤٣)

٢٨. كشف الظنون لحاجي خليفة (ت ١٠٦٧ ه‍) : (١ / ٤٥٢ ، ١ / ٧٤٣ ، ١ / ٩١٣ ، ٢ / ١٦٣)

٢٩. شذرات الذهب لابن العماد (ت ١٠٨٩ ه‍) : (٣ / ٣٠٥)

٣٠. هدية العارفين لإسماعيل باشا البغدادي (ت ١٣٣٩ ه‍) : (١ / ٥٦٦)

٣١. الأعلام للزركلي : (٣ / ٢٩٢)

٣٢. معجم المؤلفين لكحالة : (٥ / ٢١٧)

٣٣. مستدرك معجم المؤلفين له : (ص : ٣٧٣)

٩

٣٤. الإمام الرسعني الحنبلي وتفسيره رموز الكنوز : لمحمد صفاء شيخ إبراهيم حقي (؟ ـ؟).

٣٥. معجم المفسرين لعادل نويهض (؟ ـ؟) (١ / ٢٨١)

٣٦. مقدمة كتاب رموز الكنوز للدكتور محمد بن صالح البراك.

١٠

ب ـ حياته الشخصية

١. اسمه ونسبه :

هو : عبد الرّازق بن رزق الله بن أبي بكر بن خلف بن أبي الهيجاء.

هذا هو الصحيح في اسمه أنه عبد الرّازق ، بتقديم الألف على الزاي ، خلافا لسائر المصادر المطبوعة التي ذكرته بعبد الرزاق ، وهذا خطأ لعدة أمور :

١. جاء في السماء المثبت بآخر المجلد الثاني من النسخة أ ، ما نصه :

«سمع جميع هذا المجلد ، وهو الثاني من كتاب رموز الكنوز ، تأليف الشيخ الإمام عبد الرّازق بن رزق الله» (١).

٢. جاء في غلاف مختصر الفرق بين الفرق له ، بخط يده ، ما نصه :

«مختصر «كتاب الفرق بين الفرق» ، تأليف عبد القاهر البغدادي ، اختصار : عبد الرّازق بن رزق الله». اه.

٣. قال المؤلف في آخر كتاب «الحرز والمنعة في شأن أمر الهدي والمتعة» للحافظ أبي منصور البغدادي ، ما نصه :

«نقله ـ يعني الجزء ـ والذي قبله في مجلسين ، آخرهما يوم الجمعة ثامن جمادى الأولى سنة سبع وأربعين وستمائة ، عبد الرّازق بن رزق الله» (٢).

٤. ذكر المؤلف في آخر كتاب «درء اللوم والضيم في صوم يوم الغيم» لابن

__________________

(١) رموز الكنوز : (٢ / ٢٠٠ / أ).

(٢) الحرز والمنعة (٢ / ق ١٧ / ب).

١١

الجوزي ـ والذي نسخه بيده ـ ما نصه :

«وكتبه عبد الرّازق بن رزق الله الرسعني» (١).

٥. ذكر ابن الفوطي في مخطوطة الجزء الرابع من تلخيص مجمع الآداب في معجم الألقاب في باب عز الدين أن اسمه : عبد الرازق (٢).

٦. ترجمه تلامذته ومعاصروه بهذا الاسم ، فقد ترجمه ابن الشعار في عقود الجمان (٣) ، والدمياطي في معجمه (٤) ، ب «عبد الرّازق».

٧. ذكر الذهبي في كتابه «العبر» في ترجمة ولد المؤلف أن اسمه : محمد بن عبد الرّازق (٥).

٨. نقل الذهبي في كتابه «تذكرة الحفاظ» عن الحافظ أحمد بن المجد قوله في اسمه : عبد الرّازق الرسعني (٦).

٩. ترجمه الأدنروي في كتابه «طبقات المفسرين» باسم عبد الرّازق الرسعني (٧).

١٠. قال الزركلي (٨) : هو بتقديم الألف على الزاي ، خلافا لسائر المصادر

__________________

(١) درء اللوم (٢ / ق ١٢ / ب).

(٢) معجم المفسرين (١ / ٢٨١).

(٣) عقود الجمان (٤ / ق ١٣١ / ب)

(٤) معجم الدمياطي (ق ١٣ / أ).

(٥) العبر (٥ / ٣٦٤).

(٦) تذكرة الحفاظ (٤ / ١٤٥٣).

(٧) طبقات المفسرين (ص : ٢٤٣).

(٨) الأعلام : (٣ / ٢٩٢).

١٢

المطبوعة. والتصحيح من مخطوطة (التبيان) لابن ناصر الدين ، وقد وضع فيها فوق (عبد الرازق) (لفظ) صح.

فصح أن اسمه : عبد الرّازق بن رزق الله بن أبي بكر بن خلف بن أبي الهيجاء. كذا ذكرت عامة المصادر نسبه. إلا أن الذهبي (١) وابن الجزري (٢) أسقط جده أبا بكر وما بعده ، وأسقط ابن العماد (٣) جده خلفا وما بعده ، وأسقط جده أبا الهيجاء كلّ من ابن اليونيني (٤) ، وابن عبد الهادي (٥) ، والذهبي (٦) ، والصفدي (٧) ، وابن كثير (٨) ، والقرشي (٩) ، وابن ناصر الدين (١٠) ، وابن تغرى بردى (١١) ، والسيوطي (١٢) ، والأدنروي (١٣) ، ونويهض (١٤).

__________________

(١) طبقات المحدثين (ص : ٢١٠).

(٢) طبقات القراء (١ / ٣٨٤).

(٣) شذرات الذهب (٥ / ٣٠٥).

(٤) ذيل مرآة الزمان (١ / ٥٤٥).

(٥) مختصر طبقات المحدّثين (٤ / ٢٣٩).

(٦) تاريخ الإسلام (٥ / ١٤٣) ، تذكرة الحفاظ (٣ / ١٤٥٢) العبر (٣ / ٣٠٢).

(٧) الوافي بالوفيات (١٨ / ٤٠٩).

(٨) البداية والنهاية (١٣ / ٢٤١).

(٩) الجواهر المضيئة (١ / ٣١٣).

(١٠) التبيان (ق ١٤٨ / أ).

(١١) النجوم الزاهرة (٧ / ٢١١).

(١٢) طبقات المفسرين (ص : ٥٥).

(١٣) طبقات المفسرين (ص : ٢٤٣).

(١٤) معجم المفسرين (١ / ٢٨١).

١٣

وشذ ابن كثير (١) فقال : عبد الرزاق بن عبد الله ، والقرشي (٢) ، فقال : عبد الرزاق بن أبي بكر بن رزق الله. وكلاهما وهم.

٢. كنيته ولقبه ونسبته :

أجمعت المصادر على أنه يكنى أبا محمد ، ولم يذكر هذه الكنية كل من : ابن العماد (٣) ، والقرشي (٤).

كما اتفقوا على أنه يلقب : بعز الدين. وأغفل هذا اللقب كل من : ابن الشعار (٥) ، وابن الصابوني (٦) ، وابن ناصر الدين (٧) ، وابن الجزري (٨).

وأما نسبته : فيقال له الرّسعني ، والجزري ، والموصلي.

أما الرّسعني : بفتح الراء والعين المهملة وسكون السين المهملة ، نسبة إلى رأس عين ، مدينة بالجزيرة الفراتية.

قال السمعاني (٩) : هذه النسبة إلى بلدة من ديار بكر ، يقال لها رأس عين ، وماء

__________________

(١) البداية والنهاية (١٣ / ٢٤١).

(٢) الجواهر المضيئة (١ / ٣١٣).

(٣) شذرات الذهب (٥ / ٣٠٥).

(٤) الجواهر المضيئة (١ / ٣١٣).

(٥) عقود الجمان (٤ / ١٣١ / ب)

(٦) تكملة إكمال الإكمال (ص : ١٥٣).

(٧) التبيان (ق ١٤٨ / أ).

(٨) طبقات القراء (١ / ٣٨٤).

(٩) الأنساب : (٦ / ١٢٢).

١٤

دجلة يخرج منها ، والنسبة إليها : رسعني.

وهذه النسبة أكثر شهرة بها من غيرها.

ورأس العين : مدينة بالجزيرة الفراتية على نهر الخابور ، كانت تعرف قديما باسم «رسين تيودوسيو بوليس» ، وهي مدينة مشهورة تقع بين حران ونصيبين ، سار الصحابي الجليل عياض بن غنم سنة ١٩ ه‍ إلى إقليم العراق بعد أن أخضع الرها ، وصدع بأمر الخليفة عمر رضي الله عنه ، فأنفذ عمير بن سعد إلى مدينة رأس عين ، فحاصرها وفتحها عنوة ، ثم استولى الإفرنجة عليها ، غير أنهم لم يستطيعوا الاحتفاظ بها مدة طويلة بسبب جهاد أهلها.

وهي تقع حاليا في شمال شرقي سوريا قريبا من مدينة القامشلي ، وهي مدينة جملية تشتهر بمياهها وينابيعها الكبريتية.

وقيل في النسبة إليها الراسي ، وممن اشتهر بهذه النسبة أبو الفضل جعفر بن محمد بن الفضل الراسي (١).

وأما الجزري : فنسبة إلى جزيرة الفرات التي تقع فيها رأس العين ، وقد ترجمه بهذه النسبة ابن عبد الهادي (٢) ، والذهبي (٣) ، وابن ناصر الدين (٤) ، والسيوطي (٥).

وأما الموصلي : فنسبة إلى الموصل ، البلد المشهور في العراق ، لأن المؤلف تولى

__________________

(١) الإمام الرسعني الحنبلي (هامش ص : ١٥ ـ ١٦)

(٢) مختصر طبقات المحدثين (٤ / ٢٣٩).

(٣) تذكرة الحفاظ (٤ / ١٤٥٢).

(٤) التبيان (ق ١٤٨ / أ).

(٥) طبقات الحفاظ (ص ٥٠٩).

١٥

التدريس بدار الحديث المهاجرية بها ، كما سيأتي ، وقد تفرد بهذه النسبة صديقه علي بن عيسى الإربلي ، بهاء الدين ، في كتابه «كشف الغمة» ، فقال : ونقبت من أحاديث نقلها صديقنا عز الدين عبد الرازق بن رزق الله بن أبي بكر ، المحدث الحنبلي ، الرسعني الأصل ، الموصلي المنشأ. اه.

٣. ولادته :

اتفقت المصادر على أن ولادة الإمام الرسعني ـ رحمه‌الله ـ كانت في رأس عين الخابور في سنة تسع وثمانين وخمسمائة من الهجرة النبوية.

وأغفل هذا الصفدي في الوافي بالوفيات ، وابن كثير في البداية والنهاية ، وابن ناصر الدين في التبيان ، وابن تغرى بردى في النجوم الزاهرة ، وابن مفلح في المقصد الأرشد ، وابن الجزري في طبقات القراء ، والبغدادي في هدية العارفين.

وقد حدد ابن الشعار يوم ولادته ، فقال : وكانت ولادته ـ فيما قرأتها بخط يده ـ يوم الأحد ، بين الظهر والعصر ، الثالث والعشرين من رجب ، سنة تسع وثمانين وخمسمائة ، برأس عين (١). اه.

وكذا في ذيل مرآة الزمان لليونيني (٢).

إلا أن ابن الصابوني ، قال : وسألته عن مولده ، فقال : في يوم الأحد ، لثمان بقين من رجب ، سنة تسع وثمانين وخمسمائة برأس عين (٣). اه.

__________________

(١) عقود الجمان (٤ / ١٣١ / ب) ،

(٢) ذيل مرآة الزمان (٢ / ٢١٩).

(٣) تكملة إكمال الإكمال (ص : ١٥٥).

١٦

فعلى هذا يكون مولده في الثاني والعشرين من رجب ، وتقدّم النقل عن ابن الشعار أنه ولد في الثالث والعشرين ، ومثل هذا لا يعدّ خلافا لاتفاقهم على أنه ولد يوم الأحد ، وإنما اختلفوا فيما يوافقه من الشهر ؛ فابن الشعار يقول : يوم الأحد يوافق الثالث والعشرين من رجب ، وابن الصابوني يقول : يوافق الثاني والعشرين. فلعل هذا من أجل الخلاف في يوم دخول الشهر.

٤. أسرته :

لم تسعفنا المصادر التي ترجمت للمؤلف بمعلومات مفصلة عن أسرة الرسعني ، وهل كان ذلك بتقصير من الذين أوردوا أخباره فلم يعنوا بذكر سيرة أسرته ، أم أن أسرته كانت عادية لم تعط حظّا من الشهرة ، فلم يظهر فيها ما يجعل تاريخها وسيرتها معروفة عند أهل عصره؟ وهو الظاهر. إلا أننا سنحاول ومن خلال المعلومات القليلة التي ذكرتها المصادر ؛ الحديث عن أسرة الرسعني.

فقد تزوج الرسعني امرأة من بيت علم ودين في بلده رأس عين ، وهي ابنة الشيخ أبي الخطاب بن هلال الرسعني ، كما صرّح بذلك في كتابه «التفسير» ، حيث قال (١) : وسمعت الشيخ أبا الخطاب بن هلال الرسعني جد أولادي لأمهم يقول ... اه.

وقد ولد له أربعة أولاد ؛ ثلاثة ذكور وأنثى ، وفيما يلي نذكر ترجمة موجزة لمن وقفنا على ذكر له من أسرته :

__________________

(١) رموز الكنوز (٥ / ٣٤١).

١٧

١. ولده : محمد (بضع عشرة وستمائة ـ ٦٨٩ ه‍) (١) :

شمس الدين ، محمد بن عبد الرازق ، أبو عبد الله ، وأبو الفضائل ، الفقيه ، الشاعر ، الأديب ، المعدل ، المحدث الحنبلي ، نزيل دمشق ، كان شيخا أبيض مليح الشكل.

وهو أكبر أولاده ، وبه يكنى.

ذكره أبوه في تفسيره مرارا ، وسأل عن غوامض في التفسير ، وتكلم فيه بكلام جيد (٢).

وقد اعتنى به أبوه ، واصطحبه معه في رحلته إلى بغداد سنة ثلاث وثلاثين وستمائة ، وأشركه معه في سماعه من الشيخ أبي طالب عبد اللطيف بن محمد بن علي القبيطي. ذكر الرسعني ذلك في إسناد له عند تفسير قوله تعالى (٣) : (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) [الرحمن : ٦٠].

سمع من ابن روزبه وابن بهروز وابن القبيطي وجماعة ببغداد ، ومن كريمة وغيرها بدمشق ، وأمّ بالمسجد الكبير بالرماحين.

سافر إلى مصر في شهادة ، ولما عاد دخل نهر الشريعة (٤) ، من الغور ، يسقي

__________________

(١) مصادر ترجمته : ذيل طبقات الحنابلة (٢ / ٣٢٤) ، والمقصد الأرشد (٢ / ٤٥٦) ، والعبر (٥ / ٣٦٤) ، والوافي بالوفيات (٣ / ٢٥١ ـ ٢٥٣) ، وفوات الوفيات (٢ / ٢٧٩) ، وشذرات الذهب (٣ / ٤١٠).

(٢) المقصد الأرشد (٢ / ٤٥٦).

(٣) رموز الكنوز (٧ / ٥٧٤).

(٤) هو المعروف الآن بنهر الأردن (تقويم البلدان ص : ٣٩).

١٨

فرسه ، فغرق ولم يظهر له خبر ، وذلك في جمادى الآخرة ، سنة تسع وثمانين وستمائة.

قال الصفدي (١) : كان يمدح الصاحب شمس الدين ابن السلعوس قبل وزارته ، وكتب إليه بهاء الدين ابن الأرزني :

أحنّ إلى تلك السجايا وإن نأت

حنين أخي ذكرى حبيب ومنزل

وأهدي إليها من سلامي مشاكلا

نسيم الصبا جاءت بريّا القرنفل

فأجابه شمس الدين المذكور :

على فترة جاء الكتاب معطّرا

بمسك سحيق لا بريّا القرنفل

وأذكرني ليلات وصل تصرمت

بدار حبيب لا بدارة جلجل

شكوت إلى صبري اشتياقا ، فقال لي :

ترفّق ، ولا تهلك أسى وتجمّل

فقلت له : إني عليك معول

وهل عند رسم دارس من معول

ومن شعره :

ولو أن إنسانا يبلغ لوعتي

ووجدي وأشجاني إلى ذلك الرشا

لأسكنته عيني ولم أرضها له

ولو لا لهيب القلب أسكنته الحشا

وقال الصفدي (٢) : أنشدني من لفظه الشيخ أثير الدين قال : أنشدني المذكور لنفسه من أبيات :

__________________

(١) الوافي بالوفيات (٣ / ٢٥١ ـ ٢٥٣).

(٢) الوافي بالوفيات (٣ / ٢٥٢).

١٩

أأحبابنا إن جادت المزن أرضكم

فما هي إلا من دموعي تمطر

وإن لاح برق فهو برق أضالعي

وإن ناح ورق عن أنيني يخبر

وإن نسمت ريح الصبا وتأرجت

فمن طيب أنفاسي بكم تتعطّر

وإن رنّحت أغصان دجلة فانثنت

فعنّي بإبلاغ النسيم تخبر

ومن عجب أنّي أكتم لوعة

وأودعها طيّ الصبا وهي تنشر

ومنها في المديح :

على أدهم كالليل يسطو على العدى

بأبيض هندي به الموت أحمر

إذا ركعت أسيافه في عداته

تخر سجودا والرماح تكبر

قال الصفدي (١) : هو نظم متوسط واستعارة التكبير للرماح استعارة فاسدة.

ومن شعره (٢) :

أآيس من برّ وجودك واصل

إلى كلّ مخلوق ، وأنت كريم

وأجزع من ذنب وعفوك شامل

لكل الورى طرّا وأنت رحيم

وأجهد في تدبير حالي جهالة

وأنت بتدبير الأنام حكيم

وأشكو إلى نعماك ذلّي وحاجتي

وأنت بحالي يا عزيز عليم

__________________

(١) الوافي بالوفيات (٣ / ٢٥٣).

(٢) شذرات الذهب (٣ / ٤١٠).

٢٠