شرح أبيات سيبويه - ج ٢

أبي محمّد يوسف بن أبي سعيد السيرافي

شرح أبيات سيبويه - ج ٢

المؤلف:

أبي محمّد يوسف بن أبي سعيد السيرافي


المحقق: الدكتور محمّد علي سلطاني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار العصماء
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٥٣
الجزء ١ الجزء ٢

١
٢

بسم الله الرحمن الرحيم

[إدخال (رب) على (ما) الاسمية]

٣٢٧ ـ قال سيبويه (١ / ٢٧٠) في الصفات ، قال أمية بن أبي الصلت :

(ربّ ما تكره النفوس من الأم ...

ر له فرجة كحلّ العقال) (١)

الشاهد (٢) فيه أنه أتى ب (ما) وهي اسم نكرة ، وأدخل عليها (ربّ) ووصفها بالجملة التي بعدها وأراد : تكرهه النفوس من الأمر ، وتقديره : رب شيء

__________________

(١) البيت في ديوان أمية ص ٥٠ من قصيدة له. وجاء في صدره (ربما تجزع النفوس ..) وفي حماسة البحتري ق ١١٨٨ ص ٢٢٣ كما روي لأمية في : فرحة الأديب ٥٣ / أمن قصيدة ، وسيلي نصه ، واللسان (فرج) ٣ / ١٦٦

وفي معجم الشعراء ٢٤٣ نسب البيت إلى عمير الحنفي. وقال صاحب الخزانة ٢ / ٥٤٢ إن هذا البيت وجد في أشعار جماعة ، منهم : أبو قيس اليهودي وابن صرمة الأنصاري وحنيف بن عمير اليشكري. وقيل : هو لابن أخت مسيلمة الكذاب واسمه نهار ، ووجد في أبيات لأعرابي ، ثم قال : والمشهور أنه لأمية بن أبي الصلت من قصيدة طويلة عدتها تسعة وسبعون بيتا ذكر فيها شيئا من قصص الأنبياء وذكر قصة إبراهيم وإسحق عليهما السّلام وزعم أنه هو الذبيح ..

(٢) ورد الشاهد في : سيبويه أيضا ١ / ٣٦٢ والمقتضب ١ / ٤٢ والنحاس ٦٦ / أوالأعلم ١ / ٢٧٠ و ٣٦٢ والمغني ش ٤٩٧ ج ١ / ٢٩٧ والعيني ١ / ٤٨٤ وشرح السيوطي ش ٤٧٤ ص ٧٠٧ والأشموني ١ / ٧٠ والخزانة ٢ / ٥٤١

٣

تكرهه النفوس ، وحذف الضمير العائد إلى (ما). والضمير في قوله (له فترجة) يعود إلى (ما) أي : لهذا الشيء المكروه فرجة ، أي انفراج. وقوله : كحلّ العقال يريد انفراجا سهلا يسيرا سريعا كما يحل العقال في السهولة والسرعة. والمعنى واضح (١).

__________________

(*) عقب الغندجاني على البيت وشرحه بقوله :

«قال س : هذا بيت مثل ضربه لأبيات تقدمته ، لا تتم معرفة معناه إلا بتلك. وهي :

١) مع إبراهيم الموفّي بالنّذ ...

ر وإسحاق حامل الأجذال

٢) ابنه لم يكن ليصبير عنه

لو رآه في معشر أقتال

٣) قال يا بني إني نذرتك لل

ه شحيطا فاصبر فدى لك خالي

٤) فأجاب الغلام أن قال فيه

كلّ شيء لله غير انتحال

٥) أبتا إنني جزيتك بالل

ه ثقيا به على كلّ حال

٦) فاقض ما قد نذرت لله واكفف

عن دمي أن يمسّه سربالي

٧) واشدد الصّفد أن أحيد من السّك

كين حيد الأسير ذي الأغلال

٨) إنني آلم المحزّ وإني

لا أمسّ الأذقان ذات السّبال

٩) وله مدية تخيّل في اللّح

م هذام جليّة كالهلال

١٠) بينما يخلع السرابيل عنه

فكّه ربّه بكبش جلال

١١) قال : خذه وأرسل ابنك إني

للّذي فعلتما غير قالي

١٢) والد يتّقي وآخر مولو

د فطارا منه بسمع معال

١٣) رب ما تكره النفوس من الأم ...

ر له فرجة كحلّ العقال».

(فرحة الأديب ٥٣ / أ)

٤

[النصب على الشتم بإضمار فعل]

٣٢٨ ـ قال سيبويه (١ / ٢٥٣) في باب ما ينتصب على الذم ، قال لميس (١) الثمالي :

يا كلب لا تزني بعو

ف إنه ذو قذر

قبّح من يزني بعو

ف من ذوات الخمر

(الآكل الأسلاء لا

يحفل ضوء القمر) (٢)

الشاهد (٣) فيه أنه نصب (الآكل) على الشتم بإضمار فعل. وقوله (يا كلب) يحتمل أمرين :

أحدهما أنه يريد ترخيم (كلبة) اسم امرأة ، ويجوز أن يخاطب كلبا القبيلة ، وهو يريد نساءها ، والأسلاء : جمع سلا ، وهو الجلدة التي تخرج مع المولود من بطن أمه ، وقوله : لا يحفل ضوء القمر ، يعني أنه لا يبالي أن يجاهر بفعل القبيح ، وما يسقطه.

[(يزي) ترخيم يزيد]

٣٢٩ ـ قال سيبويه (١ / ٣٣٥) في الترخيم ، قال يزيد (٤) بن مخرّم الحارثيّ :

__________________

(١) لم تذكره المصادر لدي.

(٢) أورد سيبويه الثاني والثالث ونسبهما إلى «رجل معروف من أزد السّراة» والأبيات للميس في شرح الكوفي ٢١٤ / أوثالثها بلا نسبة في : اللسان (سما) ١٩ / ١٢١

(٣) ورد الشاهد في : الأعلم ١ / ٢٥٣ والكوفي ٢١٤ / أ

(٤) يزيد بن مخرمّ الحارثي من اليمن ، أبو الحارث ، جاهلي كثير الشعر ترجمته في : كنى الشعراء ـ نوادر المخطوطات ـ ٧ / ٢٩١ والمؤتلف (تر ٦٩٣) ١٩٨ وشرح الحماسة للمرزوقي ١٧٥٦ ومعجم الشعراء ٤٩٤ والخزانة ١ / ٣٩٦ ـ ٣٩٧

٥

أردناهم أن ينقموا أو يقاتلوا

فكلتاهما أعيتهم بعياء

(وقالوا : تعال يا يزي بن مخرّم

فقلت لهم : إني حليف صداء) (١)

ويروى : فقالوا نسالم يايزي بن مخرّم.

الشاهد (٢) فيه أنه رخّم (يزيد).

وقوله : إني حليف صداء أي قوم من صداء بيني وبينهم عهد لا يمكنني تركهم وكان يزيد بن مخرم غزا هو وابنه ومعهما أربعة أنفس من صداء ، فأغاروا على بني الراش بن كنده ، ثم نذروا بهم ، فلحقوهم فقاتلوهم واسترجعوا ما كان أخذ منهم. ورجع يزيد ومن معه ، ثم وقع بقوم من أهل اليمن فأصاب منهم نعما وغيره.

ثم عارضوه في جمع لهم ، وعرضوا عليه أن يستأسر أو يعطيهم يمينا لا يغزوهم أبدا ، فقال لهم يزيد : لا ، بل تصفحون وتعتدّونها نعمة ، أو أقاتلكم. فأبوا عليه إلا أن يستأسر أو يسالمهم آخر الدهر ، فقاتلهم فهزمهم. وقوله : وكلتاهما أعيتهم أي لم يدروا ما يصنعون ، أيقاتلون أو ينعمون.

[النصب على الذم بإضمار فعل]

٣٣٠ ـ قال سيبويه (١ / ٢٥٤) في الصفات ، قال إمام (٣) بن أقزم النّميري :

__________________

(١) عند سيبويه البيت الثاني ، ونسبه إلى يزيد بن محزّم وهو تصحيف ، فقد ورد بالخاء والراء في كنى الشعراء وكذا ضبطه البغدادي. وفي شرح الكوفي ابن مجمع ، أما في اللسان (صرى) ١٩ / ١٨٩ فهو ابن محرّق.

(٢) ورد الشاهد في : النحاس ٧٨ / أوالأعلم ١ / ٣٣٥ والكوفي ٢١٥ / أوالخزانة ١ / ٣٩٦ وقد أشار سيبويه إلى أن الحذف مما ليس في آخره هاء من الأسماء أقلّ ، وإن حذفت فحسن ، والحذف في الشعر كثير.

(٣) صوابه : إمام بن أقرم (بالراء) ، ويلقب خنزر. من شعراء العصر الأموي ترجمته في : ألقاب الشعراء ـ نوادر المخطوطات ٧ / ٣١٤ ، والبيان والتبيين ١ / ٣٨٦ وشرح الحماسة للمرزوقي ق ٦٣٧ ج ٣ / ١٥٠٦

٦

وأنا أشك في «أقزم» هل هو بالزاي أو بالراء :

ولما أن برزت إلى سلاحي

وبشرى قلت : ما أنا بالفقير

طليق الله لم يمنن عليه

أبو داود وابن أبي كثير

ولا جزء ولا ابن أبي شريف

ولا مولى الأمير ولا الأمير

(ولا الحجاج عيني بنت ماء

تقلّب طرفها حذر الصّقور) (١)(٢)

الشاهد (٣) في نصبه (عيني بنت ماء) على الذم بإضمار فعل.

__________________

(١) عند سيبويه البيتان الثاني والرابع بلا نسبة وهما لإمام في البيان للجاحظ ١ / ٣٨٦ وقد أكد الغندجاني هذه النسبة ، وسيلي نص ذلك بعد ، وكذا في شرح الكوفي ٢١٤ / ب ورويت بعض الأبيات بلا نسبة : فرابعها في المخصص ١٣ / ٢١٢ والثاني في اللسان (طلق) ١٢ / ٩٦

(*) عقب الغندجاني على عبارة ابن السيرافي المترددة في أقزم ، بعد أن أورد الأبيات ـ بقوله :

«قال س : هذا موضع المثل :

قوّم صدور العيس يابن بشر

ذات اليمين من مغيب النّسر

إياك والشكّ وضعف الأمر

إذا كان المفسر متشككا ، فكيف يكون حال المفسّر له ، ومن يكون مبلغه من معرفة الشعر هذا المبلغ فإنه لا يتصدى لتفسير مثل هذا الشعر وذكر قائله.

والصواب أقرم بالراء غير المعجمة. ولم يفسر ابن السيرافي بشرى أيضا ، وهي أغرب ما في هذا الشعر ، وهي فرس إمام بن أقوم النميري».

(فرحة الأديب ٣٣ / ب)

(٢) ورد الشاهد في : النحاس ٦٢ / أوالأعلم ١ / ٢٥٤ والكوفي ٢١٤ / ب. وقال النحاس : نصب (عيني) ولا يجوز فيهما الرفع على الحجاج ، فهو واحد وهما ثنتان.

٧

وكان أبان (١) بن مروان على دمشق ، فحبس إمام بن أقرم النميري. وكان على شرطه (٢) رجل يسمى الحجاج (٣) ، فطلب إمام إلى يزيد بن هبيرة المحاربيّ أن يكلم الأمير فيه ، وطلب إلى الحجاج ، وإلى ابن أبي كثير السلولي ، وإلى جزء ، والى ابن أبي شريف الفزاري فلم يفعلوا ، وأفلت من السجن.

وأراد بقوله (عيني بنت ماء) أن عينيه تموجان كعيني طائر من طير الماء نظر إلى صقر ففزع منه ، فعيناه تدوران (٤).

[(لا) بمنزلة ليس]

٣٣١ ـ قال سيبويه (١ / ٢٨) في النفي ، قال سعد (٥) بن مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة :

(من صدّ عن نيرانها

فأنا ابن قيس لا براح) (٦)

__________________

(١) أحد أبناء مروان بن الحكم ، وجاء في كتاب المعارف ٣٥٤ أنه كان على فلسطين لأخيه عبد الملك ، وكان الحجاج على شرطه آنذاك.

(٢) في الأصل والمطبوع : شرطة ، بدون تعريف.

(٣) يفهم من عبارة الجاحظ في البيان ١ / ٣٨٦ أن الحجاج المذكور هو نفسه الحجاج ابن يوسف الثقفي ، وكان حينذاك صاحب شرطة دمشق. (ت بواسط سنة ٩٥ ه‍) ترجمته في : الوصايا للسجستاني ١٦١ والكامل لابن الأثير ٤ / ١٣٢ وسرح العيون ١٧٠ ـ ١٨٥

(٤) وطير الماء لا يكون أبدا إلا منسلق الأجفان. كذا قال الجاحظ في البيان والتبيين ١ / ٣٨٦

(٥) شاعر فارس من سادات بكر ، قتل في حرب البسوس. ترجمته في : البيان والتبيين ٣ / ٣٩ والأغاني ٥ / ٤٦ والدرة الفاخرة ١ / ١٦٤ والمؤتلف (تر ٤٢٥) ١٣٥ والتبريزي ٢ / ٣١ والخزانة ١ / ٢٢٦

(٦) البيت لسعد في حماسة البحتري ق ١٦٠ ص ٣٧ وفي شرح المرزوقي ق ١٦٧ / ٩ ج ٢ / ٥٠٦ والبيت آخر المقطوعة عند الأخير. وورد في اللسان (برح) ٣ / ٢٣١ وقد

٨

الشاهد (١) فيه رفع (براح) بعد (لا).

ونيران الحرب اشتدادها وعظمها. يقول : من أعرض عن الحرب وتركها وسئمها ، فإني غير سائم لها ولا تارك. والمعنى واضح.

[ترخيم (حنظلة) في غير النداء]

٣٣٢ ـ قال سيبويه (١ / ٣٤٢) في الترخيم ، قال غيلان (٢) بن حريث :

(وقد وسطت مالكا وحنظلا)

صيّابها والعدد المجلجلا

قوما إذا دعوتهم لن أخذلا (٣)

الشاهد (٤) فيه أنه رخم (حنظلة) وليس بمنادى ، وهو ترخيم يحتمل أن يكون على مذهب من قال (يا حار) وعلى مذهب من قال (يا حار).

__________________

نسبه إلى سعد بن ناشب ، ثم أتبع ذلك بنسبته إلى سعد بن مالك ، وروي للشاعر ضمن قصيدة طويلة في شرح شواهد المغني للسيوطي ص ٥٨٣ وبلا نسبة في : القاموس (الألف اللينة) ٤ / ٤١٠

(١) ورد الشاهد ـ وفيه إجراء لا بمنزلة ليس ـ في : سيبويه أيضا ١ / ٣٥٤ والنحاس ٢٦ / ب والأعلم ١ / ٢٨ و ٣٥٤ والإنصاف ٢٠٥ والكوفي ٦٩ / ب و ١١١ / أو ١٩٥ / ب والمغني ش ٣٩٦ ج ١ / ٢٣٩ وأوضح المسالك ش ١٠٧ ج ١ / ٢٠٣ والعيني ٢ / ١٥٠ وشرح السيوطي ش ٣٨٠ ص ٦١٢ والأشموني ١ / ١٢٥ والخزانة ١ / ٢٢٣ و ٢ / ٩٠

(٢) لم تذكره المصادر لدي.

(٣) عند سيبويه البيت الأول بلا نسبة. وروي الأول والثاني لغيلان بن حريث في اللسان (وسط) ٩ / ٣٠٨ وبلا نسبة في : شرح المرزوقي ١ / ٣٠٥ ، والتبريزي ٤ / ٢٨ واللسان (صيب) ٢ / ٢٥

(٤) ورد الشاهد في : النحاس ٧٩ / أوتفسير عيون سيبويه ٣٦ / ب والأعلم ١ / ٣٤٢.

٩

وأراد : حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم. والصيّاب : خالص القوم ولبلبهم ، والمجلجل : الكثير.

[الرفع على الاستئناف ـ للمعنى]

٣٣٣ ـ قال سيبويه (١ / ٢٢٦) في الصفات ، قال الراجز ـ وعندي أنه الحذلميّ (١) :

وساقيين مثل زيد وجعل

(سقبان ممشوقان مكنوزا العضل) (٢)

الشاهد (٣) فيه أنه رفع (سقبان) وما بعده ، ولم يحمله على ساقيين ، ورفعهما وجعلهما خبر ابتداء محذوف تقديره : هما سقبان.

السقبان : الطويلان ، والممشوقان : اللذان لم يكثر لحمهما ، ومكنوزا العضل يريد أن عضلهما ملتف بعضه ببعض ، وذلك أشد لأجسامهما. يذكر أنهما يسقيان الإبل.

وفي إنشاد الأصمعي :

يجبي لها أهيف ممسود العضل

مثل فضيل أو جميح أو جعل

للدّلو في أيديهم سفح عجل

__________________

(١) لم تذكره المصادر لدي.

(٢) أوردهما سيبويه بلا نسبة ، وهما للحذلي في : شرح الكوفي ٢١٥ / أ. وأسند النحاس إنشادهما إلى عيسى بن عمر ، وذكر أن الخليل أنشدهما بالجر على البدل (صقبين ممشوقين ..). ورويا بلا نسبة في : اللسان (سقب) ١ / ٤٥١ و (كنز) ٧ / ٢٦٩

(٣) ورد الشاهد في : النحاس ٤٦ / أوالأعلم ١ / ٢٢٦ والكوفي ٢١٥ / أ. وذكر النحاس أنه رفع (صقبان ممشوقان) على التفسير ، كأنه قيل : ما هما؟ فقال : صقبان ممشوقان.

١٠

صقبان ممشوقان مأروما الأصل (١)

يجبي : يجمع الماء في الحوض ، والأهيف : الخميص البطن ، والممسود : المفتول يريد أن عضله / صلب مفتول. وفضيل وجميح وجعل : أسماء رعاء ، والسفح : الصب ، وعجل : سريع. يريد أنهم يستقون استقاء سريعا ، والمأروم : المفتول. وقوله : مأروما الأصل يريد أنهما لا يشربان اللبن عند العشي حتى يسقيا الإبل فيروياها.

[أقوالهم في (ويكأن)

٣٣٤ ـ قال سيبويه (١ / ٢٩٠) في باب كم ، قال نبيه (٢) بن الحجاج السّهمي

سالتاني الطلاق أن رأتاني

قلّ مالي. قد جئتماني بنكر

(ويكأن من يكن له نشب يح

بب ومن يفتقر يعش عيش ضرّ)

فلعليّ سيكثر المال عندي

ويعرّى من المغارم ظهري

ويرى أعبد لنا وإماء

ومناصيف من خوادم عشر (٣)(٤)

__________________

(١) وردت الأبيات برواية الأصمعي في شرح الكوفي ٢١٥ / أ.

(٢) شاعر من ذوي النباهة في قريش ، قتل في بدر مشركا مع أخيه منبّه سنة ٢ ه‍.

ترجمته في : سيرة ابن هشام ١ / ٣١٥ والبيان والتبيين ٢ / ٢٦٣ وجمهرة أنساب العرب ١٦٥ والخزانة ٣ / ١٠١

(٣) أورد سيبويه البيتين الأول والثاني ونسبهما إلى زيد بن عمرو بن نفيل ، وتبعه الأعلم في هذا الموضع ، ثم ذكر في ٢ / ١٧٠ أنه يروى لنبيه بن الحجاج السهمي. ورواها الغندجاني لزيد في : فرحة الأديب ٣٣ / ب والأبيات عنده ثمانية ، وسيلي نصه. أما في شرح الكوفي فالأبيات لزيد بن عمرو بن نفيل أو نبيه بن الحجاج السهمي. وأتى البغدادي بهذه الأبيات ضمن مقطوعة نسبها إلى زيد بن عمرو بن نفيل.

كما وردت متفرقات منها في مصادر أخرى. فجاء أولها في المخصص ١٤ / ١٤ أشار فيه

١١

__________________

ابن سيدة إلى إبدال همزة (سألتاني) ألفا التخلص من حركة الهمزة إذ لا يتّزن البيت بحرف متحرك ، وقال في شأن نسبته : إن (سال يسال) ليس من لغة القرشيين ولا السهميين ، فهم يهمزون وإنما اضطر الشاعر إلى هذا التخفيف.

وروي ثانيهما في : اللسان (يدي) ٢٠ / ٣٠١ و (يا) ٢٠ / ٣٨١ وهو يتردد كغيره في نسبته إلى واحد من الشاعرين.

وسنقتصر فيما يلي على رواية الغندجاني ـ إذ كان من تلاه متأثرا به إن لم يكن قد أخذ عنه ، صنيع البغدادي ـ وقد قال معقبا على ما أورده ابن السيرافي من الشعر ونسبته.

«قال س : هذا موضع المثل :

ترك البدوء من العظام لأهلها

وأحال ينقي مخّة العرقوب

جهل ابن السيرافي قائل هذا الشعر ، وهو من أخيار قريش ، ونسب الشعر إلى نبيه بن الحجاج وهو من أشرارهم. وهذا الشعر لزيد بن عمرو بن نفيل ، وأوله على النسق :

١) إنّ عرسيّ تنطقان لي اللّو

م على عمد قول زور وهجر

٢) سالتاني الطلاق إذ رأتاني

قلّ مالي قد جئتماني بنكر

٣) خفّضا لا لديكما غيّر الأم

ر ولا بد للضّريك بصبر

٤) فلعلي أن يكثر المال عندي

ويخلّى من المغارم ظهري

٥) ويرى أعبد لنا وإماء

ومناصيف من ولائد عشر

٦) فنجرّ الذّيول في نعمة زول

تقولان ضع عصاك لدهر

٧) وي كأن من يكن له نشب يح

بب ومن يفتقر يعش عيش ضرّ

٨) ويجنّب سرّ الأمور ولكن ...

ن ذوي المال محضر وكلّ سرّ»

(فرحة الأديب ٣٣ / ب)

١٢

الشاهد (١) في قوله (ويكأن) و (وي) كلمة تقال عند استعظام الشيء والتعجب منه ، و (كأن) مخففة من كأنّ ، والنكر : المنكر ، والنشب : المال والورق وما أشبههما ، والمغارم : الديون ، والمناصف : الخدم. وذكر أن امرأتيه سألتاه أن يطلقهما لأنه لم يكن عنده مال ينفقه عليهما.

وقوله (ويكأن من يكن له نشب يحبب) أي من كان له مال أحبته زوجاته ، وقمن بإصلاح طعامه ، وتمهيد فراشه ، واستعداد ما يحتاج إلى استعماله من الآلة. وإن لم يكن معه شيء تهاونّ به ، فساءت حاله ، ولم يصف عيشه. ثم قال : فلعلّي أقضي ديني وأستغني ، وبصير لي خدم وجوار. يعدهما ويمنّيهما لترضيا وتصبرا.

[العدول عن العطف على اسم (انّ) إغناء للمعنى]

٣٣٥ ـ قال سيبويه (١ / ٢٩٠) في باب إنّ ، قال بشر بن أبي خازم :

إذا جزّت نواصي آل بدر

فأدّوها وأسرى في الوثاق

__________________

(١) ورد الشاهد في : سيبويه أيضا ٢ / ١٧٠ ومعاني القرآن ٢ / ٣١٢ والنحاس ٦٨ / ب والأعلم ١ / ٢٩٠ و ٢ / ١٧٠ والكوفي ٢١٥ / ب والأشموني ٢ / ٤٨٦ والخزانة ٣ / ٩٥

فكان مجمل ما أتوا به في معاني (ويكأنّ) : أنها مركبة من (وي) ومعناها التنبيه مع (كأنّ) التي للتشبيه ومعناهما (ألم تر). أو أنها بمعنى : ويلك فحذفت اللام.

كما قال عنترة : (ويك عنتر أقدم).

أو أنهما كلمتان (ويك أنه) أراد : ويلك أنه ، فحذف اللام وجعل أنّ مفتوحة بفعل مضمر كأنه قال : ويلك اعلم أنه ... فأضمر.

ويبقى الوجه الذي أخذ به ابن السيرافي أكثرها قبولا ، فإن (وي) كلمة تعجب معروفة في الاستعمال وهي غير مركبة مع غيرها. ولكنها في حال التركيب وردت في الاستعمال بمعان متعددة تلتقي عند جانب التعجب فيها.

١٣

(وإلا فاعلموا أنّا وأنتم

بغاة ما بقينا في شقاق) (١)

الشاهد (٢) فيه أنه أتى بعد اسم أنّ (وأنتم) ضمير المرفوع ، ولو عطف على الاسم لوجب أن يقول (وإياكم) ولكنه بدأه (٣).

وسبب هذا الشعر أن قوما من آل بدر الفزاريين جاوروا بني لأم من طيىء ، فعمد بنو لأم إلى الفزاريين فجزوا نواصيهم ، وقالوا : قد مننّا عليكم ولم نقتلكم ـ وبنو فزارة حلفاء بني أسد ـ فغضبت بنو أسد لأجل ما صنع بالبدريين. فقال بشر هذه القصيدة يذكر فيها ما صنع ببني بدر ، ويقول للطائيين :

فإذ قد جززتم نواصيهم ، فاحملوها إلينا ، وأطلقوا من أسرتم منهم. وإن لم تفعلوا ، فاعلموا أنا نبغيكم ونطلبكم ، فإن أصبنا منكم أحدا طلبتمونا به ، فصار كل واحد منا يبغي صاحبه. والشقاق : العداوة. يقول : نبقى أبدا متعادين.

[بدل النكرة من المعرفة]

٣٣٦ ـ قال سيبويه (١ / ٢٢٢) في الصفات ، قال بشر بن أبي خازم :

فإلى ابن أمّ أناس أرحل ناقتي

عمرو ، فتبلغ حاجتي أو تزحف

__________________

(١) ديوان بشر ق ٣٤ / ١٦ ـ ١٧ ص ١٦٥ من قصيدة قالها يهجو أوس بن حارثة وجاء في صدر الأول (فإذ جزت ..) وهي أجود ، لأنها تعني ماتم وقوعه ، وهو المراد هنا. وأسرى : الواو للمعية. وجاء في عجز الثاني (ما حيينا) وهي مرجوحة. لأن المعنى : نحن بغاة ما بقي شقاقنا. ما مصدريه ظرفية.

(٢) ورد الشاهد في : النحاس ١٣ / أو ٦٨ / ب والأعلم ١ / ٢٩٠ وأسرار العربية ١٥٤ والإنصاف ١٠٩ والكوفي ١٠٠ / ب و ١٧٢ / أو ٢١٦ / أوأوضح المسالك ش ١٤٣ ج ١ / ٢٥٨ والعيني ٢ / ٢٧١ والخزانة ٤ / ٣١٥ أما (بغاة) فإما أن تجعلها خبرا للثاني وتضمر للأول خبرا ، أو هي خبر للأول وتضمر للثاني فهو أجود لقربه ووضوحه.

(٣) في المطبوع : ولكنه قدره.

١٤

(ملك إذا نزل الوفود ببابه

عرفوا غوارب مزبد لا ينزف) (١)

الشاهد (٢) فيه أنه أبدل (ملك) من (ابن أم أناس) وهو بدل النكرة من المعرفة.

يمدح بشر عمرو بن المنذر بن ماء السماء ، وأم (٣) أناس : بنت عوف بن محلّم بن ذهل بن شيبان ، وأم جده عمرو بن المنذر أم أبيه. وقوله : فتبلغ حاجتي أي تبلغ راحلتي إلى الموضع الذي أقصده. يريد فتبلغ الموضع الذي فيه الملك ، أو تزحف الراحلة. وأزحفت : إذا بقيت لا يمكنها أن تسير وهلكت ، فيتركها صاحبها ويلتمس غيرها. والمزبد : النهر العظيم الجرية ، الكثير الماء ، الذي يرمي بالزبد. والغوارب : جمع غارب ، يريد ما علا من الماء. لا ينزف : لا ينفد ما فيه.

[النصب على المدح بإضمار فعل]

٣٣٧ ـ قال سيبويه (١ / ١٠٤) في باب ما ينتصب على المدح. قالت الخرنق (٤) :

__________________

(١) البيتان عند سيبويه ، وقد نسبهما إلى (بعض العرب الموثوق بهم) وهما في ديوان بشر ق ٣١ / ١١ ـ ١٢ ص ١٥٥ من قصيدة ذكر الديوان أنه قالها يمدح عمرو بن أم إياس .. وصوابه (أناس) كما أثبتّ. وجاء في عجز الأول (ستنجح حاجتي) وفي عجز الثاني (غرفوا) بدل عرفوا.

(٢) ورد الشاهد في : النحاس ٥٧ / أوالأعلم ١ / ٢٢٢ والإنصاف ٢ / ٢٦٣ ، والكوفي ٢١٦ / أ

(٣) انظر جمهرة الأنساب ٣٢٢

(٤) الخرنق بنت هفان القيسية ، وهي أخت طرفة لأمه ، جاهلية شهيرة ، أكثر شعرها في رثاء زوجها وأخيها طرفة. ترجمتها في : الخزانة ٢ / ٣٠٧ وأعلام النساء ١ / ٢٩٤ ومقدمة ديوانها (شيخو).

١٥

لا يبعدن قومي الذين هم

سمّ العداة وآفة الجزر

(النازلين بكل معترك

والطيبون معاقد الأزر) (١)

الشاهد (٢) فيه أنه نصب (النازلين) على المدح ، لأن الاسم الذي قبله مرفوع فاعل (يبعدن) وقولها : سم العداة : يعني أنهم يتلفون أعداءهم كإتلاف السم لهم.

وآفة الجزر : تريد أنهم ينحرون الإبل لضيفانهم. أرادت أنهم شجعان أجواد يقتلون أعداءهم ، وينحرون لضيفانهم ، والجزر : جمع جزور وهي الناقة ، والمعترك : موضع القتال.

تعني أنهم / ينازلون الأقران في مضيق الحرب ، وذلك أشد ما تكون الحرب. والأزر : جمع إزار وهو المئزر. وقولها : والطيبون معاقد الأزر ، تريد أنهم يحلونها إذا أرادوا النكاح على زوجاتهم وإمائهم ، ويعقدونها بعد حلها ، ولا يعقدون (٣) مآزرهم بعد إن أتوا فجورا وما لا يجوز لهم فعله. ويقال : فلان طيب الإزار إذا كان عفيفا.

__________________

(١) ديوان الخرنق ص ١٠ ، ١٢ من قصيدة قالتها ترثي زوجها بشرا ومن قتل معه في إغارتهم على بني أسد وفيه : (النازلون) بالرفع. رويت الأبيات للخرنق في : مراثي شواعر العرب ١ / ٢٧ وروي الأول والثالث للشاعرة في : اللسان (نضر) ٧ / ٧٠ والثالث فقط في (نحت) ٤٠٣

(٢) ورد الشاهد في : سيبويه أيضا ١ / ٢٤٦ و ٢٤٩ و ٢٨٨ والكامل للمبرد ٣ / ٤٠ والنحاس ٦٠ / ب والأعلم ١ / ١٠٤ و ٢٤٦ وشرح ملحة الإعراب ٦١ والإنصاف ٢ / ٢٤٩ و ٣٩٩ والكوفي ٥ / أو ٤١ / أوالعيني ٣ / ٦٠٢ والأشموني ٢ / ٣٩٩ و ٤٩٥ والخزانة ٢ / ٣٠١

(٣) توجيه للشرح غير صحيح ولا طائل تحته. والصواب ما أوجزه في السطر التالي. فالشطر كناية عن العفة فحسب.

١٦

وقد روى بعضهم (آفة الجزر) و (معاقد الأزر) بضمتين. وهو على الرواية الأولى من الضرب الخامس من الكامل ، وعلى هذه الرواية من الضرب الرابع من الكامل. وفي القصيدة ما لا يمكن معه أن يكون الضرب على (فعلن) من الضرب الرابع ، وذلك أن فيها :

 .....

 .. من التأييه والزّجر

وفيها :

 .....

وذوي الغنى منهم بذي الفقر (١)

رثت الخرنق بهذا الشعر جماعة من بني مرثد وهم قومها ، قتلوا في قلاب (٢) وكان بشر بن عمرو بن مرثد غزا في بني قيس بن ثعلبة ، فأصاب في بني عامر بن صعصعة فملأ يديه ، ثم عاد فمر ببني أسد وهم نزول على قلاب فوثبوا عليه فقتلوه

__________________

(١) هذان بيتان من القصيدة المذكورة. وهما :

قوم إذا ركبوا سمعت لهم

لغطا من التأييه والزّجر

والخالطون لجينهم بنضارهم

وذوي الغنى منهم بذي الفقر

هذه رواية الديوان ، وخير منها ما جاء في كتاب القوافي للأخفش ص ٨٤ : (والخالطون نحيتهم بنضارهم). إذ لا جديد في خلط اللجين بالنضار وهما متجانسان ، ويظهر فضلهم إذ يساوون بين الخامل من قومهم وبين الخالص الرفيع. وعدم التمييز بين الناس بالمال مما تفخر به العرب ، أمثال قول الحماسي (ق ٧١٤) :

والخالطين فقيرهم بغنيهم

والباذلين عطاءهم للسائل

ورويت (نحيتهم) في اللسان (نحت) ٢ / ٤٠٣ و (نضر) ٧ / ٧٠ وفي الخزانة ٢ / ٣٠٦ والتأييه الدعاء ، يقال أيّهت بالرجل إذا دعوته.

(٢) قلاب جبل في محلة بني أسد حيث كانت الوقعة المذكورة. انظر البكري ٧٤٢ والخزانة ٢ / ٣٠٧

١٧

وثلاثة من ولده وجماعة من قومه ، وأخذوا ما كان غنم من بني عامر. فرثتهم الخرنق.

[تأنيث فاعل المذكّر حملا على المعنى]

٣٣٨ ـ وقال سيبويه (١ / ٢٣٨) في باب تثنية أسماء الفاعلين وجمعها إذا تقدمت ، قال أبو ذؤيب :

(بعيد الغزاة فما أن يزا

ل مضطمرا طرّتاه طليحا)

كسيف المراديّ لا ناكلا

جبانا ولا جيدريا قبيحا (١)

الشاهد (٢) في قوله (مضطمرا طرتاه) ذكر مضطمرا ولم يقل مضطمرة والفعل للطرتين.

وأراد بالطرتين الجدّتين اللتين بين بطنه وظهره في جانبيه ، ويقال لمنقطع جنب الظبي طرة ، ولونه يخالف لون بطنه ، واستعمل الطرتين في الناس استعارة ، والطليح : المعيي. وقوله : كسيف المرادي ، ومراد : من قبائل اليمن ، يعني أن سيفه يماني ، فلم يمكنه أن يقول : يمان فقال : كسيف المرادي. والجيدر والجيدري : القصير ، والناكل : العاجز المقصر.

يمدح بهذا الشعر عبد الله بن الزبير ، وكان أبو ذؤيب خرج معه غازيا. وأراد أنه يبعد الغزاة ، ويصبر على الحرب حتى يهزل ويتغير ، ويمضي فيما يريده

__________________

(١) البيتان لأبي ذؤيب في ديوان الهذليين ـ القسم الأول ص ١٣٥ وجاء في صدر الأول (تريع الغزاة وما إن يريع) أي يرجعون وما إن يرجع» ورويا متفرقين ، فأولهما لأبي ذؤيب في : اللسان (ضمر) ٦ / ١٦٢ و (طرر) ٦ / ١٧٢ و (غزا) ١٩ / ٣٦٠ وبلا نسبة في : المخصص ٢ / ٢٧ والثاني للشاعر في : المخصص ٢ / ٧١ واللسان (مسد) ٤ / ٤٠٩

(٢) جاز ذلك لأن التأنيث مجازي ، كما أن الطرة بمعنى الجانب. وقد ورد الشاهد في : المقتضب ٢ / ١٤٧ والنحاس ٥٨ / ب والأعلم ١ / ٢٣٨ والكوفي ٢١٦ / أ.

١٨

كمضاء السيف. ويروى : يريع الغزاة ، أي يرجع الغزاة وهو لا يرجع لصبره وإبعاده في بلاد العدو.

[النصب على التمييز]

٣٣٩ ـ قال سيبويه (١ / ٢٩٩) في التمييز ، قال كعب بن جعّيل :

فمن يأتنا أو يعترض لطريقنا

نفته وإن جدّ النهار وأسأدا

(ومرفدنا سبعون ألف مدجّج

فهل في معدّ فوق ذلك مرفدا) (١)

الشاهد (٢) في نصب (مرفدا) على التمييز ، والذي هذا تمييزه (ذلك) ، كأنه قال : فهل مرفد في معد فوق ذلك مرفدا. و (ذلك) إشارة إلى المرفد صرّحه في قوله : لنا مرفد سبعون ألف مدجج. والمدجج : الشاك في السلاح و (في معد) وصف ل (مرفد) المحذوف و (مرفد) المحذوف رفع بالابتداء ، و (فوق ذلك) خبره.

يقول : من يأتنا ليلحقنا ويفعل مثل أفعالنا ـ وليكون مشهورا بفعل المكارم والشجاعة والقوة والعدد ـ نفته : لا يلحقنا وإن جدّ في السير النهار كله والليل. وهذا على طريق المثل. يريد أنه إن اجتهد في فعل الأمور التي تكسب الشرف والنباهة ، لا يلحق بشرفنا وأيامنا المشهورة. والإسآد : سير الليل كله ، والمرفد : العظيم من الجيش.

__________________

(١) ورد ثانيهما لكعب بن جعيل عند سيبويه ، وروي البيتان للشاعر في : شرح الكوفي ٢١٦ / ب.

(٢) ورد الشاهد في سيبويه أيضا ١ / ٣٥٣ والنحاس ٧٠ / ب والأعلم ١ / ٢٩٩ والكوفي ٢١٦ / ب.

١٩

[النصب على الاختصاص]

٣٤٠ ـ قال سيبويه (١ / ٣٢٧) وقال عمرو (١) بن الأهتم :

(إنّا بني منقر قوم ذوو حسب

فينا سراة بني سعد وناديها)

جرثومة أنف يعتفّ مقترها

عن الخبيث ويعطي الخير مثريها (٢)

الشاهد (٣) فيه على نصب (بني منقر) بإضمار فعل ، و (قوم) خبر إنّ.

والجرثومة : أصل الشيء ومعظمه ، أنف : الذين يأنفون ، ويعتفّ : يفتعل من العفّة ، والمقتر : الفقير. يقول : فقيرنا يعف عن طلب ما لا يليق بالأحرار والكرام أن يطلبوه ، ويقنع بالبلغة والشيء اليسير من العيش ، ولا يأتي أمرا يدنس به حسبه ، ولا يكسب كسب سوء. والمثري : الغني ، يعطي الخير : يجود بما في يده.

[ترخيم (فزارة)]

٣٤١ ـ قال سيبويه (١ / ٣٣١) في الترخيم ، قال عوف (٤) بن عطية ابن الخرع التيمي :

__________________

(١) عمرو بن سنان (الأهتم) التميمي المنقري ، أبو ربعي ، مخضرم. وهو أحد سادات تميم وشعرائها وخطبائها. وسمعه الرسول صلّى الله عليه وسلّم فقال : إن من البيان لسحرا (ت ٥٧ ه‍). ترجمته في : البيان والتبيين ١ / ٤٥ و ٥٣ و ٣٥٥ والشعر والشعراء ٢ / ٦٣٢ وثمار القلوب ٣٤٦ والموشح ٧٥ ومعجم الشعراء ٢١٢ وسرح العيون ١٤٨

(٢) روي البيتان لعمرو في اللسان (عفف) ١١ / ١٥٩ وجاء في صدر الأول (إنّا بنو) بالرفع ، والنصب أجود للمعنى. كما رويا للشاعر درج أبيات كثيرة من القصيدة في رغبة الآمل ٢ / ٦٨

(٣) ورد الشاهد في : الكامل للمبرد ١ / ٣٩٤ والنحاس ٧٦ / أوالأعلم ١ / ٣٢٧ والكوفي ٢١٧ / أ.

(٤) شاعر مخضرم ، من طبقة الإسلاميين الثامنة عند ابن سلّام ، وله في المفضليات. ترجمته في : البيان والتبيين ٣ / ٨٧ ومعجم الشعراء ٢٧٦ والخزانة ٣ / ٨٢ ورغبة الآمل ٧ / ٦.

٢٠