إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ٨

بهجت عبدالواحد الشيخلي

إعراب القرآن الكريم لغةً وإعجازاً وبلاغة تفسيراً بالإيجاز - ج ٨

المؤلف:

بهجت عبدالواحد الشيخلي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٧

١

٢

٣

٤

سورة لقمان

معنى السورة : لقمان : هو لقمان بن باعورا ابن أخت أيوب أو ابن خالته .. كان من أولاد آزر وقد عاش ألف سنة وأدرك داود ـ عليه‌السلام ـ وأخذ منه العلم. كان لقمان يفتي قبل مبعث داود فلما بعث قطع الفتوى .. فسئل عن ذلك؟ فقال : ألا أكتفي إذا كفيت. وقيل : كان قاضيا. وأكثر الأقاويل أنه كان حكيما ولم يكن نبيا. وكان داود ـ عليه‌السلام ـ كثير التعبد أورث ابنه سليمان النبوة والملك دون سائر بنيه وكانوا تسعة عشر فكان سليمان شاكرا لنعمة الله. وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : لقمان لم يكن نبيا ولا ملكا ولكن كان راعيا أسود فرزقه الله العتق ورضي قوله ووصيته فقص أمره في القرآن لتمسكوا بوصيته. وقال عكرمة الشعبي : كان نبيا. وعن ابن المسيب : كان لقمان أسود من سودان مصر خياطا. وعن مجاهد : كان عبدا أسود غليظ الشفتين متشقق القدمين. وقيل : كان نجارا. وقيل : كان راعيا. وقيل : كان يحتطب لمولاه كل يوم حزمة. وعنه أنه قال لرجل ينظر إليه : إن كنت تراني غليظ الشفتين فإنه يخرج من بينهما كلام رقيق وإن تراني أسود فقلبي أبيض. وروي أن رجلا وقف عليه في مجلسه فقال : ألست الذي ترعى معي في كذا؟ قال : بلى. قال : ما بلغ بك ما أرى؟ قال : صدق الحديث والصمت عما لا يعنيني. وعن سعيد بن المسيب أنه قال لأسود : لا تحزن فإنه كان من خير الناس ثلاثة من السودان : بلال ومهجع ـ مولى عمر ـ ولقمان. واسم ابنه : أنعم. وقال الكلبي : أشكم. وقيل : كان ابنه وامرأته كافرين ما زال بهما حتى أسلما. وقيل إذا أطلقت كلمة «الحكيم» فإنما تنصرف إلى لقمان.

تسمية السورة : فقد خصه القرآن الكريم بسورة من سوره الكريمة فسماها باسمه أي إن الله تعالى كرم «لقمان» بذلك وذكر اسمه في آيتين كريمتين .. قال عزوجل : (وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما

٥

يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) والآية الكريمة الأخرى هي قوله سبحانه : (وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) صدق الله العظيم.

فضل قراءة السورة : عن نبي الإنسانية رسولنا الكريم محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أنه قال : «من قرأ سورة «لقمان» كان له لقمان رفيقا يوم القيامة وأعطي من الحسنات عشرا بعدد من عمل بالمعروف ونهى عن المنكر» صدق رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ.

إعراب آياتها

(الم) (١)

هذه الأحرف الكريمة في هذه الآية الكريمة شرحت في سورة «يوسف».

(تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ) (٢)

(تِلْكَ آياتُ) : تي : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع خبر مبتدأ محذوف بتقدير : هذه تلك. اللام للبعد والكاف للخطاب أو تكون اللفظة كلها اسم إشارة مبنيا على الفتح في محل رفع أو يكون اسم الإشارة في محل رفع خبر «الم» أي آيات هذا المؤلف من الحروف المبسوطة تلك. آيات : بدل من «تلك» مرفوع بالضمة أو تكون «تلك» في محل رفع مبتدأ. وخبره الجملة الاسمية «هي آيات» في محل رفع وتكون «آيات» خبر مبتدأ محذوف تقديره : هي بمعنى : هذه الآيات المذكورة في هذه السورة هي آيات القرآن المتصف بالحكمة.

(الْكِتابِ الْحَكِيمِ) : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة. الحكيم : صفة ـ نعت ـ للكتاب مجرور مثله وعلامة جره الكسرة بمعنى : الكتاب الظاهر إعجازه وحكمته المتصف بالحكمة.

(هُدىً وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ) (٣)

(هُدىً وَرَحْمَةً) : حال من «الآيات» بمعنى : أنزلناها هدى أو يكون العامل فيها ما في اسم الإشارة «تلك» من معنى .. منصوب وعلامة نصبه الفتحة

٦

المقدرة للتعذر على آخره ـ الألف المقصورة ـ قبل تنوينها ونونت الألف لأن الكلمة اسم مقصور ثلاثي نكرة. ورحمة : معطوفة بالواو على «هدى» منصوبة مثله وعلامة نصبها الفتحة الظاهرة في آخرها بمعنى : أنزلناها هدى ورحمة للمحسنين قولا وعملا.

(لِلْمُحْسِنِينَ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «رحمة» أو بما فيها «تلك» من معنى الإشارة وعلامة جر الاسم الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) (٤)

(الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ) : اسم موصول مبني على الفتح في محل جر صفة ـ نعت ـ للموصوف «المحسنين» أو يكون منصوبا بفعل محذوف ـ أي في محل نصب ـ بفعل محذوف على المدح تقديره أعني الذين. يقيمون : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة. والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. الصلاة : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة بمعنى الذين يتقنون أركان الصلاة.

(وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) : معطوفة بالواو على جملة (يُقِيمُونَ الصَّلاةَ) وتعرب إعرابها بمعنى : ويؤدون الزكاة.

(وَهُمْ بِالْآخِرَةِ) : الواو عاطفة. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. بالآخرة : جار ومجرور متعلق بخبر «هم».

(هُمْ يُوقِنُونَ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر المبتدأ «هم» أو تكون «هم» مكررة للتوكيد وتكون الجملة الفعلية «يوقنون» في محل رفع خبر المبتدأ الأول «هم». يوقنون : فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل بمعنى : يصدقون.

(أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٥)

(أُولئِكَ عَلى هُدىً) : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف حرف خطاب. على هدى : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر المبتدأ

٧

وعلامة جر الاسم الكسرة المقدرة على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر قبل تنوينها لأنه اسم مقصور ثلاثي نكرة.

(مِنْ رَبِّهِمْ) : جار ومجرور متعلق بصفة محذوفة من «هدى» و «هم» ضمير متصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل جر بالإضافة بمعنى : على طريق هدى من ربهم هم المهتدون بهداية ربهم أي على نور منهج ربهم.

(وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) : معطوف بالواو على «أولئك» ويعرب إعرابه. هم : ضمير منفصل ـ ضمير الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع مبتدأ ثان وحرك آخره بالضم للوصل ـ التقاء الساكنين ـ المفلحون : خبر «هم» مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من تنوين المفرد وحركته والجملة الاسمية (هُمُ الْمُفْلِحُونَ) في محل رفع خبر «أولئك».

(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) (٦)

(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ) : الواو استئنافية. من الناس : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. من : اسم موصول مبني على السكون في محل رفع مبتدأ مؤخر.

(يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة المقدرة على الياء للثقل والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. لهو : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة. الحديث : مضاف إليه مجرور بالكسرة.

(لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) : اللام حرف جر للتعليل. يضل : فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. عن سبيل : جار ومجرور متعلق بيضل. الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة والجملة الفعلية «يضل عن سبيل الله» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المضمرة وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بلام التعليل والجار

٨

والمجرور متعلق بيشتري أي يختار حديث الباطل على حديث الحق .. وسبيل الله : هو الاسلام. أو دين الاسلام أو القرآن.

(بِغَيْرِ عِلْمٍ) : جار ومجرور متعلق بحال من ضمير «يشتري» أي يشتري بما له جهلا بالإثم أو غير عالم بالتجارة أي يشتري بغير بصيرة بالتجارة حيث يستبدل الضلال بالهدى. علم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.

(وَيَتَّخِذَها هُزُواً) : معطوفة بالواو على «يضل» وتعرب إعرابها. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به يعود على السبيل لأنها مؤنثة. هزوا : حال من الضمير «ها» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة أي استهزاء وسخرية.

(أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) : اسم إشارة مبني على الكسر في محل رفع مبتدأ والكاف للخطاب. والجملة الاسمية بعده في محل رفع خبره. لهم : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. عذاب : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة المنونة. مهين : صفة ـ نعت ـ لعذاب مرفوع مثله بالضمة المنونة.

** (أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة. أي أولئك الصادقون أو الموصوفون بما ذكر .. على طريق هدى أي هداية من ربهم .. فحذف النعت أو البدل المشار إليه «الصادقون» اختصارا لأن ما قبله دال عليه وحذف المضاف «طريق» وأقيم المضاف إليه «هدى» مقامه.

** (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السادسة وفيه حذف مفعول «يضل» اختصارا. التقدير والمعنى : ليصد الناس عن دين الاسلام أو عن القرآن .. أي وبعض الناس من يشتري الأحاديث الملهية. وأضاف «اللهو» إلى «الحديث» أي إضافة الشيء إلى ما هو منه للتبيين كقولك : هذا باب ساج. بمعنى : من يشتري اللهو من الحديث لأن اللهو يكون من الحديث وغيره .. بمعنى : ما يلهي من الكلام .. كالأساطير وفضول الكلام والحكايات التي لا قيمة لها ليصد أو ليمنع الناس عن دين الله. وثمة احتمال آخر هو أن تكون الإضافة بمعنى «من» التبعيضية كأنه قيل : ومن الناس من يشتري بعض الحديث الذي هو اللهو منه. جاء في الحديث : الحديث في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل البهيمة الحشيش. والمراد بالحديث هنا : الحديث المنكر. وجاء الفعلان «يشتري» و «يضل» والفعل «يتخذ» أيضا .. مفرده على لفظ «من» وجيء بصيغة الجمع في قوله «أولئك لهم» على معنى «من» لأن «من» مفردة لفظا مجموع معنى.

٩

** (كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة السابعة .. و «البشارة» هنا بالشر لأنها مقيدة بمعناه وهو العذاب وإنما قال «فبشره» من باب التهكم .. وقوله (كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً) : كناية عن صممه عن سماع آيات الله بمعنى : كأن في أذنيه ثقلا ولا ثقل «وقر» فيهما. يقال : وقرت أذنه ـ تقر ـ وقرا : بمعنى : ثقلت عن السمع. والفعل من باب «فهم» و «الوقر» بفتح الواو وكسرها : هو الثقل في الأذن .. وقيل : بفتح الواو : هو الثقل في الأذن .. وبكسر الواو : هو الحمل. وقد وقرت أذنه : أي صمت.

** سبب نزول الآية : نزلت هذه الآية الكريمة في رجل من قريش هو النضر بن الحارث اشترى جارية مغنية وكان يرسلها لتغني لكل من يريد الإسلام لصرفه عن ذلك .. وفي رواية : نزلت هاتان الآيتان الكريمتان ـ السادسة والسابعة ـ في بعض الناس .. اشترى كتبا فارسية فيها من خرافات الأقدمين وكان يقرؤها على الناس ويقول : يحدثكم محمد عن الأولين وأنا أفعل مثله. فنزلت الآيتان.

** (وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ) : ورد هذا القول الكريم في الآية الكريمة العاشرة. المعني : وأوجد في الأرض جبالا رواسي أي رواسخ ثابتات فحذف الموصوف وحلت الصفة محله.

** (وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً) : أي وأنزلنا من جهة السماء من السحاب مطرا فحذف المضاف «جهة» وأقيمت كلمة «السماء» أي أقيم المضاف إليه مقام المضاف.

** (هذا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الحادية عشرة .. أي هذا الشيء المشاهد .. أو ما ذكر من مخلوقاته سبحانه هو خلق الله .. فحذف النعت ـ الصفة ـ أو البدل «المشار إليه» الشيء المشاهد .. ما ذكر كما حذف اسم الفاعلين «الظالمين» اختصارا لأن المعنى : الظالمون أنفسهم بسبب كفرهم.

** (وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة الثانية عشرة المعنى : ولقد أعطينا أو منحنا لقمان العلم وفقه الدين .. وقيل : لقد خير «لقمان» بين النبوة والحكمة .. فاختار الحكمة. وهذه العبارة الأخيرة لفتت انتباه أحد الأئمة فقال : وفي هذا بعد .. وذلك أن الحكمة داخلة في النبوة وقطرة من بحرها .. وأعلى درجات الحكمة تنحط عن أدنى درجات النبوة أو وأعلى درجات الحكماء تنحط عن أدنى درجات الأنبياء بما لا يقدر قدره. وليس من الحكمة اختيار الحكمة المجردة من النبوة.

** (وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثالثة عشرة وفيه حذف مفعول «لا تشرك» أي لا تشرك بالله أحدا من خلقه.

** (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ) : ورد هذا القول الكريم في بداية الآية الكريمة الرابعة عشرة المعنى وأمرنا الإنسان وألزمناه أن يبر بوالديه. وعن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ قال : قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : إن أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه. قيل : يا رسول الله كيف يلعن الرجل والديه؟ قال : يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه. يدلنا هذا الحديث على أنه إذا كان التسبب في لعن الوالدين وسبهما من أكبر الكبائر فالتصريح بلعنهما وسبهما أشد. أما الفعل «يعظ» فهو مضارع الفعل «وعظ» والفعل «وصى» مضارعه : يوصي. يقال : أوصى له بشيء وأوصى إليه : بمعنى : جعله وصيه .. والاسم منه «الوصاية» بفتح الواو وكسرها و «أوصاه» مثل «وصاه توصية» وتواصى القوم : أن أوصى بعضهم بعضا. والوصي ـ فعيل بمعنى : مفعول وجمعه : أوصياء .. وأوصيته

١٠

بولده : بمعنى : استعطفته عليه. وأوصيته بالصلاة : بمعنى : أمرته بها. ولفظ التوصية مشترك بين التذكير والاستعطاف وبين الأمر فيتعين حمله على الأمر في معناه.

(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (٧)

(وَإِذا تُتْلى) : الواو استئنافية. إذا : ظرف لما يستقبل من الزمان مبني على السكون متضمن معنى الشرط خافض لشرطه متعلق ـ منصوب ـ بجوابه. تتلى : فعل مضارع مبني للمجهول مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر.

(عَلَيْهِ آياتُنا) : جار ومجرور متعلق بتتلى. آيات : نائب فاعل مرفوع بالضمة و «نا» ضمير الواحد المطاع سبحانه مبني على السكون في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية «تتلى عليه آياتنا» في محل جر بالإضافة لوقوعها بعد إذا.

(وَلَّى مُسْتَكْبِراً) : الجملة الفعلية جواب شرط غير جازم لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح المقدر على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر. والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. مستكبرا : حال من ضمير «ولى» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة بمعنى : وإذا قرأت عليه آياتنا أعرض عنها متكبرا لا يعبأ بها.

(كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من فاعل اسم الفاعل «مستكبرا» بمعنى : تشبه حاله حال من لم يسمعها وهو سامع أو تكون الجملة استئنافية لا محل لها. كأن : حرف مشبه بالفعل مخفف من «كأن» واسمه ضمير شأن محذوف والجملة الفعلية بعده «لم يسمعها» في محل رفع خبر كأن. وقد فصل بين «كأن» المخففة وخبرها بفاصل هو «لم» الجازمة الفعل المضارع لأن الخبر جملة فعلية فعلها متصرف. لم : حرف نفي وجزم وقلب. يسمع : فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به.

١١

(كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً) : الجملة الفعلية في محل نصب حال من جملة «لم يسمعها» أو تكون استئنافية لا محل لها. كأن : حرف مشبه بالفعل من أخوات «إن» يفيد التشبيه. في أذنيه : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر «كأن» المقدم وعلامة جر الاسم الياء لأنه مثنى وحذفت نونه للإضافة ـ أصله : أذنين ـ والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة. وقرا : اسم «كأن» المؤخر منصوب بالفتحة المنونة.

(فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) : الفاء سببية. بشره : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت. والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به. بعذاب : جار ومجرور متعلق ببشره. أليم : صفة ـ نعت ـ لعذاب مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة.

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ) (٨)

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل نصب اسم «إن» والجملة الفعلية «آمنوا» صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة. الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل والألف فارقة بمعنى : آمنوا بالله ورسوله وكتبه.

(وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) : معطوفة بالواو على «آمنوا» وتعرب إعرابها. الصالحات : مفعول به منصوب بالكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم.

(لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ) : الجملة الاسمية في محل رفع خبر «إن» اللام حرف جر و «هم» ضمير الغائبين مبني على السكون في محل جر باللام والجار والمجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم. جنات : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. النعيم : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة.

(خالِدِينَ فِيها وَعْدَ اللهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٩)

١٢

(خالِدِينَ فِيها) : حال من ضمير الغائبين في «لهم» أي من المؤمنين منصوب وعلامة نصبه الياء لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد. فيها : جار ومجرور متعلق بخالدين.

(وَعْدَ اللهِ حَقًّا) : مفعول مطلق ـ مصدر ـ منصوب بفعل محذوف تقديره : وعدهم الله بذلك وعدا وعلامة نصبه الفتحة لأنه مضاف. وهو مصدر مؤكد لنفسه. حقا : مصدر مؤكد لغيره لأن قوله : «لهم جنات النعيم» في معنى : وعدهم الله جنات النعيم فأكد معنى الوعد. وأما «حقا» فدال على معنى الثبات أكد به معنى الوعد ومؤكدهما جميعا قوله تعالى : «لهم جنات النعيم» وهو منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة لانقطاعه عن الاضافة ولفظ الجلالة : «الله» مضاف إليه مجرور للتعظيم بالإضافة وعلامة الجر الكسرة.

(وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) : الواو استئنافية. هو : ضمير منفصل ـ مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. العزيز الحكيم : خبران بالتتابع .. أي خبر بعد خبر للمبتدإ «هو» مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة. أو يكون «الحكيم» صفة ـ نعتا ـ للعزيز أو يكون «الحكيم» خبر مبتدأ محذوف تقديره : وهو الحكيم.

(خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ) (١٠)

(خَلَقَ السَّماواتِ) : فعل ماض مبني على الفتح والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو أي الله سبحانه العزيز الحكيم. السموات : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة بدلا من الفتحة لأنه ملحق بجمع المؤنث السالم.

(بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من «السموات» بمعنى : كائنة أو ثابتة في الفضاء أو علقها في الفضاء بغير أعمدة تسندها. عمد : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة وهي جمع «عمود» أو «عامود». ترونها : الجملة الفعلية في محل جر صفة ـ نعت ـ لعمد بمعنى : بغير عمد مرئية. وهي فعل مضارع مرفوع بثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل و «ها» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به.

١٣

(وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ) : معطوفة بالواو على جملة «خلق» وتعرب إعرابها وعلامة بناء الفعل الفتحة المقدرة على آخره ـ الألف المقصورة ـ للتعذر. في الأرض : جار ومجرور متعلق بألقى.

(رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة ولم ينون آخرها لأنها اسم ممنوع من الصرف بمعنى : جبالا رواسخ. بمعنى خشية أو كراهة أن تميل بكم أو لئلا تضطرب أو تميل بكم أو بمعنى : لا. و «أن» حرف مصدري ناصب. تميد : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هي. بكم : جار ومجرور متعلق بتميد والميم علامة جمع الذكور والجملة الفعلية «تميد بكم» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر متعلق بمفعول لأجله محذوف بتقدير : كراهة ميدها أي ميلها بكم أو لئلا تميد بكم. وفي هذا التقدير زيدت اللام لإرادة الميل أو الميد أي اللام الأولى من «لئلا» بمعنى : إرادة أن لا تميد بكم. الأول هو قول البصريين أي «كراهة أن تميد بكم» والثاني هو قول الكوفيين أي «لئلا تميد بكم».

(وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ) : الجملة الفعلية معطوفة بالواو على «ألقى في الأرض» وتعرب إعراب «خلق» فيها من كل : جاران ومجروران متعلقان بالفعل «بث». دابة : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة.

(وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ) : الواو عاطفة. أنزل : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. «من السماء» : جار ومجرور متعلق بأنزلنا.

(ماءً فَأَنْبَتْنا فِيها) : مفعول به منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. فأنبتنا : الجملة الفعلية معطوفة بالفاء على جملة «أنزلنا» وتعرب إعرابها. فيها : جار ومجرور متعلق بأنبتنا. أي في الأرض.

(مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ) : جار ومجرور متعلق بصفة لمفعول «أنبتنا» المحذوف بتقدير : فأنبتنا نباتا من كل زوج كريم مثل قوله تعالى :

١٤

«وأرسلنا إلى أمم من قبلك» أي أرسلنا رسلا .. ويحتمل أن تكون «من» زائدة على لغة الكوفيين أو للبيان على لغة البصريين مثل قولنا : أكثرنا من الأكل والمفعول محذوف بتقدير : أكثرنا الفعل من الأكل. وهذا التقدير ينطبق أيضا على القول الكريم (وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ) بمعنى ونشر في الأرض من كل ما دب في الأرض من إنسان وحيوان. و «دابة» اسم فاعل من «دب» فهو داب. والهاء للمبالغة مثل «علامة». زوج : مضاف إليه مجرور بالإضافة وعلامة جره الكسرة المنونة. كريم : صفة ـ نعت ـ لزوج مجرور مثله وعلامة جره الكسرة المنونة بمعنى من كل صنف كريم من النباتات.

(هذا خَلْقُ اللهِ فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (١١)

(هذا خَلْقُ اللهِ) : اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. خلق : خبر «هذا» مرفوع بالضمة أو يكون خبر مبتدأ محذوف تقديره : هو. والجملة الاسمية «هو خلق» في محل رفع خبر «هذا». الله لفظ الجلالة : مضاف إليه مجرور بالإضافة للتعظيم وعلامة الجر الكسرة بمعنى هذا الخلق هو خلق الله و «الخلق» هو المخلوق.

(فَأَرُونِي ما ذا) : الفاء استئنافية. أروني : فعل أمر مبني على حذف النون لأن مضارعه من الأفعال الخمسة الواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. النون نون الوقاية لا محل لها والياء ضمير متصل ـ ضمير الواحد المطاع سبحانه ـ في محل نصب مفعول به والجملة الاسمية بعده في محل نصب مفعول به ثان للفعل «أروا» المتعدي إلى مفعولين. ما ذا : اسم استفهام مبني على السكون في محل نصب مفعول به مقدم للفعل «خلق» لأن أسماء الاستفهام لها الصدارة في الكلام ويعمل فيها ما بعدها لا ما قبلها وثمة أوجه في إعراب «ما ذا» منها : أن تكون «ما» اسم استفهام مبنيا على السكون في محل رفع مبتدأ و «ذا» بمعنى «الذي» مبني على السكون في محل رفع خبر «ما» ويحتمل أن تعرب «ما» في محل نصب مفعولا به بالفعل «خلق» وتكون «ذا» مزيدة ـ زائدة ـ.

١٥

(خَلَقَ الَّذِينَ) : الجملة الفعلية صلة الموصول لا محل لها وهي فعل ماض مبني على الفتح وأعربت الجملة صلة الموصول في حالة إعراب «ذا» بمعنى «الذي». الذين : اسم موصول مبني على الفتح في محل رفع فاعل. والعائد إلى الموصول ضمير محذوف خطا واختصارا منصوب محلا لأنه مفعول به. التقدير : ما الذي خلقه الذين.

(مِنْ دُونِهِ) : جار ومجرور متعلق بحال محذوفة من الاسم الموصول «الذين» و «من» حرف جر بياني التقدير : الذين تعبدونهم أي آلهتكم حالة كونهم من غير الله والهاء في «من دونه» يعود على لفظ الجلالة. أو يكون الجار والمجرور «من دونه» متعلقا بمحذوف تقديره : تعبدون. والجملة الفعلية «تعبدون من دونه» صلة الموصول لا محل لها والعائد إلى الموصول ضميرا محذوفا خطا واختصارا منصوبا محلا لأنه مفعول به. التقدير : تعبدونهم من دونه والهاء ضمير متصل في محل جر بالإضافة.

(بَلِ الظَّالِمُونَ) : حرف اضراب للاستئناف وكسر آخره لالتقاء الساكنين. الظالمون : مبتدأ مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم والنون عوض من التنوين والحركة في الاسم المفرد.

(فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر المبتدأ. مبين : صفة ـ نعت ـ لضلال مجرور مثله وعلامة جرهما الكسرة المنونة.

(وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) (١٢)

(وَلَقَدْ آتَيْنا) : الواو استئنافية. اللام للابتداء والتوكيد. قد : حرف تحقيق. آتى : فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير التفخيم المسند إلى الواحد المطاع سبحانه و «نا» ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.

(لُقْمانَ الْحِكْمَةَ) : مفعولا «آتينا» منصوبان وعلامة نصبهما الفتحة ولم ينصرف «لقمان» أي لم ينون آخره لأنه اسم ممنوع من الصرف للمعرفة ولأنه منته بألف ونون زائدتين .. مثل «سليمان».

١٦

(أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ) : حرف تفسير لا عمل له بمعنى : أي لأن إيتاء الحكمة في معنى القول بتقدير : آتيناه الحكمة أي قلنا له : اشكر الله وحرك نون «أن» الكسر لالتقاء الساكنين : اشكر : فعل أمر مبني على السكون والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. لله : جار ومجرور للتعظيم متعلق باشكر بمعنى : اشكر الله ولكنه تعدى باللام وهو أفصح من تعدية الفعل بنفسه والجملة الفعلية «اشكر لله» تفسيرية لا محل لها أو على معنى : ألهمناه بأن اشكر.

(وَمَنْ يَشْكُرْ) : الواو استئنافية. من : اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ. والجملة من فعل الشرط وجوابه في محل رفع خبر المبتدأ «من». يشكر : فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بمن وعلامة جزمه سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. والجملة الفعلية «يشكر» صلة الموصول لا محل لها والشكر هو الثناء على الله تعالى وطاعته.

(فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ) : الجملة جواب شرط جازم مقترن بالفاء في محل جزم. الفاء رابطة لجواب الشرط. إنما : كافة ومكفوفة. يشكر : فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. لنفسه جار ومجرور متعلق بيشكر والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة بمعنى نفع الشكر راجع إليه.

(وَمَنْ كَفَرَ) : معطوف بالواو على «من» ويعرب إعرابه. كفر : فعل ماض مبني على الفتح فعل الشرط في محل جزم بمن والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره : هو. والجملة الفعلية «كفر» صلة الموصول لا محل لها.

(فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) : الجملة جواب شرط جازم مسبوق بإن مقترن بالفاء في محل جزم. الفاء رابطة لجواب الشرط. إن : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل. الله لفظ الجلالة : اسم «إن» منصوب للتعظيم وعلامة النصب الفتحة. غني حميد : خبرا «إن» ـ خبر بعد خبر ـ مرفوعان وعلامة رفعهما الضمة المنونة بمعنى : غني عن شكره أي غير محتاج إلى الشكر محمود أي جدير بالحمد بمعنى محمود بذاته.

١٧

(وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (١٣)

(وَإِذْ قالَ) : الواو استئنافية. إذ : اسم مبني على السكون في محل نصب بفعل محذوف تقديره : واذكر. قال : فعل ماض مبني على الفتح والجملة الفعلية «قال لقمان» في محل جر بالإضافة.

(لُقْمانُ لِابْنِهِ) : فاعل مرفوع بالضمة. لابنه : جار ومجرور متعلق بقال والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة.

(وَهُوَ يَعِظُهُ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال. هو : ضمير منفصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ. يعظه : الجملة الفعلية في محل رفع خبر «هو» وهي فعل مضارع مرفوع بالضمة والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو. والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل نصب مفعول به.

(يا بُنَيَ) : أداة نداء. بني : منادى مضاف منصوب بأداة النداء وعلامة نصبه الفتحة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة الياء وهو مضاف والياء ضمير متصل ـ ضمير المتكلم ـ في محل جر بالإضافة وفتحت الياء اقتصارا عليه من الألف المبدلة من ياء الإضافة في قولك : يا بنيا وسقطت الياء والألف لالتقاء الساكنين وهي تصغير «ابن» وقرئ بفتح الياء وكسرها وهما لغتان .. مثل : يا أبت ويا أبت. والجملة الفعلية بعده «لا تشرك بالله» في محل نصب مفعول به ـ مقول القول ـ.

(لا تُشْرِكْ بِاللهِ) : ناهية جازمة. تشرك : فعل مضارع مجزوم بلا الناهية. وعلامة جزم الفعل سكون آخره والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. بالله : جار ومجرور للتعظيم متعلق بلا تشرك.

(إِنَّ الشِّرْكَ) : حرف نصب وتوكيد مشبه بالفعل دال هنا على التعليل. الشرك : اسم «إن» منصوب وعلامة نصبه الفتحة.

١٨

(لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) : اللام لام التوكيد ـ المزحلقة. ظلم : خبر «إن» مرفوع وعلامة رفعه الضمة المنونة. عظيم : صفة ـ نعت ـ للموصوف «ظلم» مرفوع مثله وعلامة رفعه الضمة المنونة أيضا.

(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) (١٤)

(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ) : الواو اعتراضية والجملة الفعلية جملة اعتراضية لا محل لها أي اعترضت بين الآية الكريمة الثالثة عشرة والآية الكريمة السادسة عشرة أي من قوله تعالى : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ) إلى قوله عزوجل (فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) والجملة الفعلية (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ) تعرب إعراب (آتَيْنا لُقْمانَ).

(بِوالِدَيْهِ) : جار ومجرور متعلق بوصينا. وعلامة جر الاسم الياء لأنه مثنى وحذفت النون للإضافة ـ أصله : والدين ـ والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الكسر في محل جر بالإضافة.

(حَمَلَتْهُ أُمُّهُ) : فعل ماض مبني على الفتح والتاء تاء التأنيث الساكنة لا محل لها والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ مبني على الضم في محل نصب مفعول به مقدم. أمه : فاعل مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب ـ في محل جر بالإضافة والجملة الفعلية «حملته أمه وما بعدها» في عامين «اعتراضية» بين المفسر «وصينا» والمفسر «أن أشكر ..».

(وَهْناً عَلى وَهْنٍ) : حال من «الأم» منصوب وعلامة نصبه الفتحة المنونة. على وهن : جار ومجرور متعلق بحملت أو بصفة محذوفة من «وهنا» بمعنى : حملته في بطنها وهي تضعف ضعفا فوق ضعف أي يتزايد ضعفها ويتضاعف لأن الحمل كلما ازداد وعظم ازدادت هي ثقلا وضعفا ويجوز أن يكون «وهنا» منصوبا على المصدر ـ المفعول المطلق ـ بفعل من جنس المصدر بمعنى حملته تهن وهنا ..

(وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ) : الواو حالية والجملة الاسمية في محل نصب حال. فصاله : أي فطامه مبتدأ مرفوع بالضمة والهاء ضمير متصل ـ ضمير الغائب

١٩

ـ مبني على الضم في محل جر بالإضافة. في عامين : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر المبتدأ وعلامة جر الاسم الياء لأنه مثنى والنون عوض من تنوين المفرد وحركته.

(أَنِ اشْكُرْ لِي) : أعرب في الآية الكريمة الثانية عشرة والجملة مفسرة لوصينا ويجوز أن تكون «أن» التفسيرية مصدرية مقدرا قبلها حرف جر بتقدير : ووصينا الإنسان بأن يشكر الله على خلقه أي بشكر الله فتكون «أن» وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بالباء والجار والمجرور متعلقا بوصينا وجملة «اشكر» صلة حرف مصدري لا محل لها والوجه الأول من الإعراب أصح.

(وَلِوالِدَيْكَ) : الواو عاطفة. لوالديك : جار ومجرور متعلق باشكر وعلامة جر الاسم الياء لأنه مثنى وحذفت النون ـ أصله : والدين ـ للاضافة والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر بالإضافة.

(إِلَيَّ الْمَصِيرُ) : جار ومجرور في محل رفع متعلق بخبر مقدم والياء ضمير الواحد المطاع سبحانه. المصير : مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة.

(وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (١٥)

(وَإِنْ جاهَداكَ) : الواو استئنافية. إن : حرف شرط جازم. جاهداك : فعل ماض مبني على الفتح فعل الشرط في محل جزم بإن. الألف ضمير متصل ـ ضمير الاثنين الغائبين ـ مبني على السكون في محل رفع فاعل والكاف ضمير المخاطب في محل نصب مفعول به.

(عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي) : حرف جر. أن : حرف مصدري ناصب. تشرك : فعل مضارع منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره : أنت. بي : جار ومجرور متعلق بتشرك والجملة الفعلية «تشرك بي» صلة حرف مصدري لا محل لها و «أن» المصدرية وما بعدها بتأويل مصدر في محل جر بعلى والجار والمجرور متعلق بجاهداك أي على الشرك بي.

٢٠