تراثنا ـ العدد [ 140 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العدد [ 140 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ٠
ISBN: 1016-4030
الصفحات: ٣١٨

١

تراثنا

صاحب الامتیاز

مؤسّسة آل البيت عليهم‌السلام لإحياء التراث

المدير المسؤول :

السيّد جواد الشهرستاني

العدد الرابع [١٤٠]

السنـة الخامسة والثلاثون

محتـويات العـدد

* السيّاري وكتاب (القراءات) المثير للجدل.

........................................................ علي عبد الزهرة الفحّام ٧

* الوجود العلمي الأحسائي في الهند.

...................................................... الشيخ محمّد علي الحرز ٥٨

* من أعلام النجف الأشرف المولى الإسترآبادي (ت٨٣٧هـ) (إجازاته وإنهاءاته).

.................................................. ميثم سويدان الحميري الحلّي ٩٨

* شيخ العراقَين (الشيخ عبد الحسين بن علي الطهراني) (١٢٢٥ ـ ١٢٨٦هـ).

..................................................... السيّد حسن علي مطر ١٦٦

٢

شوّال ـ ذو الحجّة

١٤٤٠ هـ

* (الفَوائِدُ الحِسانُ الغَرائِبُ) روايةُ (ابنِ الجندي) (٣٠٥ ـ ٣٩٦هـ) (٢).

................................................... الشيخ أمين حسين پوري ٢٢٠

* المنهج الموسوعي في الفقه الإمامي (الحدائق والجواهر أنموذجاً) (٢).

...................................................... الشيخ مهدي البرهاني ٢٤٦

* من ذخائر التراث :

* تحقيق في مسألة الرضاع (للفاضل الهندي) (١٠٦٢ ـ ١١٣٧ هـ).

.......................................... تحقيق : السيّد حسن جبّار الجزائري ٢٧٩

* من أنباء التراث.

.............................................................. هيـئة التحرير ٣٠٨

* صورة الغلاف : نموذج من مخطوطة (تحقيق في مسألة الرضاع للشيخ محمّد ابن الحسن الفاضل الهندي ١٠٦٢ ـ ١١٣٧ هـ) والمنشورة في هذا العدد.

٣
٤

٥
٦

السيّاري وكتاب (القراءات) المثير للجدل

د. علي عبد الزهرة الفحام

بسم الله الرحمن الرحیم

يعدّ أحمد بن محمّد السيّاري من الرواة الذين أكثر نقّاد الرجال القول فيهم ، بين قدح لروايته ، وتضعيف لكتبه ، فصار من جملة الضعفاء الذين حكم عليهم الرجاليّون بالضعف والغلوّ والتخليط ، وهذا الحكم ربّما يجد مجالاً للنقاش والنقد ، لا سيّما وأنّ آفة الرجاليّين تقليد من سبقهم ، والبناء على أقوال من تقدّم عليهم ، دون النظر في حال الراوي عن قرب ، وسبر غور رواياته ، وتحقيق كلام المتقدمين من النقّاد ، فظلموا الرواية والراوي ، وطعنوا في الحديث وأهل الحديث ، وصار النقد أسيراً لاجتهاد المحقّقين ، وربّما يخضع في بعض الأحيان لسلطان الهوى الذي لا ينفكّ عن كثير من الأحكام الاجتهادية في شتّى صنوف المعرفة.

إنّ من الواجب ، والحال هذه ، أنّ نزيل اللثام عن الحقيقة المختلف بشأنها ، وندلي بدلونا في بيان حال محدّثنا الشيخ (أحمد بن محمّد السيّاري) ، والذي ثبت

٧

عندنا وثاقته ، بل حسن حاله ، وجلالة قدره ، وعلوّ شأنه في جملة المحدّثين الشيعة ، خلافاً للمشهور ، ووفاقاً لشيخنا المحدّث النوري صاحب المستدرك (أعلى الله مقامه).

اسمه ونسبه :

هو أحمد بن محمّد بن سيّار ، أبو عبد الله ، السيّاري ، البصري ، وصفه الكشّي بأنّه (أصفهاني) (١) ، ولكن البصري هو الشائع من بين ألقابه ، ولعلّ مولده ، أو أصوله العائلية تعود إلى مدينة البصرة ، فقد سكن فيها ، وحدّث عن بعض رواتها(٢) ، أدرك عهد الإمام الرضا عليه‌السلام ، وتوفّي في زمان الغيبة الصغرى ، وهذا يعني أنّه عاصر خمسة من أئمّة الهدى عليهم‌السلام ، وهم : الرضا ، والجواد ، والهادي ، والعسكري ، والإمام المهدي (صلوات الله عليهم أجمعين).

حياته العلمية وعلاقته بالأئمّة عليهم‌السلام :

كان أحمد بن محمّد السيّاري من بحور العلم ، ومن أوعية الحديث ، أخذ الرواية والحديث عن طائفة واسعة من أصحاب الأئمّة عليهم‌السلام ، وتنقّل في طلب العلم بين الكوفة ، وبغداد ، وقم ، والبصرة ، حتّى صار من كبار المحدّثين ، وكان الرواة والفقهاء يقصدونه لأخذ الحديث ، وتلقّي العلوم ، وتعدّ كتبه من الأصول التي أخذ

__________________

(١) اختيار معرفة الرجال ٢ / ٨٦٥.

(٢) منهم أبو يزيد القسمي ، كما سيأتي.

٨

عنها قدماء أصحابنا وثقات مصنّفينا كالكليني والصفّار والبرقي وغيرهم ممّن سنأتي على ذكرهم بالتفصيل.

كان السيّاري من أصحاب الإمام الرضا عليه‌السلام ، فقد عاصره وروى عنه الحديث(١) ، كما روى عن أبي جعفر الثاني عليه‌السلام (٢) ، وكان له صلات علمية واجتماعية مع بعض وكلاء الأئمّة عليهم‌السلام ، منهم : أبو الحسن علي بن راشد ، وأبو جعفر محمّد بن عيسى بن عبيد ، وإبراهيم بن محمّد الهمداني ، وحفيده الحسن ابن علي بن إبراهيم الهمداني.

أدرك السيّاري زمان الغيبة الصغرى ، وشاهد وسمع بعض معجزات وكرامات الإمام المهدي عليه‌السلام كما في بعض المرويّات ، وروى بعض التواقيع ، ممّا يرجّح اتّصاله بنوّاب الإمام المهدي عليه‌السلام ، ووكلائه ، وكونه على صلة بكبار رجالات الشيعة ، ومن الروايات التي توثّق حضوره في زمان الغيبة الصغرى ، نذكر ما يأتي :

الرواية الأولى : الشيخ الصدوق ، قال : «حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه ، وأحمد بن محمّد بن يحيى العطّار رضي الله عنهما قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، قال : حدّثنا الحسين بن علي النيسابوري ، عن إبراهيم بن محمّد بن عبد الله بن موسى بن جعفر عليهما‌السلام ، عن السيّاري قال : حدّثتني نسيم ومارية قالتا : إنّه لمّا سقط صاحب الزمان عليه‌السلام من بطن أمّه جاثياً على ركبتيه ، رافعاً سبابتيه إلى السماء ، ثمّ عطس فقال : الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآله ، زعمت

__________________

(١) أنظر : مستدرك الوسائل ١٢ / ٧٨ ، مستدرك الوسائل ٧ / ٩٣ ، بحار الأنوار ٣٠ / ٢١٥ ،

(٢) بحار الأنوار ٨٥ / ١٠٧.

٩

الظلمة أنّ حجّة الله داحضة لو أذن لنا في الكلام لزال الشكّ»(١).

أورد هذه الرواية أيضاً الشيخ الطوسي ، بسنده عن علاّن الكليني ، عن محمّد بن يحيى ، عن الحسين بن علي النيشابوري الدقّاق ، عن إبراهيم بن محمّد ابن عبد الله بن موسى بن جعفر عليهما‌السلام ، عن السيّاري قال : «حدّثني نسيم ومارية قالت : لمّا خرج صاحب الزمان عليه‌السلام من بطن أمّه سقط جاثياً على ركبتيه ، رافعاً سبّابته نحو السماء ، ثمّ عطس فقال : الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآله عبداً داخراً لله غير مستنكف ولا مستكبر» ، ثمّ قال : «زعمت الظلمة أنّ حجّة الله داحضة ، ولو أذن لنا في الكلام لزال الشك»(٢).

وروى قطب الدين الرواندي عن السيّاري ، عن نسيم ومارية أنّه لمّا خرج صاحب الزمان من بطن أمّه سقط جاثياً على ركبتيه ، رافعاً سبّابتيه نحو السماء ، ثمّ عطس وقال : «الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآله عبداً داخراً لله ، غير مستنكف ولا مستكبر» ثمّ ، قال : «زعمت الظلمة أنّ حجّة الله داحضة ، ولو أذن لنا في الكلام لزال الشكّ»(٣).

أمّا الميرزا النوري الطبرسي فقد روى عن علي بن الحسين المسعودي صاحب كتاب إثبات الوصية : قال : «روى غيلان الكلابي(٤) ، عن محمّد بن يحيى ،

__________________

(١) كمال الدين : ٤٣٠ ، الثاقب في المناقب : ٥٨٤ ، ، كشف الغمّة ٣ / ٣٠٢ ، وسائل الشيعة ١٢ / ٨٩.

(٢) غيبة الطوسي : ٢٤٤.

(٣) الخرائج والجرائح : ٤٥٧ ، بحار الأنوار ٧٣ / ٥٣.

(٤) كذا والصحيح (علان الكليني).

١٠

عن الحسن بن علي النيشابوري الدّقاق ، عن إبراهيم بن محمّد بن عبد الله بن موسى بن جعفر عليهما‌السلام ، عن أحمد بن محمّد السيّاري ، قال : حدّثتني نسيم ومارية قالتا : لمّا خرج صاحب الزمان عليه‌السلام من بطن أمّه ، سقط جاثياً على ركبتيه رافعاً سبّابته نحو السماء ، ثمّ عطس فقال : الحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على محمّد وآله ، عبد داخر لله ، غير مستنكف ولا مستكبر» الخبر(١).

والرواية الأخيرة هي الوحيدة التي تصرّح باسم السيّاري كاملاً (أحمد بن محمّد السيّاري) ، وبها يتّضح الإجمال الوارد في ما سبقها من نصوص ، وهو ما تنبّه له بعض المحقّقين أيضاً ، منهم : السيّد محمّد باقر الموحد الأبطحي في تحقيق كتاب الخرائج(٢) ، والشيخان عبد الله الطهراني وعلي أحمد ناصح محقّقا كتاب غيبة الطوسي(٣) ، وهذا يدلّ أنّ السيّاري كان على اتّصال بالطبقة المقرّبة من الإمام المهدي عليه‌السلام ، وهم أهله ، وحاشيته ، وخدمه ، في ظرف كانت فيه أجواء التعتيم والسرّية هي السائدة في بيت الإمام العسكري عليه‌السلام ، ولم يكن يطّلع على أحوال الإمام ، أو يعرف أخباره إلاّ قلّة من المخلصين من فقهاء الشيعة ورواة حديث الأئمّة.

الرواية الثانية : عن كتاب النجوم للسيّد ابن طاووس ، نقلاً عن كتاب الدلائل للحميري ، قال : «الحسن بن علي بن إبراهيم ، عن السيّاري قال : كتب علي

__________________

(١) مستدرك الوسائل ٨ / ٣٨٨.

(٢) الخرائج والجرائح ١ / ٤٥٧ (هامش رقم ١).

(٣) غيبة الطوسي : ٢٤٤ (هامش رقم ٤).

١١

ابن محمّد [الصيمري] يسأل كفَناً فورد : (إنّك تحتاج إليه سنة ثمانين) ، فمات في هذا الوقت الذي حدّه وبعث إليَّ بالكفن قبل موته بشهرين»(١).

الرواية الثالثة : روى النوري عن صاحب الهداية الكبرى عن الحسن بن محمّد بن جمهور ، عن السيّاري ، عن إبراهيم بن إدريس ـ صاحب نفقة(٢) أبي محمّد عليه‌السلام ـ قال : «وجّه إليَّ مولانا أبو محمّد عليه‌السلام بكبشين ، وقال : (عقّهما عن ابني الحسين ، وكل وأطعم إخوانك) ، ففعلت ولقيته بعد ذلك فقال : (المولود الذي ولد لي مات) ، ثمّ وجّه إليّ بأربعة أكبش وكتب : (بسم الله الرحمن الرحيم ، عقّ هذه الأربعة أكبش عن مولاك ، وكل ـ هنّأك الله) ، ففعلت ولقيته بعد ذلك فقال : (إنّما استأثر الله بابني الحسين وموسى لولادة محمّد مهدي هذه الأمّة والفرج الأعظم»(٣).

أقول : ونقطة الضعف في هذه الرواية إثبات ولادة أخوين للإمام المهدي عليه‌السلام ، وهذا مخالف لمشهور النقل التاريخي ، وإن كان ليس ممتنعاً عقلاً أو شرعاً ، ولم يستبعد بعض المحقّقين هذا الأمر ، قال الشيخ الكوراني : «يظهر أنّ المقصود أنّ الله تعالى ستر ولادة المهدي عليه‌السلام بولادة مولود قبله كان اسمه الحسين ، حيث مات وبلغ خبره السلطان فاطمأنّ أنّه لم يبق ولد حيّ للإمام الحسن العسكري عليه‌السلام »(٤).

__________________

(١) بحار الأنوار ٥١ / ٣٠٦ ، ويظهر أيضاً من رواية الشيخ الصدوق في كمال الدين : ٥٠٠.

(٢) في المصدر الأصلي (ثقة) بدل (نفقة).

(٣) الهداية الكبرى : ٣٥٨ ، مستدرك الوسائل ١٥ / ١٥٤.

(٤) معجم أحاديث الإمام المهدي ٤ / ٢٤٣.

١٢

السيّاري ضحية الارتجال العلمي والتقليد :

اتّفقت كلمات أغلب النقّاد والمحقّقين على تضعيف السيّاري ، والغمز فيه ، وفي مرويّاته ، وهذا التضعيف إنّما جاء بسبب مباني الجرح عند القدماء ، وحالة التقيّد عند المتأخّرين بمقولة المتقدّمين ، ويمكننا أن نضيف سبباً آخر وهو أنّ السيّاري روى جملة من روايات (تحريف القرآن) ، وهو موضوع يشكّل هاجساً مخيفاً عند كثير من المحقّقين المعاصرين ، بحيث يتوقّف الباحث عند الخوض في غماره أو مواجهة استحقاقاته ، احترازاً من تهمة طالما ألصقها المخالفون بالشيعة ، وبغضّ النظر عن القول المختار في موضوع التحريف ، فإنّني رأيت أنّ الرهاب الموجود في الوسط الفكري من روايات التحريف هي التي دفعت بعض الباحثين المعاصرين إلى تأكيد ضعف السيّاري ، وعدم الاعتناء بتراثه الروائي ، لتحييد مرويّاته عن أن تكون وثائق بيد المخالفين يتمّ توظيفها في السجالات ، وحرب التهم المتبادلة بين الطرفين.

وسنذكر أهمّ النصوص ـ القديمة والحديثة والمعاصرة ـ الواردة في تضعيف السيّاري ، ثمّ نذكر أهمّ ما قرّروه في وجوه التضعيف ، ونبيّن ضعف تلك الوجوه ، وما يعارضها من مرجّحات التوثيق ، لنخلص إلى القول المختار في بيان درجة وثاقة أحمد بن محمّد السيّاري.

أقوال النُّقاد والمحقّقين

أمّا أهمّ الأقوال في تضعيف السيّاري ، فهي كما يأتي :

* أحمد بن الحسين الغضائري (توفّي قبل سنة ٤٥٠ هـ) ، قال : «أَحْمَدُ بنُ

١٣

مُحَمَّد بن سَيّار ، يُكنّى أبا عَبْد الله ، القُمّي ، المعروف بالسَيّاري. ضَعِيْفٌ ، مُتهالِكٌ ، غال ، مُنْحَرِفٌ. اسْتَثْنى شُيُوخُ القُمّيّين رِوايَتَهُ من كتاب نَوادِرِ الحِكْمةِ. وحَكى عليُّ بنُ مُحَمَّد بن مَحْبُوب عنه في كتاب النَوَادِرِ المُصَنَّف(١) أنّهُ قالَ بِالتَناسُخِ»(٢).

* أبو العبّاس ، أحمد بن علي ، النجاشي (ت ٤٥٠ هـ) ، قال عنه : «أحمد بن محمّد بن سيّار أبو عبد الله الكاتب ، بصري ، كان من كتاب آل طاهر في زمن أبي محمّد عليه‌السلام. ويعرف بالسيّاري ، ضعيف الحديث ، فاسد المذهب ، ذكر ذلك لنا الحسين بن عبيد الله. مجفوّ الرواية ، كثير المراسيل ... أخبرنا الحسين بن عبيد الله قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى ، وأخبرنا أبو عبد الله القزويني قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى ، عن أبيه قال : حدّثنا السيّاري ، إلاّ ما كان من غلوٍّ وتخليط»(٣).

* محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشّي (توفّي بحدود ٣٥٠ هـ) ، ذكره بعنوان (في أبي عبد الله أحمد بن محمّد السيّاري ، أصفهاني ويقال بصري) ، ثمّ نقل عن طاهر بن عيسى الورّاق ، قال : «حدّثني جعفر بن أحمد بن أيّوب قال : حدّثني الشجاعي ، قال : «حدّثني إبراهيم بن محمّد بن حاجب ، قال : قرأت في رقعة مع الجواد عليه‌السلام يعلم من سأل عن السيّاري : (أنّه ليس في المكان الذي ادّعاه

__________________

(١) كذا ، وفي خلاصة العلاّمة : ٣٢٠ (للمصنّف) ولعلّه هو الأوفق ، أي كتاب النوادر للسياري ، وهذا النقل غريب ، وسنأتي على بطلانه إن شاء الله تعالى ،

(٢) رجال ابن الغضائري : ٤٠.

(٣) رجال النجاشي : ٨٠ ، نقد الرجال ٥ / ١٨٢ ، خاتمة المستدرك ١ / ١١١.

١٤

لنفسه وألاّ تدفعوا إليه شيئاً). قال نصر بن الصباح : السيّاري ، أحمد بن محمّد ، أبو عبد الله ، من ولد سيّار ، وكان من كبار(١) الطاهرية في وقت أبي محمّد الحسن العسكري عليه‌السلام »(٢).

* الشيخ محمّد بن الحسن الطوسي (ت٤٦٠ هـ) ، قال : «أحمد بن محمّد ابن سيّار ، أبو عبد الله الكاتب ، بصري ، كان من كتاب آل طاهر في زمن أبي محمّد عليه‌السلام ، ويعرف بالسيّاري ، ضعيف الحديث ، فاسد المذهب ، مجفوّ الرواية ، كثير المراسيل. وصنّف كتباً كثيرة ، منها كتاب ثواب القرآن ، كتاب الطبّ ، كتاب القراءة ، كتاب النوادر ، أخبرنا بالنوادر خاصّة الحسين بن عبيد الله ، عن أحمد بن محمّد بن يحيى ، قال : حدّثنا أبي ، قال : حدّثنا السيّاري ، إلاّ بما كان فيه من غلوّ وتخليط ، وأخبرنا بالنوادر وغيرها جماعة من أصحابنا ، منهم الثلاثة الذين ذكرناهم ، عن محمّد بن أحمد بن داود ، قال : حدّثنا سلامة بن محمّد ، قال : حدّثنا علي بن محمّد الجبائي(٣) ، قال : حدّثنا السيّاري»(٤).

* ابن داود الحلّي (ت ٧٤٠ هـ) : «أبو عبد الله السيّاري ، ضعيف»(٥).

* العلاّمة الحلّي (ت ٧٢٦ هـ) ، قال : «أبو عبد الله السيّاري ، ضعيف»(٦).

__________________

(١) ثمّة تصحيف في هذا المورد ، والصواب (كتاب) ، بشهادة ما ذكره ابن الغضائري والنجاشي والطوسي أنّه كان من كتاب آل طاهر.

(٢) اختيار معرفة الرجال ٢ / ٨٦٥.

(٣) في بعض النسخ (الجنابي) ، (الجناني) ، وفي نسخة الشيخ النوري (الحنائي).

(٤) الفهرست : ٦٦ ، خاتمة المستدرك ١ / ١١١.

(٥) رجال ابن داود : ٣١٣.

(٦) إيضاح الاشتباه : ٩٨ ، خلاصة الأقوال : ٣٢٠ ، ٤٢٤.

١٥

* حسن بن زيد الدين العاملي (ت ١٠١١ هـ) ، قال : «إنّ ضعف المشار إليه ظاهر ثابت من غير هذا الطريق ، فلا يعتبر ما يرويه»(١).

* المولى محمّد صالح المازندراني (ت ١٠٨١ هـ) ، قال : «(عن أحمد بن محمّد السيّاري) ضُعّفَ ونسب إلى التناسخ»(٢).

* السيّد حسين البروجردي (ت١٣٨٣ هـ) ، قال في دروسه : «أحمد بن محمّد السيّاري من كتاب (آل طاهر) وضعف مذهبه وفساد عقيدته معلوم عند من كان مطّلعاً على أحوال الرجال»(٣).

* السيّد الخوئي (ت١٤١٣ هـ) ، قال في تفسيره في مبحث التحريف : «أحمد بن محمّد السيّاري ، الذي اتّفق علماء الرجال على فساد مذهبه ، وأنّه يقول بالتناسخ»(٤).

* السيّد محمّد الشيرازي (ت١٤٢٢ هـ) ، ذكر السيّاري عرضاً في حديثه عن روايات التحريف في كتب الشيعة ، قائلاً : «إنّ روايات التحريف الموجودة في كتب الشيعة والسنّة روايات دخيلة أو غير ظاهرة الدلالة ، وقد تتبّعنا ذلك فوجدنا أنّ الروايات التي في كتب الشيعة تسعين بالمائة منها عن طريق السيّاري ، وهو بإجماع الرجاليّين ، كذّاب وضّاع ضال»(٥).

__________________

(١) التحرير الطاووسي : ٦٢.

(٢) شرح أصول الكافي ١ / ٢٩٤.

(٣) نهاية الأصول (تقرير بحث البروجردي للمنتظري) ١ / ٤٨٣.

(٤) البيان في تفسير القرآن : ٢٢٦.

(٥) متى جُمع القرآن؟ : ٣٤ ، أما اتهامه بالوضع فسيأتي أنّه لم يقل به أحد من القدماء.

١٦

* علي أكبر غفّاري ، قال : «أحمد بن محمّد بن سيار أبو عبد الله السيّاري ، كذّاب ، ضعيف ، فاسد المذهب ، مجفوّ الرواية»(١).

* السيّد محمّد مهدي الخرسان ، قال بحقّه : «مثل هذا الإنسان كيف يعتمد على روايته؟ أو يحتجّ بها؟»(٢).

* الشيخ ناصر مكارم شيرازي ، قال عن السيّاري بعد أنّ تطرّق لمبحث التحريف : «السيّاري هذا مطعون عند كثير من علماء (علم الرجال) ويقولون عليه كان : فاسد المذهب ، لا يعتمد عليه ، وضعيف الحديث. وعلى قول بعضهم : إنّه من أهل الغلوّ ، منحرف ، معروف بالتقوّل بالتناسخ ، وكذّاب ، ويقول عنه الكشّي (صاحب كتاب الرجال المعروف) : إنّ الإمام الجواد عليه‌السلام وصف ادّعاءات السيّاري في رسالته بأنّها باطلة»(٣).

* السيّد جعفر مرتضى العاملي ، كبت به فرس التحقيق فقال عن السيّاري كلاماً غريباً : «السيّاري ، فاسد المذهب والمنحرف ، والغالي الملعون على لسان الصادق عليه‌السلام ، والمطعون فيه من قبل جميع الرجاليّين»(٤).

__________________

(١) دراسات في علم الدراية : ٢٦٦.

(٢) مقدّمة مستطرفات السرائر (باب النوادر) : ٢١.

(٣) تفسير الأمثل ٨ / ٢٩ ، سيأتي أنّ تهمة القول بالتناسخ كانت حكاية قالها ابن محبوب وليس أمراً ثابتاً بحقّه.

(٤) حقائق هامّة حول القرآن الكريم : ٣٩٨ ، والعجب من المحقّق السيّد جعفر العاملي كيف غفل أنّ الرجل ليس معاصراً للإمام الصادق عليه‌السلام ، وأنّ ذمّ (السيّاري) ورد على لسان الإمام الجواد عليه‌السلام ، ولم يكن فيه اللعن كما زعم العاملي ، وقد بينّا سابقاً عدم ثبوت كون المراد من

١٧

* الدكتور فتح الله المحمّدي ، قال كلاماً غريباً أيضاً عن السيّاري بعد أن ذكر موضوعة التحريف : «أحمد بن محمّد السيّاري حيث اتّفق علماء الفريقين على تضعيفه»(١).

* ضياء الدين الحسيني الأصفهاني ، قال تعليقاً على رواية أوردها الشيخ الكليني عن السيّاري : «السيّاري من أضعف خلق الله وهذه الترّهات من مجعولات وهمه»(٢).

أهمّ موارد الطعن في السيّاري :

يمكن ممّا تقدّم من الأقوال أن نُجمل الموارد التي طعن فيها الرجاليّون في وثاقة الراوي أحمد بن محمّد السيّاري ، والتي تتلخّص في ما يأتي :

١ ـ الضعف :

وقد قرأنا ذلك في كلام أغلب من تعرّض لترجمة السيّاري ، سواء في كتب الرجال والتراجم ، أم في كتب الشرح وتخريج الأحاديث ، أم في كتب الفقه ؛

__________________

السيّاري في تلك الرواية أحمد بن محمّد ، صاحب الترجمة ، وأنّ التوقيع ربّما يكون قد صدر للتقية والتستّر عليه.

(١) سلامة القرآن من التحريف : ٩٨ ، ولا ينقضي العجب من الدكتور المحمّدي الذي ذكر تضعيف العامّة للسيّاري ، ومتى كانت تضعيفات العامّة ميزاناً عندنا للجرح أو قرينة على ضعف الراوي؟! إذ العكس هو الصحيح ، توثيق العامّة لرجالاتنا من موارد الفخر ومن مرجّحات التوثيق التي تذكر لهم.

(٢) الوافي ١١ / ١٥٢ (الهامش رقم ـ ٢ ـ).

١٨

والضعف عنوان جامع لموارد الطعن والغمز على الراوي ، سواء كان الطعن في نفسه ، أم في حديثه ، أم في مذهبه وعقيدته ، ولاسيّما مع عدم التخصيص ، وذكر السيّد حسن الصدر «أنّه قدح مناف للعدالة»(١) ، وقال المحقّق علي أكبر غفّاري : «قولهم : (ضعيف) ، لا ريب في دلالته على الذمّ والقدح ، بل عدّه جمع منهم ثاني الشهيدين ـ رحمهما الله ـ من ألفاظ الجرح ، وقال بعض الأجلّة : (إنّه لا ريب في إفادته سقوط الرواية وضعفها) وإن لم يكن في الشدّة مثل أكثر ما سبق ، فيتميّز عند التعارض ، وأمّا إفادته القدح في نفس الرجل فلعلّه كذلك ، حيث أطلق ولم يكن قرينة كتصريح أو غيره على الخلاف. ولعلّه عليه يبتنى ما حكاه المولى الوحيد البهبهاني ـ رحمه الله ـ عن الأكثر ، من أنّهم يفهمون منه القدح في نفس الرجل ، ويحكمون به بسببه. لكنّه قد تأمّل هو ـ رحمه الله ـ في ذلك ، نظراً إلى أعمّية الضعف عند القدماء من الفسق ، لأنّ أسباب الضعف عندهم كثيرة ، فإنّهم أطلقوه على أشخاص لمجرّد قلة الحفظ ، أو سوء الضبط ، أو الرواية من غير إجازة ، والرواية عمّن لم يلقه أو الرواية لما ألفاظه مضطربة ، أو الرواية عن الضعفاء والمجاهيل ، أو رواية راو فاسد العقيدة عنه ، أو أبرز الرواية التي ظاهرها الغلوّ أو التفويض أو الجبر ، أو التشبيه ، أو نحو ذلك ممّا لا يوجب الفسق ، فكما أنّ تصحيحهم غير مقصور على العدالة ، فكذلك تضعيفهم غير مقصور على الفسق ، كما لا يخفى على من تتبّع وتأمّل. وقد يعترّض عليه بأنّ فهم الأكثر منه القدح في نفس الرجل إنّما هو عند الإطلاق ، والموارد التي أشار إليها ممّا قامت

__________________

(١) نهاية الدراية : ٤٣١.

١٩

فيه قرينة على الخلاف ، ولا مانع من استفادة الجرح منه عند الإطلاق وعدم القرينة»(١).

وسيتّضح بعد قليل أنّ القول بالضعف المطلق للسيّاري ممّا لا سبيل إلى القبول به ، مع كثرة القرائن والمرجّحات على ثبوت ظاهر العدالة ، ومقبولية رواياته عند الطائفة المحقّة ، كما أنّ إثبات مطلق الضعف يحتاج إلى شهادة حسّية معتبرة ، وليس بين أيدينا إلاّ آراء اجتهادية ناشئة من إعمال الذوق الاجتهادي المبني على الظنّ والحدس ، قال الشيخ علي النمازي الشاهرودي في تعليقه على تضعيف السيّاري : «وعندي أنّ تضعيفه لما روى في كتاب القراءات من الآيات النازلة في الولاية ، وإسقاط بعض كلماته وفيها الغلوّ والتخليط بزعمهم»(٢).

٢ ـ التخليط :

وقد جاءت هذه التهمة عرضاً في طرق النجاشي والطوسي إلى كتب السيّاري ، قال النجاشي : «أخبرنا الحسين بن عبيد الله قال : حدّثنا أحمد بن محمّد ابن يحيى ، وأخبرنا أبو عبد الله القزويني قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى ، عن أبيه قال : حدّثنا السيّاري ، إلاّ ما كان من غلوّ وتخليط»(٣) ، وقال الطوسي : «أخبرنا بالنوادر خاصّة الحسين بن عبيد الله ، عن أحمد بن محمّد بن يحيى ، قال :

__________________

(١) دراسات في علم الدراية : ١٣٢ ـ ١٣٣.

(٢) مستدركات علم رجال الحديث ١٥ / ٤٤٦.

(٣) رجال النجاشي : ٨٠ ، نقد الرجال ٥ / ١٨٢.

٢٠