المبدأ إذ لا يعقل التلبس حينئذ بين الشيء ونفسه ، أو يكفي في تعقله المغايرة مفهوماً وان اتحدت الذات والمبدأ وجوداً كما في إطلاق صفات الذات على الله سبحانه وتعالى بناء على الحق من عينيّة مبادئ تلك الصفات لذاته أو لا يحتاج حتى إلى المغايرة مفهوماً فيصح قولنا البياض أبيض والضوء مضيء وهكذا.
ذهب المحقق الخراسانيّ ( قده ) إلى الوسط من هذه الوجوه قائلاً بأن المأخوذ في المدلول التلبس بنحو من الأنحاء ، وهو كما يصدق على التلبس الحلولي والصدوري كذلك يصدق على التلبس الاتحادي ، ومرجعه إلى قيام المبدأ بالذات على نحو العينية وبهذا صحّ إطلاق عالم على الله سبحانه بلا حاجة إلى عناية.
والتحقيق : انّ أنحاء التلبس هي أنحاء من النسب ولا يعقل الجامع الذاتي بينها ، فدعوى : انّ المأخوذ هو التلبس بجامعه غير صحيح. لأنّ المقصود بالتلبس إن كان المعنى الاسمي له فمن الواضح انّه لا ينسبق إلى الذهن من الكلمة ، وإن كان المعنى الحرفي له فلا يتصوّر الجامع بين الحلول والصدور والعينيّة بل يتعيّن أن تكون الكلمة موضوعة لأحد هذه الأنحاء وتستعمل في الباقي بنحو من العناية أو موضوعة لكلّ واحد من تلك الأنحاء على نحو الوضع العام والموضوع له الخاصّ على نحو لا تكون الكلمة من متحد المعنى.
عرفنا سابقاً أن المركّب يشتمل على مواد لمفرداته وهيئات إفرادية وهيئة حاصلة من ضمّ هذه المفردات بعضها إلى بعض. وبعد أن فرغوا عن أنّ كلّ واحد من هذه العناصر موضوع لمعناه ومساهم في تكوين المعنى الجملي المجموعي للكلام وقع البحث في انّه هل يكون للمجموع من هذه العناصر المشتمل حتى على هيئة الجملة وضع خاص للمجموع من المعاني المتحصلة من تلك العناصر أو لا. والمعروف بين المحققين عدم وجود وضع من هذا القبيل وقد استدلّ لذلك بوجوه :
الأول : انّه لو ثبت هذا الوضع لزم استفادة المعنى والانتقال إليه مرّتين : مرة على سبيل التفصيل جزءاً جزءاً من ناحية وضع أجزاء الجملة وأخرى على سبيل الإجمال