علل الشرائع والأحكام والأسباب - ج ٣

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

علل الشرائع والأحكام والأسباب - ج ٣

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-319-612-7
ISBN الدورة:
978-964-319-609-7

الصفحات: ٣٩٦

شيءيلتزم ؟ وأيّ شيء يذكر فيه؟ فقال : «عنده نهر من الجنّة تلقى فيه أعمال العباد كلّ خميس» (١) .

[ ٩٠٧ / ٥ ] حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن العبّاس بن معروف ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، عن أبي بصير وزرارة ومحمّد بن مسلم كلّهم عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : «إنّ الله عزوجل خلق الحجر الأسود ثمّ أخذ الميثاق على العباد ، ثمّ قال للحجر : التقمه ، والمؤمنون يتعاهدون ميثاقهم» (٢) .

[ ٩٠٨ / ٦ ] حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد ، عن زياد القندي ، عن عبدالله بن سنان ، قال : بينا نحن في الطواف إذ مرّ رجل من آل عمر فأخذبيده رجل فاستلم الحجر فانتهره (٣) ، وأغلظ له ، وقال له : بطل حجّك ، إنّ الذي تستلمه حجر لا يضرّ ولا ينفع ، فقلت لأبي عبدالله عليه‌السلام : جُعلت فداك أما سمعتَ قول العمري لهذا الذي استلم الحجر فأصابه ماأصابه؟ فقال : «وما الذي قال ؟» ، قلت : قال له : ياعبدالله ، بطل حجّك ثمّ إنّما هو حجر لا يضرّ ولاينفع .

فقال أبو عبدالله عليه‌السلام : «كذب ثمّ كذب ثمّ كذب ، إنّ للحجر لساناً ذلقاً يوم القيامة ، يشهد لمن وافاه بالموافاة».

__________________

(١) رواه الكليني في الكافي ٤ : ٥٢٥ / ٣ (باب فضل الصلاة في المسجد الحرام وأفضل بقعة فيه) ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ٢٢٠ / ١٠.

(٢) أورده الشيخ الحسن بن سليمان في مختصر البصائر : ٥٠٧ / ٥٧٣ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ٢٢١ / ١١.

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : نهره وانتهره ، أي زجره. الصحاح ٢٠ : ٥٨٠ / نهر.

٢١

ثمّ قال : «إنّ الله تبارك وتعالى لمّا خلق السماوات والأرض خلق بحرين : بحراً عذباً وبحراً اُجاجاً ، فخلق تربة آدم (١) من البحر العذب وشنّ عليهامن البحر الاُجاج ، ثمّ جبل (٢) آدم فعرك (٣) عرك الأديم ، فتركه ما شاء الله.

فلمّا أراد أن ينفخ فيه الروح أقامه شبحاً ، فقبض قبضةً من كتفه الأيمن فخرجوا كالذرّ ، فقال : هؤلاء إلى الجنّة ، وقبض قبضةً من كتفه الأيسروقال : هؤلاء إلى النار.

فأنطق الله عزوجل أصحاب اليمين وأصحاب اليسار ، فقال أهل اليسار : يا ربّ ، لِمَ خلقتَ لنا النار ولم تبيّن لنا ولم تبعث إلينا رسولاً؟ فقال الله عزوجل لهم : ذلك لعلمي بما أنتم صائرون إليه وإنّي سائلكم ، فأمر الله عزوجل النار فأُسعرت ، ثمّ قال لهم : تقحّموا (٤) جميعاً في النار ، فإنّي أجعلها عليكم (٥) برداً وسلاماً ، فقالوا : يا ربّ ، إنّما سألناك لأيّ شيء جعلتها لنا هرباً منها ، ولو أمرت أصحاب اليمين ما دخلوا ، فأمر الله عزوجل النار فأُسعرت ، ثمّ قال لأصحاب اليمين : تقحّموا جميعاً في النار ، فتقحّموا جميعاً فكانت عليهم برداً وسلاماً ، فقال لهم جميعاً : ألستُ بربّكم؟ قال

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : أديم النهار : عامّته أو بياضه ، ومن الضحى : أوّله ، ومن السماءوالأرض : ما ظهر. القاموس المحيط ٤ : ٤ / الأدمة.

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : جَبَلَهُم الله يَجْبُل : خَلَقهم ، وعلى الشيء : طبعه وجبره كأجبله.القاموس المحيط ٣ : ٤٧٢ / الجبل.

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : عَركتُ الشيء أَعْرُكُه عَرْكاً : دَلكته. الصحاح ٤ : ٣٧٩ / عرك.

(٤) ورد في حاشية «ج ، ل» : قحم في الأمر قحوماً : رمى بنفسه فيه فجأةً بلا رويّة. القاموس المحيط ٤ : ١٢٨ / قحم.

(٥) في «ن» : لكم.

٢٢

أصحاب اليمين : بلى طوعاً ، وقال أصحاب الشمال : بلى كرهاً ، فأخذ منهم جميعاً ميثاقهم وأشهدهم على أنفسهم».

قال : «وكان الحجر في الجنّة فأخرجه الله عزوجل فالتقم الميثاق من الخلق كلّهم ، فذلك قوله عزوجل : ( وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ) (١) فلمّا أسكن الله عزوجل آدم الجنّة وعصى ، أهبط الله تعالى الحجر فجعله في ركن بيته ، وأهبط آدم على الصفا ، فمكث ماشاء الله.

ثمّ رآه في البيت فعرفه وعرف ميثاقه وذكره ، فجاء إليه مسرعاً فأكبّ عليهوبكى عليه أربعين صباحاً تائباً من خطيئته ونادماً على نقضه ميثاقه» ، قال : «فمن أجل ذلك اُمرتم أن تقولوا إذا استلمتم الحجر : أمانتي أدّيتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة يوم القيامة» (٢).

[ ٩٠٩ / ٧ ] حدّثنا أبي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثني سعد بن عبدالله ، عن محمّد ابن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن عبدالكريم ابن عمرو الخثعمي ، عن عبدالله بن أبي يعفور ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : «إنّ الأرواح جنود مجنّدة فما تعارف منها في الميثاق ائتلف هاهنا ، وما تناكرمنها في الميثاق اختلف هاهنا والميثاق هو في هذا الحجر الأسود ، أما والله إنّ له لعينين وأُذنين وفماً ولساناً ذلقاً (٣) ، ولقد كان أشدّ بياضاً من

__________________

(١) سورة آل عمران ٣ : ٨٣.

(٢) أورده الشيخ الحسن بن سليمان في مختصر البصائر : ٥٠٧ / ٥٧٤ باختلاف يسير ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ٢١٧ / ٢ ، و٥ : ٢٤٥ / ٣٥.

(٣) ورد في هامش «ج ، ل» : لسانٌ طلقٌ ذَلِقٌ وطَليقٌ ذليقٌ وطُلُق ذُلُق بضمّتين ، وكصُرد وكتِف ذو حِدّة. القاموس المحيط ٣ : ٣٥٠ / طلق.

٢٣

اللبن ، ولكنّ المجرمين يستلمونه والمنافقين ، فبلغ كمثل ما ترون» (١) .

[ ٩١٠ / ٨ ] حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنامحمّد بن الحسن الصفّار ، عن عليّ بن حسّان الواسطي ، عن عمّه عبدالرحمن بن كثير الهاشمي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : «مرّ عمر بن الخطّاب على الحجر الأسود ، فقال : والله يا حجر ، إنّا لنعلم أنّك حجر لاتضرّ ولاتنفع إلاّ أنّا رأينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يحبّك فنحن نحبّك ، فقال له أمير المؤمنين عليه‌السلام : كيف يابن الخطّاب؟ فوالله ليبعثنّه الله يوم القيامة وله لسانوشفتان فيشهد لمن وافاه ، وهو يمين الله في أرضه يبايع بها خلقه ، فقال عمر : لا أبقانا الله في بلد لا يكون فيه عليّ بن أبي طالب» (٢) .

[ ٩١١ / ٩ ] أخبرني (٣) عليّ بن حاتم فيما كتب إليَّ ، قال : حدّثنا جميل ابن زياد ، قال : حدّثنا أحمد بن الحسين النخّاس ، عن زكريّا أبي محمّد المؤمن ، عن عامر بن معقل ، عن أبان بن تغلب ، قال : قال أبو عبدالله عليه‌السلام : «أتدري لأيّ شيء صار الناس يلثمون (٤) الحجر؟» قلت : لا ، قال : «إنّ آدم عليه‌السلام شكا إلى ربّه عزّجلّ الوحشة في الأرض فنزل

__________________

وأيضاً ورد في هامشهما : وفي حديث الرحم : فتكلّمت بلسان طلق ذُلق ، طُلَق أي : فصيح بليغ. هكذا جاء في الرواية على فُعل بوزن صُرد. النهاية لابن الأثير ٢ : ١٥٣ / ذلف.

(١) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ٢٢٠ / ٩.

(٢) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ٢٢١ / ١٢.

(٣) في «س ، ل» : أخبرنا.

(٤) ورد في هامش «ج ، ل» : لثم فاها كسمع وضرب : قبّلها. القاموس المحيط ٤ : ١٤٦ / لثم.

٢٤

جبرئيل عليه‌السلام بياقوتة (١) من الجنّة كان آدم إذا مرّ عليها في الجنّة ضربها برجله ، فلمّا رآها عرفها فبادر يلثمها ، فمن ثَمّ صار الناس يلثمون الحجر» (٢) .

[ ٩١٢ / ١٠ ] أخبرنا أبو عبدالله محمّد بن شاذان بن أحمد بن عثمان البراوزي ، قال : حدّثنا أبو عليّ محمّد بن محمّد بن الحارث بن سفيان الحافظ السمرقندي ، قال : حدّثنا صالح بن سعيد الترمذي ، قال : حدّثناعبدالمنعم بن إدريس ، عن أبيه ، عن وهب اليماني ، عن ابن عبّاس أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعائشة وهي تطوف معه بالكعبة حين استلما الركن (٣) : «ياعائشة ، لولا ما طبع الله على هذا الحجر من أرجاس الجاهليّة وأنجاسها إذاًلاستشفي به من كلّ عاهة ، وإذاً لاُلفي كهيئة يوم أنزله الله عزوجل ، وليبعثنّه الله على ما خُلق عليه أوّل مرّة ، وإنّه لياقوتة بيضاء من ياقوت الجنّة ، ولكنّ الله عزوجلغيّر حسنه بمعصية العاصين ، وسُترت بنيّته عن الأثمة (٤) والظَلَمة ؛ لأنّه لا ينبغي لهم أن ينظروا إلى شيء بدؤه من الجنّة ؛ لأنّ مَنْ نظر إلى شيء منها على جهته وجبت له الجنّة ، وإنّ الركن (٥) يمين الله عزوجل في الأرض ، وليبعثنّه الله يوم القيامة وله لسان وشفتان وعينان ، ولينطقنّه الله يوم القيامة بلسان طلق ذلق ليشهد لمن استلمه بحقّ استلامه

__________________

(١) في «س» زيادة : حمراء.

(٢) أورده ابن شهرآشوب في مناقبه ٤ : ٢٨٩ مرسلاً ، ونقله المجلسي عن العلل في بحارالأنوار ٩٩ : ٢٢١ / ١٣.

(٣) في المطبوع و«ل» زيادة : وبلغا إلى الحجر.

(٤) في المطبوع : الأئمّة ، وكذا في البحار ، وما أثبتناه من النسخ.

(٥) في «س» زيادة : اليماني.

٢٥

اليوم بيعة لمن لم يدرك بيعة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ».

وذكر وهب أنّ الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنّة اُنزلا فوضعا على الصفا فأضاء نورهما لأهل الأرض ما بين المشرق والمغرب كما يضيءالمصباح في الليل المظلم (١) ، يؤمن الروعة ويستأنس إليه (٢) ، وليبعثنّ الركن والمقام وهُما في العِظم مثل أبي قبيس ، يشهدان لمن وافاهما بالموافاة فرُفع النور عنهما وغيّر حسنهما ووُضعا حيث هما (٣) .

ـ ٤٢٥ ـ

باب العلّة التي من أجلها صار الحجر أسود

بعدما كان أبيض والعلّة التي من أجلها

لا يبرأ ذو عاهة يمسّه الآن

[ ٩١٣ / ١ ] حدّثنا أبي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن عبدالرحمن بن أبي نجران والحسين بن سعيد جميعاً ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز بن عبدالله ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : «كان الحجرالأسود أشدّ بياضاً من اللبن فلولا ما مسّه من أرجاس الجاهليّة ما مسّه ذو عاهة إلاّ برأ» (٤) .

[ ٩١٤ / ٢ ] حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثناسعد بن عبدالله ، عن إسماعيل بن محمّد التغلبي ، عن أبي طاهر

__________________

(١) في «ل» : الليلة المظلمة.

(٢) في المطبوع ونسخة بدل في «ج ، ل» : إليهما.

(٣) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ٢١٩ / ٣.

(٤) ذكره المصنِّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ٢ : ١٩٢ ذيل حديث ٢١١٤ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ٢٢١ / ١٤.

٢٦

الورّاق ، عن الحسن بن أيّوب ، عن عبدالكريم بن عمرو ، عن عبدالله بن أبي يعفور ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام أنّه ذكر الحجر ، فقال : «أما إنّ له عينين وأنفاً ولساناً ، ولقدكان أشدّ بياضاً من اللبن ، أما إنّ المقام كان بتلك المنزلة» (١) .

ـ ٤٢٦ ـ

باب العلّة التي من أجلها صار الناس يستلمون

الحجر والركن اليماني ، ولا يستلمون الركنين

الآخرين ، والعلّة التي من أجلها صار مقام

إبراهيم عليه‌السلام على يسار العرش

[ ٩١٥ / ١ ] أخبرنا عليّ بن حاتم ، قال : حدّثنا عليّ بن الحسين النحوي ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن ابن فضّال ، عن ثعلبة بن ميمون وغيره ، عن بريد بن معاوية العجلي ، قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام : كيف صار الناس يستلمون الحجر والركن اليماني ولا يستلمون الركنين الآخرين؟

فقال : «قد سألني عن ذلك عبّاد بن صهيب البصري ، فقلت له : لأنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله استلم هذين ولم يستلم هذين ، فإنّما على الناس أن يفعلوا مافَعَل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وسأُخبرك بغير ما أخبرت به عبّاداً : إنّ الحجر الأسودوالركن اليماني عن يمين العرش ، وإنّما أمر الله تبارك وتعالى أن يستلم ما عن يمين عرشه».

__________________

(١) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ٢٢١ ـ ٢٢٢ / ١٥.

٢٧

قلت : فكيف صار مقام إبراهيم عن يساره؟

فقال : «لأنّ لإبراهيم عليه‌السلام مقاماً في القيامة ولمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله مقاماً ، فمقام محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله عن يمين عرش ربّنا عزوجل ، ومقام إبراهيم عليه‌السلام عن شمال عرشه ، فمقام إبراهيم عليه‌السلام في مقامه يوم القيامة ، وعرش ربّنا مُقبل غيرمُدبر» (١) (٢) .

[ ٩١٦ / ٢ ] حدّثنا أبي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أيّوب بن نوح ، عن صفوان بن يحيى ، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : «بينا أنافي الطواف إذا (٣) رجل يقول : ما بال هذين الركنين يُمسحان ـ يعني الحجر والركن اليماني وهذين لا يُمسحان؟ قال : فقلت : لأنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآلهكان يمسح هذين ولم يمسح هذين فلا نتعرّض لشيء

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : حاصله : أنّه ينبغي أن يتصوّر أنّ البيت بإزاء العرش وحذائه في الدنيا وفي القيامة ، وينبغي أن يتصوّر أنّ البيت بمنزلة رجل وجهه إلى الناس ووجهه طرف الباب ، فإذا توجّه إلى البيت يكون المقام إلى جانب اليمين والحجر إلى يسار المتوجّه ، لكنّ الحجر يمين البيت والمقام يساره ، وكذا العرش الآن ويوم القيامة ، والحجربمنزلة مقام نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والركن اليماني بمنزلة مقام أئمّتنا صلوات الله عليهم ، وكماأنّ مقام النبيّ والأئمّة صلوات الله عليهم في الدنيا في يمين البيت وبإزاء يمين العرش ، كذلك يكون في الآخرة; لأنّ العرش مقبل وجهه إلينا غير مدبر; لأنّه لو كان مدبراً لكان اليمين لإبراهيم عليه‌السلام واليسار للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمّة عليهم‌السلام . هذا تفسير الخبربحسب الظاهر.

ويمكن أن يكون إشارة إلى علوّ رتبة نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ورفعته وأفضليّته على رتبة إبراهيم الذي هو أفضل الأنبياء بعد النبيّ والأئمّة صلوات الله عليهم ، وقد ورد في الأخباراستحباب استلام الركنين الآخرين ، فيكون المراد : تأكّد فضيلة استلامهما ، والمنفيّ تأكّد الفضيلة لا أصلها. (م ت ق رحمه‌الله).

(٢) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ٢٢٢ / ١٦.

(٣) في «ح» : إذ.

٢٨

لم يتعرّض له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله » (١) .

[ ٩١٧ / ٣ ] حدّثنا أبي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، قال : حدّثنا محمّد بن عبدالجبّار ، قال : حدّثنا جعفر بن محمّد الكوفي ، عن رجل من أصحابنا رفعه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «لمّا انتهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الركن الغربي ، قال له الركن : يا رسول الله ، ألست قعيداً (٢) من قواعد بيت ربّك فما لي لاأُستلم؟ فدنا منه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له : اسكن عليك السلام غير مهجور» (٣) .

ـ ٤٢٧ ـ

باب العلّة التي من أجلها وضع الله عزوجل

الحجر في الركن الذي هو فيه ولم يضعه في غيره ،

والعلّة التي من أجلها يقبّل ، والعلّة التي من أجلها

اُخرج من الجنّة ، والعلّة التي من أجلها جعل الميثاق فيه

[ ٩١٨ / ١ ] أبي (٤) رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، عن

__________________

(١) أورده الكليني في الكافي ٤ : ٤٠٨ / ٩ ، والشيخ الطوسي في التهذيب ٥ : ١٠٦ / ٣٤٢ ، والاستبصار ٢ : ٢١٧ / ٧٤٥ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ٢٢٢ / ١٧ .

(٢) ورد في هامش «ج ، ل» : القعيد الذي يصاحبك في قعودك; القعيد الجبل اللاطئ بالأرض . لسان العرب ٣ : ٣٦٠ / قعد.

(٣) أورده محمّد بن الحسن الصفّار في بصائر الدرجات ٢ : ٤٥١ / ١٧٩٧ ، والراوندي في قصص الأنبياء : ٢٨٦ / ٣٥٣ ، والشيخ الحسن بن سليمان في مختصر البصائر : ٨١ / ٥١ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ٢٢٢ / ١٨.

(٤) في «س» : حدّثنا أبي.

٢٩

محمّد بن أحمد ، قال : حدّثنا موسى بن عمر ، عن ابن سنان ، عن أبي سعيد القمّاط ، عن بكير بن أعين ، قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام لأيّ علّة وضع الله الحجر في الركن الذي هو فيه ولم يوضع في غيره؟ ولأيّ علّة يُقبّل؟ ولأيّ علّة اُخرج من الجنّة؟ ولأيّ علّة وضع فيه ميثاق العباد والعهد ولم يوضع في غيره ، وكيف السبب في ذلك تخبرني جُعلت فداك ، فإنّ تفكّري فيه لعجب؟

قال : فقال : «سألت وأعضلت (١) في المسألة واستقصيت ، فافهم وفرِّغ قلبك وأصغ سمعك اُخبرك إن شاء الله تعالى : إنّ الله تبارك وتعالى وضع الحجرالأسود وهو جوهرة اُخرجت من الجنّة إلى آدم فوُضعت في ذلك الركن لعلّة الميثاق ؛ وذلك أنّه لمّا أخذ من بني آدم من ظهورهم ذرّيّتهم حين أخذ الله عليهم الميثاق في ذلك المكان ، وفي ذلك المكان تراءى لهم ربّهم ، ومن ذلك الركن يهبط الطير على القائم ، فأوّل مَنْ يبايعه ذلك الطير ، وهو والله جبرئيل عليه‌السلام ، وإلى ذلك المقام يُسند ظهره وهو الحجّة والدليل على القائم عليه‌السلام ، وهو الشاهد لمن وافى ذلك المكان ، والشاهد لمن أدّى إليه الميثاق والعهد الذي أخذ الله على العباد.

وأمّا القبلة والالتماس فلعلّة العهد تجديداً لذلك العهد والميثاق ، وتجديداً للبيعة ، وليؤدّوا إليه العهد الذي اُخذ عليهم في الميثاق فيأتونه في كلّ سنة ، وليؤدّوا إليه ذلك العهد ، ألا ترى أنّك تقول : أمانتي أدّيتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة ، والله ما يؤدّي ذلك أحد غيرشيعتنا ،

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : ومنه حديث عمر : أعوذ بالله من كلّ معضَلة ليس لها أبو حسن.وروي : معضِلة ، أراد المسألة الصعبة. النهاية لابن الأثير ٣ : ٢٢٩ ـ ٢٣٠ / عضل.

٣٠

ولا حفظ ذلك العهد والميثاق أحد غير شيعتنا ، وأنّهم ليأتونه فيعرفهم ويصدّقهم ، ويأتيه غيرهم فينكرهم ويكذّبهم ، وذلك أنّه لم يحفظ ذلك غيركم فلكم والله يشهد ، وعليهم والله يشهد بالحقد والجحودوالكفر .

وهو الحجّة البالغة من الله عليهم يوم القيامة يجيء وله لسان ناطق وعينان في صورته الاُولى ، يعرفه الخلق ولا يُنكروه ، يشهد لمن وافاه وجدّدالعهد والميثاق عنده بحفظ العهد والميثاق وأداء الأمانة ، ويشهد على كلّ مَنْ أنكر وجحد ونسي الميثاق بالكفر والإنكار. وأمّا علّة ما أخرجه الله من الجنّة ، فهل تدري ما كان الحجر؟» قال : قلت : لا ، قال : «كان ملكاً عظيماً (١) من عظماء الملائكة عند الله عزوجل ، فلمّا أخذ الله من الملائكة الميثاق ، كان أوّل مَنْ آمن به وأقرّ ذلك الملك ، فاتّخذه الله أميناً على جميع خلقه ، فألقمه الميثاق وأودعه عنده ، واستعبد الخلق أن يجدّدوا عنده في كلّ سنة الإقرار بالميثاق والعهد الذي أخذه الله عليهم ، ثمّ جعله الله مع آدم في الجنّة يذكّره الميثاق ويجدّد عنده الإقرار في كلّ سنة ، فلمّا عصى آدم فاُخرج من الجنّة أنساه الله العهد والميثاق الذي أخذ الله عليه وعلى ولده لمحمّد ووصيّه [ صلوات الله عليهم ] ، وجعله باهتاً حيراناً.

فلمّا تاب على آدم حوّل ذلك الملك في صورة درّة بيضاء ، فرماه من الجنّة إلى آدم وهو بأرض الهند ، فلمّا رآه أنس إليه ، وهو لا يعرفه بأكثر من أنّه جوهرة ، فأنطقه الله عزوجل ، فقال : يا آدم أتعرفني؟ قال : لا ، قال :

__________________

(١) كلمة «عظيماً» لم ترد في «ع ، ن ، ح ، س».

٣١

أجل ، استحوذ (١) عليك الشيطان فأنساك ذكر ربّك ، وتحوّل (٢) إلى الصورة التي كان بها في الجنّة مع آدم عليه‌السلام ، فقال لآدم : أين العهد والميثاق؟ فوثب إليه آدم وذكر الميثاق وبكى وخضع له وقبّله وجدّد الإقرار بالعهد والميثاق.

ثمّ حوّله الله عزوجل إلى جوهرة الحجر درّة بيضاء صافية تضيء ، فحمله آدم على عاتقه إجلالاً له وتعظيماً ، فكان إذا أعيا حمله عنه جبرئيل حتّى وافى به مكّة ، فما زال يأنس به بمكّة ، ويجدّد الإقرار له كلّ يوم وليلة.

ثمّ إنّ الله عزوجل لمّا أهبط جبرئيل إلى أرضه وبنى الكعبة هبط إلى ذلك المكان بين الركن والباب ، وفي ذلك المكان تراءى لآدم حين أخذ الميثاق ، وفي ذلك الموضع ألقم الملك الميثاق ، فلتلك العلّة وضع في ذلك الركن ، ونحّى آدم من مكان البيت إلى الصفا وحوّاء إلى المروة وجُعل الحجر في الركن فكبّر الله وهلّله ومجّده ، فلذلك جرت السنّة بالتكبيرفي استقبال الركن الذي فيه الحجر من الصفا ، وأنّ الله عزوجل أودعه العهدوالميثاق ، وألقمه إيّاه دون غيره من الملائكة ؛ لأنّ الله عزوجل لمّا أخذالميثاق له بالربوبيّة ، ولمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآلهبالنبوّة ، ولعليٍّ عليه‌السلام بالوصيّة (٣) ، اصطكّت (٤) فرائص (٥) الملائكة.

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : استحوذ عليهم الشيطان أي استولى عليهم وحواهم إليه. النهاية لابن الأثير ١ : ٤٣٩ / حوذ.

(٢) في «ن» : ثمّ تحوّل.

(٣) في «ج ، س ، ل» : بالولاية ، وكذا في حاشية «ش» عن نسخة.

(٤) ورد في حاشية «ج ، ل» : الصكك : أن تضرب إحدى الرجلين الاُخرى عند العدو. النهاية لابن الأثير ٣ : ٤٠ / صكك.

(٥) ورد في حاشية «ج ، ل» : فيه : إنّي لأكره أن أرى ثائراً فرائص رقبته. الفريصة :

٣٢

وأوّل مَنْ أسرع إلى الإقرار ذلك الملك ، ولم يكن فيهم أشدّ حبّاً لمحمّدوآل محمّد [ صلوات الله عليهم ] منه ، فلذلك اختاره الله عزوجل من بينهم وألقمه الميثاق ، فهو يجيء يوم القيامة وله لسان ناطق وعين ناظرة ؛ ليشهدلكلّ مَنْ وافاه إلى ذلك المكان وحفظ الميثاق» (١) .

( قال محمّد بن عليّ مؤلّف هذا الكتاب : جاء هذا الخبر هكذا : ومعنى قوله : إنّ الله أهبط جبرئيل إلى أرضه وبنى الكعبة : أهبطهم إلى ما بين الركنوالمقام ، وفي ذلك المكان : تراءى جبرئيل (٢) لآدم فأخذ الميثاق.

وأمّا قوله : أخذ الله الحجر بيده ، فإنّه يعني بقدرته.

ـ ٤٢٨ ـ

باب العلّة التي من أجلها سُمّي الصفا صفا والمروة مروة

[ ٩١٩ / ١ ] حدّثنا أبي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عن محمّد بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر وعبدالكريم بن عمرو ، عن عبدالحميد بن أبي الديلم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام، قال : «سُمّي الصفاصفا ؛ لأنّ المصطفى آدم هبط عليه فقطع للجبل اسم من اسم آدم عليه‌السلام يقول الله عزوجل : ( إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ

__________________

اللحمة التي بين جنب الدابّة وكتفها لا زال ترعد ، وأراد بها هنا عصبة الرقبة وعروقها ، لأنّها هي التي تثور عند الغضب. النهاية لابن الأثير ٣ : ٣٨٦ / فرص.

(١) أورده الكليني في الكافي ٤ : ١٨٤ / ٣ (باب بدء الحجر والعلّة في استلامه) ، باختلاف ، والشيخ الحسن بن سليمان في مختصر البصائر : ٥٠٩ / ٥٧٥ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ٢٢٣ ـ ٢٢٥ / ١٩.

(٢) في النسخ ما عدا «ح» : ثوابه جزيل. وما أثبتناه من «ح».

٣٣

آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ) (١) وهبطت حوّاء على المروة ، وإنّما سُمّيت المروة ؛ لأنّ المرأة هبطت عليها فقطع للجبل اسم من اسم المرأة» (٢) .

ـ ٤٢٩ ـ

باب العلّة التي من أجلها جعل السعي بين الصفا والمروة

[ ٩٢٠ / ١ ] حدّثنا أبي رضي‌الله‌عنه، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن يعقوب ابن يزيد ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : «إنّ إبراهيم عليه‌السلام لمّا خلّف إسماعيل بمكّة عطش الصبيّ وكان فيما بين الصفا والمروة شجر فخرجت اُمّه حتّى قامت على الصفا ، فقالت : هل بالوادي من أنيس؟ فلم يُجبها أحد ، فمضت حتّى انتهت إلى المروة ، فقالت : هل بالوادي من أنيس؟ فلم يُجبها أحد ثمّ رجعت إلى الصفا ، فقالت كذلك حتّى صنعت ذلك سبعاً ، فأجرى الله ذلك سُنّةً ، فأتاها جبرئيل عليه‌السلام فقال لها : مَنْ أنت ؟ فقالت : أنا أُمّ ولد إبراهيم ، فقال : إلى مَنْ وكلكم؟ فقالت : أما إذا قلت ذلك فقد قلت له حيث أراد الذهاب : يا إبراهيم إلى مَنْ تكلنا؟ فقال : إلى الله عزوجل، فقال جبرئيل عليه‌السلام : لقد وكلكم إلى كاف ، قال : وكان الناس يتجنّبون الممرّ بمكّة

__________________

(١) سورة آل عمران ٣ : ٣٣.

(٢) ذكره المصنِّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ٢ : ١٩٥ / ٢١٢١ ، وأورده البرقي في المحاسن ٢ : ٦٥ / ١١٨٠ ، وفيه لم يرد صدر الحديث إلى قوله : إنّ الله اصطفى ، ومع زيادة في ذيله ، وكذا أورده الكليني في الكافي ٤ : ١٩١ / ٢ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١١ : ٢٠٥ / ٦ ، و٩٩ : ٢٣٣ / ٢.

٣٤

لمكان الماء ، ففحص الصبيّ برجله فنبعت زمزم ، ورجعت من المروة إلى الصبيّ وقد نبع الماء فأقبلت تجمع التراب حوله مخافة أن يسيح الماء ولو تركته لكان سيحاً.

قال : فلمّا رأت الطير الماء حلّقت عليه ، قال : فمرّ ركب من اليمن ، فلمّارأوا الطير حلّقت عليه ، قالوا : ما حلّقت إلاّ على ماء ، فأتوهم فسقوهم من الماء وأطعموهم الركب من الطعام ، وأجرى الله عزوجل لهم بذلك رزقاً ، فكانت الركب تمرّ بمكّة فيطعمونهم من الطعام ويسقونهم من الماء» (١) .

ـ ٤٣٠ ـ

باب علّة الهرولة بين الصفا والمروة

[ ٩٢١ / ١ ] حدّثنا أبي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أيّوب بن نوح ، عن صفوان بن يحيى ، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : «صار السعي بين الصفا والمروة ؛ لأنّ إبراهيم عليه‌السلام عرض له إبليس ، فأمره جبرئيل عليه‌السلام فشدّ (٢) عليه فهرب منه فجرت به السُّنّة» يعني به الهرولة (٣) .

[ ٩٢٢ / ٢ ] حدّثنا أبي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد وعبدالله ابني محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن

__________________

(١) أورده البرقي في المحاسن ٢ : ٦٧ ، و٦٨ / ١١٨٩ و١١٩٠ باختلاف ، والكليني في الكافي٤ : ٢٠٢ / ٢ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٢ : ١٠٦ / ١٩.

(٢) ورد في هامش «ج ، ل» : الشدّة بالضمّ : الحملة في الحرب ، والشدّ : العدو. القاموس المحيط ١ : ٤٢٢ / الشدّة.

(٣) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٢ : ١٠٧ / ٢٣ ، و٩٩ : ٢٣٤ / ٤.

٣٥

الحلبيّ ، قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام : لِمَ جُعل السعي بين الصفا والمروة؟ قال : «لأنّ الشيطان تراءى (١) لإبراهيم عليه‌السلام في الوادي فسعى (٢) وهو منازل الشيطان» (٣) .

ـ ٤٣١ ـ

باب العلّة التي من أجلها صار المَسْعى

أحبّ البقاع إلى الله تعالى

[ ٩٢٣ / ١ ] حدّثنا أبي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمّار ، قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : «ما لله عزوجل منسك أحبّ إلى الله تبارك وتعالى من موضع السعي ؛ وذلك أنّه يذلّ فيه كلّ جبّار عنيد» (٤) .

[ ٩٢٤ / ٢ ] حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، وأحمد بن إدريس جميعاً ، عن محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري قال : حدّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن أسلم ، عن يونس ، عن أبي بصير ، قال :

__________________

(١) ورد في هامش «ج ، ل» : تراءى لي وترأى تصدّى لأراه. القاموس المحيط ٤ : ٣٦٣ / رأى.

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : أي إبراهيم ، ويحتمل إبليس ، ليكون أوفق بالخبر السابق.

(٣) ذكره المصنِّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ٢ : ١٩٢ / ذيل حديث ٢١٢٤ باختلاف في السندوالمتن ، وأورده ابن إدريس في مستطرفات السرائر : ٣٤ / ٤٣ باختلاف ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٢ : ١٠٨ / ٢٤ ، و٩٩ : ٢٣٤ / ٥.

(٤) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ٢٣٤ / ٦.

٣٦

سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : «ما من بقعة أحبّ إلى الله عزوجلمن المسعى ؛ لأنّه يذلّ فيه كلّ جبّار» (١) .

ـ ٤٣٢ ـ

باب العلّة التي من أجلها أحرم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله

من مسجد الشجرة ولم يحرم دون ذلك

[ ٩٢٥ / ١ ] أخبرني (٢) عليّ بن حاتم ، قال : أخبرنا القاسم بن محمّد ، قال : حدّثنا حمدان بن الحسين ، عن الحسين بن الوليد ، عمّن ذكره ، قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام : لأيّ علّة أحرم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآلهمن مسجد (٣) الشجرةولم يحرم من موضع دونه؟

قال : «لأنّه لمّا اُسري به إلى السماء وصار بحذاء الشجرة وكانت الملائكة تأتي إلى البيت المعمور بحذاء المواضع التي هي مواقيت سوى الشجرة ، فلمّا كان في الموضع الذي بحذاء الشجرة نودي : يا محمّد ، قال : لبّيك ، قال : ألم أجدك يتيماً فآويت (٤) ووجدتك ضالاًّ فهديت (٥) ؟ قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك لبّيك ، فلذلك

__________________

(١) أورده الكليني في الكافي ٤ : ٤٣٤ / ٣ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ٢٣٤ ـ ٢٣٥ / ٧.

(٢) في «ل» : أخبرنا.

(٣) كلمة «مسجد» لم ترد في «ج ، ع» والبحار.

(٤) في «ل» وحاشية «ش ، ن» عن نسخة : فآويتك.

(٥) ورد في «ح ، ل» : فهديتك ، وكذا في حاشية «ن ، ش» عن نسخة ، وفي حاشية «ل» عن نسخة كما في المتن.

٣٧

أحرم من الشجرة دون المواضع كلّها» (١) .

[ ٩٢٦ / ٢ ] أبي (٢) رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أيّوب بن نوح ، عن صفوان بن يحيى ، عن معاوية بن عمّار ، قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : «اعلم أنّ من تمام الحجّ والعمرة أن تحرم من الوقت الذي وقّته رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآلهلا تتجاوزه إلاّ وأنت مُحرم ، فإنّه وقّت لأهل العراق ولم يكن يومئذعراق ـ بطن العقيق من قِبَل العراق ، ووقّت لأهل الطائف قرن المنازل ، ووقّت لأهل المغرب الجحفة ، وهي مهيعة مكتوبة عندنا (٣) ، ووقّت لأهل المدينة ذا الحليفة ، ووقّت لأهل اليمن يلملم ، ومَنْ كان منزله خلف هذه المواقيت ممّا يلي مكّة فوقته منزله» (٤) .

[ ٩٢٧ / ٣ ] أبي (٥) رحمه‌الله ، قال : حدّثنا عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبي أيّوب الخزّاز قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام : حدِّثني عن العقيق وقت وقّته رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أو شيء صنعه الناس؟ فقال : «إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة ، ووقّت لأهل المغرب الجحفة ، وهي عندنا مكتوبة مَهْيَعَة ، ووقّت لأهل اليمن يلملم ، ووقّت لأهل الطائف قرن المنازل ، ووقّت لأهل نجد العقيق

__________________

(١) أورده ابن شهرآشوب في مناقبه ٤ : ٢٩٠ مرسلاً ، ونقله المجلسي عن العلل في بحارالأنوار ١٨ : ٣٧٠ / ٧٦ ، و٩٩ : ١٢٨ / ١٢.

(٢) في «س» : حدّثنا أبي.

(٣) فيما عدا «ج ، ل» من النُّسَخ : وهي عندنا مكتوبة مهيعة.

(٤) أورده الكليني في الكافي ٤ : ٣١٨ / ١ ، والشيخ الطوسي في التهذيب ٥ : ٥٤ / ١٦٦ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ١٢٨ / ١٣.

(٥) في «س» : حدّثنا أبي.

٣٨

وماأنجدت» (١) (٢) .

ـ ٤٣٣ ـ

باب علّة الإشعار والتقليد

[ ٩٢٨ / ١ ] أبي (٣) رحمه‌الله ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن جعفر بن محمّد عليهما‌السلام أنّه سئل ما بال البدنة تُقلّد النعل وتُشعر؟ قال : «أمّا النعل فتعرف أنّها بدنة ويعرفهاصاحبها بنعله ، وأمّا الإشعار فإنّه يحرّم ظهورها على صاحبها من حيث أشعرها ولا يستطيع الشيطان أن يمسّها» (٤) .

[ ٩٢٩ / ٢ ] حدّثنا محمّد بن الحسن رحمه‌الله ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن العبّاس بن معروف ، عن عليّ بن مهزيار ، عن فضالة ، عن سيف بن عميرة ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : «إنّما استحسنوا الإشعار للبدن ؛ لأنّه أوّل قطرة تقطر من دمها يغفر الله له على ذلك» (٥) .

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : أي كلّ بلدة ينتهي طريقها إلى النجد. (م ق ر رحمه‌الله).

وورد أيضاً : النجد ما ارتفع. الصحاح ٢ : ١٥٨ / نجد.

(٢) أورده الكليني في الكافي ٤ : ٣١٩ / ٣ ، والشيخ الطوسي في التهذيب ٥ : ٥٥ / ١٦٨ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ١٢٨ / ١٤.

(٣) في «س» : حدّثنا أبي.

(٤) ذكره المصنِّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ٢ : ١٩٩ ٢٠٠ / ٢١٣٤ ، وأورده ابن شهرآشوب في مناقبه ٤ : ٢٩٠ مرسلاً ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ١٠١ / ٣.

(٥) ذكره المصنِّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ٢ : ٢١٤ / ٢١٩٣ ، و٣٢٣ / ٢٥٧٠ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ١٠١ / ١.

٣٩

[ ٩٣٠ / ٣ ] أبي (١) رحمه‌الله ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد وعبدالله ابني محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : «أيّ رجل ساق بدنة فانكسرت قبل أن تبلغ محلّها أو عرض لها موت أو هلاك فلينحرها إن قدر على ذلك ثمّ ليلطّخ نعلها التي قلّدت به بدم حتّى يعلم مَنْ مرّ بها أنّها قد ذكّيت فيأكل من لحمها إن أراد ، وإن كان الهدي الذي انكسر أو هلك مضموناً ، فإنّ عليه أن يبتاع مكان الذي انكسر أو هلك ، والمضمون : هو الشيء الواجب عليك في نذر أو غيره ، وإن لم يكن مضموناً وإنّما هو شيء تطوّع به فليس عليه أن يبتاع مكانه إلاّ أن يشاء أن يتطوّع» (٢) .

ـ ٤٣٤ ـ

باب العلّة التي من أجلها سُمّي يوم التروية يوم التروية

[ ٩٣١ / ١ ] أبي (٣) رحمه‌الله ، قال : حدّثنا عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبيدالله بن عليّ الحلبيّ ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : سألته لِمَ سُمّي يوم التروية يوم التروية؟ قال : «لأنّه لم يكن بعرفات ماء وكانوا يستقون من مكّة من الماء ريّهم (٤) وكان

__________________

(١) في «س» : حدّثنا أبي.

(٢) ذكره المصنِّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ٢ : ٥٠٠ / ٣٠٧٣ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٩ : ١٠١ / ٢.

(٣) في «س» : حدّثنا أبي.

(٤) في المطبوع : لريّهم.

٤٠