علل الشرائع والأحكام والأسباب - ج ٣

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

علل الشرائع والأحكام والأسباب - ج ٣

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-319-612-7
ISBN الدورة:
978-964-319-609-7

الصفحات: ٣٩٦

ـ ٤٨٦ ـ

باب العلّة التي من أجلها أوجب الله

على أهل الكبائر النار

[ ١٠٦٠ / ١ ] أحمد بن الحسن القطّان ، قال : حدّثنا أحمد بن يحيى بن زكريّا ، قال حدّثنا بكر بن عبدالله بن حبيب ، قال : حدّثني محمّد بن عبدالله ، قال حدّثني عليّ بن حسّان الواسطي ، عن عمّه عبدالرحمن بن كثير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : «إنّ الكبائر سبع ، فينا أُنزلت ، ومنّا استحلّت (١) ، فأوّلها : الشرك بالله العظيم ، وقتل النفس التي حرّم الله ، وأكل مال اليتيم ، وعقوق الوالدين ، وقذف المحصنة ، والفرار من الزحف (٢) ، وإنكار حقّنا.

فأمّا الشرك بالله فقد أنزل الله فينا ما أنزل ، وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فينا ماقال ، فكذّبوا الله ورسوله ، وأشركوا بالله ، وأمّا قتل النفس التي حرّم الله قتلهافقد قتلوا الحسين بن عليّ صلوات الله عليه وأصحابه ، وأمّا أكل مال اليتيم فقد ذهبوا بفيئنا (٣) الذي جعله الله لنا وأعطوه غيرنا ، وأمّا عقوق الوالدين فقد أنزل الله ذلك في كتابه ، فقال : ( النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : أظنّ أنّه وقع في المنتسخ تقديم وتأخير في الأوراق ، وأوّل هذاالخبر مرّ في باب الكبائر وهذا الخبر بذلك الباب ، وبعض أخبار ذلك الباب بهذاالموضع أنسب ، فتفطّن (م ق ر رحمه‌الله).

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : زحف إليه : مشى قُدُماً ، والزحف : الجيش يزحفون إلى العدوّ.القاموس المحيط ٣ : ١٩٧ و١٩٨ / زحف.

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : أي فدك ، أو الخمس ، أو الأعمّ ، والأخير أظهر. (م ت ق رحمه‌الله).

١٢١

أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ) (١) فعقّوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في ذرّيّته ، وعقّوا اُمّهم خديجة في ذرّيّتها ، وأمّا قذف المحصنة فقد قذفوا فاطمة عليها‌السلام على منابرهم ، وأمّا الفرارمن الزحف فقد أعطوا أمير المؤمنين عليه‌السلام بيعتهم طائعين غير مكرهين ، ففرّوا عنهوخذلوه ، وأمّا إنكار حقّنا فهذا ما لايتنازعون فيه (٢) » (٣) .

[ ١٠٦١ / ٢ ] حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه‌الله ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن أيّوب بن نوح وإبراهيم بن هاشم ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : «وجدنا في كتاب عليٍّ عليه‌السلام الكبائر خمسة : الشرك ، وعقوق الوالدين ، وأكل الربا بعد البيّنة ، والفرارمن الزحف ، والتعرّب بعد الهجرة» (٤) .

[ ١٠٦٢ / ٣ ] أبي (٥) رحمه‌الله ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبدالعزيز العبدي ، عن عبيد بن زرارة ، قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام : أخبرني عن الكبائر ، فقال : «هنّ

__________________

(١) سورة الأحزاب ٣٣ : ٦.

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : في الإنكار أو في الحقّ ، وعلى الثاني يكون المراد الولايةوالمحبّة ، وتأمّل. (م ق ر رحمه‌الله).

(٣) ذكره المصنِّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ٣ : ٥٦١ / ٤٩٣١ ، والخصال : ٣٦٣ / ٥٦ ، وأورده فرات الكوفي في تفسيره : ١٠٢ / ٩١ ، مرسلاً باختلاف ، وكذا العيّاشي في تفسيره ١ : ٣٩١ / ٩٤٧ ، والشيخ الطوسي في التهذيب ٤ : ١٤٩ / ٤١٧ ، ونقله المجلسي عن العلل والخصال في بحار الأنوار ٢٧ : ٢١٠ / ١٤ ، و٧٩ : ٥ / ٦ ، باختلاف في السند.

(٤) ذكره المصنِّف في الخصال : ٢٧٣ / ١٦ ، ونقله المجلسي عن العلل والخصال في بحارالأنوار ٧٩ : ٤ / ٤.

(٥) في «س» : حدّثنا أبي.

١٢٢

خمس ، وهنّ ما أوجب الله عليهنّ النار ، قال الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ) (١) ، وقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ ) (٢) إلى آخرالآية ، وقوله عزوجل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا ) (٣) إلى آخر الآية ، ورمي المحصنات الغافلات المؤمنات ، وقتل مؤمن متعمّداً (٤) على دينه» (٥) .

ـ ٤٨٧ ـ

باب علّة تحريم الخمر

[ ١٠٦٣ / ١ ] حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رحمه‌الله ، قال : حدّثنا عليّ ابن الحسين السعدآبادي ، قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عن محمّدبن سنان ، قال : سمعت أبا الحسن عليّ بن موسى بن جعفر صلوات الله عليهم ، يقول : «حرّم الله عزوجل الخمر لما فيها من الفساد ومن تغييرهاعقول شاربيها ، وحملها إيّاهم على إنكار الله عزوجل ، والفرية عليهوعلى رسله ، وسائر ما يكون منهم من الفساد والقتل والقذف

__________________

(١) سورة النساء ٤ : ١٠.

(٢) سورة الأنفال ٨ : ١٥.

(٣) سورة البقرة ٢ : ٢٧٨.

(٤) ورد في حاشية «ج ، ل» : هذا تفسير للآية لا يحتاج معه إلى التأويل في الخلود ، وتأمّل. (م ق ر رحمه‌الله).

(٥) ذكره المصنِّف في الخصال : ٢٧٣ / ١٧ ، وثواب الأعمال : ٢٧٧ / ١ ، ونقله المجلسي عنهماوعن العلل في بحار الأنوار ٧٩ : ٤ ـ ٥ / ٥.

١٢٣

والزنا ، وقلّة الاحتجاز (١) من شيء من المحارم ؛ فبذلك قضينا على كلّ مسكر من الأشربة أنّه حرام محرّم ؛ لأنّه يأتي من عاقبته ما يأتي من عاقبة الخمر ، فليجتنب مَنْ يؤمن بالله واليوم الآخر ويتولاّنا وينتحل مودّتنا كلّ شارب مسكر ، فإنّه لاعصمة بيننا وبين شاربه» (٢) .

[ ١٠٦٤ / ٢ ] حدّثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه ، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم ، عن محمّد بن عليّ الكوفي ، عن عبدالرحمن بن سالم ، عن المفضّل بن عمر ، قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام : لِمَ حرّم الله الخمر؟ قال : «حرّم الله الخمرلفعلها وفسادها ؛ لأنّ مدمن الخمر تورثه الارتعاش ، وتذهب بنوره ، وتهدم مروءته ، وتحمله على أن يجترئ على ارتكاب المحارم وسفك الدماءوركوب الزنا ، ولايؤمن إذا سكر أن يثب على حرمه ، ولايعقل ذلك ولايزيد شاربها إلاّ كلّ شرّ» (٣) .

[ ١٠٦٥ / ٣ ] حدّثنا محمّد بن الحسن رحمه‌الله ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار رحمه‌الله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن إبراهيم ، عن أبي يوسف ، عن أبي بكرالحضرمي ، عن أحدهما عليهما‌السلام ، قال : «الغناء عشّ النفاق ، والشرب مفتاح كلّ شرّ ، ومدمن الخمر كعابد وثن ، مكذّب بكتاب الله ، لو صدّق

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : حَجَزه : مَنَعه وكفّه فانحجز. القاموس المحيط ٢ : ٢٧٥ / حجزه.

(٢) ذكره المصنِّف في العيون ٢ : ٢٠٢ / ٢ ، الباب ٣٣ ، ونقله المجلسي عن العلل والعيون في بحار الأنوار ٦ : ١٠٧ / ٣ ، و٦٦ : ٤٨٣ / ٦ ، و٧٩ : ١٦٩ / ٧.

(٣) أورده البرقي في المحاسن ٢ : ٦٢ / ١١٧٥ ، والكليني في الكافي ٦ : ٢٤٢ / ١ ، والشيخ الطوسي في التهذيب ٩ : ١٢٨ / ٥٥٣ ، وفيها ضمن الحديث ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٧٩ : ١٣٣ / ٢١.

١٢٤

كتاب الله لحرّم حرام الله» (١) .

ـ ٤٨٨ ـ

باب العلّة التي من أجلها صار شرب

الخمر أشرّ من ترك الصلاة

[ ١٠٦٦ / ١ ] حدّثنا أبي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن إسماعيل بن يسار (٢) ، قال : سأل رجل أباعبدالله عليه‌السلام عن شرب الخمر أشرّ أم ترك الصلاة؟ فقال : «شرب الخمر أشرّ من ترك الصلاة ، وتدري لِمَ ذلك؟» قال : لا ، قال : «يصير في حال لايعرف الله عزوجل ، ولا يعرف مَنْ خالقه» (٣) .

ـ ٤٨٩ ـ

باب العلّة التي من أجلها أُحلّ

ما يرجع إلى الثُّلث من الطلاء (٤)

[ ١٠٦٧ / ١ ] حدّثنا أبي رحمه‌الله ، قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، عن

__________________

(١) ذكره المصنِّف في ثواب الأعمال : ٣٩١ / ١٢ باختلاف ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٧٩ : ١٣٣ / ٢٢.

(٢) في «ش ، ج» : والبحار : بشّار .

(٣) ذكره المصنِّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ٣ : ٥٧٠ / ٤٩٤٨ ، وأورده الكليني في الكافي ٦ : ٤٠٢ / ١ باختلاف ، والفتّال النيسابوري في روضة الواعظين ٢ : ٤٥٣ / ١٥٦٩ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٧٩ : ١٣٣ / ٢٣.

(٤) ورد في حاشية «ج ، ل» : الطلاء بالكسر والمدّ : الشراب المطبوخ من عصير العنب ، وهوالرُّبُّ . النهاية لابن الأثير ٣ : ١٢٤ / طلا.

١٢٥

سهل بن زياد ، عن الحسن بن محبوب ، عن خالد بن جرير ، عن أبي الربيع الشامي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : «إنّ آدم عليه‌السلام لمّا هبط من الجنّة اشتهى من ثمارها ، فأنزل الله تبارك وتعالى عليه قضيبين من عنب فغرسهما ، فلمّا أورقا وأثمرا وبلغا جاء إبليس فحاط عليهما حائطاً ، فقال له آدم : ما لك يا ملعون؟ فقال له إبليس : إنّهما لي ، فقال : كذبت ، فرضيا بينهما بروح القدس ، فلمّا انتهياإليه فقصّ آدم عليه‌السلام قصّته (١) ، فأخذ روح القدس شيئاً من نار فرمى بهاعليهما فالتهبت في أغصانهما حتّى ظنّ آدم أنّه لم يبق منهما شيء إلاّاحترق وظنّ إبليس مثل ذلك.

قال : فدخلت النار حيث دخلت ، وقد ذهب منهما ثُلثاهما وبقي الثُلث ، فقال الروح : أمّا ما ذهب منهما فحظّ إبليس لعنه الله ، وما بقي فلك يا آدم» (٢) .

[ ١٠٦٨ / ٢ ] حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن إسماعيل بن مرّار ، عن يونس بن عبدالرحمن ، عن العلاء ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبى عبدالله عليه‌السلام ، قال : «كان أبي عليه‌السلام يقول : إنّ نوحاً عليه‌السلام حين أمر بالغرس كان إبليس إلى جانبه ، فلمّاأراد أن يغرس العنب ، قال : هذه (٣) الشجرة لي ، فقال له نوح عليه‌السلام : كذبت ، فقال إبليس ، فما لي منها؟ فقال نوح عليه‌السلام : لك الثُّلثان ، فمن

__________________

(١) في «ج ، ش ، ن ، ل» : فقبض آدم عليه‌السلام قبضته. وما أثبتناه من «ح» ، وفي «ع ، س» : فقبض آدم عليه‌السلام قبضة ، بدل ما بين القوسين.

(٢) أورده الكليني في الكافي ٦ : ٣٩٣ / ١ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١١ : ٢١٠ / ١٣ ، و٦٦ : ٥٠٢ / ٢ ، و٧٩ : ١٧٤ / ٢.

(٣) في «ع» : إنّ هذه.

١٢٦

هناك طاب الطلاء على الثُّلث» (١) .

[ ١٠٦٩ / ٣ ] أخبرنا أبو عبدالله محمّد بن شاذان بن أحمد بن عثمان البراوذي ، قال : حدّثنا أبو عليّ محمّد بن محمّد بن الحارث بن سفيان الحافظ السمرقندي ، قال : حدّثنا صالح بن سعيد الترمذي ، عن عبدالمنعم ابن إدريس ، عن أبيه ، عن وهب بن منبّه اليماني ، قال : لمّا خرج نوح عليه‌السلام من السفينة غرس قضباناً كانت معه في السفينة من النخل والأعناب وسائر الثمارفأطعمت من ساعتها ، وكانت معه حبلة (٢) العنب ، وكانت آخر شيء أخرج حبلة العنب فلم يجدها نوح ، وكان إبليس قد أخذها فخبّأها ، فنهض نوح عليه‌السلام ليدخل السفينة فيلتمسها ، فقال له الملك الذي معه : اجلس ، يا نبيّ الله ، ستؤتى بها ، فجلس نوح عليه‌السلام .

فقال له الملك : إنّ لك فيها شريكاً في عصيرها فأحسن مشاركته ، قال : نعم ، له السبع ولي ستّة أسباع ، قال له الملك : أحسن فأنت محسن ، قال نوح عليه‌السلام : له السدس ولي خمسة أسداس ، قال له الملك : أحسن فأنت محسن ، قال نوح عليه‌السلام : له الخمس ولي الأربعة الأخماس ، قال له الملك : أحسن فأنت محسن ، قال نوح عليه‌السلام : له الربع ولي ثلاثة أرباع ، قال له الملك : أحسن فأنت محسن ، قال : فله (٣) النصف ولي النصف ، قال له الملك : أحسن فأنت محسن ، قال عليه‌السلام : لي الثُّلث وله الثُّلثان ، فرضي فما

__________________

(١) أورده ابن شهرآشوب في مناقبه ٤ : ٢٢٢ مرسلاً ، ونقله المجلسي عن العلل في بحارالأنوار ١١ : ٢٩٢ / ٥ ، و٦٦ : ٥٠٣ / ٤.

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : الحبلة أيضاً بالتحريك : القضيب من الكرم ، وربما جاءبالتسكين . الصحاح ٤ : ٤٦٦ / حبل.

(٣) في «س ، ش ، ل ، ن» : له.

١٢٧

كان فوق الثُّلث من طبخها فلإبليس وهو حظّه ، وما كان من الثُّلث فما دونه فهولنوح عليه‌السلام وهو حظّه ، وذلك الحلال الطيّب ليشرب منه (١) .

ـ ٤٩٠ ـ

باب علّة منع شرب الخمر في حال الاضطرار

[ ١٠٧٠ / ١ ] أخبرني عليّ بن حاتم فيما كتب إلَيَّ ، قال : حدّثنا محمّد ابن عمر ، قال : حدّثنا عليّ بن محمّد بن زياد ، قال : حدّثنا أحمد بن الفضل المعروف بأبي عمر طيبة عن يونس بن عبدالرحمن ، عن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : «المضطرّ لايشرب الخمر ؛ لأنّها لاتزيده إلاّشرّاً ، ولأنّه إن شربها قتلته فلايشرب منها قطرة». وروي : «لاتزيده إلاّعطشاً» (٢) .

قال محمّد بن عليّ بن الحسين مصنِّف هذا الكتاب : جاء هذا الحديث هكذا كما أوردته ، وشرب الخمر في حال الاضطرار مباح مطلق مثل الميتةوالدم ولحم الخنزير ، وإنّما أوردته لما فيه من العلّة ، ولاقوّة إلاّ بالله.

ـ ٤٩١ ـ

باب العلّة التي من أجلها حُرّم قتل النفس

[ ١٠٧١ / ١ ] حدّثنا عليّ بن أحمد ، قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله ،

__________________

(١) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١١ : ٢٩٢ / ٦ ، و٦٦ : ٥٠٣ / ٣ ، و٧٩ : ١٧٥ / ٣.

(٢) أورده العيّاشي بدون الذيل في تفسيره ١ : ١٧٦ / ٢٥٨ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٦٢ : ٨٣ / ٥ ، و٧٩ : ١٣٧ / ٣٤.

١٢٨

عن محمّد بن إسماعيل ، عن عليّ بن العبّاس ، قال : حدّثنا القاسم بن الربيع الصحّاف ، عن محمّد بن سنان أنّ أبا الحسن عليّ بن موسى الرضا عليهما‌السلام كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله : «حُرّم قتل النفس لعلّة فساد الخلق في تحليله لو اُحلّ ، وفنائهم وفساد التدبير» (١) .

[ ١٠٧٢ / ٢ ] حدّثنا محمّد بن موسى ، قال : حدّثنا عليّ بن الحسين السعدآبادي ، عن أحمد بن محمّد بن أبي عبدالله ، عن عبدالعظيم بن عبدالله ، قال : حدّثني محمّد بن عليّ ، عن أبيه ، عن جدّه عليهم‌السلام ، قال : سمعتُ أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : «قتل النفس من الكبائر ؛ لأنّ الله عزوجل يقول : ( وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ) (٢) » (٣) .

ـ ٤٩٢ ـ

باب العلّة التي من أجلها حُرّم عقوق الوالدين

[ ١٠٧٣ / ١ ] حدّثنا عليّ بن أحمد ، قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن عليّ بن العبّاس ، قال : حدّثنا القاسم بن الربيع الصحّاف ، عن محمّد بن سنان أنّ الرضا عليه‌السلام كتب إليه : «حرّم الله عقوق الوالدين لِما فيه من الخروج من التوفيق لطاعة الله عزوجل ، والتوقير للوالدين ، وتجنّب كفر النعمة ، وإبطال الشكر ، وما يدعو من ذلك إلى قلّة

__________________

(١) ذكره المصنِّف في العيون ٢ : ١٨٩ ـ ١٩٣ / ١ ، الباب ٣٣ ضمن الحديث ، ومَنْ لايحضره الفقيه ٣ : ٥٦٥ / ٤٩٣٤ ، ونقله المجلسي عن العيون والعلل في بحار الأنوار١٠٤ : ٣٧٠ / ٥ .

(٢) سورة النساء ٤ : ٩٣.

(٣) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٧٩ : ٨ / ٧ ، و١٠٤ : ٣٧١ / ٦.

١٢٩

النسل وانقطاعه لِما في العقوق من قلّة توقير الوالدين ، والعرفان بحقّهما ، وقطع الأرحام ، والزهد من الوالدين في الولد ، وترك التربية ، لعلّة ترك الولد برّهما» (١) .

[ ١٠٧٤ / ٢ ] حدّثنا محمّد بن موسى ، عن عليّ بن الحسين السعدآبادي ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن عبدالعظيم بن عبدالله الحسني ، عن محمّد ابن عليّ ، عن أبيه ، عن جدّه ، قال : سمعت أباعبدالله عليه‌السلام يقول : «عقوق الوالدين من الكبائر ؛ لأنّ الله عزوجل جعل العاقّ عصيّاً شقيّاً» (٢) .

ـ ٤٩٣ ـ

باب العلّة التي من أجلها حُرّم الزنا

[ ١٠٧٥ / ١ ] حدّثنا عليّ بن أحمد ، قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن عليّ بن العبّاس ، عن القاسم بن الربيع الصحّاف ، عن محمّد بن سنان أنّ أبا الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله : «حُرّم الزنا لِما فيه من الفساد من قتل الأنفس ، وذهاب الأنساب ، وترك التربية للأطفال ، وفساد المواريث ، وما أشبه ذلك من وجوه الفساد» (٣) .

__________________

(١) ذكره المصنِّف في العيون ٢ : ١٨٩ ـ ١٩٤ / ١ ، الباب ٣٣ ضمن الحديث ، ومَنْ لايحضره الفقيه ٣ : ٥٦٥ / ٤٩٣٤ ، ضمن الحديث باختلاف ، ونقله المجلسي عن العيونوالعلل في بحار الأنوار ٧٤ : ٧٤ ـ ٧٥ / ٦٦.

(٢) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٧٤ : ٧٤ / ٦٥.

(٣) ذكره المصنِّف في العيون ٢ : ١٨٩ ـ ١٩٤ / ١ ، الباب ٣٣ ضمن الحديث ، ومَنْ لايحضره الفقيه ٣ : ٥٦٥ / ٤٩٣٤ ضمن الحديث ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٧٩ : ٢٤ / ١٩.

١٣٠

[ ١٠٧٦ / ٢ ] أخبرني عليّ بن حاتم ، قال : حدّثنا أبو محمّد النوفلي ، قال : حدّثنا أحمد بن هلال ، عن عليّ بن أسباط ، عن أبي إسحاق الخراساني ، عن أبيه أنّ عليّاً عليه‌السلام قال : «إيّاكم والزنا فإنّ فيه ستّ خصال : ثلاث في الدنيا ، وثلاث في الآخرة .

فأمّا اللواتي في الدنيا : فيذهب بالبهاء ، ويقطع الرزق الحلال ، ويعجّل الفناء إلى النار.

وأمّا اللواتي في الآخرة : فسوء الحساب ، وسخط الرحمن ، والخلود في النار» (١) .

ـ ٤٩٤ ـ

باب العلّة التي من أجلها حُرّم (٢) قذف المحصنات

[ ١٠٧٧ / ١ ] حدّثنا عليّ بن أحمد ، قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله ، عن (٣) محمّد بن إسماعيل ، عن عليّ بن العبّاس ، قال : حدّثنا القاسم بن الربيع الصحّاف ، عن محمّد بن سنان أنّ أبا الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه‌السلام كتب إليه فيما كتب (من جواب مسائله) (٤) : «حرّم الله عزوجل قذف المحصنات لِما فيه من فساد الأنساب ، ونفي الولد ، وإبطال

__________________

(١) ذكره المصنِّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ٣ : ٥٧٣ / ٤٩٦٠ ، وثواب الأعمال : ٣١١ / ١ باختلاف ، والخصال : ٣٢٠ / ٣ ، وأورده الكليني في الكافي ٥ : ٥٤١ / ٣ ، والكراجكي في كنزالفوائد ٢ : ١٥٢ بتفاوت ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٧٩ : ٢٢ / ١٦.

(٢) في «ل ، ش ، س ، ع ، ج ، ح» : يحرم.

(٣) في «ح ، ع» : قال : حدّثنا ، بدل «عن» .

(٤) ما بين القوسين لم يرد في «ج ، ع».

١٣١

المواريث ، وترك التربية ، وذهاب المعارف (١) ، وما فيه من المساوئ والعلل التي تؤدّي إلى فساد الخلق» (٢) .

[ ١٠٧٨ / ٢ ] حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل ، قال : حدّثنا عليّ بن الحسين السعدآبادي ، قال : حدّثنا أحمد بن محمّد ، قال : حدّثني عبدالعظيم بن عبدالله الحسني ، عن محمّد بن عليّ عليهما‌السلام ، قال : «حدّثني أبي ، قال : سمعت أبي يقول : سمعت جعفر بن محمّد عليهما‌السلام يقول : قذف المحصنات من الكبائر ؛ لأنّ الله عزوجل يقول : ( لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) (٣) » (٤) .

ـ ٤٩٥ ـ

باب العلّة التي من أجلها حرّم الله (٥)

أكل مال اليتيم ظلماً

[ ١٠٧٩ / ١ ] حدّثنا عليّ بن أحمد ، قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن عليّ بن العبّاس ، قال : حدّثنا القاسم بن الربيع الصحّاف ، عن محمّد بن سنان أنّ أبا الحسن عليّ بن موسى الرضا عليهما‌السلام

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : أي المبارّ بين الآباء والأولاد وذوي الأرحام ، أو المعرفة; لأنّ الأولاد يُعرفون بالآباء ، (م ق ر رحمه‌الله).

(٢) ذكره المصنِّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ٣ : ٥٦٥ / ٤٩٣٤ ضمن الحديث ، وأورده ابن شهرآشوب في مناقبه ٤ : ٤٨٧ مرسلاً ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٧٩ : ١١١ / ٨ .

(٣) سورة النور ٢٤ : ٢٣.

(٤) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٧٩ : ٩ / ٩.

(٥) كلمة «الله» أثبتناها من «ع».

١٣٢

كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله : «حرّم الله (١) أكل مال اليتيم ظلماً لعلل كثيرة من وجوه الفساد ، أوّل ذلك إذا أكل مال اليتيم ظلماً فقد أعان على قتله ؛ إذاليتيم غير مستغن ، ولامحتمل لنفسه ، ولاقائم بشأنه ، ولاله مَنْ يقوم عليهويكفيه كقيام والديه ، فإذا أكل ماله فكأنّه قد قتله وصيّره إلى الفقر والفاقة مع ما خوّف الله عزوجل من العقوبة في قوله عزوجل : ( وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا (٢) مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّه ) (٣) ، ولقول أبي جعفر عليه‌السلام : إنّ الله عزوجل وعد في أكل مال اليتيم عقوبتين : عقوبة في الدنيا ، وعقوبة في الآخرة ، ففي تحريم مال اليتيم استبقاء مال اليتيم واستقلاله بنفسه ، والسلامة للعقب أن يصيبه ما أصابهم ، لِما وعد الله فيه من العقوبة ، مع مافي ذلك من طلب اليتيم بثأره إذا أدرك ، ووقوع الشحناء والعداوة والبغضاءحتّى يتفانوا» (٤) .

ـ ٤٩٦ ـ

باب العلّة التي من أجلها حُرّم الفرار من الزحف

والتعرّب بعد الهجرة

[ ١٠٨٠ / ١ ] حدّثنا عليّ بن أحمد ، قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله ،

__________________

(١) كلمة «الله» أثبتناها من «ح».

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : الشرط مع الجزاء صلة لـ ( الَّذِينَ ). (م ق ر رحمه‌الله).

(٣) سورة النساء ٤ : ٩.

(٤) ذكره المصنِّف في العيون ٢ : ١٨٩ ـ ١٩٤ ضمن الحديث ١ ، الباب ٣٣ ، ومَنْ لايحضره الفقيه ٣ : ٥٦٥ / ٤٩٣٤ ضمن الحديث ، ونقله المجلسي عن العيون والعلل في بحار الأنوار ٧٩ : ٢٦٨ ـ ٢٦٩ / ٨.

١٣٣

عن محمّد بن إسماعيل ، عن عليّ بن العبّاس ، قال : حدّثنا القاسم بن الربيع الصحّاف ، عن محمّد بن سنان أنّ أبا الحسن الرضا عليه‌السلام كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله : «حرّم الله عزوجل الفرار من الزحف لِما فيه من الوهن في الدين ، والاستخفاف بالرسل والأئمّة العادلة ، وترك نصرتهم على الأعداء ، والعقوبة (١) لهم على إنكار ما دعوا إليه من الإقرار بالربوبيّة وإظهار العدل وترك الجور وإماتة الفساد ، ولِما في ذلك من جرأة العدوّ على المسلمين ، ومايكون في ذلك من السبي والقتل ، وإبطال دين الله عزوجل ، وغيره من الفساد.

وحرّم التعرّب بعد الهجرة للرجوع عن الدين وترك الموازرة للأنبياء والحجج عليهم‌السلام ، وما في ذلك من الفساد ، وإبطال حقّ كلّ ذي حقٍّ ، لالعلّة سكنى البدو ؛ ولذلك (٢) لو عرف الرجل الدين كاملاً لم يجز له مساكنة أهل الجهل ، والخوف عليه (٣) ، لأنّه لايؤمن أن يقع منه ترك العلم ، والدخول

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : لعلّها معطوفة على نصرتهم أو الأعداء ، وعلى التقديرين ضميرالجمع راجع إلى الأعداء. (م ق ر رحمه‌الله).

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : أي لمّا كان حرمة التعرّب لأجل هذه المفاسد لو عرف الرجل الدين كاملاً لم يجز له مساكنة أهل البدو; لعدم إمكان أداء حقوق الله تعالى فيهم ، ويمكن أن يكون المراد المساكنة في الحضر مع أهل الجهل ، كما مرّ في حديث الفضل كذلك يدلّ لذلك ، وهو ألصق بقوله عليه‌السلام : «لالعلّة سكنى البدو» أي ليس ذلك مخصوص البادية ، بل لجهل أهلها وبُعدهم عن الحقّ ، ولذا جرى الحكم في الحضري أيضاًلوجود العلّة ، والله يعلم. (م ق ر رحمه‌الله).

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : قوله عليه‌السلام : «والخوف عليه» كأنّه معطوف على الجهل ، أي مساكنة جماعة يخاف عليه من مجالستهم الضلال وترك الحقّ ، وفي أكثر نسخ الفقيه : «عليهم» أي جماعة يخاف عليهم سخط الله وعذابه أو ضلالهم وجهلهم ، ويمكن أن يكون معطوفاً على ذلك ، والله يعلم. (م ق ر رحمه‌الله).

١٣٤

مع أهل الجهل والتمادي في ذلك» (١) .

ـ ٤٩٧ ـ

باب علّة تحريم ما اُهلّ به لغير الله

[ ١٠٨١ / ١ ] حدّثنا عليّ بن أحمد ، قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن عليّ بن العبّاس ، قال : حدّثنا القاسم بن الربيع الصحّاف ، عن محمّد بن سنان أنّ أبا الحسن الرضا عليه‌السلام كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله : «حرم ما اُهلّ به لغير الله للّذي أوجب على خلقه من الإقراربهوذكر اسمه على الذبائح المحلّلة ولئلاّ يساوى بين ما تقرّب به إليه وماجعل عبادة الشياطين والأوثان ؛ لأنّ في تسمية الله عزوجل الإقرار بربوبيّتهوتوحيده ، وما في الإهلال لغير الله من الشرك والتقرّب إلى غيره ، ليكون ذكر الله وتسميته على الذبيحة فرقاً بين ماأحلّ الله (٢) وبين ما حرّم الله» (٣) .

__________________

(١) ذكره المصنِّف في العيون ٢ : ١٨٩ ١٩٥ / ١ ، الباب ٣٣ ضمن الحديث ، ومَنْ لايحضره الفقيه ٣ : ٥٦٥ ـ ٥٦٦ / ٤٩٣٤ ضمن الحديث ، ونقله المجلسي عن العلل في بحارالأنوار ٧٩ : ٩ / ١٠.

(٢) لفظ الجلالة هنا وما بعده لم يرد في «ل» والبحار.

(٣) ذكره المصنِّف في العيون ٢ : ١٨٩ ١٩٥ / ١ ، الباب ٣٣ ضمن الحديث ، ونقله المجلسي عنه وعن العلل في بحار الأنوار ٦٥ : ٣٢٣ / ٢٧.

١٣٥

 ـ ٤٩٨ ـ

باب علّة تحريم سباع الطير والوحش (١)

[ ١٠٨٢ / ١ ] حدّثنا عليّ بن أحمد بهذا الإسناد أنّ الرضا عليه‌السلام كتب إلى محمّد بن سنان : «حرم سباع الطير والوحش كلّها ؛ لأكلها من الجيف ولحوم الناسوالعذرة وما أشبه ذلك ، فجعل (٢) الله عزوجل دلائل ما أحلّ من الوحشوالطير وما حرّم كما قال أبي عليه‌السلام : كلّ ذي ناب من السباع ، وذي مخلب من الطير حرام ، وكلّ ما كان له قانصة من الطير فحلال.

وعلّة اُخرى يفرّق بين ما أحلّ من الطير وما حرّم قوله : كُل ما دفّ ، ولا تأكل ما صفّ.

وحرّم الأرنب ؛ لأنّها بمنزلة السنّور ولها مخاليب كمخاليب السنّور وسباع الوحش ، فجرت مجراها في قذرها في نفسها وما يكون منها من الدم كما يكون من النساء ؛ لأنّها مسخ» (٣) .

__________________

(١) في «ح ، ع ، ج» : والوحوش. وفي «ل» : الطيور والوحوش ، وكذا في «س» عن نسخة.

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : المفعول الثاني لـ «جعل» قوله عليه‌السلام : «كلّ ذي ناب» إلى آخره ، أي : لمّا كانت العلّة في حرمتها أكلها اللحوم وافتراسها الحيوانات جعل الفرق بما يدلّ عليه من الناب والمخلب ، وقوله عليه‌السلام : «وعلّة اُخرى» يمكن أن يكون بيان قاعدة أُخرى استطراداً ، ويكون المراد بالعلّة القاعدة ، أو يكون الصفيف أيضاً من علامات الجلادة والسبعيّة ، ويمكن أن يكون «وعلّة اُخرى» كلام ابن سنان ، والله يعلم. (م ق ر رحمه‌الله).

(٣) ذكره المصنِّف في العيون ٢ : ١٨٩ ١٩٦ قطعة من حديث ١ ، الباب ٣٣ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٦٥ : ١٧٠ ـ ١٧١ / ٣.

١٣٦

ـ ٤٩٩ ـ

باب علّة تحريم الربا

[ ١٠٨٣ / ١ ] حدّثنا عليّ بن أحمد رحمه‌الله ، قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله ، قال : حدّثنا محمّد بن أبي بشر (١) ، عن عليّ بن العبّاس ، عن عمر بن عبدالعزيز ، عن هشام بن الحكم ، قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن علّة تحريم الربا ، قال : «إنّه لو كان الربا حلالاً لترك الناس التجارات وما يحتاجون إليه ، فحرّم الله الربالتفرّ الناس عن الحرام إلى التجارات وإلى البيع والشراء ، فيتّصل (٢) ذلك بينهم في القرض» (٣) .

[ ١٠٨٤ / ٢ ] أخبرني (٤) عليّ بن حاتم ، قال : حدّثنا أبو عبدالله محمّد بن أحمد بن ثابت ، قال : حدّثنا عبيد ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : «إنّما حرّم الله عزوجل الربا لئلاّ يمتنعوا من اصطناع المعروف» (٥) .

[ ١٠٨٥ / ٣ ] وعنه قال : حدّثنا أبو القاسم بن جميل ، قال : حدّثني (٦)

__________________

(١) في «ن ، ح» : أبي بشير.

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : وفي الفقيه : فيبقى ، وفي بعض نُسخها : فينتفي ، وعلى الأوّل اسم الإشارة راجع إلى التحريم كما في الأصل ، وعلى الثاني إلى الربا ، والله يعلم. (م ق ر رحمه‌الله).

(٣) ذكره المصنِّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ٣ : ٥٦٧ / ٤٩٣٧ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٠٣ : ١١٩ / ٢٤.

(٤) في «ع» : أخبرنا.

(٥) أورده الكليني في الكافي ٥ : ١٤٦ / ٨ (باب الربا) ، والشيخ الطوسي في التهذيب ٧ : ١٧ / ٧٢ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٠٣ : ١١٩ ـ ١٢٠ / ٢٥.

(٦) في «س» : حدّثنا.

١٣٧

عبدالله بن أحمد النهيكي ، عن عليّ بن الحسن الطاطري ، عن درست بن أبي منصور ، عن محمّد بن عطيّة ، عن زرارة ، قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : «إنّما حرّم الله الربا ؛ لئلاّ يذهب المعروف» (١) .

[ ١٠٨٦ / ٤ ] حدّثنا عليّ بن أحمد ، قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن عليّ بن العبّاس ، قال : حدّثنا القاسم بن الربيع الصحّاف ، عن محمّد بن سنان أنّ أبا الحسن عليّ بن موسى الرضا عليهما‌السلام كتب إليه فيما كتب من جواب مسائله :

«علّة تحريم الربا إنّما نهى الله عزوجل عنه لِما فيه من فساد الأموال ؛ لأنّ الإنسان إذا اشترى الدرهم بالدرهمين كان ثمن الدرهم درهماً وثمن الآخَرباطلاً ، فبيع الربا وشراؤه وكس (٢) على كلّ حال على المشتري وعلى البائع ، فحظر الله تبارك وتعالى على العباد الربا لعلّة فساد الأموال ، كما حظر على السفيه أن يُدفع إليه ماله لِما يتخوّف عليه من إفساده حتّى يؤنس منه رشداً ، فلهذه العلّة حرّم الله الربا ، وبيع الدرهم بالدرهمين يداً بيد.

وعلّة تحريم الربا بعد البيّنة لِما فيه من الاستخفاف بالحرام المحرَّم ، وهي كبيرة بعد البيان وتحريم الله عزوجل لها ، ولم يكن ذلك منه إلاّ استخفافاًبالمحرِّم للحرام (٣) ، والاستخفاف بذلك دخول في الكفر.

وعلّة تحريم الربا بالنسيئة لعلّة ذهاب المعروف وتلف الأموال ، ورغبة الناس في الربح ، وتركهم القرض وصنائع المعروف ، ولِما في ذلك

__________________

(١) ذكره المصنِّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ٣ : ٥٦٦ / ٤٩٣٦ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٠٣ : ١٢٠ / ٢٦.

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : الوكس : النقص. النهاية لابن الأثير ٥ : ١٩٠ / وكس.

(٣) في «ش» والبحار : والحرام ، بدل : للحرام.

١٣٨

من الفسادوالظلم وفناء الأموال» (١) .

ـ ٥٠٠ ـ

باب العلّة التي من أجلها حرّم الله عزوجل الخمر

والميتة والدم ولحم الخنزير والقرد والدبّ والفيل والطحال

[ ١٠٨٧ / ١ ] حدّثنا محمّد بن الحسن رحمه‌الله ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن إسماعيل ابن بزيع ، عن محمّد بن عذافر ، عن بعض رجاله ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : قلت له : لِمَ حرّم الله عزوجل الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير؟

فقال : «إنّ الله تبارك وتعالى لم يحرّم ذلك على عباده وأحلّ لهم ما سوى ذلك من رغبة فيما أحلّ لهم ، ولازهد فيما حرّمه (٢) عليهم ، ولكنّه عزوجل خلق الخلق فعلم ما يقوم به أبدانهم ، وما يصلحهم ، فأحلّه لهم وأباحه ، وعلم ما يضرّهم فنهاهم عنه وحرّمه عليهم ، ثمّ أحلّه للمضطرّ (٣) في الوقت الذي لايقوم بدنه إلاّ به ، فأمره أن ينال منه بقدر البُلغة (٤) لاغير ذلك».

ثمّ قال : أمّا الميتة فإنّه لم يَنَلْ أحد منها إلاّ ضعف بدنه ، ووهنت قوّته ، وانقطع نسله ، ولايموت آكل الميتة إلاّ فجأةً.

__________________

(١) ذكره المصنِّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ٣ : ٥٦٦ ، ضمن حديث ٤٩٣٤ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٠٣ : ١١٩ / ٢٣.

(٢) في «ن» : حرّم.

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : يدلّ على جواز شرب الخمر في حال الضرورة كالميتة وغيرهاكما هو مذهب الشيخ في النهاية ، والمحقّق والأكثر ، خلافاً للشيخ في المبسوط. (م ق ر رحمه‌الله).

(٤) ورد في حاشية «ج ، ل» : البُلغة بالضمّ : ما يتبلّغ به من العيش. القاموس المحيط ٣ : ١٣٧ / البلغة.

١٣٩

وأمّا الدم ، فإنّه يورث أكله الماء الأصفر ، ويورث الكَلَب (١) ، وقساوة القلب ، وقلّة الرأفة والرحمة حتّى لايؤمن على حميمه ، ولايؤمن على مَنْ صحبه .

وأمّا لحم الخنزير فإنّ الله عزوجل مسخ قوماً في صُوَر شتّى ، مثل الخنزيروالقرد والدبّ ، ثمّ نهى عن أكل الثلاثة لكيما ينتفع بها ولايستخفّ بعقوبته .

وأمّا الخمر فإنّه حرّمها لفعلها وفسادها ، ثمّ قال : إنّ مدمن الخمر كعابدوثن ، وتورثه الارتعاش ، وتهدم مروءته ، وتحمله على أن يجسر على المحارم من سفك الدماء وركوب الزنا حتّى لايؤمن إذا سكر أن يثب على حرمه وهو لايعقل ذلك ، والخمر لن (٢) تزيد شاربها إلاّ كلّ شرّ» (٣) .

[ ١٠٨٨ / ٢ ] حدّثنا أبي رحمه‌الله ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى وإبراهيم بن هاشم جميعاً ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عن محمّد بن عذافر ، عن أبيه ، عن أبي جعفر عليه‌السلام سواء (٤) .

[ ١٠٨٩ / ٣ ] حدّثنا أبي رحمه‌الله ، قال : حدّثنا محمّد بن أبي القاسم ماجيلويه ،

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : الكَلَب شبه الجنون. الصحاح ١ : ٣٢٢ / كلب.

وورد أيضاً في حاشيتهما : الكَلَب بالتحريك : داء يعرض للإنسان من عضّ الكلب.النهاية لابن الأثير ٤ : ١٦٩ / كلب.

(٢) في «ح» والبحار : لا.

(٣) ذكره المصنِّف في الأمالي : ٧٦٣ / ١٠٢٧ (المجلس ٩٥ ، ح ١) ، وأورده العيّاشيّ في تفسيره ٢ : ٦ / ١١٧٤ بسند آخر عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، وكذا الشيخ الطوسي في التهذيب ٩ : ١٢٨ / ٥٥٣ ، ونقله المجلسي عن العلل والأمالي في بحار الأنوار ٦٥ : ١٦٣ ـ ١٦٤ / ٢.

(٤) ذكره المصنِّف في مَنْ لا يحضره الفقيه ٣ : ٣٤٥ / ٤٢١٥ ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار ٦٥ : ١٦٤ ، ذيل الحديث ٢.

١٤٠