السادس : أن يكون تشبيها بالمسحاة من ناحية عرض ذيلها ، لا منقارها.
إن قلت : إنه على هذا يكون الأبابيل : اسم جنس يعبر عن نوع من الطير ، فينبغي دخول الألف واللام عليه : الطير الأبابيل. مع أنه ورد في الآية منكرا.
قلت : لأنه إن عرّف لكان مفاده إرسال كل أفراد هذا النوع إلى الجيش المعادي. مع أن الذي حصل هو أنه سبحانه أرسل بعض أفراد النوع. أو قل : أفرادا قليلة منه ، ومع ذلك حصل به هلاك الجيش كله. وهذا بحد ذاته معجزة.
سؤال : كيف أن طيرا مفرد وأبابيل جمع. مع أن القياس خلافه؟
جوابه : من عدة وجوه :
الوجه الأول : إن طيرا اسم جنس بمنزلة الجمع. وهو أدل على الجمع من طيور ، لأن الأخير محدد بالكثرة والقلة ، بينما اسم الجنس غير محدد ، بل يصدق على أفراد لا متناهية. ومعه يكون اسم الجنس أقوى دلالة. ومنه قوله تعالى (١) : (ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ) ، أي ضيوفه.
الوجه الثاني : إنهما متماثلان في الإفراد. لأن أبابيل اسم لكل فرد من هذه الطيور. وكلاهما ـ أي طير وأبابيل ـ اسم جنس. لذا قال : ترميهم. ولم يقل : يرمونهم.
فإن قلت : لما ذا قال ترميهم؟
قلت : لوجهين :
أولا : إن الجمع بمنزلة المؤنث في الذوق العربي ، فيتعين التأنيث.
ثانيا : إننا لو تنزلنا عن تعين التأنيث ، كان المتكلم مخيرا بينهما. ومن المعلوم أن ترميهم ، فاعله لا يعقل ويرمونهم لمن يعقل ، لوجود واو الجماعة. فيتعين الأول أيضا. ولا أقل من أنه اختار الأولى أكيدا.
__________________
(١) الذاريات / ٢٤.