يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا) ومثل قوله (فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ).
(رابعها) اشتباه البيان عليهم بالنسخ ، فى مثل قوله سبحانه : (وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ. وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) فإن منهم من توهم أنه ناسخ لقوله سبحانه (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً ، إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً). مع أنه ليس ناسخا له ؛ وإنما هو بيان لما ليس بظلم ، وببيان ما ليس بظلم يعرف الظلم ، «وبضدها تتميز الأشياء».
(خامسها) توهمهم وجود تعارض بين نصين ، على حين أنه لا تعارض فى الواقع.
وذلك مثل قوله تعالى : (وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ) وقوله : (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ). فإن بعضهم توهم أن كلتا الآيتين منسوخة بآية الزكاة. لتوهمه أنها تعارض كلا منهما. على حين أنه لا تعارض ولا تنافى ، لأنه يصح حمل الانفاق فى كلتا الآيتين الأوليين على ما يشمل الزكاة وصدقة التطوع ونفقة الأهل والأقارب ونحو ذلك وتكون آية الزكاة معهما من قبيل ذكر فرد من أفراد العام بحكم العام. ومثل هذا لا يقوى على تخصيص العام ، فضلا عن أن ينسخه وذلك لعدم وجود تعارض حقيقى لا بالنسبة إلى كل أفراد العام حتى يكون ناسخا ولا بالنسبة إلى بعضها حتى يكون مخصصا.
الآيات التى اشتهرت بأنها منسوخة
قد عرفت أن المتزيدين أكثروا القول بالآيات المنسوخة غلطا منهم واشتباها. ونزيدك هنا أن بعض فطاحل العلماء تعقب هؤلاء المتزيدين بالنقد كالقاضى أبى بكر بن العربى وكجلال الدين السيوطى الذى حصر ما يصلح لدعوى النسخ من آيات القرآن فى اثنتين وعشرين آية ، ثم ذكر أن الأصح فى آيتى الاستئذان والقسمة الإحكام لا النسخ. وها هى ذى مشفوعة بالتعليق عليها ، مرتبة بترتيب المصحف الشريف :