ومحمّد بن عبد الله ، هو من الأمراء الشجعان من بيت مجد ورئاسة ، وله نيابة بغداد في خلافة (المتوكّل على الله) (١) وكان أديبا وشاعرا ، يقرب أهل العلم والأدب.
عقد له (المستعين بالله) على العراق والحرمين (٢) سنة (٢٤٨) للهجرة ، وولّاه أيضا رئاسة الشرطة ومعاون السواد (٣).
وعند ما ولّاه (المستعين) إمارة الكوفة ، أرسل (أيّوب بن الحسن بن موسى) نائبا عنه (٤) ، وكان هو مقيم في بغداد.
ولمّا اختلف (المستعين) مع القادة الأتراك سنة (٢٥١) للهجرة ، ذهب إلى بغداد ونزل في بيت محمّد بن عبد الله ، ثمّ جاء القادة الأتراك إلى بغداد يعتذرون من المستعين ، فذكّرهم المستعين بما أنعم عليهم من أرزاق ، ومراكز حساسة في الدولة ، وصلاحيّات واسعة ، ثمّ تصالحا ، ورضي عنهم ، فقال له أحدهم : (بأبي بك ، فإن كنت قد رضيت عنّا ، فقم فاركب معنا إلى سامراء ، فإن الأتراك ينتظرونك) (٥) ، فغضب ابن طاهر وأمر بضرب ذلك القائد ، ثمّ قال له : هكذا يقال لأمير المؤمنين (قم واركب معنا)!!؟ فضحك المستعين وقال : (هؤلاء عجم لا يعرفون حدود الكلام) (٦).
ثمّ اجتمع الأتراك (المنشقين) في سامراء في هذه السنة ، أعني سنة (٢٥١) للهجرة فبايعوا (للمعتز بالله) بالخلافة ، وخلع (المستعين) ، ولمّا سمع
__________________
(١) الزركلي ـ الأعلام. ج ٦ / ٢٢٢ وابن خلكان ـ وفيات الأعيان. ج ٥ / ٩٢.
(٢) الحرمين : مكّة والمدينة.
(٣) ابن الأثير ـ الكامل. ج ٧ / ١١٨ والذهبي ـ تاريخ الإسلام. ج ١٥ / ١٠.
(٤) ابن الأثير ـ الكامل. ج ٧ / ١٤١.
(٥) نفس المصدر السابق.
(٦) وهذا يدل على مدى استهتار القادة الأتراك بالخلفاء العباسيين.