عبد الهادي محمد تقي الحكيم
الموضوع : الفقه
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
المطبعة: مهر
الطبعة: ٢
ISBN: 964-319-145-1
الصفحات: ٤٠٠
تجد قارئي الكريم في هذا الفصل بعض الأحكام والاستفتاءات الشرعية في أمور حيوية مختلفة ، عزَّ أن تدرج تحت هذا الفصل أو ذاك من الفصول السابقة ، لبعدها عنها ، فآثرت أن أدرجها تحت فصل مستقل باسم ( متفرقات ) .
فمن المتفرقات هذه الأحكام :
م ـ ٥٦٨ : تستحب التسمية بالأسماء المتضمنة للعبودية لله عزَّ وجلَّ ، كما تستحب التسمية باسم النبي محمد ( ص ) وباقي الأنبياء المرسلين ( ع ) ، وتستحب التسمية باسم علي والحسن ، والحسين ، وجعفر ، وطالب ، وحمزة ، وفاطمة ، وتكره التسمية بأسماء أعداء الإسلام وأهل البيت ( ع ) .
م ـ ٥٦٩ : حضانة الولد وتربيته ورعايته ذكراً كان أو أنثى مدة سنتين هجريتين من حق أبويه بالسوية ، فلا يجوز للأب أن يفصل الطفل عن أمه خلال هاتين السنتين ، فإذا انتهت السنتان الهجريتان كان حق الحضانة للأب فقط ، والأحوط استحبابا أن لا يفصل الأبُ المولودَ عن أمه حتى يبلغ من العمر سبع سنين .
م ـ ٥٧٠ : إذا افترق الأبوان بفسخ أو طلاق قبل أن يبلغ الولد السنتين الهجريتين ، ذكرا أو أنثى ، لم يسقط حق الأم في حضانته ما لم تتزوج من غير الأب ، فلا بد من توافق الأبوين على ممارسة حقهما المشترك في الحضانة بالتناوب أو بأية كيفية أخرى يتفقان عليها .
م ـ ٥٧١ : إذا تزوجت الأم بعد مفارقتها للأب ، سقط حقها في حضانة ولدها ، وصارت الحضانة من حق الأب خاصة .
م ـ ٥٧٢ : تنتهي الحضانة ببلوغ الولد رشيدا ، فإذا بلغ رشيدا لم يكن لأحد حق الحضانة عليه ، حتى الأبوين فضلا عن غيرهما ، بل هو مالك لأمر نفسه ذكراً كان أم أنثى ، فله الخيار في الانضمام الى من شاء منهما ، أو من غيرهما ، نعم إذا كان انفصاله عنهما يوجب أذيتهما الناشئة من شفقتهما عليه ، لم يجز له مخالفتهما في ذلك ، وإذا اختلفا ، فالأم مقدمة على الأب .
م ـ ٥٧٣ : إذا مات الأب ، فالأم أحق بحضانة ولدها من غيرها ، حتى يبلغ الولد .
م ـ ٥٧٤ : إذا ماتت الأم في زمن حضانتها ، اختص الأب بحضانة الولد .
م ـ ٥٧٥ : الحضانة كما هي حق للأب والأم فهي كذلك
حق للولد
عليهما ، فلو امتنعا عن حضانته أُجبرا عليها .
م ـ ٥٧٦ : إذا فقد الأبوان فالحضانة للجد من طرف الأب .
م ـ ٥٧٧ : يجوز لمن له حق الحضانة من الأبوين وغيرهما ، إيكالها الى شخص آخر مع وثوقه بأن هذا الشخص سيقوم بها على الوجه اللازم القيام به شرعا .
م ـ ٥٧٨ : يشترط فيمن يثبت له حق الحضانة من الأبوين أو غيرهما ، أن يكون عاقلا مأمونا على سلامة الولد ، مسلما ، فلو كان الأب كافرا والولد محكوم بالإسلام والأم مسلمة اختصت أمه بحضانته ، وإذا كان الأب مسلما والأم كافرة كانت حضانته حقاً لأبيه .
م ـ ٥٧٩ : يجب على الابن الإنفاق على الأبوين .
م ـ ٥٨٠ : يجب على الأب الإنفاق على الولد ذكراً كان أو أنثى .
م ـ ٥٨١ : يشترط في وجوب الإنفاق على القريب فقره ، بمعنى عدم وجدانه لما يحتاج إليه في معيشته فعلا من طعام وإدام وكسوة وفراش وغطاء ومسكن ونحو ذلك .
م ـ ٥٨٢ : لا تقدير لنفقة القريب شرعاً ، بل الواجب القيام بما يقيم حياته من طعام وإدام وكسوة ومسكن وغيرها مع ملاحظة حاله وشأنه زماناً ومكاناً .
م ـ ٥٨٣ : إذا امتنع من وجبت عليه نفقة قريبه عن
بذلها ، جاز لمن له
الحق إجباره عليه ، ولو باللجوء إلى الحاكم وإن كان جائراً ، وإن لم يمكن إجباره فإن كان له مال جاز له أن يأخذ منه بمقدار نفقته بإذن الحاكم الشرعي ، وإلا جاز له أن يستدين على ذمته بإذن الحاكم ، فتشتغل ذمته بما استدانه ويجب عليه قضاؤه ، وإن تعذر عليه مراجعة الحاكم رجع إلى بعض عدول المؤمنين واستدان عليه بإذنه ، فيجب عليه أداؤه .
م ـ ٥٨٤ : إذا توقفت صيانة الدين الحنيف ، وأحكامه المقدسة ، وحفظ نواميس المسلمين ، وبلادهم على إنفاق شخص أو أشخاص من أموالهم ، وجب وليس للمنفق في هذا السبيل أن يقصد الرجوع بالعوض على أحد ، وليس له مطالبة أحد بعوض ما بذله في هذا المضمار . (١٥٤)
وهذه بعض الإستفتاءات الخاصة بهذا الفصل مرفقة بأجوبة سماحة سيدنا ( دام ظله ) عنها :
م ـ ٥٨٥ : هل يجوز تصوير أو إخراج مشهد يظهر فيه النبي محمد ( ص ) ، أو أحد الأنبياء السابقين ، أو الأئمة المعصومين ( ع ) ، أو الرموز التاريخية المقدسة على شاشة السينما أو التلفزيون ، أو على المسرح ؟
_________________________١٥٤ ـ أحكام الحضانة والنفقات ، مقتبسة بتصرف من كتاب منهاج الصالحين للسيد السيستاني ـ المعاملات ـ القسم الثاني : ١٢٠ ـ ١٣٩ .
* إذا روعي فيه مستلزمات التعظيم والتبجيل ، ولم يشتمل على ما يسيء الى صورهم المقدسة في النفوس ، فلا مانع .
م ـ ٥٨٦ : هل يجوز إهداء القرآن والأدعية والأذكار الخاصة بالحفظ أو الرزق أو العافية ، للكفار ؟
* لا مانع منه ، إذا لم يكن في معرض الهتك والإهانة ، وروعي فيه مقتضيات الاحترام والتشريف .
م ـ ٥٨٧ : بعض الأوراق تحمل أسماء الجلاله أو أسماء المعصومين ( ع ) ، وبعض الآيات القرآنية ، ولا يتيسر لنا رميها في البحر أو النهر فكيف نصنع بها ، علماً بأننا لا ندري أين تذهب أكياس النفايات هذه ؟ وماذا يصنع بها ؟
* لا يجوز وضعها في أكياس النفايات لما في ذلك من الهتك والإهانة ، ولكن لا مانع من إزالة كتابتها ، ولو ببعض المواد الكيميائية ، أو دفنها في مكان طاهر ، أو تقطيعها الى جزئيات صغيرة جداً كالتراب .
م ـ ٥٨٨ : هل الاستخارة بالطريقة المتبعة عندنا الآن ، محبَّذة شرعاً أو واردة ؟ وهل هناك من ضير في تكرار الإستخارة مع التصدق لتوافق رغبة المستخير ؟
* يؤتى بها رجاءاً ، عند الحيرة ، وعدم ترجُّح أحد
الاحتمالات بعد التأمل والإستشارة ، وتكرار الخيرة غير صحيح الّا مع تبدل الموضوع ، ومنه التصدق ببعض المال .
م ـ ٥٨٩ : ما هي حدود ما تسمحون به لوكلائكم من صرف ما يقبضونه من الحقوق الشرعية على أنفسهم ؟
* المذكور في إجازاتنا أن للمجاز صرف الثلث أو النصف مثلاً مما يقبضه من الحقوق الشرعية في مواردها المقررة شرعاً ، ومعنى ذلك أن النسبة المذكورة ليست مخصصة للمجاز ، بل ربما لا يكون مصرفاً لها أصلاً ، كما لو كان علوياً والحق المقبوض من قبيل زكاة غير العلوي ومن بحكمه .
وفي ضوء ذلك ، فإن كان المجاز يرى نفسه ـ بينه وبين الله ـ مصرفاً للحق الشرعي وفق الضوابط المذكورة له في الرسالة العملية ، كما لو كان فقيراً بمعناه الشرعي وممن تنطبق عليه حقوق الفقراء من الزكاة أو سهم السادة أو ردّ المظالم ونحوها ، فله أن يأخذ منها بمقدار حاجته ومؤنته اللائقة بشأنه لا أزيد .
وهكذا إذا كان يؤدي خدمة شرعية عامة ويسعى لإعلاء كلمة الدين فإنه يستحق بذلك من سهم الإمام ( ع ) بما يناسب عمله وخدمته التي يقدمها للدين .
وأما إذا لم يكن مصرفاً للحق الذي قبضه ، فعليه صرف الحصة المقررة منه في موارده المقررة شرعاً .
م ـ ٥٩٠ : إذا تزعزعت ثقة المكلف بوكيل المرجع نتيجة لما تنسب اليه من تصرفات خاطئة في الحقوق الشرعية :
أ ـ فهل يجوز له التحدث عن ذلك بين الناس ، وإن لم يكن متأكداً من صحة ما ينسب اليه ، وماذا لو تأكد من صحتها ؟
ب ـ وهل له أن يواصل دفع حقوقه الشرعية اليه ، ما لم يتأكد من عدم وثاقته ؟
* أ ـ لا يجوز له ذلك في الحالتين ، ولكن في الحالة الثانية بإمكانه إعلام المرجع مباشرة بواقع الحال مع المحافظة على الستر التام ليتخذ ما يراه مناسباً من الإجراءات .
ب ـ بل يدفع حقوقه الى من يتأكد من نزاهته وعمله وفق إجازته ، من صرف البعض من موارده المقررة ـ حسب ما تقدم بيانه ـ وإيصال الباقي الى المرجع .
م ـ ٥٩١ : هل يجوز صرف سهم الإمام عليه السلام من دون الاستئذان من المرجع ، إذا قدَّر الإنسان وجود حاجة للصرف يرضى بها الإمام ( ع ) أياً كانت ؟
* لا يجوز ذلك ، ولا يمكن إحراز رضا الامام ( ع ) بصرف
حقه من الخمس من دون الاستئذان من المرجع الأعلم ، مع تطرق احتمال كون إذنه دخيلاً في رضاه ( ع ) .
م ـ ٥٩٢ : هل يجوز صرف حق الإمام في مشاريع خيرية مع وجود عشرات الآلآف من المؤمنين يحتاجون الى كسرة الخبز وقطعة اللباس للستر وأمثالها ؟
* لا بدَّ في صرف سهم الإمام ( ع ) من مراعاة الأهم فالأهم من موارده ، وتشخيص ذلك موكول الى نظر الفقيه الأعلم المطلع على الجهات العامة على الأحوط .
م ـ ٥٩٣ : تسقط حبات الرز أحياناً في مجاري المياه القذرة أثناء تنظيف الأواني ، فهل يجوز ذلك ؟ وهل يجب التحرز من سقوطها سواء أكانت كثيرة أم قليلة ، علماً بأن التحرز صعب ؟
* لا يجوز إذا كانت بمقدار يمكن الاستفادة منه ، ولو لتغذية الحيوان ، وإن كان قليلاً ، أو كانت وسخة فيمكن إلقاؤها في القمامة حتى لا يعدّ استهانة بنعم الله تعالى عرفاً .
م ـ ٥٩٤ : هل يحق لشاعر أن يدعو لإقامة أمسية شعرية له ، وهو يعلم أن سيحضر الحفل عدد من السافرات والمتبرجات لاستماع شعره ؟
* لا مانع من ذلك في حدِّ ذاته ، ولكن يلزمه القيام بواجبه
من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع توفر شروطهما .
م ـ ٥٩٥ : تطلب المدارس من طلابها رسم صورة إنسان أو حيوان مما يصعب على الطالب مخالفة الطلب ، فهل يجوز له الرسم ؟
وكيف الحال لو كان المطلوب منه نحتا لا رسما ؟
* يجوز التصوير غير المجسّم مطلقاً ، والأحوط لزوماً ترك التصوير المجسم لذوات الأرواح ، وكونه واجباً مدرسياً لا يبرر مخالفة الإحتياط اللزومي ، إلا إذا اقتضته الضرورة ، كما لو كان يؤدي ترك ذلك الى إخراجه من المدرسة ، مما يسبب له حرجاً لا يتحمل عادة .
م ـ ٥٩٦ : هل يجوز شراء تماثيل مجسمة منحوتة لإنسان عارٍ تماما ذكراً كان أو أنثى ؟ وهل يجوز شراء صور مجسمة منحوته للحيوانات وتعليقها للزينة ؟
* لابأس بالثاني ، أما الأول ، فإن كان فيه ترويج للفساد لم يجز .
م ـ ٥٩٧ : يتنبأ قارئ الكف أو الفنجان بما يجري للشخص في حاضره ومستقبله ، فهل يجوز له ذلك إذا كان صاحب الفنجان يرتب أثرا على قراءة فنجانه ؟
* بما أنه لا اعتبار لتنبؤاته ، فلا يجوز له الإخبار بها بنحو الجزم ، كما لا يجوز للآخر ترتيب الأثر عليه ، إذا كان مما
لا يجوز ترتيبه إلا بحجة عقلية أو شرعية .
م ـ ٥٩٨ : هل يجوز التنويم المغناطيسي ؟ وهل يجوز تحضير الأرواح ؟
* يحرم من ذلك ما فيه إضرار بمن يحرم الإضرار به .
م ـ ٥٩٩ : هل تسخير الجن لحل مشاكل المؤمنين جائز ؟
* يجري عليه حكم ما تقدم آنفاً .
م ـ ٦٠٠ : هل تجوز مصارعة الديكة والثيران مع موافقة مالكي الحيوانين على المصارعة ؟
* تجوز على كراهة ما لم تتسبب في تضييع المال .
م ـ ٦٠١ : ما هو حدُّ الحرج الرافع للحرمة ، وهل أن غلاء الثمن مع القدرة عليه ، ولو بصعوبة أو بقرض ، يجعل الموضوع المحرم حرجياً فيجوز شرعاً ؟
* يختلف الحال في ذلك ، والمعيار هو المشقة الشديدة التي لا تتحمل عادة .
م ـ ٦٠٢ : ما هو وزن الحمصة من الذهب مقارنة بأوزان الذهب في عصرنا الحاضر من المثقال أو الغرام ؟
* الحمصة جزء من أربعة وعشرين جزءاً من المثقال الصيرفي ومقداره معروف .
* * * * *
يحسن بي أن أشير هنا ـ وأنا في ختام كتابي هذا ـ الى مسيس حاجتي لنقد وتقييم محاولتي الأولى هذه في كتابة فقه للمغتربين ، وصولاً لتأصيل فقه للمغتربين ، يُعنى بأمور حياتهم المختلفة ، ويضبط إيقاعاتها على أسس وقواعد الشريعة الإسلامية المقدسة .
فأعداد المسلمين المتجنسين أو المقيمين في البلدان غير الإسلامية ، وبخاصة في أمريكا وأوربا ، في ازدياد ، ونسب المهاجرين اليها من البلدان الإسلامية في تصاعد ، كما وأن وتائر التغيُّر والتبدُّل في مجتمعات كهذه سريعة ، وشؤونها متكثرة ، والأسئلة والإشكالات الشرعية تبعاً لها هي الأخرى متكثرة ، ولا بدَّ من دراستها على الطبيعة ، وتقديم الحلول لأسئلتها واستفساراتها أولاً بأول ، معايشة لحركة الواقع المتغيِّر ، ولحوقاً بها ، ورصداً لها ، بل وإرهاصاً بها ، وتقدُّماً عليها ، كما هو المأمول والمرتجى .
ويحسن بي أن أشير
كذلك ، الى أهمية الكتابة بقواعد تربية النفس وتزكيتها ، على ضوء علم الأخلاق الإسلامي ، وبخاصة من زواياه العملية ، وسط هذا الجو المتشبِّث بمنطق المادة ، والمتمسك
بقيمها ، وقوانينها ، وسلوكياتها .
وقد حاولت أن أشير في هذا الباب أو ذاك من هذا الكتاب ، وأومئ في هذه المسألة أو تلك من هذا الفصل ، الى بعض هذه القيم الجميلة ، وتلك السلوكيات الفاضلة ، مسترشداً بالآيات القرآنية الكريمة الداعية اليها ، ومستشهداً بالأحاديث الشريفة الحاثَّة عليها ، في محاولة للمزاوجة بين علمي الأخلاق والفقه ، سبق أن مارستها في كتابي « الفتاوى الميسرة » ، إدراكاً مني لفاعلية الربط بينهما على صعيدي الفكر والممارسة ، وحرصاً مني على ضرورة تمثُّل هذه المواءمة وتجسُّدها في السلوك اليومي للمسلمين ، وبخاصة وهم يعيشون بين ظهراني شعوب غير مسلمة في بلدان المهجر الكبير .
وحسبي أن أكون قد حاولت .
ومن الله أستمد العون ، وأرجو المدد وأسأل القبول ، فهو أرحم الراحمين والحمد لله رب العالمين وصلّى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين .
المؤلف
* * * * *
بِسمِ اللهِ الرَّحمٰنِ الرَّحيمِ
سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني ( دام ظله ) .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو التفضل بالإجابة عن الأسئلة التالية ، آملاً أن يكون الجواب مبسوط العبارة يفهمه القرّاء من غير أهل هذا الفن ، ولكم جزيل الأجر والثواب سلفاً .