محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-105-2
الصفحات: ٤٨٣
وكذا ما ورد في هذا الباب ، مع ان الأشهر في الأخبار أن السورة مستحبة في الفريضة ، وان كان العمل من الأصحاب غالبا على الوجوب (١).
وروى محمد بن حمزة مرسلا عن الصادق عليهالسلام ، قال : « يجزئك إذا كنت معهم من القراءة مثل حديث النفس » (٢).
وعن علي بن يقطين عن أبي الحسن عليهالسلام في المصلي خلف من لا يقتدى بصلاته والامام يجهر بالقراءة ، قال : « اقرأ لنفسك ، وان لم تسمع نفسك فلا بأس » (٣).
قلت : هذا يدل على الاجتزاء بالإخفات عن الجهر للضرورة ، وعلى الاجتزاء بما لا يسمعه عما يجب إسماعه نفسه للضرورة أيضا ، ولم يلزم فيها سقوط القراءة ، لأن « الميسور لا يسقط بالمعسور » (٤).
وجوّز الشيخ في المبسوط الصلاة باللحن عند تعذّر الإصلاح والمشقة (٥).
وقال : إذا جهر فلا يرفع صوته عاليا بل يجهر متوسطا ، ولا يخافت دون إسماع نفسه (٦).
قال : وعلى الامام أن يسمع من خلفه القراءة ما لم يبلغ صوته حدّ العلو ، فان احتاج الى ذلك لم يلزمه بل يقرأ قراءة وسطا (٧).
قال : ويكره اللثام إذا منع من سماع القراءة ، وان لم يمنع من سماعها
__________________
(١) راجع : المبسوط ١ : ١٠٧ ، المهذب ١ : ٩٧ ، الكافي في الفقه : ١١٨.
(٢) الكافي ٣ : ٣١٥ ح ١٦ ، التهذيب ٢ : ٩٧ ح ٣٦٦ ، الاستبصار ١ : ٣٢١ ح ١١٩٧.
(٣) التهذيب ٣ : ٣٦ ح ١٢٩.
(٤) عوالي اللئالي ٤ : ٥٨ ح ٢٠٥.
(٥) المبسوط ١ : ١٠٦.
(٦) المبسوط ١ : ١٠٨.
(٧) المبسوط ١ : ١٠٩.
فلا بأس ، وإذا غلط الامام ردّ عليه من خلفه (١).
وقال ابن الجنيد : ولا يقرأ وفي فيه ما يمنعه عن إقامة الحروف على حقها ، فان لم يمنعه ذلك فلا بأس إذا لم يكن يلوكه ويمضغه ولا كان محرّما. ولا يرجّع بالقرآن في صلاة ، ولا غيرها ، ترجيع الغناء والألحان. والمصلي وحده يقرأ ما يسمع نفسه من غير إجهار ، ولا إخفات ، ولا إعجال ، ولا حذف ، بل بترتيل وتبيين لحروف ما يقرؤه.
__________________
(١) المبسوط ١ : ١٠٩.
الواجب الخامس : الركوع.
وفيه مسائل :
الأولى : يجب الركوع بالإجماع ، ولقوله تعالى ( ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا ) (١) ولقوله تعالى ( وَارْكَعُوا مَعَ الرّاكِعِينَ ) (٢) ولما روى : انّ رجلا دخل المسجد ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم جالس في ناحية المسجد ، فصلّى ثم جاء فسلم عليه ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « وعليك السلام ، ارجع فصلّ فإنك لم تصلّ ». فرجع فصلّى ثم جاء فقال له مثل ذلك ، فقال له الرجل في الثالثة : علمني يا رسول الله؟ فقال : « إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ، ثم استقبل القبلة فكبّر ، ثم اقرأ بما تيسّر معك من القرآن ، ثم اركع حتى تطمئن راكعا ، ثم ارفع رأسك حتى تعتدل قائما ، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ، ثم ارفع حتى تستوي قائما ، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها » (٣).
وعن علي عليهالسلام : « أول الصلاة الركوع » (٤).
وعن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : « انّ الله تعالى فرض من الصلاة : الركوع ، والسجود » (٥). في أخبار كثيرة (٦).
__________________
(١) سورة الحج : ٧٧.
(٢) سورة البقرة : ٤٣.
(٣) مسند احمد ٢ : ٤٣٧ ، صحيح البخاري ١ : ١٩٢ ، صحيح مسلم ١ : ٢٩٨ ح ٣٩٧ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣٣٦ ح ١٠٦٠ ، سنن أبي داود ١ : ٢٢٦ ح ٨٥٦ ، الجامع الصحيح ٢ : ١٠٣ ح ٣٠٣ ، سنن النسائي ٢ : ١٢٤ ، مسند أبي يعلى ١١ : ٤٤٩ ح ٦٥٧٧ ، السنن الكبرى ٢ : ٣٧١.
(٤) التهذيب ٢ : ٩٧ ح ٣٦٢.
(٥) التهذيب ٢ : ١٤٧ ح ٥٧٥.
(٦) لاحظ : التهذيب ٢ : ١٤٦ ح ٥٦٩ ـ ٥٧١ ، الاستبصار ١ : ٣٥٣ ح ١٣٣٥ ـ ١٣٣٧.
ويدل على ركنيته عدم تحقّق اسم الصلاة بدونه ، إذ هي مجموع ركعات ولا يتقوّم المجموع إلا باجزائه ، ولرواية زرارة عن الباقر عليهالسلام : « لا تعاد الصلاة الا من خمسة : الطهور ، والوقت ، والقبلة ، والركوع ، والسجود » (١). ورواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام : « إذا أيقن انه ترك ركعة من الصلاة ، وقد سجد سجدتين وترك الركوع ، استأنف الصلاة » (٢). ورواية رفاعة عنه عليهالسلام في الرجل ينسى الركوع حتى يسجد ويقوم ، قال : « يستقبل » (٣). الى غير ذلك من الأخبار.
وهو ركن في جميع الركعات ، ويجب في كل ركعة مرة ، وفي صلاة الآيات في كل ركعة خمس كل واحد منها ركن.
وقال في المبسوط : هو ركن في الأوليين من كل صلاة ، وفي الثالثة من المغرب ، واما في الأخيرتين من الرباعيات فلا تبطل الصلاة بتركه سهوا ، بل يحذف السجدتين أو إحداهما ويعود اليه (٤).
وفي التهذيب أورد رواية محمد بن مسلم عن الباقر عليهالسلام : فيمن تيقن ترك الركوع حتى سجد « يلقي السجدتين ويبني ، وان تيقن بعد الفراغ صلّى ركعة وسجدتين ولا شيء عليه ». ورواية العيص عن الصادق عليهالسلام فيمن نسي ركعة من صلاته حتى فرغ منها ثم ذكر انه لم يركع ، قال : « يقوم فيركع ويسجد سجدتي السهو » ثم حملهما على الأخيرتين (٥). وفيهما دلالة على قضاء الركوع بعد الصلاة ، وهو غريب ، وسيأتي ان شاء الله تعالى تمام المسألة.
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٢٥ ح ٩٩١ ، التهذيب ٢ : ١٥٢ ح ٥٩٧.
(٢) التهذيب ٢ : ١٤٨ ح ٥٨٠ ، ١٤٩ ح ٥٨٧ ، الاستبصار ١ : ٣٥٥ ح ١٣٤٣ ، ٣٥٦ ح ١٣٤٩.
(٣) الكافي ٣ : ٣٤٨ ح ٢ ، التهذيب ٢ : ١٤٨ ح ٥٨١ ، ٥٨٢ ، الاستبصار ١ : ٣٥٥ ح ٣١٤٤ ، ٣١٤٥.
(٤) المبسوط ١ : ١٠٩.
(٥) التهذيب ٢ : ١٤٩ ، والحديثين فيه برقم ٥٨٥ ، ٥٨٦.
الثانية : لا يتحقق مسمى الركوع شرعا الا بانحناء الظهر الى ان تبلغ اليدان عيني الركبتين إجماعا ، تأسيا بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لما روي انه كان يمسك راحتيه على ركبتيه في الركوع كالقابض عليهما ويفرج بين أصابعه (١).
وروى زرارة عن الباقر عليهالسلام : « وتمكّن راحتيك من ركبتيك » (٢). وهو دليل على الانحناء هذا القدر ، لأن الإجماع على عدم وجوب وضع الراحتين.
واعتبرنا الانحناء للتحرز من ان ينخنس ، ويخرج ركبتيه وهو مائل منتصب ، فإنه لا يجزئه. وكذا لو جمع بين الانحناء والانخناس ، بحيث لو لا الانخناس لم تبلغ الراحتان ، لم يجز.
والراكع خلقة أو لعارض ، يستحب أن يزيد انحناء يسيرا ، ليفرق بين قيامه وركوعه ، قاله الشيخ (٣) واختاره في المعتبر ، لان ذلك حدّ الركوع فلا يلزم الزيادة عليه (٤). وفي الشرائع وأكثر كتب الفاضل : يجب ان يزيد انحناء ، ليكون فارقا بين حالة القيام وحالة الركوع ، فان المعهود افتراقهما (٥).
ولو أمكنه أن ينقص من انحنائه حال قيامه ـ باعتماد أو غيره ـ وجب ذلك قطعا ، ولا يجب الزيادة حال الركوع قطعا ، لحصول الفرق.
الثالثة : يجب أن يقصد بهويه الركوع. فلو هوى لسجدة العزيمة أو غيرها في النافلة ، أو هوي لقتل حية أو لقضاء حاجة ، فلما انتهى الى حدّ الراكع أراد ان يجعله ركوعا ، لم يجزه ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنما الأعمال بالنيات ،
__________________
(١) سنن الترمذي ٢ : ٤٥ ح ٢٦.
(٢) الكافي ٣ : ٣٣٤ ح ١ ، ٣١٩ ح ١ ، التهذيب ٢ : ٧٧ ح ٢٨٩ ، ٨٣ ح ٣٠٨.
(٣) المبسوط ١ : ١١٠.
(٤) المعتبر ٢ : ١٩٤.
(٥) شرائع الإسلام ١ : ٨٥ ، قواعد الأحكام : ٣٤ ، نهاية الإحكام ١ : ٤٨٠.
وانما لكل امرئ ما نوى » (١) فيجب عليه الانتصاب ثم الهوي للركوع ، ولا يكون ذلك زيادة ركوع.
ولو تعذر الانحناء للركوع ، أتى بالمقدور. ولو أمكنه إيصال إحدى اليدين دون الأخرى ، لعارض في أحد الشقين ، وجب. ولو أمكنه الانحناء الى أحد الجانبين ، فظاهر المبسوط الوجوب (٢). ولو افتقر الى ما يعتمد عليه في انحنائه وجب. ولو تعذّر ذلك كله ، أجزأه الإيماء برأسه ووجب عليه فعله ، لانه بعض الواجب المقدور ، وقد رواه إبراهيم الكرخي عن الصادق عليهالسلام (٣).
فرع :
لو لم يضع يديه على ركبتيه ، وشك بعد انتصابه هل أكمل الانحناء ، احتمل العود ، لعموم رواية أبي بصير عن الصادق عليهالسلام في رجل شك وهو قائم فلا يدري أركع أم لم يركع ، قال : « يركع » (٤) ، وكذا رواية عمران الحلبي (٥). ويحتمل عدمه ، لان الظاهر منه إكمال الركوع ، ولأنه في المعنى شك بعد الانتقال. والوجهان ذكرهما الفاضل (٦).
الرابعة : تجب الطمأنينة في الركوع ، بمعنى : استقرار الأعضاء وسكونها حتى يرجع كل عضو إلى مستقره ، لما سبق في حديث الأعرابي (٧).
__________________
(١) التهذيب ٤ : ١٨٦ ح ٥١٩ ، مسند احمد ١ : ٢٥ ، صحيح البخاري ١ : ٢ ، صحيح مسلم ٣ : ١٥١٥ ح ١٩٠٧ ، سنن أبي داود ٢ : ٢٦٢ ح ٢٢٠١ ، الجامع الصحيح ٤ : ١٠٧٩ ح ٢١٤٧ ، السنن الكبرى ٧ : ٣٤١.
(٢) المبسوط ١ : ١٠٩.
(٣) الفقيه ١ : ٢٣٨ ح ١٠٥٢ ، التهذيب ٣ : ٣٠٧ ح ٩٥١.
(٤) الكافي ٣ : ٣٤٨ ح ١ ، التهذيب ٢ : ١٥٠ ح ٥٩٠ ، الاستبصار ١ : ٣٥٧ ح ١٣٥٢.
(٥) التهذيب ٢ : ١٥٠ ح ٥٨٩ ، الاستبصار ١ : ٣٥٧ ح ١٣٥١.
(٦) تذكرة الفقهاء ١ : ١١٩.
(٧) تقدم في ص ٣٦٣ الهامش ٣.
وعن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا تجزئ صلاة الرجل حتى يقيم ظهره في الركوع والسجود » (١).
وروى زرارة عن الباقر عليهالسلام : « وأقم صلبك ، ومدّ عنقك » (٢).
ويجب كونها بقدر الذكر الواجب ، لتوقف الواجب عليها.
ولا يجزئ عن الطمأنينة مجاوزة الانحناء القدر الواجب ، ثم العود الى الرفع مع اتصال الحركات ، لعدم صدقها حينئذ. نعم ، لو تعذّرت أجزأ زيادة الهويّ. ويبتدئ بالذكر عند الانتهاء الى حدّ الراكع ، وينتهي بانتهاء الهويّ.
وهل يجب هذا الهويّ لتحصيل الذكر في حدّ الراكع؟ الأقرب لا ، للأصل ، فحينئذ يتم الذكر رافعا رأسه.
وعدّ الشيخ في الخلاف الطمأنينة ركنا (٣). ويضعف بقضية الأصل ، وبصدق مسمى الركوع بالانحناء الذي هو ركن ، وبأن الطمأنينة وجبت للذكر الذي هو غير ركن. وكأنّ الشيخ يقصر الركن فيها على استقرار الأعضاء وسكونها ، والحديث دالّ عليه ، ولان مسمّى الركوع لا يتحقق يقينا الاّ به. اما الزيادة التي توازي الذكر الواجب فلا إشكال في عدم ركنيتها.
الخامسة : يجب الذكر فيه إجماعا منا ، والمعظم على تعيّن التسبيح (٤). الا الحليين الأربعة : ابن إدريس (٥) وسبطه يحيى (٦) والفاضلين (٧) ـ رحمهمالله
__________________
(١) مسند احمد ٤ : ١٢٢ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٨٢ ح ٨٧٠ ، سنن أبي داود ١ : ٢٢٦ ح ٨٥٥ ، الجامع الصحيح ٢ : ٥١ ح ٢٦٥ ، سنن النسائي ٢ : ١٨٣ ، السنن الكبرى ٢ : ٨٨.
(٢) الكافي ٣ : ٣٣٤ ح ١ ، التهذيب ٢ : ٨٣.
(٣) الخلاف ١ : ٣٤٨ المسألة : ٩٨.
(٤) راجع : الخلاف ١ : ٣٤٨ المسألة : ٩٩ ، الكافي في الفقه : ١١٨.
(٥) السرائر : ٤٦ ، ٥٠.
(٦) الجامع للشرائع : ٨٣.
(٧) المعتبر ٢ : ١٩٦ ، مختلف الشيعة : ٩٥ ، تذكرة الفقهاء ١ : ١١٩.
تعالى ـ وفي المبسوط إشارة اليه (١).
لنا : ما رواه عقبة بن عامر ، قال : لما نزلت ( فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ) قال لنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « اجعلوها في ركوعكم ». ولما نزلت ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ) قال لنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « اجعلوها في سجودكم » ورواه الشيخ في التهذيب مسندا (٢) ورواه العامة (٣).
ورواية هشام بن سالم عن الصادق عليهالسلام : « يقول في الركوع : سبحان ربي العظيم ، وفي السجود : سبحان ربي الأعلى. الفريضة من ذلك تسبيحة ، والسنّة ثلاث ، والفضل سبع » (٤).
ورواية زرارة عن الباقر عليهالسلام ، قلت له : ما يجزئ من القول في الركوع والسجود ، فقال : « ثلاث تسبيحات في ترسل ، وواحدة تامة تجزئ » (٥).
ورواية معاوية بن عمار عن الصادق عليهالسلام ، قال : سألته أخف ما يكون من التسبيح في الصلاة؟ قال : « ثلاث تسبيحات ترسلا ، تقول : سبحان الله ، سبحان الله ، سبحان الله » (٦).
وليقين البراءة به.
احتجوا : برواية هشام بن الحكم عن الصادق عليهالسلام ، قلت له : يجزئ أن أقول مكان التسبيح في الركوع والسجود : لا إله إلا الله والحمد لله
__________________
(١) المبسوط ١ : ١١١.
(٢) التهذيب ٢ : ٣١٣ ح ١٢٧٣.
(٣) مسند الطيالسي : ١٣٥ ح ١٠٠٠ ، مسند احمد ٤ : ١٥٥ ، سنن الدارمي ١ : ٢٩٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٨٧ ح ٨٨٧ ، سنن أبي داود ١ : ٢٣٠ ح ٨٦٩ ، مسند أبي يعلى ٣ : ٢٧٩ ح ١٧٣٨ ، شرح معاني الآثار ١ : ٢٣٥ ، السنن الكبرى ٢ : ٨٦.
(٤) التهذيب ٢ : ٧٦ ح ٢٨٢ ، الاستبصار ١ : ٣٢٢ ح ١٢٠٤.
(٥) التهذيب ٢ : ٧٦ ح ٢٨٣ ، الاستبصار ١ : ٣٢٣ ح ١٢٠٥.
(٦) التهذيب ٢ : ٧٧ ح ٢٨٨ ، الاستبصار ١ : ٣٢٤ ح ١٢١٢.
والله أكبر؟ فقال : « نعم ، كل هذا ذكر الله » (١) وكذا رواه هشام بن سالم عنه (٢).
وبرواية مسمع عنه : « لا يجزئ الرجل في صلاته أقل من ثلاث تسبيحات ، أو قدرهن مترسلا ، وليس له أن يقول ـ ولا كرامة ـ : سبّح سبّح سبّح » (٣).
وأكثر هذه الأخبار صحيح من الجانبين ، فالحمل على الأفضل في الاخبار الأول متوجه ، الا انّ العمل بما عليه أكثر الأصحاب أولى.
فروع :
ظاهر ابني بابويه تخيّره بين واحدة كبرى أو ثلاث صغرى (٤) أعني : ( سبحان ربي العظيم وبحمده ) أو ( سبحان الله ) ثلاثا.
وقال أبو الصلاح : يجب الثلاث على المختار ، والواحدة على المضطر. ثم قال : أفضله ( سبحان ربي العظيم وبحمده ) ، ويجوز ( سبحان الله ) (٥). فظاهره ان المختار لو قال : ( سبحان ربي العظيم وبحمده ) ثلاثا كانت واجبة.
وأكثر الروايات خالية من لفظ ( وبحمده ) ، والأولى وجوبها ، لثبوتها في خبر حماد في الركوع والسجود ، وكرّر الكبرى فيه ثلاثا (٦) وكذا رواه زرارة وأبو بكر الحضرمي عن الباقر عليهالسلام : ثلاثا (٧) ولعله حجة أبي الصلاح ، وهو
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٢٩ ح ٥ ، التهذيب ٢ : ٣٠٢ ح ١٢١٧.
(٢) التهذيب ٢ : ٣٠٢ ح ١٢١٨ ، وفي الكافي ٣ : ٣٢١ ح ٨ ليس فيه : « الحمد لله » ، و« كل هذا ذكر الله ».
(٣) التهذيب ٢ : ٧٧ ح ٢٨٦.
(٤) حكاه عن ابن بابويه العلامة في مختلف الشيعة : ٩٦ ، وفي الفقيه ١ : ٢٠٦ ، والمقنع : ٢٨ ، والهداية : ٣٢ تخيره بين ثلاث كبرى أو ثلاث صغرى.
(٥) الكافي في الفقه : ١١٨.
(٦) تقدم في ص ٢٧٩ ـ ٢٨١ الهامش ١.
(٧) الكافي ٣ : ٣٢٩ ح ١ ، التهذيب ٢ : ٧٦ ح ٢٨٣ ، ٨٠ ح ٣٠٠ ، الاستبصار ١ : ٣٢٣ ح ١٢٠٥
محمول على الندب (١).
وقد روى علي بن يقطين عن أبي الحسن الكاظم عليهالسلام قال : سألته عن الركوع والسجود ، كم يجزئ فيه من التسبيح؟ فقال : « ثلاثة ، وتجزئك واحدة إذا أمكنت جبهتك من الأرض » (٢).
وقد تقدم في رواية هشام ان الفريضة واحدة (٣).
وقد روى العامة عن حذيفة : ان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يقول في ركوعه : « سبحان ربي العظيم وبحمده » ، وفي سجوده : « سبحان ربي الأعلى وبحمده » (٤).
السادسة : يجب رفع الرأس من الركوع إجماعا ، وتجب الطمأنينة فيه ، لما تقدم في حديث الأعرابي (٥) وحديث حماد (٦). وروى أبو بصير عن الصادق عليهالسلام : « إذا رفعت رأسك من الركوع فأقم صلبك ، فإنه لا صلاة لمن لم يقم صلبه » (٧).
ولا حد لهذه الطمأنينة سوى الاستقرار والسكون ، بحيث يرجع العضو إلى مستقره. وجعلها الشيخ ركنا في الخلاف (٨) لظاهر الاخبار ، والأكثرون على عدم بطلان الصلاة بتركها نسيانا (٩).
__________________
، ٣٢٤ ح ١٢١٣.
(١) التهذيب ٢ : ٨٠.
(٢) التهذيب ٢ : ٧٦ ح ٢٨٤ ، الاستبصار ١ : ٣٢٣ ح ١٢٠٦.
(٣) تقدم في ص ٤٥٤ الهامش ٣.
(٤) المصنف لابن أبي شيبة ١ : ٢٤٨ ، سنن الدار قطني ١ : ٣٤١ ، وراجع : نيل الأوطار ٢ : ٢٧٢.
(٥) تقدم في ص ٣٦٣ الهامش ٣.
(٦) تقدم في ص ٢٧٩ ـ ٢٨١ الهامش ١.
(٧) الكافي ٣ : ٣٢٠ ح ٦ ، التهذيب ٢ : ٧٨ ح ٢٩٠.
(٨) الخلاف ١ : ٦٩ المسألة ٤٩.
(٩) كالمحقق في المعتبر ٢ : ١٩٧ ، وشرائع الإسلام ١ : ٨٥ ، والعلامة في تذكرة الفقهاء ١ : ١٣٦.
السابعة : يستحب في الركوع زيادة الانحناء ، بحيث يستوي الظهر والرأس والعنق ، وهو يحصل بالمبالغة في ذلك ، وبردّ الركبتين الى خلفه ومدّ العنق ، وقد سبق في خبر حماد ذلك (١).
وروي انّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يستوي في الركوع ، بحيث لو صبّ الماء على ظهره لاستمسك (٢) ومثله رواه إسحاق بن عمار عن الصادق عليهالسلام : « انّ عليا عليهالسلام كان يعتدل في الركوع مستويا ، حتى يقال لو صبّ الماء على ظهره لاستمسك » (٣).
ويكره فيه خمسة أشياء :
أ : التبازخ ، وهو : تسريج الظهر وإخراج الصدر ، وهو بالزاء والخاء المعجمتين.
ب : التدبيخ ـ بالخاء والحاء ـ وهو : أن يقبب الظهر ويطأطئ الرأس ، روي ذلك في نهي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (٤). وروي أيضا بالذال المعجمة (٥) ، والدال المهملة أعرف. والنهي للكراهة هنا.
وعن علي عليهالسلام بطريق إسحاق المذكور : « ان عليا كان يكره ان يحدر رأسه ومنكبيه في الركوع ولكن يعتدل ».
ج : الانخناس الذي يكون معه تمام الانحناء للواجب ، وهو : تقويس الركبتين والتراجع الى الوراء ، ولو لم يحصل معه تمام الانحناء أبطل كما سبق.
__________________
(١) تقدم في ص ٢٧٩ ـ ٢٨١ الهامش ١.
(٢) معاني الأخبار : ٢٨٠ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٨٣ ح ٨٧٢ ، مجمع الزوائد ٢ : ١٢٣ عن الطبراني في الكبير وأبي يعلى.
(٣) أورده المجلسي في بحار الأنوار ٨٥ : ١١٨ عن ذكري الشيعة.
(٤) رواه أبو عبيد في غريب الحديث ١ : ٣٥٨ وابن قتيبة في غريب الحديث ١ : ١٨٣ والأزهري في تهذيب اللغة ٤ : ٤٣١.
(٥) السنن الكبرى ٢ : ٨٥.
د : التطبيق ـ وهو : جعل احدى الكفين على الأخرى ثم إدخالهما بين ركبتيه ـ لما روي ان سعد بن أبي وقاص قال : كنا نفعل ذلك فأمرنا بضرب الأكف على الركب (١) ، وهو يدل على شرعيته ثم نسخه ، ولعلّ ذلك خفي على ابن مسعود صاحبه ، والأسود بن يزيد ، وعبد الرحمن بن الأسود ، فقالوا باستحبابه (٢).
ولا يحرم على الأقرب ، إذ ليس فيه أكثر من ترك وضعهما على الركبتين الذي هو مستحب وهو قول أبي الصلاح (٣) والفاضلين (٤).
وظاهر الخلاف وابن الجنيد التحريم (٥) ، وحينئذ يمكن البطلان ، للنهي عن العبادة كالكتف ، ويمكن الصحة ، لأن النهي عن وصف خارج.
هـ : الركوع ويداه تحت ثيابه ، بل تكونان بارزتين أو في كمّية ، قاله الأصحاب (٦). وروى عمار عن الصادق عليهالسلام في الرجل يدخل يديه تحت ثوبه ، قال : « ان كان عليه ثوب آخر فلا بأس ، وان لم يكن فلا يجوز ذلك ، وان أدخل يدا واخرج أخرى فلا بأس » (٧).
وقال ابن الجنيد : ولو ركع ويداه تحت ثيابه ، جاز ذلك إذا كان عليه مئزر أو سراويل.
__________________
(١) سنن الدارمي ١ : ٢٩٨ ، صحيح البخاري ١ : ٢٠٠ ، صحيح مسلم ١ : ٣٨٠ ح ٥٣٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٨٣ ح ٨٧٣ ، سنن أبي داود ١ : ٢٢٩ ح ٨٦٧ ، الجامع الصحيح ٢ : ٤٤ ح ٢٥٩ ، سنن النسائي ٢ : ٨٥ ، مسند أبي يعلى ٢ : ١٣٤ ح ٨١٢.
(٢) المجموع ٣ : ٤١١ ، المغني ١ : ٥٧٧ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٩.
(٣) الكافي في الفقه : ١٢٥.
(٤) المعتبر ٢ : ٢٠١ ، شرائع الإسلام ١ : ٨٥ ، مختلف الشيعة : ١٠٠.
(٥) الخلاف ١ : ٣٤٧ المسألة : ٩٧ ، مختلف الشيعة : ١٠٠.
(٦) راجع : المبسوط ١ : ١١٢ ، الوسيلة : ٩٧ ، المعتبر ٢ : ٢٠٦ ، شرائع الإسلام ١ : ٨٥.
(٧) الكافي ٣ : ٣٩٥ ح ١٠ ، التهذيب ٢ : ٣٥٦ ح ١٤٧٥ ، الاستبصار ١ : ٣٩٢ ح ١٤٩٤.
وقال أبو الصلاح : يكره إدخال اليدين في الكمين أو تحت الثياب (١) وأطلق.
وألحق الشيخ بالكراهية القراءة في الركوع ، وكذا يكره عنده في السجود والتشهد (٢). وقد روى العامة عن علي عليهالسلام عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، انه قال : « الا اني نهيت ان اقرأ راكعا ، أو ساجدا » (٣) ولعله ثبت طريقه عند الشيخ رحمهالله.
وقد روى في التهذيب قراءة المسبوق مع التقية في ركوعه (٤) ، وروى عن عمار عن الصادق عليهالسلام في الناسي حرفا من القراءة : لا يقرؤه راكعا بل ساجدا (٥).
الثامنة : يستحب أن يجعل بين القدمين والركبتين قدر شبر كما كان في القيام. ورواية زرارة متضمنة التفريج بين الركبتين ، والشبر بين القدمين (٦) والظاهر انهما كالمتلازمين ، وصرح ابن الجنيد بمراعاة ذلك بين الركبتين.
ويستحب ان يجنح بمرفقيه ، مخرجا ذراعيه عن ملاصقة جنبيه ، فاتحا إبطيه ، لما سبق في خبر حماد (٧). وان ينظر الى ما بين قدميه ، لرواية زرارة عن الباقر عليهالسلام (٨) وفي رواية غياث عن الصادق عليهالسلام عن أبيه عن علي
__________________
(١) الكافي في الفقه : ١٢٥.
(٢) المبسوط ١ : ١١١.
(٣) المصنف لعبد الرزاق ٢ : ١٤٤ ح ٢٨٣٢ ، مسند احمد ١ : ١١٤ ، صحيح مسلم ١ : ٣٤٩ ح ٤٨٠ ، سنن أبي داود ٤ : ٤٧ ح ٤٠٤٥ ، سنن النسائي ٢ : ٢١٧ ، مسند أبي يعلى ١ : ٣٣٠ ح ٤١٥ ، السنن الكبرى ٢ : ٨٧.
(٤).
(٥) التهذيب ٢ : ٢٩٧ ح ١١٩٥ ، وفي الكافي ٣ : ٣١٥ ح ١٨.
(٦) تقدمت في ص ٢٧٨ ـ ٢٧٩ الهامش ١.
(٧) تقدم في ٢٧٧ ـ ٢٧٩ الهامش ١.
(٨) تقدمت في ص ٢٧٨ ـ ٢٧٩ الهامش ١.
عليهماالسلام : « لا تجاوز بطرفك في الصلاة موضع سجودك » (١) ومن ثم قال ابن بابويه : ينظر الراكع ما بين قدميه الى موضع سجوده (٢).
ويستحب وضع اليدين على عيني الركبتين مفرّجات الأصابع ، لما سبق عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (٣) وعن الصادق عليهالسلام في خبر حماد : « وملأ كفّيه من ركبتيه » (٤).
ويستحب البدأة بوضع اليد اليمنى ، لخبر زرارة عن الباقر عليهالسلام (٥) ويسقط مع التعذر ، ولو قدر بإحداهما وضعها.
التاسعة : يستحب التكبير للركوع قائما رافعا يديه كما سبق ، لما سبق في خبر حماد (٦).
وروى الحسن بن سعيد في كتابه عن علي عليهالسلام بإسناده : « رفع اليدين في التكبير هو العبودية ». وروى زرارة عن الصادق عليهالسلام : « رفعك يدك في الصلاة زينتها » (٧).
ونقل المرتضى في الانتصار انفراد الإمامية بإيجاب رفع اليدين بالتكبير (٨) ، قال في المعتبر : ولا أعرف ما حكاه ـ رحمهالله ـ (٩).
وقال ابن الجنيد : إذا أراد ان يكبر للركوع والسجود رفع يديه مع نفس لفظه بالتكبير ، ولو لم يفعل أجزأه ذلك إلاّ في تكبيرة الإحرام. وظاهره وجوب
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٣٢٦ ح ١٣٣٤.
(٢) الفقيه ١ : ٢٠٤.
(٣) تقدم في ص ٣٦٥ الهامش ١.
(٤) تقدم في ص ٢٧٩ ـ ٢٨١ الهامش ١.
(٥) الكافي ٣ : ٣١٩ ح ١ ، التهذيب ٢ : ٧٧ ح ٢٨٩ ، ٨٣ ح ٣٠٨.
(٦) تقدم في ص ٢٧٩ ـ ٢٨١ الهامش ١.
(٧) التهذيب ٢ : ٧٦ ح ١٨١.
(٨) الانتصار : ٤٤.
(٩) المعتبر ٢ : ١٩٩.
الرفع فيها خاصة.
وقال الشيخ في الخلال : يجوز ان يهوي بالتكبير (١) وهو حق الاّ ان التكبير في القيام أفضل.
وأوجب ابن أبي عقيل تكبير الركوع والسجود (٢) وأوجب سلار ذلك وتكبير القيام (٣) عملا بظاهر الاخبار ، كما في رواية زرارة عن الباقر عليهالسلام : « إذا أردت أن تركع فقل وأنت منتصب : الله أكبر » (٤) ورواية الحلبي عن الصادق عليهالسلام : « إذا سجدت فكبّر » (٥).
ويعارض بخبر أبي بصير عنه عليهالسلام : أدنى ما يجزئ في التكبير في الصلاة واحدة (٦) مع استقرار الإجماع على خلاف قوليهما.
العاشرة : يستحب الذكر أمام التسبيح إجماعا. قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « اما الركوع فعظموا الرب ، واما السجود فاجتهدوا في الدعاء ، فقمن ان يستجاب لكم » (٧).
وليكن رواه زرارة عن الباقر عليهالسلام : « رب لك ركعت ، ولك أسلمت ، وبك آمنت ، وعليك توكلت ، وأنت ربي خشع لك سمعي وبصري ، وشعري وبشري ، ولحمي ودمي ، ومخي وعصبي ، وعظامي وما أقلته قدماي ، غير مستنكف ولا مستكبر ولا مستحسر » (٨).
__________________
(١) الخلاف ١ : ٣٤٧ المسألة : ٩٦.
(٢) مختلف الشيعة : ٩٦.
(٣) المراسم : ٦٩.
(٤) الكافي ٣ : ٣١٩ ح ١ ، التهذيب ٢ : ٧٧ ح ٢٨٩.
(٥) الكافي ٣ : ٣٢١ ح ١ ، التهذيب ٢ : ٧٩ ح ٢٩٥.
(٦) التهذيب ٢ : ٦٦ ح ٢٣٨.
(٧) المصنف لعبد الرزاق ٢ : ١٤٥ ح ٢٨٣٩ ، مسند احمد ١ : ١٥٥ ، سنن الدارمي ١ : ٣٠٤ ، صحيح مسلم ١ : ٣٤٨ ح ٤٧٩ ، سنن أبي داود ١ : ٢٣٢ ح ٨٧٦ ، سنن النسائي ٢ : ١٩٠. مسند أبي يعلى ١ : ٣٣٢ ح ٤١٧ ، شرح معاني الآثار ١ : ٢٣٣ ، السنن الكبرى ٢ : ١١٠.
(٨) الكافي ٣ : ١٣٩ ح ١ ، التهذيب ٢ : ٧٧ ح ٢٨٩.
ثم يسبّح ثلاثا كبريات أو خمسا أو سبعا ، وظاهر الشيخ وابن الجنيد وكثير أنه نهاية الكمال (١) ، وفي رواية هشام بن سالم عن الصادق عليهالسلام إشارة اليه حيث قال : « الفريضة تسبيحة ، والسنّة ثلاث ، والفضل في سبع » (٢).
ولكن روى حمزة بن حمران والحسن بن زياد : انهما صليا مع الصادق عليهالسلام فعدّدا عليه في الركوع ( سبحان ربي العظيم ) أربعا أو ثلاثا وثلاثين مرة ، وقال أحدهما في حديثه ( وبحمده ) في الركوع والسجود (٣). وروى ابان ابن تغلب : انه عدّ على الصادق عليهالسلام في الركوع والسجود ستين تسبيحة (٤).
قال في المعتبر : الوجه استحباب ما لا يحصل معه السأم الاّ ان يكون إماما (٥) ، وهو حسن. ولو علم من المأمومين حب الإطالة استحب له أيضا التكرار.
ولا ينبغي ان ينقص المصلي من الثلاث شيئا ، لرواية أبي بكر الحضرمي عن الباقر عليهالسلام : « يقول : سبحان ربي العظيم وبحمده ثلاثا في الركوع ، وسبحان ربي الأعلى وبحمده ثلاثا في السجود ، فمن نقص واحدة نقص ثلث صلاته ، ومن نقص اثنتين نقص ثلثي صلاته ، ومن لم يسبّح فلا صلاة له » (٦) والمراد به نقص الكمال والفضيلة.
فروع :
الظاهر استحباب الوتر ، لظاهر الأحاديث ، وعدّ الستين لا ينافي الزيادة
__________________
(١) المبسوط ١ : ١١١ ، المقنعة : ١٦ ، المقنع : ٢٨ ، المراسم : ٧١.
(٢) التهذيب ٢ : ٧٦ ح ٢٨٢ ، الاستبصار ١ : ٣٢٢ ح ١٢٠٤.
(٣) الكافي ٣ : ٣٢٩ ح ٣ ، التهذيب ٢ : ٣٠٠ ح ١٢١٠ ، الاستبصار ١ : ٣٢٥ ح ١٢١٤.
(٤) الكافي ٣ : ٣٢٩ ح ٢ ، التهذيب ٢ : ٢٩٩ ح ١٢٠٥.
(٥) المعتبر ٢ : ٢٠٢.
(٦) الكافي ٣ : ٣٢٩ ح ١ ، التهذيب ٢ : ١٥٧ ح ٦١٥ ، الاستبصار ١ : ٣٢٤ ح ١٢١٣.
عليه. ولو شك في العدد بني على الأقل. والأقرب ان الواجبة هي الأولى ، لأنه مخاطب بذلك حال الركوع ، ولا يفتقر الى قصد ذلك. نعم ، لو نوى وجوب غيرها فالأقرب الجواز ، لعدم يقين التضيّق.
والطمأنينة للمستحبات لا ريب في استحبابها ، لان جواز تركها ينفي وجوبها إلا إذا قدّم المستحب ، فان الظاهر وجوب الطمأنينة تخييرا ، لانه لم يأت بالواجب بعد. وكذا الكلام في طمأنينة السجود ، وزيادة القيام للقنوت ، والدعاء بعد فراغ واجب القراءة.
أما القيام في القراءة الواجبة فموصوف بالوجوب وان كان بسورة طويلة ، غاية ما في الباب انه من قبيل الواجب المخيّر.
اما لو أدخل التكبيرات الزائدة على الاستفتاح في الصلاة ، أو سأل الجنة واستعاذ من النار في أثناء القراءة ، ففي وجوب هذا القيام نظر ، أقربه الوجوب ، لما سبق ، وكذا القيام للوقف المستحب في أثناء القراءة.
اما القيام الذي يقع فيه السكوت للتنفس فلا إشكال في وجوبه ، لانه من ضرورات القراءة.
الحادية عشرة : يستحب ان يقول بعد رفع رأسه من الركوع : ( سمع الله لمن حمده ) إماما كان أو مأموما ، لقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا تتم صلاة أحدكم » إلى قوله « ثم يقول : سمع الله لمن حمده » (١). واستدل بعض العامة بهذا على وجوبها (٢) ، وهو غير دال ، لأنّ الأفضلية تمام أيضا.
ومحلّها بعد تمكّنه من الانتصاب ، لرواية زرارة عن الباقر عليهالسلام : « قل : سمع الله لمن حمده ـ وأنت منتصب قائم ـ الحمد لله رب العالمين ، أهل
__________________
(١) سنن أبي داود ١ : ٢٢٦ ح ٨٥٧.
(٢) المجموع ٣ : ٤١٤ ، المغني ١ : ٥٨٤ ، الشرح الكبير ١ : ٥٨٢.
الجبروت والكبرياء والعظمة (١) رب العالمين. تجهر بها صوتك » (٢). وفيه دليل على الجهر بهذه ، ولعله لغير المأموم ، إذ يستحب الإخفات له في جميع أذكاره.
وروى الحسين بن سعيد بإسناده الى أبي بصير عن الصادق عليهالسلام : « سمع الله لمن حمده ، الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم ، بحول الله وقوته أقوم واقعد ، أهل الكبرياء والعظمة والجبروت ».
وبإسناده الى محمد بن مسلم ، عنه عليهالسلام : « إذا قال الامام : سمع الله لمن حمده ، قال من خلفه : ربنا لك الحمد. وان كان وحده إماما أو غيره قال : سمع الله لمن حمده ، الحمد لله رب العالمين ».
ونقل في المعتبر عن الخلاف : ان الامام والمأموم يقولان : الحمد لله رب العالمين أهل الكبرياء والعظمة ، ثم قال : وهو مذهب علمائنا (٣).
وأنكر في المعتبر : ( ربنا لك الحمد ) وذكر ان المروي ما ذكره الشيخ ، قال في المبسوط : وان قال : ( ربنا ولك الحمد ) لم تفسد صلاته (٤).
وروايتنا لا واو فيها ، والعامة مختلفون في ثبوتها وسقوطها ، لأنها زيادة لا معنى لها (٥) وزعم بعضهم ان الواو قد تكون مقحمة في كلام العرب وهذه منها (٦) لورود اللفظين في الصحاح والاخبار عندهم (٧).
قال ابن أبي عقيل : وروي « اللهم لك الحمد ، ملء السماوات وملء
__________________
(١) في ط والكافي زيادة : « لله » ، وفي التهذيب : « الحمد لله ».
(٢) الكافي ٣ : ٣١٩ ح ١ ، التهذيب ٢ : ٧٧ ح ٢٨٩.
(٣) المعتبر ٢ : ٢٠٤ ، راجع : الخلاف ١ : ٣٥٠ المسألة : ١٠١.
(٤) المعتبر ٢ : ٢٠٤ ، راجع : المبسوط ١ : ١١٢.
(٥) المجموع ٣ : ٤١٨ ، الوجيز ١ : ٤٣ ، المغني ١ : ٥٨٣.
(٦) المجموع ٣ : ٤١٨.
(٧) مسند احمد ٣ : ١٦٢ ، صحيح البخاري ١ : ٢٠١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٨٤ ح ٨٧٦ ، سنن أبي داود ١ : ٢٢٤ ح ٨٤٧ ، سنن النسائي ٢ : ١٩٦ ، سنن الدار قطني ١ : ٣٢٩.
الأرض ، وملء ما شئت من شيء بعد » (١).
والذي أنكره في المعتبر تدفعه قضية الأصل ، والخبر حجة عليه وطريقه صحيح ، واليه ذهب صاحب الفاخر ، واختاره ابن الجنيد ولم يقيّده بالمأموم.
واستحب أيضا في الذكر هنا : بالله أقوم واقعد.
وذهب ابن أبي عقيل ـ في ظاهر كلامه ـ وابن إدريس ، وصرّح به أبو الصلاح وابن زهرة ، إلى انه يقول : ( سمع الله لمن حمده ) في حال ارتفاعه ، وباقي الأذكار بعد انتصابه (٢). وهو مردود بالأخبار المصرحة بأن الجميع بعد انتصابه ، وهو قول الأكثر (٣).
ويستحب الترتيل في أذكار الركوع والرفع ، والخبر عن حماد يتضمّن الترتيل في التسبيح في الركوع والسجود (٤).
الثانية عشرة : روى معاوية بن عمار ، قال : رأيت أبا عبد الله عليهالسلام يرفع يديه إذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع ، وإذا سجد وإذا رفع رأسه من السجود ، وإذا أراد ان يسجد الثانية (٥).
ورواية ابن مسكان عنه عليهالسلام قال في الرجل يرفع يده كلما أهوى إلى الركوع والسجود ، وكلما رفع رأسه من ركوع أو سجود (٦).
وظاهرهما مقارنة الرفع للرفع ، وعدم تقييد الرفع بالتكبير ، فلو ترك التكبير فظاهرهما استحباب الرفع.
__________________
(١) رواه الثقفي في الغارات ١ : ٢٤٦ ، وعبد الرزاق في مصنفه ٢ : ١٦٣ ح ٢٩٠٧ ، ومسلم في صحيحه ١ : ٣٤٦ ح ٤٧٦ ، والبيهقي في سننه ٢ : ٩٤.
(٢) السرائر : ٤٧ ، الكافي في الفقه : ١٢٣ ، الغنية : ٤٩٧.
(٣) راجع : النهاية : ٧١ ، المقنع : ٢٨ ، المعتبر ٢ : ٣٠٤ ، تذكرة الفقهاء ١ : ١٢٠ ، نهاية الإحكام ١ : ٤٨٦.
(٤) الكافي ٣ : ٣١١ ح ٨ ، الفقيه ١ : ١٩٦ ح ٩١٦ ، التهذيب ٢ : ٨١ ح ٣٠١.
(٥) التهذيب ٢ : ٧٥ ح ٢٧٩.
(٦) التهذيب ٢ : ٧٥ ح ٢٨٠ ، وتمامه : قال : « هي العبودية ».
والحديثان أوردهما في التهذيب ولم ينكر منهما شيئا ، وهما يتضمّنان رفع اليدين عند رفع الرأس من الركوع ، ولم أقف على قائل باستحبابه إلاّ ابني بابويه (١) وصاحب الفاخر ، ونفاه ابن أبي عقيل والفاضل (٢) ، وهو ظاهر ابن الجنيد.
والأقرب استحبابه ، لصحة سند الحديثين وأصالة الجواز وعموم أن الرفع زينة الصلاة ، واستكانة من المصلي » (٣) ، وحينئذ يبتدئ بالرفع عند ابتداء رفع الرأس ، وينتهي بانتهائه ، وعليه جماعة من العامة (٤).
الثالثة عشرة : يستحب للإمام رفع صوته بالذكر في الركوع والرفع ليعلم المأموم ، لما سبق من استحباب إسماع الإمام المأمومين ، اما المأموم فسر ، واما المنفرد فمخيّر إلاّ التسميع ، فإنه جهر على إطلاق الرواية السالفة (٥).
وتجوز الصلاة على النبي وآله في الركوع والسجود بل تستحب ، ففي الصحيح عن عبد الله بن سنان ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يذكر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو في الصلاة المكتوبة إما راكعا أو ساجدا ، فيصلّي عليه وهو على تلك الحال؟ فقال : « نعم ، انّ الصلاة على نبي الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كهيئة التكبير والتسبيح ، وهي عشر حسنات ، يبتدرها ثمانية عشر ملكا ، أيهم يبلّغه إياها » (٦).
وعن الحلبي عنه عليهالسلام : « كل ما ذكرت الله عز وجل به ، والنبي
__________________
(١) الفقيه ١ : ٣٠٥ ، الهداية : ٣٩.
(٢) تذكرة الفقهاء ١ : ١٢٠.
(٣) مجمع البيان ٥ : ٥٥٠ ، وفي الدر المنثور ٦ : ٤٠٣ عن ابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم والبيهقي.
(٤) المجموع ٣ : ٣٩٩ ، المغني ١ : ٥٨٢.
(٥) تقدمت ص ٣٧٨ الهامش ٢.
(٦) الكافي ٣ : ٣٢٢ ح ٥ ، التهذيب ٢ : ٢٩٩ ح ١٢٠٦.