محمّد أمين نجف
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: ماهر
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5995-26-1
الصفحات: ٢٨٧
الإمام عليّ السجّاد عليهالسلام
* من ألقاب السجّاد عليهالسلام
* معنى قول السجّاد عليهالسلام : أنا ابن مكّة ومنى
* حكمة مرض السجّاد عليهالسلام يوم عاشوراء
من ألقاب الإمام السجّاد عليهالسلام
س : لماذا يُلقّب الإمام زين العابدين بالإمام السجّاد؟
ج : لقّب الإمام زين العابدين عليهالسلام بالسجّاد لكثرة سجوده لله تعالى.
عن جابر الجعفي قال : «قال الباقر عليهالسلام : إنّ علي بن الحسين ما ذكر لله نعمة عليه إلّا سجد ، ولا قرأ آية من كتاب الله فيها سجدة إلّا سجد ، ولا فرغ من صلاة مفروضة إلّا سجد ، ولا وفّق لإصلاح بين اثنين إلّا سجد ...» ، وكان كثير السجود في جميع مواضع سجوده ، فسُمّي السجّاد لذلك (١).
معنى قوله عليهالسلام : أنا ابن مكّة ومنى
س : ما معنى كلام الإمام زين العابدين عليهالسلام : «أنا ابن مكّة ومنى ، أنا ابن مروة وصفا ...»؟ وشكراً.
ج : إنّ الإمام زين العابدين عليهالسلام هو من فرع تلك الشجرة الطاهرة ، ومن سلالة
__________________
١ ـ مناقب آل أبي طالب ٣ / ٣٠٤.
الأنبياء والأوصياء ، وهنا يشير الإمام عليهالسلام إلى أهمّ المعالم الإسلامية التي هي : «مكّة ومنى ومروة والصفا» ، وهذه هي المقدّسات للمسلمين ، ولمّا عبّر عن كونه ابنها ، فهو يريد أن يُشير إلى أنّه المصداق الأكمل لها ، فهي معالم صامتة ، والإمام حجّة الله الناطق ، كما أنّ القرآن الكتاب الصامت ، والإمام هو الكتاب الناطق.
فأشار الإمام عليهالسلام بعباراته هذه ، وفي جمعٍ من الناس ، الذين كانوا يتصوّرون أنّهم خوارج ، فبيّن أنّه هو الأصل لهذه المعالم التي يقدّسها المسلمون ، ليعرّف شخصه لهم ومَن هو ، وبذلك فاق أهل الشام من غفلتهم ، وعرفوا أنّهم ليسوا بخوارج (١).
حكمة مرض الإمام السجّاد عليهالسلام يوم عاشوراء
س : هل هناك سرّ في مرض الإمام السجّاد عليهالسلام يوم كربلاء؟ ولماذا لم يأخذ الإمام الحسين عليهالسلام ابنته فاطمة العليلة إلى كربلاء؟
ج : شاءت الإرادة الإلهيّة أن يكون الإمام السجّاد عليهالسلام عليلاً يوم عاشوراء ، وذلك :
أوّلاً : حتّى لا يُقتل.
ثانياً : حتّى لا تخلو الأرض من حجّة لله تعالى.
ثالثاً : حتّى يستلم الإمامة بعد أبيه الإمام الحسين عليهالسلام.
رابعاً : يسقط عنه وجوب الدفاع عن إمام زمانه ، إذ لو كان سليماً ويسمع استغاثة أبيه عليهالسلام ؛ لوجب عليه إغاثته ، والذبّ عنه.
وأمّا السبب في عدم أخذ الإمام الحسين عليهالسلام ابنته فاطمة العليلة فلشدّة مرضها حين الخروج ، بينما الإمام السجّاد عليهالسلام فلم يكن مريضاً يوم خروجه من المدينة المنوّرة.
__________________
١ ـ مناقب آل أبي طالب ٣ / ٣٠٥ ، لواعج الأشجان : ٢٣٤.
الإمام محمّد الباقر عليهالسلام
* بعض المصادر في تسمية الباقر عليهالسلام
* الإمام الباقر عليهالسلام حسيني وحسني
* بعض النصوص الواردة في إمامة الباقر عليهالسلام
* حضور الإمام الباقر عليهالسلام واقعة الطفّ
بعض المصادر في تسمية الباقر عليهالسلام
س : قال ابن تيمية : «ونقل تسميته بالباقر عن النبيّ صلىاللهعليهوآله لا أصل له عند أهل العلم ، بل هو من الأحاديث الموضوعة» (١).
الرجاء الإشارة إلى بعض المصادر السنّية التي تُشير إلى ذلك؟
ج : ذكرت بعض مصادر أهل السنّة تسمية الإمام محمّد بن علي عليهما السلام بالباقر ؛ لتسمية النبيّ صلىاللهعليهوآله له بها ، ومن تلك المصادر : شرح نهج البلاغة (٢) ، تاج العروس (٣) ، الفصول المهمّة (٤) ، وغيرها(٥).
الإمام الباقر عليهالسلام حسيني وحسني
س : نسمع كثيراً بأنّ الأئمّة عليهمالسلام من الإمام الباقر عليهالسلام فما بعد مضافاً إلى أنّهم
__________________
١ ـ منهاج السنّة النبوية ٤ / ٥١.
٢ ـ شرح نهج البلاغة ١٥ / ٢٧٧.
٣ ـ تاج العروس ٣ / ٥٥.
٤ ـ الفصول المهمّة : ٢١١.
٥ ـ اُنظر : تذكرة الخواص : ٣٠٢.
حسينيّون يعتبرون حسنيّين أيضاً ، فما معنى ذلك؟
ج : إنّ الإمام الباقر عليهالسلام كما نعلم هو ابن الإمام زين العابدين ابن الإمام الحسين عليهما السلام ، وبهذا الاعتبار فهو حسيني ، ومن جانب آخر فأُمّه فاطمة بنت الإمام الحسن عليهالسلام ، ولذا يُعتبر عليهالسلام حسني أيضاً.
فالإمام الباقر عليهالسلام أوّل مَن جُتمعت له ولادة الحسن والحسين عليهما السلام ، ومن هنا يُمكن أن نعرّف الأئمّة من ولد الباقر عليهالسلام بأنّهم حسنيّون وحسينيّون معاً.
بعض النصوص الواردة في إمامة الباقر عليهالسلام
س : ترد أحياناً بعض الشبهات حول النصوص الواردة بحقّ الأئمّة المعصومين عليهمالسلام ، فمنها ما قد يُثار من قبل البعض بشأن التنصيص على إمامة كلّ واحد منهم عليهمالسلام ، وفي هذا المجال حبّذا لو تذكرون بعض الأحاديث المعتبرة على إمامة الإمام محمّد الباقر عليهالسلام.
ج : هناك نصوص عامّة تذكر الأئمّة عليهمالسلام بأسمائهم ، ورغبة منّا للاختصار ، نذكر بعضها التي لا خدشة في إسنادها ، ولا مناقشة في دلالتها :
١ ـ صحيحة أبي بصير عن الإمام الصادق عليهالسلام ، التي جاء فيها ذكر الأئمّة بدءاً من أمير المؤمنين عليهالسلام حتّى الإمام الباقر عليهالسلام (١).
٢ ـ صحيحة عبد الله بن جندب عن الإمام الكاظم عليهالسلام ، التي صرّحت بأسماء جميع الأئمّة عليهمالسلام بالترتيب (٢).
٣ ـ صحيحة أبي هاشم الجعفريّ عن الإمام الجواد عليهالسلام ، التي جاء فيها إقرار
__________________
١ ـ الكافي ١ / ٢٨٦.
٢ ـ كتاب مَن لا يحضره الفقيه ١ / ٣٢٩.
الخضر عليهالسلام بجميع الأئمّة عليهمالسلام عند أمير المؤمنين عليهالسلام والإمام الحسن عليهالسلام ، وارتضاء الإمام عليهالسلام ذلك منه (١).
هذا ، وقد وردت نصوص كثيرة في المقام تُؤيّد ما ذكرناه ، فضلاً عن الصحاح المتقدّمة فيمكننا الاستدلال على المطلوب بالتواتر ، والاستفاضة في هذه الأحاديث.
حضور الإمام الباقر عليهالسلام واقعة الطفّ
س : هل إنّ الإمام الباقر عليهالسلام شهد واقعة الطفّ وحضرها؟
ج : نعم ، بما أنّ ولادة الإمام الباقر عليهالسلام كانت سنة ٥٦ هـ (٢) ، أو سنة ٥٧ هـ (٣) ، أي قبل واقعة كربلاء بثلاث سنين ، أو أربع سنين ، كما أدلى عليهالسلام هو بذلك ، فلا بدّ أنّه قد حضر أحداث الطفّ ، وشاهد مأساة جدّه الإمام الحسين عليهالسلام وأولاده وأصحابه ، وتحمّل الأسر في ضمن الأطفال والنساء ، كما ورد ذلك ـ في بعض الروايات ـ عن لسانه عليهالسلام (٤).
__________________
١ ـ المحاسن ١ / ١٩.
٢ ـ تذكرة الحفّاظ ١ / ١٢٤.
٣ ـ مسار الشيعة : ٥٦.
٤ ـ نفس المهموم : ٣٨٦.
الإمام جعفر الصادق عليهالسلام
* وجه تلقيبه عليهالسلام بالصادق
* كثرة الأحاديث عن الإمام الصادق عليهالسلام
وجه تلقيبه عليهالسلام بالصادق
س : ما هي حكمة تلقيب الإمام الصادق عليهالسلام بهذا اللقب؟ والحال ـ كما نعلم ـ أنّ الأئمّة عليهمالسلام كلّهم صادقون؟
ج : ذكر بعض أصحاب السير والتاريخ وجوهاً لذلك :
منها : إنّه عليهالسلام لُقّب بالصادق لصدقه في مقاله (١).
منها : إنّ المنصور الدوانيقي هو الذي أضفى عليه عليهالسلام هذا اللقب في قضية معيّنة يطول ذكرها.
منها : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قد كرّمه بهذا اللقب من قبل ، تمييزاً له عن جعفر الكذّاب ، الذي ظهر في الخامس من ولده عليهالسلام.
وهذا القول الأخير هو الصواب ، لما ورد الحديث بمضمونه (٢) ، وارتكز عند الشيعة.
كثرة الأحاديث عن الإمام الصادق عليهالسلام
س : ما هو السرّ في كثرة الروايات عن الصادِقَين عليهما السلام بالنسبة إلى الأحاديث التي
__________________
١ ـ الأنساب ٣ / ٥٠٧ ، وفيات الأعيان ١ / ٣٠٧.
٢ ـ علل الشرائع : ٢٣٤.
وردت عن باقي الأئمّة عليهمالسلام؟
ج : إنّ الفترة التي عاشها الإمامان الباقر والصادق عليهما السلام هي فترة انهيار وضعف قوّة الأمويّين ، وعدم تثبيت الحكم العبّاسي ، فاغتنما هذه الفرصة الثمينة لبثّ الفكر والثقافة الشيعية ، فربّيا جيلاً واعياً ، تلقّى المعارف والعلوم الإسلامية ، وسعى في نشرها ، بحيث عُرف المذهب الإمامي الاثنا عشري بالمذهب الجعفري ، إشارةً إلى ذلك.
وأمّا الأئمّة السابقون عليهما والمتأخّرون عنهما عليهما السلام فبما أنّ الأجواء التي كانوا يعيشونها كانت ظروف صعبة ـ إذ كانوا إمّا تحت الإقامة الجبرية أو في السجن أو تحت مراقبة الحكّام الظالمين ـ فلم يستطيعوا أن يلقوا المعارف والحقائق ، ولم يكن بإمكانهم الاتّصال بالناس عامّة ، وبالمؤمنين خاصّة بصورة عادية.
أضف إلى ذلك نشوب الحروب والصراعات في زمن أمير المؤمنين عليهالسلام ، والتي كانت مانعاً قويّاً في هذا المجال ، بسبب انشغال عامّة الناس بها ، وانصراف هممهم نحوها.
وهذه كلّها وغيرها أدّت إلى عرقلة الحركة العلمية في فترات إمامتهم عليهمالسلام ، في حين أنّ الصراع القائم بين الباطلين الأُموي والعبّاسي في عهد الصادِقَين عليهما السلام ، صرف أنظار الظلمة عنهما إلى حدٍّ كبير ، فأُتيحت لهما الفرصة الذهبيّة لإيصال الفكر الدينيّ وعلوم أهل البيت عليهمالسلام إلى الناس.
الإمام موسى الكاظم عليهالسلام
* تنوّع علوم الإمام الكاظم عليهالسلام
* مدّة بقاء الإمام الكاظم عليهالسلام في السجن
تنوّع علوم الإمام الكاظم عليهالسلام
س : هناك مَن يقول أنّ موسى الكاظم لم يكن أعلم الناس كما هو مشروط فيمَن يتولّى الإمامة ، فكيف يكون الردّ على هكذا قول؟ جزاكم الله ألف خير.
ج : لقد اشتهر كالشمس في رائعة النهار بين الخاصّة والعامّة سعة أُفق علم الأئمّة عليهمالسلام أجمع ، فضلاً عن الإمام الكاظم عليهالسلام بذاته.
أمّا بالنسبة إلى الخاصّة فلا مجال للنقاش أو الشكّ بعد الإقرار بكونهم أئمّة معصومين ، وإنّ علمهم وراثي وإلهامي وتنبّؤي.
وأمّا العامّة بجميع مذاهبها فإنّها أقرّت بسعة علوم أهل البيت عليهمالسلام ، بما يميّزهم عن غيرهم.
هذا وقد أشاد الإمام الصادق عليهالسلام بعلم ولده الكاظم عليهالسلام ، فقال : «يا عيسى : إنّ ابني هذا الذي رأيت ، لو سألته عمّا بين دفّتي المصحف لأجابك فيه بعلم» (١) ، وقال أيضاً : «وعنده علم الحكمة والفهم ، والسخاء والمعرفة بما يحتاج إليه الناس فيما اختلفوا فيه من أمر دينهم».
__________________
١ ـ قرب الإسناد : ٣٣٥.
ويكفي لمعرفة وفور علمه رواية العلماء عنه جميع الفنون من علوم الدين وغيرها ، ممّا ملأوا به الكتب ، وألّفوا المؤلّفات الكثيرة ، حتّى عُرف بين الرواة بالعالمِ.
قال الشيخ المفيد قدسسره : «وقد روى الناس عن أبي الحسن موسى فأكثروا ، وكان أفقه أهل زمانه» (١).
وقد حوى عليهالسلام علوم جمّة فمنها : علمه باللغات ، وعلمه بالنجوم ، وعلمه بالتاريخ ، وعلمه بالحساب ، وعلمه بالفقه والتفسير ، وعلمه بالطبّ ، وعلمه بالمغيّبات ، وغير ذلك.
مدّة بقاء الإمام الكاظم عليهالسلام في السجن
س : كم كانت مدّة إقامة الإمام الكاظم عليهالسلام في السجن؟ أرجو أن تكون الإجابة دقيقة وصحيحة.
ج : لا يخفى عليكم أنّ مدّة إمامة الإمام الكاظم عليهالسلام كانت (٣٥) سنة ، عاصر فيها مجموعة من حكّام الجور من بني العباس ، آخرهم هارون الرشيد ، الذي نقله في عدّة سجون ، حتّى أمر بدسّ السمّ إليه فقتله.
ومدّة سجنه عليهالسلام غير معلومة بالدقّة ، فبعض المؤرّخين يشيرون إلى أنّها كانت أربع سنوات (٢) ، والآخرين إلى سبع سنوات ، وطائفة إلى أربعة عشر سنة.
وعلى كلّ حال نحن نعلم أنّ الإمام عليهالسلام قد قضى فترة ليست بقليلة في السجن ، حتّى قُتل مظلوماً محتسباً.
__________________
١ ـ الإرشاد ٢ / ٢٣٥.
٢ ـ فهرست أسماء مصنّفي الشيعة : ٢٧٣.
الإمام عليّ الرضا عليهالسلام
* علّة استشهاد الإمام الرضا عليهالسلام
* نسب السادة الرضوية
علّة استشهاد الإمام الرضا عليهالسلام
س : هناك من يقول بأنّ الإمام الرضا عليهالسلام مات حتف أنفه ، أو سمّه غير المأمون العباسيّ ، أو غير ذلك من العلل التي تدفع عن المأمون تهمة القتل.
وقد يُؤيّد هذا الكلام رأي بعض علماء الشيعة ، كالأربلي صاحب كشف الغمّة والسيّد ابن طاووس والشيخ المفيد ، فما مدى صحّة هذا القول؟ وهل يُوجد من أهل السنّة مَن يُسند القتل المذكور إلى المأمون؟
ج : ممّا تسالم عليه الشيعة هو : أنّ الإمام الرضا عليهالسلام قد استُشهد مسموماً على يد المأمون ، وإن نُسب إلى الشيخ المفيد والسيّد ابن طاووس ما يُوهم توقّفهما في ذلك ، أو أنّ الأربلي قد مال إلى خلاف ذلك في كتابه «كشف الغمّة».
وممّا يُوهن الرأي المخالف هو : أنّ النسبة المذكورة غير ثابتة ، وأنّ الأربلي قد أبدى استنتاجه الحدسي في الموضوع ، وهذا لا يقابل الأخبارات الحسّية عن الواقع المذكور.
نسب السادة الرضوية
س : إلى مَن ينتسبون السادات الرضوية؟
ج : الظاهر أنّهم من أعقاب الإمام الجواد عليهالسلام ، إذ لم يكن للإمام الرضا عليهالسلام ولد
غيره على المشهور.
وأمّا حكمة تسميتهم بالسادات الرضوية بدلاً من السادات الجوادية أو التقوية ، فيُحتمل أن يكون بسبب شهرة الإمام الرضا عليهالسلام عند العامّة والخاصّة ، حتّى أنّ عدداً من الأئمّة عليهمالسلام من ولده كانوا يُعرفون بـ«ابن الرضا» عند الناس.
الإمام محمّد الجواد عليهالسلام
* مشابهة الإمام الجواد عليهالسلام لبعض الأنبياء عليهمالسلام
* صغر سنّ الإمام الجواد عليهالسلام
مشابهة الإمام الجواد عليهالسلام لبعض الأنبياء
س : لمّا ولد الإمام الجواد عليهالسلام قال الإمام الرضا عليهالسلام لأصحابه : «قد ولد لي شبيه موسى بن عمران فالق البحار ، وشبيه عيسى بن مريم ...» (١).
فما هو وجه الشبه بين الإمام الجواد عليهالسلام وبين هذين النبيّين عليهما السلام؟
ج : الظاهر أنّ الإمام الرضا عليهالسلام يقصد بكلامه هذا ـ على فرض صحّة الرواية سنداً ـ بأنّ ولده الإمام الجواد عليهالسلام قد شاءت المصلحة الإلهيّة أن لا يولد في أيّام شباب الوالد عليهالسلام ، بل ولد يوم كان عمر الإمام الرضا عليهالسلام خمسة وأربعين سنة تقريباً ، وهذا التأخير كان تمحيصاً شديداً وابتلاءً عظيماً للمؤمنين حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ (٢) ، بحيث إنّ البعض قد بدأ يشكّك في مصداقية إمامة الإمام الرضا عليهالسلام لعدم وجود عقب له ، فمن هذه الجهة تشابهت قصّة ولادته عليهالسلام بموسى عليهالسلام ، حيث إنّ بني إسرائيل يئسوا من ظهور المنقذ لهم من ظلم فرعون بسبب تأخيره ، حتّى أتاهم بعد فترة من الامتحان والاختبار.
وأمّا وجه الشبه بينه وبين عيسى عليهالسلام فهو أنّ عيسى عليهالسلام آتاه الله تعالى الكتاب
__________________
١ ـ بحار الأنوار ٥٠ / ١٥ عن عيون المعجزات.
٢ ـ آل عمران : ١٧٩.
والنبوّة وهو طفل رضيع ، وتكلّم في المهد وهو صبيّ ، كذلك الإمام الجواد عليهالسلام آتاه الله الإمامة وهو طفل ، وكان يكلّم الناس بكلام الحكماء والعرفاء ، وهو في مرحلة الطفولة.
صغر سنّ الإمام الجواد عليهالسلام
س : ما هو الدليل على إمامة الإمام الجواد عليهالسلام؟ مع أنّه كان صغير السن؟
ج : إن كان الإشكال في السنّ فقد ثبت عدم دخل العمر في شرط الإمامة والقيادة عقلاً ونقلاً.
أمّا عقلاً ، فلا دليل على استحالة ذلك ، فيكون من الممكنات.
وأمّا نقلاً ، فهنالك آيات وروايات كثيرة ، ثبت من خلالها إمكان بل وقوع الإمامة والقيادة للأُمّة بسنٍّ صغير ، وهذا عيسى عليهالسلام يشهد له القرآن بذلك ، إذ يقول : قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ... (١) ، وكذلك تحدّث عن يحيى عليهالسلام فقال : يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (٢).
وإن كان الإشكال في شيء آخر فأخبرنا ونحن لك من الشاكرين.
__________________
١ ـ مريم : ٢٩ ـ ٣٠.
٢ ـ مريم : ١٢.
الإمام عليّ الهادي عليهالسلام
* علم الإمام الهادي عليهالسلام وإخباره بموت الواثق
* تحذير الإمام الهادي عليهالسلام من ابنه جعفر
علم الإمام الهادي عليهالسلام وإخباره بموت الواثق
س : هناك مَن يقول أنّ عليّ الهادي لم يكن أعلم الناس حسبما هو مشروط فيمَن يتولّى الإمامة ، فكيف يكون الردّ على هذا القول؟ جزاكم الله خيراً.
ج : لقد اشتهر كالشمس في رائعة النهار بين الخاصّة والعامّة سعة أُفق علم الأئمّة عليهمالسلام أجمع ، فضلاً عن الإمام الهادي عليهالسلام بذاته.
أمّا بالنسبة إلى الخاصّة فلا مجال للنقاش أو الشكّ بعد الإقرار بكونهم أئمّة معصومين ، وأنّ علمهم وراثي وإلهامي وتنبّؤي.
وأمّا العامّة بجميع مذاهبها فإنّها أقرّت بسعة علوم أهل البيت عليهمالسلام ، بما يميّزهم عن غيرهم.
ومن الأخبار التي تدلّ على سعة الإمام الهادي عليهالسلام إخباره بموت الواثق ، فعن خيران الأسباطي قال : «قدمت على أبي الحسن عليهالسلام المدينة فقال لي : ما خبر الواثق عندك؟ قلت : جُعلت فداك خلّفته في عافية ، أنا من أقرب الناس عهداً به ، عهدي به منذ عشرة أيّام. قال : فقال لي : إنّ أهل المدينة يقولون إنّه مات. فلمّا أن قال لي الناس ، علمت أنّه هو.
ثمّ قال لي : ما فعل جعفر؟ قلت : تركته أسوأ الناس حالاً في السجن ، فقال : أمّا إنّه
صاحب الأمر ، ما فعل ابن الزيات؟ قلت : جُعلت فداك الناس معه والأمر أمره.
فقال : أمّا إنّه شؤم عليه. ثمّ سكت وقال لي : لا بدّ أن تجري مقادير الله تعالى وأحكامه ، يا خيران مات الواثق ، وقد قعد المتوكّل جعفر ، وقد قُتل ابن الزيات ، فقلت : متى جُعلت فداك؟ قال : بعد خروجك بستّة أيّام» (١).
حذّر الإمام الهادي عليهالسلام من ابنه جعفر
س : هل حذّر الإمام الهادي من ابنه جعفر الكذّاب؟ ودمتم سالمين.
ج : لقد حذّر الإمام الهادي عليهالسلام شيعته ومواليه من ابنه جعفر واتّباعه ، فإنّه كان يقول لهم : «تجنّبوا جعفراً فإنّه منّي بمنزلة نمرود من نوح الذي قال الله عزّ وجلّ فيه : فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (٢).
قال الله : قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ» (٣).
وقد حذّر منه أيضاً الإمام العسكري عليهالسلام بقوله : «الله الله أن يظهر لكم أخي جعفر على سرّ ، ما مثلي ومثله إلّا مثل هابيل وقابيل ابنَي آدم ، حيث حسد قابيل هابيل على ما أعطاه من فضله فقتله ، ولو تهيّأ لجعفر قتلي لفعل ، ولكنّ الله غالب على أمره» (٤).
__________________
١ ـ الكافي ١ / ٤٩٨.
٢ ـ هود : ٤٥.
٣ ـ هود : ٤٦.
٤ ـ مدينة المعاجز ٧ / ٦٦٤.
الإمام الحسن العسكري عليهالسلام
* مدّة إمامة العسكري عليهالسلام
* دسّ المعتمد السمّ إلى العسكري عليهالسلام
مدّة إمامة العسكري عليهالسلام
س : إمامة أيّ من الأئمّة عليهمالسلام كانت أقصر من الآخرين؟ رجاءً مع ذكر سنين إمامته.
ج : هو الإمام الحادي عشر من أئمّة أهل البيت عليهمالسلام ، أبو محمّد الحسن بن علي العسكري عليهما السلام ، فقد ولد عليهالسلام في سنة ٢٣٢ هـ ، وتولّى منصب الإمامة في سنة ٢٥٤ هـ ، واستشهد في سنة ٢٦٠ هـ ، وعليه ففترة إمامته كانت ستّ سنوات ، وبهذا تكون مدّة إمامته أقلّ فترةً من جميع آبائه المعصومين عليهمالسلام.
دسّ المعتمد السمّ إلى الإمام العسكري عليهالسلام
س : على يد مَن قُتل الإمام الحسن العسكري عليهالسلام؟
ج : قال ابن الصبّاغ المالكي في «الفصول المهمّة» ما نصّه : «ذهب كثير من الشيعة إلى أنّ أبا محمّد الحسن مات مسموماً ، وكذلك أبوه وجدّه ، وجميع الأئمّة الذين من قبلهم ، خرجوا كلّهم تغمّدهم الله برحمته من الدنيا على الشهادة ، واستدلّوا على ذلك ، بما روي عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : «ما منّا إلّا مقتول أو شهيد» (١).
__________________
١ ـ الفصول المهمّة : ٢٩٠.
ونقل العلاّمة المجلسي في «بحار الأنوار» عن كتاب «المصباح» للشيخ الكفعمي قدسسره ، أنّه قال : «تُوفّي عليهالسلام في أوّل يوم من ربيع الأوّل» ، وقال في موضع آخر : «في يوم الجمعة ثامنه ، سمّه المعتمد» (١).
نعم المعتمد العبّاسي (الحاكم آنذاك) دسّ السمّ إلى إمامنا العسكري عليهالسلام ، ومات مسموماً مظلوماً.
__________________
١ ـ بحار الأنوار ٥٠ / ٣٣٥.
الإمام محمّد المهدي عليهالسلام
* الأدلّة على ولادة الإمام عليهالسلام
* ولادة الإمام عليهالسلام في كتب أهل السنّة
* نسب الإمام المهدي عليهالسلام وعلاقته بالخضر
* ماذا يجب أن نفعله في زمن الغَيبة؟
* من علامات ظهور الإمام المهدي عليهالسلام
* صلاة الإمام الحسين عليهالسلام على جنازة الإمام المهدي عليهالسلام
الأدلّة على ولادة الإمام عليهالسلام
س : ماذا أقول لشخص يسألني : ما دليلكم على أنّ المهدي عليهالسلام مولود وحيّ؟ وشكراً.
ج : إنّ ولادة أيّ إنسان في هذا الوجود تثبت بإقرار أبويه ، وشهادة القابلة ، وإن لم يره أحد قطّ غيرهم ، فكيف لو شهد المئات برؤيته ، واعترف المؤرّخون بولادته ، وصرّح علماء الأنساب بنسبه.
وظهر على يديه ما عرفه المقرّبون إليه ، وصدرت منه وصايا وتعليمات ، ونصائح وإرشادات ، ورسائل وتوجيهات ، وأدعية وصلوات ، وأقوال مشهورة ، وكلمات مأثورة ، وكان وكلاؤه معروفين ، وسفراؤه معلومين ، وأنصاره في كلّ عصر وجيل بالملايين ، وللوقوف على ما ندّعيه عليكم بمراجعة كتاب «المهدي المنتظر في الفكر الإسلامي» ، وكتاب «المسائل العشر» ، حيث تطرّق الأوّل إلى المواضيع التالية :
١ ـ إخبار الإمام العسكري بولادة ابنه المهدي عليهالسلام.
٢ ـ شهادة القابلة بولادة الإمام المهدي عليهالسلام.
٣ ـ مَن شهد برؤية المهدي من أصحاب الأئمّة عليهمالسلام وغيرهم.
٤ ـ شهادة وكلاء المهدي عليهالسلام ، ومَن وقف على معجزاته برؤيته.
٥ ـ شهادة الخدم والجواري والإماء برؤية المهدي عليهالسلام.
٦ ـ تصرّف السلطة دليل على ولادة الإمام المهدي عليهالسلام.
٧ ـ اعتراف علماء الأنساب بولادة الإمام المهدي عليهالسلام.
٨ ـ اعتراف علماء أهل السنّة بولادة الإمام المهدي عليهالسلام.
٩ ـ اعتراف أهل السنّة بأنّ المهدي عليهالسلام هو ابن العسكري.
وإذا أردت أن تقف على عقيدة السنّة والشيعة في مسألة المهدي عليهالسلام فعليك أن ترجع إلى الكتب التالية لمحقّقي السنّة ومحدّثيهم :
١ ـ «صفة المهدي» للحافظ أبي نعيم الأصفهاني.
٢ ـ «البيان في أخبار صاحب الزمان» للكنجي الشافعي.
٣ ـ «البرهان في علامات مهدي آخر الزمان» للمتّقي الهندي.
٤ ـ «العرف الوردي في أخبار المهدي» للحافظ السيوطي.
٥ ـ «القول المختصر في علامات المهدي المنتظر» لابن حجر الهيتمي.
٦ ـ «عقد الدرر في أخبار الإمام المنتظر» للشيخ جمال الدين الدمشقي.
وإذا أردت التفصيل ، فراجع «منتخب الأثر في الإمام الثاني عشر» للشيخ الصافي الكلبايكاني.
ومن خلال هذا تعرف الأدلّة الوافية على أنّه عليهالسلام حيّ يُرزق ، وما يستلزمه من طول عمره عليهالسلام فمسألته محلولة.
والخلاصة : إنّ الشيعة ـ ولاستنادهم على جملة واسعة من الروايات ، والأدلّة
الصحيحة ـ يذهبون إلى أنّه عليهالسلام ولد في مدينة سامرّاء ، عام ٢٥٥ هـ ، وغاب بأمر الله سبحانه سنة وفاة والده الإمام الحسن العسكري عليهالسلام عام ٢٦٠ هـ ، وهو يحيى حياة طبيعية كسائر الناس ، وأنّ الناس يرونه ولا يعرفونه ، وسوف يظهره الله سبحانه ليحقّق عدله.
سائلين المولى عزّ وجلّ أن يعجّل فرجه ويسهّل مخرجه.
ولادة الإمام عليهالسلام في كتب أهل السنّة
س : هل هناك روايات عند أهل السنّة تقول : بأنّ الإمام المهدي ولد؟ جزاكم الله ألف خير ، ونسألكم الدعاء.
ج : قد اعترف علماء كثيرون من أهل السنّة بولادة الإمام المهدي عليهالسلام ، فراجع كتاب «دفاع عن الكافي» (١) للسيّد ثامر العميدي ، فقد ذكر فيه مئة وثمانية وعشرين شخصاً من أهل السنّة ، من الذين اعترفوا بولادة الإمام المهدي عليهالسلام ، مع ترتيبهم بحسب القرون ، ونحن نقتصر على ذكر بعضهم :
سهل بن عبد الله البخاري (ت ٣٤١ هـ) (٢) ، محمّد بن طلحة الشافعي (ت ٦٥٢ هـ) (٣) ، سبط ابن الجوزي (ت ٦٥٤ هـ) (٤) ، محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي (ت ٦٥٨ هـ) (٥) ، ابن خلكان (ت ٦٨١ هـ) (٦) ، عزيز بن محمّد النسفي الصوفي (ت ٦٨٦ هـ) في رسالته ، كما
__________________
١ ـ دفاع عن الكافي ١ / ٥٦٨.
٢ ـ سرّ السلسلة العلوية : ٤٠.
٣ ـ مطالب السؤول ٢ / ١٥٢.
٤ ـ تذكرة الخواص : ٣٢٥.
٥ ـ البيان في أخبار صاحب الزمان : ٩٧.
٦ ـ وفيات الأعيان ٤ / ٣١.