أبي جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطّوسي [ شيخ الطائفة ]
المحقق: مؤسسة البعثة
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: دار الثقافة للطباعة والنشر
الطبعة: ١
الصفحات: ٨٨٨
٣٤٢ / ٤٤ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا سعد بن عبد الله ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن صالح بن عقبة ، عن بشير الدهان ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام ربما فاتني الحج فأعرف عند قبر الحسين عليهالسلام؟ قال : أحسنت يا بشير ، إنه من أتى قبر الحسين بن علي عليهماالسلام في غير يوم عيد كتب له عشرون حجة وعشرون عمرة مبرورات متقبلات ، وعشرون غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل ، ومن أتاه يوم عيد عارفا بحقه كتب له مائة حجة ومائة عمرة مبرورات متقبلات ومائة غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل ، ومن أتاه يوم عرفة عارفا بحقه كتب له ألف حجة وألف عمرة مبرورات متقبلات وألف غزوة مع نبي مرسل أو إمام عادل.
قال بشير : فقلت له كيف لي بمثل الموقفين؟ فنظر إلي كالمغضب ، ثم قال : يا بشير ، من أتى الحسين بن علي عليهماالسلام عارفا بحقه فاغتسل في الفرات وتوجه إليه ، كتبت له بكل خطوة حجة بمناسكها. قال : ولا أعلم إلا قال : وغزوة.
٣٤٣ / ٤٥ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن بن الوليد ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن أيوب بن نوح ، عن صفوان بن يحيى ، عن إبراهيم بن زياد ، عن الصادق جعفر بن محمد عليهماالسلام ، قال : إن الله ( تعالى ) إذا غضب على أمة ثم لم ينزل بها العذاب ، أغلى أسعارها ، وقصر أعمارها ، ولم يربح تجارها ، ولم تغزر أنهارها ، ولم تزك ثمارها ، وسلط عليها شرارها ، وحبس عليها أمطارها.
٣٤٤ / ٤٦ ـ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ، قال : أخبرني الشريف أبو عبد الله محمد بن محمد بن طاهر ، قال : أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثني سليمان بن محمد الهمداني ، قال : حدثنا محمد بن عمران ـ وهو ابن أبي ليلى ـ ، قال : حدثنا محمد بن عيسى الكندي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهماالسلام ، قال : جاء أعرابي إلى النبي صلىاللهعليهوآله فقال : يا محمد ،
أخبرني بعمل يحبني عليه.
قال : يا أعرابي ، أزهد في الدنيا يحبك الله ، وازهد فيما في أيدي الناس تحبك الناس.
قال : وقال جعفر بن محمد عليهماالسلام : من أخرجه الله من ذل المعصية إلى عز التقوى أغناه بلا مال ، وأعزه بلا عشيرة ، وآنسه بلا بشر ، ومن خاف الله أخاف منه كل شئ ، ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شئ (١).
٣٤٥ / ٤٧ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا الشريف أبو عبد الله محمد بن محمد بن طاهر ، قال : أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا أحمد ابن يوسف بن يعقوب الجعفي ، قال : حدثنا الحسين بن محمد ، قال : حدثنا أبي ، عن عاصم بن عمر الجعفي ، عن محمد بن مسلم العبدي ، قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : كتب إلى الحسن بن علي عليهالسلام قوم من أصحابه يعزونه عن ابنة له. فكتب إليهم : « أما بعد ، فقد بلغني كتابكم تعزوني بفلانة ، فعند الله احتسبها تسليما لقضائه ، وصبرا على بلائه ، فإن أوجعتنا المصائب ، وفجعتنا النوائب بالأحبة المألوفة التي كانت بنا حفية (٢) ، والاخوان المحبون الذين كان يسر بهم الناظرون ، وتقر بهم العيون ، أضحوا قد اخترمتهم الأيام ، ونزل بهم الحمام (٣) ، فخلفوا الخلوف ، وأودت بهم الحتوف ، فهم صرعى في عساكر الموتى ، متجاورون في غير محلة التجاور ، ولا صلاة بينهم ولا تزاور ، ولا يتلاقون عن قرب جوارهم ، أجسامهم نائية من أهلها ، خالية من أربابها ، قد أجشعها (٤) إخوانها ، فلم أر مثل دارها دارا ، ولا مثل قرارها قرارا ، في بيوت موحشة ، وحلول مخضعة ، قد صارت في تلك الديار الموحشة ،
__________________
(١) تقدم في الحديث : ٢٢٨.
(٢) الحفي : البر اللطيف.
(٣) الحمام : الموت.
(٤) في نسخة. أخشعها.
وخرجت عن الدار المؤنسة ، ففارقتها من غير قلى (١) ، فاستودعتها البلاء ، وكانت أمة مملوكة ، سلكت سبيلا مسلوكة ، صار إليها الأولون ، وسيصير إليها الآخرون ، والسلام ».
٣٤٦ / ٤٨ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا الشريف الصالح أبو محمد الحسن بن حمزة العلوي ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن جعفر ، عن أبيه ، عن هارون ابن مسلم ، عن سعد بن زياد العبدي ، قال : حدثني جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهماالسلام ، قال : في حكمة آل داود : يا بن ادم ، كيف تتكلم بالهدى وأنت لا تفيق عن الردى! يا بن ادم ، أصبح قلبك قاسيا وأنت لعظمة الله ناسيا ، فلو كنت بالله عالما ، وبعظمته عارفا ، لم تزل منه خائفا ، ولو عده راجيا ، ويحك كيف لا تذكر لحدك ، وانفرادك فيه وحدك!
٣٤٧ / ٤٩ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن محمد بن عيسى ، عن صدقة الأحدب ، عن داود الابزاري ، قال : سمعت موسى بن جعفر عليهالسلام يقول : كفى بالتجارب تأديبا ، وبمر الأيام عظة ، وبأخلاق من عاشرت معرفة ، وبذكر الموت حاجزا من الذنوب والمعاصي ، والعجب كل العجب للمحتمين من الطعام والشراب مخافة الداء أن ينزل بهم ، كيف لا يحتمون من الذنوب مخافة النار إذا اشتعلت في أبدانهم!
٣٤٨ / ٥٠ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال. حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : حدثني زيد بن علي ، عن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين أبو الحسين العلوي ، قال : حدثني علي بن جعفر بن محمد ، عن أخيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن جده علن بن أبي طالب عليهمالسلام ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أبلغوني حاجة من لا يستطيع إبلاغي حاجته ، فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع إبلاغها ثبت الله قدميه على الصراط يوم القيامة.
__________________
(١) القلى : البغض والهجران.
٣٤٩ / ٥١ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا الشريف الصالح أبو محمد الحسن بن حمزة العلوي رحمهالله قال : حدثنا أحمد بن عبد الله ، عن جده أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن الحسن بن فضال ، عن الحسن بن الجهم ، عن أبي اليقظان ، عن عبيد الله بن الوليد الوصافي ، قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهماالسلام يقول : ثلاث لا يضر معهن شئ : الدعاء عند الكربات ، والاستغفار عند الذنب ، والشكر عند النعمة.
٣٥٠ / ٥٢ ـ هذا حديث وجدته بخط بعض المشايخ ( رحمهمالله ) ذكر أنه وجده في كتاب لأبي غانم المعلم الأعرج ، وكان مسكنه بباب الشعير ، وجد بخطه على ظهر كتاب له حين مات : وهو أن عائشة بنت طلحة دخلت على فاطمة عليهاالسلام فرأتها باكية ، فقالت لها : بأبي أنت وأمي ، ما الذي يبكيك؟ فقالت لها ( صلوات الله عليها ) : أسائلتي عن هنة حلق بها الطائر ، وحفي بها السائر ، ورفع إلى السماء أثرا ، ورزئت في الأرض خبرا ، أن قحيف تيم وأحيوك عدي جاريا أبا الحسن في السباق ، حتى إذا تقربا بالخناق ، أسرا له الشنآن ، وطوياه الاعلان ، فلما خبا نور الدين ، وقبض النبي الأمين ، نطقا بفورهما ، ونفثا بسورهما ، وأدلا بفدك ، فيا لها لمن ملك ، تلك أنها عطية الرب الاعلى للنجي الأوفى ، ولقد نحلنيها للصبية السواغب من نجله ونسلي ، وأنها ليعلم الله وشهادة أمينه ، فإن انتزعا مني البلغة ، ومنعاني اللمظة ، واحتسبتها يوم الحشر زلفة ، وليجدنها آكلوها ساعرة حميم ، في لظى جحيم.
تم المجلس السابع ، ويتلوه المجلس الثامن من أمالي الشيخ الطوسي رحمهالله.
[٨]
المجلس الثامن
فيه بقية أحاديث الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان.
بسم الله الرحمن الرحيم
٣٥١ / ١ ـ أخبرنا الشيخ السعيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان رحمهالله ، قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن المفضل بن عمر ، عن الصادق جعفر بن محمد عليهماالسلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : أعطيت تسعا لم يعط أحد قبلي سوى النبي صلىاللهعليهوآله : لقد فتحت لي السبل ، وعلمت المنايا ، والبلايا ، والأنساب ، وفصل الخطاب ، ولقد نظرت في الملكوت باذن ربي ، فما غاب عني ما كان قبلي ولا ما يأتي بعدي ، وان بولايتي أكمل الله لهذه الأمة دينهم ، وأتم عليهم النعم ، ورضي لهم إسلامهم ، إذ يقول يوم الولاية لمحمد صلىاللهعليهوآله : يا محمد ، أخبرهم أني أكملت لهم اليوم دينهم ، وأتممت عليهم النعم ، ورضيت إسلامهم ، كل ذلك من الله به علي فله الحمد.
٣٥٢ / ٢ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا الشريف الصالح أبو محمد الحسن بن حمزة ، قال : حدثنا أبو القاسم نصر بن الحسن الوراميني ، قال : حدثنا أبو
سعيد سهل بن زياد الادمي ، قال : حدثنا محمد بن الوليد المعروف بشباب الصيرفي مولى بني هاشم ، قال : حدثنا سعيد الأعرج ، قال : دخلت أنا وسليمان بن خالد على أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهماالسلام فابتدأني ، فقال : يا سليمان ، ما جاء عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام يؤخذ به ، وما نهى عنه ينتهى عنه ، جرى له من الفضل ما جرى لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، ولرسوله الفضل على جميع من خلق الله ، العائب على أمير المؤمنين في شئ كالعائب على الله وعلى رسوله صلىاللهعليهوآله ، والراد عليه في صغير أو كبير على حد الشرك بالله.
كان أمير المؤمنين عليهالسلام باب الله لا يؤتى إلا منه ، وسبيله الذي من تمسك بغيره هلك ، كذلك جرى حكم الأئمة عليهمالسلام بعده واحدا بعد واحد ، جعلهم الله أركان الأرض ، وهم الحجة البالغة على من فوق الأرض ومن تحت الثرى.
أما علمت أن أمير المؤمنين عليهالسلام كان يقول : أنا قسيم الله بين الجنة والنار ، وأنا الفاروق الأكبر ، وأنا صاحب العصا والميسم ، ولقد أقر لي جميع الملائكة والروح بمثل ما أقروا لمحمد صلىاللهعليهوآله ، ولقد حملت مثل حمولة محمد ، وهي حمولة الرب ، وأن محمدا صلىاللهعليهوآله يدعى فيكسى ويستنطق فينطق ، وأدعى فأكسى وأستنطق فأنطق ، ولقد أعطيت خصالا لم يعطها أحد قبلي : علمت البلايا ، والقضايا ، وفصل الخطاب؟
٣٥٣ / ٣ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال : حدثنا علي بن العباس بن الوليد ، قال : حدثنا إبراهيم بن بشر بن خالد ، قال : حدثنا منصور بن يعقوب ، قال : حدثنا عمرو بن شمر ، عن إبراهيم بن عبد الأعلى ، عن سويد ابن غفلة ، قال : سمعت عليا عليهالسلام يقول : والله لو صببت الدنيا على المنافق صبا ما أحبني ، ولو ضربت بسيفي هذا خيشوم المؤمن لأحبني ، وذلك أني سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : يا علي ، لا يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق.
٣٥٤ / ٤ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن عمر ، قال :
حدثني يوسف بن الحكم الخياط ، قال : حدثنا داود بن رشيد ، قال : حدثنا سلمة بن صالح الأحمر ، عن عبد الملك بن عبد الرحمن ، عن الأشقر بن طليق ، قال : سمعت الحسن العرني يحدث عن مرة ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : نعى إلينا حبيبنا ونبينا صلىاللهعليهوآله نفسه ـ فبأبي وأمي ونفسي له الفداء ـ قبل موته بشهر ، فلما دنا الفراق جمعنا في بيت ، فنظر إلينا ، فدمعت عيناه ، ثم قال : مرحبا بكم ، حياكم الله ، حفظكم الله ، نصركم الله ، نفعكم الله ، هداكم الله ، وفقكم الله ، سلمكم الله ، قبلكم الله ، رزقكم الله ، رفعكم الله ، أوصيكم بتقوى الله ، وأوصي الله بكم ، إني لكم نذير مبين ألا تعلوا على الله في عباده وبلاده ، فإن الله ( تعالى ) قال لي ولكم : ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين ) (١) وقال سبحانه : ( أليس في جهنم مثوى للمتكبرين ) (٢).
قلنا : متى يا نبي الله أجلك؟ قال : دنا الاجل والمنقلب إلى الله ، وإلى سدرة المنتهى ، وجنة المأوى ، والعرش الاعلى ، والكأس الأوفى ، والعيش المهنى.
قلنا : فمن يغسلك؟ قال : أخي وأهل بيتي الأدنى فالأدنى.
٣٥٥ / ٥ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني الشريف أبو عبد الله محمد بن محمد بن طاهر ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا محمد ابن إسماعيل ، قال : حدثنا الحسن بن زياد ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق ، عن جعفر ابن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : صاحب اليمين أمير على صاحب الشمال ، فإذا عمل العبد السيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال : لا تعجل وانظره سبع ساعات ، فإن مضى سبع ساعات ولم يستغفر قال : اكتب ، فما أقل حياء هذا العبد!
٣٥٦ / ٦ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد
__________________
(١) سورة القصص ٢٨ : ٨٣.
(٢) سورة الزمر ٣٩ : ٦٠.
ابن الحسن ، عن أبيه ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن علي بن محمد القاساني ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث ، قال : سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد عليهماالسلام يقول : قال عيسى بن مريم لأصحابه : تعملون للدنيا وأنتم ترزقون فيها بغير عمل ، ولا تعملون للآخرة وأنتم لا ترزقون فيها إلا بعمل ، ويلكم علماء السوء ، الآخرة تأخذون والعمل لا تصنعون! يوشك رب العمل أن يطلب عمله ، ويوشك أن يخرجوا من الدنيا إلى ظلمة القبر ، كيف يكون من أهل العلم من مصيره إلى اخرته وهر مقبل على دنياه ، وما يضره أشهى إليه مما ينفعه؟
٣٥٧ / ٧ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن عمر بن مسلم الجعابي ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم أبو علي ، قال : حدثني عم أبي الحسين بن موسى ، عن أبيه موسى ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين عليهمالسلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : إن المؤمن لا يصبح إلا خائفا وإن كان محسنا ، ولا يمسي إلا خائفا وإن كان محسنا ، لأنه بين أمرين : بين وقت قد مضى لا يدري ما الله صانع به ، وبين أجل قد اقترب لا يدري ما يصيبه من الهلكات.
ألا وقولوا خيرا تعرفوا به ، واعملوا به تكونوا من أهله ، صلوا أرحامكم وان قطعوكم ، وعودوا بالفضل على من حرمكم ، وأدوا الأمانة إلى من ائتمنكم ، وأوفوا بعهد من عاهدتم ، وإذا حكمتم فاعدلوا.
٣٥٨ / ٨ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : أخبرنا محمد بن أحمد بن خاقان النهدي قراءة ، قال : حدثنا يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن أعين ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهالسلام ، قال : كان علي بن الحسين عليهالسلام يقول : ما أبالي إذا قلت هؤلاء الكلمات لو اجتمع علي الإنس والجن : « بسم الله وبالله ، ومن الله ، وإلى الله ، وفي سبيل الله ، اللهم إليك أسلمت نفسي ، واليك وجهت وجهي ، واليك فوضت أمري ، فاحفظني بحفظ الايمان ، من بين يدي ،
ومن خلفي ، وعن يميني ، وعن شمالي ، ومن فوقي ، ومن تحتي ، وادفع عني بحولك وقوتك ، فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ».
٣٥٩ / ٩ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو علي أحمد بن محمد بن جعفر الصولي ، قال : حدثنا محمد بن الحسين الطائي ، قال : حدثنا محمد بن الحسن ابن جعفر بن سليمان الضبعي ، قال : حدثنا أبي ، عن أبيه ، قال : حدثني يعقوب بن الفضل ، قال : حدثني شريك بن عبد الله بن أبي نمر ، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أعطيت في علي تسعا ، ثلاثا في الدنيا ، وثلاثا في الآخرة ، واثنين أرجوهما له ، وواحدة أخافها عليه :
فأما الثلاثة التي في الدنيا : فساتر عورتي ، والقائم بأمر أهلي ، ووصيي فيهم.
وأما الثلاثة التي في الآخرة : فإني أعطى يوم القيامة لواء الحمد فأرفعه إلى علي ابن أبي طالب يحمله عني ، واعتمد عليه في مقام الشفاعة ، ويعينني على حمل مفاتيح الجنة.
وأما اللتان أرجوهما له : فإنه لا يرجع من بعدي ضالا ، ولا كافرا. وأما التي أخافها عليه : فغدر قريش به من بعدي.
٣٦٠ / ١٠ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد الصيرفي ، قال : حدثنا أبو عبد الله محمد بن القاسم بن محمد بن عبيد الله ، قال : حدثنا جعفر بن عبيد الله بن جعفر المحمدي ، قال : حدثنا يحيى بن الحسن بن فرات التميمي ، قال : حدثنا المسعودي ، عن الحارث بن حصيرة ، عن أبي محمد العنزي ، قال : حدثني ابن عمي أبو عبد الله العنزي ، قال : إنا لجلوس مع علي بن أبي طالب عليهالسلام يوم الجمل إذ جاءه الناس يهتفون به : يا أمير المؤمنين ، لقد نالنا النبل والنشاب ، فسكت ثم جاء آخرون فذكروا مثل ذلك فقالوا : قد جرحنا ، فقال علي عليهالسلام : يا قوم ، من يعذرني من قوم يأمروني بالقتال ولم تنزل بعد الملائكة.
فقال : إنا لجلوس ما نرى ريحا ولا نحسها إذ هبت ريح طيبة من خلفنا ، والله لو جدت بردها بين كتفي من تحت الدرع والثياب ، قال : فلما هبت صب أمير
المؤمنين عليهالسلام درعه ، ثم قام إلى القوم ، فما رأيت فتحا كان أسرع منه.
٣٦١ / ١١ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو علي أحمد بن محمد بن جعفر الصولي ، قال : حدثنا زكريا بن يحيى الساجي ، قال : حدثنا إسماعيل بن موسى السدي ، قال : حدثنا محمد بن سعيد ، عن فضيل بن مرزوق ، عن أبي سخيلة ، عن أبي ذر وسلمان ( رضياللهعنهما ) ، قالا : أخذ رسول الله صلىاللهعليهوآله بيد علي بن أبي طالب عليهالسلام فقال : هذا أول بن آمن بي ، وهو أول من يصافحني يوم القيامة ، وهو الصديق الأكبر ، وفاروق هذه الأمة ، ويعسوب المؤمنين.
٣٦٢ / ١٢ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد ، قال : حدثنا يحيى بن زكريا بن شيبان ، قال : حدثنا بكير بن سلم ، قال : حدثني محمد بن ميمون ، قال : حدثني جعفر ابن محمد ، عن أبيه ، عن جده عليهمالسلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : ستدعون إلى سبي فسبوني ، وتدعون إلى البراءة مني فمدوا الرقاب فإني على الفطرة.
٣٦٣ / ١٣ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن ، عن أبيه ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن محمد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عن مالك بن عطية ، عن أبي حمزة الثمالي ، قال : سمعت أبا جعفر محمد بن علي بن الحسين عليهمالسلام يقول : وجدت في كتاب علي بن أبي طالب عليهالسلام : إذا ظهر الربا من بعدي ظهر موت الفجأة ، وإذا طففت المكاييل أخذهم الله بالسنين والنقص ، وإذا منعوا الزكاة منعت الأرض بركاتها من الزرع والثمار والمعادن كلها ، وإذا جاروا في الحكم تعاونوا على الاثم والعدوان ، وإذا نقضوا العهد سلط الله عليهم شرارهم ، ثم يدعو خيارهم فلا يستجاب لهم.
٣٦٤ / ١٤ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : حدثني أبو حفص محمد بن عثمان الصيرفي ، قال : أخبرني أبو بكر محمد بن عبد الله العلاف ـ المعروف بالمستغني ـ قراءة عليه ، قال : حدثنا محمد بن أبي يعقوب الدينوري ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد البلوي ، قال : حدثنا عمارة بن زيد ، قال : حدثني بكر بن حارثة الزهري ، عن
عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، عن جابر بن عبد الله ، قال : سمعت عليا عليهالسلام ينشد ، ورسول الله صلىاللهعليهوآله يسمع :
أنا أخو المصطفى لاشك في نسبي |
|
معه ربيت وسبطاه هما ولدي |
جدي وجد رسول الله منفرد |
|
وفاطم زوجتي لا قول ذي فند |
فالحمد لله شكرا لا شريك له |
|
البر بالعبد والباقي بلا أمد |
قال : فابتسم رسول الله صلىاللهعليهوآله وقال : صدقت يا علي.
٣٦٥ / ١٥ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد بن قولويه ، عن محمد بن يعقوب الكليني ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن صفوان بن يحيى ، قال : قلت لأبي الحسن عليهالسلام : أخبرني عن الإرادة من الله ( عزوجل ) ومن الخلق؟
فقال : الإرادة من الله ( تعالى ) إحداثه الفعل لا غير ذلك ، لأنه ( جل اسمه ) لا يهم ولا يتفكر.
٣٦٦ / ١٦ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن بن الوليد ، عن أبيه ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن علي بن محمد القاساني ، عن القاسم بن محمد الأصبهاني ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن سفيان ابن عيينة ، قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : ما من عبد إلا ولله عليه حجة ، إما في ذنب اقترفه ، وإما في نعمة قصر عن شكرها.
٣٦٧ / ١٧ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد ، عن محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن سعد بن أبي خلف ، عن أبي الحسن عليهالسلام أنه قال : عليك بالجد ، ولا تخرجن نفسك من حد التقصير في عبادة الله وطاعته ، فإن الله ( تعالى ) لا يعبد حق عبادته.
٣٦٨ / ١٨ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد ، عن محمد بن يعقوب ، عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن
الحسن بن محبوب ، عن داود بن كثير ، عن أبي عبيدة الحذاء ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : قال الله ( عزوجل ) : لا يتكل العاملون على أعمالهم التي يعملون بها لثوابي ، فإنهم لو اجتهدوا وأتعبوا أنفسهم أعمارهم في عبادتي ، كانوا مقصرين غير بالغين في عبادتهم كهنه عبادتي ، فيما يطلبون من كرامتي ، والنعيم في جناتي ، ورفيع الدرجات في جواري ، ولكن برحمتي فليثقوا ، وفضلي ، فليرجوا ، والى حسن الظن بي فليطمئنوا ، فإن رحمتي عند ذلك تدركهم ، وبمني أبلغهم رضواني وألبسهم عفوي ، فإني انا الله الرحمن الرحيم ، بذلك تسميت.
٣٦٩ / ١٩ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن بن الوليد ، عن أبيه ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن علي بن محمد القاساني ، عن القاسم بن محمد الأصبهاني ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن سفيان ابن عيينة ، عن حميد بن زياد ، عن عطاء بن يسار ، عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، قال : يوقف العبد بين يدي الله فيقول : قيسوا بين نعمي عليه وبين عمله ، فستغرق النعم العمل ، فيقولون : قد استغرقت النعم العمل ، فيقول : هبوا له نعمي ، وقيسوا بين الخير والشر منه ، فإن استوى العملان أذهب الله الشر بالخير وأدخله الجنة ، فإن كان له فضل أعطاه الله بفضله ، وإن كان عليه فضل ، وهو من أهل التقوى ، لم يشرك بالله ( تعالى ) ، واتقى الشرك به ، فهو من أهل المغفرة ، يغفر الله له برحمته إن شاء ، ويتفضل عليه بعفوه.
٣٧٠ / ٢٠ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو الحسن علي بن مالك النحوي ، قال : حدثنا محمد بن القاسم الأنباري ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا عبد الصمد بن محمد الهاشمي ، قال : حدثنا الفضل بن سليمان النهدي ، قال : حدثنا ابن الكلبي ، عن شرقي بن القطامي ، عن أبيه ، قال : خاصم عمرو بن عثمان بن عفان أسامة بن زيد إلى معاوية بن أبي سفيان مقدمه المدينة ، في حائط من حيطان المدينة ، فارتفع الكلام بينهما حتى تلاحيا (١) ، فقال عمرو : تلاحيني وأنت مولاي؟
__________________
(١) لاحاه : نازعه وخاصمه.
فقال أسامة : والله ما أنا بمولاك ولا يسرني أني في نسبك ، مولاي رسول الله صلىاللهعليهوآله. فقال : ألا تسمعون بما يستقبلني به هذا العبد؟
ثم التفت إليه عمرو فقال له : يا بن السوداء ، ما أطغاك! فقال : أنت أطغى مني وألام ، تعيرني بأمي ، وأمي والله خير من أمك ، وهي أم أيمن مولاة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، بشرها رسول الله صلىاللهعليهوآله في غير موطن بالجنة ، وأبي خير من أبيك ، زيد بن حارثة صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآله وحبه ومولاه ، قتل شهيدا بمؤتة على طاعة الله وطاعة رسوله ، وقبض رسول الله صلىاللهعليهوآله وانا أمير على أبيك ، وعلى من هر خير من أبيك ، على أبي بكر وعمر وأبي عبيدة ، وسروات (١) المهاجرين والأنصار ، فاتى تفاخرني يا بن عثمان! فقال عمرو : يا قوم أما تسمعون بما يجبهني به هذا العبد؟
فقام مروان بن الحكم فجلس إلى جنب عمرو بن عثمان ، فقام الحسن بن علي عليهالسلام فجلس إلى جنب أسامة ، فقام عتبة بن أبي سفيان فجلس إلى جنب عمرو ، فقام عبد الله بن عباس فجلس إلى جنب أسامة ، فقام سعيد بن العاص فجلس إلى جنب عمرو ، فقام عبد الله بن جعفر فجلس إلى جنب أسامة.
فلما رآهم معاوية قد صاروا فريقين من بني هاشم وبني أمية ، خشي أن يعظم البلاء ، فقال : إن عندي من هذا الحائط لعلما. قالوا : فقل بعلمك فقد رضينا.
فقال معاوية : أشهد أن رسول الله صلىاللهعليهوآله جعله لأسامة بن زيد ، قم يا أسامة فاقبض حائطك هنيئا مريئا ، فقام أسامة والهاشميين وجزوا معاوية خيرا.
فأقبل عمرو بن عثمان على معاوية ، فقال : لا جزاك الله عن الرحم خيرا ، ما زدت على أن كذبت قولنا ، وفسخت حجتنا ، وشمت بنا عدونا.
فقال معاوية : ويحك يا عمرو! إني لما رأيت هؤلاء الفتية من بني هاشم قد
__________________
(١) السري : الرجل الشريف ، والجمع أسرياء وسراة ، وجمع الجمع سروات.
اعتزلوا ، ذكرت أعينهم تزور (١) إلي من تحت المغافر بصفين فكاد يختلط علي عقلي ، وما يؤمنني يا بن عثمان منهم وقد أحلوا بأبيك ما أحلوا ، ونازعوني مهجة نفسي حتى نجوت منهم بعد نبأ عظيم وخطب جسيم ، فانصرف فنحن مخلفون لك خيرا من حائطك إن شاء الله ( تعالى ).
٣٧١ / ٢١ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، قال : حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن بن فضال ، عن أبيه ، قال : حدثنا الحسن بن الجهم ، عن عبد الله بن سنان ، عن حمزة بن حمران ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : بينا رسول الله صلىاللهعليهوآله يمشي ذات يوم مع أصحابه إذ قال لهم : على رسلكم حتى أثني على ربي. ثم قال : « اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا قابض لما بسطت ، ولا باسط لما قبضت ، ولا هادي لمن أضللت ، ولا مضل لمن هديت ، اللهم أنت الحليم فلا تجهل ، وأنت الجواد فلا تبخل ، وأنت العزيز فلا تستذل ، وأنت المنيع فلا ترام ».
٣٧٢ / ٢٢ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمد رحمهالله ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : ما خلق الله خلقا أكثر من الملائكة ، وإنه لينزل كل يوم سبعون ألف ملك ، فيأتون البيت المعمور فيطوفون به ، فإذا هم طافوا به نزلوا فطافوا بالكعبة ، فإذا طافوا بها أتوا قبر النبي صلىاللهعليهوآله فسلموا عليه ، ثم أتوا قبر أمير المؤمنين عليهالسلام فسلموا عليه ، ثم أتوا قبر الحسين عليهالسلام فسلموا عليه ، ثم عرجوا ، وينزل مثلهم أبدا إلى يوم القيامة.
وقال عليهالسلام : من زار أمير المؤمنين عليهالسلام عارفا بحقه ، غير متجبر ، ولا متكبر ، كتب الله له أجر مائة ألف شهيد ، وغفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وبعث من
__________________
(١) تزور : تدور وتنحرف.
الآمنين ، وهون عليه الحساب ، واستقبلته الملائكة ، فإذا انصرف شيعته إلى منزله ، فإن مرض عادوه ، وان مات تبعوه بالاستغفار إلى قبره.
قال : ومن زار الحسين عليهالسلام عارفا بحقه كتب الله له ثواب ألف حجة مقبولة وألف عمرة مقبولة ، وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
٣٧٣ / ٢٣ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد رحمهالله ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن سليمان ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر محمد بن علي عليهماالسلام ، قال : أول اثنين تصافحا على وجه الأرض ذو القرنين وإبراهيم الخليل عليهالسلام ، استقبله إبراهيم عليهالسلام فصافحه ، وأول شجرة على وجه الأرض النخلة.
٣٧٤ / ٢٤ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرنا أبو القاسم جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله ، عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن سيف بن عميرة ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إذا تلاقيتم فتلاقوا بالتسليم والتصافح ، وإذا تفرقتم فتفرقوا بالاستغفار.
٣٧٥ / ٢٥ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن بن الوليد ، عن أبيه ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عن ربعي ، عن الفضيل ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : إن لله علما لم يعلمه إلا هو ، وعلما أعلمه ملائكته وأنبياءه ورسله ، وما أعلمه ملائكته وأنبياءه ورسله فنحن نعلمه.
٣٧٦ / ٢٦ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي ، عن أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد ، عن أحمد بن يحيى ، عن أسيد ابن زيد القرشي ، عن محمد بن مروان ، عن جعفر بن محمد عليهماالسلام ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : صلاتكم علي إجابة لدعائكم ، وزكاة لاعمالكم.
٣٧٧ / ٢٧ ـ وروي أن أمير المؤمنين عليهالسلام خرج ذات ليلة من المسجد ، وكانت ليلة قمراء ، فأتى الجبانة ، ولحقه جماعة يقفون أثره ، فوقف عليهم ثم قال. من أنتم؟ قالوا : شيعتك يا أمير المؤمنين ، فتفرس في وجوههم ثم قال : فمالي لا أرى عليكم سيماء الشيعة! قالوا : وما سيماء الشيعة ، يا أمير المؤمنين؟ فقال : صفر الوجوه من السهر ، عمش العيون من البكاء ، حدب الظهور من القيام ، خمص البطون من الصيام ، ذبل الشفاه من الدعاء ، عليهم غبرة الخاشعين.
٣٧٨ / ٢٨ ـ وقال عليهالسلام : الموت طالب ومطلوب ، لا يعجزه المقيم ، ولا يفوته الهارب ، فقدموا ولا تتكلموا ، فإنه ليس عن الموت محيص ، إنكم إن لم تقتلوا تموتوا ، والذي نفس علي بيده لألف ضربة بالسيف على الرأس أهون من الموت على فراش.
٣٧٩ / ٢٩ ـ ومن كلامه عليهالسلام : أيها الناس أصبحتم أغراضا تنتضل فيكم المنايا ، وأموالكم نهب المصائب ، وما طعمتم في الدنيا من طعام فلكم فيه غصص ، وما شربتموه من شراب فلكم فيه شرق. وأشهد بالله ما تنالون من الدنيا نعمة تفرحون بها إلا بفراق أخرى تكرهونها. أيها الناس ، إنا خلقنا وإياكم للبقاء لا للفناء ، ولكنكم من دار إلى دار تنقلون ، فتزودوا لما أنتم صائرون إليه وخالدون فيه ، والسلام.
٣٨٠ / ٣٠ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الحسن ، عن أبيه ، عن محمد بن الحسن الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن أبي حمزة البطائني ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين عليهمالسلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : أفضل ما توسل به المتوسلون : الايمان بالله ورسوله ، والجهاد في سبيل الله ، وكلمة الاخلاص فإنها الفطرة ، وإقامة الصلاة فإنها الملة ، وايتاء الزكاة فإنها من فرائض الله ، وصوم شهر رمضان فإنه جنة من عذاب الله ، وحج البيت فإنه ميقات للدين ومدحضة للذنب ، وصلة الرحم فإنه مثراة للمال ومنسأة للأجل ، وصدقة السر فإنها تذهب الخطيئة وتطفئ غضب الرب ، وصنائع المعروف فإنها تدفع ميتة السوء ، وتقي مصارع الهوان ، ألا فاصدقوا فإن الله مع من صدق ، وجانبوا الكذب فإن الكذب مجانب
الايمان ، ألا وإن الصادق على شفا منجاة وكرامة ، ألا وإن الكاذب على شفا مخزاة وهلكة ، ألا وقولوا خيرا تعرفوا به ، واعملوا به تكونوا من أهله ، وأدوا الأمانة إلى من ائتمنكم ، وصلوا من قطعكم ، وعودوا بالفضل عليهم.
٣٨١ / ٣١ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو الحسن علي بن محمد الكاتب ، قال : حدثنا الأجلح ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن ثعلبة بن يزيد الحماني ، قال : كتب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام إلى معاوية بن أبي سفيان : « أما بعد ، فإن الله ( تعالى ) أنزل إلينا كتابه ولم يدعنا في شبهة ، ولا عذر لمن ركب ذنبا بجهالة ، والتوبة مبسوطة ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) (١) وأنت ممن شرع الخلاف متماديا في غرة الامل ، مختلف السر والعلانية رغبة في العاجل وتكذيبا بعد بالأجل ، وكأنك قد تذكرت ما مضى منك فلم تجد إلى الرجوع سبيلا ».
وكتب (صلوات الله عليه) إلى عمرو بن العاص : « من عبد الله أمير المؤمنين إلى عمرو ابن العاص. أما بعد ، فإن الذي أعجبك مما تلويت من الدنيا ووثقت به منها منقلب عنك ، فلا تطمئن إلى الدنيا فإنها غرارة ، ولو اعتبرت بما مضى حذرت ما بقي وانتفعت منها بما وعظت به ، ولكنك تبعت هواك وأثرته ، لولا ذلك لم تؤثر على ما دعوناك إليه غيره لأنا أعظم رجاء وأولى بالحجة ، والسلام ».
وكتب عليهالسلام إلى أمراء الأجناد : « من عبد الله أمير المؤمنين إلى أصحاب المسالح. أما بعد ، فإن حقا على المولى ألا يغيره عن رعيته فضل ناله ولا مرتبة اختص بها ، وأن يزيده ما قسم الله له دنوا من عباده وعطفا عليهم ، ألا وإن لكم عندي ألا احتجبن دونكم سرا إلا في حرب ، ولا أطوي دونكم أمرا إلا في حكم ، ولا أؤخر لكم حقا عن محله ، وأن تكونوا في الحق عندي سواء ، فإذا فعلت ذلك وجبت لي عليكم البيعة ولزمتكم الطاعة ، وألا تنكصوا عن دعوة ، ولا تفرطوا في صلاح ، وأن تخوضوا الغمرات إلى الحق ، فإن أنتم لم تسمعوا لي على ذلك لم يكن أحد أهون
__________________
(١) سورة الأنعام ٦ : ١٦١.
علي ممن خالفني فيه ، ثم أحل بكم فيه عقوبته ، ولا تجدوا عندي فيها رخصة ، فخذوا هذا من أمرائكم ، وأعطوا من أنفسكم هذا يصلح أمركم ، والسلام ».
٣٨٢ / ٣٢ ـ أخبرنا محمد بن محمد ، قال : أخبرني أبو الحسن علي بن خالد ، قال : حدثنا العباس بن الوليد ، قال : حدثنا محمد بن عمرو الكندي ، قال : حدثنا عبد الكريم بن إسحاق الرازي ، قال : حدثنا محمد بن يزداد ، عن سعيد بن خالد ، عن إسماعيل بن أبي أويس ، عن عبد الرحمن بن قيس البصري ، قال : حدثنا زاذان ، عن سلمان الفارسي ( رحمة الله عليه ) ، قال : لما قبض النبي صلىاللهعليهوآله وتقلد أبو بكر الامر ، قدم المدينة جماعة من النصارى يتقدمهم جاثليق له سمت (١) ومعرفة بالكلام ووجوهه وحفظ التوراة والإنجيل وما فيهما ، فقصدوا أبو بكر ، فقال له الجاثليق : إنا وجدنا في الإنجيل رسولا يخرج بعد عيسى ، وقد بلغنا خروج محمد بن عبد الله يذكر أنه ذلك الرسول ، ففزعنا إلى ملكنا فجمع وجوه قومنا ، وأنفذنا في التماس الحق فيما اتصل بنا ، وقد فاتنا نبيكم محمد ، وفيما قرأناه من كتبنا أن الأنبياء لا يخرجون من الدنيا إلا بعد إقامة أوصياء لهم يخلفونهم في أممهم ، يقتبس منهم الضياء فيما أشكل ، فأنت أيها الأمير وصيه ، لنسألك عما نحتاج إليه؟
فقال عمر : هذا خليفة رسول الله صلىاللهعليهوآله. فجثا الجاثليق لركبتيه ، وقال له : خبرنا ـ أيها الخليفة ـ عن فضلكم علينا في الدين ، فإنا جئنا نسال عن ذلك؟
فقال أبو بكر : نحن مؤمنون وأنتم كفار ، والمؤمن خير من الكافر ، والايمان خير من الكفر.
فقال الجاثليق : هذه دعوى تحتاج إلى حجة ، فخبرني أنت مؤمن عند الله أم عند نفسك؟
فقال أبو بكر : أنا مؤمن عند نفسي ، ولا علم لي بما عند الله.
قال : فهل أنا كافر عندك على مثل ما أنت مؤمن ، أم أنا كافر عند الله؟
__________________
(١) الجاثليق : رئيس الأساقفة ، عند بعض طوائف المسيحية. والسمت. الهيئة والسكينة والوقار.
فقال : أنت عندي كافر ، ولا علم لي بحالك عند الله.
فقال الجاثليق : فما أراك إلا شاكا في نفسك وفي ، ولست على يقين من دينك ، فخبرني ألك عند الله منزلة في الجنة بما أنت عليه في الدين تعرفها؟
فقال : لي منزلة في الجنة أعرفها بالوعد ، ولا أعلم هل أصل إليها أم لا.
فقال له : فترجو أن تكون لي منزلة في الجنة؟ قال : أجل أرجو ذلك. فقال الجاثليق : فما أراك إلا راجيا لي ، وخائفا على نفسك ، فما فضلك علي في العلم؟
ثم قال له : أخبرني هل احتويت على جميع علم النبي المبعوث إليك؟ قال : لا ولكن أعلم منه ما قضى لي علمه.
قال : فكيف صرت خليفة للنبي ، وأنت لا تحيط علما بما تحتاج إليه أمته من علمه ، وكيف قدمك قومك على ذلك؟
فقال له عمر : كف ـ أيها النصراني ـ عن هذا العنت والا أبحنا دمك. فقال الجاثليق : ما هذا عدل على من جاء مسترشدا طالبا.
فقال سلمان رحمهالله : فكأنما ألبسنا جلباب المذلة ، فنهضت حتى أتيت عليا عليهالسلام فأخبرته الخبر ، فأقبل ـ بأبي وأمي ـ حتى جلس والنصراني يقول : دلوني على من أساله عما أحتاج إليه ، فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام : سل ـ يا نصراني ـ فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، لا تسألني عما مضى ولاما يكون إلا أخبرتك به عن نبي الهدى محمد صلىاللهعليهوآله.
فقال النصراني : أسالك عما سألت عنه هذا الشيخ ، خبرني أمؤمن أنت عند الله ، أم عند نفسك؟
فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : أنا مؤمن عند الله كما أنا مؤمن في عقيدتي.
فقال الجاثليق : الله أكبر هذا كلام وثيق بدينه ، متحقق فيه بصحة يقينه ، فخبرني الآن عن منزلتك في الجنة ما هي؟
فقال عليهالسلام : منزلتي مع النبي الأمي في الفردوس الاعلى ، لا أرتاب بذلك ، ولا أشك في الوعد به من ربي.
فقال النصراني. فبماذا عرفت الوعد لك بالمنزلة التي ذكرتها؟ فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : بالكتاب المنزل وصدق النبي المرسل.
قال : فبماذا علمت صدق نبيك؟ قال عليهالسلام : بالآيات الباهرات والمعجزات البينات.
قال الجاثليق : هذا طريق الحجة لمن أراد الاحتجاج ، فخبرني عن الله تعالى ، أين هو اليوم؟
فقال : يا نصراني ، إن الله تعالى يجل عن الأين ، ويتعالى عن المكان ، كان فيما لم يزل ولا مكان ، وهو اليوم على ذلك لم يتغير من حال إلى حال.
فقال : أجل أحسنت أيها العالم وأوجزت في الجواب ، فخبرني عنه تعالى أمدرك بالحواس عندك ، فيسلك المسترشد في طلبه استعمال الحواس ، أم كيف طريق المعرفة به إن لم يكن الامر كذلك؟
فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : تعالى الملك الجبار أن يوصف بمقدار ، أو تدركه الحواس ، أو يقاس بالناس ، والطريق إلى معرفته صنائعه الباهرة للعقول ، الدالة ذوي الاعتبار بما هو عنده مشهود ومعقول.
قال الجاثليق : صدقت ، هذا والله الحق الذي قد ضل عنه التائهون في الجهالات ، فخبرني الان عما قاله نبيكم في المسيح ، وانه مخلوق ، من أين أثبت له الخلق ، ونفى عنه الإلهية ، وأوجب فيه النقص؟ وقد عرفت ما يعتقد ـ فيه كثير من المتدينين.
فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : أثبت له الخلق بالتقدير الذي لزمه ، والتصوير والتغيير من حال إلى حال ، والزيادة التي لم ينفك منها والنقصان ، ولم أنف عنه النبوة ، ولا أخرجته من العصمة والكمال والتأييد ، وقد جاءنا عن الله تعالى بأنه مثل آدم خلقه من تراب ، ثم قال له : كن فيكون.
فقال له الجاثليق : هذا ما لا يطعن فيه الان ، غير أن الحجاج مما تشترك فيه الحجة على الخلق والمحجوج منهم ، فبم بنت أيها العالم من الرعية الناقصة عنك؟