الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-224-5
الصفحات: ٣٩٢
المقصد السادس : فيما يندرج في المبيع
وضابطه الاقتصار على ما يتناوله اللفظ لغة وعرفا.
والألفاظ التي تمسّ الحاجة إليها ستّة تشتمل عليها مباحث ستّة :
الأوّل : الأرض.
مسالة ٥٦٦ : إذا قال : بعتك هذه الأرض أو العرصة أو الساحة أو البقعة ، تناول اللفظ ما دلّ عليه حقيقة ، وهو نفس الأرض ، فلو كان فيها ما هو متّصل بها كالأشجار والأبنية ، أو منفصل كالأمتعة وشبهها ، لم يدخل.
ولا خلاف في الثاني إلاّ فيما يستثنى من المفتاح وشبهه ، وإنّما اختلفوا في الأوّل.
فإذا قال : بعتك هذه الأرض دون ما فيها من البناء والشجر ، لم يدخلا إجماعا.
وإن قال : بعتكها بما فيها أو بما اشتملت عليه حدودها ، دخلا قطعا.
وإن أطلق ، لم تدخل عندنا ، لخروجها عن مسمّى الأرض.
وقال الشافعي هنا : إنّه يدخل في البيع. وقال في الرهن : إذا قال : رهنتك هذه الأرض ، ولم يقل : بحقوقها ، لم يدخل الشجر والبناء في الرهن (١).
__________________
(١) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٨٥ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٣٧٥ ، الوسيط ٣ :
واختلف أصحابه على طرق ثلاثة :
أحدها : أنّ البناء والغراس لا يدخل في بيع الأرض إذا كان مطلقا ، وكذلك في الرهن ، والذي قال هنا أراد به إذا قال : بحقوقها ، لأنّ الأرض اسم لا يتناول البناء والشجر ، وهما ينفردان عنها في البيع ، فلم يدخلا في البيع باسم الأرض.
الثاني : أنّ جوابه مختلف ، ولا فرق بين البيع والرهن ، فتكون المسألتان على قولين ، أحدهما : لا يدخل فيهما البناء والشجر. والثاني : يدخلان ، لأنّهما للدوام والثبات في الأرض ، فأشبهت أجزاء الأرض ، ولهذا يلحق بها في الأخذ بالشفعة.
الثالث : الفرق بين البيع والرهن ، فإنّ البيع يزيل الملك ، فهو أقوى من الرهن الذي لا يزيله. ويفيد البيع ملك ما يحدث في الأرض من الشجر ، بخلاف الرهن ، فليستتبع البيع البناء والشجر ، ولهذا كان النماء الحادث في الأصل المبيع للمشتري ، ولم يكن النماء الحادث في الأصل المرهون مرهونا. وهذا الثالث عندهم أوضح الطرق (١).
لا يقال : لو باع النخل ، لم تدخل فيه الثمرة وإن كانت متّصلة.
لأنّا نقول : الثمرة لا تراد للبقاء ، فليست من حقوقها ، بخلاف البناء والشجر.
__________________
١٦٩ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٧٦ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٦ ـ ١٩٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٨ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٤ ، المغني ٤ : ٢١٥ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٠٣.
(١) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٨٥ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٣٧٥ ، الوسيط ٣ : ١٦٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٧ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٧٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٨ ـ ٣٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٤ ـ ١٩٥ ، المغني ٤ : ٢١٥ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٠٣.
والوجه ما قلناه أوّلا.
مسالة ٥٦٧ : لو قال : بعتك هذه الأرض بحقوقها ، ففي دخول البناء والشجر إشكال عندي أقربه : عدم الدخول ، لأنّ ذلك ليس من حقوق الأرض ، بل حقوقها الممرّ ومجرى الماء وأشباه ذلك.
وقال الشيخ رحمهالله : يدخل (١). وبه قال الشافعي (٢).
وحكى الجويني في وجه أنّه لا يدخل (٣) ، كما قلناه.
وقد روى محمد بن الحسن الصفّار عن العسكري عليهالسلام في رجل اشترى من رجل أرضا بحدودها الأربعة فيها زرع ونخل وغيرهما من الشجر ، ولم يذكر النخل ولا الزرع ولا الشجر في كتابه ، وذكر فيه أنّه قد اشتراها بجميع حقوقها الداخلة فيها والخارجة عنها أتدخل النخل والأشجار والزرع في حقوق الأرض أم لا؟ فوقّع عليهالسلام « إذا ابتاع الأرض بحدودها وما أغلق عليه بابها فله جميع ما فيها » (٤).
وهذا الخبر صحيح لا ريب فيه ، إنّما المشكل صورة النزاع ، فإنّه فرق بين أن يبيع الأرض بحقوقها وهو المتنازع ، وبين أن يبيعها بما أغلق (٥) عليه بابها الذي هو الجواب ، فإنّ الشجر والبناء والزرع والبذر وأصل البقل تدخل في الصورة الثانية.
وكذا لو قال : بعتك الأرض بما فيها أو ما اشتملت عليه حدودها.
مسالة ٥٦٨ : الزرع قسمان :
__________________
(١) المبسوط ـ للطوسي ـ ٢ : ١٠٥ ، الخلاف ٣ : ٨٢ ، المسألة ١٣٢.
(٢) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٨٥ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٣٧٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٨ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٤.
(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٨.
(٤) التهذيب ٧ : ١٣٨ ، ٦١٣.
(٥) في الطبعة الحجريّة : « يغلق ».
أ ـ ما لا تتعدّد فائدته وثمرته ، بل توجد (١) مرّة واحدة ، كالحنطة والشعير والدخن وغيرها. وهذا لا يدخل في الأرض لو قال : بعتك هذه الأرض ، لأنّه ليس للدوام والثبات ، فكان كالأمتعة في الدار.
وكذا لا يدخل في الأرض الجزر الثابت ولا الفجل ولا السلق ولا الثوم ، كالحنطة والشعير ، وبه قال الشافعي (٢).
أمّا لو قال : بعتك هذه الأرض بحقوقها ، فإنّ هذا القسم من الزرع لا يدخل عندنا ، لأنّ الثابت المستمرّ ـ كالبناء والغرس ـ لا يدخل ، فغيره أولى بعدم الدخول ، وبه قال الشافعي (٣).
ب ـ ما تتعدّد فائدته وتوجد (٤) ثمرته مرّة بعد أخرى في سنتين وأكثر ، كالقطن والباذنجان والنرجس والبنفسج ، ولا تدخل في الأرض أصولها عندنا وإن قال : بحقوقها.
وللشافعي قولان كالأشجار (٥).
وأمّا الظاهر من ثمارها عند العقد فهو للبائع.
وفي النرجس والبنفسج وجه للشافعيّة : أنّهما من قبيل الزرع لا يدخلان (٦).
وأمّا ما يجزّ مرارا كالقتّ والقصب والهندباء والكرّاث والنعناع والكرفس والطرخون فلا تدخل في الأرض عندنا وإن قال : بحقوقها ، لا ما ظهر منها ولا أصولها.
__________________
(١) الظاهر : « تؤخذ » بدل « توجد ».
(٢) الحاوي الكبير ٥ : ١٨٥ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٣٧٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٥.
(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٦.
(٤) الظاهر : « تؤخذ » بدل « توجد ».
(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٦.
(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٦.
وقال الشافعي : لا تدخل الجزّة الظاهرة عند البيع ، بل هي للبائع ، وفي دخول الأصول الخلاف (١).
وعند بعضهم أنّها تدخل قطعا في بيع الأرض ، لأنّها كامنة فيها بمنزلة أجزائها (٢).
وبالجملة ، كلّ زرع لا يدخل في البيع لا يدخل وإن قال : بعت الأرض بحقوقها عند الشافعي (٣).
مسالة ٥٦٩ : إذا باع الأرض وفيها زرع ، كان البيع صحيحا ، عملا بالأصل ، كما لو باع دارا مشغولة بأمتعة البائع ، وبه قال الشافعي (٤).
وقال أبو إسحاق من الشافعيّة : إنّ للشافعي فيها قولين ، كما لو باع العين المستأجرة ، فإنّ فيها قولين باعتبار استثناء المنفعة ، والمعتدّة إذا استحقّت السكنى في الدار ، لم يجز بيعها عندهم قولا واحدا (٥).
وأنكر باقي أصحاب الشافعي عليه ، وفرّقوا بينهما ، لأنّ بقاء الزرع في الأرض لا يحول بين يدي المشتري وبين الأرض ، وإنّما للبائع ترك الزرع والدخول للحاجة إلى ذلك ، بخلاف المستأجر والمعتدّة ، فإنّ يدهما حائلة ، وفرق بينهما ، ولهذا لو زوّج أمته وباعها ، يصحّ البيع قولا واحدا ، لأنّ يد الزوج ليست حائلة ، وإنّما ينتفع ببعض منافعها.
قالوا : ولو كان الأمر على ما قاله أبو إسحاق ، لكان البيع هنا باطلا قولا واحدا ، لأنّ مدّة إكمال الزرع مجهولة (٦).
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٦.
(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٦.
(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٦.
(٤) الوجيز ١ : ١٤٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٥.
(٥) لم نعثر عليه فيما بين أيدينا من المصادر.
(٦) لم نعثر عليه فيما بين أيدينا من المصادر.
مسالة ٥٧٠ : إذا ثبت أنّ البيع صحيح ، وأنّ الزرع للبائع ، فإنّ له تبقيته إلى أوان الحصاد بغير اجرة عليه في المدّة ـ وبه قال الشافعي (١) ـ لأنّ تبقية الزرع مستثناة من بيعه ، فكأنّه باع العين دون المنفعة.
وقال أبو حنيفة : ليس له ذلك ، لأنّه بالبيع ملك المشتري المنافع (٢). وهو ممنوع.
إذا ثبت هذا ، فإنّه إذا حضر وقت الحصاد ، أمر بالقطع وتفريغ الأرض ، وعليه تسويتها وقلع العروق التي يضرّ بقاؤها بالأرض ، كعروق الذرّة ، كما لو كان في الدار دابّة لا يتّسع لها الباب ، فإنّها تنقض ، وعلى البائع ضمانه.
ولو قطع البائع الزرع قبل أوان حصاده ، لم يكن له الانتفاع بالأرض ، وكانت المنفعة للمشتري ، لأنّه إنّما استحقّ تبقية هذا الزرع قضاء للعادة بالتبقية ، ولئلاّ يتضرّر بقطعه ، وهذه الضرورة قد زالت ، فإذا أزاله ، لم يكن له الانتفاع بمكانه ، كما لو باع دارا فيها قماش له ، فإنّ عليه نقله بمجرى العادة ، فإن جمع الحمّالين ونقله في ساعة واحدة ، لم يكن له حبس الدار إلى أن يمضي زمان العادة في النقل والتفريغ ، كذا هنا.
وإذا ترك الزرع حتى استحصد ، وجب عليه نقله بحسب الإمكان ، فإن أراد تبقيته ، لأنّه أنفع له ، لم يترك ، فإذا حصده ، فإن بقي له أصول لا تضرّ بالأرض ، لم يكن عليه نقلها ، وإلاّ وجب.
مسالة ٥٧١ : إذا كان المشتري جاهلا بالزرع بأن تقدّمت رؤيته للأرض قبل البيع وقبل الزرع ، ثمّ باعها بعده ، كان له الخيار في فسخ البيع ، لنقص
__________________
(١) حلية العلماء ٤ : ٢٠٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٦.
(٢) حلية العلماء ٤ : ٢٠٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٠.
المبيع عادة ، وعدم تمكّنه من الانتفاع به عقيب العقد وهو مقتضاه. وإن شاء أجاز البيع مجّانا بغير أرش ولا اجرة.
وإن كان عالما ، لزمه البيع ، وسقط خياره ، كعالم العيب قبل البيع.
وإذا خلّى البائع بينه وبين الأرض المشغولة بزرعه ، كان إقباضا له.
وهل يدخل في ضمان المشتري بذلك؟ الأقرب : ذلك وإن تعذّر انتفاعه بها ، لشغل الزرع المتقدّم ـ وهو أظهر قولي الشافعيّة (١) ـ لحصول التسليم في الرقبة ، وهي المبيعة.
والثاني : لا يدخل في ضمان المشتري ، لأنّها مشغولة بملك البائع ، كما ذكرنا فيما إذا كانت الدار مشحونة بأمتعة البائع (٢).
والمعتمد : الأوّل ، والفرق أنّ التفريغ في الأمتعة متأتّ في الحال ، على أن الجويني أورد فيها وجها (٣) أيضا.
مسالة ٥٧٢ : إذا كان في الأرض أصول لما يجزّ مرّة بعد اخرى ، فقد قلنا : إنّها لا تدخل في بيع الأرض.
وقال الشافعي : تدخل. فعلى قوله يشترط المشتري على البائع قطع الجزّة الظاهرة ، لأنّها تزيد ، ويشتبه المبيع بغيره (٤).
وكذا عندنا لو شرط دخول أصولها في العقد.
ولا فرق بين أن يكون ما ظهر بالغا أوان الجزّ أو لا يكون.
قال بعض الشافعيّة : إلاّ القصب ، فإنّه لا يكلّف قطعه إلاّ أن يكون ما ظهر قدرا ينتفع به. ولو كان في الأرض أشجار خلاف تقطع من وجه
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٥.
(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٥.
(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٢٩.
(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٦.
الأرض ، فهي كالقصب (١).
مسالة ٥٧٣ : لو كان في الأرض بذر كامن لم يظهر ، لم يدخل في بيع الأرض وإن قال : بحقوقها ، على ما تقدّم.
وقال الشافعيّ هنا بالتفصيل الذي ذكره في الزرع ، فالبذر (٢) الذي لا ثبات لنباته ويؤخذ (٣) دفعة واحدة لا يدخل في بيع الأرض المبيعة ، ويبقى إلى أوان الحصاد ، وللمشتري الخيار مع جهله ، فإن تركه البائع له ، سقطه خياره ، وعليه القبول ، قاله الشافعي (٤).
وعندي فيه إشكال.
ولو قال البائع : أنا آخذه وأفرغ الأرض ، فلا خيار للمشتري أيضا إن قصر الزمان ، وإلاّ فله الخيار.
وأمّا البذر الذي يدوم (٥) نباته ، كنوى النخل والجوز واللوز وبذر الكرّاث ونحوه من البقول فإنّ حكمها في الدخول تحت بيع الأرض حكم الأشجار ، لأنّ هذه الأصول تركت في الأرض للتبقية ، فهي كأصول الشجر إذا غرست (٦).
والحقّ ما قلناه نحن من عدم الدخول في القسمين ، عملا بالأصل ،
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٦.
(٢) في « س » والطبعة الحجريّة : « فالقدر » بدل « فالبذر ». والكلمتان ساقطتان في « ي » والظاهر ما أثبتناه لأجل السياق وكما هو في المصدر أيضا.
(٣) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « يوجد » بدل « يؤخذ ». والظاهر ما أثبتناه وكما هو في المصدر أيضا.
(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٦ ـ ١٩٧.
(٥) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « تقدّم » بدل « يدوم ». والصحيح ما أثبتناه كما هو في المصدر أيضا.
(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٧.
واستصحاب ملك البائع.
مسالة ٥٧٤ : إذا باع أرضا وفيها حجارة ، فإمّا أن تكون مخلوقة فيها أو لا.
فإن كانت مخلوقة ، دخلت في بيع الأرض مع الإطلاق ، لأنّها من جملة الأرض.
ثمّ إن كانت مضرّة بالغراس وتمنع عروقه من النفوذ ، فإن كان المشتري عالما بذلك ، فلا خيار له. وإن لم يكن عالما ، ثبت له الخيار ، لأنّ ذلك عيب ، وبه قال الشافعي (١).
وفيه وجه (٢) آخر له : أنّه ليس بعيب ، وإنّما هو فوات فضيلة (٣).
وإن لم تضرّ بالأرض ولا بالشجر بأن تكون بعيدة من وجه الأرض لا تصل إليها عروق الشجر ، فلا خيار للمشتري ، لأنّ ذلك ليس بعيب.
وأمّا إن لم تكن مخلوقة في الأرض ، فإمّا أن تكون مبنيّة فيها مدرجة في البناء ، فإنّها أيضا تدخل في الأرض إن قلنا بدخول البناء ، أو اشترط دخوله. وإمّا أن تكون مودعة فيها مدفونة للنقل [ فإنّها ] لم تدخل في البيع ـ وبه قال الشافعي (٤) ـ لأنّها بمنزلة الكنوز والأقمشة في الدار وقد تركت في الأرض للنقل والتحويل.
وإذا كانت للبائع عند الإطلاق ، فإمّا أن يكون المشتري عالما بالحال من كونها في الأرض وضررها ، أو جاهلا.
فإن كان عالما ، فلا خيار له في فسخ العقد وإن تضرّر بقلع البائع ،
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٧.
(٢) في الطبعة الحجريّة : « وفي وجه ».
(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٧.
(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٧.
وله إجبار البائع على القلع والنقل تفريغا لملكه ، لأنّه لا عرف في تبقيتها ، بخلاف الزرع ، فإنّ له أمدا ينتظر.
ولا أجرة للمشتري في مدّة القلع والنقل وإن طالت ، كما لو اشترى دارا فيها أقمشة وهو عالم بها ، لا اجرة له في مدّة النقل والتفريغ.
وعلى البائع ـ إذا نقل ـ تسوية الأرض ، لأنّ الحفر حصل بنقل ملكه من غير تعدّ من صاحب الأرض ، فكان عليه تسويتها.
وإن كان جاهلا بالحجارة أو علمها وجهل ضررها ، فالأحوال أربعة :
أ ـ أن لا يكون في ترك الحجارة ولا في قلعها ضرر ، فإن لم يحوج النقل وتسوية الأرض إلى مدّة لمثلها اجرة ولم تنقص الأرض بها ، فللبائع النقل ، لأنّها ملكه ، وعليه تسوية الأرض ، ولا خيار للمشتري إن كان الزمان يسيرا. وإن كان كثيرا يضرّ بمنفعة الأرض ، فله الخيار ، فإن فسخ ، فلا كلام. وإن أجاز ، فهل له الأجرة؟ وجهان.
وله إجبار البائع على النقل.
وحكى الجويني وجها أنّه لا يجبر ، والخيرة للبائع (١). والمذهب عندهم الأوّل (٢).
ب ـ أن لا يكون في قلعها ضرر ويكون في تركها ضرر ، فيؤمر البائع بالنقل ، ولا خيار للمشتري ، كما لو اشترى دارا فلحق سقفها خلل يسير يمكن تداركه في الحال ، أو كانت البالوعة مفسدة ، فقال البائع : أنا أصلحه وأنقيها ، لا خيار للمشتري.
ج ـ أن يكون الترك والقلع معا مضرّين ، فيتخيّر المشتري ، سواء
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٧.
(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٧.
جهل أصل الأحجار أو يكون قلعها مضرّا. ولا يسقط خياره بأن يترك البائع الأحجار ، لما في بقائها من الضرر.
ولو قال البائع للمشتري : لا تفسخ وأنا أغرم لك اجرة المثل مدّة النقل ، لم يسقط خياره أيضا ، كما لو قال البائع : لا تفسخ بالعيب لأغرم لك أرشه ، وهو أصحّ وجهي الشافعيّة. والثاني : السقوط (١). وليس بجيّد.
ثمّ إن اختار المشتري البيع ، فعلى البائع النقل وتسوية الأرض ، سواء كان النقل قبل القبض أو بعده.
وهل تجب اجرة المثل لمدّة النقل إن كان النقل قبل القبض؟ قال الشافعي : يبنى على أنّ جناية البائع قبل القبض كآفة سماويّة أو كجناية الأجنبيّ؟ إن قلنا بالأوّل ، لم تجب ، لأنّ المبيع قبل القبض مضمون بالثمن ، فلا يضمن البائع إلاّ ما يتقسّط عليه الثمن. وإن قلنا بالثاني ، فهو كما لو نقل بعد القبض (٢).
وإن كان النقل بعد القبض ، فوجهان للشافعيّة : عدم الوجوب ، لأنّ إجازته رضا بتلف المنفعة في مدّة النقل. وأصحّهما عند أكثرهم : أنّها تجب ، لأنّ البيع قد استقرّ والمنافع مضمونة على المتلف ، كضمان أجزائه على المتلف وإن كان البائع ، وكما لو جنى على المبيع بعد القبض ، عليه ضمانه.
والحاصل أنّ في وجوب الأجرة ثلاثة أوجه ، ثالثها ـ وهو الأظهر عندهم ـ : الفرق بين أن يكون (٣) النقل قبل القبض ، فلا تجب ، أو بعده
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٨.
(٢) التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٣٧٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٨.
(٣) في الطبعة الحجريّة : « بين كون ».
فتجب (١).
ويجري مثل هذا الخلاف في وجوب الأرش لو بقي في الأرض بعد التسوية نقصان وعيب (٢).
د ـ أن يكون في قلعها ضرر ولا يكون في تركها ضرر ، فللمشتري الخيار ، فإن أجاز ، ففي الأجرة والأرش ما مرّ. ولا يسقط خياره بأن يقول : أقلع وأغرم الأجرة أو أرش النقص. ولو رضي بترك الأحجار في الأرض ، سقط خيار المشتري إبقاء للعقد.
ثمّ ينظر في الترك ، فإن اقتصر البائع على قوله : تركتها للمشتري ، كان ذلك إعراضا لا تمليكا ـ وهو أظهر وجهي الشافعيّة (٣) ـ فتكون باقية على ملك البائع ، والترك أفاد قطع الخصومة.
فإن أراد الرجوع ، فله ذلك ـ وبه قال أكثر الشافعيّة (٤) ـ ويعود خيار المشتري.
وقال الجويني : لا رجوع له ، ويلزمه الوفاء بالترك (٥).
والثاني للشافعيّة : أنّه تمليك ليكون سقوط الخيار في مقابلة ملك حاصل (٦).
ولو قال : وهبتها منك وحصلت شرائط الهبة ، حصل الملك. ومنهم من طرّد الخلاف ، لأنّه لا يقصد حقيقة الهبة ، إنّما قصد دفع الفسخ.
وإن لم تجمع شرائط الهبة ، بطلت.
وللشافعيّة في صحّتها للضرورة وجهان ، إن صحّحناها ، ففي إفادة
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٨.
(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٨.
(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٨.
(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٨.
(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٨ ـ ١٩٩.
(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٨.
الملك ما ذكرنا في لفظ الترك (١).
هذا كلّه إذا كانت الأرض بيضاء ، أمّا إذا كان فيها غرس ، نظر إن كانت حاصلة يوم البيع واشتراها مع الأرض ، فنقصان الأشجار وتعيّبها بالأحجار كعيب (٢) الأرض في إثبات الخيار وسائر الأحكام.
وإن أحدثها المشتري بعد الشراء ، فإن كان قد أحدثها عالما بالأحجار ، فللبائع قلعها ، وليس عليه ضمان نقصان الغراس.
وإن أحدثها جاهلا ، فله الأرش عندنا ، لأنّه عيب تعقّبه تصرّف المشتري ، فسقط ردّه.
وللشافعيّة في ثبوت الخيار للمشتري وجهان : الثبوت ، لأنّ الضرر ناش من إيداعه الأحجار في الأرض. والأصحّ عندهم : عدمه ، لرجوع الضرر إلى غير المبيع (٣).
فإن كانت الأرض تنقص بالأحجار أيضا ، نظر فإن لم يورث الغرس وقلع الغروس نقصانا في الأرض ، فله القلع والفسخ عند الشافعي (٤) لا عندنا.
وإن أورث الغرس أو القلع نقصانا ، فلا خيار في الفسخ ، إذ لا يجوز له ردّ المبيع ناقصا ، ولكن يأخذ الأرش.
وإذا قلع البائع الأحجار فانتقص الغراس ، فعليه أرش النقص بلا خلاف.
ولو كان فوق الأحجار زرع إمّا للبائع أو للمشتري ، ترك إلى أوان
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٩.
(٢) كذا ، والظاهر : « كتعيّب ».
(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٩.
(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٩.
الحصاد ، لأنّ له غاية منتظرة ، بخلاف الغراس ، وهو قول بعض الشافعيّة (١).
وقال بعضهم : لا فرق بينه وبين الغراس (٢).
تذنيب : إنّما وجب على البائع والغاصب تسوية الحفر إذا حفر في الأرض المغصوبة ، ولم يوجبوا على هادم الجدار أن يعيده ، بل أوجبوا الأرش ، لأنّ [ طمّ ] (٣) الحفر لا يتفاوت ، وهيئات البناء تختلف وتتفاوت ، فيشبه (٤) [ طمّ ] (٥) الحفر بذوات الأمثال ، والهدم بذوات القيم حتى لو رفع لبنة أو اثنتين (٦) من رأس الجدار وأمكن الردّ من غير اختلاف في الهيئة ، لزمه الردّ إلى تلك الهيئة.
البحث الثاني : في البستان.
إذا قال : بعتك هذا الباغ أو البستان ، دخل فيه الأرض والأشجار والحائط الدائر عليه ، لأنّ لفظ « البستان » يدلّ على مجموع هذه الأشياء بالمطابقة ، لتبادر الذهن إليه.
ولو كان فيه بناء ـ كبيت أو دار ـ ففي دخوله في البستان ما مرّ في لفظة « الأرض » فعندنا لا يدخل. وعند الشافعي قولان (٧).
__________________
(١) التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٣٧٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٩.
(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٣ ، روضة الطالبين ٣ : ١٩٩.
(٣) ما بين المعقوفين أضفناه لأجل السياق.
(٤) في « س ، ي » : « فشبه ».
(٥) ما بين المعقوفين أضفناه لأجل السياق.
(٦) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « حتى لو وقع لبنة أو اثنتان ». وما أثبتناه يقتضيه السياق.
(٧) الحاوي الكبير ٥ : ١٧٩ ، الوجيز ١ : ١٤٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٤ ، الوسيط ٣ : ١٧٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٠.
وهل يدخل العريش الذي توضع عليه القضبان؟ الظاهر عند الجويني (١) دخوله.
والأقرب عندي : عدم الدخول.
قالت الشافعيّة : لفظ « الكرم » كلفظ « البستان » (٢).
وليس جيّدا ، فإنّ العادة والعرف والاستعمال تقتضي عدم دخول الحائط في مسمّى الكرم ، ودخوله في البستان.
ولو قال : هذه الدار بستان ، دخلت الأبنية والأشجار معا.
ولو قال : هذا الحائط بستان ، أو هذه المحوطة ، دخل الحائط المحيط وما فيه من الأشجار ، وأمّا البناء ففيه (٣) ما سبق ، كذا قال بعض الشافعيّة (٤).
ولا يظهر فرق بين الأبنية والأشجار في المحوطة ، فإمّا أن يدخلا معا أو يخرجا معا.
ويدخل المجاز والشرب في لفظ « البستان » و « الباغ » وإن لم يقل : « بحقوقه » على إشكال.
البحث الثالث : في القرية.
إذا قال : بعتك هذه القرية أو الدسكرة ، دخل في المبيع الأبنية
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٠.
(٢) الوسيط ٣ : ١٧٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٠.
(٣) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « وأمّا الشافعيّة » بدل « وأمّا البناء ففيه ».
والصحيح ما أثبتناه.
(٤) التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٣٧٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٠.
والساحات الداخلة في السور وسور المحيط بها ، لأنّ القرية اسم لذلك ، لأنّها مأخوذة من الجمع.
ولا تدخل المزارع فيها ـ وبه قال الشافعي (١) ـ لأنّه لو حلف أن لا يدخل القرية ، لم يحنث بدخول المزارع.
ولو قال : بعتكها بحقوقها ، لم تدخل أيضا ، لأنّها ليست من حقوق القرية ، فلا بدّ من النصّ على المزارع ، وبه قال أكثر الشافعيّة (٢).
وقال بعضهم : إنّها تدخل (٣). وبعضهم قال : إن قال : بحقوقها ، دخلت ، وإلاّ فلا (٤).
وكلاهما ضعيف.
أمّا الأشجار التي في وسط القرية فإنّها على الخلاف السابق فيما لو باع أرضا وفيها شجر.
والأولى عندي عدم دخولها في القرية.
وقال بعض الشافعيّة : إنّها تدخل في لفظ القرية ، ولا تدخل في لفظ الأرض (٥).
وقال الشافعي : إذا قال : بحقوقها ، دخلت الأشجار قولا واحدا (٦).
__________________
(١) الحاوي الكبير ٥ : ١٧٩ ، الوسيط ٣ : ١٧٤ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٣٧٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٠ ، منهاج الطالبين : ١٠٦.
(٢) التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٣٧٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٠.
(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٠.
(٤) فتح العزيز بهامش المجموع ٩ : ٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٠ ، وفي العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٥ قد سقط بعض القول فلاحظ.
(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٤.
(٦) أنظر : العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٤ ، وروضة الطالبين ٣ : ٢٠٠.
وتدخل فيها البيوت وحيطانها والسقوف والطرق المسلوكة فيها.
ولو وجدت قرينة تدلّ على إرادة المزارع ، دخلت ، وإلاّ فلا ، كما لو ساومه على القرية ومزارعها واتّفقا على ثمن معيّن ثمّ اشترى القرية بذلك الثمن ، فإنّ المزارع تدخل هنا ، للقرينة الدالّة على الدخول.
وكذا لو بذل ثمنا لا يصلح إلاّ للجميع ، دخلت ، عملا بشاهد الحال.
البحث الرابع : الدار.
مسالة ٥٧٥ : إذا قال : بعتك هذه الدار ، دخل في المبيع الأرض والأبنية على تنوّعها حتى الحمّام المعدود من مرافقها ، لتناول اسم الدار لذلك كلّه.
وعن الشافعي أنّ الحمّام لا يدخل (١).
وحمله أصحابه على حمّامات الحجاز ، وهي بيوت من خشب تنقل (٢).
ولو كان في وسطها أشجار ، لم تدخل عندنا.
وقال الشافعي : إن قال : بحقوقها ، دخلت قطعا. وإن أطلق ، فعلى الطرق المذكورة في لفظ الأرض (٣).
ونقل الجويني في دخولها ثلاثة أوجه ، ثالثها : الفرق بين أن تكثر بحيث يجوز تسمية الدار بستانا ، فلا تدخل في لفظ الدار ، وبين أن لا تكون كذلك فتدخل (٤).
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٠.
(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٠.
(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٥ و ٣٢٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٠ و ١٩٤.
(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٠ ـ ٢٠١.
مسالة ٥٧٦ : الآلات التي في الدار على أقسام ثلاثة :
أ ـ المنقولات ، كالدلو والبكرة والرشا والمجارف (١) والسّرر والرفوف الموضوعة على الأوتاد من غير تسمّر والسلالم التي لم تسمّر ولم تطيّن والأقفال والكنوز والدفائن.
وهذه لا تدخل في البيع ، وبه قال الشافعي (٢).
وأمّا المفاتيح للأغلاق المثبتة فالأقرب : دخولها ـ وهو أصحّ وجهي الشافعيّة (٣) ـ لأنّها من توابع المغلاق المثبت.
والآخر : لا تدخل كسائر المنقولات (٤).
وكذا الأقرب في ألواح الدكاكين الموضوعة في أبوابها الدخول ، لأنّها أبواب لها ، فأشبه الباب المثبت.
ويحتمل عدم الدخول ، لأنّها تنقل وتحوّل ، فكانت كالفرش.
وللشافعيّة وجهان (٥).
ب ـ ما أثبت في الدار تتمّة لها ليدوم فيها ويبقى ، كالسقوف
__________________
(١) في الطبعة الحجريّة : « المخارق ». وفي « س ، ي » : « المخارف ». والظاهر ما أثبتناه.
(٢) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٨٥ ، الحاوي الكبير ٥ : ١٧٩ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٣٧٩ و ٣٨٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠١.
(٣) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٨٥ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٣٨٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠١.
(٤) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٨٥ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٣٨٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠١.
(٥) الحاوي الكبير ٥ : ١٨٠ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٣٨٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠١.
والأبواب المنصوبة وما عليها من التعاليق (١) والحلق والسلاسل والضباب (٢).
وهذه تدخل في البيع ، لأنّها معدودة من أجزاء الدار.
ج ـ ما أثبت على غير هذا الوجه ، كالرفوف والدنان والإجّانات المثبتة والسلالم المسمّرة والأوتاد المثبتة في الأرض والجدران والتحتاني من حجري الرحى وخشب القصّار ومعجن الخبّاز.
والأقرب : عدم الدخول ، لأنّها ليست من أجزاء الدار ، وإنّما أثبتت لسهولة الارتفاق بها كيلا تتزعزع وتتحرّك عند الاستعمال.
وللشافعي في الفوقاني من حجري الرحى وجهان إن أدخلنا التحتاني ، والأصحّ : الدخول عندهم (٣).
وقطع الجويني بدخول الحجرين في بيع الطاحونة ، وبدخول الإجّانات المثبتة إذا باع باسم المدبغة (٤).
مسالة ٥٧٧ : في دخول مسيل الماء في بيع الأرض وشربها من القناة والنهر المملوكين إشكال أقربه : عدم الدخول ، إلاّ أن يشترطها ويقول : « بحقوقها ».
وعن بعض الشافعيّة أنّه لا يكفي ذكر الحقوق (٥).
__________________
(١) الظاهر : « المغاليق » بدل « التعاليق ».
(٢) في « س ، ي » : « الضبّات ». وفي الطبعة الحجريّة : « والضباط ». وهو غلط ، والظاهر ما أثبتناه. والضبّة : حديدة عريضة يضبّب بها الباب والخشب. والجمع : ضباب. لسان العرب ١ : ٥٤١ « ضبب ».
(٣) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٨٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٧٩ ـ ١٨٠ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٣٨٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠١.
(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠١.
(٥) فتح العزيز بهامش المجموع ٩ : ٣٤ ، وفي العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٦ قد سقط حرف « لا » في قوله : « لا يكفي » ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٢.
ولا تدخل الحجارة المدفونة ولا الآجر المدفون ، لأنّه مودع فيها ، إلاّ أن تكون الحجارة والآجر مثبتين فيها.
مسالة ٥٧٨ : إذا كان في الدار بئر الماء ، دخلت في المبيع ، لأنّها من أجزاء الدار ، وبه قال الشافعي (١).
وأمّا الماء الحاصل في البئر فالأقرب دخوله.
وللشافعي وجهان :
أحدهما : أنّه مملوك لصاحب الدار ، لأنّه نماء ملكه ، فكان داخلا في ملكه كلبن الشاة ، وبه قال ابن أبي هريرة.
والثاني : أنّه غير مملوك ، لأنّه يجري تحت الأرض ويجيء إلى ملكه ، فهو بمنزلة الماء يجري من النهر إلى ملكه لا يملكه بذلك. ولأنّه لو كان ملكا لصاحب الدار ، لم يجز للمستأجر إتلافه ، لأنّ الإجارة لا تستحقّ إتلاف الأعيان ، فعلى هذا لو دخل داخل فاستقى ماء بغير إذن صاحب الدار ، ملك الماء وإن كان متعدّيا بالدخول (٢).
وإذا باع الماء الذي في البئر ، لم يصحّ البيع على الوجهين عند الشافعي (٣) ، لأنّه في أحد الوجهين لا يملك الماء ، فلا يصحّ. وفي الآخر : يكون الماء مجهولا فيها ، ولا يمكن تسليمه ، لأنّه إلى أن يسلّمه يختلط به غيره ، فإذا باع الدار ، لم يدخل الماء في البيع المطلق على الوجهين.
__________________
(١) التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٣٨٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٢.
(٢) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٨٥ ، حلية العلماء ٤ : ١٩٨ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٣٨٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٦ ، و ٦ : ٢٣٩ ـ ٢٤٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٢٠٢ ، و ٤ : ٣٧٣ ، المغني ٤ : ٢١٧ ، الشرح الكبير ٤ : ٢٠٣.
(٣) أنظر : العزيز شرح الوجيز ٦ : ٢٤٢ ، وروضة الطالبين ٤ : ٣٧٥.