الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-197-4
الصفحات: ٤٨٥
ج ـ لا يشترط في الرهن التعرّض لكون المرهون عند المرتهن أو غيره ، عملا بأصالة عدم الاشتراط.
وللشافعيّة وجهان (١).
فإنّ اتّفقا مع الإطلاق على وضعه عند المرتهن أو غيره ، فذاك. وإن تنازعا ، احتمل انتزاع الحاكم له ووضعه عند ثقة تحقيقا للاستيثاق. وجعله في يد الراهن ، إذ لو لم يرض به المرتهن ، لشرط نزعه عنه مع أصالة استمرار الحال.
ولو شرطا في عقد الرهن وضعه عند المرتهن أو غيره ، لزم ، فإن امتنع الغير ، وضعه الحاكم مع التنازع عند الثقة.
مسألة ١٢٢ : الأقرب جواز اشتراط رهن المبيع نفسه على ثمنه. ومنع أكثر الشافعيّة منه ، لأنّ الثمن إن كان مؤجّلا ، لم يجز حبس المبيع لاستيفائه ، أو حالاّ ، فله حبسه لاستيفائه ، فلا معنى للحبس بحكم الرهن. ولأنّ قضيّة الرهن كون المال أمانة وأن يسلّم الدّين أوّلا ، وقضيّة البيع بخلافه ، فيلزم تناقض الأحكام. ولأنّ فيه استثناء منفعة ، فلا يجوز أن يستثني البائع بعض منافع المبيع لنفسه. ولأنّ المشتري لا يملك رهن المبيع إلاّ بعد صحّة البيع ، فلا تتوقّف عليه صحّة البيع ، وإلاّ دار (٢).
والجواب : أنّ المؤجّل لا يجوز حبس المبيع عليه إذا لم يجر رهن أو إذا جرى؟ [ الأوّل مسلّم ، والثاني ممنوع ] (٣) لكنّ التقدير جريان الرهن فيه ،
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٠٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٨ ، المجموع ٩ : ٣٧٦.
(٢) الوسيط ٣ : ٧٥ ـ ٧٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٠٨ ـ ١٠٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٨.
(٣) ما أثبتناه بين المعقوفين أشير إليه في « ق ، ك » برمز « م ع » وفي الطبعة الحجريّة برمز « مم ». والمثبت توضيح لما في « ق ، ك ».
فهو موضوع النزاع. والحالّ قد يتقوّى أحد الجنسين بالآخر فيه. ولا امتناع في بقاء المال مضمونا بحكم البيع استيفاء لما كان. ويسلّم الدّين أوّلا ، لإقدامه على الرهن. واستناء بعض المنافع جائز ، لما تقدّم. والدور ممنوع ، لأنّا نسلّم أنّه لا تتوقّف صحّة البيع على الرهن ، لكن ، لا كلام فيه ، بل في أنّه هل يمنع صحّة البيع؟
وقال بعض الشافعيّة : إن قلنا بوجوب بداءة البائع بالتسليم أو أنّهما يجبران معا ، أو لا إجبار ما لم يبتدئ أحدهما ، بطل البيع ، لأنّه شرط يبطل مقتضى البيع ، لتضمّنه حبس المبيع إلى استيفاء الثمن ، فإن قلنا : البداءة بالمشتري ، فوجهان : صحّة الشرط ، لموافقته مقتضى العقد. والعدم ، فيفسد البيع ، لتناقض الأحكام (١).
والجواب : أنّ مقتضى البيع عند الإطلاق وجوب بداءة تسليم البائع ، أمّا عند الشرط فلا.
والحاصل : أنّ الشرط يقتضي شيئا لا يقتضيه العقد ، فإن اقتضى ما ينافيه ، بطل ، وإلاّ فلا. ونحن نمنع اقتضاء إطلاق العقد ما ينافي هذا الشرط ، بل إطلاقه صالح لاقتران قيد الشرط به وعدمه.
فروع :
أ ـ لو شرط أن يرهنه المبيع بالثمن بعد القبض ويردّه إليه ، صحّ البيع والشرط عندنا ، خلافا للشافعي (٢).
لنا : أنّه شرط سائغ لا ينافي مقتضى العقد ولا يخالف الكتاب
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٠٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٨.
(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٠٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٨.
والسنّة ، فيكون لازما.
ب ـ لو رهنه بالثمن من غير شرط ، صحّ عندنا مطلقا وعند الشافعي إن كان بعد القبض. وإن كان قبله ، فلا إن كان الثمن حالاّ ، لأنّ الحبس ثابت له. وإن كان مؤجّلا ، فهو كما لو رهن المبيع قبل القبض بدين آخر (١).
ج ـ لو شرط رهن غير المبيع على الثمن أو شرط رهن المبيع على غيره ، صحّ عندنا ، وقد تقدّم.
مسألة ١٢٣ : لو لم يرهن المشتري ما شرطه أو لم يتكفّل الذي عيّنه ، فلا خيار له ، بل للبائع الخيار. ولا يقوم رهن ولا كفيل آخر مقام المعيّن ، لتفاوت الأغراض في خصوصيّات الأعيان هنا ، فإن فسخ البائع ، فلا بحث ، وإن أجاز ، فلا خيار للمشتري ، لأنّه إسقاط حقّ عنه ، فإذا لم يثبت له الخيار مع ثبوته فمع إسقاطه أولى.
ولو عيّن شاهدين فامتنعا من تحمّل الشهادة ، فإن قلنا : لا بدّ من تعيين الشاهدين ، فللبائع الخيار ، وإن أسقطنا التعيين ، فلا.
ولو شرط المشتري على البائع إقامة كفيل على العهدة فلم يوجد أو امتنع المعيّن ، ثبت للمشتري الخيار. ولو أسقطه المشتري ، فلا خيار له.
فروع :
أ ـ لو باع بشرط الرهن فهلك الرهن قبل القبض أو تعيّب أو وجد به عيبا قديما ، فله الخيار في البيع ، وإن تعيّب بعد القبض ، فلا خيار.
ب ـ لو اختلفا في تعيّب الرهن ، فادّعى الراهن حدوثه بعد القبض
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٠٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٩.
والمشتري سبقه ، قدّم قول الراهن استدامة للبيع.
ج ـ لو هلك الرهن بعد القبض أو تعيّب ثمّ اطّلع على عيب قديم به ، فلا أرش له ، لأصالة البراءة.
وهل له فسخ البيع؟ الأقرب : العدم ، لأنّ الفسخ إنّما يثبت إذا أمكنه ردّ الرهن كما أخذه.
ويحتمل الثبوت ، لأنّه لم يسلم إليه ما شرطه عليه ووجب له ، والردّ إنّما يجب مع بقاء العين ، إذ مع تلفها لا يمكن.
ثمّ إن كان التلف بغير تفريط ، لم يثبت وجوب الردّ ، وإن كان بتفريط ، قام ردّ العوض مقام ردّه.
مسألة ١٢٤ : من الشروط الجائزة شرط العتق ، فلو اشترى عبدا أو أمة بشرط أن يعتقها المشتري ، صحّ البيع ولزم الشرط ، عند علمائنا أجمع ـ وبه قال مالك وأحمد في أصحّ الروايتين عنه ، وهو أصحّ قولي الشافعي (١) أيضا ـ لعموم قوله تعالى ( وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ ) (٢).
وما روي من أنّ عائشة اشترت بريرة وشرط عليها مواليها أن تعتقها ويكون ولاؤها لهم ، فأنكر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم شرط الولاء دون العتق ، وقال : « شرط الله أوثق ، وقضاء الله أحقّ ، والولاء لمن أعتق » (٣).
__________________
(١) بداية المجتهد ٢ : ١٦١ ، المغني ٤ : ٣٠٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٦٢ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٧٥ ، المجموع ٩ : ٣٦٤ و ٣٦٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٦٢ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٥١٦ ، الوسيط ٣ : ٧٨ ـ ٧٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٠ ، مختصر اختلاف العلماء ٣ : ١٣١ ، ١٢٠٩.
(٢) البقرة : ٢٧٥.
(٣) صحيح البخاري ٣ : ٩٣ و ١٩٨ ـ ١٩٩ ، صحيح مسلم ٢ : ١١٤١ ـ ١١٤٢ ، ٦ ، و ١١٤٣ ، ٨ ، سنن البيهقي ١ : ٣٣٨ ، شرح معاني الآثار ٤ : ٤٤ وفيها نحوه. وفي العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٠ مثله.
وروى أبو ثور عن الشافعي أنّه لو باع عبدا بشرط العتق ، صحّ البيع ، وبطل الشرط (١).
والمشهور عن أبي حنيفة وأصحابه : أنّ البيع فاسد ، لأنّه شرط على المشتري إزالة ملكه عنه ، فكان فاسدا ، كما لو شرط عليه أن يبيعه (٢).
والحكم في الأصل ممنوع عندنا ، وإنّما هو لازم للشافعي.
ثمّ قال أبو حنيفة : إنّه مضمون بالثمن المسمّى في العقد (٣).
وقال أبو يوسف ومحمّد : يضمنه بالقيمة (٤).
وأجاب (٥) الشافعي عن قياسه : بأنّ العتق يخالف البيع ، فإنّه يقصد بالعوض في الكتابة ، وإذا قال : أعتق عبدك وعليّ كذا ، صحّ. ولأنّه يضمن فيما ذكروه بالقيمة وهنا بالثمن عند أبي حنيفة ، فافترقا.
وروي عن أبي حنيفة أنّ البيع جائز (٦) ، كما قلناه نحن.
__________________
(١) حلية العلماء ٤ : ١٢٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٠ ، مختصر اختلاف العلماء ٣ : ١٣٢ ، ١٠٢٩.
(٢) الهداية ـ للمرغيناني ـ ٣ : ٤٨ ، مختصر اختلاف العلماء ٣ : ١٣٠ ، ١٠٢٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٢٧ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٥١٦ ، الوسيط ٣ : ٧٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٠ ، المجموع ٩ : ٣٦٦ ، المغني ٤ : ٣٠٩ ، الشرح الكبير ٤ : ٦٢.
(٣) الهداية ـ للمرغيناني ـ ٣ : ٤٨ ، مختصر اختلاف العلماء ٣ : ١٣٠ ، ١٢٠٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٢٧ ، المجموع ٩ : ٣٦٦ ـ ٣٦٧.
(٤) الهداية ـ للمرغيناني ـ ٣ : ٤٨ ، مختصر اختلاف العلماء ٣ : ١٣٠ ، ١٢٠٩ ، حلية العلماء ٤ : ١٢٧ ، المجموع ٩ : ٣٦٦ ـ ٣٦٧.
(٥) لم نعثر على الجواب فيما بين أيدينا من المصادر.
(٦) حلية العلماء ٤ : ١٢٧.
فروع :
أ ـ يجوز اشتراط العتق مطلقا وبشرط أن يعتقه عن المشتري نفسه ، وبه قال الشافعي على أصحّ القولين من جواز شرط العتق (١). أمّا لو شرط العتق عن البائع ، فإنّه يجوز عندنا ـ خلافا له (٢) ـ لأنّه شرط لا ينافي الكتاب والسنّة.
ب ـ الأقوى عندي : أنّ العتق المشروط اجتمع فيه حقوق : حقّ لله تعالى ، وحقّ للبائع ، وحقّ آخر للعبد أيضا.
وللشافعي وجهان : أنّه حقّ الله تعالى ، كالملتزم بالنذر. وأنّه حقّ البائع ، لأنّ اشتراطه يدلّ على تعلّق غرضه به (٣). والظاهر أنّه بواسطة هذا الشرط تسامح في الثمن.
فإن قلنا : إنّه حقّ البائع ، فله المطالبة به قطعا. وإن قلنا : إنّه حقّ الله تعالى ، فكذلك عندنا ـ وهو أصحّ وجهي الشافعيّة (٤) ـ لأنّه ثبت بشرطه ، وله غرض في تحصيله.
وله آخر : أنّه ليس للبائع المطالبة به ، إذ لا ولاية له في حقوق الله تعالى (٥).
وعلى ما اخترناه نحن للعبد المطالبة بالعتق على إشكال ينشأ من ثبوت حقّ له للانتفاع به ، فكان له المطالبة به. ومن أنّه منوط باختيار
__________________
(١) التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٥١٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١١ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٩ ، المجموع ٩ : ٣٦٤.
(٢) التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٥١٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١١ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٩ ، المجموع ٩ : ٣٦٤.
(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١١ ، روضة الطالبين ٣ : ٦٩ ـ ٧٠ ، المجموع ٩ : ٣٦٤.
(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١١ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٠ ، المجموع ٩ : ٣٦٥.
(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١١ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٠ ، المجموع ٩ : ٣٦٥.
المشتري ، إذ له الامتناع ، فيتخيّر البائع حينئذ بين الفسخ والإمضاء ، لكنّ الأوّل أقرب.
ج ـ الولاء عند علمائنا إنّما يثبت مع العتق المتبرّع به لا مع العتق الواجب بنذر وكفّارة وشبهه على ما يأتي.
أمّا العتق المشترط في البيع فيحتمل إلحاقه بالواجب ، لوجوبه عليه بعقد البيع ، وإجباره على فعله. وبالمتبرّع به ، إذ له الإخلال بالشروط المشترطة في البيع من عتق وغيره ، ويثبت الخيار للبائع ، فكأنّ العتق في الحقيقة هنا مستند إلى اختياره ، فيكون متبرّعا به.
فعلى الأوّل لا ولاء هنا ، أمّا للبائع : فلانتقال الملك عنه ، وصدور العتق من غيره ، ولا يصحّ شرط الولاء. وأمّا للمشتري : فلوجوب العتق عليه.
وأمّا على الثاني فيثبت الولاء للمشتري.
د ـ إذا أعتقه المشتري ، فقد وفى بما وجب عليه والتزم به ، والولاء له إن أثبتناه وإن قلنا : إنّ العتق حقّ البائع ، لأنّه صدر عن ملك المشتري.
وإن امتنع ، اجبر عليه إن قلنا : إنّه حقّ لله تعالى. وإن قلنا : إنّه حقّ للبائع ، لم يجبر ، كما في شرط الرهن والكفيل ، لكن يتخيّر البائع في الفسخ ، لعدم سلامة ما شرطه له.
وللشافعي قولان : الإجبار وعدمه (١).
فإن قلنا بالإجبار ، حبس عليه حتى يعتق ، وهو أحد قولي الشافعيّة.
والثاني : أنّ القاضي يعتق عليه (٢).
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١١ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٠ ، المجموع ٩ : ٣٦٥.
(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٠ ، المجموع ٩ : ٣٦٥.
والأولى عندي الإجبار في شرط الرهن والكفيل لو امتنع ، كما لو شرط تسليم الثمن معجّلا فأهمل.
هـ ـ إن قلنا : إنّ العتق حقّ للبائع ، فلو أسقطه ، سقط ، كما لو شرط رهنا أو كفيلا ثمّ عفا عنه.
وقال بعض الشافعيّة : إنّ شرط الرهن والكفيل أيضا لا يفرد بالإسقاط ، كالأجل (١).
و ـ هل يجوز إعتاق هذا العبد عن الكفّارة؟ الوجه أن نقول : إن شرط البائع عتقه عن كفّارة المشتري ، أجزأه ، وتكون فائدة الشرط التخصيص لهذا العبد بالإعتاق.
وإن لم يشرط ، فإن قلنا : إنّ العتق هنا حقّ لله تعالى ، لم يجزئ ، كإعتاق المنذور عتقه عن الكفّارة. وإن قلنا : إنّه حقّ للبائع ، فكذلك إن لم يسقط حقّه ، وإن أسقطه ، جاز ، لسقوط وجوب العتق حينئذ.
وللشافعيّة على هذا التقدير وجهان ، هذا أحدهما. والثاني : المنع ، لأنّ البيع بشرط العتق لا يخلو عن محاباة ، فكأنّه أخذ عن العتق عوضا (٢).
ز ـ يجوز للمشتري الاستخدام ، لعدم خروجه عن ملكه إلاّ بالعتق ولم يحصل بعد.
ويجوز أيضا الوطء ، فإن حملت ، صارت أمّ ولد ، فإن أعتقها ، صحّ عندنا ، لعدم خروجها بالاستيلاد عن ملكه ، وهو أصحّ قولي الشافعيّة (٣).
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٢ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٠ ، المجموع ٩ : ٣٦٥.
(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٢.
(٣) انظر : العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٢ ، وروضة الطالبين ٣ : ٧٠ ، والمجموع ٩ : ٣٦٥.
وقال بعضهم : ليس له عتقها ، لأنّ عتقها قد استحقّ بالإحبال فقد تعذّر عليه عتقها (١).
ح ـ لو استخدم أو أحبل ولم يعتق ، فإن أجبرناه على العتق ، لم يضمن شيئا. وإن خيّرنا البائع بين الفسخ والإمضاء ، فكذلك ، لأنّ النماء المتجدّد في زمان خيار البائع للمشتري ، سواء فسخ البائع بعد ذلك أو لا.
والأقرب : أنّ الإحبال كالإتلاف.
ولو اكتسب العبد قبل عتقه ، فهو للمشتري أيضا.
ط ـ لو قتل هذا العبد قبل عتقه ، كانت القيمة للمشتري ، ويقوّم عبدا مشروط العتق ، ولا يكلّف صرف القيمة إلى عبد آخر ليعتقه ، لتعلّق الشرط بالعين وقد تلفت.
ي ـ لو قتله المشتري أو مات أو تلف سواء كان بتفريطه أو لا ، لم يجب شراء غيره ، لكن يرجع البائع بما يقتضيه شرط العتق ، فيقال : كم قيمته لو بيع مطلقا وبشرط العتق؟ فيرجع البائع بالنسبة من الثمن ، فإذا قيل : إنّه يساوي مائة بغير شرط وتسعين بشرط العتق ، زيد على الثمن تسعه. وله الفسخ ، لعدم الوفاء بالشرط ، فيدفع ما أخذه من الثمن ويرجع بقيمة العبد. وفي اعتبارها إشكال.
وللشافعيّة أقوال :
أحدها : أنّه لا يلزم المشتري إلاّ الثمن المسمّى ، لأنّه لم يلتزم غيره.
الثاني : أنّ عليه مع ذلك قدر التفاوت ، كما قلناه.
الثالث : أنّ البائع بالخيار إن شاء أجاز العقد ولا شيء له ، وإن شاء
__________________
(١) انظر : العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٢ ، وروضة الطالبين ٣ : ٧٠ ، والمجموع ٩ : ٣٦٥.
فسخ وردّ ما أخذه من الثمن ورجع بقيمة العبد.
الرابع : أنّ العقد ينفسخ ، لتعذّر إمضائه ، إذ لا سبيل إلى إيجاب شيء على المشتري من غير تفويت ولا التزام ، ولا إلى الاكتفاء بالمسمّى ، فإنّ البائع لم يرض به إلاّ بشرط العتق.
وهل هذه الوجوه متفرّعة على أنّ العتق للبائع أو مطّردة سواء قلنا : إنّه للبائع أو لله تعالى؟ فيه رأيان ، أظهرهما : الثاني (١).
ونحن قد قلنا : إنّه بالخيار بين الفسخ والإمضاء مع المطالبة بالنقص ، وهو جار فيما إذا قلنا : إنّه حقّ لله تعالى أو للبائع.
يأ ـ شرط العتق إنّما يتناول السبب المباح ، فلو نكل به فانعتق ، لم يأت بالشرط ، وكان للبائع الخيار بين الفسخ والإمضاء ، ويكون بمنزلة التالف ، وقد تقدّم.
يب ـ شرط العتق إنّما يتناول العتق مجّانا ، فلو أعتقه المشتري وشرط عليه الخدمة أو شيئا ، تخيّر البائع بين فسخ البيع والإمضاء ، فإن فسخ ، فالأقرب نفوذ العتق ، ويرجع البائع بالقيمة ، كالتالف.
ويحتمل فساده ، لوقوعه على خلاف ما وجب عليه ، وسقوط الشرط خاصّة ، فينفذ العتق ، ولا خيار للبائع ولا شيء له.
يج ـ لو باعه المشتري أو وقفه أو كاتبه ، تخيّر البائع بين فسخ البيع والإمضاء ، فإن فسخ البيع ، بطلت هذه العقود ، لوقوعها في غير ملك تامّ.
ويخالف هنا العتق بشرط ، لأنّ العتق مبنيّ على التغليب والسراية ، فلا سبيل إلى فسخه مع القول بصحّته.
وهل له إمضاء البيع مع طلب فسخ ما فعله المشتري؟ فيه احتمال.
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٢ ـ ١١٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٠ ، المجموع ٩ : ٣٦٥ ـ ٣٦٦.
يد ـ لو باعه من غيره وشرط عليه العتق ، احتمل الصحّة ، لوقوع غرض البائع به ، وكما لو أعتقه بوكيله. والبطلان ، لأنّ شرط العتق مستحقّ عليه ، فليس له نقله إلى غيره.
وللشافعيّة (١) كالوجهين.
يه ـ لو قلنا بثبوت الولاء للمشتري ، لم يصح اشتراطه للبائع ، لمنافاته النصّ.
وفي صحّة البيع مع بطلانه خلاف كما تقدّم من صحّة البيع مع بطلان الشرط.
وللشافعي قولان فيما لو شرط مع العتق كون الولاء للبائع : بطلان العقد ، لأنّ شرط الولاء مغيّر لمقتضى العقد ، لتضمّنه نقل الملك إلى البائع وارتفاع العقد. والصحّة ، لحديث بريرة ، فإنّ عائشة أخبرت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّ مواليها لا يبيعونها إلاّ بشرط أن يكون الولاء لهم ، فقال عليهالسلام : « اشتري واشترطي لهم الولاء » (٢) أذن في الشراء بهذا الشرط ، وهو لا يأذن في باطل (٣).
ونحن نمنع الرواية ، ولهذا لم يثبت القائلون بالفساد الإذن في شرط الولاء ، لأنّ هشاما تفرّد به ، ولم يتابعه سائر الرواة عليه (٤).
وعلى تقدير صحّة البيع ففي صحّة الشرط للشافعيّة وجهان :
العدم ، لأنّه عليهالسلام خطب بعد ذلك وقال : « ما بال أقوام يشترطون
__________________
(١) حلية العلماء ٤ : ١٢٨ ـ ١٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٧١ ، المجموع ٩ : ٣٦٥.
(٢) صحيح البخاري ٣ : ١٩٩ ، صحيح مسلم ٢ : ١١٤٢ ـ ١١٤٣ ، ٨ نحوه.
(٣) حلية العلماء ٤ : ١٢٨ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٥١٦ ـ ٥١٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٧١ ، المجموع ٩ : ٣٦٦.
(٤) كما في التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٥١٧ ، والعزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٤.
شروطا ليست في كتاب الله تعالى ، كلّ شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل ، شرط الله أوثق ، وقضاء الله أحقّ ، والولاء لمن أعتق » (١).
والصحّة ، لأنّه أذن في اشتراط الولاء ولا يأذن في باطل. لكنّ المشهور بينهم فساد العقد (٢).
يو ـ لو جرى البيع بشرط الولاء دون شرط العتق بأن قال : بعتكه بشرط أن يكون الولاء لي إن أعتقته يوما من الدهر ، بطل العقد ـ وبه قال الشافعي (٣) ـ لأنّه لم يشترط العتق حتى يحصل الولاء تبعا له.
يز ـ لو اشترى من يعتق عليه بشرط الإعتاق ، لم يصحّ العقد ، لتعذّر الوفاء بهذا الشرط ، فإنّه يعتق عليه قبل أن يعتقه.
يح ـ لو باعه عبدا بشرط أن يعتقه بعد شهر أو سنة ، صحّ عند علمائنا ، ولزمه الشرط.
وللشافعيّة وجهان ، هذا أحدهما. والثاني : أنّ العقد باطل ، وهو أصحّهما عندهم (٤).
وعلى قولنا لو مضى الشهر ولم يعتقه ، تخيّر البائع بين الفسخ والإمضاء ، فيلزمه بالإعتاق كلّ وقت ، وله الترك مطلقا ، فيرجع بالنقصان الحاصل بسبب عدم المشروط.
يط ـ لو لم يختر البائع شيئا فبادر المشتري قبل تخيّره إلى العتق ،
__________________
(١) صحيح مسلم ٢ : ١١٤٢ ـ ١١٤٣ ، ٨.
(٢) حلية العلماء ٤ : ١٢٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٣ ـ ١١٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٧١ ، المجموع ٩ : ٣٦٦.
(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٧١ ، المجموع ٩ : ٣٦٦.
(٤) حلية العلماء ٤ : ١٢٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٠ ، المجموع ٩ : ٣٦٦.
فإن قصد في الشرط الإعتاق حين خروج الأجل ، احتمل تخيّره بين الفسخ فيطالب بالعوض ، كالتالف. والإمضاء إمّا مع الأرش أو بدونه على ما تقدّم.
وإن قصد تحصيل العتق بعد الأجل مطلقا ، فلا خيار له ، لحصول مقصوده.
ك ـ لو باعه عبدا بشرط أن يدبّره ، صحّ عندنا ، لقبول البيع الشرائط السائغة ، خلافا للشافعي (١) ، وقد سبق.
فإن فعل المشتري ما شرط عليه ، فقد بريء وإلاّ تخيّر البائع بين الفسخ والإمضاء بالتفاوت على ما تقدّم في العتق.
إذا تقرّر هذا ، فإذا دبّره ، لم يكن له الرجوع في تدبيره على إشكال ينشأ من الوفاء بما عليه ، وقضيّة التدبير جواز الرجوع فيه ، ومن عدم تحصيل الغرض ، إذ الرجوع فيه إبطال له ، فينافي صحّة الشرط. وله أن يدبّره مطلقا ومشروطا بأن يقول : إذا متّ في سنتي هذه فأنت حرّ ، فإن لم يقع الشرط ، وجب عليه استئناف تدبير آخر إن قلنا بعدم الرجوع.
كأ ـ لو باعه بشرط أن يكاتبه ، صحّ عندنا ـ خلافا للشافعي (٢) على ما تقدّم ـ لأنّه شرط مرغّب فيه مندوب إليه يؤول إلى العتق ، وعقد البيع قابل للشروط ، فكان لازما.
ثمّ إن أطلق ، تخيّر المشتري في الكتابة بأيّ قدر شاء ، ويتخيّر في الكتابة المشروطة والمطلقة ، فإن طلب السيّد أزيد من قيمته وامتنع العبد ، تخيّر البائع في الفسخ والإمضاء وإلزام المشتري بالكتابة بقيمة العبد ، فإن امتنع العبد ، تخيّر البائع ، ولا يجب على المشتري الكتابة بدون القيمة.
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٠ ، المجموع ٩ : ٣٦٦.
(٢) التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٥١٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٠ ، المجموع ٩ : ٣٦٦.
كب ـ لو باعه دارا بشرط أن يجعلها وقفا ، صحّ عندنا ، وهو أحد قولي الشافعي ، وفي الآخر : لا يصحّ (١).
وبأيّ وجه حصل الوقف حصل الشرط مع إطلاق البائع ، فلو جعلها مسجدا أو وقفها على من يصحّ الوقف عليه ولو على ولده ومن يلزمه مئونته ، صحّ. ولا يكفي الحبس.
كج ـ لو باعه شيئا بشرط أن يتصدّق به ، صحّ عند علمائنا ، لأنّه شرط سائغ بل مستحبّ ، وعقد البيع قابل له ، فيكون لازما ، لعموم قوله عليهالسلام : « المسلمون عند شروطهم » (٢) خلافا للشافعي (٣).
ومع الإطلاق تجزئ الصدقة على من شاء المشتري.
كد ـ لو باعه شيئا بشرط لا يقتضيه العقد ولا ينافيه ولا يتعلّق به غرض يورث تنافسا وتنازعا ، مثل : أن يشرط لا يأكل إلاّ الهريسة ، ولا يلبس إلاّ الخزّ ، وشبه ذلك ، فهذا الشرط لا يقتضي فساد العقد عندنا.
وهل يلغو أو يفيد تخيّر البائع لو أخلّ به بين الفسخ والإمضاء؟
الأقرب ذلك.
وللشافعيّة قولان ، أحدهما : صحة البيع وبطلان الشرط. والثاني : الفساد في العقد أيضا حيث إنّه أوجب ما ليس بواجب ، وكذا لو باع بشرط أن يصلّي النوافل أو يصوم غير شهر رمضان أو يصلّي الفرائض في أوّل أوقاتها (٤).
__________________
(١) حلية العلماء ٤ : ١٢٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٠ ، المجموع ٩ : ٣٦٦.
(٢) صحيح البخاري ٣ : ١٢٠ ، سنن الدار قطني ٣ : ٢٧ ، ٩٩ ، المستدرك ـ للحاكم ـ ٢ : ٤٩ ، المصنّف ـ لابن أبي شيبة ـ ٦ : ٥٦٨ ، ٢٠٦٤.
(٣) لم نعثر عليه في مظانّه من المصادر المتوفّرة لدينا.
(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٥ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٢ ، المجموع ٩ : ٣٦٤.
مسألة ١٢٥ : قد تقدّم (١) أنّ بيع الحمل لا يصحّ ، للنهي عن بيع الملاقيح (٢). ولأنّه غير معلوم ولا مقدور ، وكما لا يصحّ بيعه منفردا لم يصح منضمّا إلى غيره بأن يقول : بعتك هذه الجارية وحملها ، لأنّ جزء المبيع إذا كان مجهولا كان المبيع مجهولا.
نعم ، يجوز انضمامه تبعا لا مستقلاّ ، كأساسات الحيطان.
فلو باع الأمة الحامل وأطلق ، لم يدخل الحمل عندنا ، لأنّه ليس جزءا من المسمّى ولا تابعا له عادة.
وقال الشافعي : يدخل الحمل في البيع تبعا لو أطلق (٣). وهل يقابله قسط من الثمن؟ فيه له قولان (٤).
ولو باع الحامل واستثنى حملها ، كان تأكيدا للإخراج.
وللشافعي قولان في صحّة البيع :
أحدهما : أنّه يصحّ ، كما لو باع الشجرة واستثنى الثمرة قبل بدوّ الصلاح.
وأصحّهما عنده : أنّه لا يصحّ ، لأنّ الحمل لا يصحّ إفراده بالعقد فلا يجوز استثناؤه ، كأعضاء الحيوان (٥).
والملازمة ممنوعة ، وليس العلّة في امتناع الاستثناء انتفاء صحّة إفراده بالبيع.
__________________
(١) في ص ٦٦ المسألة ٣٨.
(٢) المعجم الكبير ـ للطبراني ـ ١١ : ٢٣٠ ، ١١٥٨١.
(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٢ ، المجموع ٩ : ٣٢٤.
(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٦.
(٥) الوسيط ٣ : ٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٢ ، المجموع ٩ : ٣٢٤.
ولو باع الحامل وشرط المشتري الحمل ، صحّ ، لأنّه تابع كأساسات الحيطان وإن لم يصحّ ضمّه في البيع مع الأمّ ، للفرق بين الجزء والتابع.
ولو كانت الجارية حاملا وكانت لواحد والحمل لآخر ، لم يكن لمالك الحمل بيعه على مالك الأمّ ، ولمالك الامّ بيعها من مالك الحمل وغيره ، عندنا ، لما بيّنّا من جواز الاستثناء للحمل. وللشافعيّة وجهان (١).
ولو كانت الجارية حاملا بحرّ فباعها مالكها ، صحّ.
وللشافعيّة وجهان ، هذا أحدهما ، ويكون الحمل مستثنى شرعا.
والثاني : البطلان ، لأنّ الحمل لا يدخل في البيع حيث هو حرّ ، فكأنّه استثناء (٢). وقد بيّنّا جواز الاستثناء.
فروع :
أ ـ لو باع الجارية بشرط أنّها حامل ، صحّ عندنا ، لأنّه شرط يرغب لا يخالف الكتاب والسنّة ، فكان لازما.
وللشافعي قولان مبنيّان على أنّ الحمل هل يعلم أم لا؟ إن قال : لا ، لم يصحّ شرطه. وإن قال : نعم ، صحّ ، وهو الأصحّ عنده (٣).
وقال بعض الشافعيّة : الخلاف في غير الآدمي ، كالدابّة ، أمّا الأمة فيصحّ قطعا ، لأنّ الحمل فيها عيب ، فاشتراط الحمل إعلام بالعيب ، فيصير كما لو باعها على أنّها آبقة أو سارقة (٤).
ب ـ لو قال : بعتك هذه الدابّة وحملها ، لم يصحّ عندنا ، لما تقدّم (٥)
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٢ ـ ٧٣ ، المجموع ٩ : ٣٢٤ ـ ٣٢٥.
(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٢ ـ ٧٣ ، المجموع ٩ : ٣٢٤ ـ ٣٢٥.
(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٣ ، المجموع ٩ : ٣٢٣.
(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٣ ، المجموع ٩ : ٣٢٣.
(٥) في ص ٢٧٥.
من أنّ الحمل لا يصحّ جعله مستقلا بالشراء ولا جزءا من المبيع (١).
وللشافعيّة وجهان :
الصحّة ، لأنّه داخل في العقد عند الإطلاق ، فلا يضرّ التنصيص عليه ، كما لو قال : بعتك هذا الجدار وأساسه (٢).
ونمنع الصغرى والمقيس عليه أيضا.
وأصحّهما : العدم ، لأنّه جعل المجهول مبيعا مع المعلوم ، وما لا يجوز بيعه منفردا لا يجوز بيعه مقصودا مع غيره ، بخلاف ما لو باع بشرط أنّها حامل ، فإنّه جعل الحامليّة وصفا تابعا (٣).
ج ـ لو قال : بعتك هذه الشاة وما في ضرعها من اللبن ، لم يجز عندنا. وللشافعيّة وجهان (٤) سبقا في الحمل.
ولو قال : بعتك هذه الجبّة وحشوها ، صحّ ، لأنّه جزء منها وداخل في مسمّاها ، فذكره ذكر ما دخل في اللفظ ، فلا يضرّ التنصيص عليه ، بخلاف الحمل ، فإنّه ليس داخلا في مسمّى الشاة والأمة ، وهو أحد وجهي الشافعيّة. وفي الآخر : أنّ الخلاف في الشاة مع حملها يجري هنا (٥).
وعلى قولهم بالبطلان ففي بيع الظهارة والبطانة في الجبّة قولا تفريق الصفقة ، وفي صورة الدابّة يبطل البيع في الجميع.
__________________
(١) في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة : البيع. والصحيح ما أثبتناه.
(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٣ ، المجموع ٩ : ٣٢٣.
(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٣ ، المجموع ٩ : ٣٢٣ ، ولم نعثر على الوجهين فيما سبق.
(٥) التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٥٢٦ ، الوسيط ٣ : ٨٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٣ ، المجموع ٩ : ٣٢٣.
والفرق : إمكان معرفة قيمة الحشو عند العقد ، بخلاف الحمل واللبن ، لأنّه (١) لا يمكن معرفة قيمتهما عند العقد ، فيتعذّر تقسيط الثمن (٢).
واعترض بجريان قولي تفريق الصفقة حيث يتعذّر التوزيع ، كما لو باع شاة وخنزيرا (٣).
د ـ لو باع حاملا وشرط وضعها في يوم معيّن ، لم يصحّ البيع ، لأنّه غير مقدور عليه ، وهو قول الشافعي (٤).
هـ ـ لو باعه دجاجة ذات بيضة وشرطها ، صحّ. وإن جعلها جزءا من المبيع ، لم يصح. وكذا لو جعلها مستقلّة بالبيع.
وبالجملة ، فالبحث والخلاف هنا كما في حمل الجارية والدابّة.
و ـ لو باعه شاة بشرط أنّها لبون ، فقد سبق (٥) جوازه.
وللشافعيّة طريقان :
أحدهما : أنّ الخلاف فيه كالخلاف في البيع بشرط الحمل.
والثاني : القطع بصحّة البيع.
والفرق : أنّ شرط الحمل يقتضي وجوده عند العقد وليس معلوما ، وشرط كونها لبونا لا يقتضي وجود اللبن حينئذ ، وإنّما يجوز اشتراط صفة فيها ، فكان بمثابة شرط معرفة صنعه في العبد حتى لو شرط كون اللبن في الضرع ، كان بمثابة شرط الحمل (٦).
__________________
(١) في « ق ، ك » : « فإنّه » بدل « لأنّه ».
(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٣ ، المجموع ٩ : ٣٢٤.
(٣) المعترض هو إمام الحرمين الجويني كما في العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٧.
(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٣ ، المجموع ٩ : ٣٢٤.
(٥) في ص ٢١٢ ، المسألة ١٠٧.
(٦) الوسيط ٣ : ٨٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٣ ، المجموع ٩ : ٣٢٤.
وقال أبو حنيفة : لا يصحّ هذا الشرط. وكذا قال في شرط الحمل (١) ، وقد سبق (٢).
ز ـ لو باع شاة لبونا واستثنى لبنها ، صحّ عندنا ، لوجود المقتضي ، وهو ورود البيع على محلّ معلوم.
وللشافعيّة وجهان ، أصحّهما عندهم : عدم الصحّة ، كما لو استثنى الحمل في بيع الجارية (٣).
مسألة ١٢٦ : هنا شروط وافقنا الشافعي (٤) على صحّتها في البيع ، مثل أن يبيع بشرط البراءة من العيوب ، وبيع الثمرة بشرط القطع. وسيأتي البحث عنهما. وكذا لو شرط ما يقتضيه العقد ، وقد سلف (٥).
وهنا شروط اخرى له فيها خلاف :
أ ـ لو باع مكيلا أو موزونا أو مذروعا بشرط أن يكال بمكيال معيّن أو يوزن بميزان معيّن أو يذرع بذراع معيّن.
فإن كان البيع حالاّ يؤمن معه بقاء المكيال والميزان والذراع ، صحّ البيع لكن يلغو الشرط ، لأنّه إن كان معروفا ، رجع إلى المتعارف منه ، وإلاّ كان البيع باطلا ، للجهالة ، وذلك كما لو قال : بعتك عشر طاسات طعام بهذه الطاسة وهي غير معلومة النسبة إلى المكيال المعتاد ، أو : بعتك ملء هذا الجوالق ، أو : ملء هذه الآنية.
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٨ ، وفيه : لا يصحّ البيع بهذا الشرط.
(٢) في ص ٢١٣ ، المسألة ١٠٧.
(٣) حلية العلماء ٤ : ١٢٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٣ ، المجموع ٩ : ٣٢٥.
(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٣ ـ ٧٤.
(٥) في ص ٢٤٦.
وإن كان البيع مؤجّلا ، لم يصحّ الشرط إن كان معلوم النسبة ، وصحّ البيع ، وإلاّ فلا.
ولا فرق في اشتراط ذلك في المبيع أو الثمن.
ب ـ لو عيّنا في البيع رجلا يتولّى الكيل أو الوزن (١) ، احتمل اللزوم ، إخلادا إلى ثقته ومعرفته ونصحه. والعدم ، لقيام غيره مقامه.
وللشافعي وجهان (٢).
والأقوى عندي : اللزوم مع الحلول ، أمّا مع الأجل فيحتمل البطلان قويّا ، لإمكان عدمه.
ج ـ لو باع دارا وشرط سكناها ، أو دابّة واستثنى ظهرها ، فإن لم يعيّن مدّة ، بطل العقد ، للجهالة ، وثبوت الغرر. وإن عيّن مدّة ، صحّ عندنا ، عملا بمقتضى الشرط السالم عن معارضة الكتاب والسنّة ، وبه قال أحمد (٣). وللشافعي قولان (٤).
د ـ لو باعه دارا بشرط أن يقفها عليه وعلى عقبه ونسله ، فالأولى الصحّة ، كما لو شرط وقفها على الغير. وكذا لو باعه دارا (٥) بشرط أن يقف عليه دكّانه أو على غيره.
__________________
(١) في « ك » : والوزن.
(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٤.
(٣) المغني ٤ : ٢٢٨ ، الشرح الكبير ٤ : ٥٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٨ ، المجموع ٩ : ٣٧٨.
(٤) التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٥١٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٤ ، المجموع ٩ : ٣٦٩ و ٣٧٨ ، وفي المغني ٤ : ٢٢٨ ، والشرح الكبير ٤ : ٥٦ نسب القول بعدم الصحّة إلى الشافعي.
(٥) في « ق ، ك » : داره.