الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-45-0
الصفحات: ٤٦٨
ثم إن كان عن فطرة انتقلت أمواله إلى ورثته في الحال وإلاّ بقيت عليه ، فإذا حال الحول وجبت عليه.
وإذا أخرج في حال الردّة جاز ، وبه قال الشافعي (١) ، كما لو أطعم عن الكفارة ، وفيه له وجه آخر (٢).
وأمّا الشرائط الخاصة فستأتي عند كلّ صنف إن شاء الله تعالى.
* * *
__________________
(١) المجموع ٥ : ٣٢٨ ، فتح العزيز ٥ : ٥١٨ ، مغني المحتاج ١ : ٤٠٨.
(٢) وهو عدم إخراج المرتدّ زكاته حال ردّته. انظر : المجموع ٥ : ٣٢٨ ، وفتح العزيز ٥ : ٥١٩.
المقصد الثاني
في المحلّ
وقد أجمع المسلمون كافّة على إيجاب الزكاة في تسعة أشياء : الإبل ، والبقر ، والغنم ، والذهب ، والفضة ، والحنطة ، والشعير ، والتمر ، والزبيب ، واختلفوا في ما زاد على ذلك ، وسيأتي (١) ، فهنا مطالب :
الأول : في زكاة الأنعام ، وفيه فصول :
__________________
(١) يأتي في المسائل ١١٠ ـ ١١٥.
الفصل الأول
في زكاة الإبل
مسألة ٢٨ : يشترط فيها أربعة : الملك ، والنصاب ، والسوم ، والحول ، أمّا الملك ، فلما تقدّم (١) : أنّ غير المالك لا زكاة عليه ، وأمّا النصاب فبإجماع المسلمين.
لقول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( ليس فيما دون خمس ذود (٢) صدقة ) (٣).
وقال الصادق عليهالسلام : « ليس فيما دون الخمس من الإبل شيء » (٤).
إذا عرفت هذا ، فالنصب في الإبل ثلاثة عشر نصابا : خمس ، عشر ، خمس عشرة ، عشرون ، خمس وعشرون ، ستّ وعشرون ، ستّ وثلاثون ، ستّ وأربعون ، إحدى وستّون ، ستّ وسبعون ، إحدى وتسعون ، مائة
__________________
(١) تقدّم في المسألة ١١.
(٢) الذود من الإبل : ما بين الثنتين الى التسع. النهاية ـ لابن الأثير ـ ٢ : ١٧١ « ذود ».
(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٤٨ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٧٣ ـ ١ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٤ ـ ١٥٥٨ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٢ ـ ٦٢٦ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٢ ـ ١٧٩٤ ، سنن النسائي ٥ : ٤٠ ، سنن البيهقي ٤ : ٨٥ و ١٢٠.
(٤) التهذيب ٤ : ٢٠ ـ ٥٢ ، الاستبصار ٢ : ١٩ ـ ٥٦.
وإحدى وعشرون ، ثم بعد ذلك أربعون أو خمسون بالغا ما بلغت عند علمائنا أجمع ، وسيأتي (١) البحث في ذلك.
مسألة ٢٩ : يشترط فيها وفي غيرها من الأنعام السوم ، وهي الراعية المعدّة للدرّ والنسل.
واحترزنا بذلك عن المعلوفة وإن كانت للدّر والنسل ، والعوامل وإن لم تكن معلوفة ، فإنّه لا زكاة فيهما عند علمائنا أجمع ، وبه قال علي عليهالسلام ومعاذ بن جبل وجابر بن عبد الله ، ومن التابعين : سعيد بن جبير وعطاء ومجاهد والحسن البصري والنخعي ، ومن الفقهاء : الشافعي وأبو حنيفة والثوري والليث بن سعد وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو عبيد (٢).
لقوله عليهالسلام : ( في أربعين من الغنم السائمة شاة ) (٣) دلّ بمفهومه على انتفاء الزكاة عن المعلوفة ، وإلاّ كان ذكر الوصف ضائعا ، بل موهما للتخصيص ، ولو لم يكن مرادا كان قبيحا.
وقال عليهالسلام : ( ليس في البقر العوامل صدقة ) (٤).
ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادق عليهماالسلام : « وليس على العوامل شيء ، إنّما ذلك على السائمة الراعية » (٥).
ولأنّ وصف النماء معتبر في الزكاة ، والمعلوفة يستغرق علفها نماءها.
__________________
(١) يأتي في المسائل ٣٥ ـ ٣٧.
(٢) المجموع ٥ : ٣٥٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢ ، مختصر المزني : ٤٥ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ١٦٥ ، المغني ٢ : ٤٣٨ و ٤٥٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٧٥ و ٥٠١ ، عمدة القارئ ٩ : ٢٢ ، المحلّى ٦ : ٤٥.
(٣) صحيح البخاري ٢ : ١٤٦ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٧ ـ ١٥٦٧ ، سنن الدارقطني ٢ : ١١٤ و ١١٥ ـ ٢ و ٣ ، سنن الدارمي ١ : ٣٨١ ، سنن البيهقي ٤ : ١٠٠ بتفاوت فيها.
(٤) المعجم الكبير للطبراني ١١ : ٤٠ ـ ١٠٩٧٤ ، سنن الدارقطني ٢ : ١٠٣ ـ ٢.
(٥) الكافي ٣ : ٥٣٢ ـ ١ ، التهذيب ٤ : ٢٢ ـ ٥٥ ، الاستبصار ٢ : ٢١ ـ ٥٩.
وقال مالك : تجب في العوامل والمعلوفة. وبه قال ربيعة ومكحول وقتادة (١).
وقال داود : تجب في عوامل البقر والإبل ومعلوفها دون الغنم (٢).
لقوله عليهالسلام : ( في أربعين شاة شاة ، وفي ثلاثين من البقر تبيع ) (٣) ولأنه تجوز الأضحية به فأشبه السائمة.
والحديث يخصّه مفهوم الخطاب ، والفرق بين السائمة والمعلوفة لزوم المئونة في المعلوفة ، والعوامل معدّة لاستعمال مباح فأشبهت الثياب.
مسألة ٣٠ : لو سامت بعض الحول ، وعلفها البعض الآخر ، قال الشيخ تعالى : يحكم للأغلب (٤). وبه قال أبو حنيفة وأحمد وبعض الشافعية ، لأنّ اسم السوم لا يزول مع القلّة ، وخفّة المئونة موجودة فكانت زكاة السوم واجبة كالزرع إذا سقي سيحا وناضحا (٥).
وقال بعض الشافعية : إن علفها يوما أو يومين لم يبطل حكم السوم ، وإن علفها ثلاثة أيّام زال حكم السوم ، لأنّ ثلاثة أيّام لا تصبر عن العلف ، وما دون ذلك تصبر عن العلف ، ولا تتلف بتركه (٦).
وقال بعضهم : إنّما يثبت حكم العلف بأن ينوي علفها ويفعله وإن كان مرّة ، كما لو كان له ذهب فنوى صياغته وصاغه انقطع حوله (٧).
__________________
(١) المدونة الكبرى ١ : ٣١٣ ، القوانين الفقهية : ١٠٧ ، المغني ٢ : ٤٥٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٧٥ ، عمدة القارئ ٩ : ٢٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢.
(٢) حلية العلماء ٣ : ٢٢.
(٣) سنن أبي داود ٢ : ١٠٠ ـ ١٥٧٢.
(٤) المبسوط للطوسي ١ : ١٩٨.
(٥) المبسوط للسرخسي ٢ : ١٦٦ ، المغني ٢ : ٤٣٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٧٦ ، المجموع ٥ : ٣٥٨ ، حلية العلماء ٣ : ٢٣.
(٦) المجموع ٤ : ٣٥٧ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٥ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢.
(٧) حلية العلماء ٣ : ٢٣ ، المجموع ٥ : ٣٥٨ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٦.
ولأنّ السوم موجب ، والعلف مسقط ، وإذا اجتمعا غلّب الإسقاط ، كما لو كان معه أربعون منها واحدة معلوفة لم تجب ، تغليبا للمسقط ، والزرع اعتبر فيه الأكثر ، لأنّه غير مسقط ، بخلاف مسألتنا.
والأقرب عندي اعتبار الاسم ، فإن بقي عليها اسم السوم وجبت وإلاّ سقطت.
فروع :
أ ـ إذا خرجت عن اسم السوم بالعلف ، ثم عادت إليه استؤنف الحول من حين العود ، ولا فرق بين أن يعلفها مالكها أو غيره ، بإذنه أو بغير إذنه من مال المالك.
ولو علفها من ماله ، فالأقرب إلحاقها بالسائمة ، لعدم المئونة حينئذ ، ولا فرق بين أن يكون العلف لعذر كالثلج أو لا.
ب ـ لو علفها بقصد قطع الحول وخرجت عن اسم السائمة انقطع الحول.
وقال الشافعي : لا ينقطع (١). وسيأتي بحثه في قاصد الفرار بالسبك (٢).
ج ـ لو تساوى زمان العلف والسوم ، فعندنا لا زكاة ، وعلى قول الشيخ من اعتبار الأغلب ينبغي السقوط أيضا.
د ـ لو اعتلفت من نفسها حتى خرجت عن اسم السائمة سقطت الزكاة ، ومن اعتبر القصد من الشافعيّة لم يسقطها ، وأسقطها بعضهم ، لخروجها عن اسم السوم (٣).
هـ ـ لو غصب سائمته غاصب فلا زكاة عندنا.
__________________
(١) المجموع ٥ : ٣٥٨.
(٢) يأتي في الفرع « و» من المسألة ٧١.
(٣) المجموع ٥ : ٣٥٨ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٦ ـ ٤٩٧.
ومن أوجبها في المغصوب فعنده وجهان : الوجوب ، لأنّ فعل الغاصب عديم الأثر ، وكذا لو غصب ذهبا واتّخذ منه حليّا لا تسقط. وهو ممنوع.
والعدم ، لفوات شرط السوم ، كما لو ذبح بعض الماشية (١).
ولو غصب معلوفة وأسامها ، فوجهان : الوجوب ، لحصول الرفق ، كما لو غصب حنطة وبذرها يجب العشر في النابت ، والمنع (٢) ، لما تقدّم.
فإن وجبت قيل : تجب على الغاصب ، لأنّه من فعله. وقيل : على المالك.
ففي رجوعه على الغاصب وجهان : المنع ، لأنّ السبب في الوجوب ملك المالك ، والرجوع ، لأنّه لو لا الإسامة لم تجب.
وهل يرجع قبل الإخراج أو بعده؟ وجهان (٣) ، وهذا كلّه ساقط عندنا.
مسألة ٣١ : المال الذي تجب فيه الزكاة ضربان : ما هو نماء في نفسه ، وما يرصد للنماء ، فالأول الحبوب والثمار ، فإذا تكامل نماؤه وجبت فيه الزكاة ولا يعتبر فيه حول.
وما يرصد للنماء كالمواشي يرصد للدرّ والنسل ، والذهب والفضّة للتجارة ، فإنه لا تجب فيه الزكاة حتى يمضي حول من حين تمّ نصابه في ملكه ، وبه قال جميع الفقهاء (٤).
لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول ) (٥).
__________________
(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٤٩ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٧ ، المجموع ٥ : ٣٥٩ ، حلية العلماء ٣ : ٢٣.
(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٤٩ ـ ١٥٠ ، المجموع ٥ : ٣٥٩ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٣.
(٣) المجموع ٥ : ٣٥٩ ، فتح العزيز ٥ : ٤٩٧ ـ ٤٩٨.
(٤) المجموع ٥ : ٣٦١.
(٥) سنن أبي داود ٢ : ١٠٠ ـ ١٠١ ـ ١٥٧٣ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧١ ـ ١٧٩٢ ، سنن الدارقطني ٢ : ٩٠ ـ ٩١ ـ ٣ ، وسنن البيهقي ٤ : ٩٥.
ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادق عليهماالسلام : « ليس على العوامل من الإبل والبقر شيء ، إنما الصدقات على السائمة الراعية ، وكلّ ما لم يحل عليه الحول عند ربّه فلا شيء عليه فيه ، فإذا حال الحول وجب عليه » (١).
وقول الباقر عليهالسلام : « الزكاة على المال الصامت الذي يحول عليه الحول ولم يحرّكه » (٢).
وحكي عن ابن عباس وابن مسعود أنهما قالا : إذا استفاد المال زكّاه في الحال ، ثم تتكرّر الزكاة بتكرّر الحول (٣) ، لأنّه مال تجب فيه الزكاة فوجبت حال استفادته كالحبوب والثمار.
والفرق : أن الغلاّت يتكامل نماؤها دفعة ، ولهذا لا تتكرّر الزكاة فيها بخلاف هذه.
مسألة ٣٢ : يشترط بقاء النصاب طول الحول ، فلو نقص في وسطه أو أحد طرفيه وكمل اعتبر ابتداء الحول من حين الكمال ، وسقط حكم الأول عند علمائنا ، وبه قال الشافعي وأحمد (٤).
لقوله عليهالسلام : ( لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول ) (٥) وهو يقتضي مرور الحول على جميعه.
ولأنّ ما اعتبر في طرفي الحول اعتبر في وسطه كالملك والإسلام.
وحكي عن أبي حنيفة : أنّ النصاب إذا كمل طرفي الحول لم يضرّ نقصه
__________________
(١) الكافي ٣ : ٥٣٤ ـ ١ ، التهذيب ٤ : ٤١ ـ ١٠٣ ، الاستبصار ٢ : ٢٣ ـ ٦٥.
(٢) التهذيب ٤ : ٣٥ ـ ٩٠.
(٣) المغني ٢ : ٤٩٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦١ ، المجموع ٥ : ٣٦١ ، حلية العلماء ٣ : ٢٥ ، الميزان للشعراني ٢ : ٢.
(٤) المجموع ٥ : ٣٦٠ ، المغني ٢ : ٤٩٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٤.
(٥) تقدمت مصادره في المسألة ٣١.
في وسطه (١). وليس بجيّد.
مسألة ٣٣ : وحولان الحول هو مضيّ أحد عشر شهرا كاملة على المال ، فإذا دخل الثاني عشر وجبت الزكاة وإن لم تكمل أيامه ، بل تجب بدخول الثاني عشر عند علمائنا أجمع.
لقول الصادق عليهالسلام ، وقد سئل عن رجل كانت له مائتا درهم فوهبها بعض إخوانه أو ولده أو أهله فرارا من الزكاة : « إذا دخل الثاني عشر فقد حال عليه الحول ووجبت عليه الزكاة » (٢).
فروع :
أ ـ في احتساب الثاني عشر من الحول الأول أو الثاني إشكال ينشأ من أنّه من تمام الأول حقيقة ، ومن صدق الحولان باستهلال الثاني عشر.
ب ـ لو تلف بعض النصاب قبل الحول فلا زكاة ، وبعده يجب الجميع إن فرّط وإلاّ فبالنسبة.
ج ـ لو ارتدّ في أثناء الحول عن فطرة استأنف ورثته الحول ، ولو كان عن غيرها أتمّ.
مسألة ٣٤ : لا تجب الزكاة في السخال وهي أولاد الغنم أوّل ما تلدها حتى يحول عليها الحول من حين سومها ، ولا يبنى على حول الأمّهات ، فلو كان عنده أربع ، ثم نتجت وجبت الشاة إذا استغنت بالرعي حولا.
ولو كان عنده خمس ستة أشهر ، ثم نتجت خمسا ، وتمّ الحول وجبت الزكاة في الخمس لا غير عند علمائنا ، وبه قال الحسن البصري والنخعي (٣).
لقوله عليهالسلام : ( لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول ) (٤)
__________________
(١) بدائع الصنائع ٢ : ٥١ ، المغني ٢ : ٤٩٥.
(٢) الكافي ٣ : ٥٢٦ ـ ٤ ، التهذيب ٤ : ٣٦ ـ ٩٢.
(٣) المغني ٢ : ٤٧٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٠ ، المجموع ٥ : ٣٧٤ ، حلية العلماء ٣ : ٢٩.
(٤) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في المسألة ٣١.
ولأصالة البراءة.
وقال الشافعي : السخال تضمّ إلى الأمّهات في حولها بثلاث شرائط : أن تكون متولّدة منها ، وأن تكون الأمّهات نصابا ، وأن توجد معها في بعض الحول ، فلو لم تكن متولّدة منها ، بل كان الأصل نصابا ، فاستفاد مالا من غيرها ، وكانت الفائدة من غير عينها لم تضمّ إليها ، وكان حول الفائدة معتبرا بنفسها سواء كانت الفائدة من جنسها بأن يحول على خمسة من الإبل ستة أشهر ، ثم تملّك خمسا منها أو من غير جنسها مثل أن حال على خمسة من الإبل ستة أشهر ، ثمّ ملك ثلاثين بقرة.
ولو ملك عشرين شاة ستة أشهر فزادت حتى بلغت أربعين كان ابتداء الحول من حين كملت نصابا سواء كانت الفائدة من عينها أو من غيرها ، لقصور الأمّهات عن النصاب.
ولو وجدت بعد انقضاء الحول لم تضمّ إليها.
واحتجّ على التبعيّة : بقول علي عليهالسلام : « اعتد عليهم بالكبار والصغار » (١).
وقال عمر لساعيه : اعتد عليهم بالسخلة (٢). ولا مخالف لهما فكان إجماعا ، ولأنّ النماء إذا تبع الأصل في الملك تبعه في الزكاة كأموال التجارة (٣).
والجواب : نقول بموجب الحديث ، فإنّ السخال والصغار تجب فيهما الزكاة مع حصول السوم ، ونمنع حكم الأصل.
ونازع أبو حنيفة الشافعي في الشرط الأول ، فقال : إذا استفاد سخالا
__________________
(١) أورد قولهما أبو إسحاق الشيرازي في المهذب ١ : ١٥٠ ـ ١٥١ ، والرافعي في فتح العزيز ٥ : ٤٨٣ ، وانظر أيضا لقول عمر : الموطأ ١ : ٢٦٥ ذيل الحديث ٢٦ ، وسنن البيهقي ٤ : ١٠١.
(٢) أورد قولهما أبو إسحاق الشيرازي في المهذب ١ : ١٥٠ ـ ١٥١ ، والرافعي في فتح العزيز ٥ : ٤٨٣ ، وانظر أيضا لقول عمر : الموطأ ١ : ٢٦٥ ذيل الحديث ٢٦ ، وسنن البيهقي ٤ : ١٠١.
(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٠ ـ ١٥١ ، المجموع ٥ : ٣٧٣ ـ ٣٧٤ ، فتح العزيز ٥ : ٤٨٣.
من غير غنمه في أثناء الحول ضمّ إلى ماله إذا كان من جنسه ، وكان حول الأمّهات حول السخال ، وإن لم تكن من جنسه كسخال الإبل مع الغنم لم تضمّ ، فلو كان عنده خمس من الإبل حولا إلاّ يوما فملك خمسا من الإبل ، ثم مضى اليوم زكّى المالين معا ، وبه قال مالك (١).
لكن انفرد أبو حنيفة بأنّه إن زكّى بدلها لم تضمّ مثل أن كان عنده خمس من الإبل ومائتا درهم أخرج زكاة المائتين ، ثم اشترى بها خمسا من الإبل لم تضمّ إلى التي كانت عنده في الحول ، وإن لم يزكّ المبدل ضمّهما معا ، ولو كان عنده عبد وأخرج زكاة الفطرة عنه ، ثم اشترى به خمسا من الإبل ضمّها إلى ما عنده (٢).
واحتجّ أبو حنيفة على الضمّ وإن لم يكن من أصله : بأنّ الحول أحد شرطي الزكاة فوجب أن يضمّ المستفاد إلى النصاب فيه كالنصاب ـ وينتقض بالمزكّى بدله ـ ولأنّ الضمّ في النصاب إنّما هو في المستقبل فكذا في الحول.
وينتقض بقوله عليهالسلام : ( ليس في مال المستفيد زكاة حتى يحول عليه الحول ) (٣).
ولأنّها فائدة لم تتولّد ممّا عنده فلم تضمّ إليه في حوله كالتي زكّي بدلها أو كانت من غير جنسه.
ونازع مالك الشافعي في الشرط الثاني ، فقال : لو كانت الغنم أقلّ من أربعين ، ومضى عليها بعض الحول ، ثم توالدت وتمّت الأربعين اعتبر الحول من حين ملك الأصول ، وهو إحدى الروايتين عن أحمد ، لأنّ السخال إنّما تضمّ في الزكاة فتجب أن تضمّ إلى ما دون النصاب كأرباح التجارات (٤).
__________________
(١) المجموع ٥ : ٣٧٤ ، فتح العزيز ٥ : ٤٨٣ ـ ٤٨٤ ، القوانين الفقهية : ١٠٧ ـ ١٠٨.
(٢) فتح العزيز ٥ : ٤٨٤.
(٣) سنن الدارقطني ٢ : ٩٠ ـ ٢ ، سنن البيهقي ٤ : ١٠٤.
(٤) المدونة الكبرى ١ : ٣١٣ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٩٢ ، التفريع ١ : ٢٨٣ ، المغني ٢ : ٤٧٠ ـ ٤٧١ ، حلية العلماء ٣ : ٢٩.
ونمنع الحكم في الأصل ، وللفرق بأنّ مراعاة القيمة في كلّ حال يشقّ فاعتبر آخر الحول بخلاف السخال ، لأنّ الزكاة تجب في عينها فلا يشقّ ذلك فيه فاعتبر في جميع الحول ، كما لو تمّت بغير سخالها.
فروع :
أ ـ لو نتجت بعد الحول وقبل إمكان الأداء لم تضمّ عندنا ، وهو ظاهر.
وللشافعي قولان مبنيّان على وجوب الزكاة هل يتعلّق بإمكان الأداء أم لا؟
فإن قيل : بأنّه شرط الوجوب ضمّت ، وإن قيل : إنّه شرط الضمان لم تضمّ (١).
ب ـ لا تؤخذ السخلة في الزكاة إجماعا ، أمّا عندنا ، فلعدم الوجوب ، وأمّا المخالف ، فلقول عمر : اعتد عليهم بالسخلة يروح بها الراعي على يديه ولا تأخذها منهم (٢).
ولو كان النصاب كلّه صغارا جاز أخذ الصغيرة ، وإنّما يتصوّر عندهم لو بدّل كبارا بصغار في أثناء الحول ، أو كان عنده نصاب من الكبار فتوالدت نصابا من الصغار ثم ماتت الأمّهات ، وحال الحول على الصغار ، وهو ظاهر قول أحمد (٣).
وقال مالك : لا يؤخذ إلاّ كبيرة تجزي في الأضحية (٤) ، لقوله عليهالسلام : ( إنّما حقّنا في الجذعة أو الثنيّة ) (٥).
وهو محمول على ما فيه كبار.
ج ـ لو ملك نصابا من الصغار انعقد عليه حول الزكاة من حين ملكه إذا
__________________
(١) المجموع ٥ : ٣٧٣ ، فتح العزيز ٥ : ٤٧٣ ، حلية العلماء ٣ : ٣٢.
(٢) نقله ابنا قدامة في المغني ٢ : ٤٧٠ ، والشرح الكبير ٢ : ٥٠٩.
(٣) المغني ٢ : ٤٧١ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٠٦.
(٤) المغني ٢ : ٤٧١ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٠٦.
(٥) أورده ابنا قدامة في المغني ١ : ٤٧١ ، والشرح الكبير ٢ : ٥٠٦.
صدق عليه اسم السوم وإلاّ فلا.
وقال أبو حنيفة وأحمد ـ في رواية ـ : لا ينعقد عليه الحول حتى يبلغ سنّا يجزئ مثله في الزكاة ، وهو محكي عن الشعبي (١).
لقوله عليهالسلام : ( ليس في السخال زكاة ) (٢).
ولأنّ السنّ معنى يتغيّر به الفرض فكان لنقصانه تأثير في الزكاة كالعدد.
وفي رواية عن أحمد : أنّها ينعقد عليها الحول من حين الملك وإن لم تكن سائمة ، لأنّها تعدّ مع غيرها فتعدّ منفردة كالامّهات (٣) ، والعلّة ممنوعة.
د ـ قد بيّنا أنّه لا زكاة في السخال ، ولا تضمّ مع الأمّهات ، وعند الشافعي تضمّ بالشروط الثلاثة (٤).
فلو اختلف الساعي وربّ المال في شرط منها ، فقال المالك : هذه السخال من غيرها ، أو كانت أقلّ من نصاب ، أو نتجتها بعد تمام الحول.
وخالف الساعي ، قدّم قول المالك ، لأنّه أمين فيما في يده ، لأنّها تجب على طريق المواساة والرفق ، فقبل قوله فيه من غير يمين.
هـ ـ إذا ضمّت السخال إلى الأمّهات ـ على رأي الشافعي ـ ثم تلف بعض الأمّهات أو جميعها وبقي نصاب لم ينقطع الحول ، وبه قال مالك (٥) ، لأنّ السخال قد ثبت لها حكم الحول تبعا للأمّهات ، فصارت كما لو كانت موجودة في جميع الحول ، فموت الأمّهات أو نقصانها لا يبطل ما ثبت لها ، كما أنّ ولد أمّ الولد ثبت له حكم الاستيلاد على وجه التبع لأمّه ، فإذا ماتت
__________________
(١) المغني ٢ : ٤٧٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٤ ، حلية العلماء ٣ : ٢٩.
(٢) أورده ابنا قدامة في المغني ٢ : ٤٧٣ ، والشرح الكبير ٢ : ٤٦٤.
(٣) المغني ٢ : ٤٧٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٣.
(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٥٠ ـ ١٥١ ، المجموع ٥ : ٣٧٣ ـ ٣٧٤ ، فتح العزيز ٥ : ٤٨٣
(٥) التفريع ١ : ٢٨١ ـ ٢٨٢ ، بلغة السالك ١ : ٢٠٧ ، فتح العزيز ٥ : ٣٧٩ ـ ٣٨٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢٩.
الامّ لم يبطل حكم الاستيلاد للولد.
وقال بعض الشافعية : إذا نقصت الأمّهات عن النصاب بطل حكم الحول فيها وفي السخال ، لأنّ السخال إنّما ضمّت إليها على وجه التبع ، فإذا نقصت الأمّهات لم تتبعها السخال ، كما لا تتبعها في الابتداء لو كانت ناقصة (١).
ولو تلفت جميع الأمّهات ، قال الشافعي : لا ينقطع الحول إذا كانت نصابا (٢) ، لأنّ كلّ نوع يعدّ في الزكاة مع غيره يعدّ وحده كالثنايا والجذاع.
وقال أبو حنيفة : ينقطع الحول وإن كانت نصابا ، ولو بقي واحدة لم ينقطع (٣).
ولو ملك أربعين صغيرة انعقد الحول عند الشافعي (٤) ، خلافا له (٥) ، لقوله عليهالسلام : ( ليس في السخال زكاة ) (٦).
و ـ لو كانت في الإبل فصلان ، وفي البقر عجاجيل ، فإن سامت حولا اعتبرت ، وإلاّ فلا ، والمخالفون في السخال خالفوا هنا.
إذا عرفت هذا ، فلو كانت الإبل كلّها فصلانا والبقر عجاجيل أخذ واحد منها.
__________________
(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٥١ ، المجموع ٥ : ٣٧٣ ـ ٣٧٤ ، فتح العزيز ٥ : ٣٨٠ ، حلية العلماء ٣ : ٢٩.
(٢) الام ٢ : ١٢ ، مختصر المزني : ٤٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٥١ ، المجموع ٥ : ٣٧٣ ، فتح العزيز ٥ : ٣٨٠ ، و ٤٨٦.
(٣) بدائع الصنائع ٢ : ٣١ ـ ٣٢ ، شرح العناية ٢ : ١٣٩ ، فتح العزيز ٥ : ٣٨٠ و ٤٨٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٩.
(٤) فتح العزيز ٥ : ٣٨٠ ، مغني المحتاج ١ : ٣٧٦.
(٥) المغني ٢ : ٤٧٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٦٤ ، فتح العزيز ٥ : ٣٨٠ ، شرح فتح القدير ٢ : ١٣٩ ـ ١٤٠.
(٦) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في الفرع « ج ».
وقال بعض الشافعية : لا يؤخذ إلاّ السنّ المنصوص عليه ، لأنّا لو أخذنا واحدا منها لسوّينا بين خمس وعشرين وإحدى وستين ، وأخذنا فصيلا من كلّ واحد من العددين وهو غير جائز ، فتؤخذ كبيرة بالقيمة بأن يقول : كم قيمة خمس وعشرين كبارا؟ فإذا قيل : مائة ، قيل : كم قيمة بنت مخاض؟ فإذا قيل : عشرة ، فيقال : كم قيمتها فصلانا؟ فيقال : خمسون. أخذ بنت مخاض قيمتها خمسة (١).
وقال بعض الشافعية : إنّما يفعل ذلك ما دام الفرض يتغيّر بالكبر ، فإذا تغيّر بالعدد كستّ وسبعين أخذ من الصغار (٢).
وليس بجيّد ، لأدائه إلى التسوية بين الأربعين والخمسين ، وبين الثلاثين والأربعين في البقر ، والنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فرّق بينهما (٣).
مسألة ٣٥ : أوّل نصب الإبل خمس ، وفيها شاة ، فلا يجب فيما دونها شيء ، ثم عشر ، وفيه شاتان ، ثم خمس عشرة ، وفيه ثلاث شياه ، ثم عشرون ، وفيه أربع شياه ، وهذا كلّه بإجماع علماء الإسلام.
فإذا بلغت خمسا وعشرين ، فأكثر علمائنا على أنّ فيها خمس شياه إلى ست وعشرين ، ففيها حينئذ بنت مخاض (٤).
لقول علي عليهالسلام : « في خمس وعشرين خمس شياه » (٥).
ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادق عليهماالسلام : « في خمس
__________________
(١) فتح العزيز ٥ : ٣٨٠ ـ ٣٨١.
(٢) فتح العزيز ٥ : ٣٨١.
(٣) سنن أبي داود ٢ : ١٠٠ و ١٠١ ـ ١٥٧٢ و ١٥٧٦ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٠ ـ ٦٢٢ ، سنن النسائي ٥ : ٢٥ ـ ٢٦ ، سنن الدارقطني ٢ : ٩٤ ـ ٢ ، وسنن البيهقي ٤ : ٩٨ ـ ٩٩.
(٤) منهم : السيد المرتضى في الانتصار : ٨٠ والشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ١٩١ ، وسلاّر في المراسم ١٢٩ ـ ١٣٠ ، والمحقّق في المعتبر : ٢٥٩.
(٥) سنن البيهقي ٤ : ٩٣.
وعشرين خمس من الغنم » (١).
ولأنّ الخمس الزائدة على العشرين كالخمس السابقة ، ولأنّا لا ننتقل من الشاة إلى الجنس بزيادة خمس في شيء من نصب الزكاة المنصوصة.
وقال ابن أبي عقيل منّا : في خمس وعشرين بنت مخاض (٢) ، وهو قول الجمهور (٣) كافة ، لأنّ أبا بكر كتب لأنس لمّا وجّهه إلى البحرين كتاب الصدقة التي فرض رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : فإذا بلغت خمسا وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض (٤).
ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادق عليهماالسلام : « في كلّ خمس شاة حتى تبلغ خمسا وعشرين ، فإذا بلغت ذلك ففيها بنت مخاض » (٥).
ونمنع الاحتجاج برواية أبي بكر ، لجواز أن يكون رأيا له ، أو يضمر فيها زيادة واحدة ، وهو جواب الثانية.
وقال ابن الجنيد : يجب بنت مخاض أو ابن لبون ، فإن تعذّر فخمس شياه (٦).
مسألة ٣٦ : إذا بلغت ستّا وثلاثين ففيها بنت لبون إلى خمس وأربعين ، فإذا زادت واحدة ففيها حقّة إلى ستين ، فإذا زادت واحدة وبلغت إحدى وستّين
__________________
(١) المعتبر : ٢٥٩ ، الفقيه ٢ : ١٢ ـ ٣٣ وفيه عن الإمام الباقر عليهالسلام ، والتهذيب ٤ : ٢٠ ـ ٥٢ ، والاستبصار ٢ : ١٩ ـ ٥٦ وفيهما عن الإمام الصادق عليهالسلام.
(٢) حكاه عنه المحقق في المعتبر : ٢٥٩.
(٣) المجموع ٥ : ٣٨٩ ، فتح العزيز ٥ : ٣١٨ ، المغني ٢ : ٤٣٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٨٢ ، بدائع الصنائع ٢ : ٢٦ ، بداية المجتهد ١ : ٢٥٩ ، حلية العلماء ٣ : ٣٤.
(٤) صحيح البخاري ٢ : ١٤٦ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٦ ـ ١٥٦٧ ، سنن النسائي ٥ : ١٨ ـ ١٩ ، وسنن البيهقي ٤ : ٨٥.
(٥) الكافي ٣ : ٥٣١ ـ ١ ، التهذيب ٤ : ٢٢ ـ ٥٥ ، الاستبصار ٢ : ٢٠ ـ ٥٩.
(٦) حكاه عنه المحقّق في المعتبر : ٢٥٩.
ففيها جذعة إلى خمس وسبعين ، فإذا صارت ستّا وسبعين ففيها بنتا لبون إلى تسعين ، فإذا صارت إحدى وتسعين ففيها حقّتان إلى مائة وعشرين ، وهذا كلّه لا خلاف فيه بين العلماء ، لأنّه في كتاب أبي بكر لأنس (١).
ومن طريق الخاصة قول الصادق عليهالسلام : « فإذا كانت خمسا وعشرين ففيها خمس من الغنم ، فإذا زادت واحدة ففيها ابنة مخاض إلى خمس وثلاثين ، فإن لم تكن ابنة مخاض فابن لبون ذكر ، فإذا زادت واحدة على خمس وثلاثين ففيها ابنة لبون أنثى إلى خمس وأربعين ، فإذا زادت واحدة ففيها حقّة إلى ستّين ، فإذا زادت واحدة ففيها جذعة إلى [ خمس و ] (٢) سبعين ، فإذا زادت واحدة ففيها بنتا لبون إلى تسعين ، فإذا زادت واحدة ففيها حقّتان إلى عشرين ومائة ، فإذا كثرت الإبل ففي كلّ خمسين حقّة » (٣).
مسألة ٣٧ : إذا زادت على مائة وعشرين ولو واحدة وجب في كلّ خمسين حقّة ، وفي كل أربعين بنت لبون ، فتجب هنا ثلاث بنات لبون إلى مائة وثلاثين ففيها حقّة وبنتا لبون إلى مائة وأربعين ففيها حقّتان وبنت لبون إلى مائة وخمسين ففيها ثلاث حقاق ، وعلى هذا الحساب بالغا ما بلغ عند علمائنا ، وبه قال ابن عمر وأبو ثور والأوزاعي والشافعي وإسحاق وأحمد في إحدى الروايتين ، ومالك في إحدى الروايتين (٤).
لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كلّ أربعين بنت لبون ) (٥) والواحدة زيادة.
__________________
(١) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في المسألة السابقة (٣٥).
(٢) زيادة أثبتناها من المصدر.
(٣) التهذيب ٤ : ٢٠ ـ ٥٢ ، الإستبصار ٢ : ١٩ ـ ٥٦
(٤) الام ٢ : ٤ ، المهذّب للشيرازي ١ : ١٥٢ ، المجموع ٥ : ٤٠٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣٦ ، فتح العزيز ٥ : ٣١٩ ، المغني ٢ : ٤٤٥ ـ ٤٤٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٨٦ ـ ٤٨٧ ، التفريع ١ : ٢٨٢ ، بداية المجتهد ١ : ٢٥٩.
(٥) صحيح البخاري ٢ : ١٤٦ ، سنن النسائي ٥ : ٢٠ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٧ ـ ١٥٦٧ ، وسنن البيهقي ٤ : ٨٥.
وفي لفظ : ( إلى عشرين ومائة ، فإذا زادت واحدة ففي كلّ أربعين بنت لبون ، وفي كلّ خمسين حقه ) (١).
ومن طريق الخاصة قول الباقر والصادق عليهماالسلام : « فإذا زادت واحدة على عشرين ومائة ففي كلّ خمسين حقّة ، وفي كلّ أربعين بنت لبون » (٢).
ولأنّ سائر ما جعله النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم غاية للفرض إذا زاد عليه واحدة تغيّر الفرض.
وقال أحمد ـ في الرواية الأخرى ـ وأبو عبيد : لا يتغيّر الفرض حتى تبلغ مائة وثلاثين فيكون فيها حقّة وبنتا لبون ، لأنّ الفرض لا يتغيّر بزيادة الواحدة كسائر الفروض ، ولو سلّم فكذا هنا ، لأنّ الواحدة إنّما ( تغيّر ) (٣) بها مع ما قبلها فأشبهت الواحدة الزائدة على الستين ( والتسعين ) (٤) (٥).
وقال مالك في الرواية الأخرى : إذا زادت تغيّر الفرض إلى تخيير الساعي بين الحقّتين وثلاث بنات لبون (٦).
وقال ابن مسعود والنخعي والثوري وأبو حنيفة : إذا زادت الإبل على عشرين ومائة استؤنفت الفريضة في كلّ خمس شاة إلى مائة وأربعين ففيها
__________________
(١) سنن الدارقطني ٢ : ١١٥ ـ ٣.
(٢) الكافي ٣ : ٥٣١ ـ ١ ، التهذيب ٤ : ٢٢ ـ ٥٥ ، الإستبصار ٢ : ٢٠ ـ ٥٩.
(٣) أي : تغيّر الفرض. وورد بدل ما بين القوسين في النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق : يعتبر. وفي الطبعة الحجرية : يعتد. وما أثبتناه من المغني والشرح الكبير. لاحظ : المصادر في الهامش (٥) الآتي.
(٤) ورد بدل ما بين القوسين في النسخ الخطية والطبعة الحجرية : السبعين. وما أثبتناه من المغني والشرح الكبير. لاحظ : الهامش التالي.
(٥) المغني ٢ : ٤٤٥ ـ ٤٤٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٤٨٧ ، والمجموع ٥ : ٤٠٠ ، وفتح العزيز ٥ : ٣٢٠.
(٦) التفريع ١ : ٢٨٢ ، بداية المجتهد ١ : ٢٥٩ ، الشرح الصغير ١ : ٢٠٨ ، المجموع ٥ : ٤٠٠ ، فتح العزيز ٥ : ٣٢٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣٦.