مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٠
الصفحات: ٢٦٢
محتويات العدد
*تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات (١٠).
................................................... السيّد علي الحسيني الميلاني ٧
*دور الشيخ الطوسي في علوم الشريعة الاسلامية (١).
.................................................... السيّد ثامر هاشم العميدي ٣٦
*إتمام النعمة بتصحيح حديث : عليٌّ باب دار الحكمة
................................... السيّد حسن الحسيني آل المجدّد الشيرازي ٤٤
*فهرس مخطوطات مكتبة القائيني (٣).
.......................................... الشيخ علي الفاضل القائيني النجفي ١٠٥
*مصطلحات نحوية (٩).
...................................................... السيّد علي حسن مطر ١٤٤
*من ذخائر التراث :
*تنزيه القمّيّين ـ للشريف أبي الحسن الفتوني العاملي.
......................... تحقيق : كاظم الشيخ محمّد تقي الجواهري ١٦٣
*من أنباء التراث.
................................................................ هيئة التحرير ٢٤٣
*صورة الغلاف : نموذج من مخطوطة تنزيه القمّيّين للشريف أبي الحسن الفتوني العاملي (١٠١٧ ـ ١١٣٨ هـ) المنشورة في هذا العدد ، ص ١٦٣ ـ ٢٤٢.
تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات (١٠) |
|
السيد علي الحسيني الميلاني
الفصل الرابع
في الجواب عن المعارضة
وقد عقدنا هذا الفصل للتحقيق حول أحاديث يروونها في فضل أبي بكر ، أو الشيخين ، أو الصحابة قاطبة ، فحاول بعضهم أن يعارض بها الأحاديث الواردة في الآية المباركة (١) ونظائرها.
١ ـ حديث الاقتداء بالشيخين :
ذكر هذا الحديث في هذا المقام : الآلوسي في تفسيره روح المعاني.
وقد سبقه في الاستدلال به في مباحث الإمامة عدة من أعلام القوم : كالقاضي عضد الدين الإيجي في المواقف ، وشارحه الشريف الجرجاني في شرح المواقف ، والسعد التفتازاني في شرح المقاصد ، وابن تيمية في منهاج السنة ، وابن حجر المكي في الصواعق المحرقة ، وولي الله الدهلوي في
__________________
(١) سورة الرعد ١٣ : ٧.
قرة العينين في تفضيل الشيخين ، وابنه عبد العزيز صاحب التحفة الاثنا عشرية ، وغيرهم.
كما تجد الاستدلال به في مسألة انعقاد الإجماع بأبي بكر وعمر ، في كثير من كتب علم أصول الفقه ، نذكر منها : المختصر لابن الحاجب وشرحه ، والمنهاج للبيضاوي وشروحه ، ومسلم الثبوت للقاضي البهاري وشرحه ...
هذا ، وقد ظهر لنا ـ لدى التحقيق ـ أن الشهاب الآلوسي إنما ينتحل في هذه المباحث مطالب عبد العزيز الدهلوي في كتاب التحفة الاثنا عشرية (١) ، الذي اختصر ترجمته محمود شكري الآلوسي ، ونشره بعنوان مختصر التحفة الاثني عشرية.
التحقيق في أسانيده :
وعلى كل حال ، فقد اقتضى استدلال بعضهم بهذا الحديث في هذا المقام لغرض المعارضة ، أن نتكلم حوله ببعض التفصيل ، ليتبين حاله فلا يعارض به شئ من أدلة أصحابنا في مختلف المجالات ، فنقول :
هذا الحديث مما أعرض عنه البخاري ومسلم ، ولم يخرجه من أرباب السنن سوى الترمذي وابن ماجة ، وأخرجه أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك ، ولم يرووه إلا عن حذيفة وابن مسعود.
* فرووه عن حذيفة بن اليمان لكن بأسانيد ينتهي جلها إلى : «عبد الملك بن عمير ، عن ربعي بن حراش ، عن حذيفة» (٢).
__________________
(١) كما ظهر لدى التحقيق أن كتاب «التحفة» منتحل من كتاب «الصواقع الموبقة» لنصر الله الكابلي.
(٢) مسند أحمد بن
حنبل ٥ / ٣٨٢ و ٣٨٥ ، صحيح الترمذي ، باب
مناقب أبي بكر
* و «عبد الملك بن عمير» رجل مدلس ، ضعيف جدا ، كثير الغلط ، مضطرب الحديث جدا ، كما في كتب الرجال :
فقد قال أحمد : «مضطرب الحديث جدا مع قلة روايته ، ما أرى له خمسمائة حديث وقد غلط في كثير منها».
وقال إسحاق بن منصور : «ضعفه أحمد جدا» وعن أحمد أيضا : «ضعيف يغلط».
وقال ابن معين : «مخلط».
وقال أبو حاتم : «ليس بحافظ ، تغير حفظه» وقال : «لم يوصف بالحفظ».
وقال ابن خراش : «كان شعبة لا يرضاه».
وقال الذهبي : «وأما ابن الجوزي ، فذكره فحكى الجرح وما ذكر التوثيق».
وقال السمعاني وابن حجر : «كان مدلسا» (١).
ومن مساوئ هذا الرجل : أنه ذبح رسول الإمام الحسين السبط الشهيد عليهالسلام إلى أهل الكوفة ، فإنه لما رمي بأمر من ابن زياد من فوق القصر وبقي به رمق ، أتاه عبد الملك بن عمير فذبحه ، فلما عيب عليه ذلك قال : إنما أردت أن أريحه (٢).
* ثم إن «عبد الملك بن عمير» لم يسمع الحديث من «ربعي بن
__________________
وعمر ، سنن ابن ماجة ، باب مناقب أبي بكر ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ٧٥.
(١) الأنساب «القبطي» ، تهذيب التهذيب ٦ / ٤١١ ، ميزان الاعتدال ٢ / ٦٦٠ ، تقريبالتهذيب ٦ / ٥٢١ ، المغني في الضعفاء٢ / ٤٠٧.
(٢) تلخيص الشافي ٣ / ٥٣ ، روضة الواعظين : ١٧٧ ، مقتل الحسين : ١٨٥.
حراش» و «ربعي» لم يسمع من «حذيفة بن اليمان». ذكر ذلك المناوي حيث قال : «قال ابن حجر : اختلف فيه على عبد الملك ، وأعله أبو حاتم ، وقال البزار كابن حزم : لا يصح ، لأن عبد الملك لم يسمعه من ربعي ، وربعي لم يسمع من حذيفة» (١).
* ثم قال المناوي «لكن له شاهد».
قلت :
إن أريد حديث ابن مسعود ، كما هو صريح الحاكم والمناوي ، فستعرف ما فيه. وإن أريد حديث حذيفة بسند آخر عن ربعي ، فهو ما رواه الترمذي عن «سالم بن العلاء المرادي ، عن عمرو بن هرم ، عن ربعي بن حراش ، عن حذيفة ..» (٢).
قلت :
مداره على «سالم بن العلاء المرادي» وقد ضعفه ابن معين والنسائي وابن الجارود وابن حزم والذهبي وابن حجر وغيرهم (٣).
* وعن عبد الله بن مسعود عند الترمذي والحاكم ، وهو بسند واحد ، عن إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبي الزعراء ، عن عبد الله بن مسعود (٤).
__________________
(١) فيض القدير في شرح الجامع الصغير ٢ / ٥٦.
(٢) صحيح الترمذي ، باب مناقب أبي بكر وعمر.
(٣) ميزان الاعتدال ٢ / ١١٢ ، الكاشف ١ / ٣٤٤ ، تهذيب التهذيب ٣ / ٤٤٠ ، لسانالميزان ٣ / ٧.
(٤) صحيح الترمذي ٥ / ٦٣٠ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ٧٥.
وإبراهيم ، وأبوه ، وجده ، مقدوحون مجروحون جدا :
* أما «إبراهيم» :
فقد قال الذهبي : «لينه أبو زرعة ، وتركه أبو حاتم» (١).
وحكى ابن حجر ذلك عن ابن أبي حاتم وأقره (٢).
وقال العقيلي : «عن مطين : كان ابن نمير لا يرضاه ويضعفه ، وقال : روى أحاديث مناكير» ، قال العقيلي : «ولم يكن إبراهيم هذا بقيم الحديث» (٣).
* وأما «إسماعيل».
فقد قال الدارقطني والأزدي وغيرهما : «متروك» (٤).
* وأما «يحيى بن سلمة» فقد كان أسوأ حالا منهما :
فقد قال الترمذي : «يضعف في الحديث» (٥).
وقال المقدسي : «ضعفه ابن معين. وقال أبو حاتم : ليس بالقوي ، وقال البخاري : في حديثه مناكير ، وقال النسائي : ليس بثقة ، وقال الترمذي : ضعيف» (٦).
وقال الذهبي : «ضعيف» (٧).
وقال ابن حجر : «ذكره ابن حبان أيضا في الضعفاء فقال : منكر
__________________
(١) ميزان الاعتدال ١ / ٢٠ ، المغني في الضعفاء١ / ١٠.
(٢) تهذيب التهذيب ١ / ١٠٦.
(٣) تهذيب التهذيب ١ / ١٠٦.
(٤) ميزان الاعتدال ١ / ٢٥٤ ، المغني في الضعفاء١ / ٨٩ ، تهذيب التهذيب ١ / ٣٣٦.
(٥) صحيح الترمذي ٥ / ٦٣٠.
(٦) الكمال في أسماء الرجال ـ مخطوط.
(٧) الكاشف ٣ / ٢٥١.
الحديث جدا ، لا يحتج به ، وقال النسائي في الكنى : متروك الحديث ، وقال ابن نمير : ليس ممن يكتب حديثه ، وقال الدارقطني : متروك ، وقال مرة : ضعيف ، وقال العجلي : ضعيف» (١).
أقول :
هذه عمدة أسانيد هذا الحديث.
وقد روي في بعض الكتب عن غير حذيفة وابن مسعود ، مع التنصيص على ضعفه وسقوطه ، فرواه الهيثمي عن الطبراني ، عن أبي الدرداء ، فقال : «وفيه من لم أعرفهم» (٢).
ورواه الذهبي عن عبد الله بن عمر ونص على سقوطه بما لا حاجة إلى نقله ، فراجع (٣).
كلمات الأئمة في بطلانه :
ولهذا ... فقد نص كبار الأئمة الأعلام على سقوط هذا الحديث :
فقد أعله أبو حاتم الرازي ، المتوفى سنة ٢٧٧ ، كما ذكر المناوي (٤) ، وأبو حاتم إمام عصره والمرجوع إليه في مشكلات الحديث ، وهو من أقران البخاري ومسلم .. كما ذكروا بترجمته.
وقال الترمذي ـ بعد أن أخرجه من حديث ابن مسعود ـ : «هذا حديث غريب من هذا الوجه من حديث ابن مسعود ، لا نعرفه إلا من حديث
__________________
(١) تهذيب التهذيب ١١ / ٢٢٥.
(٢) مجمع الزوائد ٩ / ٥٣.
(٣) ميزان الاعتدال ١ / ١٠٥ وص ١٤٢ ،٣ / ٦١٠.
(٤) فيض القدير ٢ / ٥٦.
يحيى بن سلمة بن كهيل ، ويحيى بن سلمة يضعف في الحديث» (١).
وقال الإمام الحافظ الكبير أبو بكر البزار ، المتوفى سنة ٢٧٩ : «لا يصح» ، كما ذكر المناوي (٢).
وقال أبو جعفر العقيلي ، المتوفى سنة ٣٢٢ ، وهو الإمام الكبير في الجرح والتعديل : «حديث منكر لا أصل له من حديث مالك» (٣).
وقال الحافظ الشهير ابن حزم الأندلسي ، المتوفى سنة ٤٧٥ : «أما الرواية : اقتدوا باللذين من بعدي ... فحديث لا يصح ..» (٤).
وقال أيضا : «ولو أننا نستجيز التدليس ... لاحتججنا بما روي : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر. ولكنه لم يصح ، ويعيذنا الله من الاحتجاج بما لا يصح» (٥).
وقال الإمام العلامة قاضي القضاة برهان الدين العبري الفرغاني ، المتوفى سنة ٧٤٣ : «إن الحديث موضوع» (٦).
وقال الحافظ الذهبي ، المتوفى سنة ٧٤٨ ، ببطلانه وسقوطه في مواضع من كتابه ميزان الاعتدال في نقد الرجال ، كما أنه تعقب الحاكم في تصحيحه وقال : «قلت : سنده واه جدا» (٧).
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني ، المتوفى سنة ٨٥٢ ، في لسان
__________________
(١) صحيح الترمذي ٥ / ٦٣٠.
(٢) فيض القدير ٢ / ٥٦.
(٣) الضعفاء الكبير ٤ / ٩٥.
(٤) الإحكام في أصول الأحكام ـ المجلد ٢ ـ ٦ / ٢٤٢ ـ ٢٤٣.
(٥) الفصل في الملل والنحل ٤ / ٨٨.
(٦) شرح المنهاج ـ مخطوط.
(٧) تلخيص المستدرك ٣ / ٧٥.
الميزان بما قاله الذهبي في ميزان الاعتدال في هذا الحديث (١).
هذا ، وقد عرفت تضعيف الحافظ الهيثمي الحديث برواية الطبراني ، وأن العلامة المناوي ضعفه في فيض القدير.
وأورده ابن درويش الحوت ، المتوفى سنة ١٢٧٦ في كتاب أسنى المطالب فذكر أن : أبا حاتم أعله ، وقال البزار ـ كابن حزم ـ : لا يصح ... ، وقال الهيثمي : سندها واه (٢).
أقول :
ولنكتف بهذا المقدار للدلالة على سقوط هذا الحديث الذي وضعوه في فضل الشيخين ، ومن أراد التفصيل فليرجع إلى رسالتنا فيه (٣) ... وبالله التوفيق.
٢ ـ حديث الاقتداء بالصحابة :
وهو المعروف بحديث : «أصحابي كالنجوم ...».
وقد ذكره في هذا المقام للمعارضة : ابن تيمية ، وابن روزبهان ، كلاهما في الرد على استدلال العلامة الحلي بحديثنا في كتابيه منهاج الكرامة ونهج الحق ، وقد تقدم كلامهما (٤).
__________________
(١) لسان الميزان ١ / ١٨٨ وص ٢٧٢ ،٥ / ٢٣٧.
(٢) أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب : ٤٨.
(٣) الرسالة الثانية من كتابنا : الرسائل العشر في الأحاديث الموضوعة في كتب السنة ، المطبوع سنة ١٤١٨ ه ، والمنشورة في مجلة «تراثنا» العدد ٢٠ لسنة ١٤١٠ ه ضمن سلسلة الأحاديث الموضوعة رقم ٢.
(٤) في الصفحات ٧٠ ـ
٧٤ من المقال السابق المنشور في «تراثنا» العددان ٥٠ ـ ٥١
كما أن الشيخ عبد العزيز الدهلوي صاحب كتاب التحفة الاثنا عشرية عارض به حديث «إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي» في مباحث الإمامة في تعليقته على كتابه المذكور (١).
وقد ذكر الأصوليون حديث النجوم في مباحث سنة الصحابي ، ومباحث الإجماع ، من كتبهم في أصول الفقه ، في مقابلة حديث : «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر» وحديث : «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي» (٢).
التحقيق في أسانيده :
والحقيقة : إن كل تلك الأحاديث ساقطة ، سندا.
أما الحديث : اقتدوا باللذين ... فقد عرفت حاله.
وأما الحديث : عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين ... فراجع رسالتنا فيه (٣).
والكلام الآن في حديث : أصحابي كالنجوم ...
وهو حديث غير مخرج في شئ من الصحاح والسنن والمسانيد
__________________
لسنة ١٤١٨ ه.
(١) كذا في عبقات الأنوار ٤ / ٥١٩ ، طبعة إيران.
(٢) شرح المختصر ـ لابن الحاجب ـ ٢ / ٣٦ ، الإبهاج في شرح المنهاج ٢ / ٣٦٧ ، التقرير والتحبير في شرح التحرير ٣ / ٢٤٣ ، فواتح الرحموت في شرح مسلم الثبوت ٢ / ٢٤١ ، وغيرها.
(٣) وهي الرسالة الثالثة من كتابنا : الرسائل العشر في الأحاديث الموضوعة في كتب السنة ، والمنشورة في نشرة «تراثنا» العدد ٢٦ لسنة ١٤١٢ ه ضمن سلسلة الأحاديث الموضوعة برقم ٦.
المشهورة ... وإنما رواه ابن عدي في الكامل في الضعفاء ، والدارقطني في غرائب مالك ، والقضاعي في مسند الشهاب ، وابن عبد البر في جامع بيان العلم ، والبيهقي في المدخل ...
وإليك كلام الحافظ ابن حجر في هذا الحديث :
«حديث : أصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم اهتديتم.
الدارقطني في المؤتلف من رواية سلام بن سليم ، عن الحارث بن غصين ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ، عن جابر ، مرفوعا.
وسلام ضعيف.
وأخرجه في غرائب مالك من طريق حميد بن زيد ، عن مالك ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ـ في أثناء حديث ـ وفيه : فبأي قول أصحابي أخذتم اهتديتم ، إنما مثل أصحابي مثل النجوم ، من أخذ بنجم منها اهتدى.
قال : لا يثبت عن مالك ، ورواته دون مالك مجهولون.
ورواه عبد بن حميد ، والدارقطني في الفضائل من حديث حمزة الجزري ، عن نافع ، عن ابن عمر.
وحمزة اتهموه بالوضع.
ورواه القضاعي في مسند الشهاب من حديث أبي هريرة.
وفيه جعفر بن عبد الواحد الهاشمي ، وقد كذبوه.
ورواه ابن طاهر من رواية بشر بن الحسن ، عن الزبيري ، عن أنس.
وبشر كان متهما أيضا.
وأخرجه البيهقي في المدخل من رواية جويبر ، عن الضحاك ، عن ابن عباس.
وجويبر متروك.
ومن رواية جويبر عن جواب بن عبيد الله ، مرفوعا.
وهو مرسل.
قال البيهقي : هذا المتن مشهور ، وأسانيده كلها ضعيفة.
وروى في المدخل أيضا عن ابن عمر ...
وفي إسناده : عبد الرحيم بن زيد العمي ، وهو متروك» (١).
وقال المناوي في فيض القدير بشرحه :
«السجزي في الإبانة عن أصول الديانة ، وابن عساكر في التاريخ عن عمر بن الخطاب.
قال ابن الجوزي في العلل : هذا لا يصح.
وفي الميزان : هذا الحديث باطل.
وقال ابن حجر في تخريج المختصر : حديث غريب ، سئل عنه البزار فقال : لا يصح هذا الكلام عن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم.
وقال الكمال ابن أبي شريف : كلام شيخنا ـ يعني ابن حجر ـ يقتضي أنه مضطرب.
وأقول : ظاهر صنيع المصنف أن ابن عساكر خرجه ساكتا عليه ، والأمر بخلافه ، فإنه تعقبه بقوله : قال ابن سعد : زيد العمي أبو الحواري ، كان ضعيفا في الحديث ، وقال ابن عدي : عامة ما يرويه ومن يروي عنه ضعفاء.
ورواه عن عمر أيضا البيهقي ، قال الذهبي : وإسناده واه» (٢).
__________________
(١) الكاف الشاف في تخريج أحاديث الكشاف ـ المطبوع مع الكشاف ـ ٢ / ٦٢٨.
(٢) فيض القدير في شرح الجامع الصغير ٤ / ٧٦.
كلمات الأئمة في بطلانه :
ولما كانت طرق هذا الحديث كلها ساقطة ، فقد اتفق الأئمة على بطلانه ، ومنهم من نص على كونه موضوعا ، فبالإضافة إلى الأئمة الأعلام المنقولة آراؤهم فيه :
فقد نص أحمد بن حنبل على أنه حديث غير صحيح (١).
وقال ابن حزم الأندلسي : «هذا خبر مكذوب موضوع باطل لم يصح قط» (٢).
وقال ابن عبد البر بعد أن رواه ببعض الطرق : «هذا إسناد لا يصح» (٣).
وقال أبو حيان : «حديث موضوع ، لا يصح بوجه عن رسول الله» (٤).
وقال ابن قيم الجوزية ـ بعد أن رواه بطرق ـ : «لا يثبت شئ منها» (٥).
وقال ابن الهمام الحنفي : «حديث لم يعرف» (٦).
ونص الشهاب الخفاجي والقاضي البهاري على ضعفه (٧).
وقال الشوكاني : «فيه مقال معروف» (٨).
وأورده الألباني المعاصر في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة (٩).
__________________
(١) التقرير والتحبير في شرح التحرير ، وكذلك التيسير في شرح التحرير ٣ / ٢٤٣.
(٢) ذكره أبو حيان في البحر المحيط ٥ / ٥٢٨ عن رسالة ابن حزم في إبطال القياس.
(٣) جامع بيان العلم ٢ / ٩٠.
(٤) البحر المحيط ٥ / ٥٢٧ ـ ٥٢٨.
(٥) أعلام الموقعين ٢ / ٢٢٣.
(٦) التحرير في أصول الفقه ـ لابن الهمام ، بشرح أمير بادشاه ـ ٣ / ٢٤٣.
(٧) نسيم الرياض ٤ / ٤٢٣ ـ ٤٢٤ ، مسلم الثبوت ـ بشرح الأنصاري ـ ٢ / ٢٤١.
(٨) إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول : ٨٣.
(٩) سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ١ / ٧٨.
ومن أراد المزيد فليرجع إلى رسالتنا فيه (١).
٣ ـ لا أوتين بأحد يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري :
وكما وضعوا على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حديث : «اقتدوا باللذين من بعدي ...» وحديث : «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي» وحديث : «أصحابي كالنجوم ...» وأمثالها ، فقد وضعوا على الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام أشياء في حق الأصحاب وفي خصوص الشيخين ، منها هذا الكلام الذي استند إليه ابن تيمية في غير موضع من منهاج السنة من غير سند ولا نقل عن كتاب معتبر عندهم ، وإنما قال : «فروي عنه أنه قال : لا أوتى بأحد يفضلني على أبي بكر وعمر إلا ضربته حد المفتري» (٢).
«وعنه أنه كان يقول : لا أوتى بأحد يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري» (٣).
وقد أضاف هذه المرة : «كان يقول» الظاهر في تكرر هذا القول من الإمام عليهالسلام واستمراره عليه.
التحقيق في سنده ومدلوله :
ولكننا لم نسمع أنه جلد أحدا لتفضيله عليهما بالرغم من وجود
__________________
(١) الرسائل العشر في الأحاديث الموضوعة في كتب السنة ، الرسالة الأولى.
(٢) منهاج السنة ١ / ٣٠٨.
(٣) منهاج السنة ٦ / ١٣٨.
كثير من الصحابة والتابعين كانوا يجاهرون بذلك ، حتى اعترف به غير واحد من أئمة القوم ، ففي الإستيعاب :
«وروي عن سلمان ، وأبي ذر ، والمقداد ، وخباب ، وجابر ، وأبي سعيد الخدري ، وزيد بن أرقم : أن علي بن أبي طالب ـ رضياللهعنه ـ أول من أسلم ، وفضله هؤلاء على غيره» (١).
وفي الفصل :
«اختلف المسلمون في من هو أفضل الناس بعد الأنبياء ، فذهب بعض أهل السنة وبعض المعتزلة وبعض المرجئة وجميع الشيعة : إلى أن أفضل الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم : علي بن أبي طالب ـ رضياللهعنه ـ.
وقد روينا هذا القول نصا عن بعض الصحابة ـ رضياللهعنهم ـ وعن جماعة من التابعين والفقهاء».
قال : «وروينا عن نحو عشرين من الصحابة : أن أكرم الناس على رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم علي بن أبي طالب والزبير بن العوام» (٢).
وقال الذهبي :
«ليس تفضيل علي برفض ولا هو ببدعة ، بل قد ذهب إليه خلق من الصحابة والتابعين» (٣).
هذا ، وقد جاء في هامش منهاج السنة ما نصه : «وجاء الأثر ـ مع
__________________
(١) الإستيعاب في معرفة الأصحاب ٣ / ١٠٩٠.
(٢) الفصل في الملل والنحل ٤ / ١٨١.
(٣) سير أعلام النبلاء ١٦ / ٤٥٧.