المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: المؤتمر العالمي للامام الرضا عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٤٧
وقال العالم عليه السلام : كل علة تسارع في الجسم ، ينتظر أن يؤمر فيأخذ ، إلا الحمى فإنها ترد وروداً ١.
وروي : أنها حظ المؤمن من النار ٢.
وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال : أيام الصحة محسوبة ، وأيام العلة محسوبة ، ولا يزيد هذه ولا ينقص هذه ، فإن الله عزوجل يحجب بين الداء والدواء حتى تنقضي المدة ، ثم يخلي بينه وبينه فيكون برؤه بذلك الدواء ، أو يشاء فيُخلي قبل انقضاء المدة بمعروف أو صدقة أو بر ، فإنه يمحو الله ما يشاء ويثبت ، وهو يبدئ ويعيد.
وروي : لاخير في بدن لايألم ٣ ، ولافي مال لايضار ٤ ، فسئل العالم عليه السلام عن معنى هذا فقال : إن البدن إذا صح أشِرَ وبطر ، فإذا اعتل ذهب ذلك عنه ، فإن صبر جعل كفارة لما قد أذنب ، وإن لم يصبر جعله وبالاً عليه.
وروي : حمى يوم كفارة سنة ٥.
وقال العالم عليه السلام : حمى يوم كفارة ستين سنة ، إذا قبلها بقبولها. قيل : وما قبولها ؟ قال : أن يحمد الله ويشكره ، ويشكو إليه ولا يشكوه ، وإذا سئل عن خبره قال خيراً ٦.
وروي : من شكا إلى أخيه المؤمن فقد شكا إلى الله ، ومن شكا إلى غيره فقد شكا الله ٧.
وروي : انه أذا كان يوم القيامة ، يود أهل البلاء والمرضى أن لحومهم قد قرضت بالمقاريض ، لما يرون من جزيل ثواب العليل.
__________________
١ ـ الكافي ٨ : ٨٨ / ٥٣ باختلاف يسير.
٢ ـ الكافي ٣ : ١١٢ / ٧ ، ثواب الأعمال : ٢٨٨ / ١ ، مكارم الأخلاق : ٣٥٧ ، التمحيص : ٤٣ / ٤٩.
٣ ـ ثواب الأعمال : ٢٢٨ / ٢ باختلاف يسير من « وروي : لا خير ... ».
٤ ـ في نسخة « ض » : « يصاب ».
٥ ـ ثواب الأعمال : ٢٢٩ ، علل الشرائع : ٢٩٧ ، مكارم الأخلاق : ٣٥٨ ، التمحيص : ٤٢ / ٤٥ ، وفيها ليلة بدل يوم من « وروي : حمى ... ».
٦ ـ ورد باختلاف في ألفاظه في ثواب الأعمال : ٢٢٩ ، والكافي ٣ : ١١٦ / ٥ ، مكارم الأخلاق : ٣٥٩.
٧ ـ معاني الأخبار : ٤٠٧ / ٨٤ ، قرب الاسناد : ٣٨ باختلاف يسير.
٩١ ـ باب الأدوية الجامعة بالقرآن
أروي عن العالم عليه السلام أنه قال : إذا بدت بك علة تخوفت على نفسك منها ، فاقرأ ( الأنعام ) فإنه لا ينالك من تلك العلة ما تكره ١ ...
أروي عن العالم عليه السلام : من نالته علة فليقرأ في جنبه ( اُم الكتاب ) سبع مرات ، فإن سكنت وإلا فليقرأ سبعين مرة فإنها تسكن ٢.
وأروي عن العالم عليه السلام : في القرآن شفاء من كل داء ٣.
وقال : داووا مرضاكم بالصدقة ٤ واستشفوا له بالقرآن ، فمن لم يشفه القرآن فلا شفاء له ٥.
ونروي أنه من قرأ ( النحل ) في كل شهر كفي المقدر في الدنيا سبعين نوعاً من أنواع البلاء ، أهونه الجنون والجذام والبرص ٦.
ومن قرأ سورة ( لقمان ) في كل ليلة ، وكّل الله به ثلاثين ملكاً يحفظونه من إبليس وجنوده حتى يصبح ، فإن قرأها بالنهار لم يزالوا يحفظونه حتى يمسي ٧.
ومن قرأ سورة ( يس ) قبل أن ينام أو في نهاره ، كان من المحفوظين والمرزوقين حتى يمسي أو يصبح ، ومن قرأها في ليلية وكل الله به ألفي ملك يحفظونه من كل شيطان
__________________
١ ـ مكارم الأخلاق : ٣٦٣ باختلاف يسير.
٢ ـ مكارم الأخلاق : ٣٦٣.
٣ ـ مكارم الأخلاق : ٣٦٣.
٤ ـ مكارم الأخلاق : ٣٨٨ ، الجعفريات : ٢٢١ ، طب الأئمة : ١٢٣.
٥ ـ طب الأئمة : ٤٨ باختلاف في الفاظه.
٦ ـ ثواب الأعمال : ١٣٣ ، مكارم الأخلاق : ٣٦٤ ، تفسير العياشي ٢ : ٢٥٤ / ١ ، مجمع البيان ٣ : ٣٤٧.
٧ ـ ثواب الأعمال : ١٣٦ ، مكارم الأخلاق : ٣٦٤ ، مجمع البيان ٤ : ٣١٢.
رجيم ومن كل آفة ، فإن مات في يومه أو ليلته أدخله الله الجنة ، وحضر غسله ثلاثون ألف ملك ، كلهم يستغفرون له ويشيعونه إلى قبره ١.
ومن قرأ سورة ( الصافات ) في كل يوم جمعة ، لم يزل محفوظاً من كل آفة مدفوعاً عنه كل بلية في الدنيا ، مرزوقاً بأوسع ما يكون من الرزق ، ولم يصبه في ماله ولا في ولده ولا في بدنه سوء من شيطان رجيم ومن جبار عنيد ، وإن مات في يومه أو ليلة بعثه الله شهيداً من قبره ٢.
ومن قرأ ( الزمر ) أعطاه الله شرف الدنيا والآخرة ، وأعزه بلا مال ولا عشيرة ٣.
ومن قرأ ( الطور ) جمع الله له خير الدنيا والآخرة ٤.
ومن قرأ ( الواقعة ) في كل جمعة ، لم ير في الدنيا بؤساً ولا فقراً ولا آفة من آفات الدنيا ، وهذه السورة خاصة لأميرالمؤمنين لا يشركه فيها أحد ٥.
ومن قرأ ( الحديد والمجادلة ) في صلاة فريضة وأدمنها لم ير في أهله وماله وبدنه سوء ولاخصاصة ٦.
ومن قرأ ( الممتحنة ) في فرائضه ونوافله ، امتحن الله قلبه للإيمان ونور بصره ، ولم يصبه فقر أبداً ، ولا ضرر في بدنه ولا في ولده ٧.
ومن قرأ سورة ( الجن ) لم يصبه في الحياة الدنيا شيء من أعين الجن ، ولا نفثهم ، ولا سحرهم ، ولا كيدهم ٨.
من قرأ سورة ( المزمل ) في عشاء الآخرة ، أو في آخر الليل ، كان له الليل والنهار شاهدين مع السوره ، وأحياه الله حياة طيبة ، وأماته الله ميتة طيبة ٩.
ومن قرأ ( النازعات ) لم يمت إلا ريان ، ولم يبعثه الله إلا ريان ، ولم يدخل الجنة
__________________
١ ـ ثواب الأعمال : ١٣٨ ، مكارم الأخلاق : ٣٦٤ ، مجمع البيان ٤ : ٤١٣.
٢ ـ ثواب الأعمال : ١٣٩ ، مكارم الأخلاق : ٣٦٤ ، مجمع البيان ٤ : ٤٣٦.
٣ ـ ثواب الأعمال : ١٣٩ ، مكارم الأخلاق : ٣٦٤ ، مجمع البيان ٤ : ٤٨٧.
٤ ـ ثواب الأعمال : ١٤٣ ، مكارم الأخلاق : ٣٦٤ ، مجمع البيان ٥ : ١٦٢.
٥ ـ ثواب الأعمال : ١٤٤ ، مكارم الأخلاق : ٣٦٤ ، مجمع البيان ٥ : ٢١٢ ، وفيها ليلة الجمعة.
٦ ـ مكارم الأخلاق : ٣٦٤ ، ثواب الأعمال : ١٤٥ ، مجمع البيان ٥ : ٢٢٩.
٧ ـ ثواب الأعمال : ١٤٥ ، مكارم الأخلاق : ٣٦٥ ، مجمع البيان ٥ : ٢٦٧.
٨ ـ ثواب الأعمال : ١٤٨ ، مكارم الأخلاق : ٣٦٥ ، مجمع البيان ٥ : ٣٦٥.
٩ ـ ثواب الأعمال : ١٤٨ ، مكارم الأخلاق : ٣٦٥ ، مجمع البيان ٥ : ٣٧٥.
إلا ريان ١.
ومن قرأ ( إنا أنزلناه ) في فريضة من الفرائض ، ناداه منادٍ : يا عبدالله قد غفر لك ما مضى ، فاستأنف العمل ٢.
ومن قرأ ( إذا زلزلت الأرض زلزالها ) في نوافله ، لم يصبه زلزلة أبداً ، ولم يمت بها ، ولا بصاعقة ، ولا بآفة من آفات الدنيا ٣.
ومن قرأ ( ويل لكل همزة ) في فريضة ، نفت عنه الفقر ، وجلبت عليه الرزق ، ودفعت عنه ميتة السوء إن شاء الله ٤.
ومن قرأ ( قل يا أيها الكافرون ) و ( قل هو الله أحد ) في فريضة من الفرائض ، غفر الله له ولوالديه وما ولد ، فإن كان شقياً أثبت في ديوان السعداء ، وأحياه الله سعيداً شهيداً ، وأماته الله شهيداً ، وبعثه الله شهيداً ٥.
ومن قرأ ( إذا جاء نصر الله ) في نافلة أو فريضة ، نصره الله على جميع أعدائه ٦ ، وكفاه المهم.
__________________
١ ـ ثواب الأعمال : ١٤٩ ، مجمع البيان ٥ : ٤٢٨.
٢ ـ ثواب الأعمال : ١٥٢ / ٢ ، مكارم الأخلاق : ٣٦٥ ، مجمع البيان ٥ : ٥١٦.
٣ ـ مكارم الأخلاق : ٣٦٥ ، ثواب الأعمال : ١٥٢ ، مجمع البيان ٥ : ٥٢٤.
٤ ـ ثواب الأعمال : ١٥٤ ، مكارم الأخلاق : ٣٦٥ ، مجمع البيان ٥ : ٥٣٦ باختلاف يسير.
٥ ـ ثواب الأعمال : ١٥٤ ، مكارم الأخلاق : ٣٦٥ ، مجمع البيان ٥ : ٥٥١.
٦ ـ ثواب الأعمال : ١٥٥ ، مكارم الأخلاق : ٣٦٦ ، مجمع البيان ٥ : ٥٥٣.
٩٢ ـ باب فضل الدعاء
أروي عن العالم عليه السلام أنه قال : لكل داء دواء. سألته عن ذلك فقال : لكل داء دعاء ، فإذا الهم العليل الدعاء ، فقد أذن في شفائه ١.
ثم قال لي العالم عليه السلام : الدعاء أفضل من قراءة القرآن ، لأن الله جل وعز يقول ( قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا ) ٢ وإن الله يؤخر إجابة المؤمن شوقاً إلى دعائه ، ويقول : صوت أحب أن أسمعه ، ويعجل إجابته دعاء المنافق ويقول : صوت أكره سماعه ٣.
وأفضل الدعاء الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله ، والدعاء لإخوانك المؤمنين ، ثم الدعاء لنفسك بما أحببت ٤.
وأقرب ما يكون العبد من الله إذا كان في السجود ٥.
وأروي أن الدعاء يدفع من البلاء ما قدر وما لم يقدر قيل : وكيف يدفع ما لم يقدر ؟ قال : حتى لا يكون.
وطين قبر أبي عبد الله شفاء من كل داء وأمان من كلّ خوف ٧.
وأروي عنه عليه السلام أنه قال : طين قبر أبي عبد الله عليه السلام شفاء من
__________________
١ ـ مكارم الأخلاق : ٣٨٩.
٢ ـ الفرقان : ٢٥ : ٧٧.
٣ ـ مكارم الأخلاق : ٣٨٩.
٤ ـ مكارم الأخلاق : ٣٨٩ باختلاف يسير.
٥ ـ الكافي ٣ : ٣٢٤ / ١١ ، مكارم الأخلاق : ٣٨٩ ، الاُصول الستة عشر : ٤١ باختلاف يسير.
٦ ـ الكافي ٢ : ٣٤٠ / ٢ باختلاف يسير.
٧ ـ طب الائمّة : ٥٢ ، وورد باختلاف يسير في الكافي ٦ : ٢٦٦ / ٩ ، والتهذيب ٩ : ٨٩ / ٣٧٧ ، وأمالي الطوسي ١ : ٣٢٦.
كل علة إلا السام ، والسام : الموت ١.
وماء زمزم ، أروي عن أبي عبدالله عليه السلام ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : « ماء زمزم شفاء لما شرب له » ٢.
وفي حديث آخر : ماء زمزم شفاء لما استعمل.
وأروي : ماء زمزم شفاء من كل داء وسقم ، وأمان من كل خوف وحزن ٣.
وأروي عن العالم عليه السلام : ان حبة السوداء مباركة ، تخرج الداء الدفين من البدن.
وعنه عليه السلام : إن حبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام.
وعليكم بالعسل وحبة السوداء ٤.
وقال : العسل شفاء في ظاهر الكتاب ، كما قال الله جل وعز.
وقال العالم عليه السلام : في العسل شفاء من كل داء ٥ ، من لعق لعقة عسل على الريق يقطع البلغم ، ويحسم ٦ الصفرة ، ويمنع المرة السوداء ، ويصفي الذهن ، ويجود الحفظ إذا كان مع اللبان الذكر.
والسكر ينفع من كل شيء ٧ ، وكذلك المغلي ٨.
وأروي في الماء البارد أنه يطفيء الحرارة ، ويسكن الصفراء ويهضم الطعام ، ويذيب الفضلة التي على رأي المعدة ، ويذهب بالحمى ٩.
وأروي : أنه لو كان شيء يزيد في البدن لكان الغمز يزيد ، واللين من الثياب ، وكذلك الطيب ، ودخول الحمام ، ولو غمز الميت فعاش لما أنكرت ذلك.
__________________
١ ـ الكافي ٤ : ٥٨٨ / ٤ باختلاف في الفاظه.
٢ ـ الفقيه ٢ : ١٣٥ / ٥٧٣ ، مكارم الأخلاق : ١٥٥ ، طب الائمّة : ٥٢ وباختلاف يسير في الكافي ٦ : ٣٨٧ / ٥ والمحاسن : ٥٧٣ / ١٩.
٣ ـ مكارم الأخلاق : ١٥٥.
٤ ـ مكارم الأخلاق : ١٨٥ ، طب الائمّة : ٥١ و ٦٨ ، من « وعنه عليه السلام ... ».
٥ ـ الخصال : ٦٢٣ ، الكافي ٦ : ٣٣٢ / ٢ ، المحاسن : ٤٩٩ / ٦١٣ باختلاف يسير.
٦ ـ في نسخة « ش » : « ويلحس ».
٧ ـ الكافي ٦ : ٣٣٣ / ٢ ، المحاسن : ٥٠٠ / ٦٢٢ من « والسكر ... ».
٨ ـ مكارم الأخلاق : ١٥٧ ، وفيه : الماء المغلي ينفع من كل شيء.
٩ ـ ورد باختلاف في ألفاظه في مكارم الأخلاق : ١٥٥ ، والكافي ٦ : ٣٨١ / ٢ ، والمحاسن : ٥٧٢ / ١٥.
وأروي : أن الصدقة ترجع البلاء من السماء.
وقيل : أن الصدقة تدفع القضاء المبرم عن صاحبه ١.
وقيل : لا يذهب بالأدواء إلا الدعاء ، والصدقة ، والماء البارد.
وأروي : أن أقصى الحمية أربعة عشر يوماً ، وأنها ليس ترك أكل الشيء ، ولكنها ترك الإكثار منه.
وأروي : أن الصحة والعلة يقتتلان في الجسد ، فإن غلبت العلة الصحة استيقظ المريض ، وإن غلبت الصحة العلة اشتهى الطعام ، فإذا اشتهى الطعام فأطعموه فلربما فيه الشفاء.
ونروي : من كفران النعم أن يقول الرجل : أكلت الطعام فضرني ٢.
ونروي : أن الثمار إذا أدركت ففيها الشفاء ، لقوله جل وعز : ( كُلُوا مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ ) ٣ وبالله التوفيق.
__________________
١ ـ مكارم الاخلاق : ٣٨٨ ، طب الأئمّة : ١٢٣ باختلاف يسير. من « وقيل : ان الصدقة ... ».
٢ ـ معاني الأخبار : ٣٨٥ / ١٨ ، المحاسن : ٤٥٠ / ٣٦٢ باختلاف يسير من « من كفران النعم ... ».
٣ ـ الأنعام ٦ : ١٤١.
٩٣ـ باب القدر والمنزلة بين المنزلتين
سألت العالم عليه السلام : أجبر الله العباد على المعاصي ؟
فقال : الله أعدل من ذلك ١.
فقلت له : ففوض إليهم ؟
فقال : هو أعز من ذلك.
فقلت له : فتصف لنا المنزلة بين المنزلين ؟
فقال : أجبر هو الكره ، فالله ـ تبارك وتعالى ـ لم يُكره على معصيته ، وإنما لجبر أن يجبر الرجل على ما يَكْره وعلى ما لا يشتهي ، كالرجل يغلب على أن يضرب أو يقطع يده ، أو يؤخذ ماله ، أو يغضب على حرمته ، أو من كانت له قوة ومنعة فقهر ، وأما من أتى إلى أمر طائعاً محباً له ، يعطي عليه ماله لينال شهوة ، فليس ذلك بجبر ، إنما الجبر من أكرهه عليه ، أو أغضبه حتى فعل ما لا يريد ولا يشتهيه ، وذلك أن الله ـ تبارك تعالى ـ لم يجعل له هوى ولا شهوة ولا محبة ولا مشيئة ، إلا فيما علم أن كان منهم ، وإنما يجزون في علمه وقضائه وقدره ، على الذي في علمه وكتابة السابق فيهم قبل خلقهم ، الذي علم أنه غير كائن منهم ، هو الذي لم يجعل لهم فيه شهوة ولا إرادة.
وأروي عن العالم عليه السلام ، أنه قال : منزلة بين منزلتين في المعاصي وسائر الأشياء ، فالله ـ جل وعز ـ الفاعل لها ، والقاضي ، والمقدر ، والمدبر.
وقد أروي أنه قال : لا يكون المؤمن مؤمنا حقاً ، حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن
__________________
١ ـ التوحيد : ٣٦٢ / ١٠ باختلاف يسير.
ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه ١.
وأروي عن العالم عليه السلام ، أنه قال : مساكين القدرية ، أرادوا أن يصفوا الله ـ عزوجل ـ بعدله ، فأخرجوه من قدرته وسلطانه ٢.
وروي : لو أراد الله ـ سبحانه ـ أن لا يعصى ، ما خلق الله إبليس.
وأروي أن رجلاً سأل العالم عليه السلام : أكلف الله العباد مالا يطيقون ؟ فقال : كلف الله جميع الخلف مالا يطيقونه ، إن لم يعنهم عليه ، فإن أعانهم عليه أطاقوه ، قال الله ـ جل وعز ـ لنبيه صلى الله عليه وآله ( وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللهِ ) ٣.
قلت : ورويت عن العالم عليه السلام ، أنه قال : القدر والعمل ، بمنزلة الروح والجسد ، فالروح بغير الجسد لايتحرك ولايرى ، والجسد بغير الروح صورة لا حراك له ، فإذا اجتمعا قويا وصلحا وحسنا وملحا ، كذلك القدر والعمل ، فلو لم يكن القدر واقعاً على العمل ، لم يعرف الخالق من المخلوق ، ولو لم يكن العمل بموافقة من القدر ، لم يمض ولم يتم ولكن باجتماعها قويا وصلحا ، ولله فيه العون لعباده الصالحين ٤.
ثم تلا هذه الاية ( وَلَكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ ) ٥ الاية ثم قال العالم عليه السلام : وجدت ابن ادم بين الله وبين الشيطان ، فإن أحبه الله ـ تقدست أسماؤه ـ خلصه واستخلصه ، وإلا خلى بينه وبين عدوه.
وقيل للعالم عليه السلام : إن بعض أصحابنا يقولون بالجبر ، وبعضهم يقولون بالإستطاعة ، قال فأمر أن يكتب :
بسم الله الرحمن الرحيم ، قال الله عزوجل : يا بني آدم بمشيئتي كنت أنت الذي تشاء ، وبقوتي أديت فرائضي ، وبنعمتي قويت على معصيتي ، خلقتك سميعاً بصيراً ما أصابك من حسنة فمني ، وما أصابك من سيئة فمن نفسك بذنوبك ومعاصيك ،
__________________
١ ـ الكافي ٢ : ٤٨ / ٤ و ٧ ، مشكاه الأنوار : ١٢ ، شهاب الأخبار : ١٠٩ / ٥٩٦ باختلاف يسير من « لايكون المؤمن مؤمناً ... ».
٢ ـ ورد باختلاف في ألفاظه في التوحيد : ٣٨٢ / ٢٩.
٣ ـ النحل ١٦ : ١٢٧.
٤ ـ التوحيد : ٣٦٦ / ٤ ، مختصر بصائر الدرجات : ١٣٧ باختلاف يسير من « القدر والعمل ... ».
٥ ـ الحجرات ٤٩ / ٧.
وذلك أني أولى بحسناتك منك ، وأنت أولى بسيئاتك مني ، لا أسال عما أفعل وهم يسألون.
ثم قال عليه السلام : قد بينت لك كل شيء تريده ١.
__________________
١ ـ الكافي ١ : ١٢٢ / ١٢ ، التوحيد : ٣٣٨ / ٦ باختلاف يسير. من « وقيل للعالم عليه السلام : ان بعض أصحابنا ... ».
٩٤ ـ باب الاستطاعة
أروي أن رجلا سأل العالم عليه السلام فقال : يابن رسول الله ، أليس أنا مستطيع لما كلفت ؟
فقال له العالم عليه السلام : ما الإستطاعة عندك ؟
قال : القوة على العمل.
قال له العالم عليه السلام : قد أعطيت القوة إن أعطيت المعونة.
قال له الرجل : فما المعونة ؟
قال : التوفيق.
قال : فلم اعط التوفيق ؟
قال عليه السلام : لو كنت موفقاً كنت عاملاً ، وقد يكون الكافر أقوى منك ، ولا يعطى التوفيق فلا يكون عاملاً.
ثم قال عليه السلام : أخبرني عنك ، من خلق فيك القوة ؟
قال الرجل : الله تبارك وتعالى.
قال العالم عليه السلام : فهل تستطيع بتلك القوة ، دفع الضرر عن نفسك وأخذ النفع إليها ، بغير العون من الله تبارك وتعالى ؟
قال : لا.
قال عليه السلام : فلم تنتحل ما لا تقدر عليه ؟ ثم قال : أين أنت عن قول العبد الصالح : ( وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللهِ ) ١ !
__________________
١ ـ هود ١١ : ٨٨.
وأروي أن رجلاً سأله عن الإستطاعة ، فقال : أتستطيع أن تعلم مالم يكن ؟
قال : لا.
قال : أتستطيع أن تنتهي عما يكون ؟
قال : لا.
قال عليه السلام : ففيما أنت مستطيع ؟
قال الرجل : لا أدري.
فقال عليه السلام : إن الله ـ جل وعز ـ خلق خلقاً فجعل فيهم آلة الفعل ، ثم لم يفوض إليهم ، فهم مستطيعون للفعل ، في وقت الفعل مع الفعل.
قال الرجل : فالعباد مجبورون ؟
فقال : لو كانوا مجبورين كانوا معذورين.
قال الرجل : فمفوض إليهم ؟
قال : لا.
قال : فما هو.
قال العالم عليه السلام : علم منهم فعلاً ، فجعل فيهم آلة الفعل ، فإذا فعلوا كانوا مستطيعين ١.
وسألت العالم عليه السلام ، أنه يكون العبد في حال مستطيعاً.
قال : نعم ، أربع خصال : مخلى السرب ، صحيح ، سليم ، مستطيع.
فسألته عن تفسيره ، فقال : يكون مخلى السرب ، صحيح الجسم ، سليم الجوارح ، لا يقدر أن يزني إلا أن يجد امرأة ، فاذا وجد امرأة فاما أن يعصي فيمتنع كما امتنع يوسف ، واما أن يخلى بينه وبينها فهو زان ، ولم يطع الله بإكراه ، ولم يعص بقلبه ٢.
وأروي عن العالم عليه السلام قال : ستة ليس للعباد فيها صنع : المعرفة ، والجعل ، والرضا ، والغضب ، والنوم ، واليقظة ٣.
__________________
١ ـ الكافي ١ : ١٢٣ / ٢ باختلاف يسير من « وأروي : أن رجلاً سأله عن إلاستطاعة ... ».
٢ ـ التوحيد : ٣٤٨ / ٧ ، اعتقادات الصدوق : ٧٢ ، الكافي ١ : ١٢٢ / ١ باختلاف يسير.
٣ ـ الخصال : ٣٢٥ / ١٣ ، التوحيد : ٤١١ / ٦ ، الكافي ١ : ١٢٥ / ١.
٩٥ ـ باب مكارم الأخلاق ، والتجمل ، والمرؤة ، والحياء ، والبر ، وصلة الأرحام ، وغير ذلك من الآداب
ونروي عن النبي صلى الله عليه وآله ، أنه قال : « بعثت بمكارم الأخلاق » ١.
أروي عن العالم عليه السلام : ان الله ـ جل وعلا ـ خص رسوله بمكارم الأخلاق فامتحنوا أنفسكم ، فإن كانت فيكم فاحمدوا الله ، وإلا فاسألوه وارغبوا إليه فيها.
قال : وذكرها عشرة : اليقين ، والقناعة ، والبصيرة ، والشكر ، والحلم ، وحسن الخلق ، والسخاء ، الغيرة ، والشجاعة ، والمرؤة.
وفي خبر آخر زاد فيها ، الصدق ، والحياء ، وأداء الأمانة ٢.
وأروي عن العالم عليه السلام قال : ما نزل من السماء أجلُّ ولا أعزُّ من ثلاثة ، التسليم ، والبر ، واليقين ٣.
وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال : إن الله ـ عزوجل ـ أوحى إلى آدم عليه السلام ان اجتمع الكلام كله في أربع كلمات.
فقال : يا رب بينهن لي.
فأوحى الله إليه : واحدة لي ، واُخرى لك ، واُخرى بيني وبينك ، واُخرى بينك وبين الناس ، فالتي لي ، تؤمن بي ولاتشرك بي شيئاً ، والتي لك : فأجازيك عنها
__________________
١ ـ امالي الطوسي ٢ : ٢٠٩ ، مشكاة الانوار : ٢٤٣.
٢ ـ الكافي ٢ : ٤٦ / ٢ ، الخصال ٤٣١ / ١٢ ، أمالي الصدوق : ١٨٤ / ٨ ، معاني الأخبار : ١٩١ / ٣ ، أمالي المفيد : ١٩٢ / ٢٢ ، معدن الجواهر : ٦٧ باختلاف يسير.
٣ ـ مشكاة الأنوار : ٢٧ باختلاف يسير.
أحوج ماتكون إلى المجازاة ، والتي بينك وبيني : فعليك الدعاء وعليّ الإجابة ، والتي بينك وبين الناس : فأن ترضى لهم ما ترضى لنفسك ، وتكره لهم ما تكره لنفسك ١.
وأروي أنه سئل العالم عليه السلام عن خيار العباد فقال : الذين إذا أحسنوا استبشروا ، وإذا أساؤا استغفروا ، وإذا أعطوا شكروا ، وإذا ابتلوا صبروا ، وإذا غضبوا عفوا ٢.
وأروي أن رجلاً سأل العالم عليه السلام أن يعلمه ما ينال به خير الدنيا والآخرة ، ولا يطول عليه ، فقال : لا تغضب.
ونروي أن رجلاً أتى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : يا رسول الله ، علمني خلقاً يجمع لي خير الدنيا والآخرة ، فقال : « لا تكذب » ، قال الرجل : وكنت على حاله يكرهها الله فتركتها ، خوفاً أن يسألني سائل عنها عملت كذا وكذا ، فافتضح أو أكذب ، فأكون قد خلقت رسول الله صلى الله عليه وآله فيما حملني عليه.
وأروي عن العالم عليه السلام ، أنه قال : عجبت لمن يشتري العبيد بماله فيعتقهم ، كيف لا يشتري الأحرار بحسن خلقه.
ونروي : كبر الدار من السعادة ، وكثرة المحبين من السعادة ، وموافقه الزوجة كمال السرور.
ونروي : تعاهد الرجل ضيعته من المرؤة ٣ ، وسمن الدابة من المرؤة ، والإحسان إلى الخادم من المرؤة.
وأروي أن الله تبارك وتعالى يحب الجمال والتجمل ، ويبغض البؤس والتباؤس ، وانّ الله عزوجل يبغض من الرجال القاذورة ، وأنه إذا أنعم على عبده نعمة أحب أن يرى أثر تلك النعمة.
وروي : جصص الدار ، واكسح الأفنية ونظفها ، واسرج السراج قبل مغيب الشمس ، كل ذلك ينفي الفقر ، ويزيد في الرزق ٤.
وأروي عن العالم عليه السلام ، قلت له : أي الخصال بالمرء أجمل ؟ فقال : وقار
__________________
١ ـ الفقيه ٤ : ٢٩٠ / ٨٧٣ ، معاني الأخبار : ١٣٧ / ١ ، أمالي الصدوق : ٤٨٧ / ١ ، الكافي ٢ : ١١٨ / ١٣.
٢ ـ الكافي ٢ : ١٨٨ / ٣١ ، مشكاة الأنوار : ٧٩.
٣ ـ معاني الأخبار : ٢٥٨ / ٧ ، من « ونروي : تعاهد الرجل ... ».
٤ ـ مكارم الأخلاق : ٤١ ، أمالي الطوسي ١ : ٢٨١ باختلاف يسير ، من « وأروي أن الله تبارك وتعالى ... ».
بلا مهابة ، وسماح بلا طلب المكافأة ، وتشاغل بغير صلاح الدنيا ١.
ونروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله نظر إلى ولدي أميرالمؤمنين ، الحسن والحسين صلوات الله عليهم ، وبنات جعفر بن أبي طالب صلوات الله عليه ، فقال : « بنونا لبناتنا ، وبناتنا لبنينا ».
وروي : لا تقطع أوِدّاءك فيطفى نورك ٢.
وروي : أن الرحم إذا بعدت غبطت ، وإذا تماست عطبت.
وروي : سر سنتين برّ والديك ، سر سنة صل رحمك ، سر ميلاً عد مريضاً ، سر ميلين شيع جنازة ، سر ثلاثة أميال أجب دعوة ، سر أربعة أميال زر أخاك في الله ، سر خمسة أميال أنصر مظلوماً ، سر ستة أميال أغِثْ ملهوفاً سر عشرة أميال في قضاء حاجة المؤمن ، وعليك بالإستغفار ٣.
ونروي : بروا آباءكم يبركم أبناؤكم ، كفوا عن نساء الناس تعف نساؤكم ٤.
وأروي : الأخ الكبير بمنزلة الاب.
وأروي أن رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله كان يقسم لحظاته بين جلسائه ، وما سئل عن شيء قط فقال : لا ـ بأبي هو واُمي صلى الله عليه وآله ـ ولا عاتب أحداً على ذنب أذنب.
ونروي : من عرض لأخيه المؤمن في حديثه ، فكأنما خدش وجهه ٥.
ونروي : أن رسول الله صلى الله عليه وآله لعن ثلاثة : آكل زاده وحده ، وراكب الفلاة وحده ، والنائم في بيت وحده ٦.
وأروي : أطرفوا أهاليكم في كل جمعة ، بشيء من الفاكهة واللحم ، حتى يفرحوا بالجمعة ٧.
__________________
١ ـ أمالي الصدوق : ٢٣٨ / ٨ ، الكافي ٢ : ١٨٨ / ٣٣.
٢ ـ علل الشرائع : ٥٨٢ / ١٩ ، نوادر الراوندي : ١٠ باختلاف في ألفاظه ، من « وروي : لا تقطع ... ».
٣ ـ نوادر الراوندي : ٥ ، من « وروي : سر سنتين ... ».
٤ ـ أمالي الصدوق : ٢٣٨ / ٦ باختلاف في ألفاظه.
٥ ـ مشكاة الأنوار : ١٨٩ ، جامع الأحاديث : ٢٤ ، قضاء حقوق المؤمنين ح ٨ باختلاف يسير ، من « من عرض لأخيه ... ».
٦ ـ الفقيه ٤ : ٢٥٩ ، المواعظ للصدوق : ١٩.
٧ ـ الفقيه ١ : ٢٧٣ / ١٢٤٦.
ونروي : إن كانت تحب أن تنشب لك النعمة ، وتكمل لك المرؤة ، وتصلح لك المعيشة ، فلا تشرك العبيد والسفلة في أمرك ، فإنك إن ائتمنتهم خانوك ، وإن حدثوك كذبوك ، وإن نُكِبْتَ خذوك ١ ، ولا عليك أن تصحب ذا العقل ، فإن لم تحمد كرمه انتفع بعقله ٢ ، واحترز من سيء الأخلاق ، ولا تدع صحبة الكريم وإن لم تحمد عقله ولكن تنتفع بكرمه بعقلك ، وفر الفرار كله من الأحمق اللئيم.
ونروي : أنظر إلى من هو دونك في المقدره ، ولا تنظر إلى من هو فوقك ، فإن ذلك أقنع لك ، وأحرى أن تستوجب زيادة.
واعلم أن العمل الدائم القليل على اليقين والبصيرة ، أفضل عند الله من العمل الكثير على غير اليقين والجهل.
واعلم أنه لاورع أنفع من تجنب محارم الله ، والكف عن أذى المؤمن ، ولا عيش أهنأ من حسن الخلق ، ولا مال أنفع من القنوع ، ولا جهل أَضَرُّ من العجب ٣ ، ولا تخاصم العلماء ، ولا تلاعبهم ، ولا تحاربهم ، ولا تواضعهم.
ونروي : من احتمل الجفاء لم يشكر النعمة ٤.
وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال : رحم الله عبداً حببنا إلى الناس ، ولم يبغضنا إليهم ، وأيم الله لو يرون محاسن كلامنا لكانوا أعز ، ولا استطاع أن يتعلق عليهم بشيء.
وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال عليكم بتقوى الله ، والورع ، والإجتهاد ، وأداء الأمانة ، وصدق الحديث ، وحسن الجوار ، فبهذا جاء محمد صلى الله عليه وآله. صلوا في عشائركم ، وصلوا أرحامكم ، وعودوا مرضاكم ، واحصروا جنائزكم ، وكونوا زيناً ولا تكونوا شيئاً ، حببونا إلى الناس ولا تبغضونا ، جروا إلينا كل مودة ، وادفعوا عنا كل قبيح ، وما قيل فينا من خير فنحن أهله ، وما قيل فينا من شرفما نحن كذلك ،
__________________
١ ـ علل الشرائع : ٥٥٨ باختلاف يسير.
٢ ـ في نسخة « ش » : « بكرمك » وفي نسخة « ض » : « بكرمه » وما أثبتناه من البحار ٧٤ : ١٨٧ / ١٢.
٣ ـ علل الشرائع : ٥٥٩ ، تحف العقول : ٢٦٧ ، الاختصاص : ٢٢٧ باختلاف يسير ، من « ونروي : انظر ... ».
٤ ـ الخصال : ١١ / ٣٧ من « ونروي : من احتمل ... ».
والحمد لله رب العالمين ١.
ونروي أن رجلا قال للصادق عليه السلام : يا ابن رسول الله ، فيهم المرؤة ؟ فقال : « ألاّ يراك حيث نهاك ، ولا يفقدك من حيث أمرك ».
__________________
١ ـ السرائر : ٤٩٤ باختلاف يسير من « عليكم بتقوى الله ».
٩٦ ـ باب التوكل على الله ، والرجاء من الله ، والتفويض إلى الله ، وأن كل ما صنعه الله للمؤمن فهو خير له ، وأنه من اعطي الدين فقد اعطي الدنيا
أروي عن العالم عليه السلام أنه قال : من أراد أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله ١.
وسئل عن حد التوكل ، ما هو ؟ قال : لاتخاف سواه ٢.
وأروي أن الغنى والعز يجولان ، فإذا ظفرا بموضع التوكل أوطنا ٣.
وأروي عن العلم عليه السلام أنه قال : التوكل على الله عزوجل درجات ، منها أن تثق [ به ] ٤ في أمورك كلها ، فما فعله بك كنت عليه راضياً ٥.
وروي أن الله جل وعز أوحى إلى داود عليه السلام : ما اعتصم بي عبد من عبادي ، دون أحد خلقي ، عرفت ذلك من نيته ، ثم يكيده أهل السماوات والأرض وما فيهن ، إلا جعلت له المخرج من بينهن ، وما اعتصم عبد من عبيدي بأحد من خلقي دوني ، عرفت ذلك من نيته ، إلا قطعت أسباب السماوات من يديه ، وأسخت الأرض من تحته ، ولم أبال بأي واد هلك ٦.
__________________
١ ـ جامع الاخبار : ١٣٧ ، مشكاة الأنوار : ١٨ باختلاف يسير.
٢ ـ أمالي الصدوق : ١٩٩ / ٨ ، عدة الداعي : ١٣٥ باختلاف في ألفاظه.
٣ ـ الكافي ٢ : ٥٣ / ٣ ، مشكاة الأنوار : ١٦.
٤ ـ أثبتناه من البحار ٧١ : ١٤٣ / ٤٢.
٥ ـ الكافي ٢ : ٥٣ / ٥ ، مشكاة الأنوار : ١٦ باختلاف يسير.
٦ ـ الكافي ٢ : ٥٢ / ١ ، مشكاة الأنوار : ١٦.
وأروي عن العلم عليه السلام أنه قال : يقول الله تبارك وتعالى : وعزتي وجلالي ، وارتفاعي في علوي ، لايؤثر عبد هواي على هواه ، إلا جعلت غناه في قبله ، وهمه في آخرة ، وكففت عليه ضيعته ، وضمنت السماوات والأرض رزقه ، وكنت له من وراء حاجته ، وأتته الدنيا وهي راغمة. وعزتي وجلالي ، وارتفاعي في علو مكاني ، لايؤثر عبد هواه على هواي إلا قطعت رجاءه ، ولم أرزقه منها إلى ما قدرت له ١.
وأروي أن بعض العلماء كان يقول : سبحان من لو كانت الدنيا خيراً كلها أهلك فيها من أحب ، سبحان من لو كانت الدنيا شراً كلها أنجى منها من أراد ٢.
وروي : كن لمن لا ترجو أرجى منك لما ترجو ، فإن موسى بن عمران عليه السلام خرج يقتبس ناراً لأهله كلمه الله ورجع نبياً ، وخرجت ملكة سبأ فأسلمت مع سليمان ، وخرجت سحرة فرعون يطلبون العز لفرعون فرجعوا مؤمنين ٣.
وروي : ولا تقل لشيء قد مضى : لو كان غيره.
روي عن العالم عليه السلام قال : إذا يشاء الله يعطينا ، وإذا أحب أن يكره رضينا.
وأروي : أعلم الناس بالله أرضاهم بقضاء الله ٤.
وروي : أعلم طاعة الله الصبر والرضا ٥.
وروي : ما قضى الله على عبده قضاءاً فرضي به ، إلا جعل الخير فيه ٦.
وروي أن الله تبارك وتعالى أوحى إلى موسى بن عمران : يا موسى ما خلقت خلقاً أحب إليّ من عبدي المؤمن ، وإني إنما أبتليه لما هو خير له ، وأعافيه لما هو خير له ، فليصبر على بلائي ، وليشكر نعمائي ، وليرض بقضائي ، أكتبه من الصديقين عندي ٧.
__________________
١ ـ مشكاة الأنوار : ١٦ و ١٧ باختلاف يسير.
٢ ـ مشكاة الأنوار : ٢٦٤.
٣ ـ أمالي الصدوق : ١٥٠ / ٧ من « وروي : كن لمن ... ».
٤ ـ الكافي ٢ : ٤٩ / ٢ ، التمحيص : ٦٠ / ١٣٠ ، مشكاة الانوار : ٣٣ من « وأروي : اعلم الناس ... ».
٥ ـ الكافي ٢ : ٤٩ / ١ ، مشكاة الانوار : ٣٣.
٦ ـ المؤمن : ٢٢ / ٢٤ ، التمحيص : ٥٩ / ١٢٣ ، مشكاة الانوار : ٣٣ باختلاف يسير.
٧ ـ التوحيد : ٤٠٥ / ١٣ ، الكافي ٢ : ٥١ / ٧ ، أمالي الطوسي ١ : ٢٤٣ ، عدة الداعي : ٣١ ، مشكاة الانوار : ٢٩٩ باختلاف يسير.
وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال : المؤمن يتعرض كل خير ، لو قرض بالمقاريض كان خيراً له ، وإن ملك ما بين المشرق والمغرب كان خيراً له.
وروي : من اُعطي الدين فقد اُعطي الدنيا.
وروي : أن الله تبارك وتعالى يعطي الدنيا من يحب ومن لايحب ، ولايعطي الدين إلا من يحبه ١.
وفي خبر آخر : لايعطي الله الدين إلا أهل خاصته وصفوته من خلقه ٢.
وروي : إذا طلبت شيئاً من الدنيا فزوي عنك ، فاذكر ما خصك الله به من دينه ، أو صرفه عنك بغيرك ، فإن ذلك أحرى أن تسخو ٣ نفسك عما فاتك من الدنيا.
وروي أن الله تبارك وتعالى أوحى إلى داود عليه السلام : فلانة بنت فلانة معك في الجنة في درجتك ، فصار إليها فسألها عن عملها فخبرته ، فوجده مثل أعمال سائر الناس ، فسألها عن نيتها ، فقالت : ما كنت في حالة فنقلني الله منها إلى غيرها ، إلا كنت بالحالة التي نقلني إليها أسر مني بالحالة التي كنت فيها ، فقال : حسن ظنك بالله جل وعز.
وأروي عن العالم عليه السلام أنه قال : والله ما أعطي مؤمن قط خير الدنيا و الآخرة ، إلا بحسن ظنه بالله ورجائه منه ، وحسن خلقه ، والكف عن اغتياب المؤمنين. وأيم الله لا يعذب الله مؤمناً بعد التوبة والإستغفار ، إلا بسوء الظن بالله ، وتقصيره من رجائه لله ، وسوء خلقه ، ومن اغتيابه المؤمنين. والله لا يحسن عبد مؤمن ظناً بالله ، إلا كان الله عند ظنه به ، لأن الله ـ عزوجل ـ كريم يستحيي أن يخلف ظن عبده ورجاءه ، فاحسنوا الظن بالله وارغبوا إليه ، وقد قال الله عزوجل : ( الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ ) ٤ ، ٥.
وروي أن داود عليه السلام قال : يا رب ، ما آمن بك من عرفك فلم يحسن
__________________
١ ـ الكافي ٢ : ١٧٠ / ٢ ، المحاسن : ٢١٦ / ١٠٧ من « وروي ان الله تبارك وتعالى ... ».
٢ ـ الكافي ٢ : ١٧٠ / ١ ، المحاسن : ٢١٧ / ١١١ باختلاف في الفاظه.
٣ ـ في نسخة « ش » : « يستحق » ولم ترد العبارة في نسخة « ض » وما اثبتناه من البحار ٧١ : ١٤٥.
٤ ـ الفتح ٤٨ : ٦.
٥ ـ ورد باختلاف يسير في عدة الداعي : ١٣٥ ، والكافي ٢ : ٥٨ / ٢ ، ومشكاة الأنوار : ٣٥. من « والله ما أُعطي مؤمن ... ».