الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي
المحقق: مركز الغدير للدّراسات الإسلاميّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
المطبعة: فروردين
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٣١
كم قدَّ في صارمِهِ فارساً |
|
وصيّر السيد له ينهسُ (١) |
هو ابنُ عمِّ المصطفى والذي |
|
قد طابَ من دوحتِهِ المغرسُ |
عيبةُ علمِ اللهِ شمسُ الهدى |
|
ونورُه الزاهرُ لا يُطمَسُ |
مهبطُ وحيٍ لم يُنَلْ فضلُه |
|
وكنهُهُ في الوهمِ لا يُحدَسُ |
قد طلّق الدنيا ولم يرضَها |
|
ما همُّه المطعمُ والملبسُ |
يقطّع الليلَ بتقديسِهِ |
|
يزهو به المحرابُ والمجلسُ |
وفي الندى بحرٌ بلا ساحلٍ |
|
وفي المعالي الأصيدُ الأرأسُ |
إذا رقى يوماً ذُرى منبرٍ |
|
وألسنُ الخلقِ له خرّسُ |
يريك من ألفاظِهِ حكمةً |
|
يحتارُ فيها العالمُ الكيّسُ |
فيا لها من رُتبٍ نالها |
|
من دونها كيوانُ والأطلسُ |
قد شُرِّفتْ كوفانُ في قبرِهِ |
|
ولم تكن أعلامُها تدرسُ |
إن أنكر الجاحدُ قولي أَقُلْ |
|
يا صاح هذا المشهدُ الأقدسُ (٢) |
أما ترى النورَ به مشرقاً |
|
قرّت به الأعينُ والأنفسُ |
واللهِ لولا حيدرٌ لم يكنْ |
|
في الأرضِ ديّارٌ ولا مكنسُ |
فليس يحصي فضله ناثرٌ |
|
أو ناظمٌ في شعرِه منبسُ |
لو كان ما في الأرضِ أقلامُه |
|
والأبحرُ السبعُ له مغمسُ |
سمعاً أبا السبطين منظومةً |
|
غرّاء من غصنِ النقا أميسُ |
تختال من مدحِك في حلّةٍ |
|
لم يَحكِها في نسجِها السندسُ |
أرجو بها منك الجزا في غدٍ |
|
فإنَّ من والاك لا يبخسُ |
صلّى عليك الله ما أشرقت |
|
شمس الضحى وانكشف الحِندسُ |
___________________________________
(١) السيد : الذئب. الأسد ، والسّيْد تخفيف السيّد. نهس : أخذ بمقدّم أسنانه ونتفه. ( المؤلف )
(٢) هذا مستهلّ قصيدة السيّد علي خان. ( المؤلف )
ومن شعره في تقريظ المطوّل للتفتازاني قوله :
إنَّ المطوّلَ بحرٌ فاضَ ساحلُه |
|
فلا يحيطُ به وصفي وإنجازي |
فرقان أهل المعاني في بلاغتِهِ |
|
وفي الدلائلِ منه أيّ إعجازِ |
ـ ١٠٢ ـ الشيخ إبراهيم البلادي
بدأت بحمدِ من خلَقَ الأناما |
|
وأشكرُه على النعما دواما |
هو الموجودُ خالقُنا وجوباً |
|
ولم أثبتْ لموجدِنا انعداما |
لقد خلقَ الورى إظهارَ كنزٍ |
|
تستّر فاستفضَّ له الختاما (١) |
أُصولٌ خمسةٌ للدين منها |
|
له العدلُ الذي في الحكمِ داما |
وثاني الخمسةِ التوحيدُ فيه |
|
ونفيُ شريكه أبداً دواما |
وثالثُها النبوّةُ وهي لطفٌ |
|
عظيمٌ دائمٌ عمَّ الأناما |
ورابعها الإمامةُ وهي لطفٌ |
|
من الباري به الدين استقاما |
وخامسُها المعادُ لكلِّ جسمٍ |
|
وروحٍ والدليلُ عليه قاما |
وإنَّ إلٰهَنا في الحكمِ عدلٌ |
|
يخاصمُ كلَّ من ظلمَ الأناما |
وإنَّ النارَ والجنّاتِ حقٌّ |
|
على رغمِ الذي جحدَ القياما |
وإنَّ المؤمنين لهم جنانٌ |
|
ونار الكافرين علت ضراما |
وإنَّ الرسلَ أوّلهُم أبوهم |
|
وذلك آدمٌ خصّوا السلاما |
وأفضلُهم أولو العزم الأجِلّا |
|
ومن عَرَفوا لربِّهمُ المقاما |
وهم نوحٌ وإبراهيمُ موسى |
|
وعيسى والأمينُ أتى ختاما |
___________________________________
(١) إشارة إلى الحديث القدسي الدائر على الألسن : « كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن أُعرف فخلقت الخلق لكي أُعرف ». ( المؤلف )
محمدُهم وأحمدُهم تعالا |
|
وأعلاهم وقاراً واحتشاما |
فأشهدُ مخلصاً أن لا إلٰه |
|
سوى اللهِ الذي خلقَ الأناما |
وأنَّ محمداً للناسِ منه |
|
نبيٌّ مرسلٌ بالأمرِ قاما |
وأشهد أنَّه ولّى عليّاً |
|
وليَّ الله للدينِ اهتماما |
وصيَّره الخليفةَ يومَ خمٍّ |
|
بأمرِ اللهِ عهداً والتزاما |
ونصَّ على الأئمّةِ من بنيه |
|
هناك على المنابر حين قاما |
فواخاه النبيُّ وفي البرايا |
|
بحكمِ اللهِ صيّره إماما |
وعظّمه ولقّبه بوحيٍ |
|
أميرَ المؤمنين فلن يُراما |
وزوّجه البتولَ لها سلامٌ |
|
من اللهِ الوصول ولا انصراما |
فكان لها الفتى كفواً كريماً |
|
فأولدها أئمّتَنا الكراما |
إلى آخر القصيدة (١)
الشاعر
أبو الرياض الشيخ إبراهيم ابن الشيخ عليّ ابن الشيخ الحسن ابن الشيخ يوسف ابن الشيخ حسن ابن الشيخ علي البلادي البحراني. أحد أعلام البحرين وفضلائها ، كان موصوفاً بالأدب وصياغة الشعر ، من أجداد مؤلّف أنوار البدرين العالية كما ذكره في بعض التراجم ، له منظومة الاقتباس والتضمين من كتاب الله المبين في إثبات عقائد الدين ، استدلاليّاً ، وجامع الرياض يمدح فيه كلّاً من المعصومين عليهمالسلام بروضة ، ومن هنا يكنّى بأبي الرياض ، وديوان شعره يوجد بخطّ تلميذه الشيخ أبي محمد الشويكي الآتي ذكره ، صحّحه سنة ( ١١٥٠ ) ، يحتوي على قصائد على عدد الحروف بترتيبها ، و ( ١٣٢ ) دوبيتاً في أبواب خمسة في التوحيد ، والنبوّة ، والإمامة والأئمّة ، والعدل ، والمعاد ، وميميّة ( ١٠٨ ) أبيات في الأصول الخمسة.
___________________________________
(١) أخذناها من ديوانه المخطوط ، وله فيه شعر آخر في الغدير أيضاً. ( المؤلف )
ووالد المترجم له الشيخ عليّ أحد أعلام عصره ، ذكره صاحب الحدائق في لؤلؤة البحرين (١) وقال : كان فاضلاً ولا سيّما في العربيّة والمعقولات ، مدرّساً إماماً في الجمعة والجماعة معاصراً للشيخ سليمان بن عبد الله الماحوزي. انتهى. وترجم له صاحب رياض الجنّة في الروضة الرابعة ، وكان الشيخ حسن جدّ المترجم له أيضاً من الفضلاء وكذلك جدّه الأعلى الشيخ يوسف بن الحسن ، ذكره الشيخ الحرّ في أمل الآمل (٢) وقال : فاضل متبحّر شاعر أديب من المعاصرين. وحكى صاحب الحدائق في لؤلؤة البحرين (٣) عن والده العلّامة أنّه لمّا توفّي الشيخ يوسف بن الحسن البحراني ودفن في مقبرة المشهد ـ مسجد في بحرين ـ اتّفق انهدام إحدى منارتيه وسقوطها على قبره ، فمرَّ الشيخ عيسى (٤) بامرأة جالسة عند المنارة تتعجّب من سقوطها ، فقال الشيخ عيسى في ذلك :
مررتُ بامرأةٍ قاعده |
|
تُحولِقُ في هيئةِ العابده |
وتسترجعُ اللهَ في ذا المنار |
|
فما بالُها في الثرى راقده |
فقلت لها يا بنةَ الأكرمين |
|
رأيتِ أموراً بلا فائده |
ثوى تحتها يوسفيُّ الكمالِ |
|
فخرّت لهيبته ساجده |
___________________________________
(١) لؤلؤة البحرين : ص ٧٤ رقم ٢٦.
(٢) أمل الآمل : ٢ / ٣٤٩ رقم ١٠٧٨.
(٣) لؤلؤة البحرين : ص ٧٥ رقم ٢٦.
(٤) أوحدي من أعلام آل عصفور أسرة شيخنا الفقيه المتضلّع الشيخ يوسف صاحب الحدائق ، شاعر مفلق ، وأديب بارع. ( المؤلف )
ـ ١٠٣ ـ الشيخ أبو محمد الشويكي
ـ ١ ـ
زار حِبّي فانجلت سودُ الليالي |
|
حين أبدى منه ثغراً كاللآلي |
وتبدّتْ لمعٌ من وجهِهِ |
|
فحكى في لمعِهِ لمعَ الهلالِ |
إلى أن قال :
حيدرِ الكرّارِ مقدامِ الورى |
|
شامخِ القدرِ عليٍّ ذي المعالي |
عالمِ الغيبِ فلا عيبَ به |
|
طاهرِ الجيبِ فتىً زاكي الخصالِ |
هاشميٍّ نبويٍّ جودُه |
|
يُخجِلُ الغيثَ لدى سكبِ النوالِ |
أحمديِّ الخُلق والخَلقِ فتىً |
|
عنتريِّ الحربِ في يوم النزالِ |
صائمِ الصيفِ وقوّامِ الدجى |
|
مكرمِ الضيفِ بمالٍ من حلالِ |
معدنِ العلم الذي سوّالُه |
|
تبلَغُ الآمالَ من قبلِ السؤالِ |
ثابتِ النصفِ من الله ومن |
|
أحمدَ المختارِ محمودِ الفعالِ |
والدِ السبطين من ستِّ النسا |
|
بنتِ خيرِ الأنبيا ذاتِ الحجالِ |
من له المختارُ واخى في الورى |
|
مرغماً أعداءه أهلَ الضلالِ |
وهو في القرآن نصّاً نفسُهُ |
|
خيرُ من باهل بعد الإبتهالِ |
فله الشأنُ عليٌّ كاسمِهِ |
|
صاحبُ الإحسانِ غوثي في مآلي |
حجّةُ اللهِ بنصٍّ ثابتٍ |
|
يومَ خمٍّ فهو من والاه والي |
وأميرُ المؤمنين المرتضى |
|
من إلٰهِ العرشِ ربّي ذي الجلالِ |
في فراشِ المصطفى بات ولم |
|
يخشَ من أعدائِهِ أهلِ النكالِ |
أخذناها من مختصر ديوانه الذي كتبه إلى شيخه بخطّه وهي قصيدة طويلة قالها سنة (١١٤٩ ) يمدح بها أمير المؤمنين عليهالسلام.
ـ ٢ ـ
وله قصيدة أنشدها سنة (١١٤٩ ) وجدناها بخطّه يذكر بها العقائد الدينيّة مستهلّها :
اسمعْ هداك اللهُ حسنَ العقائدِ |
|
وخذ من معاني الفكرِ درّ الفوائدِ |
له الحمدُ ربّي كم حبانا بنعمةٍ |
|
تقاصر عن إدراكها حمدُ حامدِ |
إلى أن قال :
وألطافُ ربّي في البريّةِ جمّةٌ |
|
لها الغيثُ عذبٌ في جميعِ المواردِ |
وأعظمُ ألطافِ الإلٰهِ نبيُّنا |
|
وعترتُه أزكى كرامٍ أماجدِ |
حبانا بخيرِ المرسلين محمدٍ |
|
نبيّ هدىً للهِ أكرم عابدِ |
ويقول فيها :
ومعجزُه القرآنُ لا زال باقياً |
|
له بثباتِ الأمرِ أعظمَ شاهدِ |
وقد نَسخَتْ كلَّ الشرائعِ في الورى |
|
شريعتُه الغرّا على رغمِ ماردِ |
فصلّى وزكّى ثم صامَ نبيُّنا |
|
وحجَّ وكان الطهرَ أيَّ مجاهدِ |
له اللهُ قد صفّى من العيبِ فاغتدا |
|
نبيّاً صفيّاً صادقاً في المواعدِ |
وكان له المولى الجليل وحسبُه |
|
عليٌّ على الأعداءِ أيُّ مساعدِ |
فكان له كفّاً قويّاً وساعداً |
|
وسيفاً لهامِ القوم أعظمَ حاصدِ |
فواخاه عن أمرِ الإلٰهِ وخصَّه |
|
بفاطمة أُمِّ الهداةِ الفراقدِ |
وصيّره عن أمرِ خالقِه له |
|
إماماً بخمٍّ مُرغِماً أنفَ حاسدِ |
وقال له فوق الحدائجِ خاطباً |
|
وأضحى له أمرُ الورى أيّ عاقدِ |
ونصَّ عليه بالإمامة مجُهراً |
|
وأبنائه يا خير ولدٍ لوالدِ |
القصيدة
ـ ٣ ـ
وله من قصيدته الغديريّة الطويلة :
يومُ الغديرِ به كمالُ الدينِ |
|
ومتمُّ نعمةِ خالقي ومعيني |
للهِ من يومٍ عظيمٍ عيدُه |
|
للمؤمنين بدينِ خيرِ أمينِ |
يومٌ به رضيَ الإلٰهُ لخلقِهِ الـ |
|
إسلامَ بالتأييدِ والتمكينِ |
يومٌ شريفٌ عُظّمتْ بركاتُه |
|
من قبلِ كونِ الكونِ في التكوينِ |
يومٌ به نَصَبَ المهيمنُ حيدراً |
|
علماً إماما للورى بيقينِ |
فهو الغديرُ وفضله متظاهرٌ |
|
كالشمسِ لم يحتجْ إلى التبيينِ |
وله الرواية يا فتى تروي الظما |
|
فكأنَّها من عذبِ خير معينِ |
روت الرواةُ عن النبيِّ محمدٍ |
|
خيرِ الورى بالنصِّ والتعيينِ |
فأتاه جبريلُ الأمينُ مبلّغاً |
|
عن ربِّه التسليمَ بالتبيينِ |
فالآن بلّغْ عنه نصبَك حيدراً |
|
فوجوبُ طاعتِه وجوبٌ عيني |
قم ناصباً للطهرِ حيدرةَ التقي |
|
قبل افتراقِ مصاحبٍ وقرينِ |
قال النبيُّ الطهرُ سمعاً للذي |
|
قد قال من هو للورى يكفيني |
ودعا بخمّ وهو أوعرُ منزلٍ |
|
يا قومُ حطّوا الرحلَ في ذا الحينِ |
ومن الحدائجِ قد ترقّى منبراً |
|
ودعا عليّاً والدَ السبطينِ |
وإليه شالَ فبان من إبطيهما |
|
ذاك البياضُ ففاقَ للقمرينِ |
ولصحبِهِ قد قال يا قوم اسمعوا |
|
منّي مقالةَ ناصحٍ وأمينِ |
هل كنتُ يا أصحابُ أولى منكمُ |
|
بنفوسكم قالوا نعمْ بيقينِ |
من كنتُ مولاه فمولاه أخي |
|
ووصيّ بعدي كفّه بيميني |
إلى آخر القصيدة
ـ ٤ ـ
وله من قصيدة طويلة تسمّى بالغزالة يمدح بها النبيّ الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم أوّلها :
أقبلت تقنص الأسودَ الغزاله |
|
ذاتُ نور يفوقُ نورَ الغزاله |
وانثنتْ تسلبُ العقولَ وثنّت |
|
غلّةً في الحشا بلبس الغلاله |
إلى أن يقول :
فولاءُ النبيِّ للعبدِ درعٌ |
|
عن نبالِ الردى وللنصرِ آله |
وولائي من بعده لعليٍّ |
|
حيث أن قبل موتهِ أوصى له |
وارتضاه الإمام في يوم خمٍّ |
|
فهو للخصمِ قاطعٌ أوصاله |
ويوجد ذكرى الغدير في سائر قصائده اقتصرنا منها على ما ذكرناه.
الشاعر
أبو محمد عبد الله بن
محمد بن الحسين بن محمد الشويكي الخطّي ، من تلمذة الشيخ إبراهيم ابن الشيخ عليّ البلادي الآنف ذكره ، والشيخ ناصر ابن الحاج عبد الحسن البحراني ، له في فنِّ الأدب وقرض الشعر والإكثار منه والتفّنن فيه
أشواطٌ بعيدة ، غير أنَّ شعره من النمط الأوسط ، له كتابٌ في أحوال المعصومين ، وديوان مدائح النبيّ وآله يسمّى بـ : جواهر النظام ، وديوان مراثيهم الموسوم بـ : مسبل
العبرات ورثاء السادات. استخرج من الديوانين قصائد كثيرة في أربعة أيّام وألّفها ديواناً أهداه لشيخه العلّامة آقا محمد ابن آقا عبد الرحيم النجفي في سنة (١١٤٩ ) وهذا الديوان المنتخب من شعره يحتوي على خمسين قصيدة في أوزان وقوافٍ مختلفة في مدائح النبيِّ وآله صلوات الله عليه وعليهم ورثائهم ، ويرثي العبّاس بن أمير المؤمنين عليهالسلام والقاسم ابن الإمام الحسن وعبد الله ابنه ، وعليّ ابن الإمام السبط الشهيد عليهالسلام وولده عبد الله الرضيع ، كلّاً منهم بقصيدة.
ـ ١٠٤ ـ السيد حسين الرضوي
المتوفّى بعد ( ١١٥٦ )
حيّا الحيا عهدَ أحبابٍ بذي سلَمِ |
|
وملعبَ الحيّ بين البانِ والعلَمِ |
وجاد أعلام جمعٍ والعقيق فكم |
|
فرَّقن جمع همومٍ باجتماعهمِ |
يا صاح عُجْ بي قليلاً في معاهدهم |
|
تشفي عليل محبٍّ ذابَ من ألمِ |
هذه بديعيّة ذات (١٤٣ ) بيتاً يمدح بها النبيّ الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى أن يقول فيها :
صنو النبيِّ أمير المؤمنين أبو السبطين |
|
باب العلوم المرتضى الشيمِ |
في السرّ والجهر ساواه وكان له |
|
ردءاً يصدّقه في الحُكم والحِكمِ |
وفيه جاء عن المختار منقبةٌ |
|
من كنت مولاه فهو الحقّ فاعتصمِ |
الشاعر
السيد حسين ابن الأمير رشيد بن القاسم الرضوي الهندي النجفي ثم الحائري. أوحديٌّ ثنّى علمه الفائق بأدبه الرائق ، وعبقريّ زان حسبه الزكيّ بفضله الجمِّ وقريضه المزري بعقود الدرر ومنثور الدراري ، فهو عالم بارع ، وأديب ناقد ، لم تُشغله فضيلة عن فضيلة ، ولا ثنته مأثرة عن مفخرة.
جاء به أبوه من الهند
إلى النجف الأشرف فاشتغل بها ، وبعد لأي غادرها إلى جوار الإمام السبط الشهيد ـ الحائر المقدّس ـ وتخرّج بها على السيد المدرّس الأوحد
السيد نصر الله الحائري ، وله قصائد عدّة يمدح بها أستاذه المدرّس ، ولأستاذه يمدحه قوله :
يا أيّها الشهمُ الذي |
|
غيث الندى منه وكفْ |
يا ذا الذي في جودِهِ |
|
قد طال لي باعٌ وكفْ |
يا ماجداً طولَ المدى |
|
صدَّ الأذى عنّا وكفْ |
حيّاك ربُّ العرشِ ما |
|
برقٌ تبدّى في السدفْ |
من أساتذته السيّد صدر الدين القميّ شارح الوافية ، والشيخ عبد الواحد الكعبي النجفي المتوفّى ( ١١٥٠ ) ، والشيخ أحمد النحوي ، وكان جيّد الخطّ وقفت على ديوان أستاذه السيد المدرّس الحائري بخطّه. توفّي بكربلاء المشرّفة بعد سنة ( ١١٥٦ ) وقبل الستّين برّد الله مضجعه ، فما عن بعض المجاميع أنّه توفّي ( ١١٧٠ ) لم أقف على ما يعاضده.
خلّف شاعرنا الرضوي ديواناً مفعماً بالغرر والدرر ، ومن شعره في المديح :
جيرةَ الحيِّ أين ذاك الوفاءُ |
|
ليت شعري وكيف هذا الجفاءُ |
لي فؤادٌ أذابه لا عجُ الشو |
|
ق وجفنٌ تفيضُ منه الدماءُ |
كلّما لاح بارقٌ من حماكمْ |
|
أو تغنّت في دوحِها الورقاءُ |
فاضَ دمعي وحنَّ قلبي لعصرٍ |
|
قد تقضّى وعزَّ عنه العزاءُ |
يا عذولي دعني ووجدي وكربي |
|
إنَّ لومي في حبِّهم إغراءُ |
هم رجائي إن واصلوا أو تناءوا |
|
ومواليَّ أحسنوا أم أساؤوا |
هم جلوا لي من حضرة القدس قدماً |
|
راح عشق كؤوسها الأهواءُ |
خمرةٌ في الكؤوس كانت ولا كر |
|
مٌ ولا نشوةٌ ولا صهباءُ |
ما تجلّت في الكاس إلّا ودانت |
|
سجّداً باحتسائها الندماءُ |
ثم مالوا قبل المذاقِ سكارى |
|
من شذاها فنطقُهم إيماءُ |
ثم باتوا وقد فنوا في فناها |
|
إنَّ عينَ البقاءِ ذاك الفناءُ |
سادتي سادتي وهل ينفعُ الصبَّ |
|
على نازحِ المزارِ النداءُ |
كنت جاراً لهم فأبعدني الدهـ |
|
ـرُ فمن لي وهل يُردّ القضاءُ |
أتروني نأيتُ عنكم ملالاً |
|
لا ، ومن شُرِّفت به البطحاءُ |
سرّ خلقِ الأفلاكِ آية مجدٍ |
|
صدرتْ من وجودِهِ الأشياءُ |
من مزاياه غالبت أنجمَ الأُفـ |
|
ـق فكان السنا لها والسناءُ |
رتبٌ دونها العقولُ حيارى |
|
حيث أدنى غاياتِها الإسراءُ |
محتدٌ طاهرٌ وخُلقٌ عظيمٌ |
|
ومقامٌ دانت له الأصفياءُ |
خُصَّ بالوحي والكتاب وناهيـ |
|
ـك كتاباً فيه الهدى والضياءُ |
يا أبا القاسمِ المؤمَّلَ يا من |
|
خضعتْ لاقتدارِهِ العظماءُ |
قاب قوسين قد رقيتَ علاء |
|
[ كيف ترقى رقيَّكَ الأنبياءُ ] (١) |
ولك البدرُ شُقَّ نصفين جهراً |
|
[ يا سماءً ما طاولتها سماءُ ] |
ودعوت الشمسَ المنيرةَ رُدَّت |
|
لعليٍّ تمدّها الأضواءُ |
أنت نورٌ علا على كلِّ نورٍ |
|
ذي شروقٍ بهديه يُستضاءُ |
لم تزل في بواطن الحجبِ تسري |
|
حيث لا آدم ولا حوّاءُ |
فاصطفاك الإلٰهُ خيرَ نبيٍّ |
|
شأنه النصحُ والتقى والوفاءُ |
داعياً قومَه إلى الشرعةِ السمـ |
|
ـحاءِ يا للإلٰهِ ذاك الدعاءُ |
وغزا المعتدين بالبيضِ والسمـ |
|
ـر فردّت بغيظِها الأعداءُ |
وله الآلُ خيرُ آلٍ كرامٌ |
|
علماءٌ أئمّةٌ أتقياءُ |
هم رياضُ الندى وروحُ فخارٍ |
|
وسماحٌ ثمارُها العلياءُ |
___________________________________
(١) هذا الشطر والمصرع الثاني من البيت الآتي مستهلّ الهمزيّة الشهيرة التي خمّسها الشاعر المفلق عبد الباقي العمري. ( المؤلف )
يُبتغى الخيرُ عندهمْ والعطايا |
|
كلَّ حينٍ ويستجابُ الدعاءُ |
سادتي أنتمُ هُداتي وأنتمْ |
|
عدّتي إن ألمّتِ البأساءُ |
وإلى مجدِكم رفعت نظاماً |
|
كلآلٍ قد تمَّ منها الصفاءُ |
خاطري بحرُها وغوّاصُها الفكـ |
|
ـر ونظّامُ عقدِهنَّ الولاءُ |
وعليكم صلّى المهيمنُ ما لا |
|
ح صباحٌ وانجابتِ الظلماءُ |
أوشدى مغرمٌ بلحنٍ أنيقٍ |
|
جيرةَ الحيِّ أين ذاك الوفاءُ |
وله يمدح أمير المؤمنين عليهالسلام :
ألمَّ وقد هجع السامرُ |
|
وعُطّل عن سيرِه السائرُ |
خيالٌ لعلوى أتى زائراً |
|
وُقيتَ الردى أيّها الزائرُ |
طرقتَ فجلّيتَ ليلَ العفا |
|
وقرّبك القلبُ والناظرُ |
نشدتُكَ باللهِ كيف اهتد |
|
يت إلى مضجعي والدجى ساترُ |
وكيف عثرت بجفني وقد |
|
غدا وهو طولَ المدى ساهرُ |
فقال هداني إليك الحنينُ |
|
ونار جوىً شبهها الهاجرُ |
سقى ربعَ علوى وذاك الخيالَ |
|
وليلَ الوصالِ حياً هامرُ |
ملثٌّ (١) يُحاكي نوالَ الأميرِ |
|
ومن روضُ ألطافِه زاهرُ |
عليٌّ أبو الحسن المرتضى |
|
عليُّ الذرى الطيِّبُ الطاهرُ |
إمام هُدىً فضلُه كاملٌ |
|
وبحرُ ندىً بذلُه وافرُ |
وصيُّ النبيِّ بنصِّ الإلٰهِ |
|
عليه وبرهانه الباهرُ |
فتىً راجحُ الحلم لا وجهُه |
|
قطوبٌ ولا صدرُه واغرُ |
له الشرفُ الضخمُ والسؤددُ المـ |
|
ـفخّمُ والنسبُ الطاهرُ |
وبيتُ عُلىً شاد أركانه |
|
قنا الخطّ والأبلجُ الباترُ |
___________________________________
(١) ألثَّ المطر إلثاثاً فهو ملثٌّ ، أي دام أياماً لا يقلع.
إلى حيثُ لا ملكٌ سابقٌ |
|
هناك ولا فلكٌ دائرُ |
إذا ساجلَ الناسَ في رتبةٍ |
|
فكلٌّ لدى عزِّه صاغرُ |
وإن صالَ فالحتفُ من جندِه |
|
وربُّ السماء له ناصرُ |
كأنَّ قلوب العدا إن بدا |
|
من الرعبِ يهفو بها طائرُ |
أيا جدُّ إنَّ لسان البلـ |
|
ـيغِ عن حصرِ أوصافِكم قاصرُ |
كفاكم عُلىً أنَّ ربَّ السما |
|
ء في الذكر سعيَكم شاكرُ |
فجاد ربوعَكَ من لطفِهِ |
|
سَحابٌ برضوانِه ماطرُ |
مدى الدهر ما قد طوى سبسباً |
|
لتقبيل أعتابِكم زائرُ |
ومن شعره قوله :
يا مخجلاً حَدَقَ المها |
|
أوقعت قلبي بالمهالكْ |
ومعيدَ صبحي كالمسا |
|
ضاقت عليَّ به المسالكْ |
يا مُنيتي دون الملا |
|
أنحلتَ جسمي في ملالكْ |
هبْ لي رقادي إنَّه |
|
مذ بِنْتَ أبخلُ من خيالكْ |
لله كم لك هالكٌ |
|
بشبا اللواحظِ إثرَ هالكْ |
يا موقفَ التوديعِ كم |
|
دمعٍ نثرتُ على رمالكْ |
هل لي مقيلٌ من ضلا |
|
لي أم مقيلٌ في ظلالك |
لهفي على عصر مضى |
|
لي بالحبيبِ على تلالكْ |
بالله أين غزالُك الـ |
|
ـفتّانُ ويلي من غزالكْ |
لم أنسَه ويدُ النوى |
|
تستلُّ أنفسَنا هنالكْ |
أومى يسائل كيف حا |
|
لُك قلت داجي اللونِ حالكْ |
فافترّ من عجبٍ وقا |
|
ل بنو الهوى طرّاً كذلكْ |
فأجبته لو كنت تعلمُ |
|
قدرَ من أصبحت مالكْ |
لعلمتَ أنّي عاشقٌ |
|
ما إن يقصّر عن منالكْ |
أنا كاتبٌ أظهرتُ أسـ |
|
ـرارَ الكتابةِ من جمالكْ |
ألفٌ حلت فكأنّها |
|
من حسنِ قدِّك واعتدالكْ |
ميمٌ كمبسمِك الشهيِّ |
|
ختامُه من مسكِ خالكْ |
صادٌ كغدرانٍ جرت |
|
من أدمعي يوم ارتحالكْ |
سينٌ كطرّتِك التي |
|
ألقت فؤادي في حبالكْ |
دالٌ كصدغِك شوّشت |
|
بيدِ الدلالِ وغير ذلكْ |
ومقطّعاتٌ قد حكت |
|
قلبي المروّعَ من ذيالكْ |
ومركّباتٌ كالعقو |
|
د تزيُن أجيادَ الممالكْ |
وإذا تناسقتِ السطو |
|
رُ سوافراً كنّا كمالكْ |
يا قوت أصبح قائلاً |
|
في الجمع ما أنا من رجالكْ |
قسماً بها لولا الهوى |
|
ما كنت من جرحى نبالك |
ومن شعره في عقد كلام لأمير المؤمنين عليهالسلام :
أنعم على من شئت كن أميره |
|
واستغن عمّن شئت كن نظيره |
إن كنت ذا عزٍّ ورمت أن تهُنْ |
|
فاحتج لمن شئت تكن أسيره |
جمعت شتات تاريخ حياته ، وعقود جمل الثناء عليه المبثوثة في المعاجم ، من النشوة والطليعة وغيرهما صفحات أعيان الشيعة (١) ( ص ٤٦ ـ ٥٧ ) من الجزء السادس والعشرين.
___________________________________
(١) أعيان الشيعة : ٦ / ١٥ ـ ١٨.
ـ ١٠٥ ـ السيد بدر الدين
|
المولود ( ١٠٦٢ ) |
بالله ياورقُ إن شدوت على |
|
سفوح سلعٍ فدونها السجفُ |
وإن رأيت السحاب هاميةً |
|
فقل مرام المولع النجفُ |
ففيه رمسٌ مطهّرٌ هبطت |
|
عليه أملاك من له الصحفُ |
فيه الإمام الوصيُّ حيدرةٌ |
|
مولى البرايا ومن له الشرفُ |
فيه شقيق الرسول شافعنا |
|
ونفسه إن توسّط الطرفُ |
فيه أخوه ومن فداه على |
|
فراشه إن رووا وإن حرفوا |
فيه الذي في الغدير عيّنه |
|
وبخبخ القوم فيه واعترفوا |
الشاعر
بدر الدين محمد بن الحسين بن الحسن بن المنصور بالله القاسم بن محمد الحسني الصنعائي ، أحد حسنات اليمن ، وعلمائها الأعلام. مشاركٌ في العلوم ، له في الكلام والطبّ والأدب وقرض الشعر يدٌ غير قصيرة ، وله تآليف قيّمة منها رسالةٌ في الكلام ، تلمّذ لأساتذته في الفنون منهم : العلّامة الشيخ صالح البحراني نزيل الهند ، والفاضل الحكيم محمد بن صالح الجيلاني نزيل اليمن ، ولد سنة ( ١٠٦٢ ) في شهر صفر. أخذنا الترجمة والشعر ملخّصاً من نسمة السحر (١) ( ج ٢).
___________________________________
(١) نسمة السحر : مج ٩ / ج ٢ / ٤٨٦.
إنتهى الجزء الحادي عشر من الغدير ويتلوه الجزء الثاني عشر ويبدأ ببقيّة شعراء الغدير في القرن الثاني عشر والحمد لله أوّلاً وآخراً.