بلغة الفقيّة - ج ٢

السيّد محمّد آل بحر العلوم

بلغة الفقيّة - ج ٢

المؤلف:

السيّد محمّد آل بحر العلوم


المحقق: السيّد محمّد تقي آل بحر العلوم
الموضوع : الفقه
الناشر: منشورات مكتبة الصّادق
الطبعة: ٤
الصفحات: ٣٩٥

مع فرض عدم النيابة عنه؟ اللهم إلا أن يرجع إليها ولو بنوع من التكلف.

بل يمكن أن يقال من هذا الباب أيضا غرامة المتاع فيما لو قال : ألق متاعك في البحر وعلي ضمانه ، فان عمل الإلقاء المتمول باعتبار الملقى محترم مبذول للأمر باستدعائه لنفسه مضمون عليه بأجرته المساوية لقيمة المتاع ويشهد لذلك ما في (الجواهر) عن محكي (التذكرة) في هذا الفرع ، حيث قال : «ولو قلنا انه جعالة خلصنا من الإلزام» انتهى ، وعليه فالضمان بالقيمة وان كان المتاع مثليا ولولا تضمنه التعليق على الشرط ، وهو الإلقاء

__________________

يكسب من المأمور ما استوفاه من المال أو العمل بدلا عما يضمنه له من الغرامة ، والمضمون له يكسب ما ضمنه الضامن له وتعهد به من الخسارة فإن الضمان ربما يكون حكما شرعيا ناشئا عن سببه المقتضى له من غصب مال الغير أو إتلافه أو قبضه بالسوم ونحو ذلك من أسباب كون المال في عهدة الضامن شرعا يلزمه خسارته وغرامته لمالكه ، وفي مثله لا يدخل شي‌ء في ملك الضامن قبال ما يخسره للمضمون له من الغرامة. وقد يكون الضمان اختياريا من الضامن وتعهدا منه بمعناه المصدري بدفع غرامة للمضمون له بدل ما يستوفيه منه من مال أو عمل محترم ، وفي مثله يكون التعهد المذكور من الضامن واستدعائه من المضمون له بذل ماله أو عمله له وفي سبيله واستجابة المضمون له لما استدعاه الضامن منه غير قاصد التبرع بما بذله له وفرض إمضاء الشارع لذلك وكونه مشمولا لآية «التجارة عن تراض» مقتضيا لدخول ما استوفاه منه في ملكه عوضا عما ضمنه له من بدله ، ولا حاجة الى قصد المضمون له إدخاله في ملكه بعد ما كان طبع المعاملة المذكورة يقتضي ذلك فان ما تعهد به الضامن للمضمون له من العوض لما لم يكن بعنوان التبرع والمجان بل بإزاء ما استوفاه من ماله أو عمله ، فلا ملزم للقصد المذكور حتى يقول سيدنا ـ قدس سره ـ في مثل : أعتق

١٨١

المنافي للتنجز المعتبر في صحة الضمان ، لقلنا به من باب الضمان لا من باب الجعالة وليس المانع عنه إلا ذلك ، لا ما قيل : انه من ضمان ما لم يجب نظرا الى أن ضمان الأعيان معناه ضمان ما تشتغل به ذمته بعد التلف وهو غير متحقق حين الضمان ومقتضاه البطلان إلا أن صحته في المقام بالإجماع المستفيض بل في (الخلاف) دعوى إجماع الأمة عليه عدل الثوري الواجب فيه الاقتصار على القدر الثابت منه وهو في صورة الخوف لا مطلقا ، لان ضمان الأعيان من ضمان ما وجب لا من ضمان ما لم يجب ، إذ الضمان معناه التعهد ودخول الشي‌ء في عهدة الضمان ، غير أن التعهد ان تعلق بمال في الذمة كان معناه التحويل من ذمة إلى أخرى وان تعلق بالعين كان معناه كونها متداركة مرجوعة ودفع المثل أو القيمة مرتبة من مراتب رد العين وتداركها وشأن من شئونه مندرج في التدارك الذي هو معنى كون العين في العهدة ، فالمضمون

__________________

عبدك عني : «فلا يحتاج في صحته عنه الى تكلف دعوى تضمن ذلك الرخصة في إدخاله في ملكه والوكالة عنه في عتقه لعدم القصد إلى شي‌ء من ذلك بالوجدان» انتهى.

وعليه ففي مثل : أعتق عبدك عني وعلي ضمانه باستجابة المالك لما استدعاه الآمر يدخل العبد في ملك الأمر ملكية آنية استطراقية ثم ينعتق عنه فولاؤه له وكذا مثل أد ديني وعلي ضمانه يدخل المال المؤدى به الدين في ملك الآمر ثم يتحقق به وفاء الدين ، وكذا كل مال استوفى من مالكه بالأمر المعاملي بل وكذا مثل : الق متاعك في البحر وعلي ضمانه ، مع فرض صحته وتوقف النجاة من الغرق على الإلقاء يدخل المتاع في ملك الضامن له بإلقائه ويتلف منه كل ذلك لاقتضاء نفس الاستيفاء بالأمر المعاملي وكون الضمان معاوضيا ذلك ، ولا ارى وجها لاستبعاد سيدنا ـ قدس سره ـ له سوى ما ذكره من عدم القصد إلى شي‌ء من ذلك بالوجدان وحيث ان الضمان اختياري

١٨٢

هو العين وهو متحقق عند الضمان. نعم لو ضمن العين حين عدمها كان من ضمان ما لم يجب ، ومقتضى الوجه المذكور هو الضمان مطلقا مع الخوف وعدمه دون التفصيل بينهما كما تقدم فتأمل (١) الى غير ذلك من الموارد التي يستحق بالعمل له العوض المعين عليه ان كان من الجعالة ، وإلا فأجرة المثل.

__________________

وكون استيفاء الأموال والأعمال بالأمر يقتضي وقوع ما استدعاه الآمر من المأمور في ملكه فلا حاجة الى قصد ذلك. نعم يبقى شي‌ء وهو ان المعاملة المذكورة بناء على كونها على إطلاقها من المعاوضات غالبا لم يتعين فيها العوض المضمون له عند المعاملة فتدخل بذلك في المعاملات الغررية المنهي عنها. ويمكن ان يقال : ان دليل النهي عن الغرر ليس من العمومات الآبية عن التخصيص ، وبناء على تسالم الأصحاب على صحة المعاملة المذكورة وعدم استشكال أحد فيها من ناحية الغرر ، يمكن تخصيص دليل النهي عن الغرر بالإجماع الثابت على صحتها ـ مطلقا.

هذا بناء على أن الوارد عن النبي (ص) : هو النهي عن مطلق المعاملة الغررية ـ بيعا كانت أم غيره ـ وأما بناء على كون الوارد عنه (ص) النهي عن بيع الغرر ـ كما يظهر ذلك من كثير ممن ذكر النبوي المذكور ـ فالأمر أوضح ـ فتدبر.

(١) وجه التأمل ان ما ذكر ان تم فإنما يتم حيث ما يتحقق القبض ليدخل به المقبوض في العهدة واما مع عدمه فلا ضمان إلا في خصوص المورد لدليله المخرج له عن القاعدة الموجب لقصر الحكم فيه على صورة الخوف اللهم إلا أن ينزل عبارة الأمر على القبض عنه ثم الإلقاء بعده فيكون الإلقاء عنه بعد القبض كذلك الا انه احتمال بعيد جدا كاحتمال كونه من المعاوضة ببدله فيكون من قسم المعاوضات وان خرج عن القواعد لدليله الخاص.

١٨٣

وأما ما ذكره (في جامع المقاصد) و (المسالك) في الفرع المتقدم من أنه لو كانت هذه إجارة فاسدة لم يستحق اجرة كما في الأول أو شيئا كما في الثاني ، ففيه ان الإجارة الفاسدة مضمونة أيضا ، لأن صحيحها مضمون وما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده.

وأما الجعالة فجريان المعاطاة فيها اولى من جريانها في الإجارة لتوسعها وعدم اندراجها في العقود اللازمة التي ادعى الإجماع على اعتبار الصيغة الخاصة فيها مع قيام السيرة عليها.

وأما الرهن فلا مانع من جريان المعاطاة فيه بعد الصدق العرفي وقيام السيرة عليه (١) الا ما قيل من منافاة حكم المعاطاة : من جواز الفسخ للتوثيق المأخوذ في قوام الرهن ولزومه النقض للغرض. ويدفعه عدم انحصار فائدته بالوثوق : من خوف الرجوع حتى يكون الرهن بالمعاطاة لغوا ، بل

__________________

(١) الظاهر تسالم الأصحاب على كون الرهن لازما من طرف الراهن ويظهر منهم أن اللزوم مقتضى حقيقته ، فإنه وثيقة على دين المرتهن ولا وثوق مع قدرة الراهن على فسخ الرهن والرجوع بالعين المرهونة ، ومقتضى ذلك عدم صحة إنشائه إلا بالعقد المشتمل على الإيجاب والقبول ، فإنه الذي يجب على العاقد الالتزام بمؤداه بمقتضى قوله تعالى «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» بخلاف ما لو أنشأ الرهن بالمعاطاة فإن غاية ما يقتضيه صدق الرهن على ما أنشأ بها وقيام السيرة عليه صحة ذلك أما اللزوم مع فرض عدم صدق العقد على المنشأ بالمعاطاة ، فلا مقتضى له كما في غير الرهن مما أنشأ من المعاملات بالأفعال.

ويمكن ان يقال : ان الوجه فيما اتفق عليه الأصحاب من عدم لزوم ما أنشأ بالمعاطاة هو عدم وجود المقتضى للزوم فيها وهو العقد الواقع بين المتعاقدين الدال بالدلالة الالتزامية على التزام كل منهما لصاحبه بالثبات

١٨٤

جل فائدته اختصاص المرتهن باستيفاء حقه منه مع قصوره عن ديون الراهن وعدم الضرب فيه مع الغرماء مع وثوقه من الراهن بعدم رجوعه عنه ويؤيد ذلك ـ بل يدل عليه ـ : ان اعتبار القبض فيه انما هو للوثوق مع عدم اعتبار استدامته بالإجماع مع انا نمنع كون اللزوم من قوام الرهن ، بل هو من فوائده وقد تقدم من العلامة في (التذكرة) مساواة الرهن للبيع في جريان الخلاف في معاطاته.

وأما القرض فالمتداول بين الناس انما هو بالمعاطاة دون الصيغة ، فالسيرة فيه أتم منها في غيره.

والعجب من الكركي في المحكي عنه في صيغ العقود حيث فرق بين المعاطاة في القرض وبينها في البيع بإفادتها الإباحة في الأول والملك في الثاني حيث قال في القرض : «.. لا يكفى الدفع على جهة القرض من غير لفظ في حصول الملك نعم يكون ذلك في القرض كالمعاطاة في البيع فيثمر

__________________

والبقاء على ما تعهد به له ، وآية «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» انما تلزم بالوفاء بالعقد باعتبار التعهد الالتزامي فيه المفقود في المعاملة المنشأة بالفعل. ولكن هذا غاية ما يقتضي الحكم بالجواز فيما أنشأ بالمعاطاة من جهة القصور في المقتضي ، وهو الفعل المنشأ به المعاملة ، وقد يوجد فيما أنشأ بالفعل ما يقتضي لزومه ، وأنه إذا صح لزم وهو موجود في الرهن فان الاستيثاق والتطمين للمرتهن بعدم ذهاب دينه الذي هو له على الراهن وإمكان استحصاله من العين المرهونة لا يحصل له مع جواز الفسخ ورجوع الراهن بالعين المرهونة.

وبالجملة فكون طبع المعاطاة الجواز وعدم اللزوم لا ينافي وجود جهة تقتضي اللزوم في بعض ما أنشأ بها ، وقد سبق من سيدنا ـ قدس سره ـ القول باللزوم في الصدقة الواقعة بالمعاطاة لعموم ما دل على عدم الرجوع فيما أريد به وجه الله تعالى.

١٨٥

اباحة التصرف ، فاذا تلفت العين وجب العوض ، والذي ينساق اليه النظر أن المعاطاة في البيع تثمر ملكا متزلزلا ، ويستقر بذهاب أحد العينين أو بعضها ومقتضى هذا أن النماء الحاصل في المبيع قبل تلف شي‌ء من العينين يجب أن يكون للمشتري بخلاف الدفع للقرض ، فإنه لا يثمر الا محض الاذن في التصرف وإباحته ، فيجب أن يكون نماء العين للمقرض لبقائها على الملك ، انتهى. ولذا قال شيخنا في (الجواهر) بعد ذكر كلامه وهو صريح في الفرق بين المعاطاة فيهما ـ «ولا يخفى عليك صعوبة إثبات ذلك عليه ضرورة اشتراك الجميع في الأدلة كما عرفته». انتهى.

اللهم إلا أن يوجه الفرق بقيام الإجماع عنده على اعتبار الصيغة في العقود اللازمة التي منها القرض الظاهر في كونها معتبرة في الصحة دون اللزوم الموجب لجريان حكم العقد الفاسد على المجرد عنها وان كان بالمعاطاة غير انه في البيع يصرف الظهور في شرط الصحة إلى كونه شرطا في اللزوم بالإجماع على صحة المعاطاة في البيع وإفادتها الإباحة الشرعية المقصود بها عنده الملك المتزلزل ولا إجماع كذلك في غيره من العقود اللازمة حتى يصرف ظهور اعتبار الصيغة في صحتها الى اعتبارها في اللزوم ، غير ان الإباحة المالكية في القرض مستفادة من شاهد الحال.

وفيه : ان الإجماع ليس منعقدا في كل عقد مستقل حتى يمكن صرف ظاهر بعض وإبقاء غيره على ظاهره ، بل هو معقد واحد لاعتبار الصيغة في الجميع وارادة شرطيتها للصحة في بعض واللزوم في بعض آخر أشبه باستعمال اللفظ الواحد في المعنيين.

لا يقال : ان ما ذكرته من الوجه للفرق مع قطع النظر عما أوردته عليه مبني على كون القرض من العقود اللازمة حتى يكون مندرجا تحت معقد الإجماع على اعتبار الصيغة فيها مع أن غير واحد من الأصحاب ذهب الى كونه من

١٨٦

العقود الجائزة ، بل ادعي الإجماع على كونه منها.

لأنا نقول : المراد بكونه من العقود الجائزة جواز المطالبة بالوفاء متى شاء ولو في المجلس وان كان مؤجلا ، وشرط التأجيل فيه غير ملزم إلا إذا كان في ضمن عقد لازم غيره.

ويدل على ارادة ذلك من الجواز : ذهاب الأشهر ـ بل المشهور ـ الى عدم التزام المقترض له بإلزام المقرض له برجوع العين المقبوضة منه لو كانت باقية ، وليس ذلك إلا لتمليك العين ملكا لازما بالقرض الذي مفاده تمليك العين مضمونة عليه ، فوجوب البدل فيه من باب الغرامة والتعويض لا من باب المعاوضة ، ولو كان من العقود الجائزة كان له استرداد العين مع بقائها نعم للمقترض ردها بنفسها لكونها أحد مصاديق الكلي الواجب عليه مخيرا بين أفراده التي هي منها ، بل لعله اولى من غيره. (وتوهم) جواز امتناع المقرض عن قبولها بالخصوص لأنه بالقرض يستحق عليه المثل وليس العين منه لأن الشي‌ء لا يكون مماثلا لنفسه بل هو هو لا مثله وان كان مثليا (توهم) فاسد لان الثابت في الذمة هو الكلي المسمى باسمه كالدرهم والدينار والحنطة والشعير لا خصوص عنوان المثل بما هو مثل وان وقع التعبير به ، فلانطباق الكلي عليه. نعم لو قلنا بالقرض في القيميات كما هو الأقوى وقلنا بثبوت القيمة في الذمة من أول الأمر ، كان للمقرض الامتناع عن قبول العين لو ردها المقترض لأنه غير حقه المستحق عليه ولا كذلك لو قلنا بالانتقال إلى القيمة عند الوفاء لا قبله لصدق الوفاء برد العين حقيقة بل هو أحق بالصدق من رد القيمة.

وأما المزارعة والمساقاة فتجري فيهما المعاطاة أيضا لتحقق الصدق العرفي مع قيام السيرة عليها فيهما.

هذا تمام الكلام في جريان المعاطاة في غير البيع من العقود والإيقاعات

١٨٧

وقد عرفت أن المناط فيه دخوله في اسم المعاملة واندراجه تحت إطلاق اخبارها مع قيام السيرة عليها (ودعوى) كون المطلقات من حيث شمولها للمعاطاة مهملة أو منصرفة إلى غيرها من العقود القولية (ممنوعة) مردودة على مدعيها.

ومنها : انه هل يعتبر في المعاطاة الواردة مورد العقد ما يعتبر فيه وبعبارة أخرى : هل يشترط في المعاطاة كونها جامعة لشرائط العقد إلا الصيغة ، فيعتبر في معاطاة البيع ما يعتبر في عقده وفي معاطاة الإجارة ما يعتبر في عقدها ، وهكذا في كل معاملة تقع المعاطاة فيها أم لا؟ اختلفت كلماتهم في ذلك ولنقدم ذكر جملة منها.

قال في (المسالك) : «فلو وقع الاتفاق بينهما على البيع وعرف كل منهما رضاء الآخر بما يصير اليه من العوض المعين الجامع لشرائط البيع غير اللفظ المخصوص لم يفد اللزوم» انتهى.

وقال في (الحدائق) : «المشهور بين القائلين بعدم لزوم بيع المعاطاة هو صحة المعاطاة المذكورة إذا استكملت شروط البيع غير الصيغة المخصوصة وانها تفيد اباحة تصرف كل منهما في ما صار اليه من العوض المعين من حيث اذن كل منهما للآخر في التصرف بتسليطه على ما دفعه اليه إلا انه لا يفيد اللزوم ما دامت العين باقية بل لكل منهما الرجوع في ما دفعه للآخر ونقل عن العلامة في (النهاية) القول بفساد بيع المعاطاة وانه لا يجوز لكل منهما التصرف فيما صار اليه» انتهى.

ومقابل المشهور في كلامه ما نقله عن العلامة.

وفي (شرح القواعد) لشيخنا كاشف الغطاء ما لفظه : «ومنها أنها هل هي داخلة في اسم المعاملة التي جاءت في مقامها فتجري فيها شرائطها وأحكامها؟ الظاهر من جماعة من الأصحاب اختيار ذلك ، فتجري فيها قائمة

١٨٨

مقام البيع أحكام الشفعة والخيار والسلم وبيع الحيوان والثمار وجميع شرائطه سوى الصيغة ولم يقم على ذلك شاهد معتبر من كتاب أو سنة أو إجماع والأقوى انها قسم آخر بمنزلة الصلح والعقود الجائزة يلزم فيها ما يلزم فيها فتصح المعاطاة على المشاهد من مكيل أو موزون من غير اعتبار مكيال أو ميزان وبنحو ذلك جرت عادة المسلمين» انتهى.

إذا عرفت ذلك فاعلم أن تنقيح المسألة لا بد فيه من الكلام على كل من القولين في موضوع المعاطاة من قصدهما الإباحة المعوضة بالإباحة ، أو كان من قصدهما التمليك. وعلى الثاني ، فالكلام مرة بناء على إفادتها الإباحة ، واخرى بناء على الملك المتزلزل ، وعلى الثاني ، فتارة بناء على كونها بيعا في مورد البيع واجارة في مورد الإجارة وهكذا ، واخرى بناء على انها سبب مستقل يفيد مفاد العقد الواردة مورده :

فنقول : اما على القول بأن موضوعها الإباحة العوضية ـ كما ذهب اليه شيخنا في (الجواهر) ـ فالمرجع فيه هو ما دل على صحة هذه المعاوضة : فإن استدل عليها بعموم «الناس مسلطون على أموالهم» فمقتضاه عدم اعتبار ما شك في اعتباره فيه ، وان استدل عليها بالسيرة أو الإجماع ، فينعكس الأمر لأن المتيقن منهما هو ما كان جامعا للشرائط.

وكذا على القول بكون موضوعها ما إذا كان بقصد الملكية ، ولو قلنا بإفادتها الإباحة الشرعية ـ كما نسب الى المشهور ـ فإنه القدر المتيقن من الإجماع المنقول على سببيتها للإباحة الشرعية.

وأما على القول به مع القول بإفادتها الملك ، فمبني على كون اعتبارها من جهة دخولها في اسم المعاملة الخاصة أو كونها معاوضة مستقلة أو سببا خاصا.

أما على الأول فيعتبر فيها ما يعتبر في تلك المعاملة الواردة في موردها

١٨٩

من الأحكام والشرائط مطلقا. ويحتمل ـ غير بعيد ـ التفصيل بين ما ثبت اعتباره بدليل لفظي أو بدليل لبى فيختص اعتباره في الثاني بالعقد اللفظي بناء على ان المتبادر عند الفقهاء والمتصرف إليه في لسانهم هو العقد اللفظي دون الفعلي والإجماع متصيد من فتاويهم ، فتأمل.

واما على الثاني وهو كونه سببا خاصا ، فلا يعتبر فيه إلا ما قام الدليل عليه من سيرة أو إجماع ولا يقاس بالعقد الواردة مورده فيما اعتبر فيه لعدم اندراجه بالفرض في اسم المعاملة الخاصة وان وقع في موردها حتى يعتبر فيه ما يعتبر فيها والأصل يقتضي العدم في كل ما شك في اعتباره وهو مما لا ريب فيه ، وانما الإشكال فيما يصلح أن يكون وجها للحكم بكونها سببا مستقلا يفيد الملك وليس إلا سببية اليد له بعد تسليط المالك عليه كتملك المتناول لنثار العرس باليد لتسليط المالك مطلقا كالنثار في الطرق والشوارع العامة أو لجماعة مدعوين للتفرج والاستيناس يملكه من سبق منهم بالأخذ دون غيرهم ، فيكون التسليط عاما فيهم وخاصا بالنسبة إلى غيرهم ، ويعبر عن الأول بالإعراض وعن الثاني بالتسليط ، وان تضمن الاعراض بالنسبة إليهم أيضا ، وليس منه تقديم الطعام للضيف ـ كما توهمه بعض الفحول ـ إذ لا تسليط فيه على الغير إلا بأكله ، فهو من إباحة الإتلاف بالأكل لا من التسليط على التملك باليد.

وبالجملة كما ان اليد سبب لحدوث الملك في المباحات الأصلية وما بحكمها من الاعراض العام بل ولو الخاص بعد صيرورة المحل به قابلاً للتملك باليد ، فكذا تسليط المالك شخصا خاصا على ماله يصيره قابلاً لتملكه له باليد فالملك في المعاطاة للبدلين معلول لليد المنبعثة عن تسليط كل من المالكين لصاحبه على ماله بقصد التبديل بين المالين ، والسيرة حجة عليه كاشفة عن إمضاء الشارع له ، والتعبير بالبيع فيما وقع التمليك والتبديل

١٩٠

بين العينين ، وبالإجارة فيما وقع بين العين والمنفعة وغير ذلك من التسامح في التعبير عرفا للمشابهة التامة بينهما ، وهو وجه حسن إلا أن ثبوته على عهدة مدعيه.

ومنها أيضا : انه يعتبر التقابض في ماهية المعاطاة فلا تتحقق المعاطاة مع كون كل من المالين بيد صاحبه ، وهذا مما لا كلام فيه ، وانما الكلام في انه هل يعتبر فيها حدوث القبض وان اكتفينا باستدامته فيما يعتبر فيه القبض كالرهن وغيره ، أو يكفي فيها استدامته؟ الظاهر هو الأول ، وان قلنا بعدم بقاء الأكوان واحتياج الباقي الى المؤثر فلو كان مال كل منهما بيد صاحبه أمانة ووقعت المعاملة بينهما بالمعاطاة عليهما ، توقف تحقق موضوع المعاطاة على الرد وحدوث الإعطاء من الجانبين أو من أحدهما على رأى.

ومنها : ان القدر المتيقن من المعاطاة في إفادتها الملك أو الإباحة هو حصول الإعطاء من الجانبين ، فلو حصل من جانب واحد ففي لحوقه بها حكما وعدمه وجهان : مبنيان على القول بالملك أو الإباحة ودليلهما ، فعلى الثاني يشكل الحكم به لخروجه عما ثبت بالإجماع إفادته الإباحة بخلافه على الأول لوجود ما دل على الملك فيه أيضا : من السيرة القطعية وصدق اسم المعاملة الخاصة عليه ، فيدخل في بيع النسية ما لو كان المعطى هو المبيع وفي بيع السلم ما لو كان المعطى هو الثمن ، ولم يقع لفظ المعاطاة في متن رواية أو معقد إجماع حتى يجب الجمود عليه ، بل في (مكاسب) شيخنا المرتضى ـ قدس سره ـ بعد ذكر نسبة القول باللحوق الى ظاهر جماعة من متأخري المتأخرين تبعا للدروس قال ما لفظه : «ولا ريب انه لا يصدق معنى المعاطاة لكن هذا لا يقدح في جريان حكمها عليه بناء على عموم الحكم لكل بيع فعلي فيكون اقباض أحد العوضين من ماله تمليكا له بعوض أو مبيحا له به وأخذ الآخر له تملكا له بالعوض أو اباحة له بإزائه ، فلو كان المعطى

١٩١

هو الثمن كان دفعه على القول بالملك والبيع اشتراء وأخذه بيعا للمثمن به فيحصل الإيجاب والقبول الفعليان بفعل واحد في زمان واحد» انتهى.

وفي قصد إنشاء تمليك المثمن بقبض الثمن تأمل. ولعل الوجدان يشهد بخلافه. بل قد يدعى انعقاد المعاطاة بمجرد إيصال العوض وأخذ المعوض من غير توقف على إعطاء أصلا ، فضلا عن التعاطي ومثّل لذلك شيخنا المتقدم في (المكاسب) بما تعارف من أخذ الماء مع غيبة السقاء ووضع الفلس في المكان المعد له إذا علم من حال السقاء الرضا بذلك ، وكذا غير الماء من المحقرات كالخضروات ونحوها. ثم قال : «ومن هذا القبيل دخول الحمام ووضع الأجرة في كوز صاحب الحمام مع غيبته» انتهى.

وظاهره كون ذلك في الحمام من الإجارة المعاطاتية ، ولازمه ـ كما يظهر من غيره ـ كون ما هو المتعارف بين الناس من وضع الحمام والدخول فيه داخلا في قسم الإجارة من عقود المعاوضات. وحينئذ ففي المقام وأمثاله مما استلزم من تعلق الإجارة به تلف العين كاستئجار المرضعة وفحل الضراب والصباغ والكاتب والمنحة والبئر وحدها ونحو ذلك بالنسبة إلى اللبن والنطفة والصبغ والمداد والماء اشكال ، حيث يعتبر في صحة الإجارة تعلقها بالمنفعة مع بقاء العين ، بل ادعى الإجماع عليه كما في محكي (التذكرة) وغيره ، ومقتضاه بطلان الإجارة في هذه الموارد مع ان صحتها في البعض مورد اتفاق النص والفتوى بل السيرة قائمة في الجميع وان منع بعض عن صحتها في البئر المستقلة كالعلامة وغيره. ولذا اعترف غير واحد بجريان الإجارة في أمثال ذلك على خلاف الأصل ، وقد تعرضوا لها في إجارة المرضعة المدلول عليها بنص الكتاب لقوله تعالى «فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ» بناء على ظهور الأجر في الإجارة كالثمن في البيع والجعل في الجعالة.

١٩٢

وحيث انجر الكلام الى هذا المقام ، فلا بأس بالإشارة الى ما يرفع به الاشكال.

قال العلامة في (القواعد) : «وهل يتناول العقد اللبن أو الحمل ووضع الثدي في فيه ويتبعه اللبن كالصبغ في الصباغة وماء البئر في الدار؟

الأقرب الأول لاستحقاق الأجر به بانفراده دون الباقي بانفرادها والرخصة سوغت تناول الأعيان ، انتهى.

وقال في (المسالك) : «واعلم ان حكم الاستيجار للإرضاع ثابت على خلاف الأصل لأن متعلق الإجارة الأعيان ليستوفى منها المنافع والركن الأعظم في الرضاع اللبن ، وهو عين تالفة بالإرضاع فتكون المعاوضة عليه بالإجارة خارجة عن موضوعها ، ومثلها الاستيجار للصيغ والبئر للاستقاء ومن ثم ذهب بعضهم الى ان المنفعة المستحقة هنا التي هي متعلق الإجارة المرضعة من حيث حملها للولد ووضعه في حجرها ووضع الثدي في فيه ونحو ذلك من الأعمال الصادرة عنها لا نفس اللبن. ويضعف بان المقصود بالذات هو اللبن وهذه الأمور تابعة أو مقدمة والأجود ان المقصود مجموع ما ذكر من المنافع مع عين اللبن وجوازه حينئذ مع ان بعض متعلقها عين ذاهبة للنص وهو قوله تعالى «فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ» وفعل النبي (ص) ومن بعده من الأئمة (ع). ويمكن ان يقال : على تقدير كون المراد المجموع ان اللبن يكون تابعا لكثرة قيمة غيره من المنافع وقلة قيمته وان كان اللبن مقصودا من وجه آخر ، ويثبت للتابع من الحكم المخالف ما لا يثبت للمتبوع ومثله القول في الصبغ» انتهى.

قلت : كون اللبن هو الركن الأعظم لا ينافي جعل الأجرة بإزاء نفس العمل المقصود به التوصل الى غيره فان العمل المستأجر عليه مرة يكون بنفسه مقصودا ، وأخرى من جهة ما يترتب عليه من الثمرات والفوائد

١٩٣

بحيث يكون العمل مقدمة لحصولها ووسيلة إلى تحققها ، والأجرة على التقديرين مجعولة بإزاء نفس العمل غير ان تسليم العمل الواجب بالإجارة ان استلزم عقلا تلف عين للأجير كان ذلك عليه وفائتا منه وإلا فعلى المستأجر بذل ما يتوقف عليه حصول المقصود ان كان خارجا عن العمل دون المؤجر إلا بالشرط عليه أو بقضاء العادة ، فمن استأجر كاتبا للكتابة كان عليه المداد لقضاء العادة به وان لم يشترط ذلك عليه ، ولا كذلك القرطاس فإنه على المستأجر إلا إذا اشترطه على الأجير.

إذا عرفت ذلك فنقول : الأجرة للمرضعة مبذولة بإزاء الإرضاع الذي هو عبارة عن إيصال لبنها من باطن الثدي إلى معدة الصبي وهو عمل منها يصح لها أخذ الأجرة عليه وان لم تقع منها حضانة إلا أن إيجاد هذا العمل في الخارج الذي هو بمنزلة التسليم للوفاء مستلزم عقلا لتلف لبنها وأين ذلك من كون اللبن بإزاء الأجرة مستقلا أو بضميمة ومثل ذلك الأجرة لنزو الفحل الذي هو لإيصال مائة الى حرم الأنثى وكذا الأجرة لسقي الزرع من بئر الأجير وأمثال ذلك مما استلزم الإيفاء بالعمل إتلاف العين عليه.

وأما الكاتب ، فقد عرفت : أن عمله المستأجر عليه ـ وهو الكتابة ـ لا يستلزم عليه تلف المداد منه إلا ان العادة جرت بكونه عليه ، فأغنت عن اشتراطه ودخل بالشرط على المستأجر ، وحيث لم تجر العادة في القرطاس كان ذلك على المستأجر إلا إذا اشترط هو على المؤجر ، وفي كون الخيوط على الخياط تردد ينشأ من التردد في قضاء العادة وعدمه. ولو اختلفت العادة باختلاف البلدان جرى في كل بلد حكمه.

وأما الحمام فالأجرة مبذولة بإزاء الدخول والاستحمام والانتفاع به ـ غسلا أو غسلا ـ وما يتوقفان عليه من الماء قد جرت العادة بكونه على

١٩٤

صاحب الحمام مبذولا منه مجانا لكونه مستحقا عليه بالعادة كالمستحق بالشرط في عقد الإجارة ، وهذا هو الوجه في صحة إجارته لا ما قيل كما عن (التذكرة) وغيره : من أن بعض الأعيان قد يتناولها عقد الإجارة لمسيس الحاجة والضرورة أو يكون مشمولا بالتبع ، أو عسى ان يقال ـ ولو بتكلف ـ كون الجميع منافع حتى استعمال الماء وان استلزم ذلك إتلاف بعض اجزاء الماء ضرورة كونه كإتلاف بعض أجزاء الثوب مثلا بالاستعمال ومرجعه إلى ملحوظية ماء الحمام جملة بلحاظ وحداني ، وما يستعمل ويتخلف في البدن ونحوه من اجزائه كأجزاء الثوب التالفة باندراسه للاستعمال. وفيه : انه لو سلم ذلك فإنما يتم بالانغماس فيه لا بالاستعمال صبا في الغسل أو الغسل. هذا وتعيين مدة اللبث ومقدار الماء موكول الى ما جرت به العادة وما زاد عليه مشروط بالرضاء المحرز غالبا بشاهد الحال.

وأما البئر فلا أرى وجها لصحة إجارتها منفردة للاستقاء ، وان صحت إجارتها تبعا للدار ، ولذا حكى عن موضع من (التذكرة) و (القواعد) و (جامع المقاصد) بعد الاشكال ان الاولى والأقوى المنع. نعم حكى عن (الإيضاح) وموضع آخر من (التذكرة) الجواز. ولا وجه له يستند اليه إلا ما عسى ان يتوهم أن الأجرة في مقابل منفعة البئر من تصرف الاستقاء وغيره وبذل الماء لاقتضاء العادة كالحمام وفيه أن منفعتها المبذول في في مقابلها الأجرة انما هي استعمال مائها ، فهي كإجارة الشجرة لا كل ثمرها المعلوم بطلانها ، أو عسى ان يقال : كما في (أجوبة مسائل القمي) مستشعرا ذلك من الحلي في (السرائر) أنه بإجارتها امتنع المالك عن التصرف في مائها باختياره ، فأشبه بالاعراض الموجب للخروج عن ملكه ، فيدخل في ملك المستأجر بالحيازة ، فهو من التسليط الخاص المملوك باليد والحيازة وفيه ـ مع ان الامتناع الاختياري شرعا موقوف على صحة الإجارة ومتأخر

١٩٥

عنها في المرتبة فكيف يكون وجها لها ـ انا نمنع ان يكون الممنوع عن التصرف ولو بالاختيار معرضا عنه وأن مجرد الامتناع عنه بحكم الاعراض ، مضافا الى أنه على القول بصحة الإجارة فالماء مملوك للمستأجر بعقدها لا باليد ومثل إجارة البئر في الاشكال إجارة المنحة وهي الشاة لشرب لبنها ، وان قلنا بصحة عاريتها ، للإجماع المنقول في كلام بعض ، وهو الدليل ان تم لا بعض النصوص الضعيفة سندا ودلالة فالعمدة هو الإجماع وهو المخرج لها ان تم عن الأصل في العارية لأنها كالإجارة في اعتبار الانتفاع بها مع عدم تلف العين ولذا وجب الاقتصار عليها دون غيرها من الانعام ذوات الألبان ولبنها دون غيره من أعيان منافعها كالصوف ونحوه ولا يتوهم صحة إجارتها لشرب لبنها بعد صحة إعارتها لذلك بقاعدة : كلما صح عاريته صحة إجارته لأن القاعدة الكبروية ـ لو سلم كليتها بحيث تشمل الصحة المستفادة من دليل خاص على خلاف الأصل في العارية ـ معارضة بما دل على اعتبار عدم استلزام تلف العين في صحة الإجارة بنحو العموم من وجه وتخصيص الثانية بالأولى ليس بأولى من العكس ، بل العكس أولى لقوة ظهورها في إرادة التساوي بينهما من حيث المنفعة والتسليط عليها مع بقاء العين غير انه في الإجارة تمليك لها وفي العارية اباحة : ومثلهما في الاشكال أيضا اجارة آجام السمك لاصطياد ما فيه منه إذ لا منفعة فيه تتعلق الإجارة بها إلا صيد السمك المملوك لصاحبه نعم لو كان مباحا وان كان في المحل المملوك لعدم قصد الحيازة به صح إجارته للدخول فيه للاصطياد.

هذا والقول بكون ما هو المتعارف بين الناس في البئر وأمثالها من المنحة وغيرها مما دلت السيرة على صحتها من الإباحة العوضية دون الإجارة المعاطاتية لا يخلو من قوة ان تم قيام السيرة عليه.

هذا ومن جملة الأجوبة عن الإشكال في هذه الموارد : ما أجاب به

١٩٦

المحقق القمي في (أجوبة مسائله) بما يرجع محصله الى ان الشرط المذكور غير مأخوذ في مفهوم الإجارة بل انما هو ثابت بالإجماع فليقتصر على مورد ثبت به اعتباره فيه ويبقى كل مورد اختلف في اعتباره فيه تحت إطلاقات أدلة الإجارة القاضية بالصحة.

وفيه : ان لإجماع المحكي على اعتباره في صحة الإجارة انما هو منعقد على نحو الكلية ، الشاملة لجميع الموارد الموجب لتقييد المطلقات بها فلا يخرج عنها إلا بالدليل لا انه منعقد على اعتباره في كل مورد مورد بخصوصه حتى يكون المختلف فيه خارجا عنه فافهم واغتنم ما ذكرناه في حل الاشكال

ومنها ـ انه بناء على اندراج المعاطاة في أسماء المعاملات فان صرح فيها بواحدة منها بالخصوص بنى عليه وإلا كان البيع أصلا في نقل الأعيان مقدما على الصلح والهبة المعوضة والإجارة أصلا في نقل المنافع مقدمة على الصلح والجعالة.

ومنها انه بناء على اعتبار الألفاظ المخصوصة في صحة العقد لو أوقع العقد بغيرها ، فالأقوى حرمة التصرف لبطلان المعاملة عقدا أو معاطاة لفساد الأول بانتفاء ما اعتبر في صحته ، وفساد الثاني لانتفاء الفعل المقصود به الإنشاء والواقع من التقابض مقصود به الوفاء دون التمليك فما قصد به التمليك غير مجد والمجدي غير مقصود به التمليك. نعم لو حصل الإنشاء الفعلي بعد العقد الفاسد بالتقابض وما بحكمه بقصد التمليك والتملك كان ذلك من المعاطاة والعقد السابق وجوده كعدمه.

هذا تمام الكلام فيما أردنا بيانه في مسألة المعاطاة

والله العالم بحائق أحكامه

١٩٧
١٩٨

رسالة

في عقد الفضولي

وفيها مسألة الضمان

١٩٩

بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم

٢٠٠