تراث الشيعة الفقهي والأصولي - ج ١

مهدي المهريزي ومحمد حسين الدرايتي

تراث الشيعة الفقهي والأصولي - ج ١

المؤلف:

مهدي المهريزي ومحمد حسين الدرايتي


الموضوع : الفقه
الناشر: مكتبة الفقه والأصول المختصّة
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-21-8
الصفحات: ٦٣٢

الثالث : ما رواه فيه عن أبيه ، عن يونس بن عبد الرحمن رفعه قال : قال : أبو عبد الله عليه‌السلام : « ليس من باطل يقوم بإزاء حقّ إلّا غلب الحقّ على الباطل ، وذلك قوله : ﴿ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ » . (١)

الرابع : ما رواه فيه عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « كلّ قوم يعملون على ريبة من أمرهم ، ومشكلة من رأيهم ، وإزراء منهم (٢) على من سواهم ، وقد تبيّن الحقّ من ذلك بمقايسة العدل عند ذوي الألباب » . (٣)

الخامس : ما رواه فيه عن عليّ بن الحكم ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ (٤) فقال : « يحول بينه وبين أن يعلم أنّ الباطل حقّ » . (٥)

السادس : ما رواه فيه عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم (٦) وعبد العزيز العبدي وعبد الله بن أبي يعفور ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « أبى الله أن يعرف باطلا حقّا ، أبى الله أن يجعل الحقّ في قلب المؤمن باطلا لا شكّ فيه ، وأبى الله أن يجعل الباطل في قلب الكافر حقّا لا شكّ فيه ، ولو لم يجعل هذا هكذا ما عرف حقّ من باطل » . (٧)

السابع : ما رواه الصدوق في كتاب التوحيد في باب السعادة والشقاوة عن محمّد بن الحسن بن الوليد ، عن الصفار وسعد بن عبد الله ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ قال:

__________________

(١) المحاسن ، ج ١ ، ص ٢٢١ ، ح ١٥٢ ؛ بحار الأنوار ، ج ٥ ، ص ٣٠٥ ، ح ٢٤.

(٢) الف ، ب : « وإزرائهم » بدل « وإزراء منهم » . وفي المصدر : « من ورائهم وزارئ منهم » بدل : « من رأيهم وإزرائهم » .

(٣) المحاسن ، ج ١ ، ص ٢٧٧ ، ح ٣٩٦ ؛ بحار الأنوار ، ج ٥ ، ص ٣٠٥ ، ح ٢٥.

(٤) الأنفال (٨) : ٢٤.

(٥) المحاسن ، ج ١ ، ص ٣٣٧ ، ح ٢٠٥ ؛ بحار الأنوار ، ج ٥ ، ص ٢٠٥ ، ح ٤١.

(٦) في المصدر : عن سيف بن عميرة ، بدل : عن هشام بن سالم.

(٧) المحاسن ، ج ١ ، ص ٢٧٧ ، ح ٣٩٤ ؛ بحار الأنوار ، ج ٥ ، ص ٣٠٢ ، ح ١٢.

٤٤١

« بينه وبين أن يعلم أنّ الباطل حقّ » . (١)

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : « إنّ الله تبارك وتعالى ينقل العبد من الشقاوة إلى السعادة ، ولا ينقله من السعادة إلى الشقاوة » (٢) .

قال بعض الأفاضل : لا يقال : إنّا نشاهد في كثير من الناس آثار جزمهم بما هو خلاف الواقع. لأنّا نقول : كثيرا ما يظنّ كثير من الناس الظنّ المتاخم للعلم جزما ، فيزعمون أنّهم جزموا وليس كذلك. (٣)

الثامن : ما رواه البرقي في المحاسن في باب المقاييس والرأي عن أبيه ، عمّن ذكره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في رسالة إلى أصحاب الرأي والمقاييس : « أمّا بعد ، فإنّ من دعا غيره إلى دينه بالارتياد والمقاييس ، لم ينصف ولم يصب حظّه ـ إلى أن قال : ـ ولكنّ الناس لمّا سفهوا الحقّ وغمطوا النعمة واستغنوا بجهلهم وتدابيرهم عن علم الله ، واكتفوا بذلك دون رسله والقوّامون بأمره ، وقالوا : لا شيء إلّا ما أدركته عقولنا وعرفته ألبابنا ، فولّاهم الله ما تولّوا ، وأهملهم وخذلهم حتّى صاروا عبدة أنفسهم من حيث لا يعلمون ، ولو كان الله رضي منهم اجتهادهم وارتياءهم فيما ادّعوا من ذلك ، لم يبعث إليهم فاصلا لما بينهم [ ولا زاجرا عن وصفهم ] وإنّما استدللنا أنّ رضا الله غير ذلك ببعثه الرسول بالامور القيّمة الصحيحة ، والتحذير من الامور المشكلة المفسدة ، ثمّ جعلهم أبوابه وصراطه والأدلّاء عليه » الحديث. (٤)

التاسع : ما رواه الكليني في باب الاضطرار إلى الحجّة عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عمّن ذكره ، عن يونس بن يعقوب أنّه قال لأبي عبد الله عليه‌السلام في حديث : إنّي سمعتك تنهى عن الكلام وتقول : ويل لأصحاب الكلام يقولون : هذا ينقاد وهذا لا ينقاد ، وهذا

__________________

(١) الأنفال (٨) : ٢٤.

(٢) التوحيد ، ص ٣٥٧ ، الباب ٥٨ ؛ بحار الأنوار ، ج ٥ ، ص ١٥٨ ، ح ١٢.

(٣) الفوائد المدنيّة ، ص ٤٧٧.

(٤) المحاسن ، ج ١ ، ص ٢٠٩ ، ح ٧٦ ؛ وسائل الشيعة ، ج ٢٧ ، ص ٥٠ ، ح ٢٣١٨٢.

٤٤٢

ينساق وهذا لا ينساق ، وهذا نعقله وهذا لا نعقله ؟ فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : « إنّما قلت : ويل لهم أن تركوا ما أقول ، وذهبوا إلى ما يريدون » . (١)

العاشر : ما رواه الكشّي في كتاب الرجال ونقله الشيخ في الاختيار عن محمّد بن مسعود ، عن عليّ بن محمّد القمّي ، عن محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن محمّد بن حمّاد ، عن الحسن بن إبراهيم ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن يونس بن يعقوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال لرجل من أهل الشام : « إنّ الله أخذ ضغثا من الحقّ وضغثا من الباطل فمغثهما ، ثمّ أخرجهما إلى الناس ، ثمّ بعث أنبياء يفرّقون بينهما ، ففرّقهما الأنبياء والأوصياء ، فبعث الله الأنبياء ليفرّقوا ذلك ، وجعل الأنبياء قبل الأوصياء ليعلم الناس من يفضّل الله ومن يختصّ ، ولو كان الحقّ على حدّه ، والباطل على حدّه ، كلّ واحد منهما قائم بشأنه ، ما احتاج الناس إلى نبيّ ولا وصيّ ، ولكنّ الله خلطهما ، وجعل تفريقهما إلى الأنبياء والأئمّة من عباده » . (٢)

الحادي عشر : ما رواه جماعة من أصحابنا ، منهم الشيخ الجليل عماد الدين الطبري في كتاب بشارة المصطفى لشيعة المرتضى عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّه قال لكميل بن زياد في وصيّة طويلة : « يا كميل لا تأخذ إلّا عنّا ، تكن منّا » . (٣)

الثاني عشر : ما رواه البرقي في المحاسن عن ابن فضّال ، عن ابن بكير ، عن حمزة بن الطيّار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال له : « اكتب » فأملى عليه : « إنّه لا ينفعكم فيما ينزل بكم ممّا لا تعلمون إلّا الكفّ عنه ، والتثبّت فيه ، والردّ إلى أئمّة المسلمين حتّى يعرفوكم فيه الحقّ ، ويحملوكم فيه على القصد ؛ قال الله عزوجل : ﴿ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٤) » . (٥)

__________________

(١) الكافي ، ج ١ ، ص ١٧١ ، باب الاضطرار إلى الحجّة ، ح ٤ ؛ وسائل الشيعة ، ج ١٦ ، ص ١٩٧ ، ح ٢١٣٣٣.

(٢) رجال الكشّي ، ج ٢ ، ص ٥٥٩ ، ح ٤٩٤ ؛ بحار الأنوار ، ج ٤٧ ، ص ٤٠٨ ، ح ١١.

(٣) بشارة المصطفى لشيعة المرتضى ، ص ٥١ ، ح ٤٣ ؛ بحار الأنوار ، ج ٧٤ ، ص ٢٦٦ ، ح ١.

(٤) النحل (١٦) : ٤٣.

(٥) المحاسن ، ج ١ ، ص ٢١٥ ، ح ١٠٤ و١٠٦ ؛ بحار الأنوار ، ج ٢ ، ص ١٢٠ ، ح ٣٢ و٣٣.

٤٤٣

أقول : والأحاديث في ذلك كثيرة جدّا ، تقدّم بعضها ، ويأتي جملة اخرى منها إن شاء الله.

فصل

قد عرفت سابقا أنّ الإجماع الذي هو أقوى الأدلّة عندهم ، وأوثق الحجج بزعمهم ، لا يعتبر ولا يصحّ الاحتجاج به إلّا مع العلم بدخول المعصوم فيه ، فلو اتّفقت عقول العقلاء كافّة ، وأجمعت جميع العلماء قاطبة ، بل جميع أهل الدنيا من العامّة والخاصّة ، المتقدّمين والمتأخّرين ، مع مخالفة المعصوم لهم ، أو من غير أن يعلم دخول المعصوم في جملة أقوالهم ، لم يكن ذلك دليلا ، ولم يجز اتّباعه ولا العمل به ؛ لأنّ المعصوم عليه‌السلام رئيس الامّة ، وهو الحجّة عليهم ، والحقّ منحصر في قوله كما تقتضيه أدلّة الإمامة ؛ فكيف يجوز أن يعتمد الإنسان على مجرّد عقله مع كثرة الشبهات والشكوك ، وتناقض الآراء والأفكار.

وما تقدّم من الوجوه العقليّة المطابقة للنصوص النقليّة ، فعليك بالرجوع في الاصول والفروع إلى كلام أهل العصمة ، والأدلّة والبراهين المنقولة عنهم ، والمقدّمات العقليّة والنقليّة المسموعة منهم.

وإيّاك والاغترار بما ينقل من الحكماء الذين يعتمدون على مجرّد الآراء ، ولا يلتفتون إلى كلام أئمّة الهدى ، ولا إلى كلام الله وكلام الأنبياء ، وإيّاك ثمّ إيّاك من الاغترار بما يدّعيه الصوفيّة من الاستغناء عن العلم والتعلّم بالكشف والرياضة ، فإنّ بطلان هذه الدعوى أظهر وفسادها أوضح ممّا تقدّم ، والمفاسد التي تترتّب عليها أكثر من أن تحصى ، وقد تقدّم بعضها.

والعجب أنّ بعض المتشرّعة منهم قد قسّم العلم إلى قسمين : تحقيقي وتقليدي ، وذكر أنّ الأوّل هو ما يحصل من الله بطريق الكشف من غير واسطة ، والثاني ما يحصل من تقليد المعصوم. وقد صرّح هذا القائل في مواضع بأنّ الأوّل غير مختصّ بأهل

٤٤٤

العصمة ، بل هو حاصل لكثير من هذه الامّة.

وهذا الكلام المشتمل على تقييد المذكور والتصريح بما صرّح من تفضيل القسم الأوّل على الثاني وترجيحه (١) ، بل القول بوجوده واضح البطلان وظاهر الفساد ؛ لما مضى ويأتي.

وقد استشهد لكلامه ببعض الأخبار المتشابهة ، والكلمات الواقعة فيها على وجه المجاز دون الحقيقة ، وعلى طريقة المبالغة التي لا تنكر في الوعظ والخطابة ، مع أنّها بأدنى التفات يعلم أنّها موافقة للمحكمات ، وإنّما حاصلها أنّه قد يحصل لبعض الناس بسبب كثرة العبادات الشرعيّة زيادة اليقين ، وكمال القبول لأحكام الدين ، وتمام الانقياد والتصديق بكلام الأئمّة المعصومين ، لا ما ظنّوه وخرجوا به عن طريق الحقّ المبين.

وقد حقّقنا بطلان قولهم في الرسالة الاثني عشريّة في الردّ على المارقين من الاثني عشريّة (٢) ، وبطلان هذه الدعوى والتي قبلها ظاهر.

وقد عرفت جملة ممّا يدلّ على ذلك ، ونذكر هنا جملة من الأحاديث في هذا المعنى وهي أكثر من أن تحصى ، لكنّا نقتصر منها على اثني عشر :

الأوّل : ما رواه الكليني في باب الضلال عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن الحجّاج ، عن هاشم صاحب البريد قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « أما والله إنّه شرّ عليكم أن تقولوا بشيء ما لم تسمعوه منّا » . (٣)

الثاني : ما رواه أيضا في باب من مات وليس له إمام عن المفضّل بن عمر قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « من دان الله بغير سماع عن صادق ، ألزمه الله البتّة إلى العناء ، ومن ادّعى سماعا من غير الباب الذي فتحه الله فهو مشرك ، وذلك الباب المأمون على

__________________

(١) هذه العبارة موجودة في التحفة السنيّة ( للسيّد عبد الله الجزائري ) شرح النخبة المحسنيّة ( للفيض الكاشاني ) ص ٧.

(٢) الاثنا عشريّة ، ص ١ ، في إبطال هذه النسبة ، فما بعد.

(٣) الكافي ، ج ٢ ، ص ٤٠٢ ، باب الضلال ، ح ١ ؛ وسائل الشيعة ، ج ٢٧ ، ص ٧٠ ، ح ٣٣٢٢٧.

٤٤٥

سرّ الله المكنون » . (١)

الثالث : ما رواه الكليني أيضا في باب أصناف الناس عن عليّ بن محمّد ، عن سهل بن زياد ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، جميعا عن ابن محبوب ، عن أبي اسامة ، عن هشام بن سالم ، عن أبي حمزة ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عمّن حدّثه ممّن يوثق به قال : سمعت أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول : « إنّ الناس آلوا بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ثلاثة : آلوا إلى عالم على سبيل هدى من الله قد أغناه الله بما علم من علم غيره ، وجاهل مدّع للعلم لا علم له معجب بما عنده قد فتنه (٢) الدنيا وفتن غيره ، ومتعلّم من عالم على سبيل هدى من الله ونجاة ، ثمّ هلك من ادّعى وخاب من افترى » . (٣)

الرابع : ما رواه في الباب المذكور عن عليّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس ، عن جميل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : « يغدو الناس على ثلاثة أصناف : عالم ومتعلّم وغثاء ؛ فنحن العلماء ، وشيعتنا المتعلّمون ، وسائر الناس غثاء » . (٤)

الخامس : ما رواه أيضا في باب ثواب العالم والمتعلّم عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : « إنّ الذي يعلّم العلم منكم له [ أجر ] مثل أجر المتعلّم ، وله الفضل عليه ، فتعلّموا العلم من حملة العلم ، وعلّموه إخوانكم كما علّمكموه العلماء » . (٥)

السادس : ما رواه أيضا في باب صفة العلم عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن خالد ، عن أبي البختري ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « إنّ العلماء ورثة الأنبياء ، وذلك (٦) أنّ الأنبياء لم يورّثوا دينارا ولا درهما ، وإنّما ورّثوا (٧) أحاديث من

__________________

(١) الكافي ، ج ١ ، ص ٣٧٧ ، باب من مات وليس له إمام ... ، ح ٤ ؛ وسائل الشيعة ، ج ٢٧ ، ص ١٢٧ ، ح ٣٣٣٩٣.

(٢) في المصدر : فتنته.

(٣) الكافي ، ج ١ ، ص ٣٣ ، باب أصناف الناس ، ح ١ ؛ وسائل الشيعة ، ج ٢٧ ، ص ١٧ ، ح ٣٣٠٩٣.

(٤) الكافي ، ج ١ ، ص ٣٤ ، باب أصناف الناس ، ح ٤ ؛ وسائل الشيعة ، ج ٢٧ ، ص ١٨ ، ح ٣٣٠٩٤.

(٥) الكافي ، ج ١ ، ص ٣٥ ، باب ثواب العالم والمتعلّم ، ح ٢.

(٦) في المصدر : وذاك.

(٧) في المصدر : أورثوا.

٤٤٦

أحاديثهم ، فمن أخذ بشيء منها فقد أخذ حظّا وافرا ، فانظروا علمكم هذا عمّن تأخذونه ؟ فإنّ فينا أهل البيت في كلّ خلف عدولا ينفون عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين » . (١)

السابع : ما رواه الشيخ والكليني بسندهما عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : « أحكام المسلمين على ثلاثة : شهادة عادلة ، أو يمين قاطعة ، أو سنّة ماضية من أئمّة الهدى » . (٢)

الثامن : ما رواه الكليني في باب معرفة الإمام بسنده عن ربعي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « أبى الله أن يجري الأشياء إلّا بأسباب (٣) ، فجعل لكلّ شيء سببا ، وجعل لكلّ سبب شرحا ، وجعل لكلّ شرح علما ، وجعل لكلّ علم بابا ناطقا ، عرفه من عرفه ، وجهله من جهله ، وذاك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن » . (٤)

التاسع : ما رواه السيّد الرضيّ في نهج البلاغة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام في جملة خطبة له أنّه قال : « وناظر قلب اللبيب ، به يبصر أمده ، ويعرف غوره ونجده (٥) ، راع رعى ، وداع دعا ، فاستجيبوا للداعي ، واتّبعوا الراعي ، قد خاضوا بحار الفتن ، وأخذوا بالبدع دون السنن ، نحن الشعار والأصحاب والخزنة والأبواب ، ولا تؤتى البيوت إلّا من أبوابها ، فمن أتاها من غير بابها (٦) سمّي سارقا » . (٧)

العاشر : ما رواه الكليني في باب دعائم الإسلام عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه وعبد الله بن الصلت ، جميعا عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز بن عبد الله ، عن زرارة ، عن أبي جعفر قال : « بني الإسلام على خمسة أشياء » ثمّ قال : « ذروة الأمر وسنامه

__________________

(١) الكافي ، ج ١ ، ص ٣٢ ، باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء ، ح ٢ ؛ وسائل الشيعة ، ج ٢٧ ، ص ٧٨ ، ح ٣٣٢٤٧.

(٢) تهذيب الأحكام ، ج ٦ ، ص ٢٨٧ ، ح ٣ ؛ الكافي ، ج ٧ ، ص ٤٣٢ ، باب النوادر ، ح ٢٠ ؛ وسائل الشيعة ، ج ٢٧ ، ٤٣ ، ٣٣١٦٩.

(٣) الف : بأسبابها.

(٤) الكافي ، ج ١ ، ص ١٨٣ ، ح ٧ ؛ بحار الأنوار ، ج ٢ ، ص ٩٠ ، ح ١٤ عن بصائر الدرجات.

(٥) الغور : ما انخفض من الأرض. والنجد : ما ارتفع من الأرض.

(٦) في المصدر : أبوابها.

(٧) نهج البلاغة ( صبحي صالح ) ، ص ٢١٥ ، الخطبة ١٥٤.

٤٤٧

ومفتاحه وباب الأشياء ورضا الرحمن الطاعة للإمام بعد معرفته ، إنّ الله عزوجل يقول : ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ (١) أما لو أنّ رجلا قام ليله وصام نهاره ، وتصدّق بجميع ماله ، وحجّ جميع دهره ولم يعرف ولاية وليّ الله فيواليه ، ويكون جميع أعماله بدلالته إليه ، ما كان له على الله حقّ في ثوابه ، ولا كان من أهل الإيمان » . (٢)

الحادي عشر : ما رواه الكليني في باب أنّه ليس شيء من الحقّ في أيدي الناس إلّا ما خرج من عند الأئمّة بسنده عن أبي جعفر أنّه قال لسلمة بن كهيل والحكم بن عتيبة : « شرّقا وغرّبا ، فلا تجدان علما صحيحا إلّا شيئا خرج من عندنا أهل البيت (٣) ؛ ما قال الله للحكم : ﴿ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ (٤) فليذهب الحكم يمينا وشمالا ، فو الله لا يوجد (٥) العلم إلّا من (٦) أهل بيت نزل عليهم جبرئيل » . (٧)

الثاني عشر : ما رواه الطبرسي في كتاب الاحتجاج في احتجاج أمير المؤمنين عليه‌السلام على المهاجرين والأنصار حكاية عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « أيّها الناس ، عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام فيكم بمنزلتي ، فقلّدوه دينكم ، وأطيعوه في جميع اموركم ، فإنّ عنده جميع ما علّمني الله عزوجل من علمه وحكمه ، واسألوه وتعلّموا منه ومن أوصيائه بعده » . (٨)

أقول : والأحاديث في ذلك كثيرة جدّا قد تجاوزت حدّ التواتر ، وفيما أوردناه بل في بعضه كفاية لاولي الألباب.

__________________

(١) النساء (٤) : ٨٠.

(٢) الكافي ، ج ٢ ، ص ١٨ ، باب دعائم الإسلام ، ح ٥ ؛ بحار الأنوار ، ج ٦٥ ، ص ٣٣٣ ، ح ١٠.

(٣) الكافي ، ج ١ ، ص ٣٩٩ ، باب أنّه ليس شيء من الحقّ ... ، ح ٣ ؛ وسائل الشيعة ، ج ٢١ ، ص ٤٧٧ ، ح ٢٧٦٣٢.

(٤) الزخرف (٤٣) : ٤٤.

(٥) في المصدر : لا يؤخذ.

(٦) الف : + عنه.

(٧) الكافي ، ج ١ ، ص ٤٠٠ ، باب أنّه ليس شيء من الحقّ ... ، ح ٥ ؛ وسائل الشيعة ، ج ٢٧ ، ص ٣٧٥ ، ح ٣٣٩٨٤.

(٨) الاحتجاج ، ج ١ ، ص ١٤٨ ؛ بحار الأنوار ، ج ٣١ ، ص ٤١٣ ، ح ١.

٤٤٨

فصل

قد عرفت أنّ هذه الأحاديث وأمثالها دالّة على وجوب الرجوع إليهم في الاصول والفروع ، وأنا أذكر هنا ما هو مختصّ بالدلالة على وجوب الرجوع إليهم في الاصول ليكون مؤكّدا لما تقدّم ، ونقتصر من هذا القسم أيضا على اثني عشر حديثا :

الأوّل : ما رواه الكليني في باب البدع والرأي والمقاييس عن محمّد بن أبي عبد الله رفعه ، عن يونس بن عبد الرحمن قال : قلت لأبي الحسن الأوّل عليه‌السلام : بما اوحّد الله ؟ فقال : « يا يونس ، لا تكوننّ مبتدعا ، من نظر برأيه هلك ، ومن ترك أهل بيت نبيّه فقد ضلّ ، ومن ترك كتاب الله وقول نبيّه كفر » . (١)

الثاني : ما رواه أيضا في باب النهي عن الكلام في الكيفيّة عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمّد بن مروان ، عن أبي عبيدة الحذّاء قال : قال أبو جعفر عليه‌السلام : « يا زياد ، إيّاك والخصومات ، فإنّها تورث الشكّ ، وتحبط العمل ، وتردي صاحبها ، وعسى أن يتكلّم الرجل بالشيء فلا يغفر له ، إنّه كان فيما مضى قوم تركوا علم ما وكّلوا به ، فطلبوا علم ما كفوه ، حتّى انتهى بهم الكلام (٢) إلى الله فتحيّروا ، حتّى [ أن ] كان الرجل ليدعى من بين يديه فيجيب من خلفه ، ويدعى من خلفه فيجيب من بين يديه » . (٣)

الثالث والرابع : ما رواه الكليني أيضا في أوّل الكافي قال : قال عليه‌السلام : « من أخذ دينه من كتاب الله وسنّة نبيّه زالت الجبال قبل أن يزول ، ومن أخذ دينه من أفواه الرجال ردّته الرجال » .

قال : وقال : « من لم يعرف أمرنا من القرآن لم يتنكّب الفتن » . (٤)

__________________

(١) الكافي ، ج ١ ، ص ٥٦ ، باب البدع والرأي والمقاييس ، ح ١٠ ؛ وسائل الشيعة ، ج ٢٧ ، ص ٤٠ ، ح ٣٣١٥٧.

(٢) في المصدر : كلامهم ؛ بدل : بهم الكلام.

(٣) الكافي ، ج ١ ، ص ٩٢ ، باب النهي عن الكلام في الكيفيّة ، ح ٤ ؛ وسائل الشيعة ، ج ١٦ ، ص ١٩٤ ، ح ٢١٣٢٦.

(٤) الكافي ، ج ١ ، ص ٧ ؛ وسائل الشيعة ، ج ٢٧ ، ص ١٣٢ ، ح ٣٣٤٠٣ ؛ بحار الأنوار ، ج ٨٩ ، ص ١١٥ ، ح ٥ عن تفسير العيّاشي.

٤٤٩

قال الكليني بعد إيراد هذين الحديثين :

ولهذه العلّة انبثقت (١) على أهل دهرنا بثوق هذه الأديان الفاسدة والمذاهب المستشنعة (٢) ، التي قد استوفت شرائط الكفر والشرك كلّها ، وذلك بتوفيق الله وخذلانه ، فمن أراد الله توفيقه وأن يكون إيمانه ثابتا مستقرّا سبّب له الأسباب التي تؤدّيه إلى أن يأخذ دينه من كتاب الله وسنّة نبيّه بعلم ويقين وبصيرة ، فذلك أثبت في دينه من الجبال الرواسي. ومن أراد الله خذلانه وأن يكون دينه معارا مستودعا ـ نعوذ بالله منه ـ سبّب له أسباب الاستحسان والتقليد والتأويل من غير علم وبصيرة ، فذاك في المشيئة ، إن شاء الله أتمّ ايمانه ، وإن شاء سلبه إيّاه ، ولا يؤمن عليه أن يصبح مؤمنا ويمسي كافرا ، أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا ؛ لأنّه كلّما رأى كبيرا من الكبراء مال معه ، وكلّما رأى شيئا استحسن ظاهره قبله. (٣) انتهى.

ومعلوم أنّ الكليني وغيره من الأخباريّين لا يعملون ولا يعتمدون إلّا على الأحاديث الصريحة ، فمثل هذا الكلام مأخوذ من الأحاديث السابقة والآتية ، بل هو متن حديث البتة ، كما يعلم من عادتهم بالتتبّع.

الخامس : ما رواه أيضا في باب النسبة عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عاصم بن حميد قال : سئل عليّ بن الحسين عن التوحيد ، فقال : « إنّ الله عزوجل علم أنّه يكون في آخر الزمان أقوام متعمّقون ، فأنزل الله عزوجل ﴿ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (٤) والآيات من سورة الحديد إلى قوله : ﴿ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٥) فمن رام وراء ذلك فقد هلك » . (٦)

__________________

(١) انبثقت ، أي هجمت ، يقال : انبثق الأمر على الناس ، أي هجم عليهم من غير أن يشعروا. لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ١٣ ( ثبق ) .

(٢) المستشنع : الفظيع القبيح. لسان العرب ، ج ٨ ، ص ١٨٦ ( شنع ) .

(٣) الكافي ، ج ١ ، ص ٧.

(٤) الإخلاص (١١٢) : ١.

(٥) الحديد (٥٧) : ٦.

(٦) الكافي ، ج ١ ، ص ٩١ ، باب النسبة ، ح ٣ ؛ بحار الأنوار ، ج ٣ ، ص ٢٦٣ ، ح ٢١ ، عن التوحيد للصدوق.

٤٥٠

السادس : ما رواه في أوّل الباب المذكور عن أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن عبد الجبّار ، عن صفوان بن يحيى ، عن أبي أيّوب ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام (١) قال : « إنّ اليهود سألوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا : انسب لنا ربّك ، فمكث (٢) ثلاثا لا يجيبهم ، ثمّ نزلت : ﴿ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ إلى آخرها » . (٣)

أقول : وجه الدلالة تركه عليه‌السلام للجواب مع كمال عقله ومعرفته بجميع الأدلّة العقليّة ، ومع ذلك انتظر الوحي والنصّ من الله ثلاثة أيّام وثلاث ليال ، مع أنّ الظاهر أنّ الأدلّة القطعيّة كانت أحبّ إلى السائلين وأروج عندهم. وذلك دالّ على ما قدّمناه.

السابع : ما رواه أيضا في باب النهي عن الصفة بغير ما وصف به نفسه عن عليّ بن إبراهيم ، عن العبّاس بن معروف ، عن ابن أبي نجران ، عن حمّاد بن عثمان ، عن عبد الرحيم القصير أنّه كتب إلى أبي عبد الله عليه‌السلام على يدي عبد الملك بن أعين ، يسأله عن التوحيد ، فكتب إليه أبو عبد الله : « سألت ـ رحمك الله ـ عن التوحيد وما ذهب إليه من قبلك ، فتعالى الله الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ، فاعلم رحمك الله أنّ المذهب الصحيح في التوحيد ما نزل به القرآن في صفات الله عزوجل ، فانف عن الله البطلان والتشبيه ـ إلى أن قال : ـ ولا تعدوا القرآن فتضلّوا بعد البيان. (٤)

الثامن : ما رواه أيضا في الباب المذكور عن محمّد بن أبي عبد الله ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن الحسين بن الحسن ، عن بكر بن صالح ، عن الحسن بن سعيد ، عن إبراهيم بن عمر الخزّار ومحمّد بن الحسين قالا : دخلنا على الرضا عليه‌السلام : فحكينا له أنّ محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله رأى ربّه وأنّ بعضهم يقولون إنّه أجوف إلى السّرة والبقيّة صمد ، فخرّ ساجدا ثمّ قال : « سبحانك ما عرفوك وما وحّدوك ، فمن أجل ذلك وصفوك ، سبحانك

__________________

(١) في المصدر : عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

(٢) في المصدر : فلبث.

(٣) الكافي ، ج ١ ، ص ٩٠ ، باب النسبة ، ح ١ ؛ بحار الأنوار ، ج ٣ ، ص ٣٢٠ ، ح ٩ ، عن التوحيد للصدوق.

(٤) الكافي ، ج ١ ، ص ١٠٠ ، باب النهي عن الصفة بغير ما وصف به نفسه تعالى ، ح ١ ؛ بحار الأنوار ، ج ٣ ، ٢٦١ ، ١٢ ، عن التوحيد للصدوق.

٤٥١

لو عرفوك لوصفوك بما وصفت به نفسك ـ إلى أن قال : ـ اللهمّ لا أصفك إلّا بما وصفت به نفسك » .

ثمّ قال : « نحن آل محمّد النّمط الأوسط : لا يسبقنا الغالي ولا يلحقنا التالي » . (١)

ثمّ قال في آخر الحديث : « يا محمّد ، ما شهد له الكتاب والسنّة فنحن القائلون به » . (٢)

التاسع : ما رواه في الباب المذكور أيضا عن عليّ بن محمّد ومحمّد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، عن إبراهيم بن محمّد الهمداني ، عن محمّد بن حكيم : أنّ أبا الحسن موسى بن جعفر كتب إلى أبي : « أنّ الله أجلّ وأعظم من أن يبلغ [ كنه ] صفته ، فصفوه بما وصف به نفسه ، وكفّوا عمّا سوى ذلك » . (٣)

العاشر : ما رواه فيه أيضا عنهما عن سهل ، عن السندي بن الربيع ، عن ابن أبي عمير ، عن حفص أخي مرازم ، عن المفضّل قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن شيء من الصفة ، فقال : « لا تجاوز ما في القرآن » . (٤)

الحادي عشر : ما رواه الصدوق في عيون الأخبار في باب ذكر مجلس الرضا عليه‌السلام مع أهل الأديان ، ورواه الطبرسي في الاحتجاج عن الحسن بن عليّ النوفلي الهاشمي عن الرضا عليه‌السلام في احتجاجه على عمران الصابي في التوحيد والصفات وغير ذلك ، يقول فيه الرضا عليه‌السلام : « ومن أخذ علم ذلك برأيه ، وطلب وجوده وإدراكه عن نفسه لا عن غيرها ، لم يزدد من علم ذلك إلّا بعدا ؛ لأنّ الله تعالى جعل علم ذلك خاصّة عند قوم

__________________

(١) في المصدر : لا يدركنا الغالي ولا يسبقنا التالي.

(٢) الكافي ، ج ١ ، ص ١٠٠ ، باب النهي عن الصفة بغير ما وصف به نفسه تعالى ، ح ٣ ، بحار الأنوار ، ج ٤ ، ص ٣٩ ، ح ١٨ ، عن التوحيد للصدوق.

(٣) الكافي ، ج ١ ، ص ١٠٢ ، باب النهي عن الصفة بغير ما وصف به نفسه تعالى ، ح ٦ ؛ بحار الأنوار ، ج ٣ ، ٢٦٦ ، ٣١ ، عن رجال الكشّي.

(٤) الكافي ، ج ١ ، ص ١٠٢ ، باب النهي عن الصفة بغير ما وصف به نفسه تعالى ، ح ٧ ؛ بحار الأنوار ، ج ٣ ، ٢٦٥ ، ٢٧ ، عن المحاسن للبرقي.

٤٥٢

يعقلون ويعلمون ويفهمون » إلى أن قال : « والله جلّ جلاله بقدرته يمسك ذلك كلّه ، وليس بداخل في شيء ، ولا يخرج منه شيء ، ولا يئوده حفظه ، ولا يعجز عن إمساكه ، ولا يعرف أحد من الخلق كيف ذلك إلّا الله ، ومن اطّلعه عليه من رسله وأهل سرّه والمستحفظين لأمره وخزّانه العالمين بشريعته » الحديث. (١)

الثاني عشر : ما رواه الكليني في باب النوادر من التوحيد عن الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن محمّد بن جمهور ، عن عليّ بن الصلت ، عن الحكم وإسماعيل بن حبيب ، عن بريد العجلي قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : « بنا عبد الله ، وبنا عرف الله ، وبنا وحّد الله ، ومحمّد حجاب الله تبارك وتعالى » . (٢)

ومثله بل أوضح دلالة منه ما رواه الكليني أيضا في باب معرفة الإمام والردّ إليه عن الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن ابن جمهور ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن الهيثم بن واقد ، عن مقرّن ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : « جاء ابن الكوّاء إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : ﴿ وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ فقال : نحن على الأعراف ، نعرف أنصارنا بسيماهم ، ونحن الأعراف [ الذي ] لا يعرف الله إلّا بسبيل معرفتنا » إلى أن قال : « إنّ الله لو شاء لعرّف العباد نفسه ، ولكن جعلنا أبوابه وصراطه وسبيله والباب (٣) الذي يؤتى منه » . (٤)

أقول : والأحاديث في ذلك كثيرة جدّا ، وفيما ذكرناه كفاية إن شاء الله تعالى ، فعليك بالتسليم والانقياد ، وإيّاك والتعصّب والعناد.

وارجع إلى كلام أهل العصمة في جميع المطالب المهمّة ، فإنّك تجد في أحاديثهم جميع العلوم المحتاج إليها ، وسائر القواعد التي يمكن العمل بها والتفريع عليها ،

__________________

(١) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ، ج ١ ، ص ١٤١ و١٤٢ ، ح ١ ؛ الاحتجاج ، ج ١ ، ص ٢١٣ ، بحار الأنوار ، ج ١٠ ، ص ٣١٦.

(٢) الكافي ، ج ١ ، ص ١٤٥ ، باب النوادر ، ح ١٠ ؛ بحار الأنوار ، ج ٢٣ ، ص ١٠٢ ، ح ٨ ، عن بصائر الدرجات.

(٣) في المصدر : والوجه.

(٤) الكافي ، ج ١ ، ص ١٨٤ ، باب معرفة الإمام والردّ إليه ، ح ٩ ؛ بحار الأنوار ، ج ٨ ، ص ٣٣٩ ، ح ٢٢.

٤٥٣

ولم يبق عند التحقيق مسألة واحدة خالية من حكم خاصّ أو عامّ ؛ لأنّهم عليه‌السلام قد بيّنوا جميع ما يحتاج إليه من أحكام الإيمان والإسلام.

نعم يحتاج إلى زيادة التتبّع لكلامهم في مظانّه ، والتقاط حديثهم من أماكنه ومعادنه ، والاحتياط في فهمه وتحقيقه ومعرفة معانيه ومتنه وطريقه وتمييز المحكمات من المتشابهات والحقائق من المجازات ، وذلك يعلم من تعاضد الأحاديث واتّفاقها على المعنى الواحد ، ورجحانها على معارضاتها كما تقدّم بيانه من القواعد ؛ والله الهادي إلى طريق الحقّ في ذلك ، والمؤيّد والمسدّد لمن سلك هذه المسالك ، والموفّق لسلوك سبيل أهل العصمة للنجاة من جميع المهالك.

اللهمّ وفّقنا لتصحيح القول والعمل ، واعصمنا من الخطأ والخطل ، وجنّبنا الزيغ والزلل ، وأعذنا من السأمة والملل ، وأنقذنا من أسر البطالة والكسل ، وبلّغنا ببركة متابعة حججك عليهم‌السلام غاية الأمل ، وفرغنا لطاعتك وعبادتك قبل انقضاء الأجل ، وآمنّا يوم لقائك من كلّ خجل ووجل ، وداو قلوبنا وأبداننا بلطفك الخفيّ من جميع العلل ، آمين ربّ العالمين وصلّ على ساداتنا محمّد وآله الطاهرين.

تمّت الرسالة الموسومة ب « نزهة الأسماع في حكم الإجماع » في ليلة الخميس ، رابع عشر شهر رجب المبارك سنة ١٠٧٨ بقلم مؤلّفها محمّد بن الحسن بن عليّ بن محمّد الحرّ العاملي عامله الله بلطفه الخفيّ.

٤٥٤

٦

حجّية الشهرة

السيّد عليّ الطباطبائي

( صاحب رياض المسائل )

( م ١٢٣١ ق )

تحقيق

عليّ الفاضلي

٤٥٥
٤٥٦

مقدّمة التحقيق

المؤلّف واسرته

هو السيّد مير عليّ بن السيّد محمّد عليّ الشهير ب « آقا سيّد » بن مير أبي المعالي الصغير بن العلّامة النحرير مير أبي المعالي الكبير صهر ملّا محمّد صالح المازندراني.

قال آغا أحمد الكرمانشاهي حفيد الوحيد البهبهاني في مرآة الأحوال :

سيّد بزرگوار وفاضل عالى مقدار ، علامه نحرير مرحوم مير ابو المعالى بزرگ قدس‌سره چهار پسر ودو دختر مخلف شده. اولاد ذكور : يكى فاضل مقدس علامه مير ابو طالب (١) است ، وديگرى مقدس صالح مير سيّد على است ، وسيم مير سيّد محمّد ، وچهارم غفران مآب امير ابو المعالى كوچك است. (٢)

ثمّ ذكر أولاد كلّ منهم إلى أن قال :

ومرحمت غفران مآب مير ابو المعالى كوچك قدس‌سره والد مرحمت وغفران پناه آقا سيّد محمّد على مشهور به آقا سيّد است ، وآقا سيّد مرحوم والد ماجد بندگان جليل الشأن رفيع مكان علامى فهامى زبدة المجتهدين امير سيّد على طباطبايى دام ظله العالى وهمشيره مكرمه ايشان است ، وحليله جليله آقا سيّد ، عمه مقدسه مكرمه والد ماجد اين فقير است. (٣)

__________________

(١) هو جدّ امّى سيّد بحر العلوم

(٢) قال في منتهى المقال ، ج ٤ ، ص ٦٦ : « خلّف ثلاثة أولاد ذكور » . ولم يعدّ منهم السيّد محمّد ، ثمّ قال : « والسيّد أبو المعالي خلّف السيّد محمّد عليّ لا غير ، وهو قدس‌سره والده سلّمه الله [ يعنى به المؤلّف صاحب الرياض ] ، وواحدة من البنات كانت زوجة المولى محمّد رفيع الجيلاني القاطن فى المشهد الرضوي حيّا وميّتا » .

(٣) مرآة الأحوال ، ج ١ ، ص ١٢٠ ـ ١٢٤ ، ط أنصاريان ، ١٣٧٣ ش ، وفي ط مركز فرهنگى قبله بتحقيق علي دواني ، سنة ١٣٧٢ ش. ص ١٠٤ ـ ١٠٦. وانظر أيضا مرآة الأحوال ، ج ١ ، ص ١٧٨ ، وفي ط دواني ص ١٣٧.

٤٥٧

قال أيضا في مرآة الأحوال :

همشيره مكرمه معظمه مجتهد العصر والزمان جناب سيّد سابق الالقاب [ سيّد على صاحب رياض ] در حباله عالى جناب سلالة الاطياب ، مرحمت وغفران مآب آقا سيّد عبد الله عطار كاشانى بود كه در قضيه وهابى به درجه شهادت رسيد. (١)

أولاده :

قال آغا أحمد الكرمانشاهي في مرآة الأحوال :

اولاد امجادش از بطن عمه مكرمه (٢) يكى جناب مستغنى القاب وحيد الزمان آقا سيّد محمّد (٣) است ، وديگرى نور چشمى عالى جناب سيّد مهدى (٤) است ، وصبيه كه زوجه نور چشمى آقا محمّد اسماعيل بود (٥) ، واز بطن جاريه يك دختر

__________________

(١) مرآة الأحوال ، ج ١ ، ص ١٧١ ، وفي ط دواني ، ص ١٣٣.

(٢) زوجة صاحب الرياض كانت عمة آغا أحمد صاحب مرآة الأحوال كما تقدّم.

(٣) هو السيّد المجاهد صاحب فتوى الجهاد مع الروس وصاحب كتابي مفاتيح الاصول والمناهل ، وترجم له ابن خاله آغا أحمد فى مرآة الأحوال ، ج ١ ، ص ١٦٧ ـ ١٦٨ ، وفي ط دواني ص ١٣١ ـ ١٣٢.

(٤) ترجم له ابن خاله فى مرآة الاحوال ، ج ١ ص ١٦٩ ـ ١٧٠ ، في ط دواني ص ١٣٢ ـ ١٣٣ ومحمّد أمين الخوئي في مرآة الشرق ، ج ٢ ، ص ١٢٨٧ ، وله رسالة فى أصالة البراءة وحجّية ظواهر الكتاب ، ورسالة في المشترك ذكرها في الذريعة ، ج ٢ ، ص ١١٦ وج ٦ ، ص ٢٧٥ وج ٢١ ، ص ٣٩ وكتب تقريرات دروسه ، ذكرها في الذريعة ، ج ٤ ، ص ٣٧٣.

(٥) هو محمّد إسماعيل بن محمّد عليّ الكرمانشاهي أخو آغا أحمد مؤلّف مرآة الأحوال ، وكان من تلاميذ المؤلّف صاحب الرياض كما سيأتي. وقال في مرآة الأحوال ، ج ١ ، ص ١٧٠ ، وفي ط نشر قبله بتحقيق دواني ص ١٣٣ : « وصبيه مرضيه آن عالى جناب كه از بطن عمه مكرمه است ولادتش در كربلاى معلّى اتفاق افتاد ، ودر ابتدا به عالى جناب نور چشمى آقا محمّد اسماعيل شوهر نمود واز او چند اولاد شد وفوت شدند ، وبعد از چندى به جهت عدم سلوك وموافقت طبع طرفين فيما بين ايشان تفريق روى داد وبه فاصله دو سه ماه تقريبا به عالى حضرت ، سيادت منزلت ، سيد حسن منجم خلف مرحوم سيد يوسف برنجانى شوهر كرد ، والحال در حباله اوست ، ومسموع مى شود كه از او چند اولاد دارد.

وصبيه اى كه از بطن جاريه حبشيه است به سيّد محمّد خلف سيد حسين كرمانشاهانى شوهر كرد ،

٤٥٨

است ، واز بطن دختر سيّد على اصفهانى ، سيّد محمّد على ويك دختر است (١) وصهره الآخر السيّد محمّد تقى بن السيّد رضا بن السيّد مهدى بحر العلوم ( ١٢١٩ ـ ١٢٨٩ ) (٢)

قال محمّد أمين الخوئي في ترجمة السيّد محمّد باقر الحجّة الطباطبائي ( م ١٣٣١ ) حفيد المؤلّف :

هو من اسرة جليلة ، اسرة علم وفضل ونبالة وبيت فقه وورع وجلالة ، خرج من تلك الاسرة الشريفة من زمن حضرة الاستاذ صاحب الرياض إلى عهدنا الحاضر ما يناهز من خمسة عشر من الأعلام البرعة. (٣)

وقال آغا بزرك الطهراني في ترجمة السيّد محمّد صادق الحجّة : وقد خرج من هذا البيت الرفيع بعض أفذاذ العلماء وأكابرهم. (٤)

وقال أيضا في ترجمة السيّد عبد الحسين الحجّة :

آل الطباطبائي من بيوت العلم المعروفة في كربلاء ، وأسر الزعامة والمجد والشرف والفضل ، توارثوا الفقاهة والرئاسة أبا عن جدّ ، وظهر فيهم علماء متبحّرون وفقهاء بارعون ، فجدّهم السيّد عليّ صاحب الرياض ( م ١٢٣١ ) ، وقد ورث مقامه ولده السيّد محمّد المجاهد ( م ١٢٤٢ ) وقد خلفه ولده السيّد حسن إلى أن توفّى فخلفه ولده السيّد ابو القاسم وهو الّذي لقّب بالحجّة ولازم اللقب أولاده وأحفاده ، وقد توفّي في سنة ١٣٠٩ فخلفه ولداه أكبرهما

__________________

ـ وصبيه ديگر هنوز در خانه اند وشوهر نكرده اند » .

قال أيضا في مرآة الأحوال ، ج ١ ، ص ١٥٥ ، وفي ط دواني ص ١٢٤ : « در اوّل امر صبيه مرضيه جناب سيّد معظم إليه [ صاحب الرياض ] را كه عمه زاده است نكاح نمود ، واز او چند اولاد شد وفوت شدند ، وبعد از چند مدت به جهت سوء مزاجى كه فيما بين ايشان شد تفريق اتفاق افتاد. والحال صبيه جالينوس الزمانى ميرزا زين العابدين طبيب اصفهانى در نكاح اوست ، واز طايفه كلهر نيز نكاحى كرده است ».

(١) مرآة الأحوال ، ج ١ ، ص ١٦٦ ـ ١٦٧ ، وفي ط دواني ص ١٣٠.

(٢) ترجم له في الكرام البررة ، ج ١ ، ص ٢١٧ ـ ٢١٨.

(٣) مرآة الشرق ، ج ١ ، ص ٢٨٥.

(٤) نقباء البشر ، ج ٢ ، ص ٨٦٢.

٤٥٩

السيّد محمّد باقر ( م ١٣٣١ ) والد السيّد محمّد صادق ( م ١٣٣٧ ) ، وأصغرهما السيّد على ( م ١٣٠٩ ) بعد وفاة أبيه بسبعة أشهر وهو والد المترجم له ، والكلّ علماء أجلّاء ، وفقهاء صلحاء خدموا الدين بالتدريس والتأليف وغيرهما (١)

ونحن في هذا المجال نذكر من رجال هذه الاسرة بعض ما عثرت عليه من دون استقصاء :

١. السيّد حسن الملقّب بالحاج آغا ابن السيّد محمّد المجاهد ابن صاحب الرياض. (٢)

٢. السيّد حسين بن السيّد محمّد المجاهد المتوفّى حدود سنة ١٢٥٠ ، كان هو وأخوه السيّد حسن سبطي بحر العلوم ، وكان هو صهر السلطان فتح عليّ شاه القاجار على ابنة ابنه عليّ ميرزا. (٣)

٣. السيّد زين العابدين بن السيّد حسين بن السيّد محمّد المجاهد ( م ١٢٩٢ ) . (٤)

٤. السيّد عليّ نقي بن السيّد حسن بن السيّد محمّد المجاهد ( م ١٢٨٩ ) . (٥)

٥. السيّد أبو القاسم الحجّة ابن السيّد حسن بن السيّد محمّد المجاهد ( ١٢٤٢ ـ ١٣٠٩ ) . (٦)

٦. السيّد محمّد صادق بن السيّد مهدي بن صاحب الرياض ، سبط السيّد محمّد المجاهد ، الشهير بالسيّد صادق السنگلجي ( م ١٣٠٠ ) . (٧)

٧. السيّد الآغا ميرزا جعفر بن السيّد عليّ نقي بن السيّد حسن بن السيّد محمّد المجاهد ( ١٢٥٥ ـ ١٣٢١ ) . (٨)

٨. السيّد محمّد باقر الحجّة بن السيّد أبي القاسم بن السيّد حسن بن السيّد محمّد

__________________

(١) نقباء البشر ، ج ٣ ، ص ١٠٥١.

(٢) ترجم له في الكرام البررة ، ج ١ ، ص ٣٥٣.

(٣) ترجم له في الكرام البررة ، ج ١ ، ص ٤٢٣.

(٤) ترجم له في الكرام البررة ، ج ١ ، ص ٥٩٢.

(٥) الذريعة ، ج ٢ ، ص ٢٠٨.

(٦) ترجم له في نقباء البشر ، ج ١ ، ص ٦٥.

(٧) الذريعة ، ج ١ ، ص ١٩٨.

(٨) ترجم له في نقباء البشر ، ج ١ ، ص ٢٩٣ ، طبعت إجازاته في ميراث حديث شيعة ، ج ٣ ، ص ٤١٧ ـ ٤٤٦.

٤٦٠