إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل - ج ٣٣

آية الله السيّد شهاب الدين الحسيني المرعشي النجفي

فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أين درعك الحطمية ـ إلخ.

ومنهم سامية منيسي في «أمهات المؤمنين والقرشيات» (ص ٢٤٥ ط دار المريخ الرياض) قال :

وكان مهرها : ثمن درع لعلي (أربعمائة درهم) أمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم علي أن يجعل ثلثيها في الطيب ، والثلث في المتاع.

ومنهم الفاضل المعاصر محمد رضا في «الامام علي بن أبي طالب عليه‌السلام» (ص ٦ ط بيروت) قال :

دخل علي رضي‌الله‌عنه على رسول الله يريد أن يخطب فاطمة ، فقعد بين يديه لكنه لم يستطع الكلام لهيبته صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : ما جاء بك ، ألك حاجة؟ فسكت. فقال عليه الصلاة والسلام : لعلك جئت تخطب فاطمة! فقال : نعم. قال : وهل عندك من شيء تستحلها به؟ فقال : لا والله يا رسول الله. فقال : ما فعلت بالدرع التي سلحتكها؟ فقال : عندي والذي نفس علي بيده ، إنها لحطمية ما ثمنها أربعمائة درهم. قال : قد زوجتك فابعث بها فان كانت لصداق فاطمة بنت رسول الله صلى الله وسلم.

ومنهم الفاضل المعاصر ابن أبي القاسم التجاني في «تحفة العروس ونزهة النفوس» (ص ٣٢ ط مكتبة التراث الإسلامي القاهرة) قال :

محمد بن علي بن أبي طالب رضي‌الله‌عنه قال : «أصدق علي فاطمة عليها‌السلام بنت محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم درعا من حديد ، هذه الدرع هي درعه المعروفة بالحطمية.

ومنهم الفاضل المعاصر أبو هاجر محمد السعيد زغلول في «تعاليق تحفة العروس ـ التجاني» (ص ط مكتبة التراث الإسلامي) قال :

أخرجه أبو داود عن رجل من أصحاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن عليا عليه

٣٤١

السلام لما تزوج فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ورضى الله عنها أراد أن يدخل بها فمنعه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى يعطيها شيئا فقال : يا رسول الله ، ليس لي شيء فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أعطها درعك فأعطاها درعه ثم دخل بها. ورواه أبو داود عن ابن عباس بلفظ «أين درعك الحطمية». وأخرجه النسائي (٦ / ١٢٩).

ومنهم العلامة أبو سليمان حمد بن محمد بن ابراهيم الخطابي البستي المتوفى ٣٨٨ ه‍ في «غريب الحديث» (ج ١ ص ٢٩١ ط دمشق) قال :

وقال أبو سليمان في حديث النبي صلى الله عليه : «أن علي بن أبي طالب قال : لما خطبت فاطمة قال النبي صلى الله عليه : عندك شيء؟ قلت : لا ، قال : فأين درعك الحطمية التي أعطيتك؟ قال : قلت : ها هي ذه ، قال : أعطها».

الدرع الحطمية [قال : هي الثقيلة العريضة ، وقال بعضهم : هي التي تحطم السيوف : أي تكسرها ، وقيل :] منسوب إلى حطمة بن محارب ، بطن من عبد القيس ، كانوا يعملون الدروع ، نسبت إليهم كما نسبت التبعية إلى تبع ، قال الهذلي :

وعليهما مسرودتان قضاهما

داود أو صنع السوابغ تبع

مستدرك

وليمة عرس فاطمة عليها‌السلام

تقدم ما يدل عليه عن العامة في ج ١٠ ص ٤٢٤ وج ٢٥ ص ٤٤٩ ومواضع أخرى. ونستدرك هاهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق. رواه جماعة :

فمنهم الحافظ المحدث أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي المتوفى ٣٠٣ ه‍ في «عمل اليوم والليلة» (ص ٩٧) قال :

٣٤٢

أخبرنا عبد الأعلى بن واصل بن عبد الأعلى ، قال حدثنا مالك بن اسماعيل عن عبد الرحمن بن حميد ، قال : حدثنا عبد الكريم بن سليط البصري.

وأخبرنا أحمد بن سليمان قال : حدثنا مالك بن إسماعيل ، قال : حدثنا حميد بن عبد الرحمن الرواسي ، قال : حدثنا عبد الكريم بن سليط عن ابن بريدة عن أبيه ، أن نفرا من الأنصار قالوا لعلي : عندك فاطمة فدخل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فسلم عليه فقال : ما حاجة ابن أبي طالب؟ قال : ذكرت فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «مرحبا وأهلا» لم يزده عليها ، فخرج إلى الرهط من الأنصار ينتظرونه ، فقالوا : ما وراءك؟ قال : ما أدري غير أنه قال لي : «مرحبا وأهلا» ، قالوا : يكفيك من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إحداهما ، قد أعطاك الأهل ، وأعطاك الرحب ، فلما كان بعد ذلك بعد ما زوجه ، قال : «يا علي : إنه لا بد للعرس من وليمة» قال سعد : عندي كبش ، وجمع له رهط من الأنصار آصعا من ذرة.

ومنهم الفاضل المعاصر عبد المنعم محمد عمر في «خديجة ام المؤمنين» (ص ٤٦٩ ط دار الريان للتراث) قال :

ولما كانت ليلة العرس في أوائل ذي الحجة على رأس اثنين وعشرين شهرا من الهجرة ، أولم «علي بن أبي طالب» وليمة يبدو أنه بذل فيها الكثير مما أفاء الله عليه من «بدر» ومن «بني قينقاع» ، «فما كانت وليمة في ذلك الزمان أفضل من وليمته» وقدّم أخوال الرسول من الأنصار «لعلي» بعض الهدايا العينية مشاركة منهم في إعداد هذه الوليمة على مألوف عادة الأهل والأقارب ، فقدم سيد الأوس «سعد بن معاذ» كبشا ، كما قدموا بعضا من ذرة. فلما انتهت الوليمة انتقلت أفضل عروس إلى منزل كان «علي» قد أعده لسكناهما ، وقد زفت إليه وهي تلبس بردين وتتحلى بدملوجين من فضة مصفرين بزعفران ، وسعدت بحضور زفافها شقيقتاها «زينب وأم كلثوم» و «أم أيمن» ومعهن لفيف من فضليات بني النجار جئن ليهدينها إلى أشجع فتيان المسلمين «علي بن أبي طالب».

٣٤٣

ومنهم الشيخ محمد ناصر الدين الألباني في «آداب الزفاف في السنة المطهرة» (ص ٥٥ ط دار عمر بن الخطاب) قال :

فلما كان بعد ذلك ، بعد ما زوجه قال : يا علي إنه لا بد للعروس من وليمة. فقال سعد : عندي كبش ، وجمع له رهط من الأنصار أصوعا من ذرة.

ومنهم العلامة شهاب الدين أحمد الخفاجي المصري في «نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض» (ج ٣ ص ٤٣ ط دار الفكر بيروت) قال :

فذكر الحديث وشرحه.

مستدرك

جهاز فاطمة عليها‌السلام

تقدم ما يدل عليه عن العامة في ج ١٠ ص ٣٦٩ وج ١٩ ص ١٤٤ وج ٢٥ ص ٤٤٣ ومواضع أخرى ، ونستدرك هاهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق. رواه جماعة :

فمنهم الشيخ عبد العزيز الثعالبي التونسي في «معجز محمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم» (ص ٢٦٧ ط دار الغرب الإسلامي في بيروت) قال :

وكان جهاز فاطمة فراشا من جلد كبش ، ووسادة من جلد ، ولحافا من قطيفة إذا جعلاه بالطول انكشفت ظهورهما ، وإذا جعلاه بالعرض انكشفت رءوسهما.

ومكث صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثلاثة أيام لا يدخل عليهما ، ودخل في اليوم الرابع في غداة باردة ، فوجدهما جالسين في تلك القطيفة ، فأرادا أن يقوما له فقال لهما : كما أنتما ، وجلس عند رأسيهما ، وبعده مدة شكت له فاطمة عسر الحال فقالت : يا رسول الله ، ما لنا فراش إلّا هذا الجلد ننام عليه بالليل ، ونعلف عليه ناضحنا بالنهار فقال : يا بنية اصبري ، فان موسى بن عمران أقام مع امرأته عشر سنين ليس لهما فراش إلّا

٣٤٤

عباءة قطوانية.

ومنهم الشريف أبو الحسن علي الحسني الندوي في «المرتضى ـ سيرة سيدنا أبي الحسن علي بن أبي طالب» (ص ٤٠ ط دار القلم دمشق) قال :

وعن عطاء بن السائب عن أبيه عن علي قال : جهز رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فاطمة في خميل ، وقربة ، ووسادة أدم حشوها ليف الأذخر.

ومنهم عبد المنعم محمد عمر في «خديجة ام المؤمنين» (ص ٤٦٩ ط دار الريان للتراث) قال : فباع علي بعيرا له بثمانين وأربع مائة درهم ؛ فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

«اجعلوا ثلثين في الطيب وثلثا في الثياب». وقد وليت «ام أيمن» أمر إعداد جهاز العروس ، فكان فيما جهزتها به : سرير وخميلة من قطيفة ، ووسادة من أدم ، وتور من أدم ، ومنشفة ، ومنخل ، وجرتين ، ورحا.

ومنهم سامية منيسي في «أمهات المؤمنين والقرشيات» (ص ٢٤٥ ط دار المريخ بالرياض) قال :

وكان متاعهما فراشا من فراء الكبش ، ووسادة حشوها ليف ، وتورا من (أدم) وقربة. وقيل : إهاب شاة ، ووسادة فيها ليف ، ورحاءين وسقاء ، وجرتين.

ومنهم الفاضل المعاصر أحمد عبد الجواد المدني في «المعاملات في الإسلام» (ص ١٥١ ط مؤسسة الايمان ودار الرشيد بيروت ودمشق) قال :

وعن ابن عباس رضي‌الله‌عنه قال : (خطب علي بن أبي طالب فاطمة بنت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أعطها شيئا ، قال : ما عندي شيء ، قال : فأين درعك الحطمية؟). أخرجه أبو داود والنسائي.

وعن أنس رضي‌الله‌عنه قال : (قال علي : فبعتها بأربعمائة وثمانين درهما ، فأتيته

٣٤٥

بها فوضعها في حجره ، فقبض منها قبضة فقال : يا بلال! ابغنا بها طيبا ، وأمرهم أن يجهزوها ، فجعل لهم سرير شرط بالشرط ووسادة من أدم حشوها ليف وسقاء وجرّتين وملء البيت كثيبا ـ يعني رملا ـ).

مستدرك

ايثار فاطمة عليها‌السلام قميصها الجديد ليلة الزفاف للسائل

تقدم ما يدل عليه عن العامة في ج ١٠ ص ٤٠١ ومواضع أخرى ، ونستدرك هاهنا عن الكتب التي لم ننقل عنها فيما سبق. رواه جماعة :

فمنهم الفاضل المعاصر محمد خير المقداد في «مختصر المحاسن المجتمعة في فضائل الخلفاء الأربعة ـ للعلامة الصفوري» (ص ١٨٦ ط دار ابن كثير دمشق وبيروت) قال :

وذكر ابن الجوزي : أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم صنع لها قميصا جديدا ليلة زفافها ، وكان لها قميص مرقع ، وإذا بسائل على الباب يقول : أطلب من بيت النبوة قميصا خلقا ، فهمّت أن تدفع له المرقّع ، فتذكرت قوله تعالى : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) فدفعت له الجديد فلما قرب الزفاف ، نزل جبريل عليه‌السلام وقال : يا محمد إن الله تعالى يقرئك السلام ، وأمرني أن أسلم على فاطمة ، وقد أرسل لها معي هدية من ثياب الجنة من السندس الأخضر ، فلما بلغها السلام من ربها وألبسها القميص الذي جاء به جبريل من الجنة ، لفّها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالعباء ، ولفّها جبريل بأجنحته حتى لا يأخذ نور القميص بالأبصار ، فلما جلست بين النساء المسلمات والمشركات ومع كل واحدة شمعة ومع فاطمة رضي‌الله‌عنها سراج ، رفع جبريل جناحيه ، ورفع العباء وإذ بالأنوار قد طبّقت المشرق والمغرب ، فلما وقع النور على أبصار المشركات خرج الشرك من قلوبهن ، وقلن : «نشهد أن لا إله إلّا الله وأن محمدا رسول الله».

٣٤٦

مستدرك

دعاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لعلي وفاطمة عليهما‌السلامليلة العرس

قد تقدم ما يدل عليه عن العامة في ج ١٠ ص ٤٠٣ وج ١٩ ص ١٤١ وج ٢٥ ص ٤٥٩ ومواضع أخرى ، ونستدرك هاهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق. رواه جماعة :

فمنهم الفاضل المعاصر ابن أبي القاسم التجاني في «تحفة العروس ونزهة النفوس» (ص ٣٩ ط مكتبة التراث الإسلامي القاهرة) قال :

سعيد بن المسيب عن ابن عباس ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال : لما ابتنى علي ـ رضي‌الله‌عنه ـ بفاطمة رضي‌الله‌عنها دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عليهما فقال : «قوما إلى بيتكما جمع الله بينكما ، وبارك فيكما ، وأصلح بالكما». ثم قام فأغلق عليهما بيده.

وفي رواية عن أنس رضي‌الله‌عنه أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لعلي حين أراد تزويجه : إن الله أمرني أن أزوجك فاطمة بنت خديجة إن رضيت.

قال : قد رضيت يا رسول الله. قال أنس : فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : جمع الله شملكما ، وأقر عينكما ، وأسعد جدكما ، وأخرج منكما خيرا طيبا كثيرا.

قال أنس : فو الله لقد خرج منهما كثير ، رضوان الله على جميعهم.

ومنهم الفاضل المعاصر محمد رضا في «الامام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه رابع الخلفاء الراشدين» (ص ٢٤ ط دار الكتب العلمية بيروت) قال :

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لعلي ليلة البناء بفاطمة : لا تحدثن شيئا حتى تلقاني ، فدعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بماء فتوضأ منه ثم أفرغه على علي

٣٤٧

وقال : اللهم بارك فيهما ، وبارك عليهما ، وبارك لهما في نسلهما.

ومنهم الفاضل المعاصر محمد سعيد زغلول في «فهارس المستدرك للحاكم» (ص ٧٠٨ ط بيروت) قال :

أشار إلى دعاءه صلى‌الله‌عليه‌وآله لهما صباح الزفاف.

ومنهم الفاضل المعاصر محمد خير المقداد في «مختصر المحاسن المجتمعة» (ص ١٨٦ ط دار ابن كثير دمشق) قال :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : جمع الله شملكما وأسعد جدكما وبارك عليكما وأخرج منكما كثيرا طيبا.

ومنهم الشيخ عبد العزيز الثعالبي التونسي في «معجز محمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله» (ص ٢٦٧ ط دار الغرب الإسلامي في بيروت) قال :

وحضر رسول الله دخولها وباركهما ، فقال : اللهم بارك فيهما ، وبارك عليهما ، وبارك في شملهما ، ثم قرأ سورة الإخلاص ، والمعوذتين ، وأشار إلى علي ، وقال له : قم وادخل بأهلك ، باسم الله والبركة.

ومنهم الحافظ جمال الدين يوسف المزي في «تهذيب الكمال» (ج ١٧ ص ٧٥ ط بيروت) قال :

فروى حديثا بإسناده عن ابن بريدة عن أبيه ـ وفيه : فقال : اللهم بارك لهما في شملهما.

ومنهم الشيخ محمد ناصر الدين الالباني في «آداب الزفاف في السنة الطاهرة» (ص ٥٥ ط دار عمر بن الخطاب) قال :

فلما كانت ليلة البناء ، قال : لا تحدث شيئا حتى تلقاني ، فدعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بماء فتوضأ فيه ، ثم أفرغه على علي ، فقال : اللهم بارك فيهما وبارك لهما

٣٤٨

في بنائهما.

ومنهم الحافظ أبو بكر أحمد بن ثابت الخطيب البغدادي في «تلخيص المتشابه في الرسم» (ج ١ ص ٣٦٣ ط دار طلاس) قال :

قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : بارك الله لكما ، وبارك الله فيكما ، وأسعد جدكما ، وأخرج منكما كثير الطيب. قال أنس : والله لقد أخرج منهما الكثير الطيب.

ومنهم العلامة الحافظ أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي في «عمل اليوم والليلة» (ص ٩٧) قال :

فلما كان ليلة البناء قال : يا علي لا تحدث شيئا حتى تلقاني فدعا النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم بماء فتوضأ منه ثم أفرغه على علي فقال : اللهم بارك فيهما وبارك عليهما ، وبارك لهما في شبلهما.

ومنهم عبد المنعم محمد عمر في «خديجة ام المؤمنين» (ص ٤٦٩ ط دار الريان) قال : وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد أمر عليا أن لا يدخل على فاطمة حتى يجيئه ، فتبعها بعد قليل من وصولها حتى وقف على الباب ، فاستأذن ، فأذن له ، فقال : أثمّ أخي؟ فتعجبت أم أيمن وقالت وهي تتبسط معه : بأبي أنت وأمي يا رسول الله من أخوك؟ قال : علي بن أبي طالب قالت : وكيف يكون أخاك وقد زوجته ابنتك؟ قال : هو ذاك يا ام أيمن ؛ ثم دعا بماء في إناء ، وتلا بعض آيات القرآن الكريم وهو يحرك الماء بيده ، ثم دعا عليا فنضح على كتفيه وصدره وذراعيه من ذلك الماء ؛ ثم دعا فاطمة ؛ فجاءت بغير خمار تعثر في ثوبها حياء ؛ فنضح عليها من ذلك الماء ؛ ثم قال : والله ما ألوت أن زوجتك خير أهلي ؛ ثم دعا لهما قائلا : اللهم بارك فيهما وبارك عليهما وبارك لهما في نسلهما ثم انصرف وتركهما يرتشفان من السعادة الزوجية الصافية ما شاء الله لهما أن يرتشفا.

ومنهم الفاضل المعاصر أحمد عبد الجواد المدني في «المعاملات في الإسلام»

٣٤٩

(ص ١٥٤ ط مؤسسة الايمان ودار الرشيد بيروت ودمشق) قال :

عن أنس بن مالك رضي‌الله‌عنه قال : فلما كان ليلة بناء علي بفاطمة رضي‌الله‌عنها ، قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لفاطمة : ائتني بماء ، فمجّ فيه ، ثم قال لها قومي ، فنضح بين ثدييها وكتفيها وعلى رأسها وقال : اللهم إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم ، ثم قال لعلي : ائتني بماء فمج فيه ثم صبّ على رأسه وثدييه وكتفيه وقال : اللهم إني أعيذه بك وذريته من الشيطان الرجيم ، وفي رواية : أعوذهما بقل هو الله أحد والمعوذتين ، ثم قال لعلي : ادخل بأهلك وباسم الله والبركة. وأخرج بنحوه الطبراني وابن جرير وابن عساكر.

مستدرك

فاطمة عليها‌السلام أرسلت إلى أبي بكر تسأله حقها من فدك

وقد تقدم ذكر فدك وإعطاء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فدك لها عليها‌السلام في مواضع منها ج ٣ ص ٥٤٩ وج ١٠ ص ٢٩٦ و ٣٠٤ وج ١٢ ص ٣٤٠ وج ١٩ ص ١١٩ وج ٥ ص ٤٠٣ و ٤١٠. ونستدرك هاهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق. رواه جماعة :

فمنهم العلامة أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملك بن سلمة الأزدي الحجري المصري الطحاوي الحنفي في «شرح معاني الآثار» (ج ٢ ص ٤ ط ٢ دار الكتب العلمية بيروت) قال : (١)

__________________

(١) قال العلامة الكبير الفقيه المحدث أبو الفتح محمد بن علي بن عثمان الكراجكي قدس‌سره الشريف في كتابه «كنز الفوائد» ص ٥٢ ط تبريز :

فصل في ذكر فدك

فمن عجيب الأمور وطريفها أن تخرج فاطمة الزهراء البتول سيدة نساء العالمين ابنة خاتم

٣٥٠

__________________

النبيين تندب أباها وتستغيث بأمته ومن هدايتهم إلى شريعته في منع أبي بكر من ظلمها فلا يساعدها أحد ولا يتكلم معها بشر مع قرب العهد برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومع ما يدخل القلوب من الرقة في مثل هذا الفعل إذ ورد من مثلها حتى تحمل الناس أنفسهم على الظلم فضلا عن غيره ثم تخرج عائشة بنت أبي بكر إلى البصرة تحرض الناس على قتال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام وقتال من معه من خيار الناس ساعية في سفك دمه ودماء أولاده وأهله وشيعته فتجيبها عشرة ألوف من الناس ويقاتلون أمامها إلى أن هلك أكثرهم بين يديها ان هذا لمن الأمر العجيب.

ومن العجب أن تأتي فاطمة عليها‌السلام إلى أبي بكر تطالبه بفدك وتذكر ان أباها نحلها إياها فيكذب قولها ويقول لها هذه دعوى لا بينة لها هذا مع اجماع الامة على طهارتها وعدالتها فتقول له ان لم يثبت عندك انها نحلة فانا استحقها ميراثا فيدعي انه سمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول نحن معاشر الأنبياء لا نورث وما تركناه صدقة ويلزمها تصديقه فيما ادعاه من هذا الخبر مع اختلاف الناس في طهارته وصدقه وعدالته وهو فيما ادعاه خصم لأنه يريد أن يمنعها حقا جعله الله لها.

ومن العجيب أن يقول لها أبو بكر مع علمه بعظم خطرها في الشرف وطهارتها من كل دنس وكونها في مرتبة من لا يتهم ومنزلة من لا يجوز عليه الكذب ايتيني بأحمر أو أسود يشهد لك بها وخذيها يعني فدك فأحضرت اليه أمير المؤمنين والإمامين الحسن والحسين صلوات الله عليهم أجمعين وام أيمن فلم يقبل شهادتهم واعلّها وزعم انه لا يقبل شهادة الزوج لزوجته ولا الولد لوالده وقال هذه امرأة واحدة يعني ام أيمن هذا مع اجماع المخالف والمؤالف على ان النبي قال علي مع الحق والحق مع علي اللهم أدر الحق معه حيثما دار وقوله الحسن والحسين امامان قاما أو قعدا وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله في ام أيمن أنت على خير وإلى خير فرد شهادة الجميع مع تميزهم على الناس ثم لم يمض الأيام حتى أتاه مال البحرين فلما ترك بين يديه تقدم اليه جابر بن عبد الله الأنصاري فقال له : النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال لي إذا أتى مال البحرين حبوت لك ثم حبوت لك ثلثا فقال له تقدم فخذ بعددها فأخذ ثلاث حفنات من أموال المسلمين بمجرد الدعوى من غير بينة ولا شهادة ويكون أبو بكر عندهم مصيبا في الحالين عادلا في الحكمين ان هذا من الأمر المستطرف البديع. ومن عجيب أمر المعتزلة إقرارهم بأن أمير المؤمنين عليه‌السلام أعلم الناس وأزهدهم بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ثم يعلمون انه أتى مع فاطمة شاهدا لها بصحة ما ادّعته من نحلتها فلا يستدلون بذلك على صوابها وظلم مانعها ولا يتساءلون ان أعلم الناس لا يخفى عنه ما يصح من الشهادة وما يبطل وان أزهد الناس لا يشهد بباطل وان أمير المؤمنين عليه‌السلام لو كان لا يعلم ان شهادته بذلك مع من حضره لا يجوز قبولها ولا يؤثر في وجوب الحكم بها وكان أبو بكر

٣٥١

__________________

يعلم ذلك لبطل القول بأنه عليه‌السلام أعلم الناس بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وانه لو كان يعلم ان فاطمة عليها‌السلام تطلب باطلا والتمست محالا وان شهادته لا تحل في تلك الحال قبولها ولا يسوغ الحكم بها ثم أقدم مع ذلك عليها فشهد لها لكان قد أخطأ متعمدا وفعل ما لا يليق بالزهاد والأتقياء ويظل قولهم انه عليه‌السلام أزهد الناس بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ولا ينتهبون بهذا الحال من رقدة الخلال.

ومن عجيب أمرهم اعتقادهم في ردّ أبي بكر شهادة أمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم‌السلام بقولهم ان هذا بعلها وهذان ابناها وكل منهم يجر إلى نفسه ولا يصح شهادة من له حظ فيما يشهد به ثم يقبلون مع ذلك قول سعيد بن زيد بن نفيل فيما رواه وحده من ان أبا بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وسعدا وسعيدا وعبد الرحمن بن عوف وأبا عبيدة من أهل الجنة ويصدقونه في هذه الدعوى ويحتجون بقوله مع علمهم بأنه أحد من ذكره وله حظ فيما شهد به ولا يردون بذلك قوله ولا يبطلون خبره ويتغطى عليهم انه لا للزوج من مال زوجته ولا للولد من مال والده إلّا ما نحله أباه أو ورثه عنه.

ومن عجيب الأمور وعظيم البدع في الدين أن يشهد رجل بر تقى لم يكن قط بالله مشركا ولا للدين منكرا ولا أكل من حرام سحتا ولا عاقر على خمر نديما ولا ارتكب محرما ولا جرب أحد منه قط كذبا ولا علم منه ذنبا ولا كان في طاعة الله ورسوله مقصّرا ولا عن درجات السبق إلى الفضائل متأخرا مع اختصاصه برسول الله نسبا وسببا عند رجل أقام أربعين سنة من عمره كافرا وبالله تعالى مشركا ولما ظهر وبطن من الفواحش مرتكبا ولما ظهر الإسلام لم يعلم أحد انّ له فيه أثرا جميلا ولا كفى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله مخوفا بل عن كل فضيلة متأخرا ولعهود الله ناكثا وكان في علمه ضعيفا وإلى غيره فيه فقيرا فيردن شهادته ولا يقبل قوله ويظهر انه أعرف بالصواب منه هذا والشاهد متفق على طهارته وصدقه وإيمانه والمشهود عنده مخالف في طهارته وصدقه وإيمانه ان هذا مما تنفر منه النفوس السليمة والعقول المستقيمة.

ومن العجب انهم يدعون على فاطمة البتول سيدة نساء العالمين التي أحضرها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله للمباهلة وشهد لها بالجنة ونزلت فيها آية الطهارة انها طلبت من أبي بكر باطلا والتمست لنفسها محالا وقالت كذبا ويعتذرون في ذلك بأنها لم تعلم بدين أبيها أنه لا حق لها في ميراثه ولا نصيب لها من تركته وجهلت هذا الأصل في الشرع وعلم أبو بكر ان النساء لا يعلمن ما يعلم الرجال ولا جرت العادة بأن يتفقهن في الأحكام ثم يدعون مع هذا ان النبي قال خذوا ثلث دينكم عن عائشة لا بل خذوا ثلثي دينكم عن عائشة لا بل خذوا كل دينكم عن عائشة فتحفظ عائشة جميع الدين وتجهل فاطمة في مسألة واحدة مختصة بها في الدين ان هذا لشيء

٣٥٢

__________________

عجيب والذي يكثر العجب ويطول فيه الفكر ان بعلها أمير المؤمنين عليه‌السلام لم يعلمها ولم يصنها عن الخروج من منزلها لطلب المحال والكلام بين الناس بل يعرضها لالتماس الباطل ويحضر معها فيشهد بما لا يسوغ ولا يحل ان هذا من الأمر المهول الذي تحار فيه العقول.

ومن عجيب أمرهم وضعف دينهم انهم نسبوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أنه لم يعلم ابنته التي هي أعز الخلق عنده والذي يلزم من صيانتها ويتعين عليه من حفظها أضعاف ما يلزمه لغيرها بأنه لا حق لها من ميراثه ولا نصيب له في تركته ويأمرها أن تلزم بيتها ولا تخرج للمطالبة لما ليس لها والمخاصمة في أمر مصروف عنها وقد جرت عادة الحكماء في تخصيص الأهل والأقرباء بالإرشاد والتعليم والتأديب والتهذيب وحسن النظر بهم بالتنبيه والتنتيف والحرص عليهم بالتعريف والتوقيف والاجتهاد في ابداعهم معالم الدين وتميزهم عن العالمين هذا مع قول الله تعالى (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) وقوله سبحانه (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) وقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بعثت إلى أهل بيتي خاصة وإلى الناس عامة فنسبوه صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى تضييع الواجب والتفريط في الحق اللازم من نصيحة ولده واعلامه ما عليه وله ومن ذا الذي يشك في ان فاطمة كانت أقرب الخلق إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأعظمهم منزلة عنده وأجلهم قدرا لديه وانه كان في كل يوم يغدو إليها لمشاهدتها والسؤال عن خبرها والمراعاة لأمرها ويروح كذلك إليها ويتوفر على الدعاء لها ويبالغ في الإشفاق عليها وما خرج قط في بعض غزواته وأسفاره حتى ولج بيتها ليودعها ولا قدم من سفره إلّا لقوه بولديها فحملهما على صدره وتوجه بهما إليها فهل يجوز في عقل أو يتصور في فهم أن يكون النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أغفل اعلامها بما يجب لها وعليها وأهمل تعريفها بأنه لا حظ في تركته لها والتقدم إليها بلزوم بيتها بترك الاعتراض بما لم يجعله الله لها اللهم إلّا أن نقول انه أوصاها فخالفت وأمرها بترك الطلب فطلبت وعاندت فيجاهرون بالطعن عليها ويوجبون بذلك ذمها والقدح فيها ويضيفون المعصية إلى من شهد القرآن بطهارتها وليس ذلك منهم بمستحيل وهو في جنب عداوتهم لأهل البيت عليهم‌السلام قليل.

ومن العجب قول بعضهم لما أغضبه الحجاج انه صلى‌الله‌عليه‌وآله أعلمها فنسيت واعترضها الشك بعد علمها فطلبت وهذا مخالف للعادات لأنه لم يجر العادة بنسيان ما هذا سبيله لأنه قال لها لا ميراث لك مني وانا معاشر الأنبياء لا نورث وما تركناه صدقة كان الحكم في ذلك معلقا بها فكيف يصح في العادات أن تنسى شيئا يخصها فرض العلم به ويصدق حاجتها اليه حتى يذهب عنها علمه وتبرز للحاجة ويقال لها ان أباك قال انه لا يورث ولا تذكر مع وصيته ان كان وصاها حتى تحاجهم بقول الله تعالى (وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ) وقوله تعالى حكاية عن زكريا (يَرِثُنِي وَيَرِثُ

٣٥٣

__________________

مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) ولا تزال باكية شاكية إلى أن قبضت وأوصت أن لا يصلي ظالمها وأصحابه عليها ولا يعرفوا قبرها.

ومن العجب أن يعترض اللبس على أمير المؤمنين عليه‌السلام حتى يحضر فيشهد لها مما ليس لها مع قول النبي أنا مدينة العلم وعلي بابها.

ومن العجب اعترافهم بأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال ان الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها وقال فاطمة بضعة مني يؤلمني ما يؤلمها وقال من آذى فاطمة فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ثم انهم يعلمون ويتفقون ان أبا بكر أغضبها وآلمها وآذاها فلا يقولون هو هذا انه ظلمها ويدّعون انها طلبت باطلا فكيف يصح هذا ومتى يتخلص أبو بكر من أن يكون ظالما وقد أغضب من يغضب لغضبه الله وآلم هو بضعة لرسول الله ويتألم لألمها وآذى من في أذيته أذية الله ورسوله وقد قال الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً) وهل هذا إلّا مباهتة في تصويب الظالم وتهور في ارتكاب المظالم.

ومن العجب قول بعضهم أيضا أن أبا بكر كان يعلم صدق الطاهرة فاطمة عليها صلوات الله فيما طلبته من نحلته من أبيها لكنه لم يكن يرى أن يحكم بعلمه فاحتاج في إمضاء الحكم لها إلى بينة تشهد بها فإذا قيل لهم فلم لم يورثها من أبيها قالوا لأنه سمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة فإذا قيل لهم فهذا خبر تفرد أبو بكر بروايته ولم يروه معه غيره قالوا هو وان كان كذلك فانه السامع له من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يجز له مع سماعه منه وعلمه به أن يحكم بخلافه فهم في النحلة يقولون انه لا يحكم بعلمه وله المطالبة بالبينة وفي الميراث يقولون انه يحكم بعلمه ويقضي بما انفرد بسماعه والمستعان بالله على تلاعبهم بأحكام الملة وهو الحكم العدل بينهم وبين من عاند من أهله.

ومن عجائب الأمور تأتي فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تطلب فدك وتظهر انها تستحقها فيكذب قولها ولا تصدق في دعواها وترد خائبة إلى بيتها ثم تأتي عائشة بنت أبي بكر تطلب الحجرة التي أسكنها أباها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وتزعم انها تستحقها فيصدق قولها ويقبل دعواها ولا يطالب بينة عليها وتسلم هذه الحجرة إليها فتصرف فيها وتضرب عند رأس النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بالمعاول حتى تدفن تيما وعديا فيها ثم تمنع الحسن بن رسول الله بعد موته منها ومن أن يقربوا سريره إليها وتقول لا تدخلوا بيتي من لا أحبه وإنما أتوا به ليتبرك بوداع جده فصدته عنه فعلى أي وجه دفعت هذه الحجرة إليها وأمضى حكمها ان كان ذلك لأن النبي نحلها أباها فكيف لم تطالب بالبينة على صحة نحلتها كما طولبت بمثل ذلك فاطمة صلوات الله عليها وكيف صار قول عائشة بنت أبي بكر مصدّقا وقول فاطمة ابنة رسول الله مكذبا مردودا وأي عذر

٣٥٤

حدثنا فهد ، قال : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : حدثني الليث ، قال : حدثني عبد الرحمن بن خالد بن مسافر ، عن ابن شهاب ، عن عروة بن الزبير أن عائشة رضي‌الله‌عنها أخبرته أن فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أرسلت إلى أبي بكر رضي‌الله‌عنه تسأله ميراثها من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فيما أفاء الله على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وفاطمة حينئذ تطلب صدقة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالمدينة وفدك ، وما بقي من خمس خيبر.

ومنهم الفاضل المعاصر الشيخ محمد الخضري ابن الشيخ عفيفي الباجوري المفتش بوزارة الأوقاف في «إتمام الوقاء في سيرة الخلفاء» (ص ١٥ ط المكتبة التجارية الكبرى بمصر) قال :

وفي مسلم عن عائشة رضي‌الله‌عنها أن فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك (قرية بخيبر) وما بقي من خمس خيبر فقال أبو بكر إن رسول

__________________

لمن جعل عائشة أزكى من فاطمة صلّى الله عليه وقد نزل القرآن بتزكية فاطمة في آية الطهارة وغيرها ونزل بذم عائشة وصاحبتها وشدة تظاهرهما على النبي محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وأفصح بذمها وان كانت الحجرة دفعت إليها ميراثا فكيف استحقت هذه الزوجة من ميراثه ولم تستحق ابنته منه حظا ولا نصيبا وكيف لم يقل هذا الحاكم لابنته عائشة نظير ما قالت لبنت رسول الله ان النبي لا يورث وما تركه صدقة على ان في الحكم لعائشة بالحجرة عجبا آخر وهو انها واحدة من تسع أزواج خلفهن النبي فلها تسع الثمن بلا خلاف ولو اعتبر مقدار ذلك من الحجرة مع ضيقها لم يكن بمقدار ما يدفن أباها وكان بحكم الميراث للحسن عليه‌السلام منها أضعاف مما ورثه من امه فاطمة ومن أبيه أمير المؤمنين المنتقل اليه بحق الزوجية منها.

ثم إن العجب كله من أن يمنع فاطمة جميع ما جعله الله لها من النحلة والميراث ونصيبها ونصيب أولادها من الأخماس التي خص الله تعالى بها أهل بيته عليهم‌السلام دون جميع الناس فإذا قيل للحاكم بهذه القضية انها وولدها يحتاجون إلى انفاق جعل لهم في كل سنة بقدر قوتهم على تقدير الكفاف ثم برأيه يجري على عائشة وحفصة في كل سنة اثنى عشر ألف درهم واصلة إليهما على الكمال ولا ينتطح في الحكم عنزان.

٣٥٥

الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لا نورث ما تركناه صدقة إنما يأكل آل محمد من هذا المال وإني والله لا أغير شيئا من صدقة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن حالها التي كانت في عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولا أعمل فيها إلّا بما عمل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة شيئا فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك قال فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت وعاشت بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ستة أشهر فلما توفيت دفنها زوجها علي بن أبي طالب ليلا ولم يؤذن بها أبا بكر وصلّى عليها وكانت لعلي من الناس وجهة حياة فاطمة فلما توفيت استنكر على وجوه الناس.

ومنهم العلامة الحافظ الشيخ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد الخضري السيوطي المصري المتوفى سنة ٩١١ ه‍ في كتابه «مسند فاطمة عليها‌السلام» (ص ١٣ ط المطبعة العزيزية بحيدرآباد الهند سنة ١٤٠٦) قال :

عن ام هاني أن فاطمة رضي‌الله‌عنهما قالت : يا أبا بكر من يرثك إذا مت؟ قال : ولدي وأهلي ، قالت : فما شأنك ورثت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم دوننا ـ فذكر الخبر.

ومنهم العلامة الحافظ أبو حاتم محمد بن أحمد التميمي البستي المتوفى ٣٥٤ ه‍ في «السيرة النبوية وأخبار الخلفاء» (ص ٤٢٩ ط مؤسسة الكتب الثقافية ودار الفكر في بيروت) قال :

فذكر قصة مطالبتها فدك من أبي بكر إلى أن قال : فهجرته فاطمة ولم تكلمه حتى ماتت.

ومنهم العلامة الحافظ أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي الكناني العسقلاني المصري الشافعي المشتهر بابن حجر في «الوقوف على ما في صحيح مسلم من

٣٥٦

الموقوف» (ص ٩٤ ط مؤسسة الكتب الثقافية بيروت) قال :

ان فاطمة أرسلت إلى أبي بكر فذكرت الحديث.

ومنهم الفاضل المعاصر الشيخ عبد الله الليثي الأنصاري في «تعاليقه» على كتاب «الوقوف على ما في صحيح مسلم من الموقوف» لابن حجر العسقلاني (ص ٩٤ ط مؤسسة الكتب الثقافية) قال :

الحديث بعد ذلك هو الصديق تسأله ميراثها من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك ، وما بقي من خمس خيبر. فقال أبو بكر : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في هذا المال ... الحديث.

ومنهم العلامة أبو المظفر شمس الدين يوسف بن قزأوغلي ـ سبط ابن الجوزي البغدادي المتوفى ٦٧٤ ه‍ في «ايثار الإنصاف في آثار الخلاف» (ص ٣٤٠ ط دار السلام القاهرة) قال:

فذكر انها عليها‌السلام ادعت فدكا واستشهدت عليا عليه‌السلام وامرأة. قلت : والمرأة هي ام أيمن وكانت من أهل الجنة بشهادة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

ومنهم الفاضل المعاصر عيسى أيوب الباروني في «الرقابة المالية في عهد الرسول والخلفاء الراشدين» (ص ٢٨٨ ط ١ جمعية الدعوة الإسلامية العالمية) قال :

ذكر طلب فاطمة الصديقة فدك من أبي بكر واستدلال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام بآيات الإرث. وشهادة ام أيمن ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أعطاها فدك وغير ذلك.

ومنهم الأستاذ رضوان محمد رضوان في «فهارس البخاري» (ص ٢٦٧ ط دار المعرفة بيروت) قال :

٣٥٧

ان فاطمة بنت النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. انظر الجهاد : ٢٨٠.

ومنهم الفاضل المعاصر عبد الرحمن الشرقاوي في «علي إمام المتقين» (ج ١ ص ٥٩ ط مكتبة غريب الفجالة) قال :

وفدك قرية بخيبر ، وعند ما فرغ رسول الله من خيبر ، وكانت راية المسلمين لعلي ابن أبي طالب ، قذف الله الرعب في قلوب أهل فدك ، فبعثوا إلى رسول الله يصالحونه على النصف من فدك ، فقبل ذلك منهم ، ولم يغزهم ، وكانت فدك لرسول الله خاصة فهي فيء خصه به الله ، لأن المسلمين لم يأخذوها بقتال فلا تقسم قسمة الغنائم .. لأنها لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب .. وكان الصحابة من قبل قد طلبوا من الرسول أن يقسم الفيء بينهم كما قسم الغنيمة بينهم ، فذكر الله الفرق بين الأمرين في (سورة الحشر). وقد غرس صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعض النخيل في فدك ، وجعلها لفاطمة الزهراء. فكانت هي التي تتصرف فيها ، وكانت تتصدق بكل خراجها بعد أن تستبقي ما يسد حاجة عام. ورأى أبو بكر أن تكون فدك بيد ولي الأمر ، أي بيده يوزع خراجها على الناس ، واحتج أبو بكر لرأيه بأنه سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : إنا معاشر الأنبياء لا نورث ، ما تركناه فهو صدقة.

وأفتى علي بأن الأنبياء يورثون واستشهد بقوله تعالى : (وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ). وقوله تعالى على لسان زكريا : (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي ...) واحتج عليه بأن الحديث الشريف الذي يرويه أبو بكر هو من أحاديث الآحاد التي ينفرد بروايتها واحد فحسب من الصحابة ، وأحاديث الآحاد لا تقيد حكما أطلقه القرآن ، ولو أن الرسول أراد أن يخصص أو يقيد هذا الحكم القرآني لأخبر ورثته أنهم لن يرثوه.

ثم إن فاطمة قالت ان أباها وهبها أرض فدك فهي إن لم تكن إرثا فهي هبة .. فطلب منها شهودا ، فاستشهدت بعلي وام أيمن ، فقال : لا بد من رجل وامرأتين أو رجلين. وأفتى علي بأن الشهادة تصح برجل وامرأة واحدة ، مع حلف اليمين. بل بشاهد

٣٥٨

واحد ، ويمين .. ولكن أبا بكر ردّ هذا الرأي .. ونزع فدك من تحت يدي فاطمة ، واستشار في ذلك عمر فأيده. وتحدثت المدينة عن غضب فاطمة ..

فقال عمر لأبي بكر : انطلق بنا إلى فاطمة فإنا قد أغضبناها. فانطلقا جميعا ، فاستأذنا على فاطمة ، فلم تأذن لهما ، فأتيا عليا فكلماه فأدخلهما عليها.

فلما قعدا عندها تكلم أبو بكر فقال : يا حبيبة رسول الله ، والله إن قرابة رسول الله أحب إليّ من قرابتي ، وإنك لأحب إليّ من عائشة ابنتي ، ولوددت يوم مات أبوك أني مت ، ولا أبقى بعده. أفتراني أعرفك وأعرف فضلك وشرفك وأمنعك حقك وميراثك من رسول الله؟ إلّا أني سمعت أباك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : نحن الأنبياء لا نورث ذهبا ولا فضة ولا دارا ولا عقارا ، وإنما نورث الكتاب والحكمة والعلم والنبوة. وما تركنا فهو صدقة فقالت فاطمة لأبي بكر وعمر : أرأيتكما إن حدثتكما حديثا عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم تعرفانه وتعملان به؟ قالا : نعم.

فقالت : نشدتكما الله ألم تسمعا رسول الله يقول : رضا فاطمة من رضاي ، وسخط فاطمة من سخطي ، فمن أحب فاطمة ابنتي فقد أحبني ، ومن أرضى فاطمة ابنتي فقد أرضاني ، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني؟. قالا : نعم سمعناه من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. قالت : فإني أشهد الله وملائكته أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني ، ولئن لقيت النبي لأشكونكما إليه.

فقال أبو بكر : أنا عائذ بالله تعالى من سخطه وسخطك يا فاطمة.

فقالت لأبي بكر : والله لا أكلمك أبدا قال : والله لا أهجرك أبدا. والله ما أجد أعز عليّ منك فقرا ، ولا أحب إليّ منك غنى ، ولكني سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : إنا معاشر الأنبياء لا نورث ، ما تركناه فهو صدقة.

ثم خرج أبو بكر باكيا ومعه عمر مطرقا ، فذهبا إلى المسجد فاجتمعا بالناس فقال أبو بكر: أيها الناس أقيلوني! يبيت كل رجل منكم معانقا حليلته ، مسرورا بأهله ، وتركتموني وما أنا فيه! .. لا حاجة لي في بيعتكم.

٣٥٩

ومنهم العلامة الشيخ أبو إسحاق الحويني الأثري في «جمهرة الفهارس» (ص ٢٩٩ ط دار الصحابة للتراث) قال :

دعا صلى‌الله‌عليه‌وسلم فاطمة فأعطاه فدك.

ومنهم الفاضل المعاصر عمر رضا كحالة في «المرأة في القديم والحديث» (ج ٦ ص ١٨٦ ط مؤسسة الرسالة بيروت) قال :

وتفقد أبو بكر قوما تخلفوا عن بيعته عند علي بن أبي طالب كالعباس والزبير وسعد بن عبادة ، فقعدوا في بيت فاطمة ، فبعث أبو بكر إليهم عمر بن الخطاب ، فجاءهم عمر فناداهم وهم في دار فاطمة ، فأبوا أن يخرجوا فدعا بالحطب وقال : والذي نفس عمر بيده لتخرجن أو لأحرقنها على من فيها ، فقيل له : يا أبا حفص إن فيها فاطمة ، فقال : وإن ، فخرجوا فبايعوا إلّا عليا ، فقد اعتذر ، فقال : انه قد حلف أن لا يخرج ولا يضع ثوبه على عاتقه حتى يجمع القرآن.

ثم وقفت فاطمة على بابها ، فقالت : لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضر منكم تركتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم جنازة بين أيدينا وقطعتم أمركم بينكم لم تستأمرونا ولم تردوا لنا حقا.

فأتى عمر أبا بكر ، فقال له : ألا تأخذ هذا المتخلف عنك بالبيعة؟ فقال أبو بكر لقنفذ : عد إليه فقل له أمير المؤمنين يدعوك لتبايع ، فجاء قنفذ فأدى ما أمره به ، فرفع علي صوته ، فقال : سبحان الله لقد ادعى ما ليس له ، فرجع قنفذ فأبلغ الرسالة ، فبكى أبو بكر طويلا ، ثم قام عمر فمشى معه جماعة حتى أتوا باب فاطمة فدقوا الباب ، فلما سمعت أصواتهم نادت بأعلى صوتها يا أبي يا رسول الله ما ذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة. فلما سمع القوم صوتها وبكاءها انصرفوا باكين ، وكادت قلوبهم تتصدع وأكبادهم تنفطر.

وبقي عمر ومعهم قوم فأخرجوا عليا فمضوا به إلى أبي بكر ، فقالوا : بايع ، فقال :

٣٦٠