إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل - ج ٢٨

آية الله السيّد شهاب الدين الحسيني المرعشي النجفي

__________________

إن لنا عليكم حقا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولكم علينا حق به ، فإذا أديتم إلينا ذلك وجب علينا الحق لكم.

ولم يذكر عنه غير هذا في ذلك المجلس.

وأمر المأمون فضربت له الدراهم وطبع عليها اسمه.

وزوج إسحاق بن موسى بن جعفر بنت عمه إسحاق بن جعفر بن محمد ، وأمره أن يحتج بالناس ، وخطب للرضا في كل بلد بولاية العهد.

فحدثني أحمد بن محمد بن سعيد ، قال : حدثنا يحيى بن الحسن (العلوي) قال : حدثني من سمع عبد الجبار بن سعيد يخطب تلك السنة على منبر رسول الله بالمدينة فقال في الدعاء له :

اللهم وأصلح ولي عهد المسلمين ، علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ابن عليعليهم‌السلام :

ستة آباء هم ما هم

هم خير من يشرب صوب الغمام

حدثني الحسن بن الطبيب البلخي ، قال : حدثني محمد بن أبي عمر العدني ، قال : سمعت عبد الجبار يخطب ، فذكر مثله.

رجع الحديث إلى نظام خبر علي بن موسى.

قال : وزوج المأمون ابنته أم الفضل محمد بن علي بن موسى على حلكة لونه وسواده ، ونقلها إليه فلم تزل عنده.

واعتل الرضا علته التي مات فيها ، وكان قبل ذلك يذكر ابني سهل عند المأمون فيزري عليهما ، وينهى المأمون عنهما ، ويذكر له مساوئهما.

ورآه يوما يتوضأ للصلاة والغلام يصب على يده الماء فقال : يا أمير المؤمنين لا تشرك بعبادة ربك أحدا.

فجعل المأمون يدخل إليه ، فلما ثقل تعالل المأمون وأظهر أنهما أكلا عنده جميعا طعاما ضارا فمرضا ، ولم يزل الرضا عليلا حتى مات.

واختلف في أمر وفاته ، وكيف كان سبب السم الذي سقيه.

فذكر محمد بن علي بن حمزة أن منصور بن بشير ذكر عن أخيه عبد الله بن بشير أن المأمون

٦٠١

__________________

أمره أن يطول أظفاره ففعل ، ثم أخرج إليه شيئا يشبه التمر الهندي ، وقال له : افركه واعجنه بيديك جميعا ، ففعل.

ثم دخل على الرضا فقال له : ما خبرك؟

قال : أرجو أن أكون صالحا.

فقال له : هل جاءك أحد من المترفقين اليوم؟

فقال : لا ، فغضب وصاح على غلمانه ، وقال له : فخذ ماء الرمان اليوم فإنه مما لا يستغني عنه ، ثم دعا برمان فأعطاه عبد الله بن بشير وقال له : اعصر ماءه بيدك ، ففعل وسقاه المأمون الرضا بيده فشربه ، فكان ذلك سبب وفاته ، ولم يلبث إلا يومين حتى مات.

قال محمد بن علي بن حمزة ، ويحيى : فبلغني عن أبي الصلت الهروي : أنه دخل على الرضا بعد ذلك فقال له : يا أبا الصلت قد فعلوها «أي قد سقوني السم» (وجعل يوحد الله ويمجده).

قال محمد بن علي : وسمعت محمد بن الجهم يقول :

إن الرضا كان يعجبه العنب ، فأخذ له عنب وجعل في موضع اقماعه الابر ، فتركت أياما فأكل منه في علته فقتله ، وذكر أن ذلك من لطيف السموم.

ولما توفي الرضا لم يظهر المأمون موته في وقته ، وتركه يوما وليلة ، ثم وجه إلى محمد ابن جعفر بن محمد وجماعة من آل أبي طالب. فلما أحضرهم وأراهم إياه صحيح الجسد لا أثر به ، ثم بكى وقال : عز علي يا أخي أن أراك في هذه الحالة ، وقد كنت أؤمل أن أقدم قبلك ، فأبى الله إلا ما أراد. وأظهر جزعا شديدا وحزنا كثيرا.

وخرج مع جنازته يحملها حتى أتى الموضع الذي هو مدفون فيه الآن ، فدفنه هناك إلى جانب هارون الرشيد.

وقال أشجع بن عمرو السلمي يرثيه ، هكذا أنشدنيها علي بن الحسين بن علي بن حمزة ، عن عمه ، وذكر أنها لما شاعت غيّر أشجع ألفاظها فجعلها في الرشيد :

يا صاحب العيس يحدي في أزمتها

أسمع وأسمع غدا يا صاحب العيس

اقرأ السلام على قبر بطوس ولا

تقرأ السلام ولا النعمى على طوس

٦٠٢

__________________

فقد أصاب قلوب المسلمين بها

روع وأفرخ فيها روع إبليس

وأخلست واحد الدنيا وسيدها

فأي مختلس منا ومخلوس

ولو بدا الموت حتى يستدير به

لاقى وجوه رجال دونه شوس

بؤسا لطوس فما كانت منازله

مما تخوفه الأيام بالبوس

معرّس حيث لا تعريس ملتبس

يا طول ذلك من نأي وتعريس

إن المنايا أنالته مخالبها

ودونه عسكر جم الكراديس

أوفى عليه الردى في خيس أشبله

والموت يلقي أبا الأشبال في الخيس

ما زال مقتبسا من نور والده

إلى النبي ضياء غير مقبوس

في منبت نهضت فيه فروعهم

بباسق في بطاح الملك مغروس

والفرع لا يرتقي إلا على ثقة

من القواعد والدنيا بتأسيس

لا يوم أولى بتخريق الجيوب ولا

لطم الخدود ولا جدع المعاطيس

من يوم طوس الذي نادت بروعته

لنا النعاة وأفواه القراطيس

حقا بأن الرضا أودى الزمان به

ما يطلب الموت إلا كل منفوس

ذا اللحظتين وذا اليومين مفترش

رمسا كآخر في يومين مرموس

بمطلع الشمس وافته منيّته

ما كان يوم الردى عنه بمحبوس

يا نازلا جدثا في غير منزله

ويا فريسة يوم غير مفروس

لبست ثوب البلى اعزز عليّ به

لبسا جديدا وثوبا غير ملبوس

صلّى عليك الذي قد كنت تعبده

تحت الهواجر في تلك الأماليس

لولا مناقضة الدنيا محاسنها

لما تقايسها أهل المقاييس

أحلّك الله دارا غير زائلة

في منزل برسول الله مأنوس

قال أبو الفرج :

هذه القصيدة ذكر محمد بن علي بن حمزة أنها في علي بن موسى الرضا.

قال أبو الفرج :

وأنشدني علي بن سليمان الأخفش لدعبل بن علي الخزاعي يذكر الرضا والسم الذي

٦٠٣

__________________

سقيه ، ويرثي ابنا له ، وينعى على الخلفاء من بني العباس :

على الكره ما فارقت أحمد وانطوى

عليه بناء جندل ورزين

وأسكنته بيتا خسيسا متاعه

وإني على رغمي به لضنين

ولولا التأسي بالنبي وأهله

لأسبل من عيني عليه شئون

هو النفس إلا أن آل محمد

لهم دون نفسي في الفؤاد كمين

أضرّ بهم إرث النبي فأصبحوا

يساهم فيه ميتة ومنون

دعتهم ذئاب من مية وانتحت

عليهم دراكا ازمة وسنون

وعاثت بنو العباس في الدين عيثة

تحكم فيه ظالم وظنين

وسموا رشيدا ليس فيهم لرشده

وها ذاك مأمون وذاك أمين

فما قبلت بالرشد منهم رعاية

ولا لولي بالأمانة دين

رشيدهم غاو وطفلاه بعده

لهذا رزايا دون ذاك مجون

ألا أيها القبر الغريب محله

بطوس عليه الساريات هتون

شككت فما أدري أمسقى بشربة

فأبكيك أم ريب الردى فيهون؟

وأيهما ما قلت إن قلت شربة

وإن قلت موت إنه لقمين

أيا عجبا منهم يسمونك الرضا

ويلقاك منهم كلحة وغضون

أتعجب للاجلاف أن يتخيفوا

معالم دين الله وهو مبين

لقد سبقت فيهم بفضلك آية

لديّ ولكن ما هناك يقين

هذا آخر خبر علي بن موسى الرضا.

أخبرنا أبو الفرج قال : حدثنا الحسن بن علي الخفاف ، قال : حدثنا أبو الصلت الهروي ، قال :

دخل المأمون إلى الرضا يعوده فوجده يجود بنفسه فبكى وقال : اعزز علي يا أخي بأن أعيش ليومك ، وقد كان في بقائك أمل ، واغلظ عليّ من ذلك وأشد أن الناس يقولون : إني سقيتك سما ، وأنا إلى الله من ذلك بريء.

إلى أن قال :

٦٠٤

كنيته عليه‌السلام ولقبه

ونقش خاتمه

ذكرها جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم الشيخ الفاضل أبو الفوز محمد بن أمين البغدادي المشتهر بالسويدي في «سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب» (ص ٣٣٤ ط دار الكتب العلمية ، بيروت) قال:

وكنيته أبو الحسن ، ولقبه الراضي والصابر والزاكي. وكان نقش خاتمه : لا حول ولا قوة إلا بالله.

ومنهم الفاضل المعاصر الشريف علي بن الدكتور محمد عبد الله فكري الحسيني القاهري المولود بها سنة ١٢٩٦ والمتوفى بها أيضا ١٣٧٢ في «أحسن القصص» (ج ٤ ص ٢٨٩ ط دار الكتب العلمية في بيروت) قال :

كنيته : أبو الحسن.

ألقابه : الرضا والصابر والزكي والولي ، وأشهرها الرضا.

ونقش خاتمه : (حسبي الله).

__________________

ثم خرج المأمون من عنده ، ومات الرضا ، فحضره المأمون قبل أن يحفر قبره وأمر أن يحفر إلى جانب أبيه ، ثم أقبل علينا فقال : حدثني صاحب هذا النعش أنه يحفر له قبر فيظهر فيه ماء وسمك ، احفروا. فحفروا ، فلما انتهوا إلى اللحد نبع ماء وظهر فيه سمك ، ثم غاض الماء ، فدفن فيه الرضا عليه‌السلام.

٦٠٥

تزويج المأمون ابنته منه

عليه‌السلام

ذكره جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم الشريف علي فكري الحسيني القاهري في «أحسن القصص» (ج ٤ ص ٢٩٣ ط بيروت) قال :

وقد زوجه المأمون ابنته (أم حبيب) في أول اثنتين ومائتين والمأمون متوجه إلى العراق وقد ضربت الدنانير باسمه.

٦٠٦

وروده عليه‌السلام بنيسابور

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم العلامة الحافظ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (ج ٩ ص ٣٩٠ ط مؤسسة الرسالة ، بيروت) قال :

قال الحاكم : ورد الرضا نيسابور سنة مائتين ، بعث إليه المأمون رجاء بن أبي الضحاك لإشخاصه من المدينة إلى البصرة ، ثم منها إلى الأهواز ، فسار منها إلى فارس ، ثم على طريق بست إلى نيسابور ، وأمره أن لا يسلك به طريق الجبال ، ثم سار به إلى مرو.

حديث سلسلة الذهب

حدثه عليه‌السلام أهل نيشابور

قد تقدم نقله عن أعلام العامة في ج ١٢ ص ٣٨٧ وج ١٩ ص ٥٧٩ ، ونستدرك هاهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق :

فمنهم العلامة الشيخ عبد الغني بن إسماعيل النابلسي المتوفى سنة ١١٤٣ في «أسرار الشريعة أو الفتح الرباني والفيض الرحمانى» (ص ٢٢٣ ط دار الكتب العلمية في بيروت سنة ١٤٠٥) قال :

٦٠٧

ورد أن عليا الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين رضي‌الله‌عنهم ، لما دخل نيسابور كان في قبة مستورة على بغلة شهباء وقد شق بها السوق ، فعرض له الإمامان الحافظان أبو زرعة وابن مسلم الطوسي ، ومعهما من أهل العلم والحديث من لا يحصى ، فقالا : أيها السيد الجليل ابن السادة الأئمة ، بحق آبائك الأطهرين وأسلافك الأكرمين ، إلا ما أريتنا وجهك الميمون ، ورويت لنا حديثا عن آبائك عن جدك نذكرك به.

فاستوقف غلمانه وأمر بكشف المظلة ، وأقر عيون الخلائق برؤية طلعته. فكانت له ذؤابتان متدليتان على عاتقه ، والناس قيام على طبقاتهم ينظرون ، ما بين باك وصارخ ، ومتمرغ في التراب ، ومقبل لحافر بغلته ، وعلا الضجيج ، فصاحت الأئمة الأعلام : معاشر الناس أنصتوا واسمعوا ما ينفعكم ، ولا تؤذونا بصراخكم. وكان المستملي أبو زرعة الطوسي.

فقال الرضى : حدثنا أبي موسى الكاظم ، عن أبيه جعفر الصادق ، عن أبيه محمد الباقر ، عن أبيه علي زين العابدين ، عن أبيه شهيد كربلاء ، عن أبيه علي المرتضى ، قال : حدثني حبيبي وقرة عيني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : حدثني جبريل ، قال : حدثني رب العزة سبحانه يقول كلمته : لا إله إلا الله حصني ، فمن قالها دخل حصني ، ومن دخل حصني أمن من عذابي.

ثم أرخى الستر على القبة وسار ، فعد أهل المحابر والدوى الذين كانوا يكتبون ، فنافوا على عشرين ألفا.

ومنهم العلامة أبو القاسم علي بن الحسن الشهير بابن عساكر الشافعي في «تاريخ مدينة دمشق» (ج ١٤ ص ٢٥٣ ط دار البشير بدمشق) قال :

أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني ، نا أبو محمد الكناني ، أنا أبو المعالي فضل بن محمد الهروي الفقيه ، نا أبو الحسن محمد بن يحيى ، نا أبو الفضل ، نا محمد بن علي بن

٦٠٨

موسى ، نا أبو علي أحمد بن علي الخزرجي ، نا أبو الصلت الهروي قال : كنت مع علي ابن موسى الرضا ، فدخل نيسابور وهو راكب بغلة شهباء أو أشهب ـ قال أبو الصلت : الشك مني ـ وقد عدوا في طلبه ، فتعلقوا بلجامه وفيهم ياسين بن النضر ، قالوا : يا ابن رسول الله بحق آبائك الطاهرين حدثنا بحديث سمعته من أبيك ، فأخرج رأسه من العمارية قال : حدثني أبي الرجل الصالح موسى بن جعفر ـ فذكر مثل ما تقدم عن النابلسي ، إلا أنه ليس فيه : ثم أرخى الستر ـ إلخ.

وقال أيضا :

أخبرنا أعلى من هذا بدرجتين أبو سعد إسماعيل بن أبي صالح ، أنا أبو القاسم أميرك ابن أبي أحمد محمد بن أحمد بن علي بن أحمد البزار الكتبي ، أنا الأستاد الإمام أبو القاسم الحسن بن حبيب عسر ، نا أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد العباس بن حمزة ، نا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي بالبصرة ، حدثني أبي ، نا علي بن موسى الرضى ، حدثني أبي موسى بن جعفر ـ فذكر مثل ما تقدم بعينه.

ومنهم العلامة المؤرخ محمد بن مكرم المشتهر بابن منظور المتوفى سنة ٧١١ في «مختصر تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر» (ج ٢٠ ص ٢٩٣ ط دار الفكر) قال في ترجمة الفضل بن محمد الهروي :

وحدث عن أبي الحسن محمد بن يحيى بسنده إلى أبي الصلت الهروي قال : كنت مع علي بن موسى الرضا ـ فذكر مثل ما تقدم.

ومنهم العلامة فضل الله بن روزبهان الخنجي الأصفهاني المتوفى سنة ٩٢٧ في «مهماننامه بخارى» (ص ٣٤٣ ط طهران) قال :

أخبرنا الشيخ الإمام الرحلة قدوة السادة والأشراف شرف آل عبد مناف القاضي

٦٠٩

الشريف محيي الدين عبد القادر الحسني الحنبلي المكي قاضي القضاة الحنبلية بالحرمين الشريفين وإمام الحنابلة في حرم مكة بحذاء حجر الأسود قدس الله روحه إجازة ، بإسناده إلى الشيخ الإمام ابن الصباغ المالكي رحمه‌الله فيما ذكره في كتابه المسمى بالفصول المهمة في معرفة الأيمة ، أنه قال بإسناده : لما دخل الإمام علي بن موسى الرضا سلام الله عليه بلدة نيسابور في العام الذي التمس فيه المأمون الخليفة العباسي حضوره في مرو الشاهجان ليوليّه ولاية عهد المسلمين ، استقبله جميع أهل البلدة من حكامها وأئمتها وعلمائها وكان فيهم إمام المسلمين في الحديث الإمام أحمد بن الحرب النيسابوري ومحمد بن أسلم الطوسي رحمهما‌الله تعالى وكان الإمام الرضا في محفته وهي كانت محفوفة بالأستار والخدور والناس كانوا ينتظرون رفع الستر لينظروا إلى وجه الإمام. فنادى الإمام أحمد بن الحرب ومحمد بن أسلم وقالا : أيها الإمام ننشدك بالله أن ترفع الستر وتحدثنا بشيء مما حدّثك به آباؤك الكرام. فرفع الإمام الستر وأخرج رأسه من المحفة وله ذؤابتان كالقمر ليلة البدر ، فأوقفوا دابته التي كانت تحمل المحفة ، ووقف عند المحفة ناس ينيف عددهم على عشرة آلاف من العلماء والأدباء ، وكان مقدم الجماعة الإمامين المذكورين.

فقال الإمام الرضا علي بن موسى صلوات الله وسلامه عليه : حدثني أبي الكاظم موسى ، قال : حدثني أبي الصادق جعفر ، قال : حدثني أبي الباقر محمد ، قال : حدثني أبي زين العباد علي ، قال : حدثني أبي الشهيد الحسين ، قال : حدثني أبي المرتضى علي ، قال : حدثني حبيبي سيد المرسلين محمد المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال : حدثني أخي سيد الملائكة جبريل ، قال : قال الله تبارك وتعالى عن اسمه وعظمت كبرياؤه : كلمة لا إله إلا الله حصني ، فمن قالها دخل حصني ، ومن دخل حصني أمن من عذابي ـ الحديث بتمامه.

٦١٠

فلما حدث الإمام هذا الحديث بإسناده كتبه في ذلك المحضر عشرة آلاف أنفس من الحضار ، وهذا أول الأحاديث المذكورة في صحيفة الرضا. والله هو الموفق والمستعان.

ثم ذكر ترجمة الحديث المذكور بالفارسية أعرضنا عن ذكرها.

٦١١

الرسالة الذهبية في الطب

بعثها إلى المأمون

رواها جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم الفاضل المعاصر الدكتور حسني ناعسة ، مدرس الأدب العباسي في كلية الآداب بجامعة اللاذقية في كتابه «الكتابة الفنية في مشرق الدولة الإسلامية في القرن الثالث الهجري» (ص ٢٥٤ ط بيروت) قال :

فعلي بن موسى الرضا يبعث إلى المأمون بالرسالة الذهبية في الطب وحفظ صحة المزاج وتدبيره بالأغذية والأشربة والأدوية ، يقول في مطلعها : اعلم يا أمير المؤمنين أن الله تعالى لم يبتل العبد المؤمن ببلاء حتى جعل له دواء يعالج به ، ولكل صنف من الداء صنف من الدواء ، وتدبير ونعت. ويذكر له أن الأجسام الإنسانية جعلت على مثال الملك ، فملك الجسد هو ما في القلب ، وهو مثل الملوك له ثواب وعقاب ، فأما ثوابه فالفرح وأما عذابه فالحزن.

وإن هذا الجسد بمنزلة الأرض الطيبة ، متى تعوهدت بالعمارة والسقي دون ما إقلال ولا إسراف دامت عمارتها وكثر ريعها وزكا زرعها ، وإن تغوفل عنها فسدت ولم ينبت فيها العشب. وكذلك الجسد يصلح بالتدبير في الأغذية وتزكو عافيته ، وينصح أمير المؤمنين بما يوافقه ويوافق معدته وتستمرئه نفسه وجسده ، وأن يجعل طعامه

٦١٢

بقدر كفايته ، فيرفع يده عنه وله إليه ميل ، فذلك أصح لمعدته وبدنه ، وأزكى لعقله وأخف على جسمه.

وعلى هذا النحو يوالي نصائحه بأن يشرع حين يأكل بأخف الأغذية ويحدد له العدد الأمثل للواجبات ، وأوقاتها ، ويعرض لفوائد النوم وطريقته الفضلى والعناية بالأسنان واستعمال الحجامة واعتدال الجماع.

وأشار إليها الفاضل المعاصر باقر أمين الورد المحامي في «معجم العلماء العرب» (ج ١ ص ١٥٣) يأتي عند ذكر كلمات القوم إن شاء الله تعالى.

٦١٣

نبذة من كلماته الشريفة

قد تقدم نقل ما يدل على ذلك عن أعلام العامة في ج ١٢ ص ٣٩٥ إلى ٣٩٩ وج ١٩ ص ٥٨١ إلى ص ٥٨٤ ، ونستدرك هاهنا عن كتبهم التي لم نرو عنها فيما مضى :

فمنهم علامة الأدب الشيخ صلاح الدين خليل بن ايبك الصفدي الشافعي المتوفى سنة ٧٦٤ في «الغيث المسجّم» (ج ٢ ص ٧١) قال :

قال العباس بن المأمون : سمعت أمير المؤمنين المأمون يقول : قال علي بن موسى الرضا : ثلاثة موكل بها ثلاثة : تحامل الأيام على ذوي الأدوات الكاملة ، واستيلاء الحرمان على المتقدم في صنعته ، ومعاداة العوام لأهل المعرفة.

ومن كلامه عليه‌السلام

ما رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم العلامة أبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني الشافعي المتوفى سنة ٣٦٥ في «الكامل في الرجال» (ج ١ ص ٢٠١ ط دار الفكر ، بيروت) قال :

أحمد بن العباس بن منيح بن إبراهيم بن محمد بن عنترة بن سهل بن عبد الرحمن ابن عوف من أهل صنعاء هكذا نسبه لي محمد بن محمد الجهني. ثنا عنه بأحاديث

٦١٤

عن محمد بن يوسف الفريابي ، وعن علي بن موسى الرضا بأحاديث فيها حديث «الإيمان معرفة بالقلب».

حديث آخر ألقاه لأهل نيسابور

قد تقدم نقل مثله عن أعلام العامة في ج ١٢ ص ٣٩٢ ، ونستدرك هاهنا عمن لم نرو عنه فيما مضى :

فمنهم العلامة محمد بن يوسف بن عيسى بن أطيفش الحفصي العدوي القرشي الجزائري الاباضي المذهب المولود سنة ١٢٣٦ والمتوفى سنة ١٣٣٢ في «جامع الشمل في حديث خاتم الرسل» (ج ١ ص ٣٠ ط دار الكتب العلمية) قال :

روى أنه دخل علي بن موسى بنيسابور ، فتعلق العلماء بلجام بغلته ، وقالوا : بحق آبائك الطاهرين حدثنا حديثا سمعته عن آبائك ، قال : حدثني أبي موسى ، قال : حدثني أبي جعفر ، قال : حدثني أبي الباقر ، قال : حدثني أبي زين العابدين ، قال : حدثني أبي الحسين ، قال : حدثني أبي علي بن أبي طالب ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : الإيمان معرفة بالقلب ، وإقرار باللسان ، وعمل بالأركان.

قال أحمد بن حنبل : لو قرأت هذا الإسناد على مجنون لبرئ. قيل : إنه قرئ على مصروع فأفاق.

ومنهم العلامة أبو الفرج علي بن الحسين بن محمد الأصبهاني في «مقاتل الطالبيين» (ص ٣٦٢ ط دار إحياء علوم الدين ، بيروت) قال :

حدثني أحمد بن عبيد الله بن عمار ، قال : حدثني محمد بن عبد الله المدائني ، قال :حدثني أبي ، قال : حدثني بعض أصحابنا : ان الرشيد لما حج لقيه موسى بن جعفر على بغلة. فقال له الفضل بن الربيع : ما هذه الدابة التي تلقيت عليها أمير المؤمنين؟ فأنت إن

٦١٥

طلبت عليها لم تدرك ، وإن طلبت لم تفت.

قال : إنها تطأطأت عن خيلاء الخيل ، وارتفعت عن ذلة العير ، وخير الأمور أوسطها.

ومن كلماته عليه‌السلام

رواها جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم الحافظ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (ج ٩ ص ٣٩١ ط مؤسسة الرسالة ، بيروت) قال :

قال المبرد : عن أبي عثمان المازني قال : سئل علي بن موسى الرضا : أيكلف الله العباد ما لا يطيقون؟ قال : هو أعدل من ذلك ، قيل : فيستطيعون أن يفعلوا ما يريدون؟ قال : هم أعجز من ذلك.

ومنهم العلامة يعقوب بن علي المعروف بسيد علي زادة في «شرح شرعة الإسلام» (ص ٥٤٣ ط دار الكتب العلمية ، بيروت) قال :

قال خلف بن حماد رحمه‌الله : رآني علي بن موسى الرضا وأنا أشتكي عيني ، فقال : ألا أدلك على شيء إذا فعلته لم تشتك عينك؟ فقلت : بلى. قال : خذ من شاربك كل خميس. قال : ففعلت ولم تتجع عيني ـ ذكره في «أنس الوحيد».

ومنهم العلامة عبد الكريم بن محمد الرافعي القزويني في «التدوين» (ج ١ ص ٤٣٨ ط بيروت) قال :

أنبأ عن القاضي عبد الملك ، سمعت الشيخ الجد ، سمعت المعافى بن زكريا ، يقول : ثنا الحسين بن القاسم الكوكبي ، ثنا جرير بن أحمد بن أبي داود ، سمعت العباس بن مأمون ، سمعت أمير المؤمنين يقول : قال لي علي بن موسى : ثلاثة موكل بها ثلاثة :

٦١٦

تجاهل الأيام على ذوي الآداب الكاملة ، واستيلاء الحرمان على المتقدم في صنعته ، ومعاداة العوام لأهل المعرفة.

ومنهم الحافظ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (ج ٩ ص ٣٨٨ ط مؤسسة الرسالة ، بيروت) قال :

وعن علي بن موسى الرضا ، عن أبيه قال : إذا أقبلت الدنيا على إنسان ، أعطته محاسن غيره ، وإذا أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه.

وقال أيضا في ص ٣٨٩ :

قال أحمد بن خالد الذهلي الأمير : صليت خلف علي الرضا بنيسابور ، فجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في كل سورة.

وقال أيضا في ص ٣٨٩ :

ويروى عن علي الرضا عن آبائه : كل شيء بقدر حتى العجز والكيس.

وقال أيضا :

وعن أبي الصلت قال : سمعت علي بن موسى بالموقف يدعو : اللهم كما سترت علي ما أعلم فاغفر لي ما تعلم ، وكما وسعني علمك فليسعني عفوك ، وكما أكرمتني بمعرفتك فاشفعها بمغفرتك يا ذا الجلال والإكرام.

ومن كلامه عليه‌السلام في الإمامة

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم الفاضل المعاصر المستشار عبد الحليم الجندي في «الإمام جعفر الصادق»

٦١٧

(ص ١٧٤ ط المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، القاهرة) قال في تعاليق الكتاب :

يقول الإمام الرضا : الإمامة منزلة الأنبياء ووراثة الأوصياء ، الإمامة خلافة الله وخلافة الرسول ، والإمامة زمام الدين ونظام المسلمين وصلاح الدنيا وعز المؤمنين.

كلامه عليه‌السلام لمأمون في جده العباس

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم العلامة الحافظ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (ج ٩ ص ٣٩١ ط مؤسسة الرسالة ، بيروت) قال :

قيل : قال المأمون للرضا : ما يقول بنو أبيك في جدنا العباس؟ قال : ما يقولون في رجل فرض الله طاعة نبيه على خلقه ، وفرض طاعته على نبيه. وهذا يوهم في البديهة أن الضمير في طاعته للعباس ، وإنما هو لله. فأمر له المأمون بألف ألف درهم.

ومن كلامه عليه‌السلام في الشيعة

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم العلامة الشريف السيد محمد بن عبد الرسول البرزنجي الحسيني الموسوي الشافعي الشهرزوري المدني المتوفى سنة ١١٠٣ في كتابه «الإشاعة لأشراط الساعة» (ص ٤٢ ط دار الكتب العلمية في بيروت) قال :

وعن موسى بن علي بن الحسين بن علي عليهم‌السلام وكان فاضلا عن أبيه عن جده قال : إنما شيعتنا من أطاع الله تعالى وعمل مثل أعمالنا.

٦١٨

ومن كلامه عليه‌السلام

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم الفاضل المعاصر الشريف علي بن الدكتور محمد عبد الله فكري الحسيني القاهري المولود بها سنة ١٢٩٦ والمتوفى بها أيضا ١٣٧٢ في «أحسن القصص» (ج ٤ ص ٢٨٤ ط دار الكتب العلمية في بيروت) قال :

قال إبراهيم بن العباس : سمعت الرضا يقول وقد سأله رجل : يكلف الله العباد ما لا يطيقون؟ فقال : هو أعدل من ذلك. قال : فيقدرون على كل ما يريدون؟ قال : هم أعجز من ذلك.

وعن ياسر الخادم قال : سمعت علي الرضا بن موسى يقول : أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلاثة مواضع : يوم يولد إلى الدنيا ويخرج المولود من بطن أمه فيرى الدنيا ، ويوم يموت فيرى الآخرة وأهلها ، ويوم يبعث فيرى أحكاما لم يرها في دار الدنيا ، وقد سلم الله تعالى على يحيى في هذه الثلاثة المواطن وأمن روعته ، فقال :

(وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا).

وقد سلم عيسى بن مريم على نفسه في هذه الثلاثة المواطن فقال :

(وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا).

ومن كلامه عليه‌السلام

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم العلامة الحافظ جمال الدين أبو الحجاج يوسف المزي في «تهذيب الكمال في أسماء الرجال» (ج ٢١ ص ١٥١ ط مؤسسة الرسالة ، بيروت) قال :

وقال محمد بن يزيد المبرد ، عن أبي عثمان المازني : سئل علي بن موسى الرضا :

٦١٩

يكلف الله العباد ما لا يطيقون؟ قال : هو أعدل من ذلك. قال : يستطيعون أن يفعلوا ما يريدون؟ قال : هم أعجز من ذلك.

وقال أبو بكر بن يحيى الصولي : حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عباد ، قال : حدثني عثمان ، قال : سمعت علي بن موسى الرضا رحمه‌الله يوما ينشد شعرا :

كلنا يأمل مدا في الأجل

والمنايا هنّ آفات الأمل

لا تغرّنك أباطيل المنى

والزم القصد ودع عنك العلل

إنما الدنيا كظل زائل

حل فيه راكب ثم رحل

ومن كلامه عليه‌السلام

في من اسمه محمد

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم العلامة أمين الدولة أبو الغنائم مسلم بن محمود الشيرازي المتوفى سنة ٦٢٢ في «جمهرة الإسلام ذات النثر والنظام» (ص ١٩ ط معهد تاريخ العلوم في فرانكفورت بالتصوير عن مخطوطة مكتبة جامعة ليدن في هولندا سنة ١٤٠٧) قال :

وبه قال : أنبأ أبو يعقوب يوسف بن عامر الطائي ، نبأ أبي ، أنبأ علي بن موسى الرضا ، عن أبيه ، عن جده جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده ، عن الحسين بن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إذا سميتم الولد محمدا فأكرموه ، ووسعوا له في المجالس ، ولا تقبّحوا له وجها.

ومن كلامه عليه‌السلام

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم :

فمنهم المحقق المعاصر محمد عبد القادر عطا في «تعليقاته على كتاب الغماز على

٦٢٠