الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي
المحقق: مركز الغدير للدّراسات الإسلاميّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
المطبعة: فروردين
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٨
والإصطخري قد تولّى الحسبة بأمر المقتدر بالله سنة (٣٢٠) كما في شذرات الذهب (١) (٢ / ٣١٢) وغيره.
٣ ـ شعره الموجود في ديوانه في هجاء أبي عبد الله هارون بن علي بن أبي منصور المنجِّم المتوفّى (٢٨٨) ، وقال في ديوانه : قاله وهو حدَث السنّ.
٤ ـ قصيدته الموجودة في ديوانه في أبي الفضل عبّاس بن الحسين وزير المكتفي بالله المقتول سنة (٢٩٦).
وقد ذكر كثيراً في شعره المنظوم في أواسط القرن الرابع شيخوخته ، منه أبيات يمدح بها أبا منصور بختيار ابن معزّ الدولة المقتول (٣٦٧) منها :
قلتُ اقبلي رأيي |
|
ورأي الشيخِ محمود موافق |
وله في الوزير أبي طاهر بن بقية المتوفّى (٣٦٦) يطلب منه تنجّز جرايته ورزقاً لابنه في ديوان ـ بادويا ـ أبياتٌ منها قوله :
طلبتُ ما يطلبُهُ |
|
مثلي الشيوخُ الفَسَقَه |
وأنت لا تجد قطُّ شاعراً يذكر شيخوخته وهرمه في شعره كابن الحجّاج ، كقوله في أبي محمد يحيى بن فهد :
أيّها الشاعرُ الجديدُ الذي |
|
يعبثُ بالشاعر النفيسِ الخليعِ |
أنت مثلُ الثوبِ الجديدِ |
|
وشعري مثلُ قبّ الغلالةِ المرقوعِ (٢) |
أنا شيخٌ طبيعتي تنثر البَعْر |
|
على كلِّ شاعر مطبوعِ |
وقوله فيما كتبه إلى أبي محمد بن فهد المذكور ، وقد ولد للمترجَم مولود :
__________________
(١) شذرات الذهب : ٤ / ١٤٧ حوادث سنة ٣٢٨ ه.
(٢) القبّ : ما يدخل في جيب القميص من الرقاع. الغلالة : شعار يلبس تحت الثوب. (المؤلف)
قولوا ليحيى بن فهد يا من |
|
جُعِلتُ ممّا يخشى فداهُ |
أليس قد جاءني غلامٌ |
|
يجلبُ بالحسن من رآهُ |
كالشمسِ والشمسُ في ضحاها |
|
والبدرِ والبدرُ في دجاهُ |
يفتنني ريُّه ويحنو |
|
في المهدِ قلبي على خُصاهُ |
كأنّني مع وفورِ نسلي |
|
لم أرَ من قبلِهِ سواهُ |
ومن قصيدة ذات (١٢٩) بيتاً في الوزير أبي نصر التي أوّلها :
يا عاذلي كيف أصنعْ |
|
وليس في الصبر مطمعْ |
قوله :
خذها إليك عروساً |
|
لها من الحسن برقعْ |
ألأذن لا العينُ منها |
|
بحسنها تتمتّعْ |
خطيبُها فيكَ شيخٌ |
|
مهملَجُ الفكرِ مصقعْ |
ويمدح عضد الدولة فنا خسرو المتوفّى (٣٧٢) بقصيدة ذات (٤١) بيتاً ، ويذكر فيها شيبه وهرمه ، والباحث جِدُّ عليم بأنّه من المعمّرين وليد القرن الثالث مهما وقف على قوله في إحدى مقطوعاته :
وقائلة تعيش |
|
مظلوماً بسيفِ (١) |
فقلتُ لها أباكي ذاك حزني |
|
على مائة فُجِعتُ بها ونيفِ |
فبعد ذلك كلّه لا يبقى وزنٌ في تضعيف ابن كثير في تاريخه (١١ / ٣٢٩) قول ابن خلّكان بأنّه عُزِل عن حسبة بغداد بأبي سعيد الإصطخري المتوفّى (٣٢٨) ، كما لا يبعد عندئذٍ ما في المعالم من تلمّذه على ابن الرومي المتوفّى (٢٨٣) ؛ إذ تلمّذه عليه إنّما كان
__________________
(١) كذا وجدناه في ديوانه وفيه سقط. (المؤلف)
في الأدب في الآليات ، ومن الممكن أن يكون ذلك قبل أن يبلغ الحلم أيضاً ، كتلمّذ الشريف الرضيّ على أستاذه السيرافي وله دون العشر من عمره كما يأتي في ترجمته.
مصادر ترجمة ابن الحجّاج (١)
يتيمة الدهر (٣ / ٢٥) |
تاريخ الخطيب (٨ / ١٤) |
معجم الأدباء (٤ / ٦) |
تاريخ ابن خلّكان (١ / ١٧٠) |
معالم العلماء (ص ١٣٦) |
الكامل لابن الأثير (٩ / ٦٣) |
المنتظم لابن الجوزي (٧ / ٢١٦) |
تاريخ ابن كثير (١ / ٣٢٩) |
تاريخ أبي الفداء (٣ / ٢٤٢) |
مرآة الجنان (٢ / ٤٤٤) |
معاهد التنصيص (٢ / ٦٢) |
مجالس المؤمنين (ص ٤٥٩) |
شذرات الذهب (٣ / ١٣٦) |
إيضاح المقاصد للبهائي ، مخطوط |
كشف الظنون (١ / ٤٩٨) |
رياض العلماء للميرزا عبد الله ، مخطوط |
أمل الآمل للشيخ الحُرّ |
رياض الجنّة للسيّد الزنوزي ، مخطوط |
روضات الجنّات (ص ٢٣٩) |
نسمة السحر فيمن تشيّع وشعر ، مخطوط |
سفينة البحار (١ / ٢٢٥) |
تتميم الأمل لابن أبي شبانة ، مخطوط |
الشيعة وفنون الإسلام (ص ١٠٦) |
تنقيح المقال (١ / ٣١٨) |
دائرة المعارف الإسلاميّة (١ / ١٣٠) |
أعلام الزركلي (١ / ٢٤٥) |
دائرة المعارف للبستاني (١ / ٤٣٩) |
دائرة المعارف لفريد وجدي (٦ / ١٢) |
__________________
(١) يتيمة الدهر : ٣ / ٣٥ ، معجم الأدباء : ٩ / ٢٠٦ ، وفيات الأعيان : ٢ / ١٦٨ رقم ١٩٢ ، معالم العلماء : ص ١٤٩ ، الكامل في التاريخ : ٥ / ٥٤٩ حوادث سنة ٣٩١ ه ، المنتظم : ١٥ / ٢٨ رقم ٢٩٧١ ، البداية والنهاية : ١١ / ٣٧٨ حوادث سنة ٣٩١ ه ، معاهد التنصيص : ٣ / ١٨٨ رقم ١٥٩ ، مجالس المؤمنين : ٢ / ٥٤٤ ، شذرات الذهب : ٤ / ٤٨٧ حوادث سنة ٣٩١ ه ، كشف الظنون : ١ / ٧٦٥ ، رياض العلماء : ٢ / ١١ ، أمل الآمل : ٢ / ٨٨ رقم ٢٣٦ ، روضات الجنّات : ٣ / ١٥٨ رقم ٢٦٦ ، نسمة السحر : مج ٧ / ج ١ / ٢٠٥ ، سفينة البحار : ٢ / ٩١ ـ ٩٢ ، الشيعة وفنون الإسلام : ص ١٣٩ ، الأعلام : ٢ / ٢٣١.
ـ ٢٨ ـ
أبو العبّاس الضبّي
المتوفّى (٣٩٨)
لعليٍّ الطهرِ الشهيرِ |
|
مجدٌ أناف على ثَبيرِ |
صنوُ النبيِّ محمدٍ |
|
ووصيُّهِ يومَ الغديرِ |
وحليلُ فاطمةٍ ووا |
|
لدُ شبّرٍ وأبو شبيرِ (١) |
ما يتبع الشعر
ثَبير : ـ بفتح المثلّثة ثمّ الموحّدة المكسورة ـ من أعظم جبال مكّة بينها وبين عرفة ، سُمّي باسم رجل من هُذيل مات في ذلك الجبل. أخرج أبو نعيم في ما نزل من القرآن في أمير المؤمنين (٢) ، والنطنزي في الخصائص العلويّة عن شعبة بن الحكم ، عن ابن عبّاس قال : أخذ النبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ونحن بمكّة بيدي وبيد عليّ فصعد بنا إلى ثبير ، ثمّ صلّى بنا أربع ركعات ، ثمّ رفع رأسه إلى السماء فقال :
«اللهمّ إنّ موسى بن عمران سألك وأنا محمد نبيّك أسألك أن تشرح لي صدري ، وتيسِّر لي أمري ، وتحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي ، واجعل لي وزيراً
__________________
(١) مناقب ابن شهرآشوب : ١ / ٥٥٠ طبع إيران [٣ / ٧١ طبع بيروت]. (المؤلف)
(٢) ما نزل من القرآن في عليّ : ص ١٣٨ ح ٣٧.
من أهلي عليّ بن أبي طالب أخي ، اشدد به أزري وأشركه في أمري».
قال ابن عبّاس : فسمعت منادياً ينادي : يا أحمد قد أُوتيتَ ما سألت.
الشاعر
الكافي الأوحد أبو العبّاس أحمد بن إبراهيم الضبّي ـ نسبة إلى ضبّة ـ الوزير الملقّب بالرئيس ، أحد من ملك أزمّة السياسة والأدب بعد الصاحب بن عبّاد ، وكان من ندمانه واختصَّ بالزلفة منه والتأدّب بآدابه ، والحظوة بقرباه ، حتى عاد منار الفضل والأدب ومفزع روّادهما ، وممّن يُشار إليه ويُنصُّ عليه ، لم يفتأ كذلك حتى قضى الصاحب نحبه سنة (٣٨٥) ، فخلفه على الوزارة لمّا استوزره فخر الدولة البويهي ، وضمَّ إليه أبا عليّ الملقّب بالجليل ، وفي ذلك قال بعض ولد المنجِّم.
والله والله لا أفلحتمُ أبداً |
|
بعد الوزير ابن عبّاد بن عبّاس |
إن جاء منكم جليلٌ فاقطعوا أجلي |
|
أو جاء منكم رئيسٌ فاقطعوا راسي |
فالمترجَم كانت تحطُّ بفنائه الرحال ، وتنال منه الآمال ، وتفد إليه القوافي من كلّ حدب ، ويسير شعره مع الركبان ، وكان نعم الخليفة لسلفه الصاحب ، والموئل الفذّ لما كانت له من مراتب ، وله في جامع أصبهان خانكات مرتفعة ، وخانات عامرة متّسعة ، قد وُقِفَت لأبناء السبيل ، وبحذائه دار الكتب وحجرها وخزانتها وقد بناهنَّ ونضد فيها من الكتب عيوناً ، وخلّدها من العلوم فنوناً ، يشتمل فهرستها على ثلاث مجلّدات كبيرة كما في محاسن أصبهان (ص ٨٥) ، وكتب التراجم (٣) تطفح بالثناء عليه ، ولشعراء عصره قصائد رنّانة في مدحه ، ومنهم :
__________________
(٣) راجع : يتيمة الدهر : ٣ / ٢٦٠ [٣ / ٣٣٩] ، معجم الأدباء : ١ / ٦٥ [٢ / ١٠٥] ، كامل ابن الأثير : ٩ / ٧٣ [٥ / ٥٧٧ حوادث سنة ٣٩٨ ه] ، معالم العلماء لابن شهرآشوب [ص ١٤٨] ، ديوان مهيار : ٤ / ٢٩ ، أعيان الشيعة : ٨ / ٧٧ [٢ / ٤٦٩] ، دائرة المعارف للبستاني : ١١ / ١٢٠. (المؤلف)
١ ـ أبو عبد الله محمد بن حامد الخوارزمي ، له قصيدة في إطرائه ، منها :
زمانٌ جديدٌ وعيدٌ سعيدُ |
|
ووقتٌ حميدٌ فما ذا تريدُ |
وأحسنُ من ذاك وجهُ الرئي |
|
ـسِ وقد طلعتْ من سناهُ السعودُ |
وكم حلّةٍ خطّها قد غدتْ |
|
على بُردِ آلِ يزيدٍ تزيدُ |
٢ ـ أبو الحسن عليُّ بن أحمد الجوهريّ الجرجاني ـ السابق ذكره ، له قصائد في المترجَم له ، منها قصيدةٌ في ميلاده وتحويل سنِّه ، ذكرها الثعالبي في اليتيمة (١) (٤ / ٣٨) ، منها :
يومٌ تبرّجتِ العُلى |
|
فيه ومزّقتِ الحُجُبْ |
يومٌ أتاه المشتري |
|
بشهابِ سعدٍ ملتهبْ |
بسلالةِ المجدِ الفصيحِ |
|
وصفوةِ المجدِ الزرِبْ |
ملكٌ إذا ادّرع العلى |
|
فالدهر مسلوبُ السلَبْ |
وإذا تنمّر في الخطو |
|
ب فيا لنارٍ في حطبْ |
وإذا تبسّم للندى |
|
مطرتْ سحائبُهُ الذهبْ |
ياغُرّةَ الحسبِ الكري |
|
ـمِ وأين مثلُكَ في الحسبْ |
هذا صباحٌ حُلّيت |
|
بسعودهِ عَطَلُ الحقبْ |
ميلادُكَ الميمونُ في |
|
ـه وهو ميلادُ الأدبْ |
عرِّج عليه بمجلسٍ |
|
ريّانَ من ماءِ العنبْ |
واضرب عليه سُرادقاً |
|
للأُنس ممتدُّ الطنبْ |
٣ ـ مهيار الديلمي ـ أحد شعراء الغدير الآتي ذكره ـ مدح المترجَم بقصائد منها ميميّة (٦٥) بيتاً ، توجد في ديوانه (٣ / ٣٤٤) ، أوّلها :
__________________
(١) يتيمة الدهر : ٤ / ٤٤.
أجيرانَنا بالغورِ والركبُ متهمُ |
|
أيعلمُ خالٍ كيف باتَ المتيّمُ |
رحلتمْ وعمرُ الليلِ فينا وفيكمُ |
|
سواءٌ ولكن ساهرون ونوّمُ |
ومنها بائيّة (٤٥) بيتاً في ديوانه (١ / ١٥) ، مطلعها :
شفى الله نفساً لا تذلُّ لمطلبِ |
|
وصبراً متى يسمعْ به الدهرُ يُعجَبِ |
وداليّة (٦١) بيتاً في ديوانه (١ / ٢٣٠) ، أوّلها :
إذا صاح وفدُ السحبِ بالريحِ أو حدا |
|
وراح بها ملأى ثقالاً أو اغتدى |
وبائيّة (٣٧) بيتاً في ديوانه (١ / ١٢) ، مستهلّها :
دواعي الهوى لك أن لا تجيبا |
|
هجرْنا تُقىً ما وصلْنا ذنوبا |
وعينيّة (٤٠) بيتاً في ديوانه (٢ / ١٧٩) ، مطلعها :
على أيِّ لائمةٍ أربعُ |
|
وفي أيِّما سلوةٍ أطمعُ |
وقد أخذَ العهدَ يومَ الرحيلِ |
|
أماميَ والعهدُ مستودعُ |
ذولاميّة (٥٢) بيتاً في ديوانه (٣ / ١٨) مستهلّها :
اليوم أُنجِزَ ماطلُ الآمالِ |
|
فأتتك طائعةً من الإقبالِ |
وقصيدة (٦٩) بيتاً توجد في ديوانه (٤ / ٣٠) نظمها سنة (٣٩٢) ، أوّلها :
قالوا عساك مرجِّمٌ فتبيّنِ |
|
هيهاتَ ليس بناظري إن غرّني |
هي تلك دارُهمُ وذلك ماؤهمْ |
|
فاحبسْ وردْ وشرقتَ إن لم تسقِني |
ولقد أكادُ أضلُّ لولا عنبرٌ |
|
في التربِ من أرَجِ الحبائبِ دلَّني |
فَتَقوا به أنفاسَهنّ لطائماً (١) |
|
وظعنَّ وهي مع الثرى لم تظعنِ |
__________________
(١) لطائم جمع لطيمة : وهي نافجة المسك. (المؤلف)
يا منزلاً لعبتْ به أيدي الصَّبا |
|
لعبَ الشكوك وقد بدتْ بتيقّني |
إمّا تناشدني العهودَ فإنّها |
|
حُفِظتْ فكانت بئسَ ذخرُ المقتني |
سكنتْكَ بعدَهمُ الوحوشُ تشبّهاً |
|
بهمُ وليتَكَ آنفاً لم تُسكَنِ |
لعيونهنَّ علامةٌ سحريّةٌ |
|
عندي فما بالُ الظباءِ تغشّني |
ويقول فيها :
حاشا طلابي أن أَعُمَّ به وقد |
|
خُصّ السماحُ بموضعٍ مُتعيّنِ |
يا حظُّ قم فاهتف بناحية الغنى |
|
في الريِّ وارحم كدّ من لم يفطنِ |
وأعن على إدراكها فبمثلِها |
|
فرّقتُ بين موفَّق ومحيَّنِ |
لمن الخليطُ مشرِّقٌ وضمانُهُ |
|
رزقٌ لنا في غيره لم يُؤذنِ |
اشتقتُ يا سُفنَ الفلاةِ فأبلغي |
|
وطربت يا حادي الركابِ فغنِّني |
وانهض فرحِّل يا غلامُ مذلِّلاً (١) |
|
تتوعّر البيداء منه بمُدمنِ |
يرضى بشمّ العُشب إمّا فاته |
|
والسيرُ يأكلُ منه أكلَ الممعنِ |
مرح الزمام يكاد يصعبُ ظهرُه |
|
فتصيحُ فاغرةُ الرحال به لِنِ |
الرزق والإنصاف قد فُقدا فلُذْ |
|
بالريّ واستخرجهما من معدنِ |
وإلى أبي العبّاس حافظِ ملكِها |
|
سَهُلَ الأشدُّ ولانَ خُبْثُ الأخشَنِ |
٤ ـ أبو الفيّاض سعد بن أحمد الطبري ، له قصيدة في مدح أبي العبّاس منها :
وإنّي وأقوافُ القريضِ أحوكُها |
|
لِأَشعرَ من حاكَ القريض وأقدرا |
كما تُضربُ الأمثالُ وهي كثيرةٌ |
|
بمستبضِعٍ تمراً إلى أهلِ خيبرا |
ولكنّني أمّلتُ عندك مطلباً |
|
أُنكّبه عمّن ورائي من الورى |
ألم ترَ أنّ ابنَ الأميرِ أجارني |
|
ولم يرضَ من إدرائِهِ لي سوى الذرى |
__________________
(١) المذلِّل : الجمل يذلِّل الطريق ويعبّدها. (المؤلف)
٥ ـ صاعد بن محمد الجرجاني ، كتب إلى المترجَم له بقوله :
ولو أنّني حسبَ اشتياقي ومنيتي |
|
منحتُكَ شيئاً لم يكن غيرَ مقلتي |
ولكنّني أُهدي على قدرِ طاقتي |
|
وأحملُ ديواناً بخطِّ ابن مقلةِ |
٦ ـ أبو القاسم عبد الواحد بن محمد بن عليّ بن الحريش الأصبهاني ، قال في المترجَم من قصيدةٍ كبيرةٍ :
بنفسي وأهلي شِعْب وادٍ تحلُّهُ |
|
ودهر مضى لم يُجدِ إلاّ أقلُّهُ |
وعطفة صدغٍ يهتدي فوق خدِّه |
|
ويضربُهُ روحُ الصبا فيضلُّهُ |
وطيب عناقي منه بدراً أضمُّه |
|
إليَّ وأهوى لثمه فأُجلُّهُ |
وقفنا معاً واللّوم يصفقُ رعدُهُ |
|
ومنّا سحابُ الدمعِ يسجمُ وبلُهُ |
ترقُّ على ديباجتيه دموعُهُ |
|
كما غازلَ الوردَ المضرّجَ طلُّهُ |
وينأى رقيبٌ عن مقامِ وداعنا |
|
وتبلغُهُ أنفاسُنا فتذلُّهُ |
يقلقلني عتبُ الحبيب وعذرُهُ |
|
ويقلقُني جدُّ الرقيب وهزلُهُ |
وكيف أقي قلبي مواقعَ رميِهِ |
|
ولست أرى من أين ينثالُ نبلُهُ |
يُولّي وبالأحداقِ تُفرَشُ أرضُهُ |
|
ويفدى وبالأفواه ترشف رجلُهُ (١) |
وبعد ردحٍ من تقلّده الوزارة كما وصفناه ، اتّهمته أمُّ مجد الدولة بأنّه سمَّ أخاه ، فطلبت منه مائتي ألف دينار لينفقها في مأتم أخيه فأبى عليها ذلك ، فهرب عنها سنة (٣٩٢) إلى بروجرد وهي من أعمال بدر بن حسنويه (٢) ، فبذل بعد ذلك مائتي ألف
__________________
(١) تتمّة يتيمة الدهر : ٥ / ١٣٥.
(٢) من أمراء الجبل ، لقّبه القادر بناصر الدولة وعقد له لواءً ، وكان يبرّ العلماء والزهّاد والأيتام ، وكان يتصدّق كلَّ جمعة بعشرة آلاف درهم ، ويصرف إلى الأساكفة والحذّائين بين همَدان وبغداد ليقيموا للمنقطعين من الحاجّ الأحذية ثلاثة آلاف دينار ، ويصرف إلى أكفان الموتى كلّ شهر عشرين ألف درهم ، واستحدث في أعماله ثلاثة آلاف مسجد وخان للغرباء ، وكان ينقل للحرمين
دينار ليعود إلى عمله فلم يقبل منه ، ولم يبرح بها حتى مات سنة (٣٩٨).
وقيل : إنّ أبا بكر بن رافع ـ أحد قوّاد فخر الدولة ـ واطأ أحد غلمانه فسقاه سمّا ، وأرسل ابنه تابوته إلى بغداد مع أحد حجّابه ، وكتب إلى أبي بكر الخوارزمي يعرّفه أنّه وصّى بدفنه في مشهد الحسين عليهالسلام بكربلاء المشرَّفة ، ويسأله القيام بأمره وابتياع تربة بخمسمائة دينار ، فقيل للشريف أبي أحمد ـ والد السيّدين علم الهدى والشريف الرضي ـ أن يبيعه موضع قبره بخمسمائة دينار ، فقال : هذا رجل التجأ إلى جوار جدّي فلا آخذ لتربته ثمناً. وكتب نفسه الموضع الذي طُلب منه ، وأخرج التابوت إلى براثا ، وخرج الطاهر أبو أحمد ومعه الأشراف والفقهاء وصلّى عليه ، وأصحبه خمسين رجلاً من رجاله حتى أوصلوه ودفنوه هناك (١).
ورثاه مهيار الديلمي ـ الآتي ذكره ـ بقصيدة (٥٩) بيتاً ، ويعزّي ابنه سعداً وأنفذها إلى الدينَوَر ، توجد في ديوانه (٣ / ٢٧) أوّلها :
ما للدسوتِ وللسروجِ تسائلُ |
|
من قائمٌ عنهنّ أو من نازلُ |
لِمَ سُدّ بابُ الملكِ وهو مواكبٌ |
|
وخلتْ مجالسُهُ وهنّ محافلُ |
ما للجياد صوافناً وصوامتاً |
|
نُكساً وهنَّ سوابقٌ وصواهلُ (٢) |
من قطّر الشجعانَ عن صهواتِها |
|
وهمُ بها تحتَ الرماحِ أجادلُ (٣) |
ما للسماء عليلةٌ أنوارُها |
|
لمَن السماءُ من الكواكب ثاكلُ |
من لجلج الناعي يحدِّث أنّه |
|
أودى فقيل أقائلٌ أم قاتلُ |
المجدُ في جدَثٍ ثوى أم كوكبُ ال |
|
ـدنيا هوى أم ركنُ ضبَّةَ مائلُ |
__________________
كلّ سنة مصالح الطريق مائة ألف دينار ، ثمّ يرتفع إلى خزائنه بعد المؤن والصدقات عشرون ألف ألف درهم. شذرات الذهب : ٣ / ١٧٣ [٥ / ٢٩ حوادث سنة ٤٠٥ ه]. (المؤلف)
(١) معجم الأدباء : ١ / ٦٥ [٢ / ١٠٩]. (المؤلف)
(٢) الصوافن من الخيل : الواقفة على ثلاث قوائم وطرف حافر الرابعة. (المؤلف)
(٣) قطّر : ألقى. أجادل : جمع أجدل ، وهو الصقر. (المؤلف)
ما كنتُ فيهِ خائفاً أنّ الردى |
|
من عزَّ جانبُهُ إليه واصلُ |
أَدَرَى الحِمام بمَن ـ وأُقسم ما درى ـ |
|
تلتفُّ كُفّاتٌ له وحبائلُ (١) |
خطبٌ أخلَّ الدهرُ فيه بعقله |
|
والدهرُ في بعض المواطن جاهلُ |
يا غيثُ أرضِ الأرض سَقياً واحتبي |
|
بالروض يشكره المحلّ الماحلُ |
ينهلُّ منحلّ المزادة موثقاً (٢) |
|
أنّ الثرى الظمآنَ منه ناهلُ |
يسمُ الصخورَ كأنّ كلّ مجودةٍ |
|
لحظَ العليقَ بها حصانٌ ناعلُ (٣) |
تمريه غبراءُ الإهاب كأنّما |
|
قادت خزائمَها النعامُ الجافلُ (٤) |
حلفت لأفواهِ الرُّبى أخلافُها |
|
أَيمانَ صدقٍ إنّهنّ حَوافلُ (٥) |
وَلِيت سيوفُ البرقِ قطعَ عروقِها |
|
فبكلّ فجٍّ شاريانٌ سائلُ (٦) |
أبلغ أبا العبّاسِ أنّك فاحصٌ |
|
حتى تبلَّ جوى ثراهُ فواغلُ (٧) |
مُني وأطباقُ الصعيدِ حجابُهُ |
|
عنّي فكيف تخاطبٌ وتراسلُ |
سعدتْ جنادلُ أَلحفتْكَ على البلى |
|
لا مثل ما شقِيتْ عليك جنادلُ |
أبكيك لي ولمرملينَ بنوهمُ ال |
|
أيتامُ بعدك والنساءُ أراملُ (٨) |
ولمستجيرٍ والخطوبُ تنوشُهُ |
|
مُستطعمٌ والدهرُ فيهِ آكلُ |
مُتلوِّمُ العزماتِ لا هو قاطنٌ |
|
في دارِه قفراً ولا هو راحلُ (٩) |
أودى به التطوافُ ينشُدُ ناصراً |
|
فيضلُّ أن يلقاه إلاّ خاذلُ |
__________________
(١) الكُفّات جمع كُفّة ـ بضم الكاف ـ : وهي الحبالة. (المؤلف) (٢) في الديوان : موقناً.
(٣) المجودة : الأرض جادها المطر. (المؤلف)
(٤) تمريه : تدرّ عليه. غبراء الإهاب : السحابة السوداء. (المؤلف)
(٥) أخلاف جمع خلف : وهو حلمة الضرع. حوافل : ممتلئة. (المؤلف)
(٦) شاريان : واحد الشرايين وهي العروق الرفيعة ، والمشهور في هذه الكلمة : شريان.
(٧) الواغل : الداخل المتغلغل في الشيء. (المؤلف)
(٨) المرمل : الذي نفد زاده ، وأصله من الرمل ، كأنّهم لصقوا بالرمل.
(٩) المتلوّم : المنتظر. (المؤلف)
حتى إذا الإقبال منك دنا به |
|
أنساهُ عندك عامُ بؤسٍ قابلُ |
ولمعشرٍ طَرْقُ العلومِ ذنوبُهمْ |
|
في الناس وهي لهم إليك وسائلُ |
كانوا عن الطلبِ الذليلِ بمعزلٍ |
|
ثقةً وأنت بما كفاهمْ كافلُ |
قطع الجدا بهمُ وقد قطع الردى |
|
بك أن يُظنَّ تزاورٌ وتواصلُ |
وعصائبٌ هي إن ركبتَ مواكبٌ |
|
تَسَعُ العيونَ وإن غضبتَ جحافلُ |
تفري بأذرعِها الكعوبُ كأنّما |
|
تحت الرماحِ على الرماحِ عواملُ (١) |
لو كان في ثُعَلٍ بموتك ثأرُها |
|
ما عاش من ثُعَلٍ عليك مُناضلُ (٢) |
نكروا حلومَك والمنونُ تسوقُها |
|
حقّا وأنت مدافعٌ متثاقلُ |
قعد البعيدُ وقام عنك متاركاً |
|
ما جاء يقنُصكَ القريبُ الواصلُ |
ولَجَ الحِمامُ إليك باباً ما شكا |
|
غيرَ الزحام عليك فيه داخلُ |
مستبشراً بالوفد لم يُجْبَهْ به |
|
ردٌّ ولم يُنهر عليه سائلُ |
لم يغنِكَ الكرمُ العتيدُ ولا حمى |
|
عنك السماحُ ولا كفاك النائلُ |
كنت الذي مُرُّ الزمان وحلوُهُ |
|
فيمن يُصابر عيشه ويُعاسلُ |
فغدوتَ مالكَ في عدوِّك حيلةٌ |
|
تُغني ولا لكَ من صديقِكَ طائلُ |
والموتُ أجورُ حاكمٍ وكأنّه |
|
في الناس قسماً بالسويّة عادلُ |
لا اغترَّ بعدكَ بالحياة مجرِّبٌ |
|
عرَفَ الحقوقَ فلم يرُقْه الباطلُ |
يا ثاوياً لم تقضِ حقّ مصابِهِ |
|
كبدٌ محرَّقةٌ وجفنٌ هاملُ |
أفديكَ لو أنّ الردى بك قابلٌ |
|
من مهجتي وذويَّ ها أنا باذلُ |
ما بالُ أوقاتي بفقدِك هَجَّرتْ |
|
ولقد تكون لديك وهي أصائلُ (٣) |
__________________
(١) تفري ـ من الفري ـ : الشقّ. كعوب جمع كعب : العقدة. عوامل جمع عامل : وهو صدر الرمح الذي يلي السنان. (المؤلف)
(٢) ثُعَل : قبيلة مشهورة بالرمي. (المؤلف)
(٣) هجَّرت : من الهجير ، وهو وقت اشتداد الحرّ.
قد كنتُ ملتحفاً بمدحِك حلّةً |
|
فخراً تجرُّ لها عليَّ ذلاذلُ (١) |
ويقول فيها :
لا تحسبنَّ ، وسعدٌ ابنُكَ طالعٌ |
|
يحتلُّ برجَك ، إنّ سعدَك آفلُ |
ما أنكر الزوّار بعدك وجهَهُ |
|
في البدرِ من شمسِ النهارِ مخايلُ |
أجمل له يا سعدُ واحمل وزرَهُ (٢) |
|
ما طالَ باعٌ أو أطاعَكَ كاهلُ |
وأنا الذي يرضيك فيه باكياً |
|
ويسرُّه بك في الذي هو قائلُ |
ولشاعرنا أبي العبّاس الضبّي شعرٌ رقيقٌ ونظمٌ جيّدٌ ، ومنه قوله :
ترفّق أيّها المولى بعبدٍ |
|
فقد فتنتْ لواحظُك النفوسا |
وأسكرتَ العقولَ فليس ندري |
|
أسحراً ما تُسقّي أم كؤوسا |
وله قوله وهو ممّا يُتغنّى به :
ألا ياليتَ شعري ما مرادُك |
|
فقلبي قد أضرَّ به بِعادُك |
وأيُّ محاسنٍ لك قد سباني |
|
جمالُك أم كمالُك أم ودادُك |
وأيُّ ثلاثةٍ أوفى سواداً |
|
أخالُكَ أم عذارُك أم فؤادُك |
وله قوله :
قلتُ لمن أحضرني زهرةً |
|
ومجلسي بالأُنُسِ بسّامُ |
وقرّة العينين نيلُ المُنى |
|
عندي ولا سامٌ ولا حامُ |
تجنّبِ النمّامَ لا تَجنِهِ |
|
فإنّما النمّامُ نمّامُ |
أخشى علينا العينَ من أعينٍ |
|
يبعثُها بالسوء أقوامُ |
__________________
(١) الذلاذل : أسافل القميص الطويل. (المؤلف)
(٢) الوزر : الحمل الثقيل. (المؤلف)
وله قوله :
لا تركننَّ إلى الفراقِ |
|
فإنّه مرُّ المذاقِ |
الشمسُ عند غروبها |
|
تصفرُّ من فَرَقِ الفراقِ |
وممّا كتب إلى الوزير الصاحب بن عبّاد قوله :
أكافي كفاةِ الأرضِ ملكُكَ خالدٌ |
|
وعزُّك موصولٌ فأعظمْ بها نعمى |
نثرتَ على القرطاس درّا مبدّداً |
|
وآخرَ نظماً قد فرعت به النجما |
جواهر لو كانت جواهرَ نُظِّمتْ |
|
ولكنّها الأعراض لا تقبلُ النظما |
وله في الثريّا :
خلتُ الثريّا إذ بدتْ |
|
طالعةً في الحندسِ (١) |
سنبلةً من لؤلؤٍ |
|
أو باقةً من نرجسِ |
وقوله فيها :
إذ الثريّا اعترضت |
|
عند طلوعِ الفجرِ |
حسِبتُها لامعةً |
|
سنبلةً من دُرِّ |
وقوله في قصر الليل :
وليلةٍ أقصرُ من |
|
فكريَ في مقدارِها |
بدت لعيني وانجلتْ |
|
عذراءَ من قرارها |
وقوله في طول الليل :
رُبَّ ليلٍ سهرتُهُ |
|
مُفكراً في امتدادِه |
__________________
(١) الحندس : الظلام. (المؤلف)
كلّما زدتُ رعيَه |
|
زادني من سوادِه |
فتبيّنتُ أنّه |
|
تائهٌ في رقادِه |
أو تفانت نجومُه |
|
فبدا في حِدادِه |
وخلف المترجَم له على مجده وفضله ولده أبوالقاسم سعد بن أحمد الضبّي ، تبع والده لمّا هرب إلى بروجرد ، وتوفّي بها بعد والده بشهور ، ولمهيار الديلمي في مدحه عدّة قصائد منها قصيدة (٤٥) بيتاً أنشدها إيّاه وهو مقيم ببروجرد ، أوّلها :
ذكرتُ وما وفاي بحيثُ أنسى |
|
بدجلةَ كم صباحٍ لي وممسى |
وأخرى (٤٥) بيتاً ، مستهلّها :
أشاقكَ من حسناءَ وهناً طروقُها |
|
نعم كلُّ حاجات النفوس يشوقُها |
ونونيّةٌ (٤٤) بيتاً في ديوانه (٤ / ٥١) ، مطلعها :
ما أنتِ بعد البين من أوطاني |
|
دارَ الهوى والدارُ بالجيرانِ |
ويقول فيها :
كثرَ الحديثُ عن الكرامِ وكلُّ من |
|
جرّبتُ ألفاظٌ بغير معاني |
إلاّ بسعدٍ من تنبّه للعلى |
|
هيهاتَ نُوّمُهمْ من اليقظانِ |
مهلاً بني الحسدِ الدخيلِ فإنّها |
|
لا تُدرَكُ العلياءُ بالأضغانِ |
سعدُ بن أحمد أبيضٌ من أبيضٍ |
|
في المجدِ فانتسبوا بني الألوانِ |
بين الجبالِ الصُّمِّ بحرٌ ثامنٌ |
|
يحوي جلامدَها وبدرٌ ثاني |
من معشرٍ سبقوا إلى حاجاتِهمْ |
|
شوطَ الرياحِ وقد جرتْ لرهانِ |
قومٌ إذا وزروا الملوكَ برأيِهمْ |
|
أمرتْ عمائمُهمْ على التيجانِ |
ضربوا بمدرجةِ السبيلِ قِبابَهم |
|
يتقارعونَ بها على الضيفانِ |
ويكاد موقدُهمْ يجود بنفسِهِ |
|
حبَّ القِرى حطباً على النيرانِ |
أبناءُ ضبّةَ واسعون وفي الوغى |
|
يتضايقون تضايقَ الأسنانِ |
يا راكباً زُهرُ الكواكبِ قصدُهُ |
|
قرِّب لعلّكَ عندها تلقاني |
قف نادِ يا سعدَ الملوكِ رسالةً |
|
من عبدِكَ القاصي بحبٍّ داني |
غالطتُ شوقي فيك قبلَ لقائنا |
|
والقربُ ظنٌّ والمزارُ أماني |
حتى إذا ما الوصل أطفأ غُلّتي |
|
بك كان أعطشَ لي من الهجرانِ |
ولرُبَّ وجدِ تواصُفٍ ناهضتُه |
|
وضعفتُ لمّا صارَ وجدَ عيانِ |
ولقد عكستَ عليَّ ذاك لأنّني |
|
كنتُ الحبيبَ إليك قبلَ تراني |
ومن العجائبِ والزمانُ ملوّنٌ |
|
أنّ الدنوَّ هو الذي أقصاني |
ـ ٢٩ ـ
أبو الرقعمق الأنطاكي (١)
المتوفّى (٣٩٩)
كتب الحصيرُ إلى السريرِ |
|
أنّ الفصيلَ ابنُ البعيرِ |
فلمثلها طرب الأم |
|
ـير إلى طباهجة بقيرِ (٢) |
فلأمنعنَّ حمارتي |
|
سنتين من علفِ الشعيرِ |
لاهُمَّ إلاّ أن تط |
|
ـيرَ من الهزالِ مع الطيورِ |
فلأخبرنّك قصّتي |
|
فلقد وقعتَ على الخبيرِ |
إنّ الذين تصافعوا |
|
بالقرعِ في زمنِ القشورِ |
أسفوا عليَّ لأنّهمْ |
|
حضروا ولم أكُ في الحضورِ |
لو كنتُ ثَمَّ لقيلَ هل |
|
من آخذٍ بيدِ الضريرِ |
ولقد دخلتُ على الصدي |
|
ـقِ البيتَ في اليوم المطيرِ |
متشمِّراً متبختراً |
|
للصفع بالدلوِ الكبيرِ |
فأدرتُ حين تبادروا |
|
دلوي فكانَ على المديرِ |
يا للرجالِ تصافعوا |
|
فالصفعُ مفتاحُ السرورِ |
لا تغفلوهُ فإنّه |
|
يستلُّ أحقادَ الصدورِ |
__________________
(١) نسبة إلى أنطاكيّة مدينة شهيرة بينها وبين حلب يوم وليلة [معجم البلدان : ١ / ٢٦٧]. (المؤلف)
(٢) الطباهجة : اللحم المشرّح [بقير : مقطّع ومشقّق]. (المؤلف)
هو في المجالسِ كالبخو |
|
ر فلا تملّوا من بخورِ |
ولأذكرنَّ إذا ذكرتُ |
|
أحبّتي وقتَ السحورِ |
ولأحزنَنَّ لأنّهم |
|
لمّا دنا نضجُ القدورِ |
رحلوا وقد خبزوا الفطي |
|
ـرَ ففاتهم أكلُ الفطيرِ |
ما للإمامِ أبي عليٍ |
|
في البريّةِ من نظيرِ (١) |
الشاعر
أبو حامد أحمد بن محمد الأنطاكي نزيل مصر المعروف بأبي الرقعمق ، أحدالشعراء المشاهير المتصرِّفين في فنون الشعر ، وله شوطه البعيد في أساليب البيان غير أنّه ربما خلط الجدّ بالهزل. نشأ بالشام ثمّ رحل إلى مصر وأخذ فيها شهرة طائلة ومكانة من الأدب عظيمة ، ومدح ملوكها وزعماءها ورؤساءها ، وممّن مدح : المعزّ أبو تميم معدّ بن المنصور بن القائم بن المهدي عبيد الله ، وابنه زفر عزيز مصر ، والحاكم ابن العزيز ، وجوهر القائد ، والوزير أبو الفرج يعقوب بن كلس ونظراؤهم ، وصادف فيها جماعة من أهل ا لهزل والمجون فأوغل فيهما كلّ الإيغال حتى نبز بأبي الرقعمق ، وقد يقال : إنّه هو الذي سمّى نفسه بذلك ، وقد أعلن في شعره أنّه حليف الرقاعة ، بقوله :
أستغفر الله من عقلٍ نطقتُ به |
|
ما لي وللعقل ليس العقل من شاني |
لا والذي دون هذا الخلق صيّرني |
|
أحدوثةً وبحبِّ الحمق أغراني |
والبيتان من قصيدة له سجّل بها ليل تِنِّيس (٢) وهي مدينةٌ مصريّة كان بها في
__________________
(١) يتيمة الدهر : ١ / ٢٨٤ [١ / ٣٩٥ ـ ٣٩٦]. (المؤلف)
(٢) تنّيس : بكسرتين وتشديد النون وياء ساكنة وسين مهملة. (المؤلف)