تراث الشيعة الفقهي والأصولي - ج ١

مهدي المهريزي ومحمد حسين الدرايتي

تراث الشيعة الفقهي والأصولي - ج ١

المؤلف:

مهدي المهريزي ومحمد حسين الدرايتي


الموضوع : الفقه
الناشر: مكتبة الفقه والأصول المختصّة
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-21-8
الصفحات: ٦٣٢

فتوى ودليلا.

المسألة العاشرة : هل يجب عليه في معرفة كونه حال الإفتاء عالما ـ ولو حكما ـ بأنّه حكم الله الاقتصار على العلم وما يفيده ، فلا يثبت بغيره ؟

المعتمد : لا ، بل يكفيه عدم العلم بكونه غير عالم كذلك به ، والاعتماد على ظاهر حاله ، بلا خلاف ظاهر يفيد به فيه فيما أعلم ؛ لأصالة حمل فعل المسلم وقوله على الصحّة.

مضافا إلى الإجماع المنقول عليه في صريح موضع من نهاية الاصول ، (١) والعمومات النافية للعسر والحرج في الشريعة ، والنافية للتكليف بما فوق الطاقة.

وربما يظهر من المحكيّ عن السيّد المرتضى في المسائل التبّانيّات ومن السيّد ابن زهرة في الغنية وجوب الاقتصار فيه على العلم به. (٢)

وهو كما ترى ، سيّما بعد ما ستقف عليه.

المسألة الحادية عشر : هل يجب عليه في معرفة كونه أعلم وأورع حيثما قلنا باشتراطه على العلم به وما يفيده ، فلا يثبت بغيره ؟

المعتمد : لا ، لثبوته أيضا بغيره ممّا يثبت الاجتهاد والفقاهة ؛ لعين ما مرّت إليه الإشارة.

المسألة الثانية عشر : هل يجب عليه في معرفة كونه حيّا حيثما قلنا باشتراطه الاقتصار على العلم وما يفيده ، فلا يثبت بغيره ؟

المعتمد : لا ، لثبوته بما يثبت به الاجتهاد والفقاهة ؛ لما مرّت إليه الإشارة ، وبالاستصحاب أيضا فيما لو علم حياته ثمّ شكّ في بقائها على احتمال قويّ ؛ فتأمّل.

أن لا يكون قاطعا في الواقعة المحتاج إلى حكمها ببطلان ما أدّى إليه اجتهاده ولو إجمالا وحكما ، فلا يصحّ له فيما لو علم بذلك الاستفتاء عنه والعمل به حينئذ إجماعا

__________________

(١) نهاية الوصول إلى علم الاصول ، الورقة ٣٢٠.

(٢) جوابات المسائل التبّانيّات ( رسائل الشريف المرتضى ) ج ١ ، ص ٤٤ فما بعد ؛ غنية النزوع ، ج ٢ ، ص ٤١٤.

٢٢١

فتوى ودليلا كما تقدّم.

وهل يلحق به ما لو ظنّ ببطلانه ، أم لا ؟ وجهان.

والذي يقتضيه التحقيق أن يقال : إن قلنا بكون التقليد من باب الأسباب والتعبّد الصرف ـ كما هو الصحيح ـ فالمعتمد : هو الثاني ؛ للأصل أو الاصول والعمومات الدالّة على عدم العبرة بالظنّ ، والدالّة على صحّة فتوى المفتي والعمل بها ، السليمة عمّا يصلح للمعارضة.

وإن قلنا بكونه من باب الظنّ ، فالمعتمد هو الأوّل ؛ للظنّ بخلاف ما أفتى به ، وبعدم كونه حكم الله في الواقعة.

وهل يلحق به ما إذا قطع بفساد مدرك المجتهد في الحكم مع عدم القطع بفساد أصل الحكم ، فلا يصحّ الاستفتاء عنه ولا التقليد بما أفتى به ، أم لا ، فيصحّ ، ويحكم بالصحّة تعبّدا ؟

وجهان ، ولكنّ المعتمد هو الثاني ؛ وفاقا لصريح السيّد السند العلّامة الاستاد ـ دام ظلّه العالي ـ في المفاتيح ، (١) وظاهر غيره من الأصحاب ؛ للعمومات الدالّة على صحّة التقليد مطلقا ، وعلى كونه من قبيل الأسباب ، السليمة عمّا يصلح للمعارضة ، المعتضدة أو المؤيّدة بإطلاق الفتاوى والإجماعات المنقولة على حجّيّة قول المفتي ، وعلى كون ما أدّى إليه اجتهاده حكم الله في حقّه وحقّ مقلّديه.

الأمر السابع : أن يكون عالما ولو حكما في اعتقاده وبينه وبين الله بكون ما أفتى به المفتي الجامع للشرائط حكم الله الشرعي في حقّه ، وحجّة شرعيّة له ، فلو كان جاهلا بذلك لم يصحّ له الاستفتاء ، ويكون فعله لغوا غير صحيح ، بلا خلاف في ذلك فتوى ودليلا كما مرّ وسيأتي إليه الإشارة.

__________________

(١) مفاتيح الاصول ، ص ٦٠١.

٢٢٢

البحث الثاني

فيما يتعلّق به من الآداب

ولنذكره في ضمن مسائل :

الاولى : قال شيخنا الشهيد الثاني ـ طاب ثراه ـ في المنية : ينبغي للمستفتي أن يتأدّب مع المفتي ويبجّله في خطابه وجوابه ونحو ذلك ، ولا يومئ بيده إلى وجهه.

ولا يقل له : ما تحفظه في كذا وكذا ، ولا إذا أجابه : هكذا فهمت ، أو : وقع لي ، أو نحو ذلك ، ولا : أفتاني فلان أو غيرك بهذا أو بخلافه ، ولا : إن كان جوابك موافقا لما كتب فاكتب ، وإلّا فلا.

ولا يسأله وهو قائم ولا مستوفز. (١) ولا مشغول بما يمنعه من تمام الفكر. ولا يطالبه بدليل ، ولا يقل : لم قلت كذا ؟ فإن أحبّ أن تسكن نفسه بسماع الحجّة ، طلبها في مجلس آخر ، أو في ذلك المجلس بعد قبول الفتوى مجرّدة. (٢) انتهى.

وهو جيّد ، ويعضده أيضا ما يدلّ على رجحان تعظيم شعائر الله. مضافا إلى ما دلّ على حرّيّة الرجال أو العلماء ، ولعلّه يأتي إلى بعضها الإشارة.

الثانية : إذا أراد جمع خطّ المفتين في ورقة واحدة ، فالأولى البداءة بالأعلم فالأعلم ، ثمّ بالأورع ، ثمّ بالأعدل ، ثمّ بالأسنّ ، وهكذا ، على ترتيب المرجّحات في الإمامة.

ولو أراد إفراد الأجوبة في رقاع ، بدأ بمن شاء ، ولتكن رقعة الاستفتاء واسعة ، ليتمكّن المفتي من استيفاء الجواب واضحا ، لا مختصرا مضرّا بالمستفتي.

كذا قاله أيضا في المنية ، (٣) ولا بأس به.

الثالثة : له أن يستفتي بنفسه ، وأن يبعث ثقة يعتمد عليه أو رقعة ، وله الاعتماد على خطّ المفتي إذا أخبره عدل أنّه خطّه ، أو كان يعرف خطّه ولم يشكّ في كون ذلك

__________________

(١) استوفز ، في قعدته : إذا قعد قعودا منتصبا غير مطمئنّ. لسان العرب ، ج ٥ ، ص ٤٣٠ ( وفز )

(٢) منية المريد ، ص ٣٠٦.

(٣) المصدر.

٢٢٣

الجواب بخطّه.

ولو لم يعرف لغة المفتي ، افتقر إلى المترجم العدل ، وهل يكفي الواحد ، أم يشترط عدلان ؟ وجهان ، أجودهما : الثاني.

كذا قاله أيضا فيها ، (١) ولا بأس به ، غير أنّ في اشتراط العدلين في المترجم مع تعذّرهما أو تعسّرهما محلّ إشكال.

الرابعة : ينبغي أن يكون كاتب الرقعة ممّن يحسن السؤال ، ويضعه على الغرض مع إبانة الخطّ واللفظ ، وصيانتهما عمّا يتعرّض للتصحيف ، ويبيّن مواضع السؤال وينقط مواضع الاشتباه ويضبطها ، وإن كان من أهل العلم ، فهو أجود ، وكان بعض العلماء لا يكتب فتواه إلّا في رقعة كتبها رجل من أهل العلم.

كذا قاله أيضا فيها ، (٢) ولا بأس به.

الخامسة : لا يدع الدعاء في الرقعة للمفتي ، فإن اقتصر على فتوى واحد قال : ما تقول رحمك الله ، أو : رضي الله عنك ، أو : وفّقك الله ، أو : أيّدك ، أو : سدّدك ، أو : رضي الله عن والديك ونحو ذلك ؛ ولا يحسن أن يدخل نفسه في الدعاء.

وإن أراد جواب جماعة قال : ما تقولون رضي الله عنكم ؟ أو : ما قولكم ، أو : ما قول الفقهاء سدّدهم الله ، أو : أيّدهم ؟ ونحوه ؛ وإن أتى بعبارة الجمع لتعظيم الواحد فهو أولى ، ويدفع الرقعة إلى المفتي منشورة ويأخذها منشورة ، ولا يحوجه إلى نشرها ولا إلى طيّها.

كذا قاله أيضا فيها ، (٣) ولا بأس به.

السادسة : روى في المحاسن وغيره مسندا عن إسحاق بن عمّار ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : من قام من مجلسه تعظيما لرجل ؟ قال : « مكروه ، إلّا لرجل في الدين » . (٤)

__________________

(١) منية المريد ، ص ٣٠٦.

(٢) المصدر.

(٣) منية المريد ، ص ٣٠٧.

(٤) المحاسن ، ص ٢٣٣ ، ح ١٨٦ ؛ وسائل الشيعة ، ج ١٢ ، ص ٢٢٦ ، ح ١٦١٥٥.

٢٢٤

السابعة : روى أيضا في المحاسن عن بعض أصحابنا رفعه ، قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « إذا جلست إلى عالم فكن على أن تسمع أحرص منك على أن تقول ، وتعلم حسن الاستماع كما تعلم حسن القول ، ولا تقطع حديثه » . (١)

الثامنة : روى أيضا في المحاسن وغيره عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « كان عليّ عليه‌السلام يقول : إنّ من حقّ العالم أن لا تكثر عليه السؤال ، ولا تجرّ عليه بثوبه ، وإذا دخلت عليه وعنده قوم فسلّم عليهم جميعا ، وخصّه بالتحيّة دونهم ، واجلس بين يديه ، ولا تجلس خلفه ، ولا تغمز بعينيك ، ولا تشر بيدك ، ولا تكثر من قول : قال فلان وقال فلان ، خلافا لقوله ، ولا تضجر بطول صحبته ، فإنّما مثل العالم مثل النخلة ، ينتظر بها متى يسقط عليك منها شيء » الحديث. (٢)

التاسعة : وروي أيضا عن عليّ بن الحسين عليهما‌السلام أنّه قال : « حقّ سائسك بالعلم : التعظيم له ، والتوقير لمجلسه ، وحسن الاستماع إليه ، والإقبال عليه ، وأن لا ترفع عليه صوتك ، ولا تجيب أحدا يسأله عن شيء حتّى يكون هو الذي يجيب ، ولا تحدّث أحدا في مجلسه ، ولا تغتاب عنده أحدا ، وأن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء ، وأن تستر عيوبه ، وتظهر مناقبه ، ولا تجالس له عدوّا ، ولا تعادي له وليّا ، فإذا فعلت ذلك ، شهدت لك ملائكة الله بأنّك قصدته ، وتعلّمت علمه لله جلّ اسمه لا للناس ... وأمّا حقّ رعيّتك بالعلم : فإن تعلم أنّ الله عزوجل إنّما جعلك قيّما لهم فيما آتاك من العلم ، وفتح لك من خزائنه الحكمة ؛ فإن أحسنت في تعليم الناس ، ولم تخرق (٣) بهم ، ولم تضجر عليهم ، زادك الله من فضله ؛ وإن أنت منعت الناس علمك ، أو خرقت بهم عند طلبهم العلم منك ، كان حقّا على الله عزوجل أن يسلبك العلم وبهاءه ، ويسقط من القلوب محلّك » الحديث. (٤)

__________________

(١) المحاسن ، ص ٢٣٣ ، ح ١٨٧.

(٢) المحاسن ، ص ٢٣٣ ، ح ١٨٥. وانظر الكافي ، ج ١ ، ص ٣٧ ، باب حقّ العالم ، ح ١ ؛ وسائل الشيعة ، ج ١٢ ، ص ٢١٤ ، ح ١٦١١٦.

(٣) خرق بالشيء : جهله ولم يحسن عمله.

(٤) الفقيه ، ج ٢ ، ص ٦٢٠ ، ح ٣٢١٤ ؛ الأمالي للصدوق ، ص ٤٥٣ ، ح ٦١٠ ، المجلس ٥٩ ؛ الخصال ، ص ٥٦٧ ، الباب الخمسين وما فوقه ؛ وسائل الشيعة ، ج ١٥ ، ص ١٧٢ ، ح ٢٠٢٢٦.

٢٢٥

البحث الثالث

فيما يتعلّق به من الأحكام

وفيه مسائل :

المسألة الاولى : من كان من المكلّفين جامعا للشروط السالفة المعتبرة في الاستفتاء والتقليد ، هل يجوز ويصحّ له التقليد والعمل بفتوى المفتي الجامع للشرائط حيثما أمكن مطلقا ؟ كما في العدّة ، (١) وموضع من السرائر والنهاية والتهذيب والقواعد والإرشاد والتحرير والذكرى والألفيّة والجعفريّة وحاشية الشرائع ومنية اللبيب ومنية المريد والروضة والتمهيد والمسالك والمعالم وغاية المأمول وغيرها ، وعن الذريعة والمعارج والمبادي والتبصرة والتذكرة والإيضاح وشرح المبادي والدروس والقواعد الشهيديّة والمقاصد العليّة. (٢)

أم لا ؟ بل يتعيّن عليه حينئذ : إمّا تحصيل العلم بالحكم الشرعي الفرعي كلزوم تحصيله في اصول الدين ، كما يظهر من السيّد السند المرتضى في بعض رسائله ولعلّه التبّانيّات ، والسيّد ابن زهرة في الغنية ، (٣) بل عزّاه في الأوّل إلى كثير ممّن نفى الاجتهاد

__________________

(١) عدّة الاصول ، ج ٢ ، ص ٧٣٠.

(٢) السرائر ، ج ٣ ، ص ٥٣٨ ؛ نهاية الوصول إلى علم الاصول ، الورقة ٣١٧ ؛ تهذيب الوصول إلى علم الاصول ، ص ٢٩١ ؛ قواعد الأحكام ، ج ٣ ، ص ٤١٩ ؛ إرشاد الأذهان ، ج ١ ، ص ٣٥٣ ؛ تحرير الأحكام ، ج ٢ ، ص ٢٤٢ و٢٤٣ ؛ ذكرى الشيعة ، ج ١ ، ص ٤١ ؛ الألفيّة ، ص ٢٣ ؛ الجعفريّة ( حياة المحقّق الكركي وآثاره ) ج ٤ ، ص ١٣٣ ؛ حاشية الشرائع ( حياة المحقّق الكركي وآثاره ) ج ٧ ، ص ٢٥٢ ؛ وحكاه عن منية اللبيب في مفاتيح الاصول ، ص ٥٨٨ ؛ منية المريد ، ص ٣٠٣ ؛ الروضة البهيّة ، ج ٣ ، ص ٦٦ ؛ تمهيد القواعد ، ص ٣١٩ ـ ٣٢٠ ، قاعدة ١٠٠ ؛ مسالك الأفهام ، ج ٣ ، ص ١١٠ ؛ معالم الدين ، ص ٢٣٦ ؛ الذريعة إلى اصول الشريعة ، ج ٢ ، ص ٧٩٦ ؛ معارج الاصول ، ص ٢٧٥ ؛ مبادي الوصول إلى علم الاصول ، ص ٢٤٧ ؛ تبصرة المتعلّمين ، ص ٨٤ ؛ تذكرة الفقهاء ، ج ٩ ، ص ٤٤٩ ؛ إيضاح الفوائد ، ج ١ ، ص ٨١ و٨٢ وج ٤ ، ص ٣٤٤ ؛ حكاه عن شرح المبادي في مفاتيح الاصول ، ص ٥٨٨ ؛ الدروس الشرعيّة ، ج ٢ ، ص ٦٧ ؛ القواعد والفوائد ، ج ١ ، ص ٣١٩ ، قاعدة ١١٢ ؛ المقاصد العليّة ، ص ٤٨.

(٣) غنية النزوع ، ج ٢ ، ص ٤١٤.

٢٢٦

والقياس والعمل بأخبار الآحاد ، حيث قال : إنّ كثيرا ممّن نفى الاجتهاد والقياس والعمل بأخبار الآحاد في الشريعة لا يوجب تقليد العامي للعالم ، ولا العمل بقوله إلّا بعد العلم بصحّته. انتهى ؛ (١) فتأمّل.

وإمّا (٢) الاجتهاد ، كالمجتهد ، فلا يشرع له التقليد والعمل بفتوى المفتي الجامع للشرائط أصلا ، كما عزّاه في الذكرى إلى بعض قدماء الإماميّة وفقهاء حلب ، (٣) وفي المقاصد العليّة ـ على ما حكي ـ إلى كثير من قدماء وفقهاء حلب ، كأبي الصلاح وابن حمزة ، وجعله في العدّة أحد قولي أصحابنا ؟ (٤)

أقوال ، أو قولان ، ولكنّ المعتمد هو الأوّل ؛ لوجوه :

الوجه الأوّل : الإجماع المحصّل القولي عليه ، ولا سيّما من متأخّري علماء الطائفة ، والإجماع النقلي والعملي من الشيعة كافّة ، بل المسلمين كافّة ، عدا من شذّ من مجتهديهم ، كما ادّعاه أو أشار إليه جماعة :

ففي الذريعة ـ على ما حكي ـ : والذي يدلّ على حسن تقليد العامي أنّه لا خلاف بين الامّة قديما وحديثا في وجوب رجوع العامي إلى المفتي ، وإنّما يلزمه قبول قوله ؛ لأنّه غير متمكّن من العلم بأحكام الحوادث ، ومن خالف في ذلك كان خارقا للإجماع ، وليس يمكن للمخالف رفع الإجماع على الرجوع إلى الفتوى والإرشاد إليها ، والإقرار عليها ، وإنّما يتأوّل هذا الرجوع بما هو بعيد ، فيقول : هو رجوع للتنبيه على النظر والاستدلال ، وهذا التأويل غير معلوم ، ضرورة خلافه ، وأنّ العامي لا يستفتي على وجه طلب التنبيه على النظر ، بل ليلتزم. (٥)

وفي العدّة : والذي نذهب إليه أنّه يجوز للعامي الذي لا يقدر على البحث والتفتيش

__________________

(١) جوابات المسائل التبّانيّات ( رسائل الشريف المرتضى ) ج ١ ، ص ٤٢.

(٢) عطف على قوله : « بل يتعيّن عليه حينئذ إمّا تحصيل العلم ... » .

(٣) ذكرى الشيعة ، ج ١ ، ص ٤١.

(٤) المقاصد العليّة ، ص ٥٢.

(٥) الذريعة إلى اصول الشريعة ، ج ٢ ، ص ٧٩٦.

٢٢٧

تقليد العالم ؛ يدلّ على ذلك أنّي وجدت عامّة الطائفة من عهد أمير المؤمنين عليه‌السلام إلى زماننا هذا يرجعون إلى علمائنا ، ويستفتون في الأحكام وفي العبادات ، ويفتونهم العلماء فيها ، ويسوّغون لهم العمل بما يفتونهم به ، وما سمعنا أحدا منهم قال لمستفت : لا يجوز لك الاستفتاء ولا العمل به ، بل ينبغي أن تنظر وتعلم كما علمت ، ولا أنكر عليه العمل بما يفتونهم ، وقد كان منهم الخلق العظيم عاصروا الأئمّة عليهم‌السلام ، ولم يحك عن واحد من الأئمّة النكير على أحد من هؤلاء ، ولا إيجاب القول بخلافه ، بل كانوا يصوّبونهم في ذلك ، فمن خالف ذلك كان مخالفا لما هو المعلوم خلافه. (١)

وفي المعارج ـ على ما حكي ـ : يجوز للعامي العمل بفتوى العالم في الأحكام الشرعيّة. لنا : اتّفاق علماء الأعصار على الإذن للعوامّ في العمل بفتوى العلماء من غير تناكر ، وقد ثبت أنّ إجماع أهل كلّ عصر حجّة. (٢)

وفي المبادي : كذلك يجوز التقليد في الفروع. لنا : عدم إنكار العلماء في جميع الأوقات. (٣)

وفي موضع من النهاية : اتّفق المحقّقون على أنّه يجوز للعامي تقليد المجتهدين في فروع الشرع ، وكذا من ليس بمجتهد ، وإن كان محصّلا لبعض الامور المعتبرة في الاجتهاد ، بل يجب عليه ذلك والأخذ بقول المفتي. (٤)

وفي آخر : العامي يلزمه تقليد العلماء بالإجماع. (٥)

وفي آخر في مقام الاحتجاج على مختاره : الثاني : الإجماع ، فإنّه لم يزل العامّة في زمن الصحابة والتابعين قبل حدوث المخالفين يرجعون في الأحكام إلى قول المجتهدين ويستفتونهم في الأحكام الشرعيّة ، والعلماء يسارعون إلى الأجوبة من غير إشارة إلى ذكر دليل ، ولا ينتهونهم على ذلك ، فكان ذلك إجماعا. (٦)

__________________

(١) العدّة في اصول الفقه ، ج ٢ ، ص ٧٣٠.

(٢) معارج الاصول ، ص ٢٧٥.

(٣) مبادي الوصول إلى علم الاصول ، ص ٢٤٧.

(٤) نهاية الوصول إلى علم الاصول ، الورقة ٣١٨.

(٥) المصدر.

(٦) المصدر.

٢٢٨

وفي الإيضاح ـ على ما حكى ـ : يجوز التقليد في أهل الحكم الشرعي إجماعا. (١)

وفي موضع من شرح المبادي : كذلك قد اختلف في جواز التقليد في الفروع ، فجوّزه الإماميّة كافّة وأكثر الناس.

وفي آخر : لنا وجوه ، الأوّل : الإجماع قبل حدوث المخالف ، فإنّه لم يزل العامّة في زمن الصحابة والتابعين يرجعون في الأحكام الشرعيّة إلى قول المجتهدين ويستفتونهم في الأحكام الشرعيّة ، والعلماء يسارعون إلى ذكر الأجوبة ، من غير إشارة إلى دليل ، ولم ينكروا عليهم ذلك ، فكان إجماعا. (٢)

وفي منية اللبيب : اتّفق المحقّقون على ذلك. (٣)

وفي الذكرى بعد ذكر قول فقهاء حلب : ويدفعه إجماع السلف والخلف على الاستفتاء من غير نكير ولا تعرّض لدليل بوجه من الوجوه. (٤)

وفي المقاصد العليّة ـ على ما حكي ـ : هو قول المتأخّرين والمحقّقين من أصحابنا. (٥)

وفي المعالم بعد أن عزّاه إلى أكثر العلماء : وقد حكى غير واحد من الأصحاب اتّفاق العلماء على الإذن للعوامّ في الاستفتاء من غير تناكر. (٦)

وفي الزبدة : والثاني : ذمّ التقليد في الكتاب المجيد ، خرجت الفروع بالإجماع ، فبقيت الاصول. (٧)

وفي موضع من شرحها للفاضل الجواد : والذي يدلّ على تقليد العامي للمجتهد إجماع السلف من الامّة على ترك النكير في تقليد العوامّ للعلماء من غير مانع لهم من الإنكار ، وكذا إجماع التابعين على ذلك ، فكان المخالف فيه مخالفا للإجماع.

وفي آخر : أجمع العلماء على جواز التقليد في الفروع ، وإن خالف فيه شذوذ ،

__________________

(١) إيضاح الفوائد ، ج ١ ، ص ٨١.

(٢) حكاه عنهما في مفاتيح الاصول ، ص ٥٨٨ و٥٨٩.

(٣) المصدر.

(٤) ذكرى الشيعة ، ج ١ ، ص ٤١.

(٥) المقاصد العليّة ، ص ٥٢.

(٦) معالم الدين ، ص ٢٧٤.

(٧) زبدة الاصول ، ص ١٢٢.

٢٢٩

سبقهم الإجماع.

وفي موضع من كلام بعض الأعاظم من المشايخ ـ طاب ثراه ـ : مع أنّه من البديهيّات للنساء والعوامّ في أعصار النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمّة عليهم‌السلام ، كان بناؤهم على التقليد ، مع أنّ جوازه إجماعيّ.

وفي كلام الفضلاء المعاصرين ـ على ما حكي ـ : الحقّ جواز التقليد مطلقا ، سواء كان عاميّا بحتا ، أو عالما بطرف من العلوم ؛ للإجماع المعلوم بتتبّع حال السلف من الإفتاء والاستفتاء وتقريرهم وعدم إنكارهم والمدّعى في كلماتهم ، وصرّح بالإجماع السيّد المرتضى وغيره من علماء الخاصّة والعامّة.

وفي المفاتيح للسيّد السند العلّامة الاستاد ـ دام ظلّه العالي ـ : أنّه مجمع عليه. (١)

وفي إحكام الآمدي : العامي ومن ليس له أهليّة الاجتهاد ـ وإن كان محصّلا لبعض العلوم المعتبرة في الاجتهاد ـ يلزمه اتّباع قول المجتهدين والأخذ بقوله عند المحقّقين من الاصوليّين.

ثمّ قال : ويدلّ عليه النصّ والإجماع ـ إلى أن قال : ـ وأمّا الإجماع ، فهو أنّه لم تزل العامّة من زمن الصحابة والتابعين قبل حدوث المخالفين يستفتون المجتهدين ، ويتبعونهم في الأحكام الشرعيّة ، والعلماء منهم يبادرونهم إلى إجابة سؤالهم من غير إشارة إلى ذكر الدليل ، ولا ينهونهم عن ذلك من غير نكير ، فكان إجماعا على جواز اتّباع العامي للمجتهد مطلقا. (٢)

وفي شرح العضدي ـ على ما حكي ـ : لم يزل العلماء يستفتون ، فيفتون ويتبعون من غير إبداء المستند ، وشاع وذاع ، ولم ينكر عليهم ، فكان إجماعا. (٣)

ويعضده أيضا : الإجماعات المنقولة السالفة على حجّيّة قول المفتي ، والإجماع المحصّل والمنقول على عدم وجوب النفر والخروج للتفقّه في الدين على كلّ طائفة

__________________

(١) مفاتيح الاصول ، ص ٥٨٩.

(٢) الإحكام في اصول الأحكام ، ج ٤ ، ص ٤٥٠ و٤٥١.

(٣) المختصر مع شرحه للعضدي ، ص ٤٨١.

٢٣٠

من كلّ فرقة في جملة من العبائر :

ففي النهاية في طيّ الاحتجاج بآية النفر : الإجماع على عدم وجوب أن يخرج من كلّ فرقة طائفة. (١)

وفي منية اللبيب في طيّ هذا الاحتجاج : ولأنّه يلزم من ذلك وجوب خروج واحد من الثلاثة للتفقّه ، وهو باطل إجماعا ، ثمّ قال : دلّ الإجماع على عدم وجوب خروج طائفة من كلّ فرقة.

وفي شرح الزبدة للفاضل الصالح المازندراني في طيّ هذا الاحتجاج : إنّ النصّ عامّ يقتضي خروج واحد من كلّ ثلاثة ، ووجوب العمل بخبر الواحد ، إلّا أنّه خصّ في الحكم بالإجماع ؛ لانعقاده على عدم خروج واحد من كلّ ثلاثة ، فيبقى معمولا به في الحكم الآخر.

وفي موضع من كلام بعض السادة الأجلّة من المشايخ في طيّ هذا الاحتجاج : للزوم خروج الواحد من كلّ ثلاثة ، وهو باطل إجماعا.

وفي آخر : الإجماع المدّعى على عدم وجوب النفر والتفقّه والإنذار كفاية ، فضلا عن الوجوب عينا على كلّ ثلاثة ثلاثة ، ثمّ قال : بل لا يبعد دعوى الإجماع ، بل ضرورة الدين على عدم وجوب نفر عدد التواتر.

وفي آخر : والإجماع على عدم وجوب الإنذار على الطائفة من كلّ فرقة ، قليلة أو كثيرة. انتهى.

الوجه الثاني : أنّه لو لا الأمر كما قلناه ، لزم الاختلال في امور معاش كافّة الخلق ، بل ومعادهم أيضا ولو في الجملة ، واللازم باطل ، فكذا الملزوم.

أمّا الملازمة : فلدوران الأمر حينئذ بين ما قلناه ، وبين تحصيل العلم بالأحكام الشرعيّة ، وبين الاجتهاد فيها ، وبعد فرض ارتفاع الشقّ الأوّل ، تعيّن أحد الشقّين

__________________

(١) نهاية الوصول إلى علم الاصول ، الورقة ٢٠٧.

٢٣١

الأخيرين ، ومن البيّن أنّه يلزم حينئذ رفع اليد عن الامور المتعلّقة بالمعاد ، كما لا يخفى ، وهل هذا إلّا الملازمة المدّعاة ؟

أمّا بطلان اللازم : فلقوله سبحانه : ﴿ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ. (١)

مضافا إلى العقل والإجماع ، بل الضرورة الحاكمة بالبطلان ، وببطلان نقض الفرض ونقيضه ، وببطلان خراب الدنيا وفساد الحرث والنسل ؛ فتدبّر.

الوجه الثالث : أنّه لو لا الأمر كذلك ، لزم إمّا القول بسقوط التكليف بالإضافة إلى العامي رأسا ، وإمّا القول بوجوب الاحتياط عليه ، ووجوب البناء عليه ، وإمّا البناء على أصالة البراءة عن التعبّد بالأحكام ، وإمّا القول بالتخيير بينهما ولو في الجملة ، وإمّا التوقّف ، وإمّا العمل بالظنّ من أيّ شيء حصل ، وإمّا التكليف بما لا يطاق ، وإمّا العسر والحرج الشديدان ، وإمّا الضرر ، وإمّا ترجيح المرجوح على الراجح ، وإمّا الترجيح بلا مرجّح ، وإمّا ارتكاب الضرر المظنون أو المقطوع ، واللازم بجميع شقوقه باطل ، فكذا الملزوم.

أمّا الملازمة : فظاهرة ؛ إذ من البيّن أنّ بعد سدّ باب التقليد ، إمّا أن يكون العامي مكلّفا بشيء من الأحكام ، أم لا ؟

فعلى الثاني ، يلزم سقوط التكليف والتعبّد بالأحكام الشرعيّة الفرعيّة ، كما لا يخفى.

وعلى الأوّل : فإمّا أن يكون الواجب عليه حينئذ تحصيل العلم بالأحكام الشرعيّة والتعبّد بها ، أم لا ، فعلى الأوّل يلزم التكليف بما لا يطاق ، بالإضافة إلى كثير من الأشخاص وفي أغلب الأحوال ؛ لتعذّر تحصيل العلم بها بالإضافة إلى المجتهدين غالبا ، فبالإضافة إلى غيرهم من المكلّفين يكون متعذّرا بطريق أولى ، كما لا يخفى.

ويلزم أيضا بالإضافة إلى المعظم وفي أغلب الأحوال العسر والحرج الشديدان

__________________

(١) البقرة (٢) : ٢٠٥.

٢٣٢

جدّا ، كيف ويلزمان بالإضافة إلى المجتهدين غالبا ، فهنا أولى ثمّ أولى.

ويلزم أيضا الضرر بما لا يتحمّل عادة ولو في الجملة ، كما يلزم أيضا كذلك ارتكاب الضرر الديني والدنيوي المظنون ، بل المقطوع أيضا.

بل ويلزم أيضا ـ بالإضافة إلى العالم بهذه المعركة في هذه المسألة أو مطلقا ـ ترجيح المرجوح أيضا ؛ فتأمّل.

وعلى الثاني : إمّا أن يكون الواجب عليه الاجتهاد فيها ـ كالمجتهدين ـ أم لا ، وعلى الأوّل يلزم جميع ما يلزم على تقدير وجوب تحصيل العلم بعينه إطلاقا وتقييدا.

وعلى الثاني : لا بدّ ولا مفرّ من البناء : إمّا على الاحتياط مطلقا ، وإمّا على مقتضى الاصول العدميّة كذلك ، وإمّا على الاحتياط في بعضى الوقائع والعمل بالأصل في الآخر ، وإمّا على التخيير بينهما ، أو في الجملة ، وإمّا على التوقّف في ذلك ، وإمّا البناء على الظنّ من أيّ شيء حصل ، وهل هذا إلّا الملازمة المدّعاة ؟

وأمّا بطلان اللازم ، فواضح.

أمّا الشقّ الأوّل منها : فلأنّه خلاف المفروض مضافا إلى قيام الأدلّة المعتبرة على ثبوته وبقائه وعدم سقوطه من الكتاب والسنّة المعتبرة ، أو العقل ، أو الإجماع ـ كما في صريح النهاية والتهذيب ومنية اللبيب وإحكام الآمدي (١) ـ أو الضرورة الحاكمة بكون العامي كغيره من المكلّفين ، وباشتراك المعدومين في زمن الخطاب مع الموجودين فيه مطلقا ، كما صرّح به جماعة.

وأمّا الشقّ الثاني منها : فإمّا لتعذّره بالإضافة إليه بدون التقليد ولو في مسألة وجوب الاحتياط ، وإمّا لتعذّره بالذات في كثير من المواضع ، وإمّا لتعذّره في حقّه ، بالإضافة إلى جميع الوقائع المنسدّ فيها باب العلم ، وإمّا لتعسّره بما لا يتحمّل عادة ، وإمّا لاستلزامه فساد الحرث والنسل والفساد واختلال امور المعاش ، بل والمعاد أيضا

__________________

(١) نهاية الوصول إلى علم الاصول ، الورقة ٣١٨ ؛ تهذيب الوصول إلى علم الاصول ، ص ٢٩٠ ؛ حكاه عن منية اللبيب في مفاتيح الاصول ، ص ٥٩١ ؛ الإحكام في اصول الأحكام ، ج ٤ ، ص ٤٥١.

٢٣٣

ولو في الجملة ، وإمّا للإجماع على عدم وجوب الاحتياط كذلك في حقّ المجتهد ، فهنا أولى ، وإمّا للإجماع هنا على عدم وجوبه عليه من الشيعة ، بل من المسلمين كافّة عدا من شذّ ؛ لأنّهم ـ كما قاله جماعة ـ [ بين أربع ] قائلين ، أو ثلاثة : قائل بوجوب الاجتهاد عليه ، وقائل بوجوب تحصيل العلم بالحكم ، وقائل بوجوب التقليد عليه ، فالقول بوجوب الاحتياط عليه حينئذ قول رابع ، أو ثالث ، وخرق للإجماع ، وإمّا لعدم الدليل المعتبر الدالّ على وجوبه حينئذ ، مع بطلان الافتراج في الدين إجماعا من المسلمين ، بل بالضرورة من الدين ؛ فتأمّل.

وأمّا الشقّ الثالث : فإمّا لتعذّر جريانه هنا ، لاستلزامه رفع التكليف الثابت بالفرض وسقوطه ، وإمّا لتعذّره بالإضافة إليه بدون التقليد ولو في هذه المسألة ، وإمّا لقيام الإجماع ، كما في صريح التهذيب والنهاية ، بل الاتّفاق ، كما في صريح منية اللبيب على عدم جواز البناء عليه ، (١) وإمّا للإجماع والضرورة ، كما صرّح بهما جماعة.

مضافا إلى غيرهما على اشتراك العامي مع غيره من المكلّفين الموجودين في هذا الزمان ومن تأخّر عنه مع الموجودين في زمن الخطاب والتعبّد بالأحكام ، وإمّا للإجماع هنا على عدم جوازه له من الشيعة ، بل المسلمين كافّة عدا من شذّ ، لأنّهم ـ كما ترى وقاله بعضى الأجلّة (٢) ـ بين قائلين أو ثلاثة : قائل بوجوب تحصيل العلم عليه ، وقائل بوجوب الاجتهاد عليه ، وقائل بوجوب التقليد ، فالقول بذلك خرق للإجماع وغيره من الأدلّة المعتبرة على حجّيّته هنا ، وإمّا لعدم الدليل على اعتبار الأصل والبناء عليه حينئذ ، مع بطلان الافتراج في الشريعة إجماعا من الامّة ، بل الضرورة الدينيّة ؛ فتأمّل.

وأمّا الشقّ الرابع : فإمّا لأنّه لا معنى للتخيير هنا ؛ لإرجاعه في الحقيقة إلى التخيير بين الوجوب والعدم ، وإمّا لكونه خرقا للإجماع البسيط والمركّب في أصل المسألة ،

__________________

(١) تقدّم تخريجه في الصفحة الماضية.

(٢) قال به في منية اللبيب على ما حكاه عنه في مفاتيح الاصول ، ص ٥٩١ ، ص ٦.

٢٣٤

كما لا يخفى ، سيّما بعد ما مرّت إليه الإشارة ، وإمّا لتعذّره بالإضافة إليها بدون التقليد في هذه المسألة ، وإمّا للإجماع ، بل الضرورة على بطلانه وعدم اعتباره هنا ، وإمّا لعدم الدليل على التخيير ، مع بطلان الافتراج في الشريعة إجماعا من الامّة.

مضافا إلى كونه كالشقوق السابقة ترجيحا بلا مرجّح ، بل ترجيح مرجوح ، سيّما بعد ما مرّ وسيأتي إليه الإشارة.

ومن هنا ظهر ما في الشقّ الخامس ، أي التوقّف أيضا ، سواء اريد بالتوقّف ما يعمّ مقامي الاعتقاد والعمل ، أو يختصّ بأحدهما ؛ فتذكّر.

وأمّا الشقّ السادس : فإمّا لتعذّره بالإضافة إليه بدون التقليد في هذه المسألة ، وإمّا لاستلزامه الهرج والمرج في الشريعة ، وإمّا لكونه خرقا للإجماع البسيط أو المركّب في أصل المسألة ، كما لا يخفى ، سيّما بعد ما مرّت إليه الإشارة ، وإمّا للإجماع وغيره من الأدلّة المعتبرة على عدم اعتباره وعدم حجّيّته وعدم جواز اتّباعه هنا ، كما لا يخفى ، وإمّا لعدم الدليل على اعتباره وحجّيّته هنا ، مع بطلان الافتراج في الشريعة بإجماع الامّة ؛ فتأمّل.

أمّا الشقّ السابع : فلاستحالته وبطلانه عقلا ونقلا من الكتاب والسنّة القطعيّة والإجماع ، بل الضرورة.

وأمّا الشقّ الثامن : فلما دلّ من الكتاب والسنّة المعتبرة والإجماع وغيرها على نفي العسر والحرج في الشريعة ؛ فتدبّر.

أمّا الشقّ التاسع : فلما دلّ من النصّ والإجماع على نفي الضرر في الشريعة ؛ فتنبّه.

أمّا الشقوق الأخيرة : فلما دلّ من العقل على امتناع ترجيح المرجوح والترجيح بلا مرجّح ، وارتكاب الضرر المظنون كالمقطوع.

الوجه الرابع : قوله سبحانه : ﴿ فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ (١) فإنّ المستفاد منه ـ والله العالم ـ رجحان اتّباع

__________________

(١) الزمر (٣٩) : ١٧.

٢٣٥

أحسن القول بضميمة قوله سبحانه : ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صالِحاً (١) إذ المستفاد منه أنّ من دعا إلى الله وعمل صالحا ، أحسن قولا ، ويلزمه بمقتضى الآية السالفة وهذه أيضا حجّيّته ورجحان اتّباعه وعدم وجوب تحصيل العلم ولا الاجتهاد علينا على جميع المكلّفين ، وبعد انضمام عدم القائل بالفصل في المسألة إليه تتمّ المدّعى ؛ فتدبّر.

الوجه الخامس : قوله سبحانه : ﴿ وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (٢) فإنّ المستفاد منه ـ والله العالم ـ عدم وجوب النفر للتفقّه في الدين على كلّ واحد ، ويلزمه عدم وجوب تحصيل العلم ولا الاجتهاد عينا على كلّ واحد من المكلّفين ، وهو عين المدّعى أو ملزوم له ، كما لا يخفى.

مضافا إلى ظهور جواز الحذر بعد الإنذار والإبلاغ مع التخويف أو مطلقا ، ويلزمه حجّيّة قولهم في حقّهم ومشروعيّة الاعتماد لهم عليه مطلقا أو في الجملة ، وبضميمة عدم القول بالفصل في المسألة ، يتمّ المدّعى أيضا جدّا.

والمناقشة فيها من حيث الدلالة بأكثر ما قالوه في الاصول في مبحث حجّيّة الخبر الواحد ، أو يمكن أن يقال ، هيّنة هنا بعد التأمّل والإنصاف وعدم الخروج عن ظاهر الآية ، خصوصا بعد ملاحظة ما ورد في تفسيرها من الخبر الآتي إليه الإشارة.

الوجه السادس : قوله سبحانه : ﴿ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى (٣) إذ المستفاد منه ـ كما ترى ـ مشروعيّة اتّباع الهادي إلى الحقّ بقول مطلق وحجّيّته كذلك ، كما يلزمه أيضا عدم وجوب تحصيل العلم ولا الاجتهاد عينا على جميع المكلّفين ، والمفروض أيضا أنّ المجتهد والفقيه الجامع للشرائط أيضا هاد إلى الحقّ لغة وعرفا وشرعا ؛ فتفطّن.

__________________

(١) فصّلت (٤١) : ٣٣.

(٢) التوبة (٩) : ١٢٢.

(٣) يونس (١٠) : ٣٥.

٢٣٦

الوجه السابع : قوله سبحانه : ﴿ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (١)

وقوله سبحانه : ﴿ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ (٢) .

وقوله سبحانه : ﴿ أَ فَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى (٣)

ونظائر ذلك من الآيات الدالّة بعمومها على عدم الاستواء بين العالم والجاهل بقول مطلق ، (٤) ويلزمه عدم وجوب تحصيل العلم ولا الاجتهاد عينا على العامي الجاهل ، كما هو المفروض بالحكم الشرعي ، وبعد انضمام عدم القول بالفصل إلى ذلك يتمّ المدّعى ، فتأمّل.

الوجه الثامن : الأخبار الكثيرة الدالّة على أنّ شفاء العيّ (٥) أو دواءه السؤال ، والدالّة على أنّ وظيفة الجاهل السؤال عن الفقيه والعالم ، والعمل بمقتضى جوابه مطلقا :

منها : ما رواه الكليني في الكافي عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن مجدور (٦) أصابته جنابة فغسّلوه فمات ؟ قال : « قتلوه ، ألّا سألوا ، فإنّ دواء العيّ السؤال » . (٧)

منها : ما رواه أيضا فيه عن أحمد بن محمّد ، عن بكر بن صالح وابن فضّال ، عن عبد الله بن إبراهيم الغفاري ، عن جعفر بن إبراهيم الجعفري ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال:

« إنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ذكر له أنّ رجلا أصابته جنابة على جرح كان به ، فأمر بالغسل ، فاغتسل ، فكزّ (٨) ، فمات ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : قتلوه ، قتلهم الله ، إنّما كان دواء العيّ السؤال » . (٩)

__________________

(١) الزمر (٣٩) : ٩.

(٢) الأنعام (٦) : ٥٠ ؛ والرعد (١٣) : ١٦.

(٣) الرعد (١٣) : ١٩.

(٤) انظر الآية ٦ من سورة الزمر (٣٩) .

(٥) العيّ ، بكسر العين وتشديد الياء : التحيّر في الكلام ، والمراد به هنا : الجهل ، ولمّا كان الجهل أحد أسباب العيّ عبّر عنه به. مجمع البحرين ، ح ٢ ، ص ١٣٠٢ ( عيي ) .

(٦) المجدور : المصاب بالجدري ـ بضم الجيم وفتح الدال وكسر الراء ـ وهو داء معروف.

(٧) الكافي ، ج ٣ ، ص ٦٨ ، باب الكسير والمجدور ... ، ح ٥ ؛ وسائل الشيعة ، ج ٣ ، ص ٣٤٦ ، ح ٣٨٢٦.

(٨) كزّ ، فهو مكزوز : إذا انقبض من البرد. الصحاح ، ج ٣ ، ص ٨٩٣ ( كزز ) .

(٩) الكافي ، ج ٣ ، ص ٦٨ ، باب الكسير والمجدور ... ، ح ٤ ؛ وسائل الشيعة ، ج ٣ ، ص ٣٤٧ ، ح ٣٨٢٩.

٢٣٧

ومنها : ما رواه أيضا فيه عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن محمّد بن مسكين وغيره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قيل له : إنّ فلانا أصابته جنابة وهو مجدور ، فغسّلوه ، فمات ؟ فقال : قتلوه ، ألّا سألوا ، ألّا يمّموه ، إنّ شفاء العيّ السؤال » . (١)

ونحوه رواه الصدوق مرسلا في الفقيه فقال : « وقيل لرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ... » إلى آخره ، الحديث. (٢)

ومنها : ما رواه في البحار عن مستطرفات السرائر نقلا عن كتاب محمّد بن عليّ بن محبوب ، عن ابن أبي عمير ، عن محمّد بن مسكين وغيره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « قيل يا رسول الله ، إنّ فلانا أصابته الجنابة وهو مجدور ( فغسّلوه ) ، فمات ؟ قال : قتلوه ، ألّا سألوا ، ألّا يمّموه ، إنّ شفاء العيّ السؤال » . (٣)

ومنها : ما رواه الصدوق في العلل فقال : حدّثنا عليّ بن أحمد ـ رحمه‌الله ـ قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبد الله الكوفي ، عن أبي الخير صالح بن أبي حمّاد ( عن أحمد بن هلال ) ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن عبد المؤمن الأنصاري ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إنّ قوما يروون أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « اختلاف امّتي رحمة » ، فقال : « صدقوا » فقلت : إذا كان اختلافهم رحمة فاجتماعهم عذاب ؟ قال : « ليس حيث تذهب وذهبوا ، إنّما أراد قول الله عزوجل : ﴿ فَلَوْ لا نَفَرَ ... (٤) » ثمّ ذكر الآية ، إلى ﴿ يَحْذَرُونَ « فأمرهم أن ينفروا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويختلفوا إليه ، فيتعلّموا ، ثمّ يرجعوا إلى قومهم ، فيعلّموهم ، إنّما أراد اختلافهم من البلدان ، اختلافا في دين الله ، إنّما الدين واحد ، إنّما الدين واحد » . (٥)

__________________

(١) الكافي ، ج ٣ ، ص ٦٨ ، باب الكسير والمجدور ... ، ح ٥ ؛ وسائل الشيعة ، ج ٣ ، ص ٣٤٦ ، ح ٣٨٢٤.

(٢) الفقيه ، ج ١ ، ص ١٠٧ ، ح ٢١٩.

(٣) بحار الأنوار ، ج ٧٨ ، ص ١٥٣ ، ح ١٠ ؛ وهو في مستطرفات السرائر ، ص ٦١٢.

(٤) التوبة (٩) : ١٢٢.

(٥) علل الشرائع ، ج ١ ، ص ٨٥ ، باب ٧٩ ، ح ٤٤ ؛ وسائل الشيعة ، ج ٢٧ ، ص ١٤٠ ، ح ٣٣٤٢٥.

٢٣٨

ورواه الطبرسي في الاحتجاج مرسلا عن عبد المؤمن الأنصاري بأدنى تغيير. (١)

ومنها : ما رواه الكليني في الكافي عن عليّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن بعض أصحابه ، قال : سئل أبو الحسن عليه‌السلام : هل يسع الناس ترك المسألة عمّا يحتاجون إليه ؟ قال : « لا » . (٢)

ورواه السميّ البرقي في المحاسن عن أبيه وموسى بن القاسم ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن بعض أصحابهما ، قال : سئل أبو الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام ... إلى آخر الحديث. (٣)

ومنها : ما رواه أيضا في الكافي عن عليّ بن محمّد بن عبد الله ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن عثمان بن عيسى ، عن عليّ بن أبي حمزة ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : « تفقّهوا في الدين ، فإنّه من لم يتفقّه منكم في الدين فهو أعرابيّ ، إنّ الله يقول في كتابه : ﴿ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (٤) » . (٥)

ورواه أيضا في المحاسن عن عثمان بن عيسى ، عن عليّ بن أبي حمزة مثله ، غير أنّه أسقط بعد « منكم » لفظ : « في الدين » . (٦)

ومنها : ما رواه أيضا في الكافي عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريز ، عن زرارة ومحمّد بن مسلم وبريد العجلي ، قالوا : قال أبو عبد الله عليه‌السلام لحمران بن أعين في شيء سأله : « إنّما يهلك الناس لأنّهم لا يسألون » . (٧)

__________________

(١) الاحتجاج ، ج ٢ ، ص ١٠٥.

(٢) الكافي ، ج ١ ، ص ٣٠ ، باب فرض العلم ووجوب طلبه والحثّ عليه ، ح ٣ ؛ وسائل الشيعة ، ج ٢٧ ، ص ٦٨ ، ٣٣٢١٩.

(٣) المحاسن ، ص ٢٢٥ ، ح ١٤٨ ؛ وسائل الشيعة ، ج ٢٧ ، ص ٦٨ ، ح ٣٣٢١٩.

(٤) التوبة (٩) : ١٢٢.

(٥) الكافي ، ج ١ ، ص ٣١ ، باب فرض العلم ووجوب طلبه والحثّ عليه ، ح ٦ ؛ بحار الانوار ، ج ١ ، ص ٢١٤ ، ١٩.

(٦) المحاسن ، ص ٢٢٩ ، ح ١٦٣.

(٧) الكافى ، ج ١ ، ص ٤٠ ، باب سؤال العالم وتذاكره ، ح ٢ ؛ بحار الأنوار ، ج ١ ، ص ١٩٨ ، ح ٦ نقلا عن منية المريد.

٢٣٩

ومنها : ما رواه في المحاسن عن أبيه ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن أبي جعفر الأحول ـ واسمه محمّد بن النعمان ـ عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « لا يسع الناس حتّى يسألوا ، أو يتفقّهوا » . (١)

ومنها : ما رواه أيضا فيه عن بعض أصحابنا رفعه قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « تفقّهوا ، فإنّه يوشك أن يحتاج إليكم » الحديث. (٢)

فإنّ المستفاد من هذه الأخبار ـ كما ترى ـ أنّ وظيفة الجاهل إنّما هو السؤال عن العالم ، والعمل بمقتضى ما أجابه هو عنه مطلقا ، وإن هذا إلّا عين المدّعى أو ملزوم له ، كما لا يخفى.

الوجه التاسع : الأخبار الكثيرة المتظافرة أو المتواترة بالمعنى ، الدالّة ـ ولو بالالتزام ـ على جواز الإفتاء بالعلم وبما يعلم ، (٣) الملزوم لما هو المدّعى كما لا يخفى على المتأمّل المنصف.

الوجه العاشر : الأخبار الكثيرة المعتبرة الدالّة على وجوب إظهار العلم على العالم فيما إذا ظهرت البدع في الامّة ، (٤) والمتضمّنة للّعن على العالم التارك له حينئذ ، والدالّة ـ ولو بالالتزام ـ على ما هو الملزوم للمدّعى ، كما لا يخفى.

الوجه الحادي عشر : الأخبار الكثيرة القريبة من التواتر معنى ، بل المتواترة كذلك الدالّة على المدّعى بالنصّ أو الظهور :

منها : ما رواه الصدوق في العيون بإسناده قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « اللهمّ ارحم خلفائي » ثلاث مرّات.

__________________

(١) المحاسن ، ص ٢٢٥ ، ح ١٤٧.

(٢) المحاسن ، ص ٢٢٩ ، ح ١٦٧ ؛ وسائل الشيعة ، ج ٢٧ ، ص ١١٠ ، ح ٣٣٣٤٦.

(٣) انظر الروايات الواردة الناهية عن القول بغير العلم ، التي تدلّ بالمفهوم على جواز الإفتاء بالعلم في الكافي ، ج ١ ، ص ٤٤ ، باب النهي عن القول بغير علم.

(٤) انظر الكافي ، ج ١ ، ص ٥٤ ، باب البدع والرأي والمقاييس ؛ وسائل الشيعة ، ج ١٦ ، ص ٢٦٩ ، ح ٢١٥٣٨.

٢٤٠