السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-273-3
الصفحات: ٥٠٤
الأصحّ ) الأشهر ، كما يأتي.
( الثالثة : لو ادّعى ) رجل ( زوجيّة امرأة ، وادّعت أُختها زوجيّته ) : فمع عدم البيّنة منهما والدخول بالمدّعية ، الحكم له في قطع دعواها مع اليمين ، وكذلك معه (١) على الأظهر ؛ لترجيح الأصل على الظاهر.
ولها مع الردّ ، فتحلف على الدعوى ، وعلى نفي العلم بما ادّعى.
وكذا الحكم له مع اختصاص البيّنة به ، فيحلف معها. وقيل بعدم لزومه (٢). وهو مشكل. ولا فرق فيه بين الدخول والعدم ، كما تقدّم.
ومع اختصاصها بها فالحكم لها مع الحلف على نفي العلم.
ومعها لهما مطلقاً (٣) ، ( فالحكم لبيّنة الرجل ).
قيل : لرجحانها على بيّنتها ؛ لإنكارها فعله الذي لا يعلم إلاّ من قبله ، فلعلّه عقد على الاولى قبل العقد عليها (٤).
وفيه نظر ، مضافاً إلى اختصاصه بصورة إطلاق البيّنتين ، أمّا مع تأرّخهما بتاريخين متساويين فلا.
فالأصل في المسألة الخبر الذي ضعفه ولو من وجوه ، بالشهرة بل وعدم الخلاف والإجماع المحكيّ (٥) قد انجبر ـ : في رجل ادّعى على امرأة أنّه تزوّجها بوليّ وشهود ، وأنكرت المرأة ذلك ، وأقامت أُخت هذه المرأة على هذا الرجل البينة أنّه تزوّجها بوليّ وشهود ولم توقّت وقتاً : « أنّ البيّنة
__________________
(١) أي مع الدخول.
(٢) الروضة ٥ : ١٣٢.
(٣) أي سواء كانت البيِّنتان مطلقتين أو مؤرّختين بتأريخين متساويين. منه رحمهالله.
(٤) قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ١٤.
(٥) المسالك ١ : ٤٤٦.
بيّنة الزوج ، ولا تقبل بيّنة المرأة ؛ لأنّ الزوج قد استحقّ بضع هذه المرأة ، وتريد أُختها فساد هذا النكاح ، ولا تصدّق (١) ولا تقبل بيّنتها إلاّ بوقت قبل وقتها أو دخول بها »(٢).
وإشكال بعضهم فيه بأنّ الزوج منكر فلا وجه لتقديم بيّنته (٣) ؛ مدفوعٌ بصراحته بإنكار الاولى زوجيّته ، فاعتبار بيّنته بالإضافة إليها لكونه مدّعياً في مقابلها.
وأمّا التقديم فلعلّه للرجحان المتقدّم ، مع أنّه لا يمكن الجمع بين قضيّتهما ؛ للتنافي ، كذا قيل (٤).
وهو حسن ، إلاّ في وجه التقديم ، وفيه النظر السابق.
نعم ، يتوجّه عليه حينئذٍ : أنّ الإشكال في التقديم إنّما هو من حيث ارتكابه بلا مرجّح لا من حيث إنّه منكر فلا وجه لتقديم بيّنته ، ففيه المخالفة للقاعدة من هذه الجهة ؛ ولذا يستشكل في انسحاب الحكم في مثل البنت والأُمّ : من التساوي ، والخروج عن النصّ ، وهو الأقوى ، لا لما ذكره.
نعم ، الإشكال من تلك الجهة أيضاً متوجّه على إطلاق (٥) عبائر الأصحاب ، إلاّ أن يُخَصَّ بما في النص.
وظاهر إطلاقه كإطلاق كلام الأكثر الاكتفاء في التقديم بالبيّنة من
__________________
(١) ليست في « ص ».
(٢) الكافي ٥ : ٥٦٢ / ٢٦ ، التهذيب ٧ : ٤٣٣ / ١٧٢٩ ، الوسائل ٢٠ : ٢٩٩ أبواب عقد النكاح ب ٢٢ ح ١.
(٣) كما في المسالك ١ : ٤٤٦.
(٤) قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ١٤.
(٥) المشتمل لما إذا لم تكن المرأة الأُولى منكرة. منه رحمهالله.
دون يمين ، وإلاّ للزم تأخير البيان عن وقت الحاجة.
وربما قيل بعدمه ولزوم ضمّها إليها ؛ جمعاً بينه وبين القاعدة ، فيحلف الرجل ؛ من حيث إنّ بيّنته إنّما هي لإثبات ما ادّعاه على المرأة الأُولى ، وبينه وبين أُختها دعوى اخرى ، وهو منكر بالنسبة إليها ، فلا بُدّ من اليمين لقطع دعواها ، ولا يضرّ إقامتها البيّنة ؛ لإمكان سبق العقد على الاولى (١). وهو أحوط ، فتقدّم بيّنته معها.
( إلاّ أن يكون مع ) بيّنة ( المرأة ) المدّعية ( ترجيحٌ ) على بيّنة الرجل ( من دخول ، أو ) سبق ( تاريخ ) فيحكم لها حينئذٍ مطلقاً ، كما في ظاهر الخبر.
وربما يشترط في المرجّح الأول حلفها على نفي العلم بما ادّعى ؛ لاحتمال تقدّم العقد على الاولى ، ولتعارض البيّنتين في أنفسهما بالنظر إلى المرأتين وإن كانت مدّعية خاصّة ، والدخول غايته رفع مرجّح بيّنته ، فيبقى التعارض إلى أن تحلف. وليس في ذلك خروجٌ عن النصّ ؛ إذ غايته ترجيح البيّنة ، وهو لا ينافي إيجاب اليمين ، وهو كالسابق وإن خالف ظاهر الخبر ، إلاّ أنّه أحوط.
( ولو عقد على امرأة ، وادّعى آخر زوجيّتها ، لم يلتفت إلى دعواه ، إلاّ مع البيّنة ) فتقبل دعواه حينئذٍ لا مطلقاً ، بلا خلاف ؛ للنصوص :
منها الحسن : إنّ أخي مات وتزوّجت امرأته ، فجاء عمّي فادّعى أنّه كان تزوّجها سرّاً ، فسألتها عن ذلك فأنكرت أشدّ الإنكار ، فقالت : ما كان بيني وبينه شيء قطّ ، فقال : « يلزمك إقرارها ويلزمه إنكارها » (٢).
__________________
(١) انظر كشف اللثام ٢ : ١٤.
(٢) الكافي ٥ : ٥٦٣ / ٢٧ ، الفقيه ٣ : ٣٠٣ / ١٤٥٢ ، الوسائل ٢٠ : ٢٩٩ أبواب عقد النكاح ب ٢٣ ح ١.
والخبر : عن رجل تزوّج امرأة في بلد من البلدان ، فسألها : ألك زوج؟ فقالت : لا ، فتزوَّجَها ، ثم إنّ رجلاً أتاه فقال : هي امرأتي ، فأنكرت المرأة ذلك ، ما يلزم الزوج؟ فقال : « هي امرأته ، إلاّ أن يقيم البيّنة » (١).
وأمّا الموثّق الناهي عن القرب منها إن كان المدّعى ثقة (٢) ، فشاذّ ، فحمله على الاستحباب متعيّن.
ثم إنّ مقتضى الأصل كإطلاق العبارة والنصوص الماضية انقطاع الدعوى بعدم البيّنة مطلقاً ولو لم تحلف المرأة ، ولا خلاف فيه بالإضافة إلى نفي الزوجيّة للمدّعي.
وأمّا بالإضافة إلى ما يترتّب عليه فكذلك ؛ لما مرّ من الأصل وإطلاق النصّ.
خلافاً لجماعة ، فأوجبوا اليمين عليها بالإضافة إلى هذا (٣) ؛ تمسّكاً بعموم : « اليمين على من أنكر » (٤) فيخصّ به الأصل وإطلاق ما مرّ.
وفيه نظر ؛ لعدم عمومٍ فيه يشمل ما نحن فيه ؛ نظراً إلى أنّ المتبادر منه لزوم الحلف لقطع أصل الدعوى لا لوازمه ، والعمدة في التعدية هو الإجماع ، وليس ؛ لظهور إطلاق عبائر الأكثر فيما مرّ. ولكن الأحوط : اليمين.
ثم ظاهر الحصر في العبارة : انحصار انقطاع الدعوى بالبيّنة ، فلا يتحقّق بإقرار المرأة ، وبه صرّح جماعة (٥) ؛ ولعلّ الوجه فيه مع خلوّ
__________________
(١) التهذيب ٧ : ٤٦٨ / ١٨٧٤ ، الوسائل ٢٠ : ٣٠٠ أبواب عقد النكاح ب ٢٣ ح ٣.
(٢) التهذيب ٧ : ٤٦١ / ١٨٤٥ ، الوسائل ٢٠ : ٣٠٠ أبواب عقد النكاح ب ٢٣ ح ٢.
(٣) منهم الشهيد الثاني في الروضة ٥ : ١٢٤ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ١٤.
(٤) غوالي اللئلئ ٢ : ٢٥٨ / ١٠ ، ج ٣ : ٥٢٣ / ٢٢.
(٥) منهم الفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ١٤ ، والبحراني في الحدائق ٢٣ : ١٨٨.
النصوص الماضية عنه الأصل ، وأنّه إقرارٌ في حقّ الغير ، فلا يسمع.
( الرابعة ) : يشترط تعيين الزوج والزوجة بالاسم ، أو الإشارة ، أو الوصف القاطع للشركة ، إجماعاً ؛ للأصل ، ولزوم الضرر والغرر بعدمه ، المنفيّين بالأدلّة القطعيّة ، وللصحيح الآتي في الجملة.
ويتفرّع عليه ما ( لو كان لرجل عدّة بنات فزوّج واحدة ) منهنّ ( ولم يُسَمِّها ) ولا ميّزها بغيره ، فإن لم يقصد معيّنة بطل النكاح مطلقاً (١) ، كبطلانه بقصده مع عدم قصد الزوج ، أو قَصْده الخلاف ؛ لعدم التعيين في شيء من ذلك.
وإن قصدا معيّنة ( ثم اختلفا في المعقود عليها ) بعد الاتّفاق على صحّة العقد ، المستلزم لورود الطرفين على واحدة بالنيّة المتّفق عليها بينهما فيبطل أيضاً مطلقاً عند الحلّي والمسالك والروضة (٢) ؛ لعين ما ذكر في الصور السابقة.
ويصحّ على الأظهر ، وفاقاً للأكثر كما في المسالك (٣) ، ومنهم : النهاية والقاضي والفاضلان واللمعة (٤) ، وغيرهم (٥). لكن بشرط يأتي ذكره ، لا مطلقاً.
( فالقول قول الأب ، وعليه أن يسلّم إليه التي قصدها في العقد إن
__________________
(١) أعمّ من أن يكون الزوج قصد إحداهنّ أم لا. منه رحمهالله.
(٢) الحلي في السرائر ٢ : ٥٧٣ ، المسالك ١ : ٤٤٦ ، الروضة ٥ : ١١٣.
(٣) المسالك ١ : ٤٤٥.
(٤) النهاية : ٤٦٨ ، القاضي في المهذب ٢ : ١٩٦ ، المحقق في الشرائع ٢ : ٢٧٥ ، العلاّمة في التحرير ٢ : ٥ ، والقواعد ٢ : ٤ ، والتذكرة ٢ : ٥٨٤ ، اللمعة ( الروضة ) ٥ : ١١٣.
(٥) الكفاية : ١٥٥.
كان الزوج رَآهُنّ ) هذا شرط للتقديم ، لا وجوب التسليم ، وهو المراد بما وعدناه.
( وإن لم يكن رَآهُنّ فالعقد باطل ) كما في الصحيح (١) ، وعليه العمل ؛ لصحّة سنده ، مع عمل الأكثر بمضمونه ، فتُخصَّص به القاعدة ؛ لمخالفته لها بدلالته على صحّة العقد مع عدم التسمية مع الرؤية ، وعدمها مع العدم. ومقتضاها البطلان مطلقاً مع الرؤية وعدمها.
ولا يتصوّر الفارق بينهما إلاّ ما قيل من ظهور رضاء الزوج بتعيين الأب ، وتفويضه ذلك إليه مع الرؤية ، وعدمه مع عدمها فيبطل (٢).
وهو مشكل ؛ لأعمّية الرؤية من التفويض المدّعى ، كأعمّية عدمها من عدمه.
ودعوى ظهورها فيه كدعوى ظهور عدمها في عدمه ممنوعة.
فالاعتذار بالتعبّدية أولى من ارتكاب التوجيه في الفَرْق بمثل ذلك.
وللمخالفة المزبورة طَرَحَه (٣) الحلّي رأساً (٤) ؛ بناءً على أصله لكونه من الآحاد.
ولا وجه لطرحه سوى ذلك ، فمتابعة شيخنا في المسالك (٥) له فيه لا وجه لها ، مع عدم موافقته له على أصله.
__________________
(١) الكافي ٥ : ٤١٢ / ١ ، الفقيه ٣ : ٢٦٧ / ١٢٦٨ ، التهذيب ٧ : ٣٩٣ / ١٥٧٤.
(٢) قال به المحقّق الثاني في جامع المقاصد ١٢ : ٨١.
(٣) أي الصحيح منه رحمهالله.
(٤) السرائر ٢ : ٥٧٣.
(٥) المسالك ١ : ٤٤٦.
( وأمّا الآداب ).
( فقسمان ) :
( الأول : آداب العقد ).
( و ) هي أُمور :
منها : أنّه ( يُستحَبّ أن يتخيّر من النساء البكر ).
للنصوص ، منها : النبويّ : « تزوّجوا الأبكار ، فإنّهنّ أطيبُ شيءٍ أفواهاً ، وأدرُّ شيءٍ أخلافاً » بالفاء « وأحسنُ شيءٍ أخلاقاً ، وأفْتَخُ (١) شيءٍ أرحاماً » (٢).
ولأنّه أحرى بالموافقة والائتلاف.
( العفيفة ) فرجاً وغيره ؛ للنصوص (٣) ، وحفظ النسب.
قيل : ولأنّ الإعراض عن الفاسقة ضربٌ من إنكار المنكر (٤). وفيه نظر.
( الكريمة الأصل ) الغير الناشئة هي وآباؤها وأُمّهاتها عن زناء وحيض وشبهه ، البعيدة هي كوالدتها عن الألسن ؛ للنصوص :
منها : النبويّ : « تخيّروا لنطفكم ، ولا تضعوها في غير الأكفاء » (٥).
__________________
(١) بالخاء المعجمة ، أي : ألين وأنعم ، كما عن السرائر ٢ : ٥٦٠. منه رحمهالله.
(٢) الكافي ٥ : ٣٣٤ / ١ ، التهذيب ٧ : ٤٠٠ / ١٥٩٨ ، التوحيد : ٣٩٥ / ١٠ ، الوسائل ٢٠ : ٥٥ أبواب مقدمات النكاح ب ١٧ ح ١ ، ٢ بتفاوت.
(٣) الكافي ٥ : ٣٢٤ / ١ ، الفقيه ٣ : ٢٤٦ / ١١٦٧ ، التهذيب ٧ : ٤٠٠ / ١٥٩٧ ، الوسائل ٢٠ : ٢٨ أبواب مقدمات النكاح ب ٦ ح ٢.
(٤) قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٦.
(٥) سنن الدارقطني ٣ : ٢٩٩ / ١٩٨ إلاّ أنّ فيه : لا تضعوها إلاّ في الأكفاء.
وفي آخر : « إيّاكم وخضراء الدِّمَن » قيل : وما خضراء الدِّمَن؟ قال : « هي المرأة الحسناء في منبت السوء » (١).
( و ) منها : ( أن يقصد السنّة ) ويراعي الأصل والعفّة ، و ( لا ) يقصر على ( الجمال والمال ) والثروة ( فربما حرمهما ) كما عن مولانا الصادق عليهالسلام : « إذا تزوّج الرجل المرأة لجمالها أو مالها وُكِّل إلى ذلك ، وإذا تزوّجها لدينها رزقه الله تعالى الجمال والمال » (٢).
( و ) منها : أن ( يصلّي ) مُريد التزويج قبل تعيين المرأة ( ركعتين ) ويحمد الله تعالى بعدهما ( ويسأل الله تعالى أن يرزقه من النساء أعفّهنّ ) فرجاً ( وأحفظهنّ ) له ما عليها نفساً ومالا ( وأوسعهنّ رزقاً ، وأعظمهنّ بركة ) في نفسها وولدها.
كما عن مولانا الصادق عليهالسلام : « إذا همَّ بذلك فليصلّ ركعتين ، ويحمد الله تعالى ويقول : اللهمّ إنّي أُريد أن أتزوّج ، فقدّر لي من النساء أعفّهنّ فرجاً ، وأحفظهنّ لي في نفسها وفي مالي ، وأوسعهنّ رزقاً ، وأعظمهنّ بركة ، وقدّر لي منها ولداً طيّباً تجعله خَلَفاً صالحاً في حياتي وبعد موتي » (٣).
( ويستحبّ الإشهاد والإعلان ) في العقد ، ولا يجب كما مرّ قريباً (٤).
( والخُطبة ) بضمّ الخاء ( أمام العقد ) ؛ للتأسّي ، وأقلّها : الحمد لله ،
__________________
(١) معاني الأخبار : ٣١٦ / ١ ، الوسائل ٢٠ : ٣٥ أبواب مقدمات النكاح ب ٧ ح ٧.
(٢) الكافي ٥ : ٣٣٣ / ٣ ، الفقيه ٣ : ٢٤٨ / ١١٨٠ ، التهذيب ٧ : ٤٠٣ / ١٦٠٩ ، الوسائل ٢٠ : ٤٩ أبواب مقدمات النكاح ب ١٤ ح ١.
(٣) الكافي ٥ : ٥٠١ / ٣ ، الفقيه ٣ : ٢٤٩ / ١١٨٧ ، التهذيب ٧ : ٤٠٧ / ١٦٢٧ ، الوسائل ٢٠ : ١١٣ أبواب مقدمات النكاح ب ٥٣ ح ١.
(٤) في ص : ١٩.
كما في بعض الأخبار (١) ، وأكملها الخطب المرويّة عنهم عليهمالسلام ، وهي كثيرة (٢).
( وإيقاعه ليلاً ) فعن مولانا الرضا عليهالسلام : « من السنّة : التزويج بالليل ؛ لأنّ الله تعالى جعل الليل سكناً ، والنساء إنّما هنّ سكن » (٣).
( ويكره ) إيقاعه ( والقمر في ) برج ( العقرب ) ؛ لقول الصادق عليهالسلام : « مَن تزوّج والقمر في العقرب لم يرَ الحُسنى » (٤).
( وأن يتزوّج العقيم ) التي لم تلد ، بل تستحبّ الولود ، التي من شأنها ذلك بعدم يأسها ولا صغرها ولا عقمها.
قال عليهالسلام : « تزوّجوا بكراً ولوداً ، ولا تزوّجوا حسناء جميلة عاقراً ، فإنّي أُباهي بكم الأُمم يوم القيامة حتى بالسقط يظلّ مُحْبَنِطئاً (٥) على باب الجنّة ، فيقول الله عزّ وجلّ : أدخل الجنّة ، فيقول : لا ، حتى يدخل أبواي قبلي ، فيقول الله تبارك وتعالى لمَلَكٍ من الملائكة : ائتني بأبويه ، فيأمر بهما إلى الجنّة ، فيقول : هذا بفضل رحمتي لك » (٦).
__________________
(١) الكافي ٥ : ٣٦٨ / ٢ ، التهذيب ٧ : ٤٠٨ / ١٦٣٠ ، الوسائل ٢٠ : ٩٦ أبواب مقدمات النكاح ب ٤١ ح ٢.
(٢) الوسائل ٢٠ : ٩٧ أبواب مقدمات النكاح ب ٤٢ ، المستدرك ١٤ : ٢٠١ أبواب مقدمات النكاح ب ٣٣.
(٣) الكافي ٥ : ٣٦٦ / ١ ، التهذيب ٧ : ٤١٨ / ١٦٧٥ ، الوسائل ٢٠ : ٩١ أبواب مقدمات النكاح ب ٣٧ ح ٣.
(٤) الفقيه ٣ : ٢٥٠ / ١١٨٨ ، التهذيب ٧ : ٤٠٧ / ١٦٢٨ ، المقنعة : ٥١٤ ( بتفاوت يسير ) ، الوسائل ٢٠ : ١١٤ أبواب مقدمات النكاح ب ٥٤ ح ١.
(٥) المُحْبَنْطِئ : الممتلئ غضباً ، وقيل : المغضِّب المستبطئ للشيء ، وقيل : هو الممتنع امتناع طلب لا امتناع إباء انظر لسان العرب ٧ : ٢٧١ ، ٢٧٢.
(٦) الوسائل ٢٠ : ٥٤ أبواب مقدمات النكاح ب ١٦ ح ١ ، و ٥٥ ب ١٧ ح ١ و ٢.
( القسم الثاني )
( في آداب الخلوة ) والدخول بالمرأة
وهي أيضاً أُمورٌ أشار إليها بقوله :
( يستحبّ صلاة ركعتين إذا أراد الدخول ، والدعاء ) بعدهما ، بعد أن يمجّد الله تعالى ، ويصلّي على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بقوله : « اللهمّ ارزقني إلفها وودّها ورضاها ، وأرضني بها ، واجمع بيننا بأحسن اجتماع وآنس ائتلاف ، فإنّك تحبّ الحلال وتكره الحرام » أو غيره من الدعاء.
( وأن يأمرها بذلك عند الانتقال ) فتصلّي ركعتين بعد الطهارة ، وتدعو الله تعالى بمعنى ما دعا.
كلّ ذلك للصحيح (١).
( وأن يجعل يده على ناصيتها ) وهي : ما بين النزعتين من مقدم الرأس عند دخولها عليه ، مستقبل القبلة ( ويكونا على طهر ويقول : « اللهمّ على كتابك تزوّجتُها ، وفي أمانتك أخذتها ، وبكلماتك استحللتُ فرجها ، فإن قضيتَ لي في رحمها شيئاً فاجعله مسلماً سويّاً ، ولا تجعله شرك الشيطان » ). كما في الخبر (٢) ، وقريبٌ منه الحسن (٣) وغيره (٤).
__________________
(١) الكافي ٥ : ٥٠٠ / ١ ، التهذيب ٧ : ٤٠٩ / ١٦٣٦ ، الوسائل ٢٠ : ١١٥ أبواب مقدمات النكاح ب ٥٥ ح ١.
(٢) الكافي ٥ : ٥٠١ / ٣ ، الفقيه ٣ : ٢٤٩ / ١١٨٧ ، التهذيب ٧ : ٤٠٧ / ١٦٢٧ ، الوسائل ٢٠ : ١١٣ أبواب مقدمات النكاح ب ٥٣ ح ١.
(٣) الكافي ٥ : ٥٠٠ / ٢ ، الفقيه ٣ : ٢٥٤ / ١٢٠٥ ، الوسائل ٢٠ : ١١٦ أبواب مقدمات النكاح ب ٥٥ ح ٢.
(٤) الكافي ٥ : ٥٠١ / ٤ ، الوسائل ٢٠ : ١١٦ أبواب مقدمات النكاح ب ٥٥ ح ٣.
( وأن يكون الدخول ليلاً ) وقد تقدّم من الأخبار ما يدلّ عليه (١).
وفي الخبر : « زفّوا عرائسكم ليلاً ، وأطعموا ضحى » (٢).
ويناسبه الحياء ، فيستحبّ إضافة الستر المكاني والقولي إلى الستر الزماني ؛ لإشعار النبويِّين بذلك (٣).
( وأن يسمّي عند الجماع ) ويتعوّذ بالله من الشيطان ؛ كما في المعتبر ، بل الصحيح (٤) على الصحيح.
وأفضلها ما في المرتضوي : « إذا جامع أحدكم فليقل : بسم الله وبالله ، اللهمّ جنّبني الشيطان ، وجنّب الشيطان ما رزقتني ، قال : فإن قضى الله تعالى بينهما ولداً لا يضرّه الشيطان بشيء أبداً » (٥).
( و ) أن ( يسأل الله تعالى أن يرزقه ولداً ذَكَراً ) فعن مولانا الباقر عليهالسلام : « إذا أردت الجماع فقل : اللهمّ ارزقني ولداً ، واجعله تقيّاً زكيّاً ، ليس في خلقته زيادة ولا نقصان ، واجعل عاقبته إلى خير » (٦).
( ويكره الجماع ليلة الخسوف ويوم الكسوف ).
للصحيح : « يكره في الليلة التي ينكسف فيها القمر ، واليوم الذي
__________________
(١) راجع ص : ٢٩.
(٢) الكافي ٣٦٦ / ٢ ، الفقيه ٣ : ٢٥٤ / ١٢٠٣ ، التهذيب ٧ : ٤١٨ / ١٦٧٦ ، الوسائل ٢٠ : ٩١ أبواب مقدمات النكاح ب ٣٧ ح ٢.
(٣) الأول : سنن البيهقي ٧ : ١٩٤ ، صحيح مسلم ٢ : ١٠٦٠ / ١٢٣ ، ١٢٤. الثاني : سنن البيهقي ٧ : ١٩٤.
(٤) الكافي ٥ : ٥٠٢ / ١ ، الوسائل ٢٠ : ١٣٥ أبواب مقدمات النكاح ب ٦٨ ح ١.
(٥) الكافي ٥ : ٥٠٣ / ٣ ، الوسائل ٢٠ : ١٣٦ أبواب مقدمات النكاح ب ٦٨ ح ٣.
(٦) التهذيب ٧ : ٤١١ / ١٦٤١ ، الوسائل ٢٠ : ١١٧ أبواب مقدمات النكاح ب ٥٥ ح ٥.
تنكسف فيه الشمس ، وفيما بين غروب الشمس إلى مغيب الشفق ، ومن طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، وفي الريح السوداء والصفراء والزلزلة ، ولقد بات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عند بعض نسائه فانكسف القمر في تلك الليلة ، فلم يكن منه فيها شيء ، فقالت له زوجته : يا رسول الله بأبي أنت وأمّي كلّ هذا البغض ، فقال : ويحك هذا الحادث من السماء ، فكرهت أن أتلذّذ فأدخل في شيء ، وقد عَيَّر الله تعالى قوماً ، فقال عزّ وجلّ ( وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ ) (١) وأيم الله لا يجامع [ أحد (٢) ] في هذه الساعات التي وصفت فيرزق من جماعه ولداً وقد سمع بهذا الحديث فيرى ما يحبّ » (٣).
( وعند الزوال ) كما في وصيّة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لعليٍّ عليهالسلام ، معلّلاً فيها بأنّه : « إن قضي بينكما ولد في ذلك الوقت يكون أحول ، والشيطان يفرح بالحول في الإنسان ».
إلاّ زوال يوم الخميس كما فيها ، فقال عليهالسلام : « وإن جامعتها يوم الخميس عند زوال الشمس عند كبد السماء فقضي بينكما ولد ، فإنّ الشيطان لا يقربه حتى يشيب ويكون قيماً (٤) ، يرزقه الله عزّ وجلّ السلامة في الدين والدنيا » رواها الصدوق في الفقيه في نوادر النكاح (٥).
__________________
(١) الطور : ٤٤.
(٢) ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر ، لاستقامة المتن.
(٣) الفقيه ٣ : ٢٥٥ / ١٢٠٧ ، التهذيب ٧ : ٤١١ / ١٦٤٢ ، الوسائل ٢٠ : ١٢٦ أبواب مقدمات النكاح ب ٦٢ ح ٢ بتفاوت يسير.
(٤) أي بأُمور الناس لله. روضة المتقين ٩ : ٢٣١.
(٥) الفقيه ٣ : ٣٥٨ / ١٧١٢ ، الوسائل ٢٠ : ٢٥١ أبواب مقدمات النكاح ب ١٤٩ ح ١.
( وعند الغروب حتى يذهب الشفق ) للصحيح المتقدّم.
( وفي المحاق ) وهو : الثلاثة أيّام من آخر الشهر ؛ للخبر : « من أتى أهله في محاق الشهر فليسلّم لسقط الولد » (١).
وتتأكّد الكراهة في الليلة الأخيرة منه ؛ للنهي عنه بخصوصه في بعض الأخبار (٢).
( وبعد الفجر حتى تطلع الشمس ) للصحيح المتقدّم (٣).
( وفي أوّل ليلة من كلّ شهر ، إلاّ شهر رمضان ، وفي ليلة النصف ) منه وآخره ، عطف على « أوّل » لا على المستثنى.
ففي الوصيّة : « يا عليّ ، لا تجامع امرأتك في أوّل الشهر ووسطه وآخره ؛ فإنّ الجنون والجذام والخبل يسرع إليها وإلى ولدها » (٤).
وعن مولانا الصادق عليهالسلام : « يكره للرجل أن يجامع في أوّل ليلة من الشهر وفي وسطه وآخره ؛ فإنّه من فعل ذلك خرج الولد مجنوناً ، ألا ترى أنّ المجنون أكثر ما يصرع في أوّل الشهر ووسطه وآخره؟! » (٥).
وروى الصدوق عن علي عليهالسلام أنّه قال : « يستحبّ للرجل أن يأتي
__________________
(١) الكافي ٥ : ٤٩٩ / ٢ ، الفقيه ٣ : ٢٥٤ / ١٢٠٦ ، التهذيب ٧ : ٤١١ / ١٦٤٣ ، الوسائل ٢٠ : ١٢٧ أبواب مقدمات النكاح ب ٦٣ ح ١.
(٢) الوسائل ٢٠ : ١٢٨ أبواب مقدمات النكاح ب ٦٤.
(٣) في ص : ٣٢.
(٤) الفقيه ٣ : ٣٥٨ / ١٧١٢ ، أمالي الصدوق : ٤٥٤ / ١ ، علل الشرائع : ٥١٤ / ٥ ، الوسائل ٢٠ : ١٢٩ أبواب مقدمات النكاح ب ٦٤ ح ٥.
(٥) علل الشرائع : ٥١٤ / ٤ وفيه : .. عن أبيه جعفر ، عن أبيه عليهمالسلام ، عيون الأخبار ١ : ٢٢٥ / ٣٥ ، الوسائل ٢٠ : ١٢٩ أبواب مقدمات النكاح ب ٦٤ ح ٦ وفيه : .. عن علي بن محمد العسكري ، عن أبيه ، عن آبائه عليهمالسلام.
أهله أول ليلة من شهر رمضان ؛ لقول الله عزّ وجلّ ( أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ ) (١) » (٢).
( وفي السفر إذا لم يكن معه ماءٌ للغسل ) للنهي عنه عن مولانا الكاظم عليهالسلام في الموثّق (٣) ، مستثنياً منه خوفه على نفسه.
( وعند الزلزلة ، والريح الصفراء والسوداء ) للصحيح المتقدّم (٤). وتعليل الكراهة في الخوف فيه مشعرٌ بها في كلّ آية ، كما عن سلاّر وابن سعيد (٥).
( ومستقبل القبلة ومستدبرها ) للنهي عنه في الرواية (٦). ولضعفها بجهالة راويها ، مع معارضة الأصل لها حملت على الكراهة ، فالقول بالحرمة كما عن بعض (٧) فيه ما فيه.
وقيل : وخوفاً من فقر الولد (٨).
( وفي السفينة ) للنهي عنه في الرواية (٩). وقيل : إنّ النطفة لا تستقرّ فيها (١٠).
__________________
(١) البقرة : ١٨٧.
(٢) الفقيه ٣ : ٣٠٣ / ١٤٥٥ ، الوسائل ٢٠ : ١٢٩ أبواب مقدمات النكاح ب ٦٤ ح ٤.
(٣) التهذيب ١ : ٤٠٥ / ١٢٦٩ ، الوسائل ٣ : ٣٩٠ أبواب التيمم ب ٢٧ ح ١.
(٤) في ص : ٣٢.
(٥) سلاّر في المراسم : ١٥١ ، ابن سعيد في الجامع للشرائع : ٤٥٣.
(٦) الفقيه ٣ : ٢٥٥ / ١٢١٠ ، التهذيب ٧ : ٤١٢ / ١٦٤٦ ، الوسائل ٢٠ : ١٣٧ أبواب مقدمات النكاح ب ٦٩ ح ١.
(٧) قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٢٠.
(٨) حكاه الفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٨.
(٩) الفقيه ٣ : ٢٥٥ / ١٢١١ ، التهذيب ٧ : ٤١٢ / ١٦٤٦ ، الوسائل ٢٠ : ١٣٨ أبواب مقدمات النكاح ب ٦٩ ح ٢.
(١٠) حكاه الفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ٨.
( وعارياً ) للنهي عنه فيها (١).
( وعقيب الاحتلام قبل الغُسل أو الوضوء ) للنبوي : « يكره أن يغشى الرجل المرأة إن احتلم حتى يغتسل من احتلامه الذي رأى ، فإن فعل ذلك وخرج الولد مجنوناً فلا يلومنّ إلاّ نفسه » (٢).
وليس فيها الاجتزاء بالوضوء عن الغسل في رفع الكراهة ، كما هنا وفي القواعد واللمعة ، وعن النهاية والمهذّب والوسيلة (٣). ودليله غير واضح ؛ ولذا اقتصر الحلّي على الغُسل (٤) ، وهو أحوط. وقيّده ابن سعيد بتعذّر الغُسل (٥).
ولا تكره معاودة الجماع بغير غُسل ؛ للأصل ، وفعل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم (٦) ؛ مع اختصاص الرواية والفتوى بالاحتلام ، والقياس حرام.
ولا ينافيه ما عن الرسالة الذهبية المنسوبة إلى مولانا الرضا عليهالسلام : « الجماع بعد الجماع من غير فصلٍ بينهما بغسلٍ يورث الولد الجنون » (٧).
لاحتمال فتح الغين دون ضمّها ، فغايته استحباب غَسل الفرج ، ونفى عنه الخلاف في المبسوط ، لكن مع ضمّ وضوء الصلاة (٨).
__________________
(١) وقد تقدمت الإشارة إليها في ص ٣٤ الهامش ٦.
(٢) الفقيه ٣ : ٢٥٦ / ١٢١٢ ، التهذيب ٧ : ٤١٢ / ١٦٤٦ ، علل الشرائع : ٥١٤ / ٣ ، المحاسن : ٣٢١ ، الوسائل ٢٠ : ١٣٩ أبواب مقدمات النكاح ب ٧٠ ح ١.
(٣) القواعد ٢ : ٢ ، اللمعة ( الروضة البهية ) ٥ : ٩٤ ، النهاية : ٤٨٢ ، المهذب ٢ : ٢٢٢ ، الوسيلة : ٣١٤.
(٤) السرائر ٢ : ٦٠٦.
(٥) الجامع للشرائع : ٤٥٣.
(٦) سنن البيهقي ٧ : ١٩١ ١٩٢.
(٧) الرسالة الذهبية للرضا عليهالسلام : ٢٨ بتفاوت يسير ، المستدرك ٢٠ : ٣٠٨ أبواب مقدمات النكاح ب ١١٨ ح ١٩.
(٨) المبسوط ٤ : ٢٤٣.
وروى الوشّاء الوضوء عن الرضا عليهالسلام (١) ، كابن أبي نجران مرسلاً عن الصادق عليهالسلام في الجارية يأتيها ثم يريد إتيان أُخرى (٢).
هذا ، والمسامحة في أدلّة الكراهة تقتضي الاكتفاء في الإلحاق بالاحتلام بمجرّد احتمال الضمّ ، مضافاً إلى كونه الظاهر ، فتأمل.
( و ) يكره أيضاً ( الجماع ، وعنده من ينظر إليه ) بحيث لا ينظر إلى عورته ، وإلاّ فيحرم.
قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « والذي نفسي بيده ، لو أنّ رجلاً غشي امرأته وفي البيت [ صبيٌّ ] مستيقظ ، يراهما ويسمع كلامهما ونَفَسَهما ، ما أفلح أبداً ، إن كان غلاماً كان زانياً ، وإن كانت جارية كانت زانية » (٣).
وعن مولانا الصادق عليهالسلام قال : « لا يجامع الرجل امرأته ولا جاريته وفي البيت صبيّ ، فإنّ ذلك ممّا يورث الزناء » (٤).
وإطلاقهما ـ كإطلاق كلام أكثر الأصحاب ـ يقتضي عدم الفرق بين المميّز وغيره ، مع ما عن بعض الكتب عن الصادق عليهالسلام : « نهى أن توطأ المرأة ، والصبي في المهد ينظر إليهما » (٥) فالتخصيص بالمميّز لا وجه له.
__________________
(١) كشف الغمة ٢ : ٣٠٢ ، الوسائل ١ : ٣٨٥ أبواب الوضوء ب ١٣ ح ٢.
(٢) التهذيب ٧ : ٤٥٩ / ١٨٣٧ ، الوسائل ٢٠ : ٢٥٧ أبواب مقدمات النكاح ب ١٥٥ ح ١ وفيه : عن عثمان بن عيسى عمّن ذكره ، وهو سهو ، وفي التهذيب : عن ابن أبي نجران عمَّن رواه .. وأمّا عثمان بن عيسى فقد روى خبر آخر مرسلاً في التهذيب قبل هذه الرواية ، ولعلّ هذا كان منشأً للسهو.
(٣) الكافي ٥ : ٥٠٠ / ٢ ، الوسائل ٢٠ : ١٣٣ أبواب مقدمات النكاح ب ٦٧ ح ٢ وما بين المعقوفين من المصدر.
(٤) الكافي ٥ : ٤٩٩ / ١ ، التهذيب ٧ : ٤١٤ / ١٦٥٥ ، المحاسن : ٣١٧ / ٤٢ ، الوسائل ٢٠ : ١٣٢ أبواب مقدمات النكاح ب ٦٧ ح ١.
(٥) الجعفريات : ٩٦ ، المستدرك ١٤ : ٢٢٨ أبواب مقدمات النكاح ب ٥١ ح ١.
نعم ، عن النعمان بن عليّ بن جابر ، عن الباقر عليهالسلام : « إيّاك والجماع حيث يراك صبيٌّ يحسن أن يصف حالك » قال : قلت : يا ابن رسول الله ، كراهة الشنْعَة (١)؟ قال : « لا ، فإنّك إن رُزِقت ولداً كان شهرةً وعلماً في الفسق والفجور » (٢).
فيمكن أن يراد بالتميّز ما تضمّنه الخبر ، ولكن الإطلاق أولى.
( والنظر إلى فرج المرأة ) مطلقاً ؛ لإطلاق النهي عنه في وصيّة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لعلي عليهالسلام (٣).
وحال الجماع أشدّ كراهةً ؛ لإيراثه العمى كما في الموثّق (٤).
وإلى الباطن أقوى ؛ لوروده في بعض الأخبار (٥).
وضعف الجميع ، والتصريح بنفي البأس في الموثّق المزبور كغيره (٦) المعتضد بالأصل ، والشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً في الحقيقة ، كما صرّح به في الخلاف (٧) أوجب الجواز ، لكن مع الكراهة ؛
__________________
(١) الشنْعَة : القباحة والفضاعة مجمع البحرين ٤ : ٣٥٥.
(٢) طب الأئمة : ١٣٣ ، الوسائل ٢٠ : ١٣٤ أبواب مقدمات النكاح ب ٦٧ ح ٨ ، البحار ١٠٠ : ٢٩٣ / ٤٠ ؛ وفي الجميع : النعمان بن يعلى ، عن جابر. ولم نقف في معاجم الرجال المتوفرة لدينا على من يسمى بالنعمان بن يعلى ، ولا بالنعمان بن علي بن جابر.
(٣) الفقيه ٣ : ٣٥٨ / ١٧١٢ ، أمالي الصدوق : ٤٥٤ / ١ ، علل الشرائع : ٥١٤ / ٥ ، الوسائل ٢٠ : ١٢١ أبواب مقدمات النكاح ب ٥٩ ح ٥.
(٤) التهذيب ٧ : ٤١٤ / ١٦٥٦ ، الوسائل ٢٠ : ١٢١ أبواب مقدمات النكاح ب ٥٩ ح ٣.
(٥) الخصال : ٦٣٧ ( ضمن حديث الأربعمائة ) ، الوسائل ٢٠ : ١٢٤ أبواب مقدمات النكاح ب ٦٠ ح ٤.
(٦) انظر الوسائل ٢٠ : ١٢٠ أبواب مقدمات النكاح ب ٥٩.
(٧) الخلاف ٤ : ٢٤٩.
للمسامحة. فظهر ضعف قول ابن حمزة بالحرمة (١).
( والكلام عند الجماع بغير ذكر الله تعالى ) فعن مولانا الصادق عليهالسلام : « اتّقوا الكلام عند ملتقى الختانين ، فإنّه يورث الخرس » (٢).
ومن الرجل مع كثرته آكد ، ففي وصيّة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : « يا علي لا تتكلّم عند الجماع كثيراً ؛ فإنّه إن قضي بينكما ولدٌ لا يؤمن أن يكون أخرس » (٣).
وتعليل المنع بذلك كالتعليلات السابقة يشعر باختصاصه بصورة احتمال تكوّن الولد لا مطلقاً ، فلا كراهة في الحامل واليائسة ، إلاّ أنّ متابعة الأصحاب أولى ؛ للمسامحة في أدلّة الكراهة.
( مسائل ) سبع :
( الاولى : يجوز النظر إلى وجه امرأة يريد نكاحها وكفّيها ) ظاهرهما وباطنهما ، من رؤوس الأصابع إلى المعصم (٤) ، مرّةً أو مراراً ، وإن لم يستأذنها ؛ بالإجماع ، والنصوص المستفيضة ، كالحسن أو الصحيح : « لا بأس بأن ينظر إلى وجهها ومعاصمها إذا أراد أن يتزوّجها » (٥).
والصحيح : « لا بأس بأن ينظر الرجل إلى المرأة إذا أراد أن يتزوّجها ، ينظر إلى خلفها وإلى وجهها » (٦).
__________________
(١) الوسيلة : ٣١٤.
(٢) الكافي ٥ : ٤٩٨ / ٧ ، التهذيب ٧ : ٤١٣ / ١٦٥٣ ، الوسائل ٢٠ : ١٢٣ أبواب مقدمات النكاح ب ٦٠ ح ١.
(٣) المتقدم ذكرها أعلاه الهامش (٣).
(٤) كمنبَر ، موضع السوار ، أو اليد. القاموس ٤ : ١٥٣.
(٥) الكافي ٥ : ٣٦٥ / ٢ ، الوسائل ٢٠ : ٨٨ أبواب مقدمات النكاح ب ٣٦ ح ٢.
(٦) الكافي ٥ : ٣٦٥ / ٣ ، الوسائل ٢٠ : ٨٨ أبواب مقدمات النكاح ب ٣٦ ح ٣.
وفي الحسن : عن الرجل يريد أن يتزوّج [ المرأة ] أينظر إليها؟ قال : « نعم ، إنّما يشتريها بأغلى الثمن » (١).
ونحوه الموثّق المرويّ في العلل : الرجل يريد أن يتزوّج المرأة ، يجوز له أن ينظر إليها؟ قال : « نعم ، وترقّق له الثياب ؛ [ لأنّه ] يريد أن يشتريها بأغلى الثمن » (٢).
ويشترط العلم بصلاحيّتها : بخلوّها من البعل ، والعدّة ، والتحريم ، وتجويز إجابتها ، ومباشرة المريد بنفسه ، فلا تجوز الاستنابة فيه وإن كان أعمى. ولا ينافيه إطلاق النصوص ؛ حملاً له على المتبادر منه ، واقتصاراً فيما خالف الأصل على المتيقّن.
ومنه يظهر اشتراط الاستفادة بالنظر ما لا يعرف قبله ، كما عن بعض الأصحاب (٣) ، فردّه بالإطلاق غير جيّد ، إلاّ إذا نسي ما استفاده ، أو احتمل تغيّرها قبله.
وفي اشتراط عدم الريبة والتلذّذ نظر ، أقربه : العدم ، إلاّ مع خوف الفتنة قبل العقد ، وفاقاً للتذكرة (٤) ؛ عملاً بالإطلاق ، مع عدم الصارف. والرواية الآتية المشترطة له لضعفها متروكة ، مع أنّها فيما (٥) عدا مفروض (٦) المسألة خاصّة.
__________________
(١) الكافي ٥ : ٣٦٥ / ١ ، الوسائل ٢٠ : ٨٧ أبواب مقدمات النكاح ب ٣٦ ح ١ وما بين المعقوفين من المصدر.
(٢) علل الشرائع : ٥٠٠ / ١ ، الوسائل ٢٠ : ٩٠ أبواب مقدمات النكاح ب ٣٦ ح ١١ وما بين المعقوفين من المصدر.
(٣) كالشهيد الثاني في الروضة ٥ : ٩٨ ، والسبزواري في الكفاية : ١٥٣.
(٤) التذكرة ٢ : ٥٧٣.
(٥) هو الشعر والمحاسن. منه رحمهالله.
(٦) هو الوجه واليدان. منه رحمهالله.
وليس في النصوص غير نفي البأس (١) ، فلا وجه للاستحباب كما في اللمعة (٢). وعلى تقدير تضمّنها الأمر أو ورود روايةٍ به ، فدلالتها على الاستحباب غير واضحة ؛ لورودها في مقام توهّم الحظر ، ولا يفيد سوى الإباحة كما برهن في محلّه. ولكن لا بأس به ؛ بناءً على المسامحة في أدلّة الندب والكراهة.
وهذه النصوص مع كثرتها مختصّة بالرجل ، وإلحاق المرأة به قياس ، والأولويّة ممنوعة ، والعلّة المدّعاة مستنبطة ، والمنصوصة بالرجل مختصّة ، بل الحكمة تقتضي العدم ؛ لاحتمال ابتلائها به ولا يمكنها التزويج بعدم رغبته فيها ، فمراعاة الأصل لازمة.
ثم إنّ المشهور اختصاص الجواز بالموضعين.
( و ) لكن ( في رواية ) مرسلة : عن الرجل ينظر إلى المرأة يريد تزويجها ، فينظر ( إلى شعرها ومحاسنها ) ، قال : « لا بأس بذلك إذا لم يكن متلذّذاً » (٣) ومثلها الموثّق في المحاسن خاصّة (٤) ، والضعيفة بجهالة الراوي (٥) في الشعر خاصّة (٦).
والعمل بمضمونها متّجه ، وفاقاً للمشايخ الثلاثة (٧) ، ولا سيّما
__________________
(١) الوسائل ٢٠ : ٨٧ أبواب مقدمات النكاح ب ٣٦.
(٢) اللمعة ( الروضة البهية ) ٥ : ٩٧.
(٣) الكافي ٥ : ٣٦٥ / ٥ ، الوسائل ٢٠ : ٨٨ أبواب مقدمات النكاح ب ٣٦ ح ٥.
(٤) التهذيب ٧ : ٤٣٥ / ١٧٣٥ ، الوسائل ٢٠ : ٨٩ أبواب مقدمات النكاح ب ٣٦ ح ٨.
(٥) هو الحكم بن مسكين. منه رحمهالله.
(٦) الفقيه ٣ : ٢٦٠ / ١٢٣٩ ، التهذيب ٧ : ٤٣٥ / ١٧٣٤ ، الوسائل ٢٠ : ٨٩ أبواب مقدمات النكاح ب ٣٦ ح ٧.
(٧) المفيد في المقنعة : ٥٢٠ ، الصدوق في الفقيه ٣ : ٢٦٠ ، الطوسي في النهاية : ٤٨٤ ، والخلاف ٤ : ٢٤٧.