مجمع البحرين - ج ١

الشيخ فخر الدين الطريحي

مجمع البحرين - ج ١

المؤلف:

الشيخ فخر الدين الطريحي


المحقق: السيد أحمد الحسيني
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: انتشارات مرتضوي
المطبعة: طراوت
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٩٢

و « تَرَاخَى الأمر » امتد زمانه.

و « في الأمر تَرَاخٍ » أي فسحة

( ردا )

قوله تعالى : ( رِدْءاً يُصَدِّقُنِي ) [ ٢٨ / ٣٤ ] أي معينا ، يقال : « رَدَأْتُهُ على عدوه » أي أعنته عليه.

و « الرِّدْءُ » العون ، فعل بمعنى مفعول ، كالدفء لما يدفأ به.

وقوله تعالى : أَرْداكُمْ [ ٤١ / ٢٣ ] أهلككم.

وقوله تعالى : لِيُرْدُوهُمْ [ ٦ / ١٣٧ ] أي يهلكوكم بالإغواء ، وكذلك قوله تعالى : تَرَدَّى [ ٩٢ / ١١ ] فإنه تفعل من « الردى » أي الهلاك ، ويقال : سقط على رأسه من قولهم : « فلان تَرَدَّى من رأس الجبل » إذا سقط ، ويقال : ( تَرَدَّى ) إذا مات فسقط في قبره ، وقيل تَرَدَّى سقط في جهنم.

و « الْمُتَرَدِّيَةُ » التي تردت وسقطت من جبل أو حائط أو بئر وما يدرك ذكاته.

وَفِي الْحَدِيثِ : « الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي ». والمعنى على ما نقل عن بعض العارفين : أنهما صفتان لله اختص بهما ، وضرب الرداء والإزار مثلا ، أي لا يشركني في هاتين الصفتين مخلوق كما لا يشرك الإنسان فيما هو لابسه من الإزار والرِّدَاءِ أحد ، وذلك من مجازات العرب وبديع استعاراتها ، يكنون عن الصفة اللازمة بالثوب يقولون : « شعار فلان الزهد ولباسه التقوى » ، وفيه تنبيه على أن الصفتين المذكورتين لا يدخلهما المجاز كما يدخل في ألفاظ بعض الصفات مثل الرحمة والكرم ، ومثله في التوجيه : « العز رِدَاءُ الله والكبرياء إزاره ».

و « الرِّدَاءُ » ـ بالكسر ـ : ما يستر أعالي البدن فقط ، والجمع « أَرْدِيَةٌ » مثل سلاح وأسلحة ، وإن شئت قلت : « الرِّدَاءُ » الثوب الذي يجعل على العاتقين وبين الكتفين فوق الثياب ، والتثنية « رِدَاءَانِ » وإن شئت « رِدَاوَانِ » ـ قاله الجوهري وغيره.

و « هو حسن الردية » بالكسر

١٨١

كالجلسة.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ (ع) : « مَنْ أَرَادَ الْبَقَاءَ وَلَا بَقَاءَ فَلْيُبَاكِرِ الْغَدَاءَ ، وَلْيُجَيِّدِ الْحِذَاءَ ، وَلْيُخَفِّفِ الرِّدَاءَ ، وَلْيُقِلَّ مُجَامَعَةَ النِّسَاءِ. قِيلَ : وَمَا خِفَّةُ الرِّدَاءِ؟ قَالَ : قِلَّةُ الدَّيْنِ » (١). قيل : سمي رِدَاء لقولهم : « دينك في ذمتي وفي عنقي ولازم في رقبتي » وهو موضع الرداء. وعن الفارسي : يجوز أن يقال : كنى بِالرِّدَاءِ عن الظهر لأن الرداء يقع عليه ، فمعناه : فليخفف ظهره ولا يثقله بالدين.

و « ارْتَدَى » و « تَرَدَّى » لبس الرداء.

وَفِي الْحَدِيثِ : « إِنَ أَرْدِيَةَ الْغُزَاةِ لَسُيُوفُهُمْ ». سمي السيف رِدَاءً لأن من تقلده فكأنه قد تردى به.

وَفِي الدُّعَاءِ : « أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَوَى الْمُرْدِي ». أي المهلك.

وفِيهِ : « أَعُوذُ بِكَ مِنْ مُرْدِيَاتِ سَخَطِكَ ». أي ما يوجب الردى ، أي الهلاك من سخطك.

وفِيهِ : « لَا تُرْدِنِي فِي هَلَكَةٍ ». أي لا توقعني في هلاك.

وفِيهِ : « أَعُوذُ بِكَ مِنَ التَّرَدِّي ». أي من الوقوع في الهلاك.

وَفِي الْحَدِيثِ : « مَنْ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ مِنْ سَخَطِ اللهِ تُرْدِيهِ بُعْدَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ». أي توقعه في مهلكة.

وفِيهِ : « نَهَى عَنِ الشَّاةِ الْمُتَرَدِّيَةِ ». وذلك لأنها ماتت من غير ذكاة.

وَفِي حَدِيثِ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ (ص) : « عَشَاءُ اللَّيْلِ لِعَيْنِكِ رَدِيٌ ». أي ضار مضر.

ورَدُؤَ الشيء ـ بالهمز يَرْدُؤُ كحسن يحسن رَدَاءَةً ـ بالمد ـ : فسد.

و « الرَّدِيءُ » ـ على وزن فعيل ـ : الفاسد ، و « رجل رَدِيءٌ » أي وضيع خسيس.

و « رَدِيَ » بالكسر « يَرْدَى » من باب تعب : هلك.

__________________

(١) جاء هذا الحديث في مكارم الأخلاق ص ٢٤٣ عن النبي (ص).

١٨٢

و « رَدَا يَرْدُو » من باب علا لغة.

و « الْمُرْدِيُ » خشبة تدفع بها السفينة تكون في يد الملاح ، والجمع « الْمَرَادِيُ » ـ قاله الجوهري.

( رزا )

فِي الْحَدِيثِ : « إِنِّي لَا أَرْزَأُ مِنْ فَيْئِكُمْ دِرْهَماً ». أي لا أنقص شيئا ولا درهما.

و « رَزَأَتْهُ رَزِيئَةٌ » بفتح راء وكسر زاي فتحتية فهمزة ، وقد يشدد التحتية بالإدغام : أصابته مصيبة ، وكذا « الْمَرْزِئَةُ » بالفتح

وَفِي الْحَدِيثِ : « مَنْ صَبَرَ عَلَى الرَّزِيَّةِ يُعَوِّضُهُ اللهُ ».

وفِيهِ : « الْمُؤْمِنُ مُرَزَّأٌ ». براء فزاي مشددة ، أي مفعول الرزية أي المصيبة ومصاب بالبلاء.

و « الرُّزْءُ » ـ بالضم ـ : المصيبة بفقد الأعزة ، والجمع « أَرْزَاءٌ ».

( رسا )

قوله تعالى : ( يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها ) [ ٧ / ١٨٧ ] أي مثبتها ، من « أَرْسَاهَا الله » أثبتها ، أي متى الوقت التي تقوم فيه القيامة ، وليس من القيام على الرجل وإنما هو كقولك : « قام الحق » أي ظهر.

قوله تعالى : ( وَقُدُورٍ راسِياتٍ ) [ ٣٤ / ١٣ ] يعني ثابتات في أماكنها لا تزول لعظمها ، ويقال : أثافيها منها.

قوله تعالى : ( وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ ) [ ١٥ / ١٩ ] أي جبالا رَاسِيَةً ، أي ثابتة. علل أرباب الهيئة ذلك أنها كرة حاصلة في الماء ، وإنما الطالع منها ربعها المسكون ، فلو كانت خفيفة لم تثبت على وضع واحد ، لأن بعض أوضاعها ليس أولى من بعض ، فجعلت الجبال عليها لتخرجها عن كونها خفيفة وتثبت ولا تضطرب.

وَفِي حَدِيثِ أَهْلِ الْبَيْتِ (ع) : « بِكُمْ تَسْتَقِلُّ جِبَالُ الْأَرْضِ عَنْ مَرَاسِيهَا ». أي عن ما يمسكها.

و « ألقت السحابة مَرَاسِيَهَا » أي دامت.

و « رَسَوْتُ بين القوم » أصلحت.

و « رَسَا الشيء يَرْسُو رَسْواً » ثبت.

١٨٣

و « جبال رَاسِيَةٌ ورَاسِيَاتٌ ورَوَاسِي ».

و « رَسَتْ أقدامهم في الحرب » ثبتت.

( رشا )

فِي الْحَدِيثِ : « لَعَنَ رَسُولُ اللهِ (ص) الرَّاشِيَ وَالْمُرْتَشِيَ وَالرَّائِشَ » (١). يعني المعطي للرشوة والآخذ لها والساعي بينهما يزيد لهذا وينقص لهذا ، وهو الرائش.

و « الرِّشْوَةُ » ـ بالكسر ـ : ما يعطيه الشخص الحاكم وغيره ليحكم له أو يحمله على ما يريد ، والجمع « رِشَأٌ » مثل سدرة وسدر ، والضم لغة ، وأصلها من « الرِّشَاءِ » الحبل الذي يتوصل به إلى الماء ، وجمعه « أَرْشِيَةٌ » ككساء وأكسية ، وقيل : من « رَشَا الفرخ » إذا مد عنقه إلى أمه لتزقه. والرِّشْوَةُ قل ما تستعمل إلا فيما يتوصل به إلى إبطال حق أو تمشية باطل.

و « رَشَوْتُهُ رَشْواً » ـ من باب قتل ـ : أعطيته رِشْوَةً.

و « ارْتَشَى » أخذ الرِّشْوَةَ.

و « اسْتَرْشَى في حكمه » طلب عليه الرِّشْوَةَ (٢).

و « الرَّشَأُ » ـ مهموز ـ : ولد الظبية إذا تحرك ومشى وهو الغزال ، والجمع « أَرْشَاءٌ » كسبب وأسباب.

( رضا )

قوله تعالى : ( فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ ) [ ٦٩ / ٢١ ] أي مَرْضِيَّةٍ.

__________________

(١) هذا اللفظ مذكور في رواية أحمد بن حنبل في مسنده ، وكذلك مذكور في لسان العرب والفائق والنهاية في مادة ( رشا ) ، وفي سنن أبي داود ج ٢ ص ٢٧٠ وصحيح الترمذي ج ٦ ص ٨١ والتاج ج ٣ ص ٥٠ « لعن رسول الله (ص) الراشي والمرتشي » ، وفي جامع الأخبار ص ١٥٦ « لعن الله الراشي والمرتشي والماشي بينهما » وفي أساس البلاغة ( رشو ) : « لعن الله الراشي والمرتشي ».

(٢) يذكر في « سحت » و « دلا » شيئا في الرشوة ـ ز.

١٨٤

قوله تعالى : ( وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى ) [ ٢١ / ٢٨ ] أي ارتضاه الله لأن يشفع له.

قوله تعالى : ( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى ) [ ٩٣ / ٥ ] قال المفسر : اللام في ( وَلَسَوْفَ ) لام الابتداء المؤكدة لمضمون الجملة ، والمبتدأ محذوف ، والتقدير : « ولأنت سوف يعطيك » وليست بلام قسم لأنها لا تدخل على المضارع إلا مع نون التأكيد ـ انتهى.

وفِي الرِّوَايَةِ : « إِنَّ أَرْجَى آيَةٍ فِي كِتَابِ اللهِ هَذِهِ الْآيَةُ ، لِأَنَّهُ لَا يَرْضَى بِدُخُولِ أَحَدٍ مِنْ أُمَّتِهِ النَّارَ » (١).

قوله تعالى : ( يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ ) [ ٥ / ١٦ ] الرِّضْوَانُ من الله ضد السخط ، وقيل : هو المدح على الطاعة والثناء ، و « الرِّضَى » مثله ، فَرِضَى الله ثوابه وسخطه عقابه من غير شيء يتداخله فيهيجه من حال إلى حال ، لأن ذلك من صفات المخلوقين

__________________

(١) في الدر المنثور ج ٦ ص ٣٦١ عن حرب بن شريح قال : قلت لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين : أرأيت هذه الشفاعة التي يتحدث بها أهل العراق أحق هي؟ قال : أي والله حدثني عمي محمد بن الحنفية عن علي أن رسول الله (ص) قال : أشفع لأمتي حتى يناديني ربي : أرضيت يا محمد؟ فأقول : نعم يا رب رضيت ، ثم أقبل علي فقال : إنكم تقولون يا معشر أهل العراق إن أرجى آية في كتاب الله ( يا عبادي الّذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إنّ الله يغفر الذّنوب جميعا ) قلت : إنا لنقول ذلك قال : فكلنا أهل البيت نقول : إن أرجى آية في كتاب الله ( ولسوف يعطيك ربّك فترضى ) وهي الشفاعة.

١٨٥

العاجزين المحتاجين (١).

قوله تعالى : ( وَلِيَرْضَوْهُ ) [ ٦ / ١١٣ ] أي لِيَرْضَوْا ما أوحي إليهم من القول ( وَلِيَقْتَرِفُوا ) أي وليكتسبوا من الإثم والمعاصي ( ما هُمْ مُقْتَرِفُونَ )

وَفِي الْحَدِيثِ : « سُبْحَانَ اللهِ رِضَا نَفْسِهِ ». أي ما يقع منه سبحانه موقع الرِّضَا أو ما يَرْضَاهُ لنفسه.

وَفِي الدُّعَاءِ : « وخُذْ لِنَفْسِكَ رِضًا مِنْ نَفْسِي ». أي اجعل نفسي رَاضِيَةً بكل ما يرد عليها منك ـ هكذا نقل عن بعض العارفين.

وفِيهِ : « أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ ، لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ ». قيل : قدم الرضا لأن المعافاة من العقوبة تحصل بالرضا ، وإنما ذكرها ليدل عليها مطابقة ، فكنى عنها أولا ثم صرح بها ثانيا ، ولأن الرِّضَا قد يعاقب لمصلحة أو لاستيفاء حق الغير. وروي أنه بدأ بالمعافاة من العقوبة أولا ثم بِالرِّضَا ثانيا ليترقي من الأدنى إلى الأعلى ، ثم لما ازداد يقينا قصر نظره على الذات فقال : « أعوذ بك منك » ثم لما ازداد قربا استحى من الاستعاذة على بساط القرب فالتجأ إلى الثناء فقال : « لا أحصي ثناء عليك » ثم علم قصوره فقال : « أنت كما أثنيت على نفسك ».

وَفِي حَدِيثِ الشِّيعَةِ مَعَ مُخَالِفِيهِمْ : « ارْضُوا مَا رَضِيَ اللهُ مِنْهُمْ مِنَ الضَّلَالِ ». أي أقروهم على ما أقرهم الله عليه ، وليس المراد حقيقة الرضا.

وَفِي حَدِيثِ مَنْ قَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ مُنْتَهَى عِلْمِهِ : « لَا تَقُولَنَّ مُنْتَهَى عِلْمِهِ وَقُلْ مُنْتَهَى رِضَاهُ » (٢).

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ (ع) : « أَمَا تَرْضَى

__________________

(١) يذكر في « قلب » و « روح » و « زهد » و « هجس » و « حفظ » و « وجه » شيئا في الرّضا ، وفي « خير » طلب رضا الله تعالى ورضا النّاس.

(٢) الكافي ١ / ١٠٦ ، والوافي ١ / ١٠٠.

١٨٦

أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى » (١). أي في استخلافه على ذريته وأهله وقومه.

و « رَضِيتُ بالشيء رِضًى » اخترته ، و « ارْتَضَيْتُهُ » مثله.

و « رَضِيتُ عن زيد » و « رَضِيتُ عليه » لغة ، والاسم « الرِّضَاءُ » بالمد.

و « رَضِيتُ بالله ربا » قنعت به ولا أطلب معه غيره.

وَفِي الْحَدِيثِ : « مَنْ رَضِيَ بِالْقَلِيلِ مِنَ الرِّزْقِ قَبِلَ اللهُ مِنْهُ الْيَسِيرَ مِنَ الْعَمَلِ ، وَمَنْ رَضِيَ بِالْيَسِيرِ مِنَ الْحَلَالِ خَفَّتْ مَئُونَتُهُ وَتَنَعَّمَ أَهْلُهُ ، وَبَصَّرَهُ اللهُ دَاءَ الدُّنْيَا وَدَوَاءَهَا ، وَأَخْرَجَهُ مِنْهَا سَالِماً إِلَى دَارِ السَّلَامِ ».

و « الرَّاضِي » الذي لا يسخط بما قدر عليه ، ولا يرضى لنفسه بالقليل من العمل.

و « الرِّضَا » هو علي بن موسى عليه السلام (٢) وَإِنَّمَا لُقِّبَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ رِضَى اللهِ فِي سَمَائِهِ ، وَرِضَى الرَّسُولِ (ص) فِي أَرْضِهِ ، وَرِضًى لِلْأَئِمَّةِ (ع) مِنْ بَعْدِهِ ، وَرَضِيَ بِهِ الْمُخَالِفُونَ مِنْ أَعْدَائِهِ كَمَا رَضِيَ بِهِ الموافقون مِنْ أَوْلِيَائِهِ ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لِأَحَدٍ مِنْ آبَائِهِ (ع). وُلِدَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ. وَقُبِضَ وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً ـ كَذَا فِي الْكَافِي. وَفِي رِوَايَةٍ وَقُبِضَ وَهُوَ ابْنُ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً وَأَشْهُرٍ.

وقول الفقهاء : « أشهد على رِضَاهَا » أي إذنها ، جعلوا الإذن رِضًى لدلالته عليه.

وَفِي الْحَدِيثِ : « الصَّلَاةُ رِضْوَانُ اللهِ »

__________________

(١) ذكر هذا الحديث والراوين له وتمحيصه وذب الشبهات عنه العلامة الأميني في كتابه القيم الغدير ج ٣ ص ١٩٩ ـ ٢٠٢.

(٢) يذكر في « سنا » أن الرضا (ع) توفي في سناباذ ، وفي « حفد » حديثا في قتله بأرض خراسان ، وفي « عهد » تعهده للمأمون ، وفي « سنبذ » مدفنه ، وفي « نحل » كنية له (ع) ، وفي « كتم » و « نجم » أمه (ع) ـ ز.

١٨٧

أي سبب رضوانه ، أو مبالغة كزيد عدل.

و « الرِّضْوَانُ » ـ بكسر الراء وضمها ـ : أعلى مراتب الرضا.

و « بلغ بي رِضْوَانَكَ » أي أبلغني منتهى رضاك.

وقوله : « حتى تَرْضَى وبعد الرِّضَا » قيل : هو كناية عن دخول الجنة ، ويمكن أن يكون كناية عن كمال الحمد ، أو إني لا أقطع شكري لك بعد حصول رضاك.

و « رِضْوَانُ » خازن الجنان.

و « رَضْوَى » جبل بالمدينة.

و « الْمُرْتَضَى » لقب علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) ، ذو المجدين علم الهدى ، متوحد في علوم كثيرة ، مجمع على فضله ، متقدم في علم الكلام والفقه وأصول الفقه والأدب والنحو والشعر واللغة ، له ديوان شعر يزيد على عشرين ألف بيت (١) قال في مجامع الأصول ـ نقلا عنه عند ذكر السيد ـ : كانت للسيد نقابة الطالبيين ببغداد ، وكان عالما فاضلا متكلما فقيها على مذاهب الشيعة وله تصانيف كثيرة ـ انتهى. توفي (ره) في شهر ربيع الأول سنة ستة وثلاثين وأربعمائة ، وكان مولده في رجب سنة خمس وخمسين وثلاثمائة ، ويوم توفي كان عمره ثمانين سنة وثمانية أشهر وأياما ، صلى عليه ابنه في داره ودفن فيها. ذكر أبو القاسم التنوخي (٢) صاحب السيد ـ قال : لما مات السيد

__________________

(١) طبع ديوان المرتضى في ثلاث مجلدات بمصر سنة ١٩٥٨ بتحقيق الأستاذ المحامي رشيد الصفار وهو ما يقارب ١٥٠٠٠ بيت.

(٢) هو أبو القاسم علي بن أبي علي المحسن بن أبي القاسم علي بن محمد بن أبي الفهم الأنطاكي البغدادي التنوخي ، ولد بالبصرة سنة ٣٦٥ وقبلت شهادته عند الحكام وهو حديث السن ، تولى القضاء بالمدائن وغيرها ، وكان محتاطا صدوقا في الحديث ، توفي في ليلة الثاني من المحرم سنة ٤٤٧ ه‍. الكنى والألقاب ج ٢ ص ١١٤.

١٨٨

حصرنا كتبه فوجدناها ثمانين ألف مجلد من مصنفاته ومحفوظاته ومقرواته. وقال الثعالبي ـ نقلا عنه ـ في كتاب اليتيمة : إنها قومت بثلاثين ألف دينار بعد أن أخذ الوزراء والرؤساء منها شيئا عظيما (١).

وأما أخوه السيد الرضي (٢) فإنه توفي في المحرم من سنة أربع وأربعمائة ، وحضر الوزير وجميع الأعيان والأشراف والقضاة جنازته والصلاة عليه ، ودفن في داره بمسجد الأنباريين بالكرخ ، ومضى أخوه المرتضى (ره) من جزعه عليه إلى مشهد موسى بن جعفر (ع) ، لأنه لم يستطع أن ينظر إلى جنازته ودفنه ، وصلى عليه فخر الملك أبو غالب (٣).

__________________

(١) انظر ترجمته في الغدير ج ٤ ص ٢٦٢ ـ ٢٩٨ ، الكنى والألقاب ج ٢ ص ٤٤٥ ، مقدمة ديوانه المطبوع بمصر.

(٢) انظر ترجمته في الغدير ج ٤ ص ١٨٠ ـ ٢٢١ الكنى والألقاب ج ٢ ص ٢٤٧ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج ١ ص ٣٠ ـ ٤١.

(٣) هو محمد بن علي بن خلف الواسطي وزير بهاء الدولة البويهي ، كان كثير الصلاة والصدقات حتى أنه كان يكسي في يوم ألف فقير ، حكي أن شيخا رفع إليه قصة سعى فيها بهلاك شخص فلما وقف فخر الملك عليها قلبها وكتب في ظهرها : السعاية قبيحة وإن كانت صحيحة ، فإن كنت أجريتها مجرى النصح فخسرانك فيها أكثر من الربح ، ومعاذ الله أن نقبل في مهتوك من مستور ، ولو لا أنك في خفارة من شيبك لقابلناك بما يشبه مقالك وتردع به أمثالك ، فاكتم هذا العيب واتق من يعلم الغيب والسلام ، قتل سنة ٤٠٧ ه‍. الكنى والألقاب ج ٣ ص ١٤.

١٨٩

ورَاضَيْتُهُ مُرَاضَاةً ورِضَاءً مثل وافقته موافقة ووفاقا وزنا ومعنى.

و « شهادة أن لا إله إلا الله مَرْضَاةٌ للرحمن « أي محل رضاه.

( رطو )

« الأرطى » شجر من شجر الرمل ، وهو أفعل من وجه [ وفعلى من وجه ] لأنهم يقولون : « أديم مَأْرُوطٌ » إذا دبغ بورقه ، ويقولون : « أديم مَرْطِيٌ » والواحدة « أَرْطَاةٌ ». قال الجوهري : ولحوق تاء التأنيث له يدل على أن الألف ليست للتأنيث وإنما هي للإلحاق أو بني الاسم عليها.

( رعا )

قوله تعالى : ( وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا ) [ ٤ / ٤٦ ] أي أَرِعْنَا سمعك ، من « أَرْعَيْتُهُ سمعي » أي أصغيت إليه ، والياء ذهبت للأمر ، وكان اليهود يذهبون بها إلى الرعونة ، وهي الحمق ، وقرئ راعناً بالتنوين على إعمال القول فيه ، كأنه قال : لا تقولوا حقا ولا تقولوا هجرا ، وهو من الرعونة.

قوله تعالى : ( حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ ) [ ٢٨ / ٢٣ ] بالكسر والمد جمع راع الغنم من الرعي وهي حفظ العين ، يقال : « رَعَيْتُ الرجل » إذا تأملته وحفظته وتعرفت أعماله ، ومنه ( راعُونَ ) [ ٢٣ / ٨ ].

وَفِي الْحَدِيثِ : « رُوَاةُ الْكِتَابِ كَثِيرٌ وَرُعَاتُهُ قَلِيلٌ » (١). هو من « الرِّعَايَةِ » وهي الْمُرَاعَاةُ والملاحظة.

وفِيهِ : « الْعُلَمَاءُ يَحْزُنُهُمْ تَرْكُ الرِّعَايَةِ » أي رعاية الحق وامتثال ما علموه من العلم ، فإنه حزن عليهم لعدم حصول الغاية منه. فالعالم منهم كالراقم على الماء ، بل ربما كان وبالا عليه ، ومنه قيل : ويل

__________________

(١) ، (٢) في الكافي ج ١ ص ٤٩ : « إن رواة الكتاب كثير وإن رعاته قليل ، وكم من مستنصح للحديث مستغش للكتاب ، فالعلماء يحزنهم ترك الرعاية ... ».

١٩٠

للعالم من علمه.

و « رِعَايَةُ الحق » حفظه والنظر فيه.

و « رَعَاكَ الله » حفظك ووقاك.

وَفِي الْحَدِيثِ : « لَيْسَا مِنْ رُعَاةِ الدِّينِ فِي شَيْءٍ ». هو من « الرُّعُاةِ » بالضم جمع « راع » بمعنى الولي ، كقاض وقضاة ، يعني من ولاته وحفظته. وقيل : « رِعَاءٌ » بالكسر والمد و « رُعْيَان » كزعفان ، وفيه إشعار بأن العالم الحقيقي وال على الدين وقيم عليه.

و « الرَّاعِي » الوالي ، و « الرَّعِيَّةُ » من عداه ، ومنه يقال : « ليس المَرْعِيُ كَالرَّاعِي ».

وَقَوْلُهُ : « لَا يُعْطَى مِنَ الْغَنَائِمِ شَيْءٌ إِلَّا رَاعٍ ». قيل : هو عين القوم على العدو.

و « اسْتَرْعَاكُمْ أَمْرَ خَلْقِه » (١). في حديث الأئمة (ع) أي جعلكم ولاة على خلقه وجعلهم رعية لكم تحكم بهم بما أمرتم.

و « المَرْعَى » ما ترعاه الدواب ، والجمع « الْمَرَاعِي ».

و « رَعَتِ الماشية رَعْياً فهي رَاعِيَةٌ » إذا سرحت بنفسها.

و « رَعَيْتُهَا أَرْعَاهَا » تستعمل لازما ومتعديا ، والفاعل « رَاعٍ » كقاض.

و « رَعَيْتُ النجوم » رغبتها.

و « رَاعَيْتُ الأمر » نظرت في عاقبته. و « رَاعَيْتُهُ » لاحظته.

و « أَرْعَيْتُ عليه » إذا أبقيت عليه ورحمته.

و « رَعَا يَرْعُو » أي كف عن الأمر.

و « قد ارْعَوَى عن القبيح » ارتدع ، والاسم « الرُّعْيَا » ، بالضم ، و « الرَّعْوَى » بالفتح.

و « يَرْعَوِي عنه » يكف.

ومِنْهُ : « شَرُّ النَّاسِ مَنْ يَقْرَأُ كِتَابَ اللهِ لَا يَرْعَوِي إِلَى شَيْءٍ مِنْهُ ». أي لا ينكف ولا ينزجر.

وفِي الْحَدِيثِ : « ثَلَاثَةٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ

__________________

(١) من زيارة الجامعة الكبيرة.

١٩١

فَلَا يُرْجَى خَيْرُهُ » وعَدَّ مِنْهُنَّ مَنْ لَمْ يَرْعَوِ عِنْدَ الشَّيْبِ. أي من لم ينكف ويندم.

و « الِارْعِوَاءُ » الندم على الشيء وتركه.

( رغا )

فِي الْحَدِيثِ : « رَغْوَةُ السِّدْرِ » (١). والمراد زبده الذي يعلوه عند ضربه في الماء ، من « الرَّغْوَةِ » بفتح الراء وضمها وحكي الكسر : زبد يعلو الشيء عند غليانه ، وجمع المفتوح « رَغَوَاتٌ » مثل شهوة وشهوات ، وجمع المضموم « رُغىً » مثل مدية ومدى.

و « الرُّغَاءُ » كغراب صوت ذوات الخف.

و « قد رَغَا البعير يَرْغُو رُغَاءً » ضج ، و « رَغَتِ الناقة » صوتت ، فهي رَاغِيَةٌ.

( رفا )

فِي الْحَدِيثِ : « نَهَى رَسُولُ اللهِ (ص) عَنِ الْإِرَفاءِ ». وهي كما جاءت به الرواية : كثرة التدهن (٢).

و « الرِّفَاءُ » ككتاب : الالتئام والإنفاق والبركة والنماء ، ومنهحَدِيثُ خَدِيجَةَ عِنْدَ مَا وَصَّاهَا رَسُولُ اللهِ (ص) حَيْثُ قَالَتْ : « بِالرِّفَاءِ يَا رَسُولَ اللهِ (٣) » وفِي بَعْضِ النُّسَخِ « بِالْوَفَاءِ ». ومعناه واضح.

وفِي الْخَبَرِ نَهَى أَنْ يُقَالَ لِلْمُتَزَوِّجِ : « بِالرِّفَاءِ وَالْبَنِينَ ». قيل : وإنما نهى عنه كراهية لأنه كان من عادات الجاهلية يَرْفَئُونَ بعض المتزوجين ، وربما كان في قولهم : « والبنين » تنفير عن البنات ، وكان ذلك الباعث على وأدهم المفضي إلى انقطاع النسل ، فلذلك نهوا عن ذلك وبدلوا سنة إسلامية.

ويقال : « بين القوم رِفَاءٌ » أي التحام واتفاق.

و « رَفَوْتُ الثوب رَفْواً » من باب قتل ، و « رَفَيْتُ رَفْياً » من باب رمى

__________________

(١) في الكافي ج ٣ ص ١٤١ في حديث غسل الميت : « واعمد إلى السدر ... واضربه بيدك حتى ترتفع رغوته واعزل الرغوة في شيء ... ثم اغسل رأسه بالرغوة ».

(٢) لم نجد « الإرفاء » بهذا المعنى ، بل هو الإرفاه بالهاء كما في المعاجم وسيذكره المؤلف نفسه في « رفه » أيضا.

(٣) من لا يحضره الفقيه ١ / ٨٤.

١٩٢

لغة : أصلحت ما وهى منه ، ويقال : « رَفَأْتُ الثوب أَرْفُؤُهُ رَفْأً » بالهمز. و « رَفَوْتُ الرجل » سكنته من الرعب.

( رقا )

قوله تعالى : ( وَقِيلَ مَنْ راقٍ ) [ ٧٥ / ٢٧ ] أي صاحب رقية ، أي هل طبيب يَرْقِي ، وقيل : معنى ( مَنْ راقٍ ) من يَرْقَى بروحه ملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب. وَفِي الْحَدِيثِ سُئِلَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام عَنْ قَوْلِ اللهِ : ( وَقِيلَ مَنْ راقٍ وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ ) قَالَ : « ذَلِكَ ابْنُ آدَمَ إِذَا حَلَّ بِهِ الْمَوْتُ قَالَ : هَلْ مِنْ طَبِيبٍ؟ ( وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ ) أَيْقَنَ بِمُفَارَقَةِ الْأَحِبَّةِ ( وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ ) الْتَفَّتِ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ ، ( إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ ) قَالَ : الْمَصِيرُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ » (١).

قوله تعالى : ( فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ ) [ ٣٨ / ١٠ ] أي في معارج السماء وطرقها التي يتوصل بها إلى العرش ويدبر بها أمر العالم.

قوله تعالى : ( تَرْقى فِي السَّماءِ ) [ ١٧ / ٩٣ ] أي معارج السماء فحذف المضاف.

قوله تعالى : ( وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ ) [ ١٧ / ٩٣ ] أي لأجل رقيك ، والكل بمعنى الصعود.

وفِي الْحَدِيثِ : « يُقَالُ لِقَارِئِ الْقُرْآنِ : اقْرَأْ وَارْقَ ». أي ارق درجات الجنان.

و « بِسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ يَا مُحَمَّدُ (٢) ». أي أعوذك.

و « الرُّقْيَةُ » ـ كمدية ـ : العوذة التي يُرْقَى بها صاحب الآفة ، كالحمى والصرع وغير ذلك من الآفات.

وَفِي الدُّعَاءِ : « اللهُمَّ هَبْ لِي رُقَيَّةَ مِنْ ضَمَّةِ الْقَبْرِ ».

و « رَقَيْتُهُ » ـ من باب رمى ـ : عوذته بالله ، والاسم « الرُّقْيَا » على فعلى.

وَفِي الْحَدِيثِ : « رَقَى النَّبِيُّ (ص)

__________________

(١) البرهان ج ٤ ص ٤٠٨.

(٢) مكارم الأخلاق ص ٤٧٨.

١٩٣

حَسَناً وَحُسَيْناً بِكَذَا ».

و « رَقَأَ الدمع والدم » من باب نفع « رُقُوءاً » ـ على فعول ـ : انقطع بعد جريانه ، و « الرُّقُوءُ » على فعول اسم منه.

و « ما لا يَرْقَأُ من الدم » ما لا ينقطع منه.

و « رُقَيَّةُ » (١) بنت رسول الله (ص) قيل : تزوجها عثمان ، وقيل إنها ربيبته وهو الأصح (٢) و « رَقِيتُ في السلم » من باب تعب « رَقْياً ورُقِيّاً » على فعول : صعدت ، و « ارْتَقَيْتُ » مثله. و « رَقَيْتُ السطح والجبل » علوته.

و « رَقَّى إليّ » رفع.

و « المَرْقَاةُ » بالفتح : الدرجة ، فمن كسرها شبهها بالآلة التي يعمل بها.

و « المُرْتَقَى » موضع الرُّقِيِ كالمرقاة.

وفِي الْخَبَرِ : « لَا تَسُبُّوا الْإِبِلَ فَإِنَّهَا رَقُوءُ الدَّمِ ». على فعول بالفتح ، أي إنها تعطى في الديات فيحقن بها الدماء.

( ركا )

في الحديث تكرر ذكر « الرَّكْوَةُ » بالفتح ، وهي دلو صغير من جلد ، وكثيرا ما يستصحبه الصوفية ، والجمع رِكَاءٌ » مثل كلب وكلاب ، وقال في المصباح : ويجوز « رَكَوَاتٌ » مثل شهوة وشهوات.

و « الرُّكْوَةُ » بالضم : زق يتخذ للخمر

__________________

(١) يذكر رقية في « خدج » أيضا ، ويذكر في « ورق » رقية أم لوط ـ ز.

(٢) زوجها النبي (ص) عتبة بن أبي لهب ، ولما بعث (ص) وأنزل الله تعالى عليه : ( تبّت يدا أبي لهب وتبّ ) قال أبو لهب لابنه : رأسي من رأسك حرام إن لم تطلق ابنة محمد ، ففارقها ولم يكن دخل بها ، فتزوجها بعد إسلامها عثمان بن عفان وهاجرت معه إلى أرض الحبشة الهجريتين وتوفيت في السنة الثانية من الهجرة. أعيان الشيعة ج ٣٢ ص ١٣٢.

١٩٤

والخل ـ قاله في القاموس.

و « الرَّكْوُ المخمر » أي المغطى قد يفسر بِالرَّكْوَةِ المعروفة.

و « المَرْكُ و » أيضا : الحوض الكبير.

و « الرَّكِيَّةُ » بالفتح وتشديد الياء : البئر ، والجمع « رَكَايَا » كعطية وعطايا. وفي الصحاح : وجمعها « رَكِيٌ » و « رَكَايَا ».

ومنه الْحَدِيثُ : « إِذَا كَانَ الْمَاءُ فِي الرَّكِيِ كُرّاً لَمْ يُنَجِّسْهُ شَيْءٌ » (١).

( رما )

قوله تعالى : ( وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى ) [ ٨ / ١٧ ] قَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ : إِنَّ جَبْرَئِيلَ قَالَ لِلنَّبِيِّ (ص) يَوْمَ بَدْرٍ : خُذْ قَبْضَةً مِنْ حَصَى الْوَادِي ، فَنَاوَلَهُ كَفّاً مِنْ حَصْبَاءَ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَرَمَى بِهِ فِي وُجُوهِ الْقَوْمِ وَقَالَ شَاهَتِ الْوُجُوهُ ، فَلَمْ يَبْقَ مُشْرِكٌ إِلَّا دَخَلَ فِي عَيْنِهِ وَفَمِهِ وَمَنْخِرِهِ مِنْهَا شَيْءٌ ، ثُمَّ رَدَفَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ يَقْتُلُونَهُمْ وَيَأْسِرُونَهُمْ ، وَكَانَتْ تِلْكَ الرَّمْيَةُ سَبَبَ هَزِيمَةِ الْقَوْمِ (٢).

وفي الحديث : ذكر الرِّمَايَة ـ بالكسر ـ (٣) وهي عقد شرعي لفائدة التمرن على مباشرة النصال والاستعداد لممارسة القتال (٤).

وفيه : « الرَّمْيَةُ » وهي بالفتح فعيلة بمعنى مفعول ، وهي الصيد المرمي من ذكر كان أو أنثى ، والجمع « رَمِيَّاتٌ » و « رَمَايَا » كعطية وعطيات وعطايا.

وَفِي حَدِيثِ الْخَوَارِجِ : « يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ » (٥). ومجيئها بالهاء لصيرورتها في عداد الأسماء. يريد أن دخولهم في الدين ثم خروجهم منه ولم يتمسكوا بشيء منه كسهم دخل في صيد

__________________

(١) الكافي ج ٣ ص ٢.

(٢) البرهان ج ٢ ص ٧٠ باختلاف.

(٣) انظر أحاديث الرماية في الكافي ج ٥ ص ٤٩.

(٤) يذكر في « بدر » شيئا في الرماية ـ ز.

(٥) بحار الأنوار ج ٨ ص ٥٩٦ ، والإرشاد للمفيد ص ٦٨.

١٩٥

ثم خرج ولم يعلق به منه شيء من الدم والفرث لسرعة نفوذه.

وفِيهِ : « لَيْسَ وَرَاءَ اللهِ مَرْمًى ». أي مقصد ترمى إليه الآمال ويوجه نحوه الرجاء ، تشبيها بالهدف التي ترمى إليه السهام.

وَفِي الْخَبَرِ : « لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ دُعِيَ إِلَى مِرْمَاتَيْنِ لَأَجَابَ وَهُوَ لَا يُجِيبُ لِلصَّلَاةِ ». المِرْمَاةُ بكسر الميم وضمها : ظلف الشاة ، وقيل ما بين ظلفيها ، وقيل بالكسر : السهم الصغير ، وهو أرذل السهام ، أي لو دعي أن يعطى سهمين لأسرع الإجابة. وقيل : هي لعبة كانوا يلعبون بها بنصال محدودة يرمونها في كوم التراب فأيهم أثبتها في الكومة غلب.

و « رَمَيْتُ الشيء من يدي » ألقيته.

و « رَمَيْتُ السهم وتَرَامَيْتُ ورَامَيْتُ » إذا رميت به عن القسي.

و « رَمَيْتُ على الخمسين » زدت.

و « طعنه فَأَرْمَاهُ عن فرسه » أي ألقاه عنها.

و « تَرَامَى به الأمر إلى كذا » أي رمته الأقدار إليه.

و « رَمَانِي القوم بأبصارهم » أي نظروا إلي نظر الزجر.

و « إِرْمِيَا » هو الذي بعثه الله إلى بيت المقدس ، فكفروا به ، فسلط الله عليهم بخت نصر فخرج إلى مصر ثم رجع إلى بيت المقدس (١).

( رنا )

« رَنَا إليه يَرْنُو رُنُوّاً » من باب علا : أدام النظر ، ويقال : « رجل رَنَّاءٌ » للذي يديم النظر إلى السماء.

و « جاء يَرْنَأُ في مشيته » يتثاقل.

و « الرُّنَاءُ » بالضم والمد : الصوت ـ قاله الجوهري.

( روا )

يوم التَّرْوِيَةِ هو يوم الثامن من ذي الحجة ، سمي بذلك لأنهم كانوا يَرْتَوُونَ من الماء لما بَعْد ـ قاله الجوهري.

وَفِي الْحَدِيثِ : « لَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ

__________________

(١) يذكر أرميا أيضا في « خضر » و « مرر » و « قرأ » ـ ز.

١٩٦

قَالَ جَبْرَئِيلُ لِإِبْرَاهِيمَ (ع) تَرَوَّ مِنَ الْمَاءِ ». فسميت التروية.

و « ارْتَأَى » فكر ، ومنه قَوْلُهُ (ع) : « فطفقت أَرْتَئِي ». أي فجعلت أفكر في أمري.

وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ (ع) : « مَنْ عَمِلَ بِالرَّأْيِ وَالْمَقَايِيسِ قَدِ ارْتَوَى مِنْ آجِنٍ ». هو افتعل من « روي من الماء ريا » ، و « الآجِن » الماء المتغير ، وهذا عندهم من المجاز المرشَّح ، وقد شبّه علمه بالماء الآجِن لأنه لا ينتفع به. قال في المغرب ـ نقلا عنه ـ : ومثله « قَدِ ارْتَوَى مِنْ آجِنٍ وَاكْتَنَزَ مِنْ غَيْرِ طَائِلٍ » وفِي بَعْضِ النُّسَخِ » وأَكْثَرَ ». والمعنى واضح.

و « الرّيُ » بالراء المهملة والياء المشددة : اسم قعب كان للنبي (ص).

و « الرَّيُ » بالفتح : اسم بلد من بلاد العجم ، والنسبة إليه « رَازِيٌ » بالزاي على غير القياس ـ قاله في المصباح وغيره (١).

و « الرِّيُ » ـ بالكسر من « رَوِيَ من الماء يَرْوَى رَيّاً » والجمع في المذكر والمؤنث « رِوَاءٌ » مثل كتاب.

ومنه حَدِيثُ الِاسْتِسْقَاءِ : « رَيّاً يَغُصُّ بِالرِّيِّ رَبَابُهُ ». ورباب النبت.

و « الرَّيَّانُ » أحد رواة الحديث (٢).

__________________

(١) في بعض التواريخ : أول من بنى مدينة الري هو الملك كيخسرو ابن سياوش ، وعمرها ثانيا المهدي العباسي في خلافة المنصور لما قدم إليها وجعل حولها خندقا وبنى فيها مسجدا جامعا ، وتم بناؤها سنة ١٥٨ ه‍ ، ويقال : إن الذي تولى مرمتها وإصلاحها هو ميسرة التغلبي أحد وجوه قواد المهدي ، وفيها الآن بعض الآثار الباقية من تلك الأبنية ـ ملخصا من معجم البلدان ( رى ).

(٢) يطلق هذا الاسم على اثنين من رواة الأحاديث : ( أحدهما ) الريان بن شبيب ، وهو أخو ماردة أم المعتصم الخليفة العباسي ، سكن قم وروى

١٩٧

و « الرَّيَّانُ » ضد العطشان ، و « المرأة رَيَّا ».

و « رَوَّأْتُ في الأمر تَرْوِئَةً » إذا نظرت فيه ولم تعجل بجواب ، والاسم « الرَّوِيّةُ » جرت في كلامهم غير مهموزة.

و « الرَّوِيَّةُ » الحاجة.

و « الرَّوِيَّةُ » البقية من الدين.

و « الرِّوَاءُ » بالكسر والمد : حبل يشد به المتاع على البعير.

ورَوِيتُ من الماء ـ بالكسر ـ أَرْوَى رَيّاً ورِيّاً ـ أيضا ورَوِيَ ـ وزان رضي ـ وارْتَوَيْتُ وتَرَوَّيْتُ كله بمعنى.

و « عين رَيَّةٌ » كثيرة الماء.

و « ماء رَوَاءٌ » بالفتح والمد ، أي عذب ، وإذا كسرت الراء قصرته وكتبته بالياء.

و « رجل رَاوِيَةٌ للشعر » للمبالغة.

و « الرَّوِيُ » حروف القافية (١).

و « الرَّوِيُ » أيضا سحابة عظيمة القطر شديدة الوقع.

والرَّوَايَا من الإبل : الحوامل للماء جمع « رَاوِيَةٍ » فشبهها بها ، ومنه سميت « المزادة » رَاوِيَةً وقيل بالعكس (٢).

وَفِي حَدِيثِ بَدْرٍ : « فَإِذَا هُوَ بِرَوَايَا

__________________

عنه أهلها ، وله كتاب جمع فيه كلام الرضا (ع) وحديثه. و ( ثانيهما ) أبو علي الريان بن الصلت البغدادي الأشعري القمي ، وهو من أصحاب الرضا (ع) وكان من خواص المأمون وصاحب أسراره ، وكان المأمون يبعثه والفضل بن سهل في حوائجه. انظر ترجمتهما في رجال النجاشي ص ١٢٥ ، أعيان الشيعة ج ٣٢ ص ١٤٨ ـ ١٥٣ ، تنقيح المقال ج ١ ص ٤٣٥.

(١) يذكر في « قوا » شيئا في الرّويّ المصطلح في الشّعر ـ ز.

(٢) في هذه العبارة قصور وهي في النّهاية ( روى ) هكذا : إنّه عليه السلام سمّى السّحاب « روايا البلاد » الرّوايا من الإبل : الحوامل للماء ، واحدتها راوية فشبهها بها ، ومنه سمّيت المزادة راوية.

١٩٨

قُرَيْشٍ ». أي إبلهم للماء.

وفي المصباح : « رَوَى البعير الماء » من باب رمى : حمله ، فهو رَوِايَةٌ ، ثم أطلقت على كل دابة يستقى الماء عليها ، ومنه قيل : « رَوَيْتُ الحديث رِوَايَةً » و « رويته الحديث تروية » حملته على روايته.

و « الرِّوَايَةُ » في الاصطلاح العلمي : الخبر المنتهي بطريق النقل من ناقل إلى ناقل حتى ينتهي إلى المنقول عنه من النبي أو الإمام ، على مراتبه من المتواتر والمستفيض ، وخبر الواحد على مراتبه أيضا (١).

وَفِي الْحَدِيثِ : « الْجُهَّالُ يَحْزُنُهُمْ تَرْكُ الرِّوَايَةِ ». أي ترك رواية العلم ، إذ لا عذر للجاهل عن التعلم.

و « الرَّايَةُ » العلم الكبير (٢) واللواء دون ذلك ، والرَّايَةُ هي التي يتولاها صاحب الحرب ويقاتل عليها وإليها تميل المقاتلة ، واللواء علامة كبكبة الأمير تدور معه حيث دار.

وفي الحديث ذكر الرَّايَةِ ، وهي القلادة التي توضع في عنق الغلام الآبق ليعلم أنه أبق.

ومنه قَوْلُهُ (ع) وَقَدْ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ يَتَخَوَّفُ إِبَاقَ مَمْلُوكِهِ أَوْ يَكُونُ الْمَمْلُوكُ قَدْ أَبَقَ ، قَالَ : « يُقَيِّدُهُ أَوْ يَجْعَلُ فِي رَقَبَتِهِ رَايَةً ».

ومنه يعلم أن قَوْلَهُ : « أَوْ يَجْعَلُ فِي رَقَبَتِهِ دَابَّةً ». بالدال المهملة والباء الموحدة تصحيف وإن تكثرت نسخه.

و « ابن أَرْوَى » عثمان بن عفان ، و « أَرْوَى » أمه.

وَفِي الْحَدِيثِ : « كَانَ النَّبِيُّ (ص) يُكَرِّمُ فِي الْأَذَانِ أَوْ يُكَرِّرُ وَأَوَّلُ مَنْ حَذَفَهُ

__________________

(١) يذكر في « صحب » عدّة الرّواة عند وفاة النّبيّ (ص) ، ويذكر في « فرع » حديثا في الرّواية ، وفي « نزل » شيئا في الروات ـ ز.

(٢) يذكر في « عقّب » راية للنّبيّ (ص) ـ ز.

١٩٩

ابْنِ أَرْوَى » (١).

( رها )

قوله تعالى : ( وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً ) [ ٤٤ / ٢٤ ] أي ساكنا كهيئته ، وقيل : منفرجا ، وقيل : واسعا ، وقيل : دمثا ، وهو السهل الذي ليس برمل ، وقيل : طريقا يابسا. فـ رَهْواً حال من البحر ، أي دعه كذا. ومن كلام الجوهري : « رَهَا بين رجليه يَرْهُو رَهْواً » فتح ، ومنه قوله تعالى : ( وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً ) قال : و « الرَّهْو » السير السهل ، و « الرَّهْوَةُ » المكان المرتفع والمنخفض أيضا يجتمع فيه الماء ، والجمع « رَهَوَاتٌ » بالتحريك.

و « الرَّهْو » ضرب من الطير يقال له : « الكركي ».

و « رُهَاءً » بالضم : حي من مذحج ، والنسبة إليهم « رُهَاوِيُ ».

باب ما أوله الزاي

( زآ )

« تَزَأْزَأْتُ من الرجل تَزَأْزُؤاً شديدا » إذا تصاغرت له وخفت منه ـ قاله الجوهري.

__________________

(١) في من لا يحضر ج ١ ص ١٩٥ : « كان النبي (ص) يكرر في الأذان فأول من حذفه ابن أروى ».

٢٠٠