نهر الذّهب في تاريخ حلب - ج ٢

كامل البالي الحلبي [ الغزي ]

نهر الذّهب في تاريخ حلب - ج ٢

المؤلف:

كامل البالي الحلبي [ الغزي ]


المحقق: الدكتور شوقي شعث ومحمود فاخوري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: منشورات دار القلم العربي ـ حلب
المطبعة: مطبعة الصباح
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥١٨

محلة البياضة

عدد بيوتها ٦٠ ٢

يحدّها قبلة أوغلبك والطنبغا وشرقا خندق الروم وشمالا الجبيلة وغربا خندق القلعة ومستدام بك ويقال إنها سميت بهذا الاسم لأنها كانت تشتمل على خان مختص ببيع البيض وآثاره باقية في سوقها حتى الآن وقيل لأن أرضها كانت حوارا أبيض وعلى هذا يجب أن تلفظ بتخفيف الياء وهي من أعمر محلات حلب وأجودها ماء وهواء عدد سكانها ٣٩٠ ذكرا و ٩٩٩ أنثى فجملتهم ١٢٨٩ نسمة كلهم مسلمون.

آثارها

جامع الحموي أنشأه الحاج محمد بن داود النوري بضم النون المغربي سنة ٩٦٨ وهو المدفون في شرقيه ثم في سنة ١١٨٣ جدده ووسعه الحاج (حسن بن عبد الرحمن الحموي) وعمر له منارة وأحدث فيه خطبة وشرط له عدة خيرات وهو الآن جامع معمور بالشعائر فسيح الصحن في شماليه دكة واسعة راكب بعضها على فرن جار في أوقافه. وفي شرقي هذه الدكة حجرتان جميلتان غير مسكونتين في أكثر الأوقات وكانت ميضأته في غربي الدكة المذكورة. ثم في حدود سنة ١٢٨٥ أخرجت إلى ظاهره على بابه في رأس درجه عن يمين الداخل إليه. وقد حكينا خبر انقضاض الصاعقة على منارة هذا الجامع فيما حكيناه من حوادث سنة ١٢٩٢ فراجعها.

جامع الصروي

محله في شمالي سوق البياضة مكتوب على بابه بعد البسملة (إنما يعمر مساجد الله إلخ) أنشأ هذا الجامع المبارك العبد الفقير إلى الله تعالى الحاج ناصر الدين بن محمد بن بدر الدين بتلنك الصروي غفر الله له ولوالديه وللمسلمين في شهور سنة ٧٨٠) أقول كان هذا الجامع

٣٠١

صغيرا ليس فيه سوى قبلية وصحن ضيق ثم في حدود سنة ٩٢٠ أنشأ تتمته التي هي المدرسة الآن (علي بن سعيد الملطي) وجعل بها إماما ومدرسا وطلبة في حجراتها ووقف عليها أوقافا جيدة وكتبا جمة وأعدّ بها مدفنا له وهي الآن معطلة عن الطلبة وأما أرباب الشعائر كالإمام والخطيب والمدرس فإنهم يأخذون معينهم من الأوقاف الأميرية لأن وقفها ضبط إليها.

مسجد الخواجه سعد الله الملطي

محله في شرقي الجادة تجاه القسطل الطويل أنشأه (سعد الله بن علي بن عثمان الملطي) المتوفى سنة ٩٤٦ وأنشأ تجاهه قسطلا يهبط إليه ببضع وعشرين درجة يعرف في زماننا بقسطل الطويل وأنشأ فوق هذا القسطل مكتبا لتعليم الصبيان وقف على ذلك أوقافا حسنة ومسجده الآن معمور بالشعائر وأما المكتب فمعطل والقسطل يستقي منه سكان المحلة وللخواجه أحمد بن تيمور الملطي وقف كبير هو طاحون عين اللبن وحمام ودكاكين في عينتاب وحمام الخواجه في سوق الهواء بحلب وطاحون عين مبارك في ظاهر حلب شرط فيه عدة خيرات لأطفال مكتبه وغيرهم تاريخ وقفه ٨٤٦.

التكية الإخلاصية

محلها تجاه جامع الصروي بميلة إلى الشمال منسوبة إلى الشيخ (إخلاص الخلوتي نزيل حلب) المتوفي سنة ١٠٧٤ ، عمرها له الوزير الأعظم محمد باشا الأرنؤد وهي زاوية جميلة وقف عليها وقفا عظيما تعمل فيها في زماننا الخلوة الرفاعية في فصل الربيع قال أبو الوفا العرضي في معادن الذهب ما حاصله إن الشيخ إخلاص كان له في كل سنة في فصل الشتاء خلوة عامة يجتمع إليها المريدون فيصومون ثلاثة ويأكلون عند المساء مقدار أوقيتين من الحريرة ورغيفا من الخبز أكثر من أوقية ولا يشربون الماء القراح بل يشربون القهوة ويستمرون في الذكر والعبادة آناء الليل وأطراف النهار وباقي الأيام يقومون سحرا ويتهجّدون على قدر طاقتهم ثم يأخذون في الذكر إلى وقت الأسفار ثم يصلون الصبح ويقرءون الأوراد إلى ارتفاع الشمس فيصلون الإشراق. اه. مكتوب على باب قبليتها :

لك الحمد يا من أرشد الخلق للهدى

وسيّر في بحر التقى كل غواص

٣٠٢

وأرسل للشهبا الوزير محمدا

فأسدى بها المعروف للعام والخاص

وأنشأ فيها مسجدا دام عامرا

بذكر وتوحيد مدى الزمن القاصي

وأخلص في إنشائه متضرعا

إلى ربه العافي عن المذنب العاصي

وقال لسان الحال إذ تم أرخوا

بنى مسجدا لله داعي باخلاص

أقول : محمد باشا هذا لم يكن واليا في حلب إنما حضر إليها لإصلاح بعض أحوالها وأمر بعمارة هذه الزاوية من ماله فعمرت في غيابه عن حلب وكتب له بنجازها فأمر بشراء أملاك وقفها عليها.

بقية آثار هذه المحلة

مكتب الحموي (١) أنشأه الحاج محمد بن داود المغربي سنة ٩٦٨ وجدده ووقف عليه الحاج (حسن بن عبد الرحمن الحموي) وهو تجاه جامعه ، سبيل الحموي في جنوبي جامعه تجاه بوابة الحموي أنشأه الحاج حسن المذكور وفي غربي هذا السبيل تربة الحموي فيها بعض قبور لا أعرف من هو الذي بناها وهي مشرفة على الخراب ، مسجد السنكري في زقاق السنكري في شرقي المحلة قرب باب بالوجه (٢) الذي هو أحد أبواب حلب ، قسطل السعدي تحت جامع الصروي أنشأه (علي بن سعيد الملطي) المتقدم ذكره ، مسجد زقاق الدولاب أي دولاب حمام نفيس المعروف بحمام البياضة ، سبيل في شمالي باب تكية إخلاص ، جب سبيل في زقاق الجذبة داخل زقاق القسطل الطويل أنشأه (أحمد بن محمد بن صالح الجذبة) وفي المحلة مصبنة الحموي قرب جامعه وهي جارية في وقفه وقاسارية الدولاب قرب قبو المسلاتية ، وقاسرية الشهبندر قرب جامع الصروي من شماليه ، وفرنان ، ومداران ، وقهوة ، وحمام يعرف بحمام البياضة تجاه جامع الصروى بميلة إلى الجنوب وهو مما أنشأه جمال الدين أبو المحاسن ابن الزيني نفيس بن عبد الصمد أحد أعيان الخواجكية في وقته بحلب سنة ٨٥٤ وكان من جملة أوقافه على تربته النفيسية الآتي ذكرها في محلة مستادم بك (٣).

__________________

(١) هو دار قرآن بنيت في القرن السادس عشر الميلادي وهي بمحلة البياضة اليوم.

(٢) باب بالوج هو أحد أبواب حلب قديما كان يقع إلى الشرق من القلعة بين باب بانقوسا وباب النيرب.

(٣) مستدام بك (محلة) : سميت نسبة إلى مستدام بك ابن عبد السلام أحد عتقاء السلطان قانصوه الغوري الذي وقف أوقافا كثيرة لجامع النفيسة الذي سمي بعد ذلك بجامع المستدامية.

٣٠٣

تنبيه : الأسر الشهيرة في هذه المحلة ـ أسرة آل الرفاعي التي منها يكون خلفاء التكية الإخلاصية الرفاعية بالتسلسل عن جدهم الأعلى (محمد وفا بن محمد بن عمر) وأسرة آل الغوري المنسوبة إلى المرحوم السلطان قانصوه الغوري وأسرة آل سلطان وأسرة آل الحموي الذين جدهم الأعلى (حسن بن عبد الرحمن الحموي) صاحب الوقف على الجامع المتقدم ذكره في هذه المحلة. وأسرة آل الكوراني الذين منهم (صلاح الدين). وأسرة آل الحسبي المنتسبين إلى (عبد الله بن محمد حجازي) والدور العظام في هذه المحلة هي الدور المنسوبة إلى هذه الأسر. اه ..

٣٠٤

محلة مستدام بك

عدد بيوتها ٩٥

يحدّها قبلة البياضة والجبيلة وشمالا شاهين بك والجبيلة وغربا شاهين بك والفرافرة.

عدد سكانها ٤٠٢ ذكرا و ٤٥٩ أنثى فجملتهم ٨٦١ نسمة كلهم مسلمون. هذه المحلة كانت تسمى حارة البستان ، وأما نسبتها إلى مستدام بك فحادث بحدوث تعميره جامع النفيسية الآتي ذكره.

آثارها

جامع المستدامية

في شمالي المحلة كان يعرف بالنفيسية والدمغانية والبيازيدية أنشأه نفيس جمال الدين أبو المحاسن بن الزيني بن عبد الصمد أحد أعيان الخواجكية في وقته بمدينة حلب وأنشأ في داخله تربة لنفسه ودفن بها وشرط لها في وقفه عدة خيرات وكانت وفاته سنة ٨٥٤ ، ثم في سنة ٩٢٠ وقف ابن ابنه محمد بن ناصر الدين وقفا حافلا شرطه بعد انقراض ذريته على تربة جده. ثم إن مستدام بك ابن عبد السلام أحد عتقاء السلطان قانصوه الغوري وقف وقفا كبيرا شرط فيه عدة خيرات ولهذا الجامع وغيره وهذه خلاصتها :

وقف مدارا في ظاهر باب النيرب وآخر تحت القلعة وستة عشر قيراطا من طاحون أرتاح في العمق ونصف جنينة زقاق المسك بحلب وبناء حانوتين بصليبة بانقوسا وثلاث حوانيت في السوق الصغير في محلة خراب خان وبناء حانوت بسوق الخريزاتية وبناء حانوت في الصف الشمالي من العطارين ومما هو جار في أوقاف هذا المسجد بستان في ناحية اليهوديات يعرف باسم بستان مصطفى آغا وهو بستان عظيم يؤجر من جهة إدارة الأوقاف بنيف ومائتي ذهب عثماني.

٣٠٥

شروطه

شرط في كل سنة ١٠٠ دينار لتقي يحج عنه نافلة و ١٠٠ أخرى لتقي يحج عنه فريضة و ١٠٠ تصرف على طعام الصائمين الفقراء في رمضان و ٥٠ فيما يترتب على فقراء محلة أوغلبك من العوارض السلطانية و ٥٠ فيما يترتب على فقراء محلة الجبيلة كذلك و ١٠٠ على كسوة العاجزين والأرامل في العيدين وشرط التولية بعده لذريته وبانقراضهم يلحق وقفه بوقف المرحوم السلطان قانصوه الغوري بحلب الموقوف على الحرمين وبيت المقدس والخليل وعلى عتقائه الموجودين وأعقابهم وتوزع غلته كما توزع غلة وقف الغوري ويعطي متولي وقف الغوري حينئذ ٦٠ دينارا في السنة تحريرا في سنة ١٠٢٠.

ثم زاد شروطا أخرى وهي أن يعطي في كل سنة ٥٠ دينارا لفقراء مكة ترسل مع حامل الصرة المقدمة من وقف السلطان الغوري في ولاية حلب و ٥٠ لفقراء المدينة كذلك و ٥٠ لفقراء بيت المقدس والخليل و ٢٠ ثمن الحنطة وزيت للمجاورين بمزار نبي الله بلوقيا و ٨٠ ثمن حنطة وزيت وعدس للتكية المولوية خارج حلب في غربيها و ٢٥ لأربعة قراء في جامع النفيسية الذي جدده وعمل فيه مدرسا و ٢٠ لمؤذنين فيه و ١٠ لفراشه وشعاله وخادمه و ٢١ لخطيبه وإمامه ومدرسه و ١٠ لزيته وشمعه و ٥ لحصره وبسطه و ٢ لشمع مجاوريه تحريرا في سنة ١٠٢١ ثم وقف خمسة آلاف دينار علاوة على خمسة عشر ألف دينارا كان وقفها قبلا وشرط أن يصرف من غلة وقفه وربح الدنانير في كل سنة ٦٢ دينارا لعشرة قراء علاوة على العشرين قارئا الذين شرطهم في جامعه قبلا و ١٠ لمؤذن ثالث وأن يصرف في كل يوم ١٠ عثمانيات لواعظ في جامعه يومي الجمعة والاثنين و ٣٦٠ عثمانيا في السنة لثلاثة رجال يقرأ أحدهم سورة ياسين بعد الصبح والثاني سورة عم بعد الظهر والثالث سورة الملك بعد العشاء و ٢٦٠ عثمانيا لخطيب جامعه بأرتاح و ٣٦٠ لإمامه و ٣٠٠ لمؤذنه و ٣٦٠ لفراشه و ٣٦٠ لزيته و ٣٦٠ لحصره و ٣٦٠ لإمام مسجد سويقة حاتم قرب الدباغة العتيقة ويعرف بمسجد شمعون و ٧٥ دينارا في السنة لحصر جامع أموي حلب وإذا كان مستغنيا عنها يشتري بها زيت له و ٥٢ دينارا لدرويش مولوي يكون خادما في الأموي المذكور و ١٠٠ دينار إلى متولي وقفه علاوة على ما شرط له قبلا تحريرا في سنة ١٠٢٢ : أقول هذا الجامع الآن معمور بذكر الله تعالى إلا أن مدرسته معطلة عن

٣٠٦

الطلبة يسكن حجراتها بعض الفقراء كما أن أكثر شروطه مهملة وقد دخل وقفه في إدارة الأوقاف الأميرية والتربة التي أنشأها نفيس ما زالت موجودة في شرقيه إلا أنها مائلة للخراب لم يبق منها سوى الحجرة المدفون بها نفيس المذكور.

المدرسة الرحيمية

وقفتها الشريفة رحمة بنت عبد القادر بن أحمد بك مدرسة ولها وقف جزئي لا يكاد يقوم بكفايتها تاريخ كتابه سنة ١١٥٦ وهي الآن عامرة مدرسها الفقيه النبيه الفاضل المدقق الشيخ إبراهيم ابن علامة عصره المرحوم الشيخ (عبد السلام بن محمد بن عبد الكريم) والطلبة يترددون على هذه المدرسة للأخذ عنه وهو باذل قصارى جهده بإعمارها وإحياء شعائرها.

بقية آثار هذه المحلة

مسجد بلبان تجاه حمام بلبان مسجد الأكنجي أي المسلاتي في الزقاق النازل من قبو المسلاتيه إلى حمام بلبان على يسار السالك : سبيل البلباني وزيارته لصيق مسجد الأكنجي:قسطل الأكنجي تجاه مسجده بميلة إلى الشرق : سبيل المستدامية في شرقي جامعها مكتب المستدامية قرب جامعها في جنوبيه ميضأة المستدامية لصيق مكتبها من شماليه : سبيل الشيخ إبراهيم مؤذن جامع مستدام بك في الجادة النازلة من الجبيلة إلى جامع المستدامية في الصف الموجه شرقا أنشأ السبيل المذكور سنة ١٣٠٥ وشرط له كفايته من ريع دار وراءه وقفها على ذريته وكان يوجد في هذه المحلة قرب جامع مستدام بك مدرسة تعرف بالمظفرية واقفها رجل صوفي مدفون في الجبيلة.

٣٠٧

محلة شاهين بك

عدد بيوتها ٨٢

يحدها قبلة وشرقا مستدام بك وشمالا مقبرة الجبيلة وغربا محلة الفرافرة : عدد سكانها ٧١٩ الذكور ٣٢٦ والإناث ٣٩٣ كلهم مسلمون. هواء هذه المحلة وماؤها كمحلة الجبيلة الآتي ذكرها.

آثارها

المسجد العمري

كان فوق قسطل العوينة وهو مسجد لطيف مشتمل على قبلية تعلم فيها الأطفال مبنية على قبو معقود فوق طريق العوينة وفي سنة ١٣١٣ هدم المسجد والقبلية توسعة للشارع المار من تحت المسجد الآخذ إلى الخندق الرومي المتخذ شارعا أعظم في هذه السنة ولهذا المسجد من الريع ما يقوم بضرورياته وهو مسجد قديم جدا جدد عدة مرات وكان آخر من جدده سنة ١١٤٢ صاحب الاسم المذكور في الشعر الذي كان مكتوبا على بابه وهو :

إن عثمان قطب أفق المعالي

نجل شيخ الإسلام رفق الله

قد بنى مسجدا ونال ثوابا

ضافي الأجر ليس بالمتناهي

شاد أركانه بتاريخ بيت

فيه بشرى تجل عن أشباه

إنما يعمر مساجد الله من

آمن بالله نص قول الله

ثم إن دائرة البلدية عمرت عوض هذا المسجد مسجدا قرب باب دار الحكومة على صفه مشتملا على حجرة لتعليم الأطفال وعلى قبلية للصلاة : ومن آثار مسجد هذه المحلة مسجد شاهين بك في جادتها العامة من الصف الموجه قبلة ووراء مقبرة الجبيلة وفي غربي هذا المسجد باتصاله قسطل شاهين بك يهبط إليه بدركات ومنها تكية القرقلر وهي تكية

٣٠٨

عامرة وأوقافها وافرة وهي مبنية فوق مغارة الأربعين التي ذكرناها في ترجمة محمد البغدادي فراجعها وفي مسودة تاريخ ابن الملا إن في داخل باب الأربعين المدرسة المقدمية بالقرب من حارة الفرافرة تجاه قسطل الملك العادل غياث الدين وداخلها رباط للقلندرية (١) احتوى عليه الشيخ إبراهيم الأرمنازي ظلما وفي قرب قسطل شاهين بك مسجد صغير على الجادة المذكورة وفي هذه المحلة في الصف الموجه شمالا وكل من المسجدين والقسطل له من الأوقاف كفايته وفي هذه المحلة قسطل العوينة وكان تحت المسجد العمري المتقدم ذكره أما الآن فقد نقل إلى غربي الجادة الجديدة وغير طرزه وانخفض موضعه وصارت شفته مسامتة وجه الأرض وكانت مرتفعة عنها زهاء ذراع ونصف وكان بقرب القسطل القديم عن شماليه مدار وراءه فرن هدما توسعة للطريق المذكور ولم يبق في المحلة سوى مدارين على جادتها العامة وكان على يمنة السالك في الجادة الجديدة الآخذة من قسطل العوينة إلى الخندق في أواسطها عين ماء ضمن كهف في جبل الحوار قد ردمت في عمل الجادة ولم يبق لها أثر وأظنها هي العين التي صغر لفظها ونسبت إليها الجهة قال المرادي في ترجمة المرحوم عثمان باشا صاحب المدرسة الرضائية بحلب وشرقي دار المترجم العين المعروفة بالعوينة يقصدها المرضى يوم السبت قبل طلوع الشمس فيغتسلون بها ولها ذكر في الخواصات التي بحلب قلت قد بطلت هذه العادة وعادت نسيا منسيا وفي هذه المحلة دار الحكومة المعروفة بالسراي وهي بناء فسيح ضخم يشتمل على دوائر الملكية والعدلية ودار البريد والبرق والبلدية وثلاثة حبوس ودار العدلية مما أسسه أحد أغنياء اليهود ثم آلت لبني الجلبي ثم اشتراها المرحوم إبراهيم باشا المصري من بني الجلبي بأربعين ألف قرش وجعلها محلا لسكناه ثم صارت محلا لسكنى الولاة العثمانيين وفي حدود سنة ١٣٩١ جعلت دارا للعدلية وصار الولاة يسكنون في دور يستأجرونها من أهلها.

والخلاصة أن دار الحكومة التي يطلق عليها الآن سراي الحكومة عبارة عن دور متعددة متصلة ببعضها قد جعلت دارا واحدة ذات غرف ومقاصير وأبهاء خصص كل مكان منها بقسم من الحكومة الملكية والعدلية والضابطة والسجناء ومجموع ذلك يضاهي محلة عظيمة (٢).

__________________

(١) لم نعثر على رباط يحمل هذا الاسم وإنما عثرنا على رحبة ابن القلندر الهاشمي بالجلوم ، بالقرب من حمام الشماس الذي يعود إلى العهد المرداسي.

(٢) هي غير السراي الحالية ومكانها اليوم البناء الذي تشغله دائرة الهجرة والجوازات وأبنية أخرى تهدمت.

٣٠٩

محلة الجبيلة (د)

عدد بيوتها ١٣٧

يحدها قبلة حارة البياضة وشرقا خندق البلدة الذي صار الآن شارعها الأعظم وشمالا حارة خان السبيل وغربا شاهين بك ومستدام بك : عدد سكانها ١٠٥٨ الذكور ٥١٦ والإناث ٥٤٢ كلهم مسلمون ، والجبيلة تصغير جبلة والمراد بها المقبرة لأن شرقيها ناشز كالجبل الصغير أو هي الكلتاوية الكبرى وما جاورها فإن تلك البقعة عالية كالجبل الصغير وعلى كل فإطلاق اسم الجبيلة على كل المحلة مجاز من باب إطلاق اسم الجزء على الكل ومن الناس من يسمي هذه المحلة بالجبيل تصغير جبل وهي محلة مرتفعة طيبة الماء والهواء وماؤها المعين يستقى بجبل طوله عشرة إلى خمسة عشر باعا وشرب أهلها من آبار يجري إليها الماء من قناة حلب.

آثارها

المدرسة الكلتاوية (١)

قرب باب القناة (٢) على نشز من الأرض عن يسرة الداخل إلى المدينة بناها الأمير طقتمر الكلتاوي المتوفى سنة ٧٨٧ وهو مدفون فيها وبنى إلى جانبها دارا كبيرة واسعة مرخمة وجعل تحتها إصطبلات واسعة ظاهرها حوانيت ووقف الجميع وأوقافا كثيرة على المدرسة وشرط أن يكون مدرسها وطلبتها على المذهب الحنفي. أقول : هذه المدرسة قد تغيرت رسومها وانطمست معالمها ولم يبق منها في هذه الأيام سوى ساحة محاطة بأربعة جدران يبلغ طولها ٥٠ ذراعا في عرض ٣٠ وفي جنوبها قبلية صغيرة تقام فيها الجهرية وجميع أوقافها

__________________

(١) الكلتاوية : هي اليوم جامع صغير وضريح.

(٢) أي باب الحديد على نحو ما أسلفنا.

٣١٠

مضبوطة ولها في السنة من جهة محاسبة الأوقاف ٧٥٠ قرشا تصرف على شعائرها ودار الواقف داثرة لا عين لها ولا أثر ويوجد الآن في جانب المدرسة مقبرة للمحلة وعدة دور حقيرة لها ملاك معلومون وموضع هذه المدرسة من أنزه ما يكون في مدينة حلب داخل سورها لأنه نشز من الأرض يسامت قلعة حلب مقبل على المدينة وبرها إقبال الوجه على المرآة وهذه البقعة تعرف بالكلتاوية الكبرى وعلى صفها من جنوبها وشمالها ربوتان تعرف كل واحدة منهما بالكلتاوية الصغرى وأهل الكلتاوية الكبرى يستقون من آبارها ماء فيه ملوحة قليلة يصعد على وجه الأرض بحلب طوله ثمانية إلى خمسة عشر باعا وفي سنة ١٢٧٠ ه‍ أحدث في هذا الزقاق الحاج محمد بن أحمد قازان والحاج عبد القادر بن محمد شيخ القهواتية صهريجا يجري إليه الماء من قناة حلب جعلاه سبيلا ووقفا عليه دارا ملاصقة له وفي الكلتاوية الصغرى الشمالية مكان يعرف بالأتابكية نسبة إلى عبد الله طغريل شهاب الدين الأتابك عتيق الملك الظاهر غياث الدين غازي نائب السلطنة بالقلعة الجبلية ومدبر الدولة بعد وفاة معتقه والمكان المذكور عبارة عن عمارة مبنية بالحجارة الهرقلية العظيمة وله باب عظيم موجه جنوبا قد نقش على نجفته بعد البسملة (هذا ما تقدم بإنشائه العبد الفقير لرحمة الله وكرمه الشاكر .... سعيد طغريل عبد الله الملكي الظاهري .... تقام فيه الصلوات الخمس وفي أوقاتها ويسكنه المدرس والفقهاء الحنفية على ما شرط في كتاب الوقف وإن قدر الله وفاته خارج مدينة حلب وقبر في الموضع المعد له ولابنه المقر المولوي الأعظم على ما شرط فلا يحق لأحد تغييره عما وضع له فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم وذلك في شهور سنة ٦٢٠) أقول صحن هذا المكان يبلغ ثلاثين ذراعا في مثلها تقريبا وفي شرقيه قبلية رممت جديدا في جنوبيها قبر يقال إن الدفين فيه السيد علي الجواد ابن الإمام الباقر وفي شمالي الصحن بيت يسكنه أحد مشايخ الطرق ولم نطلع على وقف لهذا المحل.

يوجد تحت هذه العمارة مسجد تقام فيه الصلوات الخمس على يسرة الداخل من باب القناة يقال له مسجد الزركشي نسبة إلى رجل مدفون فيه معروف بالزركشي وهو غير شارح البخاري المشهور وليس لنا علم بترجمته ولا بتاريخ وفاته ، وهذا المسجد عبارة عن قبلية فقط ليس له صحن وبعض سقف هذه القبلية قبة مبنية من الحجر على صفة مضلعة جميلة الصنعة.

٣١١

في السوق من الصف الموجه شرقا تجاه الكلتاوية الشمالية سبيل مكتوب على قنطرة بابه (فاعل هذا الخير الحاج عمر الطباخ تابع أحمد باشا) وقفه مخزن داخله ودكان في جانبه. وفي الجادة الآخذة من السوق إلى داخل المحلة على يمنة الداخل إليها قسطل منقور في الحوار يقال له قسطل الشعارة وهو من آثار (أحمد بن محمد الحلبي المشهور بابن مهان) المتوفي سنة ٩٣٩ بذل على حفره وعمله ٣٠٠ دينار وجعل في أعلاه بعض حجرات منقورة في الجبل برسم بعض الطلبة فلما سكن بها بعضهم أتلفت عليه كتبه بالرطوبة فتركها ولم يسكنها أحد بعده وفي الجدار الكائن على يسرة النازل إلى هذا القسطل مدفن فيه الواقف المذكور وفي شرقي هذا القسطل مدرسة العجمي وهي من إنشاء شمس الدين أبي بكر أحمد ابن أبي صالح عبد الرحيم ابن العجمي أنشأها سنة ٥٩٥ وأنشأ فيها تربة وشرطها للشافعية والمالكية وقد زحف عليها الجيران بجيوش تعديهم فلم يبق منها سوى صحن تربة وشرطها للشافعية والمالكية وقد زحف عليها الجيران بجيوش تعديهم فلم يبق منها سوى صحن صغير وقبلية حقيرة وخلت من حجرات الطلبة وضاعت أوقافها إلّا قليلا تتداوله أيدي المتولين ويتصرفون فيه كما يريدون. وفي هذه المدرسة حجرة فيها ضريح رجل من العلماء المحدثين يقال له أبو ذر هو (أحمد بن إبراهيم) المحدث المؤرخ صاحب كنوز الذهب في تاريخ حلب المعروف بسبط بني العجمي وهذه المدرسة تقام فيها الجهرية وصلاة الجمعة والعيدين.

ومن آثار هذه المحلة مسجد أبي الشامات في الشارع المنسوب إليه تقام فيه الجهرية وتعلم فيه الأطفال وله من الريع كفايته ومنها مسجد بالجبيلة الصغرى وتربة أنشأهما إسكندر بن محمد بن محمد التركماني الحلبي المشهور بابن إيجق المتوفي سنة ٨٩٧ ولم أعرف محلهما ومنها سبيل على باب مقبرة الجبيلة الشرقي لم أقف على خبر صاحبه وفي هذه المحلة عدة مزارات منها مزار الشيخ صامت في غربي مدرسة الكلتاوية الكبرى المتقدم ذكرها وفي مقبرة الجبيلة قبور جماعة من الأولياء والصالحين والعلماء منهم الحافظ أبو الحسن علي بن سليمان المرادي أحد الأولياء المكاشفين والأستاذ عبد الله بن علوان والشيخ أبو الحسن علي بن يوسف القاسمي والشيخ عبد الحق المغربي وغيرهم.

٣١٢

محلة قاضي عسكر (خ)

عدد بيوتها ٧٣

يحدها قبلة وشرقا البرية وشمالا حارة المشاطية وحمزة بك وغربا حمزة بك عدد سكانها ٦٤٩ نسمة ، منهم ٣١١ ذكرا و ٣٣٨ أنثى كلهم مسلمون.

آثارها

جامع قاضي عسكر ، فسيح جميل عامر بذكر الله تعالى تاريخ إنشائه بالجمل (مطالع النور جامع التقوى) سنة ١٠٦٨ ، وفيها المسجد الصغير قرب علم الشرق ، وسبيل في غربي جامع قاضي عسكر وقسطل عميق في غربيه ، وفرنان ، ومداران وثلاثة أتانين كلس ويلحق بهذه المحلة مقبرة قاضي عسكر وهي مقبرة فسيحة ويضاف إليها مذبح المواشي المعروف بالمسلخ وهو في البرية شرقي هذه المحلة.

تنبيه : الأسر الشهيرة في هذه المحلة أسرة آل حمزة وهم أهل منزل معد لاستقبال الضيوف والمسافرين ووجيه هذه الأسرة السيد الفاضل الشيخ وحيد أحد أعضاء محكمة الحقوق وهو من الموصوفين بحسن الأخلاق والعفة والاستقامة.

٣١٣

محلة ابن نصير (خ)

عدد بيوتها ٥٩

يحدها قبلة برية المسلخ التابعة حارة الضوضو وشرقا جادة جب قرمان وشمالا حارة خان السبيل وغربا خندق بالوج عدد سكانها ٢٣٧ ذكرا و ٢٨٠ أنثى جملتهم ٥١٧ نسمة كلهم مسلمون ، ليس فيها من الآثار سوى مسجد ابن نصير ، وسبيل جب القبة وهو بئر عليه قبة جميلة الصنعة ، وفيها خمسة خانات للغلات وربط الدواب ، ومدار واحد.

محلة الأبراج (خ)

عدد بيوتها ٩٤

يحدها قبلة جب قرمان وشرقا صاجليخان الفوقاني المعروف بهارون دده وغربا خان السبيل وشمالا شاكر آغا عدد سكانها ٣٩٥ ذكرا و ٤٣٢ أنثى جملتهم ٨٢٧ نسمة كلهم مسلمون. ليس فيها من الآثار سوى مسجد الأبراج.

٣١٤

محلة الشميصاتية (خ)

وتعرف أيضا بحارة سوق الدجاج حدها قبلة سوق بانقوسا وشرقا حارة ابن يعقوب وشمالا برية تربة الأعرابي وغربا حارة عنتر وهي خارج باب القناة ولفظة الشميصاتية محرفة عن (سميزاتلى) كلمة تركية معناها ذات اللحم السمين وكأن موضع هذه المحلة كان مكانا يباع فيه لحم الأغنام الجيدة عدد دورها ١٨٦ وعدد سكانها :

الذكور

الإناث

المجموع

الأقوام

٦٧٨

٦٥٧

١٣٣٥

مسلمون

٥

٧

١٢

روم كاثوليك

١

١

٢

أرمن كاثوليك

٧

٥

١٢

روم

١

١

٢

أرمن

٦٩٢

٦٧١

١٣٦٣

المجموع

أما آثارها فهي

جامع الحدادين

هذا الجامع قديم جدا زعم بعض الناس أنه بنى لثمانين من الهجرة والدليل قائم على خلافه فإن جميع المحلات التي هي خارج الباب القناة حادثة في حدود القرن السابع وكان محلها قبل ذلك بساتين حتى إن بانقوسا كانت مخشبة لحلب كما صرح بذلك أبو ذر في تاريخه وقد نسب هذا الجامع للحدادين لأنهم كانوا يوجدون في السوق الذي على بابه وقيل نسبة للشيخ الحدادي الفقيه صاحب الجوهرة لأنه مدفون فيه وقيل المدفون فيه هو الشيخ الحداوي نسبة إلى حدة محل معروف بين جده ومكة المكرمة والله أعلم وعلى كل فهو جامع عظيم

٣١٥

معمور بذكر الله تعالى واسع الصحن والقبلية له بابان أحدهما موجه شرقا ومنه ينفذ إلى سوق الدجاج والآخر موجه غربا وفي شمالي صحنه ثلاث حجرات وعند الباب الموجه غربا حجرة كبيرة وله منارة تحتها حجرة وكان في وسط صحنه حوض بني أو جدد سنة ١٢٤٧ وكان على ظهره مصطبة فنقل إلى جهته الغربية وراء الباب الغربي سنة ١٣٠٤ وعمل على ظهر مصطبة وأمام الباب الغربي ميضأة ينزل إليها بدرجات فيها مغسل وحوض يأتي إليه الماء من الجامع وفي سنة ١٣١١ جددت جهة قبليته مما يلي الصحن وطلب مني تاريخ لها فقلت :

جهة لها بعد الدثور تجدد

لا زال فيها ذو المعارج يعبد

لما تكامل حسنها أرخته

هذا جدار بالبهاء مشيد

ولهذا الجامع من الأوقاف ما يبلغ ريعه في السنة نحو مائة ذهب عثماني.

بقية آثارها

مسجد صغير يعرف بالماملي محله طليعة الماملي عامر تقام فيه الجهرية وله في المحلة خمس دور يبلغ ريعها نحو ثلاثين ذهبا عثمانيا ، وفي جادة سوق الدجاج مزار رجل من الصلحاء يقال له الشيخ إبراهيم الجركسي ، في شرقي القشلة مزار قديم يعرف بمزار الشيخ إعرابي مشتمل على مسجد صغير وصحن واسع فيه عدة أضرحة لأسرة آل خير الله وفيه أيضا قبور بعض الأغنياء والمسجد معطل ، وتجاه هذا المزار سبيل صهريج عليه بناء متهدم ، وفي حارة سوق الدجاج في الجهة الموجهة قبلة قسطل يقال له قسطل العقرب تحريف الأقرب ينزل إليه بدرجات قديم له وقف يبلغ ريعه في السنة نحو ٤٠ ذهبا جدد فوقه سنة ١٢٧٧ مكتب لتعليم الأطفال.

الرباط العسكري المعروف بالقشلة

كان يعرف محله بالجبل الأحمر أسسه المرحوم إبراهيم باشا المصري سنة ١٢٤٨ وذلك بعد دخوله إلى حلب وقيل إنه أسس قبله من قبل الدولة العثمانية وهو أتمه وعلى كل فإنه في سنة استيلائه على حلب شرع يهتم بعمارته فأمر بهدم ما أبقته الزلزلة من مباني القلعة

٣١٦

وهدم كل بناء في البلدة مشرف على الخراب ليس لأحد فيه حق التصرف كالمساجد والزوايا والمدارس القديمة فهدم من ذلك شيء كثير ونقلت أنقاضه إلى هذا الرباط وحمل الناس على العمل به طوعا وكرها إلى أن كملت عمارته في غضون ثلاثة أعوام وهو بالحقيقة حصن حصين لا نظير له في معظم الممالك العثمانية من جهة تسلط موقعه على البلدة ومن جهة سعته وكثرة حجراته وقد عهدنا أرض صحنه كثيرة الصخور البارزة وقد دام الاهتمام بقطعها مدة طويلة حتى استقامت أرضه.

وفي حدود سنة ١٢٩٧ ابتدأ العمل بتجديد بعض جهاته وتعميرها على النسق الجديد وكانت قبل ذلك بناء ذا طبقتين سفلى وعليا سقفهما خشب فشرعوا في السنة المذكورة بتعمير هاتين الطبقتين عمارة جميلة ذات أروقة عظيمة وأبواب واسعة وغرف جميلة وقصور بارزة وجعلوا سقف ذلك كله أزجا من الحجر الذي نقل إليها من أنقاض القلعة وأسوار البلدة وكملت جهاته الشرقية والجنوبية والشمالية وعمر فيه فرن ورحى ووضعت فيه آلة للعجين تدور بالدواب وبنى فيه مكان لنسج الأقمشة التي يحتاج إليها الجند ومكان لعمل الأحذية فصار كأنه بلدة صغيرة مستقلة له بابان جنوبي لجهة البلدة وشمالي إلى البرية طوله من الجنوب إلى الشمال من ظاهره ثلاثمائة وأربعون ذراعا وعرضه من الشرق إلى الغرب كذلك مائة وتسعون ذراعا تقريبا ومساحته ٦٤٧٠٠ ذراعا وقد اشتهر هذا الرباط (١) باسم الشيخ يبرق وهو رجل من الصالحين مدفون في زاوية يدخل إليها من أواسط الجهة الغربية من هذا الرباط وكانت زاوية عظيمة أنشأها السلطان الملك الظاهر خشقدم بتولي الشيخ محمد خادم الشيخ يبرق وفوض أمرها إليه وبقي بقية يسيرة من عمارتها ومات السلطان ولم تكمل وكان بها شبابيك من النحاس الأصفر المحكم الصناعة وهي وقف على أهل الطريقة الأحمدية ثم تهدم بناؤها وكاد يبقى أثرا بعد عين واستمر كذلك إلى سنة ١٢٣٩ وفيها جددها والي حلب محمد أمين وحيد باشا المكتوب اسمه على بابها عمرها عمارة متقنة وجعلها زاوية ومسجدا ورفع لها منارة ثم في حدود سنة ١٢٩٠ نقل إلى جامعها منبر جامع المقام الأسفل في القلعة وصارت تقام فيه صلاة الجمعة والعيدين. في غربي الجامع إلى شماليه قبة فيها قبر الشيخ يبرق وتجاه باب الجامع قبر كتب على سنامه (هذا ضريح المرحوم الشيخ علي ابن الشيخ مصطفى شيخ التكية البراقية انتقل بالوفاة إلى رحمة الله سنة ١١٨٠)

__________________

(١) هو اليوم ثكنة هنانو التي يستخدمها الجيش كمركز تدريب ، كما أشرنا سابقا.

٣١٧

في غربي الجامع إلى جنوبيه قبة فيها دولاب يجري ماؤه إلى حوض متصل بالجامع من غربيه وإلى قسطل في جنوبي الرباط وفي شمالي الجامع إلى الغرب عمارة واسعة لخزن البارود وعتاد الحرب يسمونها جبخانة وتجاه الباب الجنوبي من الرباط إستحاكم عمل بستانا للرباط طوله ١٩٠ ذراعا وعرضه ٥٠ تقريبا وفي شمالي الرباط في البرية على بعد غلوة منه رحى تدور بالهواء من إنشاء المرحوم إبراهيم باشا المصري كانت معطلة فصلحت سنة ١٢٩٥ ثم عطلت. ظفرت بكتاب وقف زاوية الشيخ يبرق فأحببت إثبات صورته هنا كما هي بالحرف إلا ما لابد من حذفه وهو :

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين : الحمد لله الذي جعل القربات لاكتساب الدرجات داعية. ويسر أسباب النجاة لمن له بصيرة وأذن واعية. ووفق من أحبه فلم ينس له نصيبه من هذه الدنيا الفانية. وتزود منها لسفره البعيد شوقا إلى جنة عالية قطوفها دانية. وتبع قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد يدعو له فنهض إلى العمل بنية غير وانية. وقدم على الكل الصدقة الجارية. نحمده على أن وقفنا لنعمه الغزيرة وندبنا إلى تحصيل حسان الحسنات الأثيرة. فقال في محكم آياته التي بخير الدنيا والآخرة منيرة. من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة. وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له شهادة تمحو من السيئات مسطورا وتكتب من الحسنات سطورا. وتسقي قائلها كأسا كان مزاجها كافورا. وأشهد أن محمدا عبد ورسوله أرسله شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا. وصلى الله على مولانا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا. صلاة دائمة إلى يوم قيام الأشهاد بكرة وأصيلا. أما بعد فهذا مكتوب شرعي معتبر محرر مرعي مضمونه إنه وكل مولانا المقام الشريف الإمام السلطان الملك الظاهر سلطان الإسلام والمسلمين. محي السنة في العالمين. منصف المظلوم من الظالمين. قاتل الكفرة والمشركين. مبيد الطغاة والمارقين. قاهر الخوارج والمتمردين. جامع كلمة الإيمان. قامع عبدة ... وارث الملك سيد ملوك العرب والعجم والترك ظل الله الوارف رحمته للبادي والعاكف. وناصر دينه الذي قطعت الآراء بتفضيله ولا مخالف. ملك البرين والبحرين. خادم الحرمين الشريفين. أبو سعيد خوش قدم خلد الله تعالى ملكه ونصره. وكبت عدوه وقهره. وجدد له في كل وقت نصرا. وملكه بساط الأرض برا وبحرا. هو مولانا المقر المولوي

٣١٨

العالمي المدبري المشيري المفيدي الأصيلي اليميمني العريقي الأشرفي نخبة الملوك اختيار السلاطين. محب العلماء كهف الفقراء والمساكين أبو عمر بن موسى ابن الجناب المرحوم نوري أبي الحسن علي الأنصاري عظم الله تعالى شأنه ورفع محله الشريف وصانه وكيل مولانا المقام الشريف المنوه باسمه الشريف نصره الله سبحانه نصرا عزيزا وفتح له فتحا مبينا ووكيل بيت المال المعمور الملكي الظاهري المشار إليه أعلاه في الوقف على زاوية الشيخ الصالح الورع الزاهد العابد الناسك شمس الدين محمد بن أحمد بن محمود الرفاعي الأحمدي المعروف بالشيخ يبرق على ما رغب في ابتياعه من بيت المال المعمور وتقويم ذلك ووقفه عليها بمقضى الخط الشريف وهي نصف قرية كفر دريان من حارم وجميع الحصة التي قدرها ثمانية أسهم من ٢٤ سهما شائعا من جميع أراضي قرية معراتا من حارم ولكاملها حدود أربع من القبلة قرية كفر بطره والفاصل بينهما عين علي التل من جهة الشرق ومن الشرق قرية بابليت والفاصل بينهما طريق سالك وتمامه قرية كفر شيد والفاصل بينهما طريق سالك وتمامه قرية كفر شيد والفاصل بينهما أشجار زند في ثلاثة مواضع ورصيف ينزل إلى الوادي ثم شجر زعرور ثم اجتماع النهرين ثم جبل بلان فيه الصخور المنقوشة ومن الشمال قرية الحديدي والفاصل بينهما جبل لقلب الماء ومن الغرب أراضي قرية كفر دار والفاصل بينهما تل حجارة وتمامه شجر زيتون على طريق السالك وجميع الحصة التي قدرها النصف كاملا اثنا عشر سهما من أصل أربعة وعشرين سهما هي جميع أراضي قرية كفر دريان من حارم ولكاملها حدود أربع فمن القبلة أراضي قرية ماعز والفاصل بينهما الوادي ومن الشرق سرفود وسرمدا والفاصل بينهما سلسلة وشمالا أرض بايطه والفاصل بينهما الجبل ومن الغرب بايعيان والفاصل طريق سالك وجميع الحصة الشائعة وقدرها النصف كاملا اثنا عشر سهما من أصل أربعة وعشرين سهما هي جميع القرية وأراضيها المعروفة بعليصه من إعزاز ولكاملها حدود أربع من القبلة مزرعة تل الشعير ومن الشرق كذلك وتمامه مزرعة بعنديد ومن الشمال أرض مزرعة البريج وتمامه مزرعة نابل وتمام الحد الشمالي أرض حاسين وطاحونها ومن الغرب مزرعة فافين وجميع الحصة التي قدرها تسعة أسهم من أصل أربعة وعشرين سهما وهي الربع والثمن من مزرعة طومان من الباب ولكاملها حدود أربع من القبلة أرض مزرعة القبيبات والفاصل بينهما أرض مجمع النهور ووادي الحيات هو من جملة أراضي طومان ومن الشرق أرض قرية عين برزة والفاصل بينهما الجب المعروف بالرومي بأعلاه رجم حجارة وتمامه أرض قرية البيرة والفاصل بينهما تربة الشهيد ومن الشمال أرض مزرعة وادي

٣١٩

التين والفاصل طريق سالك آخذ إلى تادف وتمام الحد الشمالي أرض مزرعة البسلية والفاصل قناة مزرعة طومان ومن الغرب مزرعة دير قاق والفاصل رابية وتمام الحد العين والفاصل الجبل وجميع الحصة التي قدرها الثمن ثلاثة أسهم من أصل أربعة وعشرين سهما من أراضي قرية تلتانة القبلية ومزرعتها المعروفة بالديباجية من إعزاز ولكاملها حدود أربع من القبلة أراضي مزرعة عبلة والفاصل سلسلة حجارة ومن الشرق أرض مزرعة الدوير والفاصل جبل برجوم ومن الشمال أراضي مزرعة تلتانة الشمالية وأراضي الغور والفاصل بين تلتانة الشمالية وتلتانة القبلية سلسلة حجارة ورجمان من الحجر وآثار معصرة ورجم حجارة مستديرة صفة مصلى والفاصل بين الغور وتلتانة القبلية سلسلة حجارة ورجوم صخر منقور يجتمع فيه ماء المطر في الشتاء يسمى برام ومن الغرب أراضي مزرعة التويس والفاصل رجم حجارة وجميع الحصة التي قدرها ربع وثمن فدان من جملة أراضي قرية أطعانا من إعزاز ولكاملها حدود أربع من القبلة أرض مزرعة البريج والفاصل جبل وتل صوص وتمامه أرض قرية جوبه والفاصل سلسلة حجارة ومقطع حوارة ومن الشرق أرض تل عين والفاصل رجم صغير يعرف برجم المقسم وتمامه مزرعة عبلة ومن الشمال أراضي مزرعة عبلة والفاصل أصيار وتمام الحد الشمالي أراضي مزرعة كتيان والفاصل طريق آخذ إلى سروج المضيق ومن الغرب أراضي سروج المضيق والفاصل سلسلة حجارة والحجر المعروف بحجر الدريجات وتمامه أراضي مزرعة قرامل والفاصل سلسلة حجارة وتمام الحد الغربي أرض مزرعة بابل والفاصل تل صوصو وجميع الحصة التي قدرها الثلث ثمانية أسهم من أصل أربعة وعشرين سهما هي جميع القرية وأراضيها المعروفة بمعراتا الخشب من الجومة وشهرتها تغني عن تحديدها وجميع القرية وأراضيها المعروفة بقرية كدلج وتعرف بقرية ماجق من تل صوص وجميع الحصة الشائعة التي قدرها الثلث ثمانية أسهم من أصل أربعة وعشرين سهما هي جميع القرية وأراضيها المعروفة بقرية كجك كسرى وللقريتين المذكورتين شهرة في موضعهما تدل عليهما وتغني عن تحديدهما فالذي وقفه الجناب الشريف مولانا المقر المولوي السلطاني الملكي الظاهري السيفي أعلاه الله تعالى بحقوق ذلك كله وطرقه وأراضيه وسهله ووعره وأقاصيه وأدانيه ومسارحه ومراعيه ومغره وصهاريجه بكل حقوق ذلك وداخل الحد وخارجه معروف به ومنسوب إليه من سائر الحقوق الواجبة وقفا صحيحا شرعيا وحبسا مخلدا مؤبدا مرعيا متصلا للإبتداء والوسط والانتهاء فابتدأ ما شرطه ووقفه على مصالح الزاوية الكائنة بخارج حلب المحروسة ببانقوسة بحارة ابن ماجة التي آنسها المرحوم الشيخ يبرق

٣٢٠