نهر الذّهب في تاريخ حلب - ج ٢

كامل البالي الحلبي [ الغزي ]

نهر الذّهب في تاريخ حلب - ج ٢

المؤلف:

كامل البالي الحلبي [ الغزي ]


المحقق: الدكتور شوقي شعث ومحمود فاخوري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: منشورات دار القلم العربي ـ حلب
المطبعة: مطبعة الصباح
الطبعة: ٢
الصفحات: ٥١٨

محلة الدحدالة (د)

داخل باب النيرب عدد دورها ٢٨ ونفوسها ٩٠ ذكرا و ١١٨ أنثى فالمجموع ٢٠٨ كلهم مسلمون حدها قبلة الجادة الآتي ذكرها في حارة البستان وشرقا الخندق وشمالا حارة الطونبغا وغربا حارة البستان.

آثارها

تربة العلمي صحن يبلغ بضعة عشر ذراعا في مثلها تقريبا لها دهليز على يمنة الداخل فيه حجرة فيها ضريح العلمي وعلى يسرة الداخل حجرة وفي شمالي الصحن رواق فيه بضع حجرات متهدمة يسكنها بعض الفقراء وفي شماليه قبلية تصلى فيها الجهرية وفي شمالي الصحن إلى غربيه منارة مربعة الشكل وكان بناء هذه التربة سنة ٦٠٤ وهي معدودة من مدارس الشافعية وكان لها أوقاف وافرة من جملتها قرية دير القاق وقرية الجبول في قضاء الجبول والباب وثلث مشانترة وثلث حول أربعة قراريط من أرض حريتان في قضاء جبل سمعان ومزرعة باصفره الكائنة فيما بين جسر الناعورة (١) وجسر المعزى (٢) خارج حلب وكلها ضائعة. وأما أوقافها الآن فهي ثلاثة عشر قيراطا ونصف القيراط من دار في المحلة ونصف دار في محلة البستان في بوابة تجاه القسطل والنصف الآخر من هذه الدار وقف على جامع الطنبغا في ساحة الملح وقفها عليهما مناصفة سنة ١٢٨٥ عائشة بنت الحاج سليم ابن الحاج حسن البابي ويتبع هذه المحلة خان على الجادة لصيق باب النيرب قرب المخفرة أنشئ في حدود سنة ١٢٩٠ معد لبيع الغلات.

__________________

(١) غير موجود الآن ويعتقد أنه كان يقوم أمام المتحف الوطني اليوم.

(٢) كان يقوم بين جبل النهر والشيخ طه.

٢٨١

محلة البستان (د)

داخل باب النيرب عدد دورها ٨٤ ونفوسها ٢٦٢ ذكرا وإناثا ٣٤٨ فالمجموع ٦١٠ كلهم مسلمون يحدها قبلة الجادة الكبرى الممتدة من باب النيرب إلى سوق القصيلة التابعة حارة الأعجام وغربا حارة الأعجام وشمالا حارة الطونبغا وشرقا الدحدالة.

آثارها

مسجد تقام فيه الجهرية يبلغ طول صحنه عشرين ذراعا في عرض عشرة أذرع تقريبا في وسطه حديقة في غربيها صهريج وفي شماليه مصلى صيفي على طول الجامع في عرض عشرة أذرع تقريبا وفي جنوبيه قبلية في طول بضعة عشر ذراعا وعرض بضعة أذرع تقريبا وفي دهليزه على يسرة الداخل حجرة أرضها قبو معقود على قسطل ينزل إليه ببضع عشرة درجة وهما في شمالي المحلة وللمسجد ثلاث دور في المحلة يبلغ ريعها سنويا عشرين ذهبا عثمانيا وللقسطل دار في أواسط الحارة على الجادة في الصف الموجه غربا يبلغ ريعها سنويا نحو خمس ذهبات في أواخر جنوبي هذه المحلة على الصف المذكور سبيل صهريج عليه بناء عمره (محمد شيخ بن عبد الوهاب).

تنبيه : الأسر القديمة التي كانت في هذه المحلة أسرة آل القرنة وكانت بالغة حد الإفراط من الثروة والغنى. جدّها الأعلى وفد على حلب من مدينة القرنة الكائنة في العراق. وأسرة آل الموقّت التي آخر وجيه منها (محمد وفا ابن الحاج أحمد). وأسرة آل عيسى وجدهم الأعلى من كبار رؤساء الإنكشارية. وأسرة آل بيازيد التي ترجمنا منها عدة رجال وكانت من أعظم الأسر التجارية في حلب وكان منزلهم في هذه المحلة مفتوح الأبواب ينزل فيه عظماء الناس ووزراء الدولة وكبار الموظفين الغرباء وآخر من أدركناه من وجهاء هذه الأسرة (محمد بشير ابن الحاج علي) وأصل هذه الأسرة من بلدة تدمر. والدور العظام في هذه المحلة هي الدور المنسوبة إلى الأسر المذكورة وكلها الآن متوهنة وبعضها متداع إلى الخراب ومنها ما جعل خانا تباع فيه الغلات.

٢٨٢

محلة الأعجام (د)

عدد بيوتها ١٠٨

يحدها قبلة حارة القصيلة وحارة داخل باب النيرب وشرقا وشمالا حارة البستان وحارة الطنبغا المعروفة وغربا داخل باب النيرب والفلاة المعروفة بسوق الجمعة وعدد سكانها ٩١٨ منهم ٤٣٧ ذكرا و ٤٨١ أنثى كلهم مسلمون.

آثارها

جامع الأطروش

ابتدأ بأساسه (آق بغا الأطروشي) نائب حلب ثم دمشق سنة ٨٠١ ، وكان مكانه سوق الغنم وبنى حيطانه وقطع له عمدا من الرخام البعاديني الأصفر وهي أعمدة عظيمة ، وبنى له تربة داخل الجامع ووقف عليه أوقافا ثم صرف عن نيابة حلب وانتقل إلى طرابلس ودمشق ثم عاد إلى حلب ثانيا ومات بها سنة ٨٠٦ قبل أن تكمل عمارة الجامع المذكور فكملها (دمر داش) نائب حلب ووقف عليه وقفا حافلا منه ٥ مخازن قربه ومخزنان في بابه الشمالي وآخران تحت حجراته وقاسرية قدامه و ٧ مخازن تجاه باب القلعة و ١٤ في سوق القشاشين ودكاكين في سوق البرادعية شرقي الجامع و ٢٢ في السوق المذكور و ٣ في سوق السقطية ودكان في سويقة علي و ٧ في سوق السلاح و ٥ في سوق الأبارين و ٥ في سوق السقطية و ٣٦ في سوق البسط وفدان في قرية تل نصيبين في جبل سمعان وأراضي بقرية معرة مصرين (١) في قضاء سرمين ونصف آسياب خارج باب أنطاكية بحلب وكان هذا الجامع يعرف مرة بجامع الأطروشي وأخرى بجامع تمرتاش وهو جامع حسن وبه كانت تصلى نواب حلب العيدين وكانوا قديما يصلونهما بجامع الطنبغا. اه. وهو جامع

__________________

(١) هي اليوم مركز قضاء (منطقة) مستقل عن سرمين وأكثر تطورا واتساعا منها.

٢٨٣

حافل عظيم يبلغ طول قبليته سبعين ذراعا في عرض بضعة وعشرين ذراعا قد انفرد بعدة محاسن لم أرها في غيره منها الأعمدة التي بنى سقف قبليته عليها إذ لا نظير لها في الغلظ والطول ومنها محرابه الذي يستغرق المحاسن ببداعة حجره وصناعته ومنها رقاع من الفسيفساء في أعلى جبهة محرابه تراها لإتقانها وحسن صناعتها كأنما بنيت من عهد قريب ومنها منبره الذي بني كله من الحجر المرمر على أجمل طرز وأبدع شكل ومنها جهة جداره الغربي مما يلي الجادة فأنه قد اشتمل على بابه الأول وعدة شبابيك قد حف بها من صنعة البناء والنقوش ما يدهش النظر وفي شمالي هذه الجهة تكون منارته العظيمة ذات الموقفين غير أن أعلاهما لا يستعمل للتأذين لإنهدام مكبسه وخلوه عن الدربزين. ويوجد لهذا الجامع باب آخر في جهته الشمالية موجه شمالا.

وفي غربي هذا الباب داخل الصحن تربة الواقف آق بغا وفيها قبره وقبر آخر توفى صاحبه في السنة التي توفى بها آق بغا وهي سنة ٨٠٦ وهذا الجامع الآن قد انهدمت قبليته وسرقت حجارته وتداعى كله للخراب وله من الأوقاف ما يبلغ ريعه سنويا عشرين ذهبا عثمانيا وكان شرط له محب الدين بن محمد الشحنة في كتاب وقفه المؤرخ سنة ٨٥٤ مؤذنا وشرط في هذا الكتاب عدة خيرات لتربته التي شرع بعمارتها قرب الأنصاري وللمدرسة التي سينشئها قرب داره وللسبيل الذي سينشئه برأس الدرب تجاه القلعة وكانت داره في شمالي المدرسة السلطانية وأكثر وقف هذا الجامع في هذا الخراب حوالي السلطانية وهو دور وحمام وخانات ومن جملة ما كان قرب جامع الأطروشي سوق البادستان وكان هناك معظم أوقاف الحاج أمير يونس ابن الأمير أحمد الناصري ابن الأمير محمد الحطب. وله في غير هذا الموضع أوقاف منها قاسارية في محلة المرعشي في جنوبي الخندق وشرط أن يفرق ثلث ريع هذا الوقف على جامع المهمندار وتاريخ كتاب وقفه هذا سنة ١١٠٥ وكان يوجد قرب جامع الأطروشي زاوية تغري ويرمش كافل حلب تمت سنة ٨٤١. مكتوب على باب جامع الأطروش الموجه شمالا (عمر هذا الجامع المبرور ابتغاء لوجه الله تعالى المقر الأشرف العالي المولوي العالمي العادلي المخدومي الكافلي السيفي دمرداش الناصري مولانا ملك الأمراء كافل المملكتين الشريفيتين الحلبية والطرابلسية أعز الله أنصاره وضاعف اقتداره بمحمد وآله بتولي العبد الفقير إلى الله تعالى يوسف الأشرفي وكان الفراغ منه بشهر شعبان المكرم سنة ٨١٢) وفي أسفل المئذنة (أنشأه العبد الفقير إلى الله تعالى آق بغا الظاهري غفر له) ومن الحكايات

٢٨٤

المشهورة عن هذا الجامع أنه كان يوجد في كوة منه مرآة ينظر فيها من له غائب عن وطنه فيراه على الصورة التي هو عليها. وفي يوم ما جاء أرنودي له غائب فنظر إلى المرآة فرآه ميتا قد حمل على النعش ليقبر فثار غضبه وفي الحال أطلق عياره الناري على المرآة فحطمها وبطل هذا الطلسم. قلت : هذه الحكاية من جملة الخرافات.

مسجد أشق تمر

محله داخل باب النيرب قرب سوق القصيلة على يمنة السالك إليه ويعرف الآن بجامع السكاكيني. وكان أنشأه (أشق تمر) نائب حلب سنة ٧٧٦ وأنشأ بقربه حماما وفرنا وخانا ومعصرة وحوانيت وقفها عليه وعلى تربته التي أنشأها ظاهر حلب في باب المقام على يمنة الخارج من المدينة وهي تربة عظيمة واسعة لها بوابة من الحجر النحيت الأبيض ذات عقد مصلب له ثلاث قناطر ومساطب رخام أصفر داخلها مدفن معقود عليه قبة كبيرة وله حوش كبيرة وبها بركة كبيرة مرخمة الدائر يصل إليها الماء من القناة في صدر هذا الحوش إيوان كبير ذو شبابيك أحدها مطل على قسطل كبير يجري إليه الماء من فائض البركة وأما المسجد المذكور فإن (محمد راجي ابن محمد علي بيازيد) جدد سقف قبليته وأنشأ في شماليه بضع حجرات برسم مجاورين لطلب العلم ووظف والدي بالتدريس وأقبل عليه الطلبة إقبالا زائدا وانتفعوا به في هذه المدرسة انتفاعا عظيما ونشأ منهم عدة علماء ذكرنا بعضهم في باب التراجم وكان في عزم المرحوم محمد راجي أن يقف لهذا المسجد ومدرسته وقفا يقوم بكفايتهما فأعجلته المنية قبل إدراك الأمنية وبعد وفاة والدي بطلت المدرسة وصارت حجراتها مسكنا للفقراء وعاد المسجد إلى فقره واحتياجه. ولم يكن لخطيبه وإمامه سوى قليل من المعاش لأن ريعه لا يزيد على ستمائة قرش في السنة. وأما أوقافه القديمة التي وقفها عليه منشئه أشق تمر المتقدم ذكرها فقد استولى عليها الناس وجرت في أملاكهم وأشرف الجامع على الخراب ثم آلت خطابته إلى الهمام الفاضل الشيخ عبد اللطيف ابن المرحوم العالم الحافظ الشيخ محمد البشير بالخياط الطيب فصرف عنايته لإعماره واستخراج له من محاسبة الأوقاف مبلغا صرفه على مرمته وإحياء شعائره وتصدى فيه لإرشاد أهل تلك المحلات فعاد للجامع والمدرسة شيء من رونقهما القديمين جزاه الله خيرا.

٢٨٥

بقية آثارها

يوجد في هذه المحلة في سوق القصيلة في غربي الصف الموجه إلى الجنوب جامع تقام فيه الجمعة والسرية له من الأوقاف كفايته ، وفي أواسط حارة الأعجام مسجد ينسب إلى محلة الأعجام ، وفي رأس سوق القصيلة من غربيه سبيل أبي زيد ، وعلى الجادة النازلة من باب النيرب في الصف القبلي منها تجاه باب حارة البستان بميلة إلى الغرب سبيل عليه بناء في جانبه مدفن ينسب للشيخ بلال وفي قرب جامع الأطروش سبيل عليه بناء أنشأته فاطمة بنت شريف آغا القرنة سنة ١٣١٥ وقفت عليه دارا في محلة البياضة وفي جدار أشق تمر قسطل معطل من آثار صاحب الجامع وفيها حمام عاشق تحريف أشق تمر المتقدم ذكره ، ومداران ، وثلاثة أفران ، وقهوتان ، وثلاث خانات لبيع الغلات.

٢٨٦

محلة داخل باب المقام (د)

عدد بيوتها ١٥١

ذكورها ٦٣٤ وإناثها ٦٢١ فالجملة ١٢٥٥ كلهم مسلمون يبتدئ خطها من جنوبي المحلة من الخندق تجاه الباب آخذا إلى الشرق مقدار غلوة ثم ينعطف شمالا مارا من وراء حارة الحوارنة حتى يجتاز من وراء سبيل البيك مقدار غلوة ثم ينعطف إلى الغرب ويأخذ الجادة الكبرى بصفيها وينعطف إلى الجنوب سائرا حتى يصل إلى باب المقام.

آثارها

المسجد العمري

المضاف إلى أصلان في زقاق الحوارنة صغير تصلى فيه الجهرية ومدرسة بيت العقاد ملاصقة سبيل البيك من شرقيه وهي مدرسة عظيمة واسعة وتعرف أيضا بمدرسة الدفتردار وكانت معطلة متوهنة يسكنها جماعة من البيت المذكور ثم صرفت عليها محاسبة الأوقاف مبلغا رمتها وعينت لها مدرسا. ومسجد الأربعين محله في دهليز باب المقام تصلى فيه السرية ويقام فيه ذكر يوم الأحد. وسبيل البيك نسبة إلى أحمد بك ابن إبراهيم باشا وهو سبيل حافل له شباك كبير على الجادة الكبرى وآخر على زقاق الحوارنة وفي وسطه الصهريج العظيم الذي يستقى منه : مكتوب على جانبي شباكه المطل على الجادة (بسم الله الحمد لله الذي أنشأ هذا السبيل على يد الأمير الجليل أحمد بك أفندي إبراهيم باشا زاده الله الحسنى وزيادة سنة ١٢٤٣) وفي جانبيها إيضا :

لصاحب هذا الخير أجر محدد

بناه لوجه الله والخير يحمد

وقد تمّ بنيانا وحسنا فأرّخوا :

سبيل يجازى خيره مير أحمد

سنة ١٢٤٣

٢٨٧

سبيل أصلان

ملاصق مسجده من شرقيه موجه جنوبا وهو صهريج وسبيل باب المقام لصيق قهوة الحصري من شماليها وهو صهريج أيضا عمرته امرأة وقسطل باب المقام لصيقه من شماليه ينزل إليه ببضع دركات وهو قديم مكتوب في صدره (أنشأ هذا السبيل المبارك في أيام مولانا السلطان الملك الأشرف برسباي خلد الله ملكه واقتداره في كفالة المقر الأشرف قصروه كافل الممالك الحلبية المحروسة أعز الله أنصاره المقر السيفي الأشرفي نائب القلعة المنصورة بحلب المحروسة أعز الله أنصاره في العشر الأول من شهر ذي القعدة سنة ٨٣١.

بقية آثارها

خان الدرج على الجادة موجه غربا تباع فيه الغلات وآثار عمارته وحسن بنيانه وإتقانه وتركيبه يدل على أنه كان دارا عظيمة والمشهور عند أهل المحلة أنه كان دار رئيس الحوارنة وهم طائفة من الناس تكلمنا عليهم في حوادث سنة ٨٨٥ وخان حسين الشاوي على الجادة موجه شرقا تباع فيه الغلات وحمام الصالحية تجاه سبيل البيك المتقدم ذكره مكتوب على بابها :

أنعم بحمام مبانيها زهيّه

وقد ازدهت حسنا معانيها البهيّه

كتب السعود لوارديها أرخوا

ببنائها هذا نعيم الصالحيه

سنة ١١٢٢

رأيت في السجل أن هذا الحمام مما وقفه الحاج علي بن محمد بن أحمد البولادي وأحمد ابن الحاج حسين بن أحمد المعروف بابن الخليفة وشرطا غلته على خيرات من جملتها أجزاء شريفة في مدرسة الدفتردار المتقدم ذكرها ثم في المسجد العمري المعروف بأصلان السالف ذكره وهذا الحمام من إنشاء (أزدمر بن عبد الله الجركسي) في حدود سنة ٨٩٠. في هذه المحلة فرن واحد في حضرة باب المقام ومدار تجاه قهوة الحصري وآخر متداع للخراب على الجادة موجه غربا ونحو خمسة عشر نولا وقهوتان إحداهما تعرف بقهوة الحصري على الجادة شمالي بوابة السقائين وجنوبي زقاق الحوارنة والثانية تعرف بقهوة الشرباتي.

٢٨٨

نبيه : مما يضاف إلى هذه المحلة مقبرة الصالحين وتعرف بمقبرة الخليل لأنه يوجد فيها مشهد للخليل فيه قدم من الحجر ينسب إليه وفي هذا المشهد جماعة من العلماء والصلحاء ذكرهم الشيخ وفا الرفاعي في منظومته مع من ذكرهم من العلماء والصلحاه المدفونين في هذه المقبرة وهي من أشرف مقابر حلب وكان في الدرب الواصل من باب المقام إلى مقام الخليل عدة ترب ومدارس منها تربة القليجية ومنها تربة موسى الحاجب قرب باب المقام لها بوابة عظيمة وإلى جانبها حوض ماؤه من قناة حلب أنشأها موسى بن عبد الله الناصري نائب السلطنة بالبيرة ثم حاجب حلب وكان ذا فضل وكرم وسياسة توفي في البيرة سنة ٧٥٦ ونقل إلى تربته بحلب ومشهد الخليل المذكور يعرف أيضا بمقام إبراهيم عليه السلام وقد أنشأ فيه خانقاها الأمير مجد الدين أبو بكر محمد بن الداية وهي الآن مشرفة على الخراب ولها منارة على باب المقام معطلة مائلة للسقوط وغلق الباب حجر أسود واحد وفي شرقي صحن الخانقاه مغارة تسمى مغارة الأربعين وفي جنوبي الصحن حرم للصلاة في جانبه حجرة في صدرها محراب في أسفل صدره صخرة ناتئة يقال إنها هي الصخرة التي جلس عليها إبراهيم الخليل عليه السلام مستقبلا حلب حين فارقها كأنه يودعها ويتأسف على فراقها وفي هذا المسجد من جهة الشمال قبر الإمام علاء الدين أبي بكر القاشاني الحنفي وقبر امرأته فاطمة بنت شيخه علاء الدين السمرقندي. وفي قبلي المسجد مقبرة جليلة فيها جماعة من الأخيار منهم الأصولي برهان الدين البلخي وكان شيخ الحنفية في عصره ومنهم الزاهد العابد الحسين بن عبد الله بن حمزة الصوفي القدسي وتجاه الخليل تربة بني العشائر.

٢٨٩

المغازلة أو محلة جامع بزة (د)

عدد بيوتها ١٤٢

عدد سكان هذه المحلة ٥١١ ذكرا و ٥٧٣ أنثى مجموعهم ١٠٨٤ نسمة كلهم مسلمون والمغازلة تحريف المغازلي نسبة إلى الشيخ محمد المغازل الآتي ذكره وبزة إما أن تكون محرفة عن البز وهو القماش أضيفت المحلة إليه لكثرة ما يوجد فيها من نسج الأقمشة أو هو لفظ تركي معناه نحن ولا أدري حينئذ ما سبب إضافة المحلة إليه. ولعل الذي بنى جامعها كان تركيا يعرف بهذه اللفظة. هذه المحلة يبتدئ خطها من غربيها بميلة إلى الشمال بحمام الحمداني المعروف الآن بحمام ساحة بزة مارا شرقا إلى الجنوب حتى يتصل بخندق قلعة الشريف ثم بخندق المغازلة يفصل بين هذين الخندقين جدار قديم من السور ثم يمشي إلى باب المقام ومنه ينعطف شمالا إلى الجادة وراء جادة باب المقام من غربيها حتى يتصل بالحمام المذكور. هذه المحلة طيبة المناخ مع كثرة قاذوراتها لها حق وافر من قناة حلب التي يصعد ماؤها في بعض المواضع منها نحو ثلاثة أذرع عن وجه الأرض.

آثارها

مسجد صغير في زقاق المحبك غربي قسطل المغازلة تقام فيه الجهرية ومسجد الشيخ محمد المغازلي في زقاق الجبل شرقي زقاق المحبك وهو مسجد فسيح في صحنه حجرة تعلم فيها الأطفال وفيه قبلية جميلة لكنها محتاجة للترميم وفي غربيها ضريح من الرخام الأصفر يقولون أن الدفين فيه رجل يقال له الشيخ محمد المغازلي منقوش على نصبتي القبر نظم ونثر يفهم منهما أن صاحب القبر اسمه درويش وأنه كان حسيبا نسيبا من بيت ثروة وغنى مات في شرخ شبابه عام ١٠٤٥. مكتوب على باب هذه القبلية شعر يفهم منه أن باني هذا المسجد ومؤسسه رجل من الأشراف يقال له صلاح الدين أنشأه سنة ١٠٤٦.

جامع بيز أو جامع عبيس أو جامع بزة وهو أعظم مساجد هذه المحلة محله في الجادة

٢٩٠

الكبرى الممتدة من ساحة بزة إلى باب المقام على الصف الموجه إلى الجنوب وهو واسع الصحن في وسطه حوض كبير مساحته فوق عشر بعشر وفي شرقيه مكتب تعلم فيه الأطفال وله قبلية عظيمة ومنارة فوق بابه تقام فيه الصلوات والجمعة وأوقافه قائمة بكفايته.

سبلانها

قسطل قديم في زقاق المحبك المتقدم ذكره يهبط إليه ببضع دركات وفي جانب حوضه من غربيه صهريج كبير ينسب إلى السجان وله خيرات مشروطة في وقفه ، وسبيل الحاج خليل الشربجي في زقاق بيت المعصراني قرب جامع بز في جنوبيه وسبيل ملاصق باب الجامع المذكور من غربيه مكتوب على نجفة شباكه أنه من إنشاء أهل الخير سنة ١١١٦ وتاريخه بالجمل (وماء شرابه تسنيم) وسبيل محمد آغا الجاويش الصباهي في جادة المغازلة غربي جامع بز تجاهه دكان وقف عليه ومحمد آغا المذكور من مماليك المرحوم السلطان محمد خان العثماني وكانت وفاته في حدود سنة ١٢٩٥ وعمر سبيله المذكور سنة ١٢٧٢.

يوجد في هذه المحلة ثلاث كرخانات لطبع المناديل وأربع قاساريات لحياكة الأقمشة الأولى قبالة جامع بز فيها نحو عشرين نولا وتعرف بقاسارية بيت الألجاتي والثانية ملاصقة لها من جنوبيها فيها خمسة أنوال والثالثة على الجادة في سوق المحلة وتنسب لأمين أفندي العطار وفيها أربعة أنوال والرابعة في زقاق المداراتي وفيها ثلاثة أنوال وفي المحلة فرن واحد جنوبي جامعها جار في أوقافه (غريبة) يوجد في زقاق الركبي من هذه المحلة غربي جامعها الكبير بضع عشرة دارا متلاصقة ببعضها يقال إنها كانت تنفذ إلى بعضها بأبواب باقية آثارها إلى الآن والمشهور عند ذويها أن سبب هذا هو استيلاء الخوف في الأجيال القديمة وعدم الأمن فكان أهلها يسهرون عند بعضهم ليلا دون أن يخرجوا إلى الأزقة حذرا من أن يتعرض إليهم أحد.

تنبيه : كان يوجد في هذه المحلة غربي جنينة الفريق مسجد ينسب إلى ناصر الدين محمد بك ابن برهان وتربة مطلة على المسجد من انشائه أيضا ، ومن جملة أوقافه حمام بمحلة الجرن الأسود يعرف بالواقف وكان قديما يعرف بحمام الذهب وفرن بالمحلة المذكورة ودار قرب المدرسة الصاحبية والمفهوم من كتاب هذا الوقف أنه كان يوجد عند جامع الطواشي محكمة تعرف بمحكمة جبل سمعان وهذا الوقف كبير أكثره مسقفات موقوفة على المسجد

٢٩١

المذكور تاريخه سنة ٩٣١ وكان قرب سراي إسماعيل باشا مسجد يقال له مسجد عبد الغفار شرطت له خديجة بنت عبد الله بن عبد المنان معتقة إسماعيل باشا ربع غلة وقفها بعد انقراض ذريتها وكان يوجد في سراي إسماعيل باشا جامع يعرف بالروضة أنشأته الحاجة عفيفة بنت الحاج محمد آغا أبازه ابن عبد الله آغا يشتمل على ثلاثين حجرة وقد وقف عليه ولدها الحاج إسماعيل باشا والي حلب بن عثمان باشا وقفا عظيما شرط فيه لكل مجاور شيئا معلوما وشرط أمورا كثيرة تشاكل ما شرطه عثمان باشا الدروكي في وقفه لجامعه الرضائية المتقدم ذكره ووقف إسماعيل باشا عبارة عن قاسارية عظيمة وثمان عشرة دكانا وبستان في محلة بزة تاريخه سنة ١١٦٤ وكان يوجد في هذه المحلة مدرستان إحداهما تدعى المجدية الداخلية ومحلها داخل بوابة النبي والأخرى تدعى المجدية البرانية خارج البوابة المذكورة نسبة إلى مجد الدين ابن الداية وكلاهما مما لا أثر له الآن.

أما مسجد عبد الغفار فهو باق لكنه مشرف على الخراب وأما مسجد الروضة فلا أثر له كما أن سراي إسماعيل باشا أصبحت قاعا صفصفا ثم في الأيام الأخيرة عمر في طرف منها بعض دور صغيرة وعمر في قسمها الأعظم دار عظيمة ذات جنينة واسعة تشتمل على دولاب وعدة حياض تملأ منه. عمرها السيد عبد الرحمن ابن الحاج أحمد الجوبي وقد جعل فيها دارا للضيوف والزائرين الذين يعد لهم من القرى والإكرام ما يدل على رحب صدره وفرط سخائه والأسر القديمة في هذه المحلة هي أسرة الجوبي والدار المذكورة هي الدار العظيمة في هذه المحلة ليس إلّا.

٢٩٢

محلة داخل باب النيرب (د)

عدد بيوتها ٥٢

ذكورها ٢٠٩ وإناثها ٢٠٣ فالجملة ٤١٢ نسمة كلهم مسلمون يبتدئ خطها من شماليها بجنينة الفريق مارا منها وراء حمام الذهب إلى سوق القصيلة إلى وراء جامع الطواشي إلى جادة باب المقام حتى يتصل بخان العرصة.

آثارها

مسجد زقاق النخلة صغير جدده الحاج (عبد القادر بن عمر بن سليم) تقام فيه الجهرية.

جامع الطواشي

محل هذا الجامع في رأس الجادة الكبرى الآخذة إلى باب المقام على يمنة المتوجه فيها جنوبا وهو جامع حافل متسع الصحن والقبلية مشتمل على أروقة في جهاته الثلاث وعلى حوض فوق عشر بعشر وله بابان أحدهما على الجادة المذكورة والثاني في غربيه على الجادة الآخذة إلى ساحة بزه وله منارة وتقام فيه الصلوات والجمعة والذي أنشأه صفي الدين جوهر العلائي الطواشي في أواسط القرن الثامن ثم جدده ووسعه (سعد الله بن علي بن عثمان) الملطي. مكتوب على بابه الشرقي (بسم الله الرحمن الرحيم أنشأ هذا الجامع العبد الفقير إلى الله تعالى صفي الدين جوهر بن عبد الله الطواشي ثم جدده الفقير إلى الله الحاج سعد الله ابن الحاج علي ابن الفخري عثمان الملطي غفر الله له ولوالديه وللمسلمين بتاريخ سنة ٩٤٤) أقول هذا الجامع الآن محتاج للتعمير والترميم وغلة أوقافه غير وافية وكان يوجد باتصاله زاوية يقال لها الجايية نسبة إلى الجاي أمير السلاح في أيام (إشقتمر المارديني) وكان باقيا لها باب مكتوب عليه (أمر بعمارة هذه الزاوية مولانا المقر الكريم المولوي

٢٩٣

الملكي المخدومي الأعظمي السيفي الجاي أمير السلاح الأشرفي أعزّ الله أنصاره وأعلى مقامه وجعلها مأوى للفقراء المترددين والصلحاء الواردين وشرط أن تقام فيها صلاة الجمعة والعيدين وذلك في شهر ربيع الأول سنة ٧٤٤). وكان في شماليه أي شمالي جامع الطواشي مدرسة أخرى تعرف بالصاحبية أنشأها القاضي بهاء الدين أبو المحاسن (يوسف بن رافع بن تميم المعروف بابن شداد) في سنة ٦٠١ وتجاه هذه المدرسة كان يوجد مدرسة لنور الدين زنكي ثم عمر القاضي بهاء الدين في جوار مدرسته دارا للحديث وجعل بين المكانين تربة أعدها لنفسه فدفن فيها بعد وفاته ويوجد في جنوبي الجامع المذكور مدفن لسعد الله الملطي المتقدم ذكره وهو مدفون فيه وفي قرب هذا المدفن أيضا مدفن يعرف بالزعتري وسبيلان أحدهما يعرف بالزعتري والآخر ببركات وقسطل ملاصق جامع الطواشي من شماليه من إنشاء صفي الدين جوهر منشئ الجامع المذكور كما يفهم من كتابة محررة في صدره وقد وقفت خديجة بنت عبد الله بن عبد المنان معتقة إسماعيل باشا وقفا كله بساتين وشرطت أن تقسم غلته بعد انقراض ذريتها بين جامع الطواشي ومسجد عبد الغفار قرب سراي إسماعيل باشا وجامع منكلي بغا والفقراء وذلك في ١٠ شوال سنة ١١٨٩ وشرط الزيني فرج بن العلاء والصارمي إبراهيم ابن القاشاني في وقفيتهما محدثا في جامع الطواشي في الأشهر الثلاثة له ٤٠٠ درهم فضة في كل سنة وآخر في بقية السنة له ٤٤٠ في السنة وثلاثة قراء وخادما.

بقية آثارها

فيها لبيع الغلات على الجادة في الصف الموجه شرقا خان يقال له خان العرصة في شماليه خان ينسب للدلال باشي (١) تجاهه خان ينسب للبيلماني في شماليه خان يعرف بالقبو تجاهه خان يعرف بالقهوة وفيها مصبغتان ومصبنة تنسب لبيت الحلاج على الجادة موجهة إلى الغرب وقاسارية كبيرة جدا مختصة بأنوال النسج واقعة على الجادة موجهة غربا وبيت قهوة تجاه جامع الطواشي كان يجتمع فيها الحماماتية ويتفاوضون بأحوال مهنتهم الخبيثة وفيها حمام واحد يعرف بحمام الذهبي إضافة إلى ولي مدفون في حجرة متصلة بالحمام من شماليه الشرقي

__________________

(١) هناك خان بالقصيلة يحمل اسم خان دلال باشي ، وتوجد اليوم عائلة ميسورة كريمه بحلب تسمى عائلة دلال باشي.

٢٩٤

لها شباك على الجادة زعم البعض أنه هو شمس الدين بن محمد بن أحمد عثمان بن قايماز الذهبي الدمشقي المحدث الكبير المؤرخ صاحب كتاب تاريخ الإسلام وكتاب الموت وما بعده المتوفى في دمشق سنة ٧٤٨ كما ذكره ابن الوردي في حوادث السنة المذكورة ثم أن هذا الحمام عرف بحمام ناصر الدين بك لأنه داخل في أوقافه وكانت المحلة الموجود فيها الحمام تعرف بمحلة الجرن الأسود قلت : وهو الآن جار بأوقاف الحرمين الشريفين وعلى أرضه حكر يدفع إلى متولي وقف ناصر الدين.

٢٩٥

محلة الطنبغا (د)

عدد بيوتها ١٧٢

يحدها قبلة حارة البستان والدحداله وغربا الفلاة المعروفة باسم سوق الجمعة وشمالا حارة أغليبك وشرقا خندق البلدة وتعرف أيضا بالمزوق. عدد سكانها ١٤٣١ نسمة منهم ٧٠٠ ذكر و ٧٣١ أنثى كلهم مسلمون.

آثارها

جامع الساحة

وهو جامع الطنبغا الصالحي نائب حلب ثم دمشق سنة ٧٢٣ وكان محله يعرف بالميدان الأسود وهو أول جامع بني بحلب بعد الجامع الكبير داخل سورها على كتف خندق الروم يشتمل على محاسن كثيرة له بابان أحدهما غربي يستطرق منه إلى صحن الجامع وهو بابه الكبير بجانبه ميضأة كبيرة النفع والآخر شرقي صغير يستطرق منه بواسطة جسر إلى ظاهر البلد وقد ركب عليه الطنبغا باب قلعة النقير لما فتحها وأخربها وهذه المحلة تنسب إليه لأنها عمرت بسبب جامعه وقد جلب له العمد العظيمة التي تضاهي عمد جامع الأطروش من قورس ووقف عليه أوقافا كثيرة بالبر والمدينة ولما كمل بناؤه كان افتتاحه يوم الجمعة فخطب فيه (حسن بدر الدين بن محمد بن حبيب) وقرأ في خطبته الحديث المتسلسل بالأولية مناسبة وتبركا وهو أول حديث قرىء بهذا الجامع وفيه يقول :

في حلب دار القرى جامع

أنشأه الطنبغا الصالحي

رحب الذرى يبدو لمن أمّه

لطف معاني حسنه الواضح

مرتفع الرايات يروي الظما

من مائه بالشارب السارح

يهدي المصلي في ظلام الدجى

من نوره باللامع اللامح

٢٩٦

من حوله الروض يروى الورى

من زهره بالفائق الفائح

لله بانيه الذي خصه

بالروح للغادي وللرائح

ويوجد باتصال هذا الجامع من شماليه مكان عظيم كان يخزن به الملح والآن يستعمل لطبع المناديل. قال ابن الشحنة : أظنه كان خانقاه للمسجد المذكور وكان المتولي يأخذ أجرته ويصرفها على المرتزقة. قلت : هذا الجامع شبيه بجامع آقبغا بعظمته وإتقان عمارته إلا أنه الآن متوهن محتاج للترميم وأوقافه مضبوطة إلى جهة إدارة الأوقاف وله منها شيء معين في السنة يقوم بضرورياته. مكتوب على بابه (أنشأ هذا الجامع المبارك الفقير إلى الله تعالى المقر الأشرف العالي العلائي الطنبغا الناصري في أيام دولة مولانا السلطان الملك الناصر محمد عز نصره في شهور سنة ٧١٨).

بقية آثارها

تربة الطنبغا في زقاق ضمامة اللؤلؤ وتعرف الآن بالمدرسة بناها الطنبغا المذكور وكانت تربة حافلة لم يبق منها الآن سوى رسم قبلية في جنوبيها محراب ليس إلّا. قد استولى عليها الناس وجعلت بيتا. قال ابن الشحنة وذكر لي أن بها قبرا لأحد أولياء الله تعالى. مسجد في زقاق وزاوية أبي الجدائل في حارة المزوق أيضا وهي عامرة بالأذكار أستاذها الشيخ عبد السلام ابن الأستاذ الشيخ سالم خليفة أبي الجدائل. ذكر إسماعيل صادق بن كمال باشا شيخ الحرمين في كتابه الذي ألفه في مناقب الأولياء والصالحين أن أبا الجدائل هذا هو الشيخ محمود وأنه كان منزويا عن الناس وله عدة كرامات توفي سنة ١٢٧١ وهو مدفون في زاويته التي وقفها سنة ١٢٧١ وشرطها لخلفائه. اه.

يوجد قرب هذه الزاوية سبيل وبئر على كل منهما قنطرة في جنوبي ساحة الملح ومما يلحق بهذه المحلة حمام اللبابيدية مما أنشأه الأمير (يلبغا الناصري) المتوفي سنة ٨٩٣ فهو يعرف في الكتب التاريخية بحمام الناصري محله على حافة خندق القلعة في سوق الدواب تجاه برج القلعة الجنوبي وهو حمام عظيم متقن البناء قد عمر حائط بابه بالحجارة السود والصفر صفا صفا. تدلك فيه الآن اللبابيد ويملكه بعض الناس بطريق الإجارتين. وفي جنوبي هذا الحمام تربة (أرغون الدوادار الناصري) المتوفي سنة ٧٣١ وهو مدفون بها وتعرف

٢٩٧

في زماننا بتربة الشيخ قويق وقد تكلمنا على أسباب تسميتها بهذا الاسم في الكلام على نهر قويق وهي الآن متداعية للخراب. وكان في هذه المحلة قرب الحمام المذكور مدرسة للحنفية اسمها الشهابية وأخرى اسمها القلقاسية وقف كل منهم أربعة أفدان من الملوحة. والأسر الشهيرة في هذه المحلة أسرة آل الخياط المعروفة أيضا بأسرة بيت الطبيب وجيهها الشيخ عبد اللطيف ابن الشيخ محمد الذي ألمعنا إليه في الكلام على جامع أشق تمر ومنها أسرة خلفاء الشيخ أبي الجدائل ووجيهها الخليفة في زاويتهم الأستاذ الشيخ عبد السلام المتقدم ذكره.

٢٩٨

محلة أوغلبك (د)

عدد بيوتها ٩٩

يحدّها قبلة وغربا محلة الطنبغا وشرقا خندق الروم وشمالا محلة البياضة وهي محلة مرتفعة جيدة الماء والهواء يجري الماء إلى آبارها من قناة حلب في أنفاق عظيمة فيلطف ويطيب ويبرد. سميت بمحلة أو غلبك نسبة إلى (عثمان بن أحمد أو غلبك) وتعرف أيضا بمحلة باب الأحمر لأنه يخرج منه إلى الأراضي الحمر إحدى نواحي حلب عدد سكانها ٧٧١ منهم ٣٥٤ ذكرا والباقون وهم ٤١٧ أنثى.

آثارها

جامع أوغلبك

المعروف بجامع باب الأحمر تقام فيه الصلوات الخمس والجمعة والعيدين ، أنشأه الأمير عثمان المذكور سنة ٨٨٥ ووقف عليه أوقافا جليلة في حلب وغيرها جميعها مضبوطة لجهة إدارة الأوقاف وهي تنفق عليه قدر كفايته.

الزاوية الصيادية

بدأ بتأسيسها السيد الشيخ (محمد أبو الهدى ابن الشيخ حسن وادي) الصيادي سنة ١٢٩٥ ثم تتابع فيها البناء حتى كملت سنة ١٣٢٧ وهي زاوية حافلة كثيرة الغرف والمقاصير جميلة المناظر في غربي قبليتها ضريح الأستاذ الشيخ حسن وادي. وكان لها باب من داخل محلة أوغلبك ثم هدم هذا الباب وأبطل وفتح لها باب تحت القلعة على شفير الخندق قرب باب محلة الطنبغا.

٢٩٩

بقية آثارها

سبيل قرب باب هذه المحلة النافذ إلى ساحة الملح وحمام باب الأحمر أنشأه الأمير (عثمان المذكور) وسبيل خارج باب المحلة النافذ إلى محلة البياضة يقال له سبيل الحسبي في حدود سنة ١٢٨٠ عمر فوقه قصرا له ومسجد السروة في ظهر السبيل المذكور يقال إنه من آثار بني الحسبي وله أوقافهم عدة شروط على الخيرات والقراء.

تنبيه : الأسر الشهيرة في هذه المحلة أسرة بني الصياد ووجيهها السيد الشيخ عبد الرزاق أستاذ التكية الصيادية السالفة الذكر ونقيب أشراف حلب وهو ابن السيد حسن وادي الصيادي دفين التكية المذكورة. وأسرة بني الحلاج وأسرة بني قناعة وأسرة بني عيسى والدور العظام في هذه المحلة هي الدور المنسوبة إلى هذه الأسر.

٣٠٠