أحمد بن محمّد مهدي النّراقي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-014-5
ISBN الدورة:
الصفحات: ٥٩٢
يكون أحد أفراد المخيّر ، وتقدّم المعيّن إنّما هو من باب الأصل الذي يجب تركه مع الدليل ، فلا يعارض دليلا أصلا.
والثاني : بعدم ثبوت كون الرواية من كتاب عليّ ، وإنّما نقلها صاحب الوسائل (١) ، وتواتر الكتاب عنده أو ثبوته بالقطع غير معلوم ، بل غايته الظنّ.
مضافا إلى أنّه لو سلّمت الرواية تكون شاذّة أو مخالفة للشهرة القديمة ، المخرجة لها عن الحجّية.
ولو سلّم ، فغايتها التعارض مع ما مرّ ، ولا شكّ أنّ أدلّة التخيير أرجح بالأكثريّة والأشهريّة والأصحيّة ومخالفة العامّة ، فإنّ الترتيب مذهب الثوري والأوزاعي والشافعي وأبي حنيفة (٢) ، ورواه عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أبو هريرة (٣) ، فالعمل بالتخيير متعيّن.
وقيل : لو قطع النظر عن الترجيح ، فالعمل على التخيير ، لأصالة عدم التعيين.
وفيه نظر ، لأنّ الأصل وإن كان عدم التعيين ، إلاّ أنّ التخيير أيضا خلاف الأصل ، بمعنى : أنّ الأصل حال القدرة على السابق عدم ثبوت وجوب لغيره لا تعيينا ولا تخييرا. واستصحاب الاشتغال مع الترتيب ، فالوجه ما قدّمناه.
هذا ، ثمَّ إنّ موثّقة سماعة : عن رجل أتى أهله في رمضان متعمّدا ، فقال : « عليه عتق رقبة ، وإطعام ستّين مسكينا ، وصيام شهرين متتابعين » (٤) ،
__________________
(١) تقدّمت في ص : ٥٢٠.
(٢) انظر المغني ٣ : ٦٦ ، وبداية المجتهد ١ : ٣٠٥.
(٣) كما في صحيح مسلم ٢ : ٧٨١ ـ ١١١١ ، وسنن الترمذي ٢ : ١١٣ ـ ٧٢٠.
(٤) الاستبصار ٢ : ٩٧ ـ ٣١٥.
فمع شذوذها ـ لعدم قائل بها أصلا ـ وقصورها عن مقاومة ما مرّ بوجوه شتّى ، يجب حمل الوجوب المستفاد منها على التخييري ، أو جعل لفظة الواو بمعنى : أو ، كما في قوله سبحانه ( مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ ) (١) ، أو على ما إذا أفطر على محرّم ، كما يأتي.
المسألة الثالثة : لو أفطر في شهر رمضان على محرّم تجب عليه كفّارة الجمع ، أي الخصال الثلاث ، وفاقا للصدوق في الفقيه والشيخ في كتابي الأخبار والوسيلة والجامع والقواعد والإرشاد وظاهر التحرير والإيضاح والدروس والمسالك واللمعة والروضة والحدائق (٢) ، وجمع آخر من متأخّري المتأخّرين (٣).
لمعتبرة الهروي : قد روي عن آبائك فيمن جامع في شهر رمضان أو أفطر فيه : ثلاث كفّارات ، وروي عنهم أيضا : كفّارة واحدة ، فبأيّ الحديثين نأخذ؟ قال : « بهما جميعا ، متى جامع الرجل حراما أو أفطر على حرام في شهر رمضان فعليه ثلاث كفّارات : عتق رقبة ، وصيام شهرين متتابعين ، وإطعام ستّين مسكينا ، وقضاء ذلك اليوم ، وإن كان نكح حلالا أو أفطر على حلال فعليه كفّارة واحدة وقضاء ذلك اليوم ، وإن كان ناسيا فلا شيء عليه » (٤).
__________________
(١) النساء : ٣.
(٢) الفقيه ٢ : ٧٤ ، التهذيب ٤ : ٢٠٩ ، الاستبصار ٢ : ٩٧ ، الوسيلة : ١٥٦ ، الجامع : ١٥٦ ، القواعد ١ : ٦٦ ، الإرشاد ١ : ٢٩٨ ، التحرير ٢ : ١١٠ ، الإيضاح ١ : ٢٣٣ ، الدروس ١ : ٢٧٣ ، المسالك ١ : ٧١ ، اللمعة والروضة ٢ : ١٢٠ ، الحدائق ١٣ : ٢٢٢.
(٣) كما في التنقيح الرائع ١ : ٣٦٥ ، والرياض ١ : ٣١٠.
(٤) التهذيب ٤ : ٢٠٩ ـ ٦٠٥ ، الاستبصار ٢ : ٩٧ ـ ٣١٦ ، عيون الأخبار ١ : ٢٤٤ ـ ٨٨ ، الوسائل ١٠ : ٥٣ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ١٠ ح ١.
ويدلّ عليه أيضا قول الصدوق في الفقيه ، حيث قال : وأمّا الخبر الذي ورد فيمن أفطر يوما من شهر رمضان متعمّدا : « أنّ عليه ثلاث كفّارات » فأنا افتي به فيمن أفطر بجماع محرّم عليه أو بطعام محرّم عليه ، لوجود ذلك في روايات أبي الحسين الأسدي فيما ورد عليه من الشيخ أبي جعفر محمّد بن عثمان العمري (١). انتهى.
والظاهر اتّصاله بصاحب الزمان ، فإنّ الأسدي كان من الوكلاء الذين ترد عليهم التوقيعات.
ويدلّ عليه إطلاق موثّقة سماعة المتقدّمة ، وبهذه الأخبار يخصّص إطلاق أخبار التخيير.
والقول : بأنّ ما يصحّ الاستناد [ إليه ] (٢) هو الرواية الاولى ، وهي ضعيفة لتخصيص ما مرّ غير لائقة.
عندنا ضعيف ، إذ لا ضعف في الخبر بعد وجوده في الأصل المعتبر ، مع أنّ الرواية قد حكم بصحّتها جماعة ، كالفاضل في بحث كفّارات التحرير والشهيد الثاني في الروضة (٣).
وجهالة بعض رواتها لا تنافيها ، إذ يمكن أن يكون مرادهما بالصحّة : الصحة عند القدماء ، فتكون هذه الشهادة منهما جابرة لضعف السند أيضا.
مع أنّه لا ضعف في السند أيضا ، لأنّ راويها عبد الواحد وعليّ بن محمّد بن قتيبة من مشايخ الإجازة ، الذين صرّحوا في حقّهم بعدم الاحتياج إلى التوثيق.
__________________
(١) الفقيه ٢ : ٧٤.
(٢) ما بين المعقوفتين أضفناه لاستقامة العبارة.
(٣) التحرير ٢ : ١١٠ ، الروضة ٢ : ١٢٠.
وحمدان بن سليمان موثّق في كتب الرجال بلا خلاف فيه ، كما قيل (١).
وعبد السلام الهروي وثّقه النجاشي ـ وقال : إنّه صحيح المذهب (٢) ـ وكذلك جمع آخر (٣) ، وهو راجح على قول الشيخ : إنّه عامّي (٤).
مع أنّ غايته كون الرواية موثّقة ، وهي كالصحيح حجّة ، بل وكذلك لو كانت حسنة كما قيل (٥).
هذا كلّه ، مع أنّ أكثر أخبار التخيير صريحة في الإفطار بالحلال ، وبعضها وإن كانت مطلقة ، إلاّ أنّ انصراف إطلاقها إلى مفروض المسألة غير معلوم ، لقوّة احتمال وروده على ما يقتضيه الأصل في أفعال المسلمين.
ولا ينافيه المرويّ في العيون والخصال بإسناده عن مولانا الرضا عليهالسلام : عن رجل واقع امرأة في رمضان من حلال أو حرام في يوم عشر مرّات ، قال : « عليه عشر كفّارات لكلّ مرّة كفّارة ، فإن أكل أو شرب فكفّارة يوم واحد » (٦) ، حيث إنّه في عشر مرّات الحرام حكم لكلّ مرّة بكفّارة واحدة.
ووجه عدم التنافي : أنّ الكفّارة عبارة عمّا يجب بإزاء الفعل ، سواء كان أمرا واحدا أو متعدّدا ، فالخصال الثلاث للفعل المحرّم كفّارة واحدة.
وبالجملة : فالمسألة بحمد الله واضحة.
__________________
(١) انظر الحدائق ١٣ : ٢٢١.
(٢) قال النجاشي في رجاله : ٢٤٥ : ثقة ، صحيح الحديث.
(٣) منهم العلاّمة في الخلاصة : ١١٧ وفيه أيضا : ثقة صحيح الحديث ، ونقل في تنقيح المقال ٢ : ١٥١ عن عدّة من العامّة : انه شيعيّ.
(٤) رجال الطوسي : ٣٨٠.
(٥) انظر الرياض ١ : ٣١٠.
(٦) العيون ١ : ١٩٨ ـ ٣ ، الخصال : ٤٥٠ ـ ٥٤ ، الوسائل ١٠ : ٥٥ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ١١ ح ١.
فرع : لا فرق في المحرّم الموجب لكفّارة الجمع بين ما كان تحريمه أصليّا ـ كالزنا والاستمناء وتناول مال الغير ـ أو عارضيّا ، كوطء الزوجة في الحيض أو تناول ما يضرّ به.
ومن الإفطار بالمحرّم : الكذب على الله وعلى رسوله والأئمّة ، ومنه : ابتلاع النخامة على القول بحرمته ، ولكن الأصل ينفيها ، كلّ ذلك للإطلاق.
المسألة الرابعة : لو عجز عن بعض الخصال تعيّن عليه الباقي ، ويمكن أن يحتجّ له بالروايات المتضمّنة لواحد واحد منها ، كلّ في من يعجز عن غيره ، وعدم معارضته مع ما يتضمّن غيره ، لعدم شموله له لمكان العجز عنه.
ولو عجز عن الجميع ، ففي وجوب صوم ثمانية عشر يوما ـ كالمفيد والسيّد والحلّي (١) ـ لرواية أبي بصير وسماعة : عن الرجل يكون عليه صيام شهرين متتابعين ، فلم يقدر على الصيام ولم يقدر على العتق ولم يقدر على الصدقة : « فليصم ثمانية عشر يوما ، من كلّ عشرة مساكين ثلاثة أيّام » (٢).
أو وجوب التصدّق بما يطيق ـ كالإسكافي والمقنع والمدارك والذخيرة (٣) ـ لصحيحة ابن سنان المتقدّمة (٤) ، وبمضمونها صحيحته الأخرى (٥).
__________________
(١) المفيد في المقنعة : ٣٤٥ ، السيّد في جمل العلم والعمل ( رسائل الشريف المرتضى ٣ ) : ٥٥ ، الحلّي في السرائر ١ : ٣٧٦.
(٢) الاستبصار ٢ : ٩٧ ـ ٣١٤ ، وفي التهذيب ٤ : ٣١٢ ـ ٩٤٤ ، والمقنعة : ٣٨٠ ، والوسائل ١٠ : ٣٨١ أبواب بقية الصوم الواجب ب ٩ ح ١ : عن أبي بصير فقط.
(٣) حكاه عن الإسكافي في المختلف : ٢٢٦ ، المقنع : ٦١ ، المدارك ٦ : ١٢٠ ، الذخيرة : ٥٣٥.
(٤) في ص : ٥١٨.
(٥) الكافي ٤ : ١٠٢ ـ ٣ ، التهذيب ٤ : ٢٠٦ ـ ٥٩٦ ، الاستبصار ٢ : ٨١ ـ ٢٤٦ ، الوسائل ١٠ : ٤٦ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٨ ح ٣.
أو الأول ، ومع العجز عنه الثاني ـ كما عن المنتهى (١) ـ جمعا بين الأخبار.
أو التخيير بينهما ـ كما عن المختلف والدروس والشهيد الثاني (٢) ـ للجمع أيضا.
أقوال ، أظهرها : الأخير ، لتعارض الأخبار ، فيرجع إلى التخيير.
ولو قلنا بثبوت الأمرين لم يكن بعيدا أيضا ، ولكن الأول وجوبا والثاني استحبابا ، لعدم ثبوت الزائد منه عن الصحيحين.
ولو عجز عن الأمرين أيضا تجزئه التوبة والاستغفار ، بلا خلاف على الظاهر فيه ، كما في الحدائق ، وفيه : أنّه مقطوع به في كلام الأصحاب (٣).
وتدلّ عليه رواية أبي بصير : « كلّ من عجز عن الكفّارة التي تجب عليه ـ من صوم أو عتق أو صدقة في يمين أو نذر أو قتل أو غير ذلك ممّا تجب على صاحبه فيه الكفّارة ـ فالاستغفار كفّارة ما خلا يمين الظهار » (٤).
وفي صحيحة جميل ـ الواردة في المجامع الذي أتى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأظهر عدم القدرة على قليل ولا كثير ـ : « فخذه وأطعمه على عيالك ، واستغفر الله » (٥) ، والمرويّ عن كتاب عليّ المتقدّم ذكره (٦).
ولو قدر بعد الاستغفار على الكفّارة ، فصرّح بعضهم بعدم الوجوب (٧) ،
__________________
(١) المنتهى ٢ : ٥٧٥.
(٢) المختلف : ٢٢٦ ، الدروس ١ : ٢٧٧ ، الشهيد الثاني في المسالك ١ : ٧٤.
(٣) الحدائق ١٣ : ٢٢٦.
(٤) الكافي ٧ : ٤٦١ ـ ٥ ، التهذيب ٨ : ١٦ ـ ٥٠ ، الاستبصار ٤ : ٥٦ ـ ١٩٥ ، الوسائل ٢٢ : ٣٦٧ أبواب الكفارات ب ٦ ح ١.
(٥) تقدمت مصادرها في ص : ٥١٨.
(٦) كما في ص : ٥١٨.
(٧) كما في الحدائق ١٣ : ٢٢٧.
لقوله : « إنّ الاستغفار كفّارة ».
وعن الدروس : الاستشكال فيه (١) ، حيث إنّ الكفّارة لا تجب على الفور.
والتحقيق : أنّه إن كان العجز حاصلا حال تعلّق الوجوب ـ وهو الإفطار ـ فلا يجب إلاّ الاستغفار ، ولا يتجدّد وجوب بعد الاقتدار ، للأصل.
وإن كان حال الوجوب مقتدرا ، فأخّر التكفير حتى انتفى الاقتدار ، فيبقى في ذمّته باقيا إلى زمان الاقتدار ، للاستصحاب ، وإن لم يجب عليه حال العجز سوى الاستغفار.
المسألة الخامسة : تتكرّر الكفّارة بفعل موجبها مع تغاير الأيّام ولو من رمضان واحد مطلقا ، بالإجماع المحقّق ، والمحكيّ في المبسوط والمنتهى والتذكرة ونهج الحقّ والتنقيح والمدارك والحدائق وغيرها (٢) ، وهو الدليل المخرج عن أصالة تداخل الأسباب على القول بها.
وإنّما اختلفوا في تكرّرها بتكرّر الموجب في اليوم الواحد على أقوال :
عدمه مطلقا ، وهو مختار المبسوط والخلاف والوسيلة والمعتبر والشرائع والنافع والمنتهى (٣) ، للأصل ، واختصاص أكثر ما دلّ على وجوبها من النصوص بتعمّد الإفطار ، وهو إنّما يتحقّق بفعل ما يحصل به الإفطار
__________________
(١) الدروس ١ : ٢٧٧.
(٢) المبسوط ١ : ٢٧٤ ، المنتهى ٢ : ٥٨٠ ، التذكرة ١ : ٢٦٥ ، نهج الحقّ : ٤٦٢ ، التنقيح ١ : ٣٦٩ ، المدارك ٦ : ١١٠ ، الحدائق ١٣ : ٢٢٩ ، وانظر الرياض ١ : ٣١٥.
(٣) المبسوط ١ : ٢٧٤ ، الخلاف ٢ : ١٨٩ ، الوسيلة : ١٤٦ ، المعتبر ٢ : ٦٨٠ ، الشرائع ١ : ١٩٤ ، النافع : ٦٧ ، المنتهى ٢ : ٥٨٠.
ويفسد به الصوم ، وتحقّقه موقوف على عدم سبق فساد الصوم ، وهو الظاهر المتبادر من إطلاق البواقي أيضا ، فيرجع فيما عداه إلى مقتضى الأصل.
والتكرّر كذلك ، حكي عن السيّد و [ ثاني ] (١) المحقّقين وثاني الشهيدين (٢) ، للإطلاق المذكور ، وأصالة عدم التداخل.
والتفصيل بالأول في غير الوطء من المفطرات ، والثاني فيه. وبالأول مع تخلّل التكفير ، والثاني مع عدمه. وبالأول مع اتّحاد جنس المفطر ، والثاني مع تغايره. وبالأول مع الاتّحاد والتخلّل في غير الوطء ، والثاني في غيره. بل ربّما وجد بعض التفاصيل الأخر أيضا.
والأقوى عندي هو القول الثالث ، لرواية العيون والخصال المتقدّمة ، الدالّة على طرفي التفصيل.
وردّها بالشذوذ والندرة ضعيف ، إذ لم يعلم في المسألة قول أكثر القدماء حتى يحكم بالشذوذ ، مضافا إلى أصالة التداخل عند التحقيق في بعض صور المسألة.
ويؤيّد أحد طرفيه أيضا ما نقله في المختلف عن العماني ، قال : ذكر أبو الحسن زكريا بن يحيى ـ صاحب كتاب شمس الذهب ـ عنهم عليهمالسلام : « أنّ الرجل إذا جامع في شهر رمضان عامدا فعليه القضاء والكفّارة ، فإن عاود إلى المجامعة في يومه ذلك مرّة أخرى فعليه في كلّ مرّة كفّارة » (٣).
__________________
(١) ما بين المعقوفتين أضفناه لاستقامة المعنى.
(٢) حكاه عن السيّد في الخلاف ٢ : ١٨٩ ، المحقق الثاني في جامع المقاصد ٣ : ٧٠ ، الشهيد الثاني في المسالك ١ : ٧٣ ، والروضة ٢ : ٩٩ ، وعنهم جميعا في الرياض ١ : ٣١٥.
(٣) المختلف : ٢٢٧ ، الوسائل ١٠ : ٥٥ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ١١ ح ٢.
المسألة السادسة : من أفطر عامدا في شهر رمضان ، فإن كان مستحلاّ فهو مرتدّ إن كان ممّن عرف قواعد الإسلام وكان إفطاره بما علم تحريمه من الدين ضرورة ، ولا يكفّر المستحلّ بغيره إلاّ مع اعتقاده كونه مفطرا في الشريعة.
خلافا للحلّي فيكفّر (١) ، ولا دليل له.
هذا إذا لم تدّع الشبهة المحتملة في حقّه ، وإلاّ درئ عنه الحدّ ، وعليه تحمل رواية زرارة وأبي بصير : عن رجل أتى أهله في شهر رمضان ، أو أتى أهله وهو محرم ، وهو لا يرى إلاّ أنّ ذلك حلال ، قال : « ليس عليه شيء » (٢).
ثمَّ يأتي حكم المرتدّ في كتاب الديات إن شاء الله.
وإن لم يكن مستحلاّ يعزّر بما يراه الحاكم ، فإن عاد ثانيا عزّر أيضا ، فإن عاد إليه ثالثا قتل فيها على المشهور بين الأصحاب ، كما صرّح به جماعة (٣).
لموثّقة سماعة : عن رجل أخذ في شهر رمضان وقد أفطر ثلاث مرّات ، وقد رفع إلى الإمام ثلاث مرّات ، قال : « فليقتل في الثالثة » (٤).
ورواية أبي بصير : « من أخذ في شهر رمضان وقد أفطر ، فرفع إلى
__________________
(١) لم نعثر عليه في السرائر ولا على محكيّه ، نعم نقله عن الحلبي في المدارك ٦ : ١١٧ والرياض ١ : ٣١٥ وهو في الكافي : ١٨٣.
(٢) التهذيب ٤ : ٢٠٨ ـ ٦٠٣ ، الوسائل ١٠ : ٥٣ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٩ ح ١٢.
(٣) منهم صاحبا الحدائق ١٣ : ٢٣٩ ، والرياض ١ : ٣١٦.
(٤) الكافي ٤ : ١٠٣ ـ ٦ ، الفقيه ٢ : ٧٣ ـ ٣١٥ ، التهذيب ٤ : ٢٠٧ ـ ٥٩٨ ، الوسائل ١٠ : ٢٤٩ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢ ح ٢.
الإمام ، يقتل في الثالثة » (١).
ومرسلة المقنعة : عن رجل أخذ زانيا في شهر رمضان ، فقال : « قد أفطر » ، فقيل له : فإن دفع إلى الوالي ثلاث مرّات ، قال : « يقتل في الثالثة » (٢).
وصحيحة يونس : « أصحاب الكبائر إذا أقيم عليهم الحدّ مرّتين قتلوا في الثالثة » (٣).
وقيل : يقتل في الرابعة (٤) ، للمرسلة : « إنّ أصحاب الكبائر يقتلون في الرابعة » (٥).
وهي لا تقاوم ما مرّ ، لأخصّيته وأكثريّته وأصحّيته وأشهريّته.
ولا يخفى أنّ القتل في الثالثة أو الرابعة إنّما هو لو رفع إلى الحاكم وعزّر في كلّ مرّة ، وإلاّ فإنّه يجب عليه التعزير خاصّة ، اقتصارا فيما خالف الأصل على موضع اليقين.
المسألة السابعة : من وطئ زوجته مكرها لها لزمته كفّارتان ، ويعزّر هو بخمسين سوطا ، ولا كفّارة عليها بلا خلاف يعرف ـ كما قيل (٦) ـ بل بالإجماع ـ كما عن الخلاف والمنتهى والتنقيح والمعتبر (٧) ـ بل فيه حكاية الإجماع عن جمع من علمائنا.
__________________
(١) التهذيب ١٠ : ١٤١ ـ ٥٥٧ ، الوسائل ١٠ : ٢٤٩ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢ ح ٢.
(٢) المقنعة : ٣٤٨ ، الوسائل ١٠ : ٢٤٩ أبواب أحكام شهر رمضان ب ٢ ح ٢.
(٣) الكافي ٧ : ١٩١ ـ ٢ ، الفقيه ٤ : ٥١ ـ ١٨٢ ، التهذيب ١٠ : ٩٥ ـ ٣٦٩ ، الاستبصار ٤ : ٢١٢ ـ ٧٩١ ، الوسائل ٢٨ : ١٩ أبواب مقدمات الحدود ب ٥ ح ١.
(٤) كما في الحدائق ١٣ : ٢٣٩.
(٥) لم نعثر عليها في الكتب الأربعة ، وقد نقلها صاحب الحدائق في ج ١٣ : ٢٤٠ ، مع ملاحظة الهامش رقم ١ منه ، فإنّها لا تخلو من فائدة.
(٦) في الرياض ١ : ٣١٦.
(٧) الخلاف ٢ : ١٨٢ ، المنتهى ٢ : ٥٨١ ، المعتبر ٢ : ٦٨١.
لرواية المفضّل : في رجل أتى امرأته وهو صائم وهي صائمة ، فقال : « إن استكرهها فعليه كفّارتان ، وإن كانت طاوعته فعليه كفّارة وعليها كفّارة ، وإن كان أكرهها فعليه ضرب خمسين سوطا نصف الحدّ ، وإن كانت طاوعته ضربت خمسة وعشرين سوطا وضرب خمسة وعشرين سوطا » (١).
وضعف السند غير ضائر ، ولو كان فما مرّ من الإجماعات المحكيّة والشهرة القويّة له جابر.
خلافا للمحكيّ عن العماني ، فأوجب على الزوج كفّارة واحدة ، للأصل ، وضعف الرواية ، وصحّة صوم المرأة ، فلا وجه لثبوت كفّارة لها أيضا.
ويردّ الأولان بما مرّ ، والثالث بأنّه لا منافاة بين تعدّد الكفّارة عليه وبين صحّة صومها ، لجواز ترتّبها على إكراه الصائمة ، كما قالوا بنظيره في إكراه المحرم للمحرمة على الجماع ، مع أنّ صحّة صومها إذا كان الإكراه بمجرد التوعّد والتخويف ممّا لا دليل عليه ، بل لنا أن نقول بفساده ووجوب القضاء عليها إن لم يكن إجماع في خصوص المورد.
ثمَّ مقتضى إطلاق الرواية ـ بل عمومها الناشئ عن ترك الاستفصال ـ عدم الفرق في المرأة بين الدائمة والمنقطعة ، وحكي ذلك عن تصريح الأصحاب أيضا (٢).
وفي تعدّي الحكم إلى الأمة والأجنبيّة والنائمة والغلام ، وإلى المرأة لو أكرهت زوجها أو الأجنبي ، وإلى الإكراه بغير الجماع من المفطرات ، وعدمه ، احتمالان.
__________________
(١) الكافي ٤ : ١٠٣ ـ ٩ ، الفقيه ٢ : ٧٣ ـ ٣١٣ ، التهذيب ٤ : ٢١٥ ـ ٦٢٥ ، الوسائل ١٠ : ٥٦ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ١٢ ح ١.
(٢) كما في الحدائق ١٣ : ٢٣٧.
الأظهر : الثاني في الجميع ، اقتصارا فيما يخالف الأصل على موضع النصّ.
ودعوى عموم الامرأة للأوليين إنّما تفيد لو كانت خالية عن الضمير ، كما نقله فخر المحقّقين (١) وعميد الدين ، وأمّا مع الضمير ـ كما في الكتب الحديث ـ فلا.
وصدق امرأته على الاولى ممنوع ، حتى في اللغة ، وإن صدق عليها الامرأة ، فإنّ صدق معنى التركيب لغة عليها غير ثابت.
وأولويّة ثبوت الكفّارة في الثانية ـ لعظم الذنب ـ ممنوعة ، لعدم ثبوت العلّة في ثبوتها ، بل قد يناسب شدة الذنب عدم التكفير الموجب للتخفيف ، كما في قتل الخطأ والعمد.
المسألة الثامنة : يشترط كون الرقبة المعتقة في كفّارة الصوم مؤمنة ، على الحقّ المشهور بين الأصحاب.
لعموم رواية سيف بن عميرة : أيجوز للمسلم أن يعتق مملوكا مشركا؟ قال : « لا » (٢).
وخصوص رواية المشرقي الصحيح عن البزنطي ـ الذي هو ممّن اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه ـ : « من أفطر يوما من شهر رمضان فعليه عتق رقبة مؤمنة » (٣).
المسألة التاسعة : يجب إكمال العدد في الإطعام ، ليتحقّق ما نصّ عليه الإمام من عدد الستّين ، فلا يكفي إطعام ما يكفي الستّين لأقلّ منهم.
__________________
(١) الإيضاح ١ : ٢٢٩.
(٢) الفقيه ٣ : ٨٥ ـ ٣١٠ ، التهذيب ٨ : ٢١٨ ـ ٨٧٢ ، الاستبصار ٤ : ٢ ـ ١ ، الوسائل ٢٣ : ٣٥ أبواب العتق ب ١٧ ح ٥.
(٣) تقدمت مصادرها في ص : ٥١٩.
ولا تجزئ القيمة في شيء من خصال الكفّارة ، على الظاهر ( من ) (١) المتّفق عليه بين الأصحاب ، لثبوت اشتغال الذمّة بها ، فالانتقال إلى القيمة يحتاج إلى دليل ، ولا دليل.
والحقّ المشهور : أنّ الذي يعطى لكلّ فقير مدّ ، للرضويّ المتقدّم (٢) ، وصحيحة عبد الرحمن (٣) ، وموثّقة سماعة (٤).
وعن الخلاف والمبسوط : أنّه يعطى مدّان (٥) ، ولا دليل له تامّا.
وتأتي بقيّة أحكام الكفّارة في كتاب الكفّارات إن شاء الله تعالى.
المسألة العاشرة : كلّما يشترط فيه التتابع من صيام الشهرين إذا أفطر في الأثناء لحيض أو مرض بنى عليه بعد زواله مطلقا ـ كان العذر قبل تجاوز النصف أو بعده ـ بلا خلاف يعرف ، بل هو ممّا ادّعي عليه الإجماع واتّفاق كلمة الأصحاب مستفيضا (٦) ، وعن الغنية : الإجماع فيهما (٧) ، وعن الخلاف والانتصار في المرض (٨).
لصحيحة رفاعة : عن رجل عليه صيام شهرين متتابعين ، فصام شهرا ومرض ، قال : « يبني عليه ، الله حبسه » ، قلت : امرأة كان عليها صيام شهرين متتابعين ، فصامت وأفطرت أيّام حيضها ، قال : « تقضيها » ، قلت : فإنّها قضتها ثمَّ يئست من المحيض ، قال : « لا تعيدها ، أجزأها
__________________
(١) ما بين القوسين ليس في « س ».
(٢) في ص : ٥١٩.
(٣) تقدمت مصادرها في ص : ٥١٩.
(٤) تقدمت مصادرها في ص : ٥١٩.
(٥) الخلاف ٢ : ١٨٨ ، المبسوط ١ : ٢٧١.
(٦) كما في المنتهى ٢ : ٦٢٠.
(٧) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٢.
(٨) الخلاف ٤ : ٥٥٤ ، الانتصار : ١٦٧.
ذلك » (١) ، ومثلها صحيحة محمّد (٢).
ورواية سليمان : عن رجل كان عليه صيام شهرين متتابعين ، فصام خمسة وعشرين يوما ثمَّ مرض ، فإذا برئ أيبني على صومه أم يعيد صومه كلّه؟ فقال : « بل يبني على ما كان صام » ثمَّ قال : « هذا ممّا غلب الله عزّ وجلّ عليه ، وليس على ما غلب الله عزّ وجلّ شيء » (٣).
ولا تضرّ معارضتها مع الأخبار الفارقة بين صيام شهر وشيء من الثاني وصيام الأقلّ ـ فيبنى على الأول دون الثاني ـ كصحيحة جميل وابن حمران في المرض (٤) ، ورواية أبي بصير فيه وفي مطلق الإفطار (٥) ، وصحيحة الحلبي في من عرض له شيء وأفطر (٦) ، والأخبار الفارقة بين صيام خمسة عشر يوما والأقلّ مع نذر صوم شهر وعروض أمر ـ فيبنى على الأول دون الثاني ـ كرواية موسى بن بكر (٧).
__________________
(١) التهذيب ٤ : ٢٨٤ ـ ٨٥٩ ، الاستبصار ٢ : ١٢٤ ـ ٤٠٢ ، الوسائل ١٠ : ٣٧٤ أبواب بقية الصوم الواجب ب ٣ ح ١٠.
(٢) التهذيب ٤ : ٢٨٤ ـ ٨٦٠ ، الاستبصار ٢ : ١٢٤ ـ ٤٠٣ ، الوسائل ١٠ : ٣٧٤ أبواب بقية الصوم الواجب ب ٣ ح ١١.
(٣) التهذيب ٤ : ٢٨٤ ـ ٨٥٨ ، الاستبصار ٢ : ١٢٤ ـ ٤٠١ ، الوسائل ١٠ : ٣٧٤ أبواب بقية الصوم الواجب ب ٣ ح ١٢.
(٤) الكافي ٤ : ١٣٨ ـ ١ ، التهذيب ٤ : ٢٨٤ ـ ٨٦١ ، الاستبصار ٢ : ١٢٤ ـ ٤٠٤ ، الوسائل ١٠ : ٣٧١ أبواب بقية الصوم الواجب ب ٣ ح ٣.
(٥) الكافي ٤ : ١٣٩ ـ ٧ ، التهذيب ٤ : ٢٨٥ ـ ٨٦٢ ، الاستبصار ٢ : ١٢٥ ـ ٤٠٥ ، الوسائل ١٠ : ٣٧٢ أبواب بقية الصوم الواجب ب ٣ ح ٦.
(٦) الكافي ٤ : ١٣٨ ـ ٢ ، التهذيب ٤ : ٢٨٣ ـ ٨٥٦ ، الوسائل ١٠ : ٣٧٣ أبواب بقية الصوم الواجب ب ٣ ح ٩.
(٧) التهذيب ٤ : ٢٨٥ ـ ٨٦٣ ، الوسائل ١٠ : ٣٧٦ أبواب بقية الصوم الواجب ب ٥ ح ١.
لضعفها عن مقاومة ما مرّ بالشذوذ ، مضافا إلى عدم دلالة الأولى على الوجوب ، لورودها بالجملة الخبريّة ، وكون صحيحة الحلبي وما بعدها أعمّ مطلقا ممّا مرّ من جهة العذر ، فيجب التخصيص ، وكون الأخيرتين في غير الشهرين.
فلم تبق إلاّ رواية أبي بصير ، ولا شكّ أنّها لا تقاوم ما مرّ من وجوه شتّى ، مع أنّ حملها على مطلق الرجحان متعيّن ، لكون ما مرّ قرينة عليه.
وضمّ بعضهم مع الحيض والمرض : السفر الضروريّ أيضا ، كما في نهاية الشيخ واقتصاده والمعتبر (١) ، وظاهر النافع وأكثر كتب الفاضل والدروس والروضة (٢) ، للعلّة المتقدّمة في الأخبار المذكورة بقوله عليهالسلام : « الله حبسه » ، ونحوه.
وصرّح الحلّي بعدم البناء فيه (٣) ، بل لزوم الاستئناف وإن كان ضروريّا ، وهو صريح الخلاف والوسيلة (٤) ، وظاهر المبسوط والجمل والاقتصاد (٥) ، وظاهر الأول الإجماع عليه.
وهو الأقوى ، لأنّ الظاهر ممّا حبسه وغلب الله عليه ما لم يكن بفعل العبد ، والسفر وإن كان ضروريّا فهو بفعله.
سلّمنا ، فغايته تعارض عموم التعليل مع عموم صحيحة الحلبي ونحوها ، فيرجع إلى الأصل ، وهو هنا مع عدم سقوط التتابع ، لأنّه مأمور به ، فلا يسقط إلاّ مع الإتيان به.
__________________
(١) النهاية : ١٦٦ ، الاقتصاد : ٢٩١ ، المعتبر ٢ : ٧٢٣.
(٢) النافع : ٧٢ ، الدروس ١ : ٢٩٦ ، الروضة ٢ : ١٣١ ، وانظر المنتهى ٢ : ٦٢١.
(٣) السرائر ١ : ٤١١.
(٤) الخلاف ٤ : ٥٥٤ ، الوسيلة : ١٨٤.
(٥) المبسوط ١ : ٢٨٠ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ٢١٧ ، الاقتصاد : ٢٩١.
والقول بأنّ الصوم واجب والتتابع واجب آخر ، فما لم يدلّ دليل على الاستئناف عند الإخلال لم يجب.
ففيه أولا : منع كونه واجبا آخر ، بل المأمور به الصوم المتتابع.
وثانيا : أنّه إذا كان واجبا آخر فلا بدّ من الإتيان به وامتثاله ، وهو يتوقّف على الاستئناف ، فيكون واجبا.
وهل الحكم مخصوص بالشهرين ، أو يعمّ الأقلّ أيضا ، كصيام ثمانية عشر يوما أو ثلاثة أيّام؟
عن الانتصار والغنية والاقتصاد وصريح السرائر وظاهر النافع والإرشاد واللمعة (١) ـ وهو صريح التحرير (٢) ـ : الثاني ، بل عن الأولين : الإجماع عليه.
وظاهر المبسوط والجمل وعن الجامع والقواعد والدروس والمسالك والروضة والمدارك : وجوب الاستئناف في الثلاثة مطلقا (٣) ، بل زاد الأخير فخصّ البناء بالشهرين ، للأصل المذكور ، أي وجوب التتابع. وأمّا عموم التعليل فيعارض ما دلّ على وجوب التتابع في هذه الصيام بالعموم من وجه ، وإذ لا ترجيح فيرجع إلى القاعدة.
هذا كلّه إنّما كان مع العذر.
وأمّا لو أفطر في الأثناء لا لعذر فيجب عليه الاستئناف ـ في غير ما يأتي استثناؤه ـ إجماعا في الشهرين ، كما في السرائر والمعتبر والمنتهى
__________________
(١) الانتصار : ١٦٧ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٢ ، الاقتصاد : ٢٩١ ، السرائر ١ : ٤١١ ، النافع : ٧٢ ، الإرشاد ١ : ٣٠٤ اللمعة ( الروضة ٢ ) : ١٣٢.
(٢) التحرير : ٨٥.
(٣) المبسوط ١ : ٢٨٠ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ٢١٧ ، الجامع : ١٥٩ ، القواعد ١ : ٦٩ ، الدروس ١ : ٢٩٦ ، المسالك ١ : ٧٩ ، الروضة ٢ : ١٣٢ ، المدارك ٦ : ٢٤٧.
والتذكرة والتحرير (١) ، بل في غير الشهرين أيضا كما قيل (٢) ، للقاعدة المذكورة ، وصحيحتي جميل وابن حمران والحلبي ، ورواية أبي بصير ـ المشار إليها ـ في الشهرين (٣) ، وروايتي موسى بن بكر في الشهر (٤) ، والقاعدة المذكورة في الجميع.
وأمّا المستثنى فثلاثة مواضع :
الأول : الشهران المتتابعان ، إذا صام الشهر الأول ويوما من الثاني ، بالإجماع المحقّق ، والمحكيّ في الخلاف والانتصار والسرائر والغنية والتذكرة والمنتهى والمختلف وشرح فخر المحقّقين (٥) ، للنصوص المستفيضة ، كصحيحتي جميل وابن حمران والحلبي ورواية أبي بصير المتقدّمة وموثّقة سماعة (٦) وصحيحتي منصور (٧) وأبي أيّوب (٨) وغيرها (٩).
__________________
(١) السرائر ١ : ٤١١ ، المعتبر ٢ : ٧٢١ ، المنتهى ٢ : ٦٢١ ، التذكرة ١ : ٢٨٢ ، التحرير ١ : ٨٥.
(٢) انظر الحدائق ١٣ : ٣٤٦.
(٣) المتقدّمة مصادرها في ص ٥٣٤.
(٤) الاولى : تقدّمت في ص ٥٣٤.
الثانية : في الكافي ٤ : ١٣٩ ـ ٦ ، الفقيه ٢ : ٩٧ ـ ٤٣٦ ، الوسائل ١٠ : ٣٧٦ أبواب بقية الصوم الواجب ب ٥ ح ١.
(٥) الخلاف ١ : ٤٠٢ ، الانتصار : ١٦٧ ، السرائر ١ : ٤١١ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٢ ، التذكرة ١ : ٢٨٢ ، المنتهى ٢ : ٦٢١ ، المختلف : ٢٤٨ ، الإيضاح ٤ : ١٠٠.
(٦) الكافي ٤ : ١٣٨ ـ ٣ ، التهذيب ٤ : ٢٨٢ ـ ٨٥٥ ، الوسائل ١٠ : ٣٧٢ أبواب بقية الصوم الواجب ب ٣ ح ٥.
(٧) الكافي ٤ : ١٣٩ ـ ٥ ، الفقيه ٢ : ٩٧ ـ ٤٣٧ ، التهذيب ٤ : ٢٨٣ ـ ٨٥٧ ، الوسائل ١٠ : ٣٧٥ أبواب بقية الصوم الواجب ب ٤ ح ١.
(٨) الكافي ٤ : ١٣٨ ـ ٤ ، الفقيه ٢ : ٩٧ ـ ٤٣٨ ، التهذيب ٤ : ٣٢٩ ـ ١٠٢٧ ، الوسائل ١٠ : ٣٧٣ أبواب بقية الصوم الواجب ب ٣ ح ٨.
(٩) انظر الوسائل ١٠ : ٣٧١ أبواب بقية الصوم الواجب ب ٣.
والمشهور : أنّ بعد حصول التتابع بين الشهرين ـ بضمّ شيء من الشهر الثاني ـ يجوز التفريق في البقيّة ، وهو المستفاد من قوله في صحيحة الحلبي.
والتتابع : أن يصوم شهرا ومن الآخر أيّاما أو شيئا منه.
الثاني : من وجب عليه صوم شهر بالنذر وشبهه ، فصام خمسة عشر يوما ثمَّ أفطر ، فإنّه يبني على ما تقدّم على المشهور ، بل عن الحلّي : الإجماع عليه (١) ، لروايتي موسى بن بكر المشار إليهما ، المنجبر ضعفهما ـ لو كان ـ بالعمل.
إحداهما : في رجل جعل عليه صوم شهر ، فصام منه خمسة عشر يوما ثمَّ عرض له أمر ، قال : « إن كان صام خمسة عشر يوما فله أن يقضي ما بقي عليه ، وإن كان أقلّ من خمسة عشر يوما لم يجزه حتى يصوم شهرا تامّا » ، ونحوها الأخرى أيضا (٢).
وقد يستشكل في الاستناد إليهما في كلّية الحكم باعتبار تضمّنهما الإفطار لعروض أمر لا مطلقا ، ولا يمكن الاستناد إلى ثبوت الكلّية في الشهرين ، لظهور الفرق بينهما ، بأنّ تتابع الشهر لا يحتمل إلاّ تتابع أيّامه ، فالفرق بين النصفين لا بدّ له من دليل ، بخلاف الشهرين ، لكونه أعمّ من تتابع الأيّام والشهرين الحاصل بضمّ جزء من الثاني ، مع أنّ ثبوت الحكم في الشهرين إنّما هو بعد التجاوز عن النصف ، وليس هنا كذلك.
ويمكن الدفع : بأنّ الظاهر من عروض الأمر مطلق حصول الإفطار ، كما يظهر من سياق السؤال والجواب ، ومع إرادة عروض السبب فهو أيضا مطلق بالنسبة إلى ما يضطرّ لأجله إلى الإفطار وما دونه ، مضافا إلى أنّ
__________________
(١) السرائر ١ : ٤١٢ و ٤١٣.
(٢) المتقدّمة مصادرهما في ص ٥٣٧.
المتبادر من تتابع الشهرين أيضا : تتابع جميع أيّامهما.
نعم ، يرد الإشكال من جهة أنّ الشهر في الروايتين غير مقيّد بالتتابع ، فلعلّ الحكم مقصور بالمطلق ، وأمّا المقيّد بالتتابع فلا بدّ فيه من الاستئناف مطلقا ، كما هو مختار الغنية والإشارة (١) ، وهو قريب جدّا ، بل هو الأظهر.
وهل الحكم على المشهور مقصور بالنذر ، أو يتعدّى إلى غيره أيضا؟
والأكثر لم يتعرّضوا للتعدّي وقصّروا بذكر النذر خاصّة ، لاختصاص الرواية.
وألحق في المبسوط والجمل بشهر النذر شهر كفّارة قتل الخطأ والظهار للعبد (٢) ، استنادا إلى أنّه مندرج تحت الجعل أيضا. وهو خلاف الظاهر.
نعم ، يتعدّى إلى العهد واليمين ، لصدق الجعل قطعا.
الثالث : من صام ثلاثة أيّام بدل الهدي يوم التروية وعرفة ، ثمَّ أفطر يوم النحر ، فيجوز له البناء بعد أيّام التشريق ، وسيجيء تحقيق القول فيه في كتاب الحجّ إن شاء الله تعالى.
المسألة الحادية عشرة : لو تبرّع أحد بالكفّارة من الغير ، فإن كان ميّتا فالحقّ المشهور : جوازه ووصوله إلى الميّت ، بل براءته منه ، للأخبار المتكثّرة ، المتقدّمة في بحث قضاء الصلاة عنه ، فلا يجب أخذ الماليّة من ماله ، لحصول البراءة له.
وإن كان حيّا ، فذهب جماعة من الأصحاب ـ كما في الحدائق (٣) ـ إلى
__________________
(١) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٢ ، الإشارة : ١١٨.
(٢) المبسوط ١ : ٢٨٠ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ٢١٧.
(٣) الحدائق ١٣ : ٢٢٨.
عدم الإجزاء مطلقا ، لأنّ الظاهر أنّ التكفير من العبادات التي أمر بها المأمور ، والاجتزاء بعمل الغير موقوف على الدليل ، ولا دليل في الحي.
والحاصل : أنّ مقتضى الأصل عدم البراءة إلاّ بصدور الصوم أو العتق أو الإطعام من نفسه ، لأنّ مقتضى توجّه الخطاب إليه مطلوبيّة هذا العمل منه ، لا مجرّد حصول الفعل في الخارج.
وعن المبسوط والمختلف : الإجزاء كذلك (١).
وعن الشرائع : الإجزاء فيما عدا الصوم (٢).
استنادا إلى أنّه دين يقضى عن المديون ، فوجب أن تبرأ ذمّته ، كما لو كان لأجنبي.
وإلى خبر المجامع الذي أتى النبيّ ، فأتى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بمكتل فيه خمسة عشر صاعا أو عشرين ، فأعطاه الرجل وقال : « تصدّق به » (٣).
والأول : مردود بأنّه قياس.
والثاني : بأنّه غير المفروض ، لأنّ النبي ملّكه إيّاه وهو تصدّق به ، ولا كلام في ذلك.
نعم ، يمكن أن يستدلّ للإجزاء مطلقا بقضيّة الخثعميّة المشهورة ، المتقدّمة في بحث الصلاة (٤) ، وكان عليها مبنى الدليل الأول أيضا.
فإذن الأظهر هو الإجزاء المطلق.
__________________
(١) المبسوط ١ : ٢٨١ ، المختلف : ٢٥٠.
(٢) الشرائع ١ : ١٩٥.
(٣) الكافي ٤ : ١٠٢ ـ ٢ ، التهذيب ٤ : ٢٠٦ ـ ٥٩٥ ، الاستبصار ٢ : ٨٠ ـ ٢٤٥ ، الوسائل ١٠ : ٤٥ أبواب ما يمسك عنه الصائم ب ٨ ح ٢ و ٥.
(٤) الوسائل ١٢ : ٦٤ أبواب وجوب الحجّ ب ٢٤ ح ٤ ، ورواها في سنن البيهقي ٤ : ٣٢٨.