السيّد علي الحسيني الميلاني
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ٤١٣
وما هو يا أمير المؤمنين؟ قال : قوله عزّ وجلّ حين حكى عن موسى قوله : ( وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً ) فأنت منّي يا علي بمنزلة هارون من موسى وزيري من أهلي وأخي ، شدّ الله به أزري وأشركه في أمري ، كي نسبّح الله كثيرا ونذكره كثيرا ، فهل يقدر أحد أن يدخل في هذا شيئا غير هذا؟ ولم يكن ليبطل قول النبي صلّى الله عليه وسلّم ، وأن يكون لا معنى له.
قال : فطال المجلس وارتفع النهار ، فقال يحيى بن أكثم القاضي : يا أمير المؤمنين ، قد أوضحت الحق لمن أراد الله به الخير ، وأثبت ما لا يقدر أحد أن يدفعه ، قال إسحاق : فأقبل علينا وقال : ما تقولون؟ فقلنا كلّنا : نقول بقول أمير المؤمنين أعزّه الله ، فقال : والله لو لا أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : اقبلوا القول من الناس ، ما كنت لأقبل منكم القول.
اللهم قد نصحت لهم القول ، اللهم إني قد أخرجت الأمر من عنقي ، اللهم أدينك بالتقرّب إليك بحبّ علي وولايته » (١).
ابن عبد ربّه والعقد الفريد
ثمّ إنّ « ابن عبد ربّه » القرطبي من مشاهير علماء أهل السنّة وأدبائهم ، وكتابه « العقد الفريد » من الكتب المشهورة والأسفار الممتعة :
١ ـ قال ابن ماكولا : « أحمد بن محمّد بن عبد ربّه بن حبيب بن جدير ابن سالم ، مولى هشام بن عبد الملك بن مروان ، أبو عمر ، أندلسي مشهور بالعلم والأدب والشعر ، وهو صاحب كتاب العقد في الأخبار ، وشعره كثير جدا ، وهو مجيد » (٢).
٢ ـ ابن خلكان : « كان من العلماء المكثرين من المحفوظات والاطلاع
__________________
(١) العقد الفريد ٥ / ٣٤٩.
(٢) الإكمال ٦ / ٣٦.
على أخبار الناس ، وصنف كتابه العقد ، وهو من الكتب الممتعة ، حوى من كلّ شيء ... » (١)
٣ ـ الذهبي : « وفيها أبو عمر ... العلاّمة مصنّف العقد ، وله اثنتان وثمانون سنة ، وشعره في الذروة العليا ، سمع من بقي بن مخلد ومحمّد بن وضاح » (٢).
٤ ـ أبو الفدا : « وكان من العلماء المكثرين من المحفوظات ، وصنّف كتاب العقد ، وهو من الكتب النفيسة ، ومولده في سنة ست وأربعين ومائتين » (٣).
٥ ـ المقري : « وقال ـ يعني لسان الدين ـ في ترجمة صاحب العقد » الفقيه العالم أبي عمر ابن عبد ربّه : عالم ساد بالعلم وراس ، واقتبس به من الحظوة أيّما اقتباس ، وشهر بالأندلس حتى سار إلى المشرق ذكره ، واستطار بشرر الذكاء فكره ، وكانت له عناية بالعلم وثقة ورواية له متسقة ، وأما الأدب فهو كان حجّته وبه غمرت الأفهام لجّته ، مع صيانة وورع ، ورد مائها فكرع ، وله التأليف المشهور الذي سمّاه بالعقد ، وحماه عن عثرات النقد ، لأنّه أبرزه مثقف القناة مرهف الشباة تقصر عنه ثواقب الألباب ، ويبصر السحر منه في كلّ باب ، وله شعر انتهى منتهاه ، وتجاوز سماك الإحسان وسماه ... » (٤).
ومن مصادر ترجمته أيضا :
١ ـ سير أعلام النبلاء ١٥ / ٢٨٣.
٢ ـ معجم الأدباء ٤ / ٢١١.
٣ ـ مرآة الجنان ٢ / ٢٩٥.
__________________
(١) وفيات الأعيان ١ / ١١٠.
(٢) العبر في خبر من غبر ٢ / ٢١١.
(٣) المختصر في أخبار البشر ٢ / ٩٢.
(٤) نفح الطيب عن غصن الأندلس الرطيب ٤ / ٢١٧.
٤ ـ البداية والنهاية ١١ / ١٩٣.
٥ ـ بغية الوعاة : ١٦١.
وقال الذهبي : « ابن عبد ربّه ، العلاّمة الأديب الأخباري ، صاحب كتاب العقد ... وكان موثّقا نبيلا بليغا شاعرا ، عاش ٨٢ سنة ، وتوفي سنة ٣٢٨ ».
(١٦)
رواية المحاملي
ورواه القاضي المحاملي حيث قال :
« حدّثنا الحسين ، ثنا عبد الأعلى بن واصل ، ثنا عون بن سلاّم ، ثنا سهل ابن شعيب ، عن بريدة بن سفيان عن سفينة ـ وكان خادما لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ قال : اهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طوائر قال : ورفعت له ام أيمن بعضها ، فلمّا أصبح أتته بها فقال : ما هذا يا ام أيمن؟ فقالت : هذا بعض ما فاهدي لك أمس. قال : أولم أنهك أن ترفعي لأحد ـ أو لغد ـ طعاما! إنّ لكلّ غد رزقه. ثمّ قال : أللهم أدخل بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر ، فدخل علي عليهالسلام فقال : اللهم وإليّ » (١).
قال ابن المغازلي : « أخبرنا أبو طالب محمّد بن علي بن أحمد البيّع البغدادي رحمهالله ـ قدم علينا واسطا ـ ثنا أبو عبد الله محمّد بن أبي بكر ، أنّه قال : حدّثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي ، نا عبد الأعلى بن واصل ، ثنا عون بن سلام ، ثنا سهل بن شعيب ، عن بريدة بن سفيان عن سفينة ـ وكان خادما لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ـ قال : اهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طوائر ، قال : فرفعت له أم أيمن بعضها ، فلمّا أصبح أتته بها فقال :
__________________
(١) الأمالي : ٤٤٣ ـ ٤٤٤.
ماذا يا ام أيمن؟ فقالت : هذا بعض ما اهدي إليك أمس ، قال : أولم أنهك أن ترفعي لغد طعاما ، إنّ لكلّ غد رزقه؟ ثم قال : اللهم أدخل أحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر ، فدخل علي ، فقال : اللهم وإليّ.
هذا حديث غريب من هذا الطريق » (١).
وتظهر روايته للحديث من سند رواية الكنجي الشافعي الآتية في محلّها إن شاء الله.
ترجمته
١ ـ السمعاني : « أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي ، كان : فاضلا ، صادقا ، ثبتا ، ديّنا ، ثقة ، صدوقا ... » (٢).
٢ ـ ابن الأثير في حوادث ٣٣٠ : « وفيها توفي القاضي أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل بن محمّد بن إسماعيل المحاملي الفقيه الشافعي : وهو من المكثرين في الحديث ، وكان مولده سنة خمس وثلاثين ومائتين ، وكان على قضاء الكوفة وفارس فاستعفى من القضاء وألحّ في ذلك ، فأجيب إليه » (٣).
٣ ـ الذهبي : « المحاملي ، القاضي الإمام العلاّمة الحافظ ، شيخ بغداد ومحدّثها ، أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل بن محمّد الضبي البغدادي. ولد في أوّل سنة خمس وثلاثين ومائتين ، وأول سماعه في سنة أربع وأربعين ، سمع : أبا حذافة أحمد بن إسماعيل السهمي صاحب مالك ، وعمرو بن علي الفلاّس ، وزياد بن أيوب ، وأحمد بن المقدام العجلي ، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي ، ومحمّد بن المثنى العنزي ، وأبا هشام ، وعبد الرحمن بن يونس السراج ، والزبير بن بكّار ، وطبقتهم ومن بعدهم ، فأكثر وصنّف وجميع.
__________________
(١) مناقب علي بن أبي طالب : ١٧٥.
(٢) الأنساب ٥ / ٢٠٨ ـ المحاملي.
(٣) الكامل في التاريخ ٨ / ٣٩٢.
روى عنه : دعلج ، والدار قطني ، وابن جميع ، وإبراهيم بن جرولة الباجي ، وابن الصّلت الأهوازي ، وأبو عمرو ابن مهدي ، وأبو محمّد بن البيّع ، وآخرون.
قال الخطيب : كان : فاضلا ، ديّنا ، صادقا ، شهد عند القضاة وله عشرون سنة ، ولي قضاء الكوفة ستّين سنة ... » (١).
٤ ـ اليافعي : « الإمام الكبير ، القاضي أبو عبد الله المحاملي الشهير ... قال أبو بكر الدراوردي : كان يحضر مجلس المحاملي عشرة آلاف رجل » (٢).
٥ ـ السيوطي : « المحاملي القاضي ، الإمام العلاّمة الحافظ ، شيخ بغداد ومحدّثها ... وكان : فاضلا ، ديّنا ، صدوقا ... » (٣).
ومن مصادر ترجمته أيضا :
١ ـ سير أعلام النبلاء ١٥ / ٢٥٨.
٢ ـ تاريخ بغداد ٨ / ١٩.
٣ ـ الوافي بالوفيات ١٢ / ٣٤١.
٤ ـ العبر ٢ / ٢٢٢.
٥ ـ البداية والنهاية ١١ / ٢٠٣.
(١٧)
رواية ابن عقدة
لقد رواه في « كتاب الطير » الذي جمع فيه طرقه وألفاظه كما قال ابن شهر آشوب السّروي ـ المترجم له ببالغ الثناء في معاجم التراجم كما علمت
__________________
(١) تذكرة الحفّاظ ٣ / ٨٢٤.
(٢) مرآة الجنان ٢ / ٢٩٧.
(٣) طبقات الحفّاظ : ٣٤٣.
سابقا ـ : « روى حديث الطير جماعة ... ورواه ابن بطة في الإبانة من طريقين ، والخطيب أبو بكر في تاريخ بغداد من سبعة طرق ، وقد صنّف أحمد ابن محمّد بن سعيد كتاب الطير ... » (١).
أقول : ومن ذلك قوله : « ثنا محمّد بن أحمد بن الحسن ، ثنا يوسف بن عدي ، ثنا حمّاد بن المختار الكوفي ، ثنا عبد الملك بن عمير ، عن أنس قال : اهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طائر ، فوضع بين يديه فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي ، قال : فجاء علي فدقّ الباب فقال : من ذا؟ فقال : أنا علي ... ».
كما تظهر روايته من كلام ابن المغازلي ، الآتي في محلّه.
ترجمته
وابن عقدة من أعلام الحديث ومشاهير الأئمة الثقات ، وقد ترجمنا له وأثبتنا ثقته على ضوء المصادر المعتبرة في بعض مجلّدات الكتاب.
وتوجد ترجمته في الكتب الآتية :
١ ـ تاريخ بغداد ٥ / ١٤.
٢ ـ تذكرة الحفاظ ٣ / ٨٣٩.
٣ ـ مرآة الجنان ٢ / ٣١١.
٤ ـ الوافي بالوفيات ٧ / ٣٩٥.
٥ ـ النجوم الزاهرة ٣ / ٢٨١.
٦ ـ العبر ٢ / ٢٣٠.
٧ ـ طبقات الحفاظ : ٣٤٨.
٨ ـ شذرات الذهب ٢ / ٣٣٢.
__________________
(١) مناقب آل أبي طالب ٢ / ٢٨٢.
(١٨)
رواية المسعودي
لقد أثبته في تاريخه أيّما إثبات ، وذكره في فضائل أمير المؤمنين عليهالسلام الخاصّة به ، حيث قال : « والأشياء التي استحق بها أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الفضل هي : السبق إلى الإيمان ، والهجرة والنصرة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، والقربى منه ، والقناعة ، وبذل النفس له ، والعلم بالكتاب والتنزيل ، والجهاد في سبيل الله ، والورع ، والزهد ، والقضاء والحكم ، والعفة والعلم.
وكل ذلك لعلي ـ رضياللهعنه ـ منه النّصيب الأوفر والحظ الأكبر ، إلى ما ينفرد به من قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حين آخى بين أصحابه : أنت أخي ، وهو صلّى الله عليه وسلّم لا ضدّ له ولا ند ، وقوله صلّى الله عليه وسلّم : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي ، وقوله عليهالسلام : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، ثم دعاؤه عليهالسلام ـ وقد قدم إليه أنس الطائر ـ : اللهم أدخل إليّ أحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر ، فدخل عليه علي عليهالسلام إلى آخر الحديث ، فهذا وغيره من فضائله وما اجتمع فيه من الخصال ممّا تفرّق في غيره » (١).
ترجمته
١ ـ ابن شاكر الكتبي : « علي بن الحسين بن علي ، أبو الحسين ،
__________________
(١) مروج الذهب ١ / ٧١١.
المسعودي المؤرّخ ، من ذرية عبد الله بن مسعود رضياللهعنه ، قال الشيخ شمس الدين : عداده في البغداديين وأقام بمصر مدة ، وكان أخباريّا علاّمة ، صاحب غرائب وملح ونوادر ، مات سنة ٣٤٦ ، وله من التّصانيف : كتاب مروج الذهب ... » (١).
٢ ـ السبكي : « وكان أخباريا متفنّنا ، علاّمة ، صاحب ملح وغرائب ، سمع من نفطويه وابن زبر القاضي وغيرهما ، ودخل إلى البصرة ، فلقي بها أبا خليفة الجمحي ، ولم يعمّر على ما ذكر ، وقيل : إنّه كان معتزلي العقيدة ، مات سنة خمس وأربعين أو ست وأربعين وثلاثمائة ، وهو الذي علّق عن أبي العباس ابن شريح رسالة البيان عن أصول الأحكام ، وهذه الرسالة عندي نحو خمس عشرة ورقة ... » (٢).
(١٩)
رواية أحمد بن سعيد بن فرقد الجدّي
لقد روى حديث الطير بإسناد الصّحيحين ، لكنّ الذهبي ـ الشهير بتعصّبه على الحق وإنكاره لفضائل أمير المؤمنين عليهالسلام ـ اتّهمه بوضعه ، وهذا نصّ كلامه بترجمته :
« أحمد بن سعيد بن فرقد الجدّي ، روى عن أبي حمّة ، وعنه الطبراني ، فذكر حديث الطير بإسناد الصحيحين ، فهو المتّهم بوضعه » (٣).
لكن تعقّبه ابن حجر فذكر إخراج الحاكم الحديث عن طريق أحمد بن سعيد ، ثمّ أضاف بأنّ الرجل معروف ومن شيوخ الطبراني ، وهذا نصّ كلامه :
__________________
(١) فوات الوفيات ٢ / ٤٥.
(٢) طبقات الشافعية ٢ / ٣٠٧.
(٣) ميزان الاعتدال ١ / ١٠٠.
« قلت : أخرجه الحاكم عن محمّد بن صالح الأندلسي عن أحمد ـ هذا ـ عن أبي حمة محمّد بن يوسف ، عن أبي قرة موسى بن طارق ، عن موسى بن عقبة ، عن سالم أبي النضر ، عن أنس. وأحمد بن سعيد معروف من شيوخ الطبراني ، وأظنّه دخل عليه إسناد في إسناد » (١).
وأمّا ظنّ العسقلاني أنّه « دخل عليه إسناد في إسناد » فهو ظن لا يغني من الحق شيئا ، وتضليل ليس لأحد إلى قبوله من سبيل ، والله الهادي الصائن عن كيد كلّ خادع ضئيل ...
هذا ، وقد صرّح السمعاني ايضا برواية الطبراني عن أحمد بن سعيد (٢) ، وقد تقرّر في محلّه أن رواية الأكابر الأعلام دليل على كمال الشرف والجلالة ، بل هي عين التوثيق والتعديل عند بعض أئمة هذا الشأن الجليل ، والله الهادي إلى سواء السبيل ...
(٢٠)
رواية الطبراني
رواه بسند صحيح. حيث قال :
« نا أحمد بن سعيد بن فرقد الجدّي ، قال : نا أبو حمة محمّد بن يوسف اليماني قال : نا أبو قرة موسى بن طارق ، عن موسى بن عقبة ، عن أبي النضر سالم مولى عمر بن عبيد الله ، عن أنس بن مالك قال : بينا أنا واقف عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذ اهدي إليه طير فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي ، فجاء علي بن أبي طالب فقلت : رسول الله على حاجة ، ثمّ
__________________
(١) لسان الميزان ١ / ١٧٧.
(٢) الأنساب ـ الجدّي.
جاء علي فدخل ، فقال له رسول الله : اللهم وإليّ اللهم وإليّ ، فأكل معه ».
فقد رواه الطبراني عن شيخه أحمد بن سعيد ، بإسناده عن أنس ، وهو نفس الإسناد الذي صرّح الذهبي ـ وسلّم به العسقلاني ـ بأنّه إسناد الصحيحين ... فظهر رواية الطبراني حديث الطير بسند صحيح. والحمد لله على ذلك.
وقال الطبراني :
« حدثنا عبيد العجلي ، ثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ، ثنا حسين بن محمّد ، ثنا سليمان بن قرم ، عن فطر بن خليفة ، عن عبد الرحمن بن أبي نعيم ، عن سفينة مولى النبي صلّى الله عليه وسلّم : أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم أتي بطير فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير ، فجاء علي رضياللهعنه فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم : اللهم وإليّ » (١).
وقال الطبراني :
« حدثنا عمرو بن أبي الطاهر بن السّرح المصري ، ثنا يوسف بن عدي ، ثنا حمّاد بن المختار ، عن عبد الملك بن عمير ، عن أنس ـ رضياللهعنه ـ قال : أهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طائر ، فوضع بين يديه فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي ، فجاء علي بن أبي طالب ـ رضياللهعنه ـ فدقّ الباب ، فقلت : ذا؟ فقال : أنا علي ، فقلت : النبي صلّى الله عليه وسلّم على حاجة ، فرجع ، ثلاث مرار ، كلّ ذي يجئ ، قال : فضرب الباب برجله فدخل فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم : ما حبسك؟ قال : قد جئت ثلاث مرات ، كلّ ذلك يقول : النبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ على
__________________
(١) المعجم الكبير ٧ / ٨٢.
حاجة : فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم : ما حملك على ذلك؟ قلت : كنت أردت أن يكون رجل من قومي » (١).
وقال الطبراني :
« عن أنس بن مالك قال : أهدت أم أيمن إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم طائرا بين رغيفين ، فجاء النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال : هل عندكم شيء؟ فجاءته بالطائر ، فرفع يديه فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر ، فجاء علي ، فقلت : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مشغول ، وإنّما دخل النبي صلّى الله عليه وسلّم آنفا (٢) ... النبي من الطائر شيئا ، ثمّ رفع يده فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر ، فجاء علي ، فارتفع الصوت بيني وبينه ، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم لها : خلّه من كان يدخل ، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم : وإليّ يا رب ـ ثلاث مرات ـ فأكل مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى فرغا.
لم يرو هذا الحديث عن الأوزاعي إلاّ عبد الرزاق ، تفرّد به سلمة » (٣).
* وجاء التصريح في غير واحد من الكتب برواية الطبراني حديث الطّير ، وقد أورد الهيثمي الحديث عن الطّبراني بأسانيد ، فنصّ على أن رجال إسناده في ( المعجم الكبير ) رجال الصحيح ما عدا واحد فقال : « لم أعرفه وبقيّة رجاله رجال الصحيح » وأنّ له أسانيد في ( المعجم الأوسط ) فسكت إلاّ عن واحد منها فقال : « وفي أحد أسانيد الأوسط أحمد بن عياض بن أبي طيبة ولم أعرفه ، وبقيّة ورجاله رجال الصحيح » ، ثمّ أخرجه عن البزار والطبراني عن سفينة فقال : « ورجال
__________________
(١) المعجم الكبير ١ / ٢٥٣.
(٢) في النسخة : هنا كلمة لا تقرأ.
(٣) المعجم الأوسط ٢ / ٤٤٣.
الطبراني رجال الصحيح ، غير فطر بن خليفة وهو ثقة » (١) فإذن ، الطبراني يروي حديث الطير بسند آخر اعترف الهيثمي بصحّته ، فإذا ثبت ثقة من قال « لم أعرفه » كانت الأسانيد الصحيحة عند الطبراني في رواية حديث الطير كثيرة ، والله الموفق.
ترجمته
١ ـ السمعاني : « أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الطبراني ، حافظ عصره ، صاحب الرّحلة ، رحل إلى ديار : مصر ، والحجاز ، واليمن ، والجزيرة ، والعراق ، وأدرك الشيوخ ، وذاكر الحفّاظ ، وسكن أصبهان إلى آخر عمره ، وصنّف التصانيف ، يروي عن : إسحاق بن إبراهيم الديري الصنعاني ، وجمع شيوخه الذين سمع منهم وكانوا ألف شيخ ، روى عنه : أبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني ، وأبو نعيم الحافظ ، والعالم.
ولد سنة ستين ومائتين بطبرية ، مات لليلتين بقيتا من ذي القعدة سنة ستّين وثلاثمائة بإصبهان ، وكان يقول : أول ما قدمت أصبهان سنة تسعين ومائتين » (٢).
٢ ـ ابن خلّكان : « كان حافظ عصره ... وله المصنفات الممتعة النافعة الغريبة ، منها : المعاجم الثلاثة ... » (٣).
٣ ـ الذهبي حوادث ٣٦٠ : « وفيها : الطبراني الحافظ العلم مسند العصر ... وكان ثقة صدوقا واسع الحفظ ، بصيرا بالعلل والرجال والأبواب ، كثير التصانيف ... » (٤).
__________________
(١) مجمع الزوائد ٩ / ١٢٥ ١٢٦.
(٢) الأنساب ـ الطبراني.
(٣) وفيات الأعيان ٢ / ٤٠٧.
(٤) العبر ٢ / ٣١٥.
٤ ـ السيوطي : « الطّبراني : الإمام العلاّمة بقيّة الحفّاظ ... مسند الدنيا ، وأحد فرسان هذا الشأن ... قال ابن مندة : أحد الحفّاظ المذكورين ... قال أبو العباس الشيرازي : كتبت عن الطبراني ثلاث مائة ألف حديث ، وهو ثقة ... » (١).
هذا ، وقد اعتمد العلماء على كتبه واحتّجوا برواياته في مختلف كتبهم ... كما احتجّ برواياته ( الدهلوي ) نفسه في مواضع من ( التحفة ).
(٢١)
رواية ابن السقّاء
لقد روى ابن السقّاء حديث الطير وأملاه في واسط ، فلم تحمل نفوس المتعصّبين المنطوية على بغض أهل البيت سماع هذه الفضيلة الجليلة ، الهادمة لأساس التزوير والقالعة لبنيان التلميع ، حتى وثبوا به لنصبهم الشديد ، فأقاموه وغسلوا موضعه لاعتقادهم نجاسته بذلك! فمضى ابن السقّاء ولزم بيته ...
ولقد أورد هذه القضية الذهبي بترجمته حيث قال : « قال السلفي : سألت الحافظ خميسا الحوزي عن ابن السقاء. فقال : هو من مزينة مضر ولم يكن سقاء بل لقب له ، من وجوه الواسطيّين وذوي الثروة والحفظ ، رحل به أبوه فأسمعه من : أبي خليفة ، وأبي يعلى ، وابن زيدان البجلي ، والمفضل بن الجندي. وبارك الله في سنّه وعلمه ، واتفق أنّه أملى حديث الطير ، فلم تحمله نفوسهم فوثبوا به ، فأقاموه وغسلوا موضعه ، فمضى ولزم بيته ، ولم يحدّث أحدا من الواسطيين ، فلهذا قلّ حديثه عندهم ، وتوفّي سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة ،
__________________
(١) طبقات الحفّاظ : ٣٧٢.
حدّثني به شيخنا أبو الحسن المغازلي » (١).
كما تظهر روايته من عبارة ابن المغازلي الآتية فيما بعد.
ترجمته
١ ـ قال الذهبي : « ابن السقاء ، الحافظ الإمام محدّث واسط ، أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن عثمان الواسطي ... روى عنه : الدار قطني ، وأبو الفتح يوسف القوّاس ، وأبو العلاء محمّد بن علي القاضي ... وآخرون.
قال أبو العلاء ابن المظفر والدار قطني : يقولون لم نر مع ابن السقاء كتابا وإنّما حدّثنا حفظا ، وقال علي بن محمّد بن الطيّب الجلابي في تاريخه : ابن السقّاء من أئمة الواسطيين والحفاظ المتقنين ، توفي في جمادى الآخرة سنة ٣٧٣ ... » (٢).
وقال : « ابن السقاء : الإمام الحافظ الثّقة الرّحال ... » (٣).
٢ ـ السمعاني : « واشتهر به أبو محمّد ... المعروف بابن السقاء ، من أهل الفهم والحفظ والمعرفة بالحديث ... » (٤).
٣ ـ السيوطي : « ابن السقّاء ـ الحافظ الإمام محدّث واسط ، أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن عثمان ، سمع : أبا خليفة ، وأبا يعلى ، ومنه : الدار قطني وأبو نعيم ، وكان من أئمة الواسطيين ، والحفّاظ المتقنين ، وذوي المروة والوجاهة ، يحدّث حفظا ، مات في جمادى الآخرة سنة ٣٧٣ » (٥).
__________________
(١) تذكرة الحفّاظ ٣ / ٩٦٥ ، سير أعلام النبلاء ١٦ / ٣٥٢.
(٢) تذكرة الحفّاظ ٣ / ٩٦٥.
(٣) سير أعلام النبلاء ١٦ / ٣٥١.
(٤) الأنساب ٧ / ٩٠.
(٥) طبقات الحفّاظ : ٣٨٥.
(٢٢)
رواية أبي اللّيث السّمرقندي
رواه في ( المجالس ) له حيث قال : « قال النبي صلّى الله عليه وسلّم : أفضلكم علي بن أبي طالب ، وعن أنس بن مالك قال : اهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثلاث طوائر فقال : اللهم سق إليّ أحبّ خلقك إليك يأكل معي ، قال أنس : فكنت على الباب فجاء علي فرددته رجاء أن يجئ رجل من الأنصار ، ثمّ جاء علي فأذنت له ، فقال رسول الله : كل يا علي ، فأنت أحبّ خلقك الله إليه ، وقد دعوت أن يسوق أحبّ خلقه إليه ».
ترجمته
١ ـ الذهبي : « أبو الليث : الإمام الفقيه المحدّث الزاهد ... » (١).
٢ ـ الكفوي : « الشيخ الإمام أبو اللّيث الفقيه نصر بن محمّد بن إبراهيم السمرقندي ، كان يعرف بإمام الهدى ، وكان مشهور بالكنية والفقيه ، وفي تقدمة المقدمة : قيل : سماه النبي فقيها لما روى أنّه لما صنّف كتابه المسمّى تنبيه الغافلين عرضه على روضة النبي صلّى الله عليه وسلّم وبات الليلة ، فرأى النبي صلّى الله عليه وسلّم فناوله كتابه فقال : هذا كتابك يا فقيه ، فانتبه فوجد فيه مواضع ممحوّة ، فكان يتبرّك باسم الفقيه فاشتهر به ... » (٢).
٣ ـ محي الدين القرشي : « نصر بن محمّد بن أحمد بن إبراهيم السّمرقندي الفقيه أبو الليث المعروف بإمام الهدى ، تفقّه على الفقيه أبي جعفر
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ١٦ / ٣٢٢.
(٢) كتائب أعلام الأخيار ـ مخطوط.
الهندواني ، وهو الإمام الكبير صاحب الأقوال المفيدة والتصانيف المشهورة ، توفي رحمهالله تعالى ليلة الثلاثاء لإحدى عشرة خلت من جمادى الآخرة سنة ٣٧٣ ... » (١).
(٢٣)
إثبات الصّاحب ابن عبّاد
ولقد أثبت أبو القاسم إسماعيل بن عبّاد الملقّب بالصاحب حديث الطير ، إذ أورده في أشعار له في مدح مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام : « فقد جاء في كتاب ( المناقب ) ما نصه : « وللصاحب كافي الكفاة :
يا أمير
المؤمنين المرتضى |
|
إن قلبي عندكم
قد وقفا |
كلما جدّدت مدحي
فيكم |
|
قال ذو النصب
يسبّ السّلفا |
من كمولاي علي
زاهدا |
|
طلّق الدنيا
ثلاثا ووفى؟ |
من دعي للطير
يأكله؟ |
|
ولنا في مثل هذا
مكتفى |
من وصي المصطفى
عندكم |
|
فوصيّ المصطفى
يصطفى؟ » (٢). |
وفيه : « وقال الصاحب كافي الكفاة في مدح علي :
هو البدر في
هيجاء بدر وغيره |
|
فرائصه من ذكره
السيف ترعد |
وكم خبر في خيبر
قد رويتم |
|
ولكنكم مثل
النعام تشرد؟ |
وفي احد ولىّ
رجال وسيفه |
|
يسوّد وجه الكفر
وهو مسوّد |
عليّ له في
الطير ما طار ذكره |
|
وقامت به أعداؤه
وهي تشهد |
وما شدّ عن خير
المساجد بابه |
|
وأبوابهم إذ ذاك
عنه تسدّد |
__________________
(١) الجواهر المضية في طبقات الحنفيّة ٢ / ١٩٦.
(٢) مناقب علي بن أبي طالب للخوارزمي : ٦٥.
وزوجته الزهراء
خير كريمة |
|
لخير كريم فضلها
ليس يجحد » |
وذكر أشعارا أخرى له في الباب (١).
ترجمته
فهذا الصاحب بن عباد ، الذي فاق في الفضل وساد ، قد أبان صحة هذا الحديث لكل ذي سداد ، حيث نظمه جازما بثبوته لأبي الأئمة الأمجاد ، عليه وآله آلاف السلام من ربّ العباد ، فقلع أسّ المكابرة والعناد ، وألقم الحجر في فم كل شاحن ذي احتداد منطو على كوامن الضغائن والأحقاد ، والله المتفضل بالهداية والإرشاد ...
وقد أثنى على الصاحب ومدحه كبار علماء أهل السنّة وصفوه بالمآثر الجميلة والمكارم الجليلة ، ... راجع :
١ ـ وفيات الأعيان ١ / ٢٢٨.
٢ ـ معجم الأدباء ٦ / ١٦٨.
٣ ـ يتيمة الدهر ٣ / ١٨٨.
٤ ـ العبر في خبر من غبر ٣ / ٢٨.
٥ ـ الكامل ٨ / ٣٥٢.
٦ ـ المختصر في أخبار البشر ٢ / ١٣٠.
٧ ـ مرآة الجنان ٢ / ٤٢١.
٨ ـ تتمة المختصر ١ / ٣١٢.
٩ ـ بغية الوعاة ١ / ٤٤٩.
١٠ ـ شذرات الذهب ٣ / ١١٣.
__________________
(١) مناقب علي بن أبي طالب للخوارزمي : ٢٤٠.
(٢٤)
رواية ابن شاهين
أخرجه عن طريقه ابن عساكر بترجمة أمير المؤمنين عليهالسلام غير مرة ، فمن ذلك قوله :
« أخبرنا أبو الأعز قراتكين بن الأسعد ، أنبأنا أبو محمّد الجوهري ، أنبأنا أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان ، أنبأنا يحيى بن محمّد بن صاعد ، أنبأنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ، أنبأنا حسين بن محمّد ، أنبأنا سليمان بن قرم ، عن محمّد بن شعيب ، عن داود بن علي بن عبد الله بن عباس ، عن أبيه ، عن جدّه ابن عباس قال : أتي النبي صلّى الله عليه وسلّم بطائر ، فقال : اللهم ائتني برجل يحبّه الله ورسوله. فجاء علي عليهالسلام ، فقال : اللهم وإليّ ».
وقوله : « أخبرنا أبو الأعز قراتكين بن الأسعد ، أنبأنا أبو محمّد الجوهري ، أنبأنا أبو حفص ابن شاهين ، أنبأنا يحيى بن محمّد بن صاعد ، أنبأنا عبد القدوس بن محمّد بن عبد الكبير بن الحبحاب ـ بالبصرة ـ حدثني عمي صالح ابن عبد الكبير ، أنبأنا عبد الله بن زياد أبو العلاء ، عن علي بن زيد ، عن سعيد ابن المسيب ، عن أنس بن مالك قال ...
قال ابن شاهين : تفرّد بهذا الحديث عبد القدوس بن محمّد بن عمّه ، لا أعلم حدّث به غيره ، وهو حديث حسن غريب ».
وقوله : « حدثنا أبو الأعز قراتكين بن الأسعد ، أنبأنا أبو محمّد الجوهري ، أنبأنا أبو حفص بن شاهين ، أنبأنا محمّد بن إبراهيم الأنماطي ، أنبأنا محمّد بن عمرو بن نافع ، أنبأنا علي بن الحسن ، أنبأنا خليد بن دعلج ، عن قتادة ، عن
أنس ... » (١).
وقال ابن المغازلي : « أخبرنا محمّد بن علي ـ إجازة ـ أنّ أبا حفص عمر ابن أحمد بن شاهين الواعظ حدّثهم : نا محمّد بن الحسين الجواربي ، نا إبراهيم بن صدقة ، نا يغنم بن سالم ، نا أنس قال : اهدي لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم طائر ، وذكر الحديث » (٢).
وقال : « أخبرنا أبو طالب بن محمّد بن علي بن الفتح الحربي البغدادي ـ فيما كتب به إليّ ـ أن أبا حفص عمر بن أحمد بن شاهين حدثهم قال : نا نصر ابن القاسم الفرضي ، نا عيسى بن مساور الجوهري قال : قال لي يغنم بن سالم ابن قنبر ـ ولقيته سنة تسعين ومائة وقال يغنم بن سالم : لي اثني عشرة ومائة سنة ـ قال لي أنس بن مالك : اهدي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم طير مشوي فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك أو بمن تحبّه ـ الشك من عيسى بن مساور الجوهري ـ فجاء علي ، فرددته ، فدخل في الثالثة أو في الرابعة ، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم : ما حبسك ـ أو ما أبطأك ـ عنّي يا علي؟ قال : جئت فردّني أنس ، ثمّ جئت فردّني أنس ، ثمّ جئت فردّني أنس. قال : يا أنس ، ما حملك على ما صنعت؟ أرجوت أن يكون رجلا من الأنصار؟ فقلت : نعم ، فقال : يا أنس ، أوفي الأنصار أفضل من علي؟! » (٣).
وقال المحبّ الطبري : « وخرّجه الحافظ أبو حفص عمر بن عثمان بن شاهين ، في جزء من حديثه ، ولم يذكر زيادة الحربي ، وقال بعد قوله : فجاء علي فرددته : ثمّ جاء فرددته ، فدخل في الثالثة أو في الرابعة ، فقال له النبي
__________________
(١) ترجمة أمير المؤمنين عليهالسلام من تاريخ دمشق ج ٢ الأحاديث : ٦١١ ، ٦١٨ ، ٦٢١.
(٢) مناقب علي بن أبي طالب : ١٦٤.
(٣) المصدر نفسه : ١٦٥.
صلّى الله عليه وسلّم : ما حبسك عني ـ أو ما أبطأ بك عنّي ـ يا علي؟ قال : جئت فردّني أنس ، ثم جئت فردّني أنس ، قال : يا أنس ، ما حملك على ما صنعت؟ قال : رجوت أن يكون رجلا من الأنصار ، فقال : أو في الأنصار خير من علي ـ أو أفضل من علي ـ؟! » (١).
وقال ابن شهر آشوب : « وحدّثني أبو العزيز كادش العكبري ، عن أبي طالب الحربي العشاري ، عن ابن شاهين الواعظ ـ في كتابه ما قرب سنده ـ قال : حدّثني نصر بن القاسم الفرائضي قال : أخبرنا أبو محمّد عيسى الجوهري قال قال يغنم بن سالم بن قنبر قال : قال أنس بن مالك. الخبر » (٢).
ترجمته
وابن شاهين من كبار علماء أهل السنّة ومحدّثيهم الثقات وحفاظهم الأعيان ، وسنذكر ترجمته في مجلّد حديث التشبيه ، ومن مصادر ترجمته :
١ ـ الأنساب ـ الشاهيني.
٢ ـ الكامل في التاريخ ٩ / ١١٥.
٣ ـ تذكرة الحفّاظ ٣ / ٩٨٧.
٤ ـ طبقات القرّاء ١ / ٥٨٨.
٥ ـ العبر ٣ / ٢٩.
٦ ـ مرآة الجنان ٢ / ٤٢٦.
٧ ـ طبقات الحافظ : ٣٩٢.
٨ ـ طبقات المفسرين ٢ / ٢.
٩ ـ تاريخ بغداد ١١ / ٢٦٥.
__________________
(١) الرياض النضرة ٢ / ١١٤ ـ ١١٥.
(٢) مناقب آل أبي طالب ٢ / ٢٨٢.