محمّد أمين نجف
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: ماهر
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5995-26-1
الصفحات: ٢٨٧
٧ ـ أخطب الخطباء الخوارزمي (ت ٥٦٨ هـ) ، رواه في المناقب (١).
٨ ـ العلاّمة سبط ابن الجوزي (ت ٦٥٤هـ) ، رواه في تذكرة الخواص (٢).
٩ ـ الحافظ أبو عبد الله محمّد بن يوسف الكنجي الشافعي (ت ٦٥٨ هـ) ، جعل في كتابه «كفاية الطالب» فصلاً في حديث ردّ الشمس.
١٠ ـ شيخ الإسلام الجويني (ت ٧٣٠ هـ) ، رواه في فرائد السمطين (٣).
١١ ـ الحافظ ابن حجر العسقلاني (ت ٨٥٢ هـ) ، ذكره في فتح الباري ، وقال : «روى الطحاوي ، والطبراني في الكبير ، والحاكم والبيهقي في الدلائل ، عن أسماء بنت عميس : أنّه صلىاللهعليهوآله دعا لمّا نام على ركبة عليّ ففاتته صلاة العصر ، فردّت الشمس حتى صلّى عليّ ثمّ غربت ، وهذا أبلغ في المعجزة ، وقد أخطأ ابن الجوزي بإيراده له في الموضوعات ، وهكذا ابن تيمية في كتاب الردّ على الروافض في زعم وضعه ، والله أعلم» (٤).
١٢ ـ الإمام العيني الحنفي (ت ٨٥٥ هـ) ، قال في عمدة القاري شرح صحيح البخاري : «وقد وقع ذلك أيضاً للإمام عليّ ، أخرجه الحاكم عن أسماء بنت عميس ... وذكره الطحاويّ في مشكل الآثار قال : وكان أحمد بن صالح يقول : لا ينبغي لمن سبيله العلم أن يتخلّف عن حفظ حديث أسماء ؛ لأنّه من أجلّ علامات النبوّة. وقال : وهو حديث متّصل ، ورواته ثقات ، وإعلال ابن الجوزي هذا الحديث لا يلتفت إليه» (٥).
١٣ ـ الحافظ أبو العباس القسطلاني (ت ٩٢٣ هـ) ، ذكره في المواهب اللدنية من طريق الطحاوي ، والقاضي عياض ، وابن مندة ، وابن شاهين ، والطبراني ، وأبي زرعة ،
__________________
١ ـ المناقب : ٣٠٦.
٢ ـ تذكرة الخواص : ٥٣.
٣ ـ فرائد السمطين ١ / ١٨٣.
٤ ـ فتح الباري ٦ / ١٥٥.
٥ ـ عمدة القاري شرح صحيح البخاري ١٥/ ٥٩.
من حديث أسماء بنت عميس ، ومن طريق ابن مردويه من حديث أبي هريرة (١).
١٤ ـ الحافظ ابن حجر الهيتمي (ت ٩٧٤ هـ) ، عدّه في الصواعق المحرقة كرامةً باهرةً لأمير المؤمنين عليهالسلام وقال : «وحديث ردّها صحّحه الطحاوي والقاضي في الشفاء ، وحسّنه شيخ الإسلام أبو زرعة ، وتبعه غيره ، وردّوا على جمعٍ قالوا : إنّه موضوع» (٢).
١٥ ـ شهاب الدين الخفاجي الحنفي (ت ١٠٦٩ هـ) ، قال في شرح الشفا : «ورواه الطبراني بأسانيد مختلفة ، رجال أكثرها ثقات» (٣).
١٦ ـ أبو عبد الله الزرقاني المالكي (ت ١١٢٢ هـ) ، صحّحه في شرح المواهب وقال : «وذكره ابن الجوزي في الموضوعات فأخطأ» ، وبالغ في الردّ على ابن تيمية ، وقال : «فالعجب العجاب إنّما هو من كلام ابن تيمية هذا» (٤).
١٧ ـ ميرزا محمّد البدخشي قال في نزل الأبرار : «الحديث صرّح بتصحيحه جماعة من الأئمّة الحفّاظ : كالطحاوي ، والقاضي عياض وغيرهما ، وقال الطحاوي : هذا حديث ثابت رواته ثقات» (٥).
١٨ ـ الشيخ محمّد الصبّان (ت ١٢٠٦ هـ) ، عدّه في إسعاف الراغبين من معجزات النبيّ صلىاللهعليهوآله ، ومن كرامات أمير المؤمنين عليهالسلام ، وذكر الحديث (٦).
١٩ ـ السيّد محمّد مؤمن الشبلنجي ، عدّه في نور الأبصار من معجزات رسول الله صلىاللهعليهوآله (٧) ، نكتفي بهذا المقدار القليل.
__________________
١ ـ شرح المواهب اللدنية ٥ / ١١٥.
٢ ـ الصواعق المحرقة ٢ / ٣٧٥.
٣ ـ نسيم الرياض في شرح الشفا ٣ / ١٠.
٤ ـ شرح المواهب اللدنية ٦ / ٤٨٨.
٥ ـ نزل الأبرار : ٤٠.
٦ ـ إسعاف الراغبين : ٥٨ و ١٥٢.
٧ ـ نور الأبصار : ٤٣.
حديث مدينة العلم
* تصريح علماء السنّة بصحّة الحديث وحسنه
* مجيء الحديث بسند معتبر في كتبنا
تصريح علماء السنّة بصحّته وحسنه :
س : سألني أحد الإخوة عن حديث «أنا مدينة العلم وعليّ بابها» ، وأنا في أمريكا لا يوجد لديّ كثير من المصادر ، فهل لكم أن ترشدونا إليه من كتب العامّة.
ج : من أقوى الأدلّة على أعلميّة أمير المؤمنين عليهالسلام من جميع الصحابة ، حديث «أنا مدينة العلم وعليّ بابها» ، هذا الحديث الوارد عن رسول الله صلىاللهعليهوآله بالأسانيد والطرق المعتبرة في كتب الفريقين ، وله ألفاظ مختلفة وشواهد متكثّرة ، حتّى نصّ جماعة من علماء أهل السنّة على كونه من الأحاديث المشتهرة ، وتفرّغ آخرون لإبطال الطاعنين في سنده.
لكنّ السبب الأصلي لطعن القوم في سنده قوّة دلالته على أفضلية الإمام عليهالسلام ، والأفضلية مستلزمة للإمامة والخلافة بلا كلام ، ولهذا عمد بعضهم إلى التلاعب في متنه بالتأويل والتحريف.
فممّن صرّح بصحّته وحسنه من علماء أهل السنّة : سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص (١) ، الحاكم النيسابوري في المستدرك (٢) ، يحيى بن معين (٣) ، البدخشاني في نزل
__________________
١ ـ تذكرة الخواص : ٥١.
٢ ـ المستدرك ٣ / ١٢٦.
٣ ـ تهذيب الكمال ١٨ / ٧٧.
الأبرار ، الذي التزم فيه بالصحّة (١) ، محمّد بن يوسف الكنجي في كفاية الطالب (٢) ، ابن الجزري في أسنى المطالب (٣) ، السخاوي في المقاصد الحسنة (٤) ، ابن حجر العسقلاني (٥) ، صلاح الدين العلائي (٦) ، الصالحي الشامي (٧) ، المناوي في فيض القدير (٨) ، الصبّان في إسعاف الراغبين (٩) ، الشوكانيّ في الفوائد المجموعة (١٠).
مجيء الحديث بسند معتبر في كتبنا
س : تمنّيت أن تقوموا بإعطائنا السند الصحيح الموثّق من كتب الشيعة الكرام حول حديث : «أنا مدينة العلم ...» ، ولا حاجة إلى أن تذكروا بما في كتب السنّة ، بارك الله فيكم.
ج : إنّ حديث «أنا مدينة العلم» موجود في كتبنا بأسانيد معتبرة ، وهو مسلّم ، بحيث جاء ذكره حتّى في زيارات الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ، وحتّى في الأدعية المأثورة.
ومن أسانيده المعتبرة : رواية الشيخ الصدوق قدسسره قال : «حدّثنا أبي ، قال : حدّثنا سعد بن عبد الله ، قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن خالد ، عن القاسم بن يحيى ، عن جدّه
__________________
١ ـ نزل الأبرار : ٣٨.
٢ ـ كفاية الطالب : ١١٩.
٣ ـ أسنى المطالب : ٧٠.
٤ ـ المقاصد الحسنة : ١٢٣.
٥ ـ كشف الخفاء ١ / ٢٠٤ عنه في اللآلي.
٦ ـ سبل الهدى والرشاد ١ / ٥٠٩.
٧ ـ المصدر السابق.
٨ ـ فيض القدير ٣ / ٦١.
٩ ـ إسعاف الراغبين : ١٤٨.
١٠ ـ الفوائد المجموعة : ٣٤٩.
الحسن بن راشد ، عن أبي عبد الله الصادق عليهالسلام ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهالسلام ، قال : قال لي رسول الله صلىاللهعليهوآله على منبره : يا علي ، أنا مدينة العلم وأنت بابها ، وهل تُؤتى المدينة إلّا من بابها؟» (١).
__________________
١ ـ الأمالي للصدوق : ٦٥٥.
حديث السفينة
* مَن ذكر الحديث من أهل السنّة
* رواة الحديث من الصحابة والتابعين
مَن ذكره الحديث من أهل السنّة
س : أرجو أن تردّوا على هذه الشبهة التي وردتني من وهّابي ، وترسلوا لي الردّ لأعطيه إيّاه.
في حوار لي مع وهّابي ذكرت له قول رسول الله صلىاللهعليهوآله : «مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح مَن ركبها نجى ، ومَن تخلّف عنها غرق وهوى» ، فقال : إنّ الرواية منكرة ، لأنّ الألبانيّ يقول عنها إنّها موضوعة.
ج : إنّ حديث السفينة ذكره الكثير من علماء أهل السنّة في كتبهم ، فمنهم :
الحاكم النيسابوري في المستدرك وصحّحه (١) ، والطبراني في المعجم (٢) ، والهيثمي في مجمع الزوائد (٣) ، وغيرهم (٤).
قال ابن حجر في صواعقه ما هذا لفظه : وجاء من طرق عديدة يقوّي بعضها بعضاً :
__________________
١ ـ المستدرك ٢ / ٣٤٣ و ٣ / ١٥١.
٢ ـ المعجم الأوسط ٥ / ٣٥٥ و ٦ / ٨٥ ، المعجم الكبير ٣ / ٤٥ ، ١٢ / ٢٧.
٣ ـ مجمع الزوائد ٩ / ١٦٨.
٤ ـ الجامع الصغير ١ / ٣٧٣ و ٢ / ٥٣٣ ، شواهد التنزيل ١ / ٣٦١ ، مسند الشهاب ٢ / ٢٧٣ و ٢٧٥ ، فيض القدير ٢ / ٦٥٨ ، الدرّالمنثور ٣ / ٣٣٤.
«إنّما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح مَن ركبها نجا» (١).
وكان العلاّمة نجم الدين العسكري في كتابه المعد لذكر حديث الثقلين وحديث السفينة ، قد ذكر من طرق أهل السنّة مع تعيين مواضع مصادر الحديث ما زاد عن حدّ التواتر ، بل عن مئة حديث (٢) ، فراجع ثمّة.
رواة الحديث من الصحابة والتابعين
س : قرأت في منهاج السنّة لابن تيمية حول حديث السفينة ، فهناك يقول : «أمّا قوله : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح ، فهذا لا يُعرف له إسناد ، لا صحيح ولا هو في شيء من كتب الحديث التي يُعتمد عليها ، فإن كان قد رواه مَن يروي أمثاله من حطّاب الليل الذين يروون الموضوعات ، فهذا ممّا يزيده وهناً» (٣).
الرجاء ، هل كلامه صحيح؟ وإذا لم يكن صحيحاً ، فما هو الرد؟
ج : لا يخفى بطلان هذا الكلام وهوانه على ذوي البصيرة والخبرة بالأحاديث ، إذ روى حديث السفينة جماعة كبيرة من علماء أهل السنّة وحفّاظهم ، بطرق متكاثرة عن رسول الله صلىاللهعليهوآله.
فقد رواه ثمانية من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وهم :
الإمام عليّ عليهالسلام ، أبو ذر الغفّاري ، عبد الله بن عباس ، أبو سعيد الخدري ، أبو الطفيل عامر بن واثلة ، سلمة بن الأكوع ، أنس بن مالك ، عبد الله بن الزبير.
وممّن رواه من التابعين فكثيرون ، ومن أشهرهم :
__________________
١ ـ الصواعق المحرقة ٢ / ٤٤٥.
٢ ـ حديث الثقلين : ١٣٠.
٣ ـ منهاج السنّة ٧ / ٣٩٥.
الإمام عليّ بن الحسين عليهما السلام ، سعيد بن جبير ، حنش بن المعتمر ، سعيد بن المسيّب ، عطية بن سعيد العوفي ، عامر بن عبد الله بن الزبير ، أياس بن سلمة بن الأكوع ، رافع مولى أبي ذر. فهل هؤلاء من حطّاب الليل الذين ذكرهم ابن تيمية في منهاجه؟!
حديث المؤاخاة
* تواتر الحديث وكثرة رواته من أهل السنّة
* إثبات الحديث إمامة عليّ عليهالسلام
* ردّ العسقلاني على تضعيف ابن تيمية له
تواتر الحديث ، وكثرة رواته من أهل السنّة
س : ما هو حديث المؤاخاة؟ وهل سنده صحيح؟ شاكرين جهودكم في خدمة الإسلام.
ج : بعد هجرة النبيّ صلىاللهعليهوآله إلى المدينة المنوّرة بعدّة أشهر ، آخى رسول الله صلىاللهعليهوآله بين أصحابه من المهاجرين ـ الذين هاجروا من مكّة إلى المدينة ـ وبين الأنصار ، وهم أهل المدينة ، على الحقّ والمواساة ، فكان يُؤاخي بين الرجل ونظيره ، حتّى بقي هو وعليّ عليهما السلام فآخاه ، بأن جعله أخاً له ، ومن جملة ما قاله صلىاللهعليهوآله لعليّ عليهالسلام : «وأنت أخي ووارثي» ، وهذا نعبّر عنه بحديث المؤاخاة.
ولا يخفى عليك ، إنّنا نُثبت أحقّية الإمام عليّ عليهالسلام لمنصب الإمامة والخلافة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، حيث يُثبت هذا الحديث فضيلة كبيرة ومنزلة عظيمة لأمير المؤمنين عليهالسلام ، وهي : أنّه أخ له ووارثه.
كما لا شكّ أنّ هذا الحديث تواتر نقله ولا يمكن إنكاره ولا التشكيك فيه ، فقد رواه أصحاب السنن والسير والتواريخ من أعلام أهل السنّة في كتبهم ، فضلاً عن علماء الشيعة ، وعليه فهو حديث صحيح ، ولا يُعبأ بقول ابن كثير وابن حزم ـ المعروفين
بالنصب والتعصّب ضدّ فضائل عليّ عليهالسلام ـ بأنّه حديث غير صحيح ، خصوصاً وأنّ بعض علماء أهل السنّة قد صحّحه وقوّاه.
وفي هذا المجال نذكر بعض نصوص هذا الحديث ، وبعض مصادره من أهل السنّة ، ومن قال بتصحيحه ، حتّى يتبيّن الحقّ لم ينكره.
١ ـ روي عن زيد بن أبي أوفى قال : «لمّا آخى النبيّ صلىاللهعليهوآله بين أصحابه ، وآخى بين عمر وأبي بكر ... فقال علي : يا رسول الله ، ذهب روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري ، فإن كان من سخطة عليَّ فلك العتبى والكرامة.
فقال صلىاللهعليهوآله : والذي بعثني بالحقّ ، ما أخّرتك إلّا لنفسي ، فأنت عندي بمنزلة هارون من موسى ووارثي.
قال : يا رسول الله ما أرث منك؟! قال : ما أورثت الأنبياء ، قال : ما أورثت الأنبياء قبلك؟! قال : كتاب الله وسنّة نبيّهم ، وأنت معي في قصري في الجنّة مع فاطمة ابنتي ، وأنت أخي ورفيقي» (١).
٢ ـ وروي : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله آخى بين أصحابه ، فبقي رسول الله وأبو بكر وعمر وعلي ، فآخى بين أبي بكر وعمر ، وقال لعليّ : «إنّما تركتك لنفسي ، أنت أخي وأنا أخوك ، فإنّ ذكرك أحد فقل : أنا عبد الله وأخو رسول الله ، لا يدّعيها بعدك إلّا كذّاب» (٢).
إثبات الحديث إمامة عليّ عليهالسلام
س : لا شكّ أنّ حديث المؤاخاة يُثبت أنّ عليّاً أخ رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ولكنّه لا يدلّ على
__________________
١ ـ المعجم الكبير ٥ / ٢٢١ ، نظم درر السمطين : ٩٤ ، الدرّ المنثور ٤ / ٣٧١ ، تاريخ مدينة دمشق ٢١ / ٤١٥ و ٤٢ / ٥٣.
٢ ـ ذخائر العقبى : ٦٦ ، نظر درر السمطين : ٩٥ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٥٢ و ٦١ ، جواهر المطالب ١ / ٧١.
إمامته عليهالسلام نصّاً.
إشكال طُرح ، يُرجى الردّ عليه ، جزاكم الله خيراً.
ج : إنّ النصّ من النبيّ صلىاللهعليهوآله على نوعين ، منه ما يدلّ بلفظه وصريحه على الإمامة ، ومنه ما يدلّ ـ فعلاً كان أو قولاً ـ بنوع من التنزيل عليها ، وحديث المؤاخاة من النوع الثاني.
لأنّ الغرض من مؤاخاة النبيّ صلىاللهعليهوآله للإمام علي عليهالسلام هو تعريف بمنزلة الإمام عليهالسلام ، وبيان فضله على غيره ؛ لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله كان يُؤاخي بين الرجل ونظيره ـ كما دلّت بعض الأخبار ـ فيكون أمير المؤمنين عليهالسلام هو النظير لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، كما جعلته آية المباهلة نفسه ، وذلك رمز لإمامته عليهالسلام ، ولذا احتجّ الإمام عليّ عليهالسلام بهذا الحديث يوم الشورى (١).
كما أشار رسول الله صلىاللهعليهوآله أيضاً إلى ذلك بقوله : «أنت أخي ووارثي» ، قال عليهالسلام : وما أرثك؟ قال : ما ورثت الأنبياء قبلي ؛ كتاب الله وسنّتي» (٢).
فإنّ عليّاً عليهالسلام إذا ورث مواريث الأنبياء كان من خلفائهم وإمام الأُمّة ، إذ ليس الإمام إلّا من كان كذلك.
ردّ العسقلانيّ على لتضعيف ابن تيمية له
س : يدّعي بعض المتعصّبين من أهل السنّة بطلان حديث المؤاخاة بين رسول الله صلىاللهعليهوآله وأمير المؤمنين عليهالسلام ، وعدم وجود سند صحيح لهذه الحادثة ، فماذا تردّون عليهم؟
__________________
١ ـ اُنظر : شرح نهج البلاغة ٦ / ١٦٧ ، ميزان الاعتدال ١ / ٤٤٢.
٢ ـ مفردات غريب القرآن : ٥١٩.
ج : إنّ القائل بضعف حديث المؤاخاة هو ابن تيمية في كتابه منهاج السنّة (١) ، ولكنّه كلام باطل جدّاً ، فللمؤاخاة أحاديث صحيحة كثيرة ، حتّى اعترف بذلك كبار العلماء الحفّاظ من أهل السنّة ، كابن حجر العسقلاني في فتح الباري (٢) ، وصرّح ببطلان كلام ابن تيمية ، وردّ عليه.
__________________
١ ـ منهاج السنّة ٧ / ٢٧٨.
٢ ـ فتح الباري ٧ / ٢١١.
حديث المنزلة
* دلالة الحديث على إمامة عليّ عليهالسلام ، ومصادره
* حديث المنزلة هو أحد الأدلّة الإمامة
دلالة الحديث على إمامة عليّ عليهالسلام ومصادره
س : ما هو حديث المنزلة؟ وهل يدلّ على إمامة أمير المؤمنين عليهالسلام؟
ج : هو قول رسول الله صلىاللهعليهوآله للإمام عليّ عليهالسلام :«أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلّا أنّه لا نبيّ بعدي» ، وهو من الأحاديث المتواترة ، فقد رواه جمهرة كبيرة من الصحابة ، ومصادره كثيرة ، نذكر منها من كتب أهل السنّة : صحيح البخاري (١) ، صحيح مسلم (٢) ، وغيرهما (٣).
ودلالته على ولاية عليّ عليهالسلام وإمامته بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله واضحة ، إذ إنّ هارون كان خليفة لموسى عليهالسلام ونبيّاً ، وقد أثبت رسول الله صلىاللهعليهوآله نفس المنزلة لعليّ عليهالسلام باستثناء النبوّة ، فدلّ ذلك على ثبوت الخلافة له عليهالسلام.
حديث المنزلة هو أحد أدلّة الإمامة
س : بالنسبة لحديث المنزلة ، يقول أهل السنّة : إنّ الرسول صلىاللهعليهوآله قاله فقط عندما خلّف
__________________
١ ـ صحيح البخاري ٤ / ٢٠٨ و ٥ / ١٢٩.
٢ ـ صحيح مسلم ٧ / ١٢٠.
٣ ـ السنن الكبرى للبيهقي ٩ / ٤٠ ، مسند أبي داود : ٢٨ ، المصنّف للصنعاني ٥ / ٤٠٦ و ١١ / ٢٢٦.
عليّاً بالمدينة في غزوة تبوك ، وهذا لا يدلّ على خلافته ، فما هو ردّكم؟
وثانياً : إنّ هارون لم يصبح خليفة لموسى ؛ لأنّه تُوفّي في زمنه ، بل أصبح يوشع بن نون ، فما هو ردّكم؟
ج : نعلمكم أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لم يقل حديث المنزلة مرّة واحدة ـ وذلك في غزوة تبوك ـ حتّى يرد الإشكال ، بل قاله عدّة مرّات ، وكرّره في عدّة مواطن ، ومن تلك المواطن :
١ ـ عند مؤاخاته لأمير المؤمنين عليهالسلام (١).
٢ ـ في خطبة غدير خم (٢).
٣ ـ في قضية فاطمة ابنة حمزة سيّد الشهداء (٣).
٤ ـ في حديث عن جابر في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآله (٤).
٥ ـ عند تسمية الإمام الحسن عليهالسلام ، عن أسماء بنت عميس : «... ثمّ قال صلىاللهعليهوآله لعلي : أيّ شيء سمّيت ابني؟ قال : ما كنت لاسبقك بذلك ، فقال : ولا أنا أسابق ربّي. فهبط جبرائيل عليهالسلام فقال : يا محمّد ، إنّ ربّك يقرئك السلام ويقول لك : عليّ منك بمنزلة هارون من موسى ، لكن لا نبيّ بعدك ...» (٥).
٦ ـ في حديث عن أُمّ سلمة (٦).
__________________
١ ـ المعجم الأوسط ٨ / ٤٠ ، المعجم الكبير ٥ / ٢٢١ و ١١ / ٦٣ ، الثقات ١ / ١٤٢ ، تاريخ مدينة دمشق ٢١ / ٤١٥ و ٤٢ / ٥٣ ، سير أعلام النبلاء ١ / ١٤٢ ، المناقب : ٣٩ و ١٤٠ و ١٥٢ الدرّ المنثور ٤ / ٣٧١.
٢ ـ المناقب : ٦١ ، ينابيع المودّة ٣ / ٢٧٨.
٣ ـ تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ١٧٠ و ١٨٦.
٤ ـ الجامع الكبير ٥ / ٣٠٤ ، كتاب السنّة : ٥٨٨ ، المعجم الكبير ٢ / ٢٤٧ ، تاريخ بغداد ٤ / ٥٦ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ١٣٩ و ١٧٦ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٧٨.
٥ ـ ذخائر العقبى : ١٢٠ ، نظم درر السمطين : ١٩٤.
٦ ـ مسند أبي يعلى ١٢ / ٣١٠ ، صحيح ابن حبّان ١٥ / ١٥ ، المعجم الكبير ١٢ / ١٥ ، موارد الظمآن : ٥٤٣ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٤٢ و ١٦٩ و ١٨١ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٧٨.
وموارد أُخرى. وعليه فالحديث يدلّ على خلافة وإمامة أمير المؤمنين عليهالسلام بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله.
كما ويُؤيّد أنّ الحديث يدلّ على إمامة عليّ عليهالسلام تمنّيات بعض أكابر الصحابة ، أن لو كانت له هذه الفضيلة ، كقول عمر : «في عليّ ثلاث خصال لأن يكون لي واحدة منهنّ أحبّ إليّ ممّا طلعت عليه الشمس» (١) ويذكر فضيلة المنزلة.
أو قول سعد بن أبي وقّاص لمعاوية بن سفيان : «لأن تكون لي واحدة منهن أحبّ إليّ من حمر النعم» (٢).
وبالنسبة إلى سؤالكم الثاني فنقول : إنّ المقصود من كون هارون خليفة لموسى عليهالسلام هو ما جاء في قوله تعالى : وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِح (٣).
فهذا مقام لهارون بأمرٍ من الله تعالى ، وقد نزّل نبيّنا عليّاً بهذه المنزلة من نفسه ، ومن المقطوع به أنّ هذا المعنى لم يرد في حقّ غير عليّ عليهالسلام من صحابة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ولذا ورد عن غير واحد منهم ـ كما مرّ ـ أنّه كان يتمنّى لو ورد هذا الحديث في حقّه عن النبيّ ، وثبتت له هذه المنزلة منه.
وأمّا الاستخلاف بمعنى القيام مقام النبيّ بعد الموت ، فهذا ممّا لم يثبت لهارون ؛ لموته قبل موسى وقد ثبت لعليّ لوجوده بعد الرسول الأعظم بحديث المنزلة ، وغيره من الأحاديث القطعية المتّفق عليها بين المسلمين.
وبعبارة أوضح : إنّ رتبة الوصاية كانت موجودة عند هارون ، ولكن لم يصل إليها
__________________
١ ـ تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٥٨ و ١٦٧ ، المناقب : ٥٥ ، جواهر المطالب ١ / ٢٩٦.
٢ ـ صحيح مسلم ٧ / ١٢٠ ، الجامع الكبير ٥ / ٣٠١ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٤٩٦ ، مسند سعد ابن أبي وقّاص : ٥١ ، كتاب السنّة : ٥٩٦ ، السنن الكبرى للنسائي ٥ / ١٠٨ و ١٢٣ و ١٤٤.
٣ ـ الأعراف : ١٤٢.
لطروّ المانع وهو الموت ، وأمّا في الإمام عليّ عليهالسلام فلعدم وجود المانع كانت الوصاية قد وصلت إلى مرحلة الفعلية بعد النبيّ صلىاللهعليهوآله.
وممّا يدلّ على هذا أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قد أخبر مسبقاً بأنّ النبوّة ليس لها اقتضاء في المقام ، فإن كانت الوصاية أيضاً هكذا ـ فرضاً غير محقّق ـ كان عليه صلىاللهعليهوآله أن يردفها بالنبوّة في جهة عدم الاقتضاء ، وهذا ممّا لم يصدر عنه صلىاللهعليهوآله قط.
وبالجملة : فإنّ الحديث يدلّ بدلالة قطعية على إمامة ووصاية أمير المؤمنين عليهالسلام.
حديث الثقلين
* مصادر الحديث في كتب أهل السنّة
* شمول الحديث لبقية الأئمّة عليهمالسلام غير أهل الكساء
مصادر الحديث في كتب أهل السنّة
س : لدي سؤال أرجو مساعدتي في الإجابة عليه ، جزاكم الله خير الجزاء : ما هي مصادر أهل السنّة التي أوردت الحديث الشريف : «خلّفت فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي» ، وما هي المصادر التي أوردت الحديث : «خلّفت فيكم الثقلين كتاب الله وسنّتي» بانتظار إجابتكم ، جزاكم الله خيراً.
ج : ذكرت مصادر أهل السنّة حديث الثقلين ، وفيه تارة لفظة : «كتاب الله وعترتي» ، وأُخرى لفظة : «كتاب الله ... وأهل بيتي» ، ومرّة ثالثة لفظة : «كتاب الله وسنّتي».
أمّا بلفظة : «كتاب الله وعترتي» : فقد روي عن زيد بن ثابت : «إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسّكتم بهما فلن تضلّوا بعدي أبداً» (١).
وأمّا بلفظة : «كتاب الله ... وأهل بيتي» : فقد روي عن زيد بن أرقم أنّه قال : «قام رسول الله صلىاللهعليهوآله يوماً فينا خطيباً بماء يدعى خماً بين مكّة والمدينة ، فحمد الله وأثنى عليه ، ووعظ وذكّر ، ثمّ قال : أمّا بعد ألا أيّها الناس ، فإنّما أنا بشر يوشك أن يأتي رسولُ ربّي
__________________
١ ـ فضائل الصحابة : ١٥ ، الجامع الكبير ٥ / ٣٢٨ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٤١٨ ، كتاب السنّة : ٣٣٧ و ٦٢٩ ، السنن الكبرى للنسائي ٥ / ٤٥ و ١٣٠ ، المعجم الكبير ٣ / ٦٦ و ٥ / ١٥٤ و ١٦٦ و ١٧٠ و ١٨٢ ، الطبقات الكبرى ٢ / ١٩٤.
فأُجيب ، وأنا تارك فيكم ثقلين : أوّلهما كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به. فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه ، ثمّ قال : وأهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي» (١).
وروي أيضاً عن زيد بن أرقم أنّه قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآله: إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي ، أحدهما أعظم من الآخر ، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، ولن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض ، فانظروا كيف تخلّفوني فيهما» (٢).
وأمّا بلفظة : «كتاب الله وسنّتي» ، فقد رواه مالك في الموطّأ عن ابن عباس ، والحاكم في المستدرك عن أبي هريرة ، وكلا سنديه لا تقوم بهما حجّة ، كما صرّح بذلك المحدّث السلفيّ الألبانيّ.
شمول الحديث لبقية الأئمّة عليهمالسلام غير أهل الكساء
س : مَن هم أهل البيت المقصودين في حديث الثقلين؟ وقد أتيتم بجواب عن حديث الكساء ، وأنّهم : النبيّ صلىاللهعليهوآله وعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام ، لكن كيف نثبت أنّ الذين في حديث الثقلين يشملهم الأئمّة عليهالسلام دون غيرهم من ذرّية النبيّ والإمام علي ، مثل زيد بن عليّ ، أو إسماعيل بن جعفر ، أو أيّ أحد آخر من ذرّية النبيّ صلىاللهعليهوآله؟
ج : إنّ اشتمال الحديث لباقي الأئمّة عليهمالسلام يظهر من النصوص التي جاءت في
__________________
١ ـ صحيح مسلم ٧ / ١٢٣ ، السنن الكبرى للبيهقي ٢ / ١٤٨ ، و ٧ / ٣٠ ، السنن الكبرى للنسائي ٥ / ٥١ ، صحيح ابن خزيمة ٤ / ٦٣ ، المعجم الكبير ٥ / ١٨٢ ، الجامع الصغير ١ / ٢٤٤ ، مسند أحمد ٤ / ٣٦٦ ، سنن الدارمي ٢ / ٤٣١.
٢ ـ الجامع الكبير ٥ / ٣٢٩ ، فضائل الصحابة : ١٥ ، مسند أحمد ٣ / ١٤ و ٢٧ و ٥٩ و ١٨٢.
التنصيص عليهم من قبل الرسول صلىاللهعليهوآله (١) ، وتصريح كلّ إمام على ما بعده من المعصومين عليهمالسلام (٢).
فعلى ضوء ما ذكرنا لا تشمل الإمامة الإلهيّة ـ بحسب الأدلّة المذكورة ـ أمثال زيد بن علي ، أو إسماعيل بن جعفر ـ مع جلالة قدرهما ـ أو أيّ شخص آخر ، عدا ما صرّح بأسمائهم في الآثار والروايات الصحيحة والمعتبرة.
__________________
١ ـ ينابيع المودّة ٣ / ٢٤٩ و ٢٨٤ و ٣٩٩ ، مناقب آل أبي طالب ١ / ٢٥٤ ، الهداية الكبرى : ٣٩ ، كفاية الأثر : ١٤٥.
٢ ـ الكافي ١ / ٢٩٢ ، دعائم الإسلام ٢ / ٣٤٨ ، من لا يحضره الفقيه ٤ / ١٨٩ ، تهذيب الأحكام ٩ / ١٧٦.
الغدير
* عيد من الأعياد الإسلامية
* الغدير أحد الأدلّة على إمامة عليّ عليهالسلام
عيد من الأعياد الإسلامية
س : هل للمسلمين عيدين فقط ، أم أكثر؟ وهل هناك أحاديث بأنّ صيام الغدير سنّة مؤكّدة؟ اذكروها إن أمكن ، ولكم جزيل الشكر.
ج : اتّفق المسلمون على وجود عيدين في الإسلام ؛ عيد الأضحى ، وعيد الفطر ، وتترتّب عليه بعض الأحكام الفقهية ، مثل حرمة الصيام فيهما.
أمّا مسألة صومه ، فهناك أحاديث كثيرة في فضله ، رويت من طرق الشيعة وأهل السنّة على السواء.
وإليك بعض ما روي في كتب السنّة :
عن أبي هريرة قال : «مَن صام يوم ثمان عشرة من ذي الحجّة ، كتب الله له صيام ستّين شهراً ، وهو يوم غدير خم ، لمّا أخذ النبيّ صلىاللهعليهوآله بيد عليّ بن أبي طالب فقال : ألست ولي المؤمنين؟
قالوا : بلى يا رسول الله ، فقال : مَن كنت مولاه فعليّ مولاه.
فقال عمر بن الخطّاب : بخ بخ لك يا بن أبي طالب ، أصبحت مولاي ومولى كلّ مسلم ، فأنزل الله تعالى : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ ...» (١).
__________________
١ ـ المائدة : ٣ ، شواهد التنزيل ١ / ٢٠٠ و ٢٠٣ ، تاريخ بغداد ٨ / ٢٨٤ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٢٣٣ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٨٦ ، المناقب : ١٥٦.