باقر شريف القرشي
المحقق: مهدي باقر القرشي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة الكوثر للمعارف الإسلامية
الطبعة: ٢
ISBN: 964-94388-6-3
الصفحات: ٢٧٧
ادعيته عليهالسلام
في بحر الاسبوع
وهام الإمام عليهالسلام بذكر الله تعالى وعبادته فكان في جميع أوقات حياته يلهج بحمده ودعائه ، وقد ذكرنا عرضا لأدعيته الجليلة كان يدعو بها في الليل والنهار ، وفي كلّ مناسبة مرّت عليه ، وبالإضافة لها فقد اثرت عنه أدعية خاصّة كان يدعو بها في بحر الاسبوع كان منها ما يلي :
دعاؤه عليهالسلام
يوم الجمعة
وقد ذكرناه في طليعة هذا الكتاب ، وقد حفل ببحوث كلامية عرضنا لشرحها وبيان بعضها.
دعاؤه عليهالسلام
يوم السبت
الحمد لله الّذي قرن رجائي بعفوه ، وفسح أملي بحسن تجاوزه وصفحه ، وقوّى متني وظهري وساعدي ويدي بما عرّفني من جوده وكرمه ، ولم يخلني مع مقامي على معصيته وتقصيري في طاعته ، وما يحقّ عليّ من اعتقاد خشيته ، واستشعار خيفته من تواتر مننه ، وتظاهر نعمه.
وسبحان الله الّذي يتوكّل كلّ مؤمن عليه ، ويضطرّ كلّ جاحد إليه ، ولا يستغني أحد إلاّ بفضل ما لديه.
ولا إله إلاّ الله المقبل على من أعرض عن ذكره ، والتّوّاب على من تاب إليه من عظيم ذنبه ، السّاخط على من قنط من واسع رحمته ويئس من عاجل روحه ، والله أكبر خالق كلّ شيء ومالكه ، ومبيد كلّ شيء ومهلكه.
والله أكبر كبيرا كما هو أهله ومستحقّه.
اللهمّ صلّ على محمّد عبدك ونبيّك ورسولك وأمينك وشاهدك التّقيّ النّقيّ ، وعلى آل محمّد الطّيّبين الطّاهرين.
اللهمّ إنّي أسألك سؤال معترف بذنبه ، نادم على اقتراف تبعته ، وأنت أولى من اعتمد وعفا ، وجاد بالمغفرة على من ظلم ، فقد أوبقتني الذّنوب في مهاوي الهلكة ، وأحاطت بي الآثام وبقيت غير مستقلّ بها ، وأنت المرتجى وعليك المعوّل في الشّدّة والرّخاء ، وأنت ملجأ الخائف الغريق ، وأرأف من كلّ شفيق ، وإليك قصدت سيّدي ، وأنت منتهى القصد للقاصدين ، وأرحم من استرحم في تجاوزك عن المذنبين.
اللهمّ أنت الّذي لا يتعاظمك غفران الذّنوب ، وكشف الكروب ، وأنت علاّم الغيوب ، وستّار العيوب ، وكشّاف الكروب ، لأنّك الباقي الرّحيم الّذي تسربلت بالرّبوبيّة ، وتوحّدت بالإلهيّة.
ومن بنود هذا الدعاء قوله :
إلهي أتقرّب إليك بسعة رحمتك الّتي وسعت كلّ شيء ، فقد ترى يا ربّ
مكاني ، وتطّلع على ضميري ، وتعلم سرّي ، ولا يخفى عليك أمري ، وأنت أقرب إليّ من حبل الوريد ، فتب عليّ توبة لا أعود بعدها فيما يسخطك ، واغفر لي مغفرة لا أرجع معها إلى معصيتك يا أكرم الأكرمين.
إلهي أنت الّذي أصلحت قلوب المفسدين ، فصلحت بإصلاحك إيّاها فاصلحني بإصلاحك ، وأنت الّذي مننت على الضّالّين فهديتهم برشدك عن الضّلالة ، وعلى الجاحدين عن قصدك فسدّدتهم ، وقوّمت منهم عثر الزّلل فمنحتهم محبّتك وجنّبتهم معصيتك ، وأدرجتهم درج المغفور لهم ، وأحللتهم محلّ الفائزين ، فأسألك يا مولاي أن تلحقني بهم يا أرحم الرّاحمين.
اللهمّ إنّي أسألك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد وأن ترزقني رزقا واسعا حلالا طيّبا في عافية ، وعملا يقرّب إليك يا خير مسئول.
اللهمّ وأتضرّع إليك ضراعة مقرّ على نفسه بالهفوات وأتوب إليك يا توّاب.
فلا تردّني خائبا من جزيل عطائك يا وهّاب ، فقديما جدت على المذنبين بالمغفرة ، وسترت على عبيدك قبيحات الفعال ، يا جليل ، يا متعال ، أتوجّه إليك بمن أوجبت حقّه عليك إذ لم يكن لي من الخير ما أتوجّه به إليك ، وحالت الذّنوب بيني وبين المحسنين ، وإذ لم يوجب لي عملي مرافقة النّبيّين فلا تردّ سيّدي توجّهي بمن توجّهت أتخذلني يا ربّ وأنت أملي ، أم تردّ يدي صفرا من العفو وأنت منتهى رغبتي ، يا من هو موجود معروف بالجود ، والخلق له عبيد وإليه مردّ الأمور ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ، وجد عليّ بإحسانك الّذي فيه الغنى عن القريب والبعيد والأعداء والإخوان والأخوات وألحقني بالّذين غمرتهم
بسعة تطوّلك وكرامتك لهم ، وتطوّلك عليهم ، وجعلتهم أطايب أبرارا أتقياء أخيارا ، ولنبيّك محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم في دارك جيرانا ، واغفر لي وللمؤمنين والمؤمنات مع الآباء والأمّهات والإخوة والأخوات يا أرحم الرّاحمين (١).
__________________
(١) الصحيفة العلوية : ٤٥٠ ـ ٤٥٥.
دعاؤه عليهالسلام
يوم الأحد
كان الإمام عليهالسلام يدعو بهذا الدعاء في يوم الأحد وهذا نصّه :
الحمد لله على حلمه وأناته ، والحمد لله على علمي بأنّ ذنبي وإن كبر صغير في جنب عفوه ، وجرمي وإن عظم حقير عند رحمته.
وسبحان الله الّذي رفع السّماوات بغير عمد ، وأنشأ جنّات المأوى بلا أمد ، وخلق الخلائق بلا ظهير ولا سند.
ولا إله إلاّ الله المنذر من عند عن طاعته ، وعتى عن أمره ، والمحذّر من لجّ في معصيته ، واستكبر عن عبادته ، والمعذر إلى من تمادى في غيّه وضلالته ، لتثبيت حجّته عليه ، وعلمه بسوء عاقبته.
والله أكبر الجواد الكريم الّذي ليس لقديم إحسانه ، وعظيم امتنانه على جميع خلقه نهاية ، ولا لقدرته وسلطانه على بريّته غاية.
اللهمّ صلّ على محمّد وعلى أهل بيته ، وبارك على محمّد وعلى أهل بيته كأفضل ما صلّيت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنّك حميد مجيد.
اللهمّ إنّي أسألك سؤال مذنب أوبقته معاصيه في ضيق المسالك ، وليس له مجير سواك ، ولا له أمل غيرك ، ولا مغيث أرأف به منك ، ولا معتمد يعتمد عليه غيرك ، أنت مولاي الّذي جدت بالنّعم قبل استحقاقها وأهّلتها بتطوّلك غير
مؤهّليها ، ولم يعزّك منع ، ولا أكداك إعطاء ولا أنفد سعتك سؤال ملحّ ، بل أردت أرزاق عبادك تطوّلا منك عليهم.
اللهمّ كلّت العبارة عن بلوغ مدحتك ، وهفت الألسن عن نشر محامدك وتفضّلك ، وقد تعمّدتك بقصدي إليك ، وإن أحاطت بي الذّنوب وأنت أرحم الرّاحمين ، وأكرم الأكرمين ، وأجود الأجودين ، وأنعم الرّازقين ، وأحسن الخالقين ، الأوّل والآخر ، والظّاهر والباطن ، أجلّ وأعزّ وأرأف من أن تردّ من أمّلك ورجاك ، وطمع فيما عندك ، فلك الحمد يا أهل الحمد.
إلهي إنّي جرت على نفسي في النّظر لها ، وسالمت الأيّام باقتراف الآثام ، وأنت وليّ الإنعام ذو الجلال والإكرام ، فما بقي إلاّ نظرك لها ، فاجعل مردّها منك بالنّجاح ، وأجمل النّظر منك لها بالفلاح ، فأنت المعطي النّفاح ذو الآلاء والنّعم والسّماح ، يا فالق الإصباح ، امنحها سؤلها وإن لم تستحقّ يا غفّار.
اللهمّ إنّي أسألك باسمك الّذي تمضي به المقادير ، وبعزّتك الّتي تتمّ به التّدابير أن تصلّي على محمّد وآله ، وترزقني رزقا واسعا حلالا طيّبا من فضلك وأن لا تحول بيني وبين ما يقرّبني منك يا حنّان يا منّان.
اللهمّ وأدرجني فيمن أبحت له من غفرانك وعفوك ورضاك ، وأسكنته جنانك برأفتك وطولك وامتنانك.
يا إلهي أنت أكرمت أولياءك بكرامتك فأوجبت لهم حياطتك ، وأظللتهم برعايتك من التّتابع في المهالك ، وأنا عبدك فأنقذني ، وألبسني العافية ، وإلى طاعتك فمل بي ، وعن طغيانك ومعاصيك فردّني ، فقد عجّت إليك الأصوات
بضروب اللّغات يسألونك الحاجات الّتي ترتجى لمحق العيوب وغفران الذّنوب يا علاّم الغيوب.
اللهمّ إنّي أستهديك فاهدني ، وأعتصم بك فاعصمني ، وأدّ عنّي حقوقك عليّ إنّك أهل التّقوى وأهل المغفرة ، واصرف عنّي شرّ كلّ ذي شرّ إلى خير ما لا يملكه أحد سواك ، واحتمل عنّي مفترضات حقوق الآباء والأمّهات ، واغفر لي وللمؤمنين والمؤمنات والإخوة والأخوات والقرابات يا وليّ البركات وعالم الخفيّات (١).
__________________
(١) الصحيفة العلوية : ٤٥٥ ـ ٤٥٩.
دعاؤه عليهالسلام
في يوم الاثنين
وكان الإمام عليهالسلام يدعو بهذا الدعاء في يوم الاثنين ، وهو :
الحمد لله الّذي هداني للإسلام ، وأكرمني بالإيمان ، وبصّرني في الدّين ، وشرّفني باليقين ، وعرّفني الحقّ الّذي عنه يؤفكون ، والنّبإ العظيم الّذي هم فيه مختلفون.
وسبحان الله الّذي يرزق القاسط والعادل ، والعاقل والجاهل ، ويرحم السّاهي والغافل ، فكيف الدّاعي السّائل.
ولا إله إلاّ الله اللّطيف بمن شرد عنه من مسرفي عباده ليرجع عن عتوّه وعناده ، الرّاضي من المنيب المخلص بدون الوسع والطّاقة.
والله أكبر الحليم العليم ، الّذي له في كلّ صنف من غرائب فطرته ، وعجائب صنعته آية بيّنة توجب له الرّبوبيّة ، وعلى كلّ نوع من غوامض تقديره وحسن تدبيره دليل واضح ، وشاهد عدل يقضيان له بالوحدانيّة.
اللهمّ إنّي أسألك يا من يصرف البلايا ، ويعلم الخفايا ، ويجزل العطايا ، سؤال نادم على اقتراف الآثام ، وسالم على المعاصي من اللّيالي والأيّام ؛ إذ لم يجد مجيرا سواك لغفرانها ، ولا موئلا يفزع إليه لارتجاء كشف فاقته إلاّ إيّاك يا جليل ، الّذي عمّ الخلائق منّك ، وغمرتهم سعة رحمتك ، وسوّغتهم سوابغ
نعمتك ، يا كريم المآب ، والجواد الوهّاب ، والمنتقم ممّن عصاه بأليم العذاب ، دعوتك مقرّا بالإساءة على نفسي ، إذ لم أجد ملجا ألجأ إليه في اغتفار ما اكتسبت من الآثام ، يا خير من استدعي لبذل الرّغائب ، وأنجح مأمول لكشف اللّوازب ، لك عنت الوجوه فلا تردّني منك بالحرمان ، إنّك تفعل ما تشاء ، وتحكم ما تريد.
إلهي وسيّدي ومولاي ، أيّ ربّ أرتجيه ، أم أيّ إله أقصده ، إذا ألمّ بي النّدم ، وأحاطت بي المعاصي ، ونكائب خوف النّقم ، وأنت وليّ الصّفح ، ومأوى الكرم؟
إلهي أتقيمني مقام التّهتّك وأنت جميل السّتر ، وتسألني عن اقترافي للسّيّئات على رءوس الأشهاد ، وقد علمت مخبيّات السّرّ ، فإن كنت يا إلهي مسرفا على نفسي ، مخطئا عليها ، بانتهاك الحرمات ، ناسيا لما اجترمت من الهفوات ، فأنت لطيف تجود على المسرفين برحمتك ، وتتفضّل على الخاطئين بكرمك ، فارحمني يا أرحم الرّاحمين ، فإنّك تسكّن يا إلهي بتحنّنك روعات قلوب الوجلين ، وتحقّق بتطوّلك أمل الآملين ، وتفيض سجال عطاياك على غير المستأهلين ، فآمنّي برجاء لا يشوبه قنوط ، وأمل لا يكدّره يأس ، يا محيطا بكلّ شيء علما.
وقد أصبحت سيّدي وأمسيت على باب من أبواب منحك سائلا ، وعن التّعرّض لسواك بالمسألة عادلا ، وليس من جميل امتنانك ردّ سائل مأسور ملهوف ، ومضطرّ لانتظار خيرك المألوف.
إلهي أنت الّذي عجزت الأوهام عن الإحاطة بك ، وكلّت الألسن عن نعت
ذاتك ، فبآلائك وطولك صلّ على محمّد وآل محمّد ، واغفر لي ذنوبي ، وأوسع عليّ من فضلك الواسع رزقا واسعا حلالا طيّبا في عافية ، وأقلني العثرة يا غاية الآملين ، وجبّار السّماوات والأرضين ، والباقي بعد فناء الخلق أجمعين ، وديّان يوم الدّين ، وأنت يا مولاي ثقة من لم يثق بنفسه لافراط خلله ، وأمل من لم يكن له تأميل لكثرة زلله ، ورجاء من لم يرتج لنفسه بوسيلة عمله.
إلهي فأنقذني برحمتك من المهالك ، ونجّني يا مولاي من ضيق المسالك ، وأحللني دار الأخيار ، واجعلني مرافق الأبرار ، واغفر لي ذنوب اللّيل والنّهار ، يا مطّلعا على الأسرار ، واحتمل عنّي مولاي أداء ما افترضت عليّ للآباء والأمّهات ، والإخوان والأخوات بلطفك وكرمك يا ذا الجلال والإكرام ، وأشركنا في دعاء من استجبت له من المؤمنين والمؤمنات إنّك عالم جواد كريم وهّاب ، وصلّى الله على محمّد وآله وسلّم تسليما (١).
__________________
(١) الصحيفة العلوية : ٤٦٠ ـ ٤٦٤.
دعاؤه عليهالسلام
في يوم الثلاثاء
كان إمام المتّقين عليهالسلام يدعو الله تعالى بهذا الدعاء في يوم الثلاثاء :
الحمد لله الّذي منّ عليّ باستحكام المعرفة والإخلاص بالتّوحيد له ، ولم يجعلني من أهل الغواية والغباوة والشّك والشّرك ، ولا ممّن استحوذ الشّيطان عليه فأغواه وأضلّه ، واتّخذ إلهه هواه.
وسبحان الله الّذي يجيب المضطرّ ، ويكشف الضّرّ ، ويعلم السّرّ ، ويملك الخير والشّرّ.
ولا إله إلاّ الله الّذي يحلم عن عبده إذا عصاه ، ويتلقّاه بالإسعاف والتّلبية إذا دعاه.
والله أكبر ، البسيط ملكه ، المعدوم شركه ، المجيد عرشه ، الشّديد بطشه.
اللهمّ إنّي أسألك سؤال من لم يجد لسؤاله مسئولا سواك ، وأعتمد عليك اعتماد من لم يجد لاعتماده معتمدا غيرك لأنّك الأوّل الّذي ابتدأت الابتداء فكوّنته بأيدي تلطّفك فاستكان على مشيّتك منشأ كما أردت بإحكام التّقدير ، وأنت أعزّ وأجلّ من أن تحيط العقول بمبلغ وصفك ، أنت العالم الّذي لا يعزب عنك مثقال ذرّة في الأرض والسّماء ، والجواد الّذي لا يبخّلك إلحاح الملحّين ، فإنّما أمرك لشيء إذا أردته أن تقول له كن فيكون ، أمرك ماض ، ووعدك حتم ،
وحكمك عدل ، لا يعزب عنك شيء ، وإليك مردّ كلّ شيء ، احتجبت بآلائك فلم تر ، وشهدت كلّ نجوى ، وتعاليت على العلى ، وتفرّدت بالكبرياء ، وتعزّزت بالقدرة والبقاء ، فلك الحمد في الآخرة والأولى ، ولك الشّكر في البدء والعقبى ، أنت إلهي حليم قادر ، رءوف غافر ، وملك قاهر ، ورازق بديع ، مجيب سميع ، بيدك نواصي العباد ونواحي البلاد ، حيّ قيّوم ، جواد ماجد ، كريم رحيم.
أنت إلهي المالك الّذي ملكت الملوك فتواضع لهيبتك الأعزّاء ، ودانت لك بالطّاعة الأولياء ، فاحتويت بإلهيّتك على المجد والثّناء ، ولا يؤودك حفظ خلقك ، وأنت علاّم الغيوب ، سترت عليّ عيوبي وأحصيت عليّ ذنوبي ، وأكرمتني بمعرفة دينك ، ولم تهتك عنّي جميل سترك يا حنّان ، ولم تفضحني يا منّان ، أسألك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن توسّع عليّ من فضلك الواسع رزقا حلالا طيّبا ، وأن تغفر لي ذنوبا حالت بيني وبينك باقترافي لها فأنت أهل أن تجود عليّ بسعة رحمتك ، وتنقذني من أليم عقوبتك ، وتدرجني درج المكرمين ، وتلحقني مولاي بالصّالحين مع الّذين تتوفّاهم الملائكة طيّبين يقولون : سلام عليكم ادخلوا الجنّة بما كنتم تعملون ، بصفحك وتغمّدك يا رءوف يا رحيم.
يا ربّ وأسألك الصّلاة على محمّد وآل محمّد ، وأن تحتمل عنّي واجب الآباء والأمّهات وأدّ حقوقهم عنّي ، وألحقني معهم بالأبرار والمؤمنين والمؤمنات ، وأغفر لي ولهم جميعا إنّك حميد مجيد وصلّى الله على محمّد وآله أجمعين (١).
__________________
(١) الصحيفة العلوية : ٤٦٤ ـ ٤٦٨.
دعاؤه عليهالسلام
في يوم الأربعاء
من أدعية الإمام عليهالسلام في يوم الأربعاء هذا الدعاء :
الحمد لله الّذي مرضاته في الطّلب إليه ، والتماس ما لديه ، وسخطه في ترك الإلحاح في المسألة عليه.
وسبحان الله شاهد كلّ نجوى بعلمه ، والمباين لكلّ ذي جسم بنفسه ، ولا إله إلاّ الله الّذي لا يدرك بالعيون والأبصار ، ولا يجهل بالعقول والألباب ، ولا يخلو من الضّمير ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصّدور.
والله أكبر المتجلّل عن صفات المخلوقين ، المطّلع على ما في قلوب الخلائق أجمعين.
اللهمّ إنّي أسألك سؤال من لا يملّ دعاء ربّه ، وأتضرّع إليك تضرّع غريق يرجو كشف كربه ، وأبتهل إليك ابتهال تائب من ذنوبه وخطاياه ، وأنت الرّءوف الّذي ملكت الخلائق كلّهم ، وفطرتهم أجناسا مختلفات الألوان والأقدار على مشيّتك ، وقدّرت آجالهم وأرزاقهم ، فلم يتعاظمك خلق خلق حتّى كوّنته كما شئت فتعاليت وتجبّرت عن اتّخاذ وزير ، وتعزّزت من مؤامرة شريك ، وتنزّهت عن اتّخاذ الأبناء ، وتقدّست عن ملامسة النّساء ، فليست الأبصار بمدركة لك ، ولا الأوهام بواقعة عليك ، وليس لك شريك ولا ندّ ، ولا عديل ولا نظير ،
أنت الفرد الواحد الدّائم ، الأوّل والآخر ، والعالم الأحد ، الصّمد القائم ، الّذي لم تلد ولم تولد ، ولم يكن لك كفوا أحد ، لا توصف بوصف ، ولا تدرك بوهم ، ولا يغيّرك في مرّ الدّهور صرف ، كنت أزليّا لم تزل ، ولا تزال ، وعلمك بالأشياء في الخفاء كعلمك بها في الإجهار والإعلان ، فيا من ذلّت لعظمته العظماء ، وخضعت لعزّته الرّؤساء ، ومن كلّت عن بلوغ ذاته ألسن البلغاء ، ومن أحكم تدبير الأشياء ، واستعجمت عن إدراكه عبارة علوم العلماء.
يا سيّدي أتعذّبني بالنّار وأنت أملي ، أو تسلّطها عليّ بعد إقراري لك بالتّوحيد ، وخضوعي وخشوعي لك بالسّجود ، أو تلجلج لساني في الموقف ، وقد مهّدت لي بمنّك سبل الوصول إلى التّسبيح والتّحميد والتّمجيد ، فيا غاية الطّالبين ، وأمان الخائفين ، وعماد الملهوفين ، وغياث المستغيثين ، وجار المستجيرين ، وكاشف ضرّ المكروبين ، وربّ العالمين ، وأرحم الرّاحمين ، صلّ على محمّد وآل محمّد ، وتب عليّ وألبسني العافية ، وارزقني من فضلك رزقا واسعا ، واجعلني من التّوّابين.
اللهمّ إن كنت كتبتني شقيا عندك فإنّي أسألك بمعاقد العزّ من رحمتك ، وبالكبرياء والعظمة الّتي لا يقاومها متكبّر ولا عظيم أن تصلّي على محمّد وآل محمّد ، وأن تحوّلني سعيدا ، فإنّك تجري الأمور على إرادتك ، وتجير ولا يجار عليك ، وأنت على كلّ شيء قدير ، وأنت الرّءوف الرّحيم الخبير ، تعلم ما في نفسي ، ولا أعلم ما في نفسك ، إنّك أنت علاّم الغيوب فالطف بي ، فقديما لطفت بمسرف على نفسه فامنن عليّ فقد مننت على غريق في بحور خطيئته
هائما أسلمته للحتوف كثرة زلله ، وتطوّل عليّ يا متطوّلا على المذنبين بالصّفح والعفو ، فإنّك لم تزل آخذا بالفضل على الخاطئين ، والصّفح على العاثرين ، ومن وجب له باجترائه على الآثام حلول دار البوار ، يا عالم الخفيّات والأسرار ، يا جبّار يا قهّار ، وما ألزمتنيه مولاي من فرض الآباء والأمّهات وواجب حقوقهم مع الإخوان والأخوات فاحتمل ذلك عنّي إليهم وأدّه يا ذا الجلال والإكرام ، واغفر للمؤمنين والمؤمنات إنّك على كلّ شيء قدير (١).
__________________
(١) الصحيفة العلوية : ٤٦٨ ـ ٤٧٢.
دعاؤه عليهالسلام
في يوم الخميس
وكان من أدعيته الجليلة في يوم الخميس هذا الدعاء :
الحمد لله الّذي له في كلّ نفس من الأنفاس ، وخطرة من الخطرات منّا منن لا تحصى ، وفي كلّ لحظة من اللّحظات نعم لا تنسى ، وفي كلّ حال من الحالات عائدة لا تخفى.
وسبحان الله الّذي يقهر القويّ ، وينصر الضّعيف ، ويجبر الكسير ، ويغني الفقير ، ويقبل اليسير ، ويعطي الكثير ، وهو على كلّ شيء قدير.
ولا إله إلاّ الله السّابغ النّعمة ، البالغ الحكمة ، الدّامغ الحجّة ، الواسع الرّحمة ، المانح العصمة.
والله أكبر ذو السّلطان المنيع ، والبنيان الرّفيع ، والإنشاء البديع ، والحساب السّريع.
وصلّى الله على محمّد خير النّبيّين وآله الطّاهرين ، وسلّم تسليما.
اللهمّ إنّي أسألك سؤال الخائف من وقفة الموقف ، الوجل من العرض ، المشفق من الخشية لبوائق القيامة ، المأخوذ على الغرّة ، النادم على خطيئته ، المسئول المحاسب ، المثاب المعاقب ، الّذي لم يكنّه مكان عنك ، ولا وجد مفرّا إلاّ إليك ، متنصّلا ملتجئا من سيّئ عمله ، مقرّا بعظم ذنوبه ، قد أحاطت به
الهموم ، وضاقت عليه رحائب التّخوم ، موقن بالموت ، مبادر بالتّوبة قبل الفوت ، إن مننت بها عليه وعفوت ، فأنت إلهي ورجائي إذا ضاق عنّي الرّجاء ، وملجئي إذا لم أجد فناء للالتجاء ، توحّدت يا سيّدي بالعزّ والعلاء ، وتفرّدت بالوحدانيّة والبقاء ، وأنت المتعزّز المتفرّد بالمجد ، فلك ربّي الحمد لا يواري منك مكان ، ولا يغيّرك دهر ولا زمان ، ألّفت بلطفك الفرق ، وفلقت بقدرتك الفلق ، وأنرت بكرمك دياجي الغسق ، وأجريت المياه من الصّمّ الصّياخيد عذبا واجاجا ، وأنهرت من المعصرات ماء ثجّاجا ، وجعلت الشّمس للبريّة سراجا وهّاجا ، والقمر والنّجوم أبراجا ، من غير أن تمارس فيما ابتدأت لغوبا ولا علاجا ، وأنت إله كلّ شيء وخالقه ، وجبّار كلّ مخلوق ورازقه ، فالعزيز من أعززت ، والذّليل من أذللت ، والسّعيد من أسعدت ، والشّقيّ من أشقيت ، والغنيّ من أغنيت ، والفقير من أفقرت ، أنت وليّي ومولاي وعليك رزقي ، وبيدك ناصيتي ، فصلّ على محمّد وآل محمّد وافعل بي ما أنت أهله ، وعد بفضلك على عبد قد غمره جهله ، واستولى عليه التّسويف حتّى سالم الأيّام ، فارتكب المحارم والآثام ، فاجعلني سيّدي عبدا يفزع إلى التّوبة ، فإنّها مفزع المذنبين ، وأغنني بجودك الواسع عن المخلوقين ، ولا تحوجني إلى شرار العالمين ، وهب لي عفوك في موقف يوم الدّين ، فإنّك أرحم الرّاحمين ، وأجود الأجودين ، وأكرم الأكرمين ، يا من له الأسماء الحسنى ، والأمثال العليا ، وجبّار السّماوات والأرضين ، إليك قصدت راجيا فلا تردّ يدي عن سنيّ مواهبك صفرا ، إنّك جواد مفضال ، يا رءوفا بالعباد ، ومن هو لهم بالمرصاد ، أسألك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد وأن تجزل
ثوابي ، وتحسن مآبي ، وتستر عيوبي ، وتغفر ذنوبي ، وتنقذني مولاي بفضلك من أليم العقاب ، إنّك جواد كريم وهّاب ، فقد ألقتني السّيّئات والحسنات بين ثواب وعقاب ، وقد رجوتك أن تكون بلطفك تتغمّد عبدك المقرّ بفوادح العيوب بجودك وكرمك يا غافر الذّنوب ، وتصفح عن زلله فليس لي يا سيّدي ربّ أرتجيه غيرك ، ولا إله أسأله جبر فاقتي ومسكنتي سواك ، فلا تردّني منك بالخيبة ، يا مقيل العثرات ، وكاشف الكربات.
إلهي فسرّني فإنّي لست بأوّل من سررته يا وليّ النّعم ، وشديد النّقم ، ودائم المجد والكرم ، واخصصني منك بمغفرة لا يقارنها شقاء ، وسعادة لا يدانيها أذى ، وألهمني تقاك ومحبّتك ، وجنّبني موبقات معصيتك ، ولا تجعل للنّار عليّ سلطانا ، إنّك أهل التّقوى وأهل المغفرة ، وقد دعوتك ، وتكفّلت بالإجابة فلا تخيّب سائلك ، ولا تخذل طالبك ، ولا تردّ آملك ، يا خير مأمول ، وأسألك برأفتك ورحمتك وفردانيّتك وربوبيّتك ، يا من هو على كلّ شيء قدير ، وبكلّ شيء محيط ، فاكفني ما أهمّني من أمر دنياي وآخرتي ، فإنّك سميع الدّعاء ، لطيف لما تشاء ، وأدرجني درج من أوجبت له حلول دار كرامتك مع أصفيائك ، وأهل اختصاصك ، بجزيل مواهبك في درجات جنّاتك مع الّذين أنعمت عليهم من النّبيّين والصّدّيقين والشّهداء والصّالحين ، وحسن اولئك رفيقا ، وما افترضت عليّ فاحتمله عنّي إلى من أوجبت حقوقه من الآباء والأمّهات ، والإخوة والأخوات ، واغفر لي ولهم مع المؤمنين والمؤمنات إنّك قريب مجيب واسع البركات ، وذلك عليك يسير يا أرحم الرّاحمين ، وصلّى الله
على محمّد النّبيّ وآله وسلّم تسليما (١).
هذه بعض أدعيته الخاصّة في أيام الاسبوع ، ونقل الرواة عنه أبياتا من الشعر نظمها في خصوصيات تلك الأيام وهي :
أرى الأحد
المبارك يوم سعد |
|
لغرس العود يصلح
والبناء |
وفي الإثنين
للتّعليم أمن |
|
وبالبركات يعرف
والرّخاء |
وإن رمت الحجامة
في الثّلاثا |
|
فذاك اليوم
إهراق الدّماء |
وإن أحببت أن
تسقى دواء |
|
فنعم اليوم يوم
الأربعاء |
وفي يوم الخميس
طلاب رزق |
|
لإدراك الفوائد
والغناء |
ويوم الجمعة
التّزويج فيه |
|
ولذّات الرّجال
مع النّساء |
ويوم السّبت إن
سافرت فيه |
|
وقيت من المكاره
والعناء (٢) |
ونقف موقف المتأمّل في هذا الشعر لأنّ الأيام تتساوى في كثير من الآثار الوضعية ، اللهمّ إلاّ أن تكون قد وردت روايات صحيحة السند بها ، فنتعبّد بها ، كما أنّا نقف موقفا لا يتّسم بالتصديق والإذعان لبعض الأدعية لأنّ الركة وعدم الفصاحة بادية عليها ، وهي لا تتّفق بحال مع بلاغة أمير البيان الذي كان كلامه من مناجم الأدب العربي.
__________________
(١) الصحيفة العلوية : ٤٧٢ ـ ٤٧٨.
(٢) العقد المفصّل ٩ : ٧٠٢ ، ورويت في نزهة الجليس ١ : ٢٥١. مصباح الكفعمي إلاّ أنّها ذكرت في الديوان المنسوب إلى الإمام عليهالسلام بصورة أخرى.