الشيخ علي كاشف الغطاء
الموضوع : الفقه
الناشر: دار الزهراء للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٢٨٦
وثانيهما الفرقة الزيدية. أما الفرقة الجعفرية فهم اتباع الإمام جعفر الصادق وسميت بالجعفرية نسبة للإمام جعفر الصادق عليهالسلام.
وهي التي تقول بامامة علي عليهالسلام بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بلا فصل وبعده ابنه الحسن عليهالسلام ثمّ اخوه الحسين عليهالسلام ثمّ ابن الحسين علي عليهالسلام ثمّ محمد الباقر عليهالسلام ثمّ جعفر بن محمد الصادق عليهالسلام المولود سنة ٨٣ ه والمتوفي سنة ١٤٨ ه.
وجه التسمية بالجعفرية
وإنما نسبت هذه الفرقة للإمام جعفر دون باقي الأئمة عليهمالسلام بسبب كثرة نشره عليهالسلام لهذا المذهب أكثر بكثير من باقي ائمة هذا المذهب حتى نهل من معين معدنه عليهالسلام مثل أبو حنيفة وأمثاله كما ذكره تهذيب التهذيب والاسعاف للسيوطي وروى عنه مالك في الموطأ وأطرى عليه كما هو المحكي عن شرح الزرقاني على الموطأ وتاريخ القضاء في الإسلام.
الفرصة التي أتاحت للصادق عليهالسلام نشر مذهب التشييع
ولا ريب أن الفرصة قد أتاحت له بسط الأحكام الشرعية لأنه كان عليهالسلام في أواخر الدولة الأموية وأوائل الدولة العباسية الزمن الذي انتقلت به الخلافة من الأمويين إلى العباسيين وكانت الكوفة هي مركز الانتقال حيث تمت بها البيعة للسفاح والسلطة الزمنية مشغولة بنفسها عن السلطة الدينية مما أوجب أن ينفسح
للإمام الصادق عليهالسلام المجال لبسط الأحكام الشرعية ونشر المعارف الإلهية والأخلاق الإسلامية وتربية رهط كثير من طلاب المعارف الدينية.
تلاميذ الإمام الصادق عليهالسلام
وهذا الحسن بن علي الوشاء يقول لابن عيسى القمي إني أدركت في مسجد الكوفة تسعمائة شيخ كل يقول حدثني جعفر بن محمد عليهالسلام. وهذا أبان بن تغلب وهو أحد القراء المشهورين يروي عن الصادق عليهالسلام ثلاثين ألف حديثاً.
الصادق عليهالسلام المؤسس الأول للمدارس الفلسفية في الإسلام
وعن تأريخ العرب لمير علي أن الإمام الصادق عليهالسلام يعتبر في الواقع أول من أسس المدارس الفلسفية المشهورة في الإسلام ولم يكن يحضر حركته العلمية أولئك الذين أصبحوا مؤسسي المذاهب فحسب بل كان يحضرها طلاب الفلسفة والمتفلسفون من الأنحاء العامة.
وقد تواتر النقل بأن الرواة عنه قد بلغوا أربعة آلاف رجل.
اعتبار المذهب الجعفري مذهباً خامساً
وفي الآونة الأخيرة اعتبر مذهباً خامساً للمذاهب السنية الأربعة وقرر تدريسه في جامعة الأزهر وفي معهد الدراسات العربية العالية.
وفي الصواعق المحرقة لابن حجر أن الصادق نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان وانتشر صيته في جميع البلدان.
وروى عنه الأئمة الأكابر كيحيى بن سعيد وابن جريح ومالك والسفيانيين وأبي حنيفة وأيوب السختياني.
الغريب من البخاري
ومن الغريب أن البخاري لم يرو عنه شيئاً.
وفي ميزان الاعتدال للذهبي ان التشيع كثر في التابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق فلو ردَّ حديث هؤلاء لذهبت جميع الآثار النبوية.
وفي الموطأ لمالك تجد الرواية الكثيرة عن فقهاء الشيعة كالقاسم وسعيد بن المسيب وابن جبير.
كما أن الكثير من فقهاء السنة ومحدثيهم قد رووا عن الأئمة عليهمالسلام فقد روى الزهري ومالك ومحمد بن إسحاق والسفيانيان وابن أبي ليلى والطبري والبلاذري وابن سعد وابن حنبل الشيء الكثير من أخبارهم عليهمالسلام.
انقسام الجعفرية
وقد انقسمت الفرقة الامامية الجعفرية إلى عدة أقسام إلا أن الذي قدر له البقاء قسمان : القسم الأول هو الفرقة الاثنا عشرية وهي المنتشرة في الآفاق وسميت بذلك لذهابها إلى أن الأئمة اثنا عشر من قريش واحداً بعد واحد بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
صحاح السنة تذكر ان بعد رسول الله يتولى الأمر اثنا عشر اميراً
كما يظهر ذلك من الصحاح كالبخاري في الجزء الرابع صحيفة ١٥٨ واحمد بن حنبل في الجزء الخامس صحيفة ٨٧ والترمذي في الفتن صحيفة ٤٦.
وقد كان لفقهاء الامامية الاثني عشرية من التصنيف فيما يخص علم الفقه أنواع وأقسام.
أنواع تصانيف الشيعة الاثني عشرية في الفقه
أحدها ويسمى بالأصول والجوامع ككتب الأخبار التي ألفت في زمن الأئمة الاثني عشر في الأحاديث المروية عن طريق أهل البيت.
مقدار كتب الأصول
وهي تزيد على ستمائة وستون ألف كتاباً كما في الفائدة الرابعة من كتاب الوسائل وقد عرض منها على الأئمة عليهمالسلام ككتاب يونس بن عبد الرحمن حيث عرض على الإمام العسكري عليهالسلام وككتاب عبيد الله بن أبي سعيد على الإمام الصادق عليهالسلام وككتاب الفضل بن شاذان على العسكري عليهالسلام وقد اشتهر كتاب حريز عندهم.
الاعتبار من موضع كتب الأصول
وقد كان موضع الاعتبار والأهمية منها أربعمائة كتابٍ سميت في ألسنة الفقهاء بالأصول الأربعمائة ويوجد الكثير منها في مكاتب النجف إلا أن تدوين أكثرها إلا ما شذ لم يكن مرتباً على أبواب الفقه إذ أن أربابها كانوا يكتبون كل ما يسمعون من الأئمة بحسب الزمن لا بحسب أبواب الفقه.
المرجع لكتب الصحاح الأربعة وتعدادها
وقد كانت هي الأساس والمرجع لتدوين الكتب الأربعة المسماة بالصحاح الأربعة والجوامع الأربعة وهي الكتب الأربعة التي كان تدوينها حسب أبواب الفقه.
التعريف بكتاب الكافي
أولها كتاب الكافي للشيخ أبي جعفر محمد الكليني المتوفي سنة ٣٢٩ ه وهو يشتمل حسبما حكاه بعض الثقات على (١٦١٩٩) حديثاً في الأصول والفروع مع أن أحاديث البخاري بحذف المكرر (٤٠٠٠) ومثله صحيح مسلم بحذف المكرر. وأحاديث الموطأ وسنن الترمذي والنسائي لا تبلغ عدد صحيح مسلم.
التعريف بكتاب من لا يحضره الفقيه
وثانيها كتاب من لا يحضره الفقيه للشيخ أبي جعفر الصدوق محمد بن علي الحسين القمي المتوفي سنة ٣٨١ ه ويشتمل حسبما نقله الثقات على (٥٩٦٣) حديثاً.
التعريف بكتاب مدينة العلم
وكان له كتاب في الأخبار سماه بمدينة العلم اكبر من كتابه هذا كان موجوداً إلى زمان الشهيد الأول ثمّ فقد ولم يعثر عليه رغم كثرة التحريات عنه.
التعريف بكتاب التهذيب والاستبصار
وثالثها ورابعها كتاب التهذيب المشتمل على ما ذكره الثقات على (١٣٥٩٠) حديثاً للشيخ الطوسي رحمهالله المتوفي سنة ٤٦٠ ه. وكتاب الاستبصار المشتمل على ما ذكره الثقات على (٥٥١١) حديثاً أيضاً للشيخ الطوسي رحمهالله وكلها مطبوعة بعدة طبعات ولها شروح مطبوعة.
التعريف بكتاب الوافي
وسيجيء إن شاء الله ان ملا محسن الفيض الكاشاني المتوفي سنة ١٠٩١ ه قد جمع روايات هذه الكتب الأربعة حسب أبواب الفقه وشرح أحاديثها شرحاً وافياً في كتاب سماه الوافي قد طبع في إيران.
التعريف بالوسائل
ثمّ جاء محمد الحر العاملي المتوفي سنة ١١٠٤ ه فجمع روايات هذه الكتب الأربعة مع زيادة من كتب أخرى كانت موضع اعتماده ورتبها حسب أبواب الفقه وسماه بكتاب الوسائل طبع عدة مرات.
التعريف بالمستدرك
ثمّ جاء محمد حسين النوري المتوفي سنة ١٣٢٠ ه فاستدرك على كتاب الوسائل المذكور ما فات صاحبه وأسماه بالمستدرك قد طبع اكثر من مرة. وقد توفرت كتب الأخبار وتوسعت عند الشيعة وتيسرت.
التعريف بالبحار
فقد كان المرحوم محمد باقر المجلسي المتوفي سنة ١١١٠ ه قد ألف موسوعته الكبرى في الأخبار في ستة وعشرين مجلداً سماها بالبحار طبعت غير مرة
. النوع الثاني من المصنفات الفقهية
النوع الثاني : ما جمعت فيه نصوص الأخبار بألفاظها
بحذف أسانيدها مرتبة على أبواب الفقه والموجود عندي منها مطبوعاً المقنع للصدوق رحمهالله والهداية له رحمهالله والمقنعة للمفيد رحمهالله والنهاية للشيخ الطوسي رحمهالله وكان بعض الأصحاب إذا أعوزتهم النصوص رجعوا إليها.
النوع الثالث من المصنفات الفقهية
النوع الثالث : ما جمعت فيه نصوص الأخبار من غير التزام بألفاظها مع إسقاط أسانيدها مرتبة على أبواب الفقه والموجود لدي منها المراسم لأبي يعلى والوسيلة للشيخ أبي جعفر والكافي لأبي صلاح.
النوع الرابع من المصنفات الفقهية
النوع الرابع : ما جمعت فيه القواعد الشرعية كقواعد الشهيد وقواعد جدنا الشيخ جعفر كاشف الغطاء المطبوعة في إيران. النوع الخامس من المصنفات الفقهية
النوع الخامس : ما ألف في الوسائل الفقهية
وهو على قسمين أحدهما ما اشتمل على الوسائل التي هي موضوع الخلاف وإقامة الحجة على المختار من الأقوال وهو على نوعين :
الأول ما اشتمل على مسائل الخلاف بين الامامية والسنة ككتاب الخلاف للشيخ الطوسي وقد طبع عدة طبعات.
الثاني : ما اشتمل على مسائل الخلاف بين الامامية ككتاب المختلف للعلامة الحلي وقد ذكر مؤلفه العلامة انه أول من صنف في هذا الموضوع وككتاب مفتاح الكرامة للسيد جواد العاملي الذي ألفه بطلب من جدنا الشيخ جعفر كاشف الغطاء يشتمل على بيان الخلاف في مسائل كتاب القواعد للعلامة الحلي وقد يتعرض لخلاف أهل السنة وقد طبع في مصر.
وثانيهما ما يشرح فيه المسألة الفقهية ويذكر آراء الفقهاء فيها مع أدلتهم على ما اختاروه فيها ويذكر رأيه فيها مع الدليل عليه ككتاب المستند للنراقي وكتاب أنوار الفقاهة للمرحوم الشيخ حسن كاشف الغطاء.
النوع السادس من المصنفات الفقهية
النوع السادس : ما ألف في المسائل الفقهية التي انفردت الامامية في حكمها عن غيرهم وتسمى بالانفرادات كالانتصار للسيد المرتضى وككتاب الأعلام للمفيد فانه ذكر فيه ما اتفقت الامامية عليه من الأحكام وخالفتهم فيه أهل السنة.
النوع السابع من المصنفات الفقهية
النوع السابع : هو ما اشتمل على التفريع على النصوص الفقهية وفرض الفروع وتخريجها على الأصول ، وقال الشيخ الطوسي في أول كتابه المبسوط : ان الامامية لم يكونوا يفرعون إلى زمانه وكانوا يقفون عند النصوص التي وصلت إليهم يداً بيد عن قدمائهم وأن مخالفيهم قد طعنوا به عليهم وان كتابه أول كتاب في هذا المسلك.
ولقد أجاد احسن إجادة المرحوم الشيخ حسن كاشف الغطاء في كتابه أنوار الفقاهة في تفريعه الفروع الممكنة الحصول على الأصول.
النوع الثامن من المصنفات الفقهية
النوع الثامن : هو الشروح لكتب الفقه أو التعليق عليها كشروح شرائع المحقق الحلي ، وهذا النوع قد كثر في الأزمنة المتأخرة. وكالجواهر للمرحوم الشيخ محمد حسن وكموارد الأنام للمرحوم الشيخ عباس نجل الشيخ علي.
النوع التاسع من المصنفات الفقهية
النوع التاسع : الرسائل العملية التي تجمع فتاوى المجتهد حسب أبواب الفقه كالعروة الوثقى للسيد كاظم وكالسفينة للشيخ احمد كاشف الغطاء والهدى لجدنا الهادي.
النوع العاشر من المصنفات الفقهية
النوع العاشر : أجوبة المسائل الفقهية بنحو الاستدلال.
الفتوى عند الشيعة
إن الفتوى بالحكم الشرعي قد تطور بيانها عند الشيعة الامامية الاثني عشرية فقد كان أصحاب الأئمة يفتون الناس بنقل نفس الحديث للمستفتي مثل زرارة بن أعين. ويونس بن عبد الرحمن. ومحمد بن مسلم. وأبي بصير. وأبان بن تغلب وجميل ابن الدراج. ومحمد بن أبي عمير والحسن بن علي بن فضال. وصفوان بن يحيى وغيرهم ، ثمّ تطورت الفتوى عندهم فاخذوا يفتون بنص الرواية من دون ذكر السند ثمّ تطورت الفتوى فاخذوا يفتون بما أدى إليه اجتهادهم في حكم الواقعة الشرعي بتعابيرهم الخاصة ، والحاصل انه لما وقعت الغيبة الكبرى للحجة المهدي عليهالسلام سنة ٣٢٩ ه. بوفاة علي بن محمد السيمري السفير الرابع للإمام الثاني عشر عجل الله فرجه انحصرت معرفة الشيعة للحكم الشرعي
في الحوادث والوقائع بفتوى فقهائهم بأمر الحجة عليهالسلام لهم بذلك على يد السفير الرابع فرجعوا لهم واحتاج الفقهاء إلى إعمال اجتهادهم في معرفة أحكام المسائل التي تعرض عليهم بردها لأصولها الموجودة في الكتاب والسنة وما تقتضيه القواعد الشرعية والموازين العقلية وتشخيص ما قام إجماع الشيعة عليه إلى غير ذلك ما يقتضيه الاجتهاد ويتطلبه الاستنباط.
فأول من انبرى لهذا العمل هو الحسن بن علي العماني شيخ فقهاء الشيعة والذي استجازه صاحب كامل الزيارة سنة ٣٢٩ ه وقد صنف كتاب المتمسك بحبل آل الرسول وعاصر الكليني وعلي بن بابويه.
الزعامة الدينية للشيعة
والظاهر أن الزعامة الدينية للشيعة كانت له بعد الغيبة الصغرى فإنها قبل ذلك لم تكن إلا لإمام العصر أو السفراء بينه وبين الخلق ثمّ من بعده انتقلت الزعامة الدينية لمحمد بن احمد بن جنيد الاسكافي المتوفي سنة ٣٨١ ه صاحب كتاب تهذيب الشيعة وكتاب الأحمدي ثمّ من بعدهما للشيخ محمد المفيد المتوفي سنة ٤١٣ ه وكان كتابه المقنعة مداراً للدراسة بين الفقهاء وهو الذي علق عليه الشيخ الطوسي وسمى تعليقه عليه بالتهذيب.
ثمّ من بعده علم الهدى المتوفي سنة ٤٣٦ ه.
ثمّ من بعده الشيخ الطوسي. وهكذا مرجع بعد مرجع وزعيم بعد زعيم.
عقيدة الشيعة الاثني عشرية في علم الأئمة عليهمالسلام بالأحكام الشرعية
ويتلخص مذهب الشيعة في الأئمة الاثني عشر ان علمهم عليهمالسلام بالأحكام الشرعية ليس من طريق الاجتهاد كسائر المجتهدين وإنما هو من طريق إيداع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم للأحكام عندهم وهم معصومون من الخطأ في بيان الأحكام كالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد ذكرنا ذلك في كتابنا باب مدينة الفقه عند الكلام منا في الواضع لعلم الفقه وفي الدور الثاني لعلم الفقه انه عند الأئمة عليهمالسلام كتاب علي عليهالسلام الذي هو باملاء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وخط علي عليهالسلام وإن فيه حتى ارش الخدش. وتقدم أن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أودع بيان قسم من الأحكام للائمة الأطهار عليهمالسلام وانهم لا يزالون يتوارثون هذا الأمر إلى الإمام الثاني عشر.
نعم انهم لو أرادوا أن يعلموا بالأحكام من طريق الإلهام وانكشاف الواقع لتأتى لهم ذلك كما يتأتى لهم ذلك لو أرادوا العلم والمعرفة بأي شيء من حقائق المخلوقات والكائنات لقدسية نفسهم عليهمالسلام وفي الخبر عبدي أطعني تكن مثلي وفي كتاب الحجة من أصول الكافي ص ٢٣١) ان الأئمة إذا شاءوا أن يعلموا علموا).
الدليل على انهم عليهمالسلام لو أرادوا أن يعلموا علموا
ويشهد لذلك انهم مع غزارة علمهم وكثرة بيانهم للعلوم وضخامة ما أورثوه للشيعة من الأحاديث والأخبار لم تجد في كتب التراجم والتاريخ المعتبرة عند شرح حال أحدهم أن يذكر انه تتلمذ على أحد من الفقهاء. أو روى عن أحد من الرواة وهو أدل دليل على أن علمهم قد حصل لهم من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أو بطريق انكشاف الواقع له.
وهذا الإمام جعفر الصادق قد بين لجابر بين حيان أسرار علم الكيمياء وشرح لغيره أسرار الكائنات حتى ما كان منها في السماوات وهكذا من قبله ومن بعده من الأئمة عليهمالسلام مع انهم لم يذكر عنهم عليهمالسلام انهم درسوا وتتلمذوا على يد أحد من العلماء بأسرار الطبيعة. وما يكون ذلك إلا لانكشاف الواقع لأنفسهم عليهمالسلام وافتضاح أسرار العالم لديهم عليهمالسلام ومن راجع البحار لا سيما كتاب السماء والعالم منه يرى ما يجعل الأفكار حيرى والعقول صرعى من الأخبار الواردة عنهم عليهمالسلام المشتملة على مختلف العلوم والفنون وعليه فيكون عصر النص عند الشيعة ينتهي بأول الغيبة الكبرى سنة ٣٣٠ ه للإمام الثاني عشر ويكون وجود الأئمة عليهمالسلام استمراراً لوجود النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بخلاف أهل السنة فان عصر
النص عندهم ينتهي بموت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وإن رجوع فقهاء الشيعة في معرفة حكم المسألة للاجتهاد إنما كان عند بعدهم عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وعن أئمتهم عليهمالسلام أو بعد غيبة الإمام الثاني عشر بخلاف أهل السنة فانه كان عند بعدهم عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو بعد موته صلىاللهعليهوآلهوسلم. وأن الأئمة عليهمالسلام عند الشيعة معصومون من الخطأ والنسيان كالرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم فتكون أقوالهم عليهمالسلام وأفعالهم عليهمالسلام وتقاريرهم عليهمالسلام كأقوال وأفعال وتقارير الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم حجة على الحكم الشرعي ولذا تجدهم يعبرون عن السنة التي هي الدليل على الحكم الشرعي بقولهم (سنة المعصوم) ولا يخصون النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالذكر لكون السنة التي هي الحجة عندهم هي قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وقول الأئمة وفعل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وفعل الأئمة وتقرير النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وتقرير الأئمة عليهمالسلام فلا فرق بين النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمة الاثني عشر عندهم في الاطلاع على الحكم الشرعي وانكشاف الواقع إلا أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ينكشف له الواقع من طريق الوحي والإمام ينكشف له الواقع من طريق القرآن المجيد أو من قول ما قبله من الأئمة أو من الكتاب الذي أملاه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم للإمام علي عليهالسلام فان الكتاب المذكور كما قد عرفت أن فيه حتى ارش الخدش وقد عرفت أن الأئمة كان عندهم طريق الإلهام والكشف لمعرفة الواقع بدليل
انهم كانوا يملون الحقائق العلمية والأسرار الكونية من طريق انكشاف الواقع لهم بالإلهام.
ان الأئمة لم يستعملوا طريق الإلهام في الكشف عن الأحكام
ولكنهم عليهمالسلام لم يصدر منهم نص على انهم عليهمالسلام استعملوا هذا الطريق أو احتاجوه في معرفة الأحكام الشرعية حتى في مستسرهم فانهم عليهمالسلام كانوا في بيان الأحكام الشرعية قد أشاروا لمصدرها من القرآن الكريم أو السنة أو من الكتاب الذي خطه الإمام علي عليهالسلام من إملاء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولم يشيروا قط لطريق الإلهام في معرفة الأحكام وذلك يدل على عدم ارتكابهم له ، فالشيعة ترجع للائمة عليهمالسلام في معرفة الأحكام الشرعية باعتبار انها مروية لديهم عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ولذا لو قال الإمام : أنا اعمل كذا لم يحمل على الإلزام وإنما على الأولوية والاستحباب والاحتياط.